❞ ــ لقد اقتربت اللحظة يا (مرجاني)، ثلاثون يا (مرجاني).. ثلاثون. حتى جاءت الليلة التي لم تكتفي فيها أمها بالتقدم جهتها، لقد أمسكت رسغها واقتادتها في قوة نحو دائرة المنشدين حول النار، حناجرهم لا تزال تردد الأنشودة التي صارت تفهم كل حرفٍ منها الآن، تتقدم خلفها مبهورة بالجو المدوخ الذي تقترب منه أكثر وأكثر، ينهض من حول النار رجلان وامرأتان، يتقدمان منها، تنظر إلى عيني والدتها لتستمد منها الأمان، ملامح الأربعة جامدة وكأن وجوههم قد قدت من صخر، تركت والدتها رسغها، ليمسك بها الأربعة ويقتادوها إلى مساحة خالية بعيدًا عن دائرة المنشدين، تلتفت نحو والدتها لتهتف في خوف:أمي #طاقة القبر #الكاتب_إسلام_سمير_عبد_الرحمن #ساحة_الأدب_للنشر_والتوزيع. ❝ ⏤اسلام سمير عبد الرحمن
❞ ــ لقد اقتربت اللحظة يا (مرجاني)، ثلاثون يا (مرجاني). ثلاثون. حتى جاءت الليلة التي لم تكتفي فيها أمها بالتقدم جهتها، لقد أمسكت رسغها واقتادتها في قوة نحو دائرة المنشدين حول النار، حناجرهم لا تزال تردد الأنشودة التي صارت تفهم كل حرفٍ منها الآن، تتقدم خلفها مبهورة بالجو المدوخ الذي تقترب منه أكثر وأكثر، ينهض من حول النار رجلان وامرأتان، يتقدمان منها، تنظر إلى عيني والدتها لتستمد منها الأمان، ملامح الأربعة جامدة وكأن وجوههم قد قدت من صخر، تركت والدتها رسغها، ليمسك بها الأربعة ويقتادوها إلى مساحة خالية بعيدًا عن دائرة المنشدين، تلتفت نحو والدتها لتهتف في خوف:أمي
❞ “و كان المنشد يختم غناءه دون أية خلفية مصاحبة له من الموسيقى أو المرددين منوحاً بألم: "كلما ناديت يا هو" "قال يا عبدى.. أنا الله”. ❝ ⏤أحمد سلامة
❞ و كان المنشد يختم غناءه دون أية خلفية مصاحبة له من الموسيقى أو المرددين منوحاً بألم: ˝كلما ناديت يا هو˝ ˝قال يا عبدى. أنا الله”. ❝
❞ وبينما كان ينتظر أن يغادر، تلاقت موجات اللغات الأجنبيَّة فوق رأسه زخَّاتٍ زخَّاتٍ: كلماتٍ وجملًا، وصيحاتٍ في خلطٍ مشوَّشٍ يخلو من المعاني المفهومة. قال شابا في ميناء زارا: \"إن نجوتُ من هذه الرحلة، فسأصلِّي في المنـزل حتَّــى يغشى عليَّ تمامًا\". كاد أن ينهار حقًّا، فالأصوات المحيطة به مزَّقت طبلة أذنيه. ساعده رجاله على سطح السفينة وفي القارب، وكذا عند الشراع. \"آمل أن أتذكَّر كلَّ شيءٍ إذا نجوتُ\". فوق الأمواج تطفو الأذرع والأصوات الغريبة، وأحد الأصابع قد علق في مسبحة الشابِّ والآخر في ساعته. اعتقد أنَّه ربَّما سيموت في الطريق، وحتَّــى قبل أن يصل. بيد أنَّه لم يمت، فقد دفعَته العديد من الأكواع إلى السطح، ورأى بالفعل مرافقين خلفه؛ الشمَّاس المذعور، والسكرتيـر، والمنشدَين الدينيَّين: الآن لم يكن الغرباء هم من دفعوه إلى السطح، بل أولئك. أغمض جفنيه، ولجأ بسرعةٍ إلى الصلاة والدعاء. ما الذي يمكن أن يخطر ببال هؤلاء البحَّارة غيـر المتعلِّمين، هكذا فكَّر، وهو يـراقب الركَّاب والسلال والصناديق، ومعهم شروق الشمس، من أسفل جفونه المتدلِّية التـي تشبه الغشاء الرفيع الرقيق، لأنَّ السماء تـرقب الحركات في زارا بحذرٍ تمامًا مثل شابا، الذي قضى في هذا العالم زهاء خمسةٍ وسبعين عامًا. \"بمجرَّد بزوغ الفجر، سنغادر\". كانت هذه هي الجملة الوحيدة التـي فهمها، وقد قيلت وحدها بالمجريَّة. ردَّدها أحد المنشدَين الدينيَّين بسعادةٍ. اتكأ شابا على صندوقه وتظاهر بأنَّه ميتٌ. كان يعتقد أنَّ هذا الوضع هو دائمًا الأكثـر أمانًا. يعلم أنَّ كبار مسؤولي زارا ينتظرون على الشاطئ كي يلوِّح لهم مبعوث الملك المجريَّ، لكنَّ شابا اعتقد أنَّه سيكون أكثـر كرامةً إذا لم يلوِّح لهم من الأساس، وإنَّما يتشبَّث بالصدور وكلمات الصلاة، مثل رئيس كهنةٍ قلقٍ وعاجزٍ. يكفي أن نرى من الشاطئ أنَّ رئيس الكهنة، الذي يذهب في مهمَّةٍ مقدَّسةٍ، يشيـر بوجهه إلى الأمام، ويحيِّي أولئك من على متن السفينة، هذا في حين لم يقرِّر بعدُ متـى سيسعد قائد الدفَّة والجموع المنتظرين في المرفأ بأشعَّة الشمس. تلا تلك الملابسات، انبثاق لهجاتٍ لاتينيَّةٍ من زوايا الشفاه، والتقاط بضع كلماتٍ لاتينيَّةٍ مشوَّشة من خلف ظهره، فهم منها جيِّدًا أنَّ رجلًا ذا صوتٍ معدنيٍّ يبحث عن بضاعته، وسدَّادة زجاجة النبيذ الخاصَّة به، وسمع شـخصًا آخر أجاب على ذات الصوت غيـر الواضـح. قال شابا إنَّ هذا الشـخص الآخر لاتينيٌّ أيضًا، على الرغم من أنَّه لم يفهم أيّ شيءٍ من الإجابة. تساءل كيف يمكن أن يكون هذا، وتعجَّب بشدَّةٍ، بينما أصابعه تمسك المسبحة بإرهاقٍ... لم أفهم سوى جملةٍ واحدةٍ. حاول أن يبصر الأمر بأذنيه، ويفكُّ تشابك الجمل والكلمات بصبـرٍ، بينما يعلم أنَّ كبار المسؤولين يتظاهرون بالصبـر على الشاطئ وينتظرون تحيَّة رئيس الكهنة العجوز. ربَّما يكون هذا ما يتحدَّثون عنه، كما اعتقد شابا، لأنَّه يوجد دائمًا شيءٌ يجب التفكيـر فيه، فالأناس قليلو العقل محدودو الفكر لا يفعلون سوى أن يقصِّروا حياتنا فقط.. ❝ ⏤إيفا بانكي
❞ وبينما كان ينتظر أن يغادر، تلاقت موجات اللغات الأجنبيَّة فوق رأسه زخَّاتٍ زخَّاتٍ: كلماتٍ وجملًا، وصيحاتٍ في خلطٍ مشوَّشٍ يخلو من المعاني المفهومة. قال شابا في ميناء زارا: ˝إن نجوتُ من هذه الرحلة، فسأصلِّي في المنـزل حتَّــى يغشى عليَّ تمامًا˝. كاد أن ينهار حقًّا، فالأصوات المحيطة به مزَّقت طبلة أذنيه. ساعده رجاله على سطح السفينة وفي القارب، وكذا عند الشراع. ˝آمل أن أتذكَّر كلَّ شيءٍ إذا نجوتُ˝. فوق الأمواج تطفو الأذرع والأصوات الغريبة، وأحد الأصابع قد علق في مسبحة الشابِّ والآخر في ساعته. اعتقد أنَّه ربَّما سيموت في الطريق، وحتَّــى قبل أن يصل. بيد أنَّه لم يمت، فقد دفعَته العديد من الأكواع إلى السطح، ورأى بالفعل مرافقين خلفه؛ الشمَّاس المذعور، والسكرتيـر، والمنشدَين الدينيَّين: الآن لم يكن الغرباء هم من دفعوه إلى السطح، بل أولئك. أغمض جفنيه، ولجأ بسرعةٍ إلى الصلاة والدعاء. ما الذي يمكن أن يخطر ببال هؤلاء البحَّارة غيـر المتعلِّمين، هكذا فكَّر، وهو يـراقب الركَّاب والسلال والصناديق، ومعهم شروق الشمس، من أسفل جفونه المتدلِّية التـي تشبه الغشاء الرفيع الرقيق، لأنَّ السماء تـرقب الحركات في زارا بحذرٍ تمامًا مثل شابا، الذي قضى في هذا العالم زهاء خمسةٍ وسبعين عامًا. ˝بمجرَّد بزوغ الفجر، سنغادر˝. كانت هذه هي الجملة الوحيدة التـي فهمها، وقد قيلت وحدها بالمجريَّة. ردَّدها أحد المنشدَين الدينيَّين بسعادةٍ. اتكأ شابا على صندوقه وتظاهر بأنَّه ميتٌ. كان يعتقد أنَّ هذا الوضع هو دائمًا الأكثـر أمانًا. يعلم أنَّ كبار مسؤولي زارا ينتظرون على الشاطئ كي يلوِّح لهم مبعوث الملك المجريَّ، لكنَّ شابا اعتقد أنَّه سيكون أكثـر كرامةً إذا لم يلوِّح لهم من الأساس، وإنَّما يتشبَّث بالصدور وكلمات الصلاة، مثل رئيس كهنةٍ قلقٍ وعاجزٍ. يكفي أن نرى من الشاطئ أنَّ رئيس الكهنة، الذي يذهب في مهمَّةٍ مقدَّسةٍ، يشيـر بوجهه إلى الأمام، ويحيِّي أولئك من على متن السفينة، هذا في حين لم يقرِّر بعدُ متـى سيسعد قائد الدفَّة والجموع المنتظرين في المرفأ بأشعَّة الشمس. تلا تلك الملابسات، انبثاق لهجاتٍ لاتينيَّةٍ من زوايا الشفاه، والتقاط بضع كلماتٍ لاتينيَّةٍ مشوَّشة من خلف ظهره، فهم منها جيِّدًا أنَّ رجلًا ذا صوتٍ معدنيٍّ يبحث عن بضاعته، وسدَّادة زجاجة النبيذ الخاصَّة به، وسمع شـخصًا آخر أجاب على ذات الصوت غيـر الواضـح. قال شابا إنَّ هذا الشـخص الآخر لاتينيٌّ أيضًا، على الرغم من أنَّه لم يفهم أيّ شيءٍ من الإجابة. تساءل كيف يمكن أن يكون هذا، وتعجَّب بشدَّةٍ، بينما أصابعه تمسك المسبحة بإرهاقٍ.. لم أفهم سوى جملةٍ واحدةٍ. حاول أن يبصر الأمر بأذنيه، ويفكُّ تشابك الجمل والكلمات بصبـرٍ، بينما يعلم أنَّ كبار المسؤولين يتظاهرون بالصبـر على الشاطئ وينتظرون تحيَّة رئيس الكهنة العجوز. ربَّما يكون هذا ما يتحدَّثون عنه، كما اعتقد شابا، لأنَّه يوجد دائمًا شيءٌ يجب التفكيـر فيه، فالأناس قليلو العقل محدودو الفكر لا يفعلون سوى أن يقصِّروا حياتنا فقط. ❝