❞ غزال قد حكى بدر التمام .... كشمس قد تجلت من غمام
سبى قلبي بألحاظ مراض.... وقد الغصن في حسن القوام
خضعت خضوع صب مسكتين....له وذللت ذلة مستهام
فصلني يافديتك في حلال.... فما أهوى وصالاً في حرام. ❝ ⏤ابن حزم الظاهري الأندلسي
❞ غزال قد حكى بدر التمام .... كشمس قد تجلت من غمام سبى قلبي بألحاظ مراض.... وقد الغصن في حسن القوام خضعت خضوع صب مسكتين....له وذللت ذلة مستهام فصلني يافديتك في حلال.... فما أهوى وصالاً في حرام . ❝
❞ خذ قلبي مني.. فلتحيىٰ أنت..
خذ روحي مني..
لا تلتفت..
فقط إنتظر مني الرسائل والحروف
ستكون أنت جنتي.. إن تبتسم.. أنا معك
ستكون أنت روايتي.. إن تكتحل عيناك تنظرني أنا..
ما همها إعصار كان.. سيكون كلي بلسمك
يا كن سعيداً وانتظرني لأخبرك.. لا بأس لو قلبي معك..
لا بأس لو أني أموت..
يا كن يا بخير.. وأنتظرني لاسكنك
..
طيفي يحاكي طيفها
ورسائلي وصلت لها
ورسائلاً منها أتت
وكتبنا فيها مشاعراً
فيها إختصار حكايةٍ عشنا معاً..
في ذات يومٍ
في ذات عهدٍ..
قد كنت فيها مبسمك
كل الكلام بمختصر
لا زلت أعشقكِ أنا
وتقول أعشقكَ أنا
هيا لنرقص في محافل حبنا
هيا لنحكي للعوالم لهفنا
هيا لنحكي ما بنا..
نادي بصوتكِ.. أسمِعيني لهفتك.. سأسمعك
قولي متى.. سنغني يا حبيبتي
الليل ينتظر الهروب لعمقه
فتعالي هيا.. فلنسافر في الغيوم
وتعالي طوعاً للقاء..
هيا تعالي استحضري كل الفنون
تغندري
تفنني في مشيتك
في لبستك
ودعي عيونك تستريح بناظري
تمردي وراقصيني على ضفافها أضلعي
تمردي وتأنقي.. كوني كما جِنيةٍ جاءت وتُدمنُ أحرفي
جاءت تنادي في الجموع..
هو ذا حبيبي وأدمعي
هو جنتي..
ضحكات عمري والغرام..
قولي لهم..
يا قصتي.. أنا قصتك
وتبللي تحت المطر
وبلليها ذكرياتنا تحت جمر الإشتياق
كل السحاب قد نوى.. ليغازل الجسد الرقيق ويحضنه.. هيا تعالي لأحضنك
قطرات من بردٍ تُزاحمني بها
ما أجمل الشَعرَ المُعفر بالسلام
ما أعذب الغصن الرهيف تمايلاً
يا من بها.. يا من لها.. يا من بذكرها تستفيق مشاعري
كم حُلم كنت أرومه
أرجو الوصال بوصله
كم كان لي صوتاً ينادي في السراب
يرتد لي.. ويجيء يحبو في السطور..
هيا اكتبيني.. سأكتبك
أن يا مُعذب إنتظر.. وقت المطر
ستجيء تحضن لهفتك
عزفت حروفي الموجعات
عزفت بقايا أدمعي
عزفت حنيني.. واغتراب معازفي
عزفت نزيف قصائدي
الناي يبكي دون وعي
والطير يسقط كالذبيح
وطريح أبقى فوق روح وسادتي
كم عاقرتني أدمعي
وشاركتني ليلتي
لم يبقى جرحاً في وريدي حتى بآن
لم يبقى نزفاً.. صار نهراً.. حتى نادىٰ واستغاث..
هيا اجمعيني.. سأجمعك
قهراً أعيش
والناي يذكر لوعتي
عيني بكتها والجوارح والفؤاد
لا زلت أرقب قارباً من بحر غربتها يجيء
لا زلت أحلم بالرؤا.. محققات..
هيا ارقبيني.. سأرقبك
ستزورني.. قالت رويدك فأنتظر..
ستجيء تحمل شوقها..
قالت تريث..
سأجيء في وقت السحر..
قال القمر.. وسمعتها..
ولذا تراني أنتظر..
فلعلها تأتي وتصدق بالخبر..
فتريثي.. وتزيني..وتراقصي..
هيا تعال أخبريني ما الخبر.. إني أتيتُ لأخبرك..
صدقاً أنا.. أنا هنا لأخبرك..
#خالد_الخطيب. ❝ ⏤خالد الخطيب
❞ خذ قلبي مني.. فلتحيىٰ أنت.. خذ روحي مني.. لا تلتفت.. فقط إنتظر مني الرسائل والحروف ستكون أنت جنتي.. إن تبتسم.. أنا معك
ستكون أنت روايتي.. إن تكتحل عيناك تنظرني أنا.. ما همها إعصار كان.. سيكون كلي بلسمك
يا كن سعيداً وانتظرني لأخبرك.. لا بأس لو قلبي معك..
لا بأس لو أني أموت.. يا كن يا بخير.. وأنتظرني لاسكنك .. طيفي يحاكي طيفها ورسائلي وصلت لها ورسائلاً منها أتت وكتبنا فيها مشاعراً فيها إختصار حكايةٍ عشنا معاً.. في ذات يومٍ في ذات عهدٍ.. قد كنت فيها مبسمك
كل الكلام بمختصر لا زلت أعشقكِ أنا وتقول أعشقكَ أنا هيا لنرقص في محافل حبنا هيا لنحكي للعوالم لهفنا هيا لنحكي ما بنا.. نادي بصوتكِ.. أسمِعيني لهفتك.. سأسمعك
قولي متى.. سنغني يا حبيبتي الليل ينتظر الهروب لعمقه فتعالي هيا.. فلنسافر في الغيوم وتعالي طوعاً للقاء.. هيا تعالي استحضري كل الفنون تغندري تفنني في مشيتك في لبستك ودعي عيونك تستريح بناظري تمردي وراقصيني على ضفافها أضلعي تمردي وتأنقي.. كوني كما جِنيةٍ جاءت وتُدمنُ أحرفي جاءت تنادي في الجموع.. هو ذا حبيبي وأدمعي هو جنتي.. ضحكات عمري والغرام.. قولي لهم.. يا قصتي.. أنا قصتك
وتبللي تحت المطر وبلليها ذكرياتنا تحت جمر الإشتياق كل السحاب قد نوى.. ليغازل الجسد الرقيق ويحضنه.. هيا تعالي لأحضنك
قطرات من بردٍ تُزاحمني بها ما أجمل الشَعرَ المُعفر بالسلام ما أعذب الغصن الرهيف تمايلاً يا من بها.. يا من لها.. يا من بذكرها تستفيق مشاعري كم حُلم كنت أرومه أرجو الوصال بوصله كم كان لي صوتاً ينادي في السراب يرتد لي.. ويجيء يحبو في السطور.. هيا اكتبيني.. سأكتبك
أن يا مُعذب إنتظر.. وقت المطر ستجيء تحضن لهفتك عزفت حروفي الموجعات عزفت بقايا أدمعي عزفت حنيني.. واغتراب معازفي عزفت نزيف قصائدي الناي يبكي دون وعي والطير يسقط كالذبيح وطريح أبقى فوق روح وسادتي كم عاقرتني أدمعي وشاركتني ليلتي لم يبقى جرحاً في وريدي حتى بآن لم يبقى نزفاً.. صار نهراً.. حتى نادىٰ واستغاث.. هيا اجمعيني.. سأجمعك
قهراً أعيش والناي يذكر لوعتي عيني بكتها والجوارح والفؤاد لا زلت أرقب قارباً من بحر غربتها يجيء لا زلت أحلم بالرؤا.. محققات.. هيا ارقبيني.. سأرقبك
ستزورني.. قالت رويدك فأنتظر.. ستجيء تحمل شوقها.. قالت تريث.. سأجيء في وقت السحر.. قال القمر.. وسمعتها.. ولذا تراني أنتظر.. فلعلها تأتي وتصدق بالخبر.. فتريثي.. وتزيني..وتراقصي.. هيا تعال أخبريني ما الخبر.. إني أتيتُ لأخبرك.. صدقاً أنا.. أنا هنا لأخبرك..
❞ ما أجمل أن يهبنا الله الزمن الذي لا يدوم فيه شيء.
كل شيء يمضي ثم يصبح ذكرى.
أشد الآلام تتحول إلى مقالة طريفة تروى و أحاديث حول فنجان شاي.
أليست حياتنا معجزة.
و أليست معجزة أكبر أن تشفى و تلتئم جراح مفتوحة في مجرى الشرج تتلوث كل لحظة بما يلفظه الجسم من فضلات.. تشفى و تلتئم تلقائيا بدون بنسلين و بدون صبغة يود.. بالقدرة الإلهية التي وضعها الخالق في الأنسجة.
و من عجب أن الله حشد كل جنده عند مدخل الجسم و عند مخرجه.. عند الفم و الحلق و اللوزتين تشفى الجراح المفتوحة و تلتئم و هي في مجرى اللعاب الملوث و الأنفاس المحملة بالأتربة و الجراثيم.. و تقطع اللوزتان فيلتئم مكانهما بلمسة ساحر.
و عند الشرج حيث تخرج الفضلات تموج بالميكروبات القتالة تلتئم الجراح المفتوحة بقدرة القادر الذي سلحنا بأمضى أسلحته.
و لعل هذا هو السبب في الآلام حول منطقة الشرج حيث وضع الخالق أقوى شبكة من الأعصاب و نشر قنوات و أنهارا من الدم و الليمف و رصد الملايين من الكرات البيض و الخلايا الحارسة التي تلتهم كل ميكروب وافد فلا تبقي عليه.
و بعد هذا يشك شاك في العناية و الرحمة.
و يقول مفكر سطحي مثل سارتر إننا قد ألقي بنا في العالم بدون عون، و قذفنا إلى الوجود لنترك بلا عناية و بلا رعاية.
و لو أن سارتر تعلم الطب كما تعلم الأدب و درس الإنسان كما درس الوجود لعرف حقيقة نفسه و لقال كلاما آخر.
و لهذا تخطر لي أحيانا فكرة إلحاق كلية الآداب بكلية الطب.. فالإنسان و الوجود حقيقة واحدة. و لا يمكن إدراك الأول. دون إدراك الآخر. و ملامح الروح مكتوبة على الخلايا و ليست في كتب أرسطو.
و شفرة العناية الإلهية مكتوبة على أوراق الشجر و على مناقير الحمام و بتلات الورد..
الدودة التي يجعلها الله خضراء بلون الغصن الأخضر ليجعلها أقدر على الاختفاء عن عدوها.. و الفراشة الملونة بلون الوردة.. و السلحفاة الصفراء بلون الصحراء.
بشرة الزنجي التي تتلون في الشمس الاستوائية فتصبح سوداء كمظلة منصوبة عليه طول الوقت لتقيه لفح الشمس.
و البشرة البيضاء البلورية الشفافة لأهل الشمال حيث تختفي الشمس طول الوقت خلف الضباب، و حيث يشح الضوء لدرجة تجعل الجسد في حاجة إلى كل شعاعة عن أي طريق مثل تلك البشرة الشفافة الزجاجية.
أجسام الحيتان التي صاغتها العناية تلك الصياغات الإنسيابية كغواصات.. و كل سمكة و قد منحتها الطبيعة كيسا يفرغ و يمتلئ بالهواء لتطفو و تغوص كما تريد.
أفواه الحشرات و قد شكلتها العناية على ألف صورة و صورة حسب وظائفها.. الحشرة التي تمتص كالذبابة تشكل فمها على صورة خرطوم. و الحشرة التي تلدغ كالبعوضة تشكل فمها على صورة إبرة.. و الحشرة التي تقرص كالصرصور زودتها الطبيعة بمناشير و مبارد.
و الدودة التي تتطفل على الأمعاء زودتها الطبيعة بخطاطيف و كلابات حتى لا تقع في تجويف الأمعاء و تجرفها الفضلات.
و كلما تكاثر الأعداء على مخلوق أكثر الخالق من نسله، فدودة الإسكارس تبيض أكثر من مليون بيضة في الشهر، و تنجب أكثر من مليون دودة.
و في متاهات الصحاري حيث يشح الماء و تندر العيون خلق الله للأشجار بذورا مجنحة لتطير مع الرياح في الجهات الأربع و تحط في ألف شبر و شبر من الأرض، و ترحل مسافات شاسعة و كأنها بعثات استكشاف تذرع الصحاري.
و الخفاش الأعمى الذي لا يطير إلا في الليل زودته الطبيعة بأمواج ألتراسونيك يستكشف بها طريقه.
و الكتكوت الوليد ترشده الغريزة إلى أضعف مكان في البيضة فينقرها ليخرج إلى الوجود.
و الزنبور يعرف مكان المراكز العصبية عند فريسته فيحقنها بالسم و يشلها و كأنه جراح ماهر درس التشريح.
و النمل الذي قادته فطرته إلى اكتشاف الزراعة و تخزين المحصولات قبل أن يكتشفها الإنسان بملايين السنين.
و حشرة الترميت التي عرفت تكييف الهواء في بيوتها قبل أن يعرف الإنسان الأبواب و الشبابيك.
إن كل خطوة تخطوها في الطبيعة حولك تجد فيها أثر الرحمة و العناية و الرعاية.
لم يقذف بنا إلى الدنيا لنعاني بلا معين كما يقول سارتر.
إن كل ذرة في الكون تشير بإصبعها إلى رحمة الرحيم.
حتى الألم لم يخلقه الله لنا عبثا.. و إنما هو مؤشر و بوصلة تشير إلى مكان الداء و تلفت النظر إليه.
ألم الجسد يضع يدك على موضع المرض.
و ألم النفس يدفعك للبحث عن نفسك.
و ألم الروح يلهمك و يفتح آفاقك إلى إدراك شامل، فالدنيا ليست كل شيء، و لا يمكن أن تكون كل شيء و فيها كل هذه الآلام و المظالم. و إنما لابد أن يكون وراءها عالم آخر سماوي ترد فيه الحقوق إلى أصحابها، و يجد كل ظالم عقابه.
و بالألم و مغالبته و الصبر عليه و مجاهدته تنمو الشخصية و تزداد الإرادة صلابة و إصرارا ، و يصبح الإنسان شيئا آخر غير الحيوان والنبات.
ما أكثر ما تعلمت على سرير المستشفى.
و شكرا لأيام المرض و آلامه.
من كتاب / الشيطان يحكم
للدكتور مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ ما أجمل أن يهبنا الله الزمن الذي لا يدوم فيه شيء.
كل شيء يمضي ثم يصبح ذكرى.
أشد الآلام تتحول إلى مقالة طريفة تروى و أحاديث حول فنجان شاي.
أليست حياتنا معجزة.
و أليست معجزة أكبر أن تشفى و تلتئم جراح مفتوحة في مجرى الشرج تتلوث كل لحظة بما يلفظه الجسم من فضلات.. تشفى و تلتئم تلقائيا بدون بنسلين و بدون صبغة يود.. بالقدرة الإلهية التي وضعها الخالق في الأنسجة.
و من عجب أن الله حشد كل جنده عند مدخل الجسم و عند مخرجه.. عند الفم و الحلق و اللوزتين تشفى الجراح المفتوحة و تلتئم و هي في مجرى اللعاب الملوث و الأنفاس المحملة بالأتربة و الجراثيم.. و تقطع اللوزتان فيلتئم مكانهما بلمسة ساحر.
و عند الشرج حيث تخرج الفضلات تموج بالميكروبات القتالة تلتئم الجراح المفتوحة بقدرة القادر الذي سلحنا بأمضى أسلحته.
و لعل هذا هو السبب في الآلام حول منطقة الشرج حيث وضع الخالق أقوى شبكة من الأعصاب و نشر قنوات و أنهارا من الدم و الليمف و رصد الملايين من الكرات البيض و الخلايا الحارسة التي تلتهم كل ميكروب وافد فلا تبقي عليه.
و بعد هذا يشك شاك في العناية و الرحمة.
و يقول مفكر سطحي مثل سارتر إننا قد ألقي بنا في العالم بدون عون، و قذفنا إلى الوجود لنترك بلا عناية و بلا رعاية.
و لو أن سارتر تعلم الطب كما تعلم الأدب و درس الإنسان كما درس الوجود لعرف حقيقة نفسه و لقال كلاما آخر.
و لهذا تخطر لي أحيانا فكرة إلحاق كلية الآداب بكلية الطب.. فالإنسان و الوجود حقيقة واحدة. و لا يمكن إدراك الأول. دون إدراك الآخر. و ملامح الروح مكتوبة على الخلايا و ليست في كتب أرسطو.
و شفرة العناية الإلهية مكتوبة على أوراق الشجر و على مناقير الحمام و بتلات الورد..
الدودة التي يجعلها الله خضراء بلون الغصن الأخضر ليجعلها أقدر على الاختفاء عن عدوها.. و الفراشة الملونة بلون الوردة.. و السلحفاة الصفراء بلون الصحراء.
بشرة الزنجي التي تتلون في الشمس الاستوائية فتصبح سوداء كمظلة منصوبة عليه طول الوقت لتقيه لفح الشمس.
و البشرة البيضاء البلورية الشفافة لأهل الشمال حيث تختفي الشمس طول الوقت خلف الضباب، و حيث يشح الضوء لدرجة تجعل الجسد في حاجة إلى كل شعاعة عن أي طريق مثل تلك البشرة الشفافة الزجاجية.
أجسام الحيتان التي صاغتها العناية تلك الصياغات الإنسيابية كغواصات.. و كل سمكة و قد منحتها الطبيعة كيسا يفرغ و يمتلئ بالهواء لتطفو و تغوص كما تريد.
أفواه الحشرات و قد شكلتها العناية على ألف صورة و صورة حسب وظائفها.. الحشرة التي تمتص كالذبابة تشكل فمها على صورة خرطوم. و الحشرة التي تلدغ كالبعوضة تشكل فمها على صورة إبرة.. و الحشرة التي تقرص كالصرصور زودتها الطبيعة بمناشير و مبارد.
و الدودة التي تتطفل على الأمعاء زودتها الطبيعة بخطاطيف و كلابات حتى لا تقع في تجويف الأمعاء و تجرفها الفضلات.
و كلما تكاثر الأعداء على مخلوق أكثر الخالق من نسله، فدودة الإسكارس تبيض أكثر من مليون بيضة في الشهر، و تنجب أكثر من مليون دودة.
و في متاهات الصحاري حيث يشح الماء و تندر العيون خلق الله للأشجار بذورا مجنحة لتطير مع الرياح في الجهات الأربع و تحط في ألف شبر و شبر من الأرض، و ترحل مسافات شاسعة و كأنها بعثات استكشاف تذرع الصحاري.
و الخفاش الأعمى الذي لا يطير إلا في الليل زودته الطبيعة بأمواج ألتراسونيك يستكشف بها طريقه.
و الكتكوت الوليد ترشده الغريزة إلى أضعف مكان في البيضة فينقرها ليخرج إلى الوجود.
و الزنبور يعرف مكان المراكز العصبية عند فريسته فيحقنها بالسم و يشلها و كأنه جراح ماهر درس التشريح.
و النمل الذي قادته فطرته إلى اكتشاف الزراعة و تخزين المحصولات قبل أن يكتشفها الإنسان بملايين السنين.
و حشرة الترميت التي عرفت تكييف الهواء في بيوتها قبل أن يعرف الإنسان الأبواب و الشبابيك.
إن كل خطوة تخطوها في الطبيعة حولك تجد فيها أثر الرحمة و العناية و الرعاية.
لم يقذف بنا إلى الدنيا لنعاني بلا معين كما يقول سارتر.
إن كل ذرة في الكون تشير بإصبعها إلى رحمة الرحيم.
حتى الألم لم يخلقه الله لنا عبثا.. و إنما هو مؤشر و بوصلة تشير إلى مكان الداء و تلفت النظر إليه.
ألم الجسد يضع يدك على موضع المرض.
و ألم النفس يدفعك للبحث عن نفسك.
و ألم الروح يلهمك و يفتح آفاقك إلى إدراك شامل، فالدنيا ليست كل شيء، و لا يمكن أن تكون كل شيء و فيها كل هذه الآلام و المظالم. و إنما لابد أن يكون وراءها عالم آخر سماوي ترد فيه الحقوق إلى أصحابها، و يجد كل ظالم عقابه.
و بالألم و مغالبته و الصبر عليه و مجاهدته تنمو الشخصية و تزداد الإرادة صلابة و إصرارا ، و يصبح الإنسان شيئا آخر غير الحيوان والنبات.
ما أكثر ما تعلمت على سرير المستشفى.
و شكرا لأيام المرض و آلامه.
من كتاب / الشيطان يحكم للدكتور مصطفى محمود (رحمه الله ) . ❝