█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ العقد السادس : سعادتُنا غيرُ سعادتهم
سيُعافى المريضُ بعد سُقامٍ ............. ويعودُ الغريبُ بعد غيابِ
من قال لك : إن الموسيقى اللاهية ، والأغنية الهابطة ، والمسلسل الهدام ، والمسرحية العابثة ، والمجلة الخليعة ، والفلم المشبوه ، تورث السعادة والسرور ؟ كذب من قال ذلك ! .. إن هذه الوسائل مفاتيح الشقاء ، وطرق الكآبة ، وأبواب الهموم والغموم والأحزان ، باعترافاتٍ موثقةٍ ممن مارسها وعرفها ثم تاب منها ، فاهربي من هذه الحياة التعيسة البئيسة ، حياةِ العابثين اللاغين المنحرفين عن صراط الله المستقيم ، وتعالى إلى تلاوةٍ خاشعة ، وقراءة نافعة ، وموعظةٍ دامعة ، وخطبةٍ ساطعة ، وصدقةٍ رابحة ، وتوبةٍ صادقة، تعالي إلى جلساتٍ روحانية ، وأذكارٍ ربانية ، علَّ الله أن يتوب عليك ، فيملأ قلبك سكينة وأمناً وطمأنينةً . ❝
❞ لقد غرّ أقواماً من المستشرقين ممن تطاولوا لدرس حياة الرسول بهذه العقلية الأرضية المريضة، وقاسوه بالمقياس الذي يقيسون به العظماء من رجالهم، فرأوا أنه تزوج تسع نسوة، فقالوا أنه رجل شهواني، يحسبونه من نوع مَن عرفوا من الرجال، رجال السيف عندهم ورجال القلم . ❝
❞ هديه ﷺ في الإعتكاف
ولما كان الإعتكاف إنما يتم مع الصوم ، شُرع الاعتكاف في أفضل أيام الصوم ، وهو العشر الأخير من رمضان ، ولم يُنقل عن النبي ﷺ ، أنه اعتكف مفطراً قط ، بل قد قالت عائشة ( لا اعتكاف إلا بصوم ) ، ولم يذكر الله سبحانه الاعتكاف إلا مع الصوم ، ولا فعله رسول الله ﷺ إِلَّا مع الصوم ، فالقول الراجح في الدليل الذي عليه جمهور السلف أن الصومَ شرط في الاعتكاف ، وهو الذي كان يُرجحه شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية ، وأما الكلام ، فإنه شُرعَ للأمة حبس اللسان عن كل ما لا ينفع في الآخرة ، وأما فضول المنام ، فإنه شُرع لهم من قيام الليل ما هو من أفضل السهر وأحمده عاقبة ، وهو السهر المتوسط الذي ينفع القلب والبدن ، ولا يَعُوقُ عن مصلحة العبد ، ومدار رياضة أرباب الرياضات والسلوك على هذه الأركان الأربعة ، وأسعدهم بها من سلك فيها المنهاج النبوي المحمدي ، ولم ينحرف انحراف الغالين ولا قصَّر تقصير المفرطين ، وقد ذكرنا هديه في صيامه وقيامه وكلامه ، فلنذكر هديه في اعتكافه ، كان ﷺ يعتكف العشر الأواخر من رمضان ، حتى توفاه الله عز وجل ، وتركه مرة فقضاه في شوال ، واعتكف مرة في العشر الأول ، ثم الأوسط ، ثم العشر الأخير ، يلتمس ليلة القدر ، ثم تبين له أنها في العشر الأخير ، فداوم على اعتكافه حتى لحق بربه عز وجل ، وكان ﷺ يأمر بخباء فيُضرب له في المسجد يخلو فيه بربه عز وجل ، وكان إذا أراد الاعتكاف ، صلى الفجر ، ثم دخله ، فأمر به مرة ، فَضُرب فأمر أزواجه بأخبيتهنَّ ، فضربت ، فلما صلى الفجر ، نظر ، فرأى تلك الأخبية ، فأمر بخبائه فَقُوضَ ، وترك الاعتكاف في شهر رمضان حتى اعتكف في العشر الأول من شوال ، وكان يعتكف كل سنة عشرة أيام ، فلما كان في العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً ، وكان يعارضه جبريل بالقرآن كل سنة مرة ، فلما كان ذلك العام عارضه به مرَّتين ، وكان يَعْرِضُ عليه القرآن أيضاً في كل سنة مرة فعرض عليه تلك السنة مرتين ، وكان ﷺ إذا اعتكف دخل قُبَّته وحده ، وكان لا يدخل بيته في حال اعتكافه إلا لحاجة الإنسان ، وكان يُخْرِجُ رأسه من المسجد إلى بيت عائشة ، فترجله ، وتغسله وهو في المسجد وهي حائض ، وكانَتْ بعض أزواجه تزوره وهو معتكف . فإذا قامت تذهب ، قامَ معها يَقْلِبُها ، وكان ذلك ليلاً ، ولم يباشر امرأة من نسائه وهو معتكف لا بِقُبلة ولا غيرها ، وكان إذا اعتكف طرح له فراشه ، ووضع له سريره في معتكفه ، وكان إذا خرج لحاجته ، مر بالمريض وهو على طريقه ، فلا يُعرِّجُ عليه ولا يسأل عنه ، واعتكف مرة في قبة تركية ، وجعل على سدتها حصيراً ، كل هذا تحصيلاً لمقصود الاعتكاف وروحه ، عكس ما يفعله الجهال اتخاذ المعتكف موضع عشرة ، ومجلبة للزائرين ، وأخذهم بأطراف الأحاديث بينهم ، فهذا لون ، والاعتكاف النبوي لون ، والله الموفق . ❝