❞ إن (عادل) نذل.. الكل يقول هذا عنه.. أمه وأخته وأخوه.. كلهم يعرفون أنه نذل وصاحب مصلحة وأنك متى احتجت له لم تجده. يحاول (عادل) أن يزيل هذا اﻻنطباع ويبذل مجهودات عنيفة، لكنه ﻻ يظفر إﻻ بعبارة : "برغم أنه نذل فمن الغريب أنه مفيد أحيانًا.."
أصيب أخوه في حادث مروع، ونقل إلى المستشفى.. خلال خمس دقائق كان (عادل) هناك.. لم تأت زوجة (عادل) إﻻ في اليوم التالي، وكذا لم تأت أم (عادل) وﻻ أخته، وحينما احتاج اﻷطباء إلى دم تبرع (عادل) على الفور ﻷخيه..
في اليوم التالي جاءت بقية اﻷسرة، وكان رأيهم إن (عادل) نذل لكنه يتصرف كالرجال أحيانًا، وتصرفه هذا هو الاستثناء الذي يؤكد قاعدة نذالته.. صحيح إن أخته من ذات فصيلة الدم لكنها رفضت التبرع بقطرة دم واحدة ﻷخيها ﻷن لديها أسرتها، وهي بحاجة لقوتها. قالت للأطباء: "لم ﻻ تأخذون المزيد من دم ذلك النذل (عادل)؟"
قالوا لها إن هذا ببساطة سيقتله، فقالت: "على اﻷقل سينقص عدد اﻷنذال واحدًا.."
عندما شبت النار في بيت أخته، سكب (عادل) على نفسه دلوًا من الماء ثم اقتحم النيران، ووسط الدخان خرج يحمل ابنتي أخته تسعلان. هنأه الزوج الذي وقف في الخارج ضاحكًا وقال:
- "غريب أن يصدر هذا التصرف ممن هو مثلك، لكن قد تسبق العرجاء"
تم تقسيم الميراث كما تعلم في حياة أمه، فتبين أن المرأة المسنة تركت كل شيء ﻷخته و أخيه ﻷن (عادل) نذل وﻻ يستحق مالها، بينما أخواه كريمان شهمان..
لم يقل (عادل) شيئًا ، وعندما ماتت اﻷم بعد ذلك ملأ الدنيا صراخًا وبكاءً وأصابه اكتئاب شديد. قال أخوه مفسرًا وهو يلتهم قطعة كبيرة من اللحم: "السبب أنه نذل، وضميره يؤنبه على ما فعله مع أمه "
هنا أنحشرت قطعة كبيرة من اللحم في حلقه فأزرق لونه و راح يجاهد طلبًا للتنفس، هنا وثب (عادل) فوق المنضدة والتف وراء أخيه، وأحاط بطنه بيده وضغط بقوة كما تقضي مناورة (هايمليخ) الشهيرة، من ثم اندفعت قطعة اللحم خارجة..
قالت اﻷخت في استحسان:
-"ﻻ بأس.. حتى الأنذال يظهرون بعض الشهامة أحيانًا "
(عادل) صديقي، وأنا أكرهه ﻷنه نذل.. صحيح أنني أقترض منه مالًا بلا توقف، وأكلفه باﻷمور الصعبة الشاقة مثل تبديل إطار السيارة والشجار في الدوائر الحكومية، لكنني لن أنسى حقيقة أنه نذل وأننا جميعًا أكرم منه، صحيح أنه مواظب على الصلاة، لكني أعرف أنني أفضل منه في كل شيء، وفي المرات القليلة التي أصلي فيها أحمد الله على أنه لم يخلقني نذلًا مثله.
. ❝ ⏤أحمد خالد توفيق
❞ إن (عادل) نذل. الكل يقول هذا عنه. أمه وأخته وأخوه. كلهم يعرفون أنه نذل وصاحب مصلحة وأنك متى احتجت له لم تجده. يحاول (عادل) أن يزيل هذا اﻻنطباع ويبذل مجهودات عنيفة، لكنه ﻻ يظفر إﻻ بعبارة : "برغم أنه نذل فمن الغريب أنه مفيد أحيانًا."
أصيب أخوه في حادث مروع، ونقل إلى المستشفى. خلال خمس دقائق كان (عادل) هناك. لم تأت زوجة (عادل) إﻻ في اليوم التالي، وكذا لم تأت أم (عادل) وﻻ أخته، وحينما احتاج اﻷطباء إلى دم تبرع (عادل) على الفور ﻷخيه.
في اليوم التالي جاءت بقية اﻷسرة، وكان رأيهم إن (عادل) نذل لكنه يتصرف كالرجال أحيانًا، وتصرفه هذا هو الاستثناء الذي يؤكد قاعدة نذالته. صحيح إن أخته من ذات فصيلة الدم لكنها رفضت التبرع بقطرة دم واحدة ﻷخيها ﻷن لديها أسرتها، وهي بحاجة لقوتها. قالت للأطباء: "لم ﻻ تأخذون المزيد من دم ذلك النذل (عادل)؟"
قالوا لها إن هذا ببساطة سيقتله، فقالت: "على اﻷقل سينقص عدد اﻷنذال واحدًا."
عندما شبت النار في بيت أخته، سكب (عادل) على نفسه دلوًا من الماء ثم اقتحم النيران، ووسط الدخان خرج يحمل ابنتي أخته تسعلان. هنأه الزوج الذي وقف في الخارج ضاحكًا وقال:
- "غريب أن يصدر هذا التصرف ممن هو مثلك، لكن قد تسبق العرجاء"
تم تقسيم الميراث كما تعلم في حياة أمه، فتبين أن المرأة المسنة تركت كل شيء ﻷخته و أخيه ﻷن (عادل) نذل وﻻ يستحق مالها، بينما أخواه كريمان شهمان.
لم يقل (عادل) شيئًا ، وعندما ماتت اﻷم بعد ذلك ملأ الدنيا صراخًا وبكاءً وأصابه اكتئاب شديد. قال أخوه مفسرًا وهو يلتهم قطعة كبيرة من اللحم: "السبب أنه نذل، وضميره يؤنبه على ما فعله مع أمه "
هنا أنحشرت قطعة كبيرة من اللحم في حلقه فأزرق لونه و راح يجاهد طلبًا للتنفس، هنا وثب (عادل) فوق المنضدة والتف وراء أخيه، وأحاط بطنه بيده وضغط بقوة كما تقضي مناورة (هايمليخ) الشهيرة، من ثم اندفعت قطعة اللحم خارجة.
قالت اﻷخت في استحسان:
- "ﻻ بأس. حتى الأنذال يظهرون بعض الشهامة أحيانًا "
(عادل) صديقي، وأنا أكرهه ﻷنه نذل. صحيح أنني أقترض منه مالًا بلا توقف، وأكلفه باﻷمور الصعبة الشاقة مثل تبديل إطار السيارة والشجار في الدوائر الحكومية، لكنني لن أنسى حقيقة أنه نذل وأننا جميعًا أكرم منه، صحيح أنه مواظب على الصلاة، لكني أعرف أنني أفضل منه في كل شيء، وفي المرات القليلة التي أصلي فيها أحمد الله على أنه لم يخلقني نذلًا مثله. ❝
❞ «حطام»
نورٌ ينبثق داخل غرفة مظلمة، أثر الضوء الخافت الذي يتسلل من فتحة الباب، إذا بفتاةٍ مُحطمة تنظر بشرودٍ نحو كل شيءٍ أمامها، تنظر بانكسار، وقلبٍ مفتت نحو مجموعة الأكواب التي توضع على المنضدة، عواصفٌ بالخارج تجعل زجاج النوافذ يهتز بشدة، صوت الإعصار يداوي المكان بأكمله، يتسلط نظرها بين كل ما يهتز بقلبٍ مرتجف، وعيون دامعة، صوت شديد يجعل القلب يقتلع أثر تصادم الأشياء ببعضها، تسير خطوة تلو الأخرى حتى وصلت إلى النافذة، وفور وصولها اهتزت المنضدة بقوةٍ، ثم ارتطمت الأكواب أرضًا، عند حطامها بالأرض فعلت صوتًا شديدًا كصوتِ الضجيج الذي يحتل كل شيء، كان ذلك الصوت كفيل بأن يقتلع قلبها، ويتسرب العرق من جبينها، تنظر نحو فتات الزجاج تارة، وأخرى نحو النوافذ التي تصطدم ببعضها، تخطو خطوة تلو الأخرى للخلف، تخشى اصطدام شيء آخر، فجأة تداخلت النوافذ ببعضها أثر الرياح الشديدة، وارتطم الزجاج بالأرضِ مرة أخرى، ولكن هذه المرة كان الصوت أقوى من المرة السابقة، وكأنه صوت اصطدام السيارات ببعضها، كان كالأزيز يستحوذ على كل الأصواتِ، نظرت بصدمةٍ من الذي يحدث بغرفتها، امتلأت جميعها بفتات الزجاج المهشم، وفجأة خرت قوتها؛ لتسقط أرضًا، غريقة بين الأصواتِ الناشئة بقوة، ضجيج يستحوذ على مسمعها، تتعالى شهقاتها، وتضم ركبتيها بيدها كالطفلة، أصبح المكان حطامًا من العواصف، ولا تستطع أن تصلح ما أفسده الجو؛ فماذا تفعل بعد حطام قلبها قبل غرفتها؟
إنجي محمد \"بنت الأزهر\". ❝ ⏤گ/انجى محمد \"أنجين\"
❞«حطام»
نورٌ ينبثق داخل غرفة مظلمة، أثر الضوء الخافت الذي يتسلل من فتحة الباب، إذا بفتاةٍ مُحطمة تنظر بشرودٍ نحو كل شيءٍ أمامها، تنظر بانكسار، وقلبٍ مفتت نحو مجموعة الأكواب التي توضع على المنضدة، عواصفٌ بالخارج تجعل زجاج النوافذ يهتز بشدة، صوت الإعصار يداوي المكان بأكمله، يتسلط نظرها بين كل ما يهتز بقلبٍ مرتجف، وعيون دامعة، صوت شديد يجعل القلب يقتلع أثر تصادم الأشياء ببعضها، تسير خطوة تلو الأخرى حتى وصلت إلى النافذة، وفور وصولها اهتزت المنضدة بقوةٍ، ثم ارتطمت الأكواب أرضًا، عند حطامها بالأرض فعلت صوتًا شديدًا كصوتِ الضجيج الذي يحتل كل شيء، كان ذلك الصوت كفيل بأن يقتلع قلبها، ويتسرب العرق من جبينها، تنظر نحو فتات الزجاج تارة، وأخرى نحو النوافذ التي تصطدم ببعضها، تخطو خطوة تلو الأخرى للخلف، تخشى اصطدام شيء آخر، فجأة تداخلت النوافذ ببعضها أثر الرياح الشديدة، وارتطم الزجاج بالأرضِ مرة أخرى، ولكن هذه المرة كان الصوت أقوى من المرة السابقة، وكأنه صوت اصطدام السيارات ببعضها، كان كالأزيز يستحوذ على كل الأصواتِ، نظرت بصدمةٍ من الذي يحدث بغرفتها، امتلأت جميعها بفتات الزجاج المهشم، وفجأة خرت قوتها؛ لتسقط أرضًا، غريقة بين الأصواتِ الناشئة بقوة، ضجيج يستحوذ على مسمعها، تتعالى شهقاتها، وتضم ركبتيها بيدها كالطفلة، أصبح المكان حطامًا من العواصف، ولا تستطع أن تصلح ما أفسده الجو؛ فماذا تفعل بعد حطام قلبها قبل غرفتها؟
❞ \" ربما تعلمون أنني تزوجت مرتين ، وكان الطلاق هو النهاية في كل مرة .. إن الرجال لا يحتملون المرأة التي تطالب ألا تعامل کامرأة ..
هاك يا صغيرتي ما سيحدث :
سیجلس معك ، ويكلمك عن ( سارتر) وعن الوجودية، ويتلو أبياتاً من شعر ( لوركا) ، ويقول لك كلاماً كثيراً عن انبهاره بعقلك ، وأنه - للمرة الأولى - يلقي المرأة التي تبدو كامرأة ، وتفكر كرجل ..
سيقول إن حياتك معه لن تختلف عن سلسلة من الأعياد الفكرية والمهرجانات العقلانية .. لقد حان الوقت لفهم ذلك الكائن المدعو ( حواء ) حق الفهم ..
سيقول هذا وأكثر يا فتاة ، ولسوف تصدقين ..
کیف لا تصدقين هذه الكلمات من رجل رزين أنيق في منتصف العمر ، عرك الحياة وعركته ؟
ولن يمر وقت طويل حتى تجلسی جواره في ( الكوشة) - إلى يمينه على وجه الدقة - وأنت
تحلمين كمراهقة صغيرة ..
بعد أشهر - لو حالفك الحظ - ستدركين الحقيقة ..
إن الجمال عند الرجل أهم من أي عقل .. طبق الفول بالزيت على مائدة الإفطار أهم من كل كتابات ( سيمون دي بوفوار ) .. مباراة الأهلي والزمالك أهم من ندوة شعرية يتكلم فيها ( أبو العلاء المعري ) شخصياً لو أمكن هذا ..
تدريجياً تدركين أبعاد الخدعة ، وتدركين أن الدور المختار لك هو دور الزوجة لا أكثر ولا أقل ..
ستئورين يا فتاة .. لكنك ستتلقين كلمات قاسية جداً ، ربما بعض الصفعات كذلك لو كان زوجك شرساً مثل زوجي الثاني ..
ستكون معاناة طويلة ، حتى يتم الطلاق ، بعدها تقررين ألا تكرري الخطأ ذاته .. لكن سرعان ما يظهر رجل رزين أنيق في منتصف العمر ، يحدثك عن ( سارتر ) ويتلو عليك شعر ( لوركا ) ..
عندها تقولين لنفسك : لعل الأمر مختلف هذه المرة ؟
تم زواجي الثاني في بداية الشتاء ..
بعدها رحلت مع زوجي ( هشام ) - وهو صحفي كما تعلمون - إلى شاليه في ( بلطيم ) يملكه أحد أصدقائه .. وكانت ( بلطيم ) في هذا الوقت شبه خالية من الشاليهات والمصطافين كذلك ، لأننا كنا في الشتاء ، وحتى في فصل الصيف كانت الإسكندرية - خاصة ( العجمي ) - هي المصيف المرموق الذي يحلم به الجميع ..
كان الشاليه يتكون من أربع غرف .. اثنتان منهما موصدتان بالمفتاح ، وقد تركت لنا غرفتان هما كافيتان تماماً ..
وضعنا حقائبنا .. وقررنا الخروج للنزهة على الشاطئ .. بالطبع ارتدي كل منا ثياباً شتوية ثقيلة ، فالطقس لم يكن يسمح بالمزاح.. وكانت الأمواج ثائرة كأنما ضاقت بالبحر المتوسط، وودت لو فتح لها أحدهم الباب إلى المحيط ..
مشينا بضع دقائق ، وفي نفس كل منا شك لا يعترف به : هذه العطلة لن تكون ناجحة جداً .
صحيح أننا متفردان .. تنائينا عن القطيع .. لكن كل هذا الفراغ الأثيري لم يكن ليناسبنا حقاً ..
لقد أنهينا أكثر ما لدينا من كلمات وملاحظات ودعابات ، ونحن نمشي متشابكى اليدين بمحاذاة الشاطئ .. خمس دقائق لا أكثر .. والمفترض أن لدينا أسبوعاً كاملاً ، فماذا نعمل فيه ؟
السماء مكفهرة تنذر بالويل ، والبرد قارس وهدير الأمواج يقتل كلماتك ما إن تغادر فاك قلت له بعد ما حاولت إشعال لفافة تبغ ست مرات :
- « فلنعد إلى الشاليه .. »
عدنا إلى الشاليه فتناولنا غذاءنا من المعلبات في صمت .. لاحظت في اشمئزاز أن ( هشام ) يملأ فمه بالطعام كالخرتيت قبل أن يبتلعه .. كان يأكل برقة العصافير حينما كان يخطب ودي ، وكان يقضم حبة العنب على ست مرات .. وبدأت أشم رائحة التحول إياها ..
صارحته بهذا ، فابتسم ولم يعلّق ..
بعد الغداء لاحظت أنه يسلك أسنانه بعود ثقاب ، ولما فشل مزق قطعة خيط من كم منامته وراح يمررها بين الأسنان وبعضها ، على سبيل ال (Floss) المرتجل..
صارحته بهذا ، فابتسم ولم يعلّق ..
أحضر جهاز الد( بيك أب ) ، ووضعه على المنضدة ، ثم انتقى أسطوانة لمطربة شابة اشتهرت بأغانيها عديمة المعنى ، وكنت قد جئت بعدة ألبومات لـ ( فاجنر ) و ( جانیس جوبلن ) ..
صارحته بهذا ، فابتسم ولم يعلّق ..
أدرت أسطوانة لـ ( فاجنر ) ، وجلست منتظرة أن يبدأ في الحديث الرومانسي معي ، لا سيما لو كان ذا طابع ثقافي .. لكنه راح يحكى دعابات سمجة عن الحموات الشرسات ، والزوجات المتسلطات ، حاسباً أن هذا يجعله أقرب لقلبي ، وينهي كل دعابة بـ ( هاع هاع هاع هاع ! ) ..
صارحته بهذا ، فابتسم ولم يعلّق ..
جلس بمنامته ورفع قدماً يريحها على المقعد ، ثم راح يعبث في أصابع قدميه باستمتاع كما يحب الرجال أن يفعلوا ..
صارحته بهذا ، فانفجر في ..
قال لي إنه لم يتلق كل هذا القدر من الانتقادات منذ كان طفلاً في الرابعة من عمره ، وإن أمه لم تبذل كل هذا الجهد التربوي معه، وإنني بالتأكيد إنسانة متسلطة قررت أن تتحكم في كل التفاصيل ، في أول نصف ساعة من حياتنا الزوجية ..
راق لي هذا .. فالحرب هي أرضى التي أشعر فيها براحة حقيقية ..
- «من منكم يدنو .. أو يجسر ؟ »
بدأت معركتنا الأولى ، ولم تكن عنيفة جداً بطبيعة الحال ، لكنها انتهت به صامتاً كالأسماك و بي أشعل لفافة تبغ في عصبية ..
وفي المساء تشاجرنا ثانية مع صوت الأمواج ..
في الصباح لاحظت في ضيق أنه يريد أن يلتهم الإفطار دون أن يغسل وجهه ، وهكذا تشاجرنا مرة ثالثة ..
عند الظهيرة تشاجرنا بعنف ، لأنه يريد أن يخرج النزهة ، بينما أنا مصرة على أن نجلس ونستمع لـ ( فاجنر ) ، والأدهى أنه دعا بخراب بيت ( فاجنر ) وكل أحفاد ( فاجنر ) إلى يوم الدين ..
- « من فضلك .. أريدك أن تكون متحضرا
لا أسمح لك بسب ( فاجنر ) ! »
- « هذا خير من أن أسبك أنت أيتها المتسلطة ! »
وغادر الشاليه غاضباً ، والحقيقة هي أننا أحرزنا سبقاً هائلاً في عصر السرعة هذا .. لقد حققنا خلال أربع وعشرين ساعة من الجفاء والنفور ما يحققه سوانا في عشر سنوات !
الشاعرة / نادية فهيم
- قصة : مع الحطمة. ❝ ⏤أحمد خالد توفيق
❞ ˝ ربما تعلمون أنني تزوجت مرتين ، وكان الطلاق هو النهاية في كل مرة . إن الرجال لا يحتملون المرأة التي تطالب ألا تعامل کامرأة .
هاك يا صغيرتي ما سيحدث :
سیجلس معك ، ويكلمك عن ( سارتر) وعن الوجودية، ويتلو أبياتاً من شعر ( لوركا) ، ويقول لك كلاماً كثيراً عن انبهاره بعقلك ، وأنه - للمرة الأولى - يلقي المرأة التي تبدو كامرأة ، وتفكر كرجل .
سيقول إن حياتك معه لن تختلف عن سلسلة من الأعياد الفكرية والمهرجانات العقلانية . لقد حان الوقت لفهم ذلك الكائن المدعو ( حواء ) حق الفهم .
سيقول هذا وأكثر يا فتاة ، ولسوف تصدقين .
کیف لا تصدقين هذه الكلمات من رجل رزين أنيق في منتصف العمر ، عرك الحياة وعركته ؟
ولن يمر وقت طويل حتى تجلسی جواره في ( الكوشة) - إلى يمينه على وجه الدقة - وأنت
تحلمين كمراهقة صغيرة .
بعد أشهر - لو حالفك الحظ - ستدركين الحقيقة .
إن الجمال عند الرجل أهم من أي عقل . طبق الفول بالزيت على مائدة الإفطار أهم من كل كتابات ( سيمون دي بوفوار ) . مباراة الأهلي والزمالك أهم من ندوة شعرية يتكلم فيها ( أبو العلاء المعري ) شخصياً لو أمكن هذا .
تدريجياً تدركين أبعاد الخدعة ، وتدركين أن الدور المختار لك هو دور الزوجة لا أكثر ولا أقل .
ستئورين يا فتاة . لكنك ستتلقين كلمات قاسية جداً ، ربما بعض الصفعات كذلك لو كان زوجك شرساً مثل زوجي الثاني .
ستكون معاناة طويلة ، حتى يتم الطلاق ، بعدها تقررين ألا تكرري الخطأ ذاته . لكن سرعان ما يظهر رجل رزين أنيق في منتصف العمر ، يحدثك عن ( سارتر ) ويتلو عليك شعر ( لوركا ) .
عندها تقولين لنفسك : لعل الأمر مختلف هذه المرة ؟
تم زواجي الثاني في بداية الشتاء .
بعدها رحلت مع زوجي ( هشام ) - وهو صحفي كما تعلمون - إلى شاليه في ( بلطيم ) يملكه أحد أصدقائه . وكانت ( بلطيم ) في هذا الوقت شبه خالية من الشاليهات والمصطافين كذلك ، لأننا كنا في الشتاء ، وحتى في فصل الصيف كانت الإسكندرية - خاصة ( العجمي ) - هي المصيف المرموق الذي يحلم به الجميع .
كان الشاليه يتكون من أربع غرف . اثنتان منهما موصدتان بالمفتاح ، وقد تركت لنا غرفتان هما كافيتان تماماً .
وضعنا حقائبنا . وقررنا الخروج للنزهة على الشاطئ . بالطبع ارتدي كل منا ثياباً شتوية ثقيلة ، فالطقس لم يكن يسمح بالمزاح. وكانت الأمواج ثائرة كأنما ضاقت بالبحر المتوسط، وودت لو فتح لها أحدهم الباب إلى المحيط .
مشينا بضع دقائق ، وفي نفس كل منا شك لا يعترف به : هذه العطلة لن تكون ناجحة جداً .
صحيح أننا متفردان . تنائينا عن القطيع . لكن كل هذا الفراغ الأثيري لم يكن ليناسبنا حقاً .
لقد أنهينا أكثر ما لدينا من كلمات وملاحظات ودعابات ، ونحن نمشي متشابكى اليدين بمحاذاة الشاطئ . خمس دقائق لا أكثر . والمفترض أن لدينا أسبوعاً كاملاً ، فماذا نعمل فيه ؟
السماء مكفهرة تنذر بالويل ، والبرد قارس وهدير الأمواج يقتل كلماتك ما إن تغادر فاك قلت له بعد ما حاولت إشعال لفافة تبغ ست مرات :
- « فلنعد إلى الشاليه . »
عدنا إلى الشاليه فتناولنا غذاءنا من المعلبات في صمت . لاحظت في اشمئزاز أن ( هشام ) يملأ فمه بالطعام كالخرتيت قبل أن يبتلعه . كان يأكل برقة العصافير حينما كان يخطب ودي ، وكان يقضم حبة العنب على ست مرات . وبدأت أشم رائحة التحول إياها .
صارحته بهذا ، فابتسم ولم يعلّق .
بعد الغداء لاحظت أنه يسلك أسنانه بعود ثقاب ، ولما فشل مزق قطعة خيط من كم منامته وراح يمررها بين الأسنان وبعضها ، على سبيل ال (Floss) المرتجل.
صارحته بهذا ، فابتسم ولم يعلّق .
أحضر جهاز الد( بيك أب ) ، ووضعه على المنضدة ، ثم انتقى أسطوانة لمطربة شابة اشتهرت بأغانيها عديمة المعنى ، وكنت قد جئت بعدة ألبومات لـ ( فاجنر ) و ( جانیس جوبلن ) .
صارحته بهذا ، فابتسم ولم يعلّق .
أدرت أسطوانة لـ ( فاجنر ) ، وجلست منتظرة أن يبدأ في الحديث الرومانسي معي ، لا سيما لو كان ذا طابع ثقافي . لكنه راح يحكى دعابات سمجة عن الحموات الشرسات ، والزوجات المتسلطات ، حاسباً أن هذا يجعله أقرب لقلبي ، وينهي كل دعابة بـ ( هاع هاع هاع هاع ! ) .
صارحته بهذا ، فابتسم ولم يعلّق .
جلس بمنامته ورفع قدماً يريحها على المقعد ، ثم راح يعبث في أصابع قدميه باستمتاع كما يحب الرجال أن يفعلوا .
صارحته بهذا ، فانفجر في .
قال لي إنه لم يتلق كل هذا القدر من الانتقادات منذ كان طفلاً في الرابعة من عمره ، وإن أمه لم تبذل كل هذا الجهد التربوي معه، وإنني بالتأكيد إنسانة متسلطة قررت أن تتحكم في كل التفاصيل ، في أول نصف ساعة من حياتنا الزوجية .
راق لي هذا . فالحرب هي أرضى التي أشعر فيها براحة حقيقية .
- «من منكم يدنو . أو يجسر ؟ »
بدأت معركتنا الأولى ، ولم تكن عنيفة جداً بطبيعة الحال ، لكنها انتهت به صامتاً كالأسماك و بي أشعل لفافة تبغ في عصبية .
وفي المساء تشاجرنا ثانية مع صوت الأمواج .
في الصباح لاحظت في ضيق أنه يريد أن يلتهم الإفطار دون أن يغسل وجهه ، وهكذا تشاجرنا مرة ثالثة .
عند الظهيرة تشاجرنا بعنف ، لأنه يريد أن يخرج النزهة ، بينما أنا مصرة على أن نجلس ونستمع لـ ( فاجنر ) ، والأدهى أنه دعا بخراب بيت ( فاجنر ) وكل أحفاد ( فاجنر ) إلى يوم الدين .
- « من فضلك . أريدك أن تكون متحضرا
لا أسمح لك بسب ( فاجنر ) ! »
- « هذا خير من أن أسبك أنت أيتها المتسلطة ! »
وغادر الشاليه غاضباً ، والحقيقة هي أننا أحرزنا سبقاً هائلاً في عصر السرعة هذا . لقد حققنا خلال أربع وعشرين ساعة من الجفاء والنفور ما يحققه سوانا في عشر سنوات !
الشاعرة / نادية فهيم
❞ آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96)
قوله تعالى : آتوني زبر الحديد أي أعطوني زبر الحديد وناولونيها أمرهم بنقل الآلة ، وهذا كله إنما هو استدعاء العطية التي بغير معنى الهبة ، وإنما هو استدعاء للمناولة ، لأنه قد ارتبط من قوله : إنه لا يأخذ منهم الخرج فلم يبق إلا استدعاء المناولة ، وأعمال الأبدان . و زبر الحديد قطع الحديد . وأصل الكلمة الاجتماع ، ومنه زبرة الأسد لما اجتمع من الشعر على كاهله . وزبرت الكتاب أي كتبته وجمعت حروفه . وقرأ أبو بكر والمفضل " ردما ايتوني " من الإتيان الذي هو المجيء ; أي جيئوني بزبر الحديد ، فلما سقط الخافض انتصب بالفعل على نحو قول الشاعر :
أمرتك الخير . . .
حذف الجار فنصب الفعل وقرأ الجمهور زبر بفتح الباء وقرأ الحسن بضمها ; وكل ذلك جمع زبرة وهي القطعة العظيمة منه .
قوله تعالى : حتى إذا ساوى يعني البناء فحذف لقوة الكلام عليه .
بين الصدفين قال أبو عبيدة : هما جانبا الجبل ، وسميا بذلك لتصادفهما أي لتلاقيهما . وقاله الزهري وابن عباس ; ( كأنه يعرض عن الآخر ) من الصدوف ; قال الشاعر :
كلا الصدفين ينفذه سناها توقد مثل مصباح الظلام
ويقال للبناء المرتفع صدف تشبيه بجانب الجبل . وفي الحديث : كان إذا مر بصدف مائل أسرع المشي . قال أبو عبيد : الصدف والهدف كل بناء عظيم مرتفع . ابن عطية : الصدفان الجبلان المتناوحان ولا يقال للواحد صدف ، وإنما يقال صدفان للاثنين ; لأن أحدهما يصادف الآخر . وقرأ نافع وحمزة والكسائي الصدفين بفتح الصاد وشدها وفتح الدال ، وهي قراءة عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - وعمر بن عبد العزيز ، وهي اختيار أبي عبيدة لأنها أشهر اللغات . وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو " الصدفين " بضم الصاد والدال وقرأ عاصم في رواية أبي بكر " الصدفين " بضم الصاد وسكون الدال ، نحو الجرف والجرف فهو تخفيف . وقرأ ابن الماجشون بفتح الصاد وضم الدال . وقرأ قتادة " بين الصدفين " بفتح الصاد وسكون الدال ، وكل ذلك بمعنى واحد وهما الجبلان المتناوحان .
قوله تعالى : قال انفخوا إلى آخر الآية أي على زبر الحديد بالأكيار ، وذلك أنه كان يأمر بوضع طاقة من الزبر والحجارة ، ثم يوقد عليها الحطب والفحم بالمنافخ حتى تحمى ، والحديد إذا أوقد عليه صار كالنار ، فذلك قوله - تعالى - : حتى إذا جعله نارا ثم يؤتى بالنحاس المذاب أو بالرصاص أو بالحديد بحسب الخلاف في القطر ، فيفرغه على تلك الطاقة المنضدة ، فإذا التأم واشتد ولصق البعض بالبعض استأنف وضع طاقة أخرى ، إلى أن استوى العمل فصار جبلا صلدا . قال قتادة : هو كالبرد المحبر ، طريقة سوداء ، وطريقة حمراء . ويروى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : جاءه رجل فقال : يا رسول الله إني رأيت سد يأجوج ومأجوج ، قال : كيف رأيته قال : رأيته كالبرد المحبر ، طريقة صفراء ، وطريقة حمراء ، وطريقة سوداء ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد رأيته . ومعنى حتى إذا جعله نارا أي كالنار .
ومعنى آتوني أفرغ عليه قطرا أي أعطوني قطرا أفرغ عليه ، على التقديم والتأخير . ومن قرأ " ائتوني " فالمعنى عنده تعالوا أفرغ عليه نحاسا . والقطر عند أكثر المفسرين النحاس المذاب ، وأصله من القطر ; لأنه إذا أذيب قطر كما يقطر الماء وقالت فرقة : القطر الحديد المذاب . وقالت فرقة منهم ابن الأنباري : الرصاص المذاب . وهو مشتق من قطر يقطر قطرا . ومنه وأسلنا له عين القطر .. ❝ ⏤محمد بن صالح العثيمين
❞ آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96)
قوله تعالى : آتوني زبر الحديد أي أعطوني زبر الحديد وناولونيها أمرهم بنقل الآلة ، وهذا كله إنما هو استدعاء العطية التي بغير معنى الهبة ، وإنما هو استدعاء للمناولة ، لأنه قد ارتبط من قوله : إنه لا يأخذ منهم الخرج فلم يبق إلا استدعاء المناولة ، وأعمال الأبدان . و زبر الحديد قطع الحديد . وأصل الكلمة الاجتماع ، ومنه زبرة الأسد لما اجتمع من الشعر على كاهله . وزبرت الكتاب أي كتبته وجمعت حروفه . وقرأ أبو بكر والمفضل " ردما ايتوني " من الإتيان الذي هو المجيء ; أي جيئوني بزبر الحديد ، فلما سقط الخافض انتصب بالفعل على نحو قول الشاعر :
أمرتك الخير . . .
حذف الجار فنصب الفعل وقرأ الجمهور زبر بفتح الباء وقرأ الحسن بضمها ; وكل ذلك جمع زبرة وهي القطعة العظيمة منه .
قوله تعالى : حتى إذا ساوى يعني البناء فحذف لقوة الكلام عليه .
بين الصدفين قال أبو عبيدة : هما جانبا الجبل ، وسميا بذلك لتصادفهما أي لتلاقيهما . وقاله الزهري وابن عباس ; ( كأنه يعرض عن الآخر ) من الصدوف ; قال الشاعر :
كلا الصدفين ينفذه سناها توقد مثل مصباح الظلام
ويقال للبناء المرتفع صدف تشبيه بجانب الجبل . وفي الحديث : كان إذا مر بصدف مائل أسرع المشي . قال أبو عبيد : الصدف والهدف كل بناء عظيم مرتفع . ابن عطية : الصدفان الجبلان المتناوحان ولا يقال للواحد صدف ، وإنما يقال صدفان للاثنين ; لأن أحدهما يصادف الآخر . وقرأ نافع وحمزة والكسائي الصدفين بفتح الصاد وشدها وفتح الدال ، وهي قراءة عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - وعمر بن عبد العزيز ، وهي اختيار أبي عبيدة لأنها أشهر اللغات . وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو " الصدفين " بضم الصاد والدال وقرأ عاصم في رواية أبي بكر " الصدفين " بضم الصاد وسكون الدال ، نحو الجرف والجرف فهو تخفيف . وقرأ ابن الماجشون بفتح الصاد وضم الدال . وقرأ قتادة " بين الصدفين " بفتح الصاد وسكون الدال ، وكل ذلك بمعنى واحد وهما الجبلان المتناوحان .
قوله تعالى : قال انفخوا إلى آخر الآية أي على زبر الحديد بالأكيار ، وذلك أنه كان يأمر بوضع طاقة من الزبر والحجارة ، ثم يوقد عليها الحطب والفحم بالمنافخ حتى تحمى ، والحديد إذا أوقد عليه صار كالنار ، فذلك قوله - تعالى - : حتى إذا جعله نارا ثم يؤتى بالنحاس المذاب أو بالرصاص أو بالحديد بحسب الخلاف في القطر ، فيفرغه على تلك الطاقة المنضدة ، فإذا التأم واشتد ولصق البعض بالبعض استأنف وضع طاقة أخرى ، إلى أن استوى العمل فصار جبلا صلدا . قال قتادة : هو كالبرد المحبر ، طريقة سوداء ، وطريقة حمراء . ويروى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : جاءه رجل فقال : يا رسول الله إني رأيت سد يأجوج ومأجوج ، قال : كيف رأيته قال : رأيته كالبرد المحبر ، طريقة صفراء ، وطريقة حمراء ، وطريقة سوداء ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد رأيته . ومعنى حتى إذا جعله نارا أي كالنار .
ومعنى آتوني أفرغ عليه قطرا أي أعطوني قطرا أفرغ عليه ، على التقديم والتأخير . ومن قرأ " ائتوني " فالمعنى عنده تعالوا أفرغ عليه نحاسا . والقطر عند أكثر المفسرين النحاس المذاب ، وأصله من القطر ; لأنه إذا أذيب قطر كما يقطر الماء وقالت فرقة : القطر الحديد المذاب . وقالت فرقة منهم ابن الأنباري : الرصاص المذاب . وهو مشتق من قطر يقطر قطرا . ومنه وأسلنا له عين القطر. ❝