❞ سأكتبُ هذه الكلمات المرتعشة ، وسأبسط رعدة قلبي في ألفاظها ومعانيها ، أكتب عن (..) ذلك الاسم الذي كان سنة كاملة من عمر هذا القلب ، على حين أن السعادة قد تكون لحظات من هذا العمر الذي لا يعدّ بالسنين ولكن بالعواطف ، فلا يسعني لا أن أرد خواطري إلى القلب لتنصبغَ في الدم قبل أن تنصبغ في الحبر ثم تخرج إلى الدنيا من هناك بل ما يخفق وما يزفر وما يئنّ . " من هناك" ! آه . من ترى في الناس يعرف معنى هذه الكلمة ويتسع فكرهُ لهذا الظرف المكاني الذي أشير إليه ؟ إنّ العقل ليمد أكنافه على السموات فيسعها خيالا كما ترى بعينيك في ماء الغدير شبكة السماء كلها محبوكة من خيوط الضوء ، مفصّلة بعقد النجوم . ولكن هناك ؛ في القلب ؛ عند ملتقى سر الحياة وسر محييها ؛ في القلب ؛ عند النقطة التي يتقطع فيها الطرف بينكَ وبين من تحب ، حين تريد الجميلة أن تقول لك أول مرة أحبك ؛ ولا تقولها . هناك ؛ في القلب ؛ وعند موضع الهوى الذي ينشعب فيه خيط من نظرك وخيط من نظرها فيلتبسان فتكوّن منهما عقدة من أصعب وأشد عقد الحياة . هناك ؟ هذا معنى "هناك ". ❝ ⏤مصطفى صادق الرافعي
❞ سأكتبُ هذه الكلمات المرتعشة ، وسأبسط رعدة قلبي في ألفاظها ومعانيها ، أكتب عن (.) ذلك الاسم الذي كان سنة كاملة من عمر هذا القلب ، على حين أن السعادة قد تكون لحظات من هذا العمر الذي لا يعدّ بالسنين ولكن بالعواطف ، فلا يسعني لا أن أرد خواطري إلى القلب لتنصبغَ في الدم قبل أن تنصبغ في الحبر ثم تخرج إلى الدنيا من هناك بل ما يخفق وما يزفر وما يئنّ . ˝ من هناك˝ ! آه . من ترى في الناس يعرف معنى هذه الكلمة ويتسع فكرهُ لهذا الظرف المكاني الذي أشير إليه ؟ إنّ العقل ليمد أكنافه على السموات فيسعها خيالا كما ترى بعينيك في ماء الغدير شبكة السماء كلها محبوكة من خيوط الضوء ، مفصّلة بعقد النجوم . ولكن هناك ؛ في القلب ؛ عند ملتقى سر الحياة وسر محييها ؛ في القلب ؛ عند النقطة التي يتقطع فيها الطرف بينكَ وبين من تحب ، حين تريد الجميلة أن تقول لك أول مرة أحبك ؛ ولا تقولها . هناك ؛ في القلب ؛ وعند موضع الهوى الذي ينشعب فيه خيط من نظرك وخيط من نظرها فيلتبسان فتكوّن منهما عقدة من أصعب وأشد عقد الحياة . هناك ؟ هذا معنى ˝هناك ˝. ❝
❞ قبل أن يتحقق النجاح في حياة أي رجل ، من المؤكد أنه سيواجه الكثير من الهزيمة المؤقتة ، وربما بعض الفشل. عندما تتغلب الهزيمة على الرجل ، فإن أسهل ما في الأمر وأكثره منطقية هو الإقلاع عن التدخين. هذا هو بالضبط ما يفعله غالبية الرجال. أكثر من خمسمائة من الرجال الأكثر نجاحا هذا البلد عرفها قال المؤلف الأكبر يأتي نجاحها خطوة واحدة فقط وراء النقطة التي هزيمة حلت محل لهم. ❝ ⏤نابليون هيل
❞ قبل أن يتحقق النجاح في حياة أي رجل ، من المؤكد أنه سيواجه الكثير من الهزيمة المؤقتة ، وربما بعض الفشل. عندما تتغلب الهزيمة على الرجل ، فإن أسهل ما في الأمر وأكثره منطقية هو الإقلاع عن التدخين. هذا هو بالضبط ما يفعله غالبية الرجال. أكثر من خمسمائة من الرجال الأكثر نجاحا هذا البلد عرفها قال المؤلف الأكبر يأتي نجاحها خطوة واحدة فقط وراء النقطة التي هزيمة حلت محل لهم. ❝
❞ السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
جريدة كولين
كما عودناكم دائمًا في جريدة كولين
حوارنا اليوم مع شخصية ابدعت في مجالها يرتبط اسمها دائما بالنجاحات نرحب بك عزيزي القارئ وبشخصيتنا اليوم ونبدأ أسئلتنا :
《الاسم》 :- رويدا وليد الشهاوي
《السن》 :- 21
《المحافظة》 :-كفر الشيخ
《لقبك》
س /هل من الممكن أن تحدثنا عن نفسك أكثر؟ وكيف تغيرت حياتك بموهبتك ؟
ج/ في البداية لم أكن اعرف اني امتلك مثل هذه الموهبة حتي حدث أمر كبير في حياتي جلعني ابدأ في كتابة خواطر صغيرة كنت أعبر عما يدور بداخلي من مشاعر معقدة لا استطيع التعبير عنها لذلك بدأت اكتب و من هنا اكتشفت شيئا فشيئا اني أحبها و اني امتلك موهبة كبيرة كانت مدوفنه فقط تحتاج لحدث لإيقاظها .
س / البدايه مهمة في المجالات الإبداعية كيف كانت بدايتك؟
ج/ بدأت مع كتابة خواطر صغيرة مثلا ما اشعر به من مشاعر سلبية أو إيجابية و من هنا انطلقت و بدأت و صرت استطيع الارتجال أيضا و بدأت في كتابة روايتي الصغيرة .
س /ما الذي قدمته حتى الآن والخطوات التي صعدتها في مسيرتك ؟
ج/ الحمدلله شاركت في كتابين لخواطر مجمعة و دي كانت اوي خطوة و مش هتكون الأخيرة بل انها البداية بإذن الله .
س /من هو أكبر داعم ليك ؟
ج/ بالطبع بعد الله سبحانه وتعالى لأنني دعيت كثيرا وانا سعيدة أن الله استجاب لدعواتي و بدأت في اول خطوة في حلمي هما والدي كانوا أكثر الناس دعما لي و خصوصا والدتي و كما اصدقائي الصغار الذين كانوا بجواري و شجعوني دائما من خلال قراءة خواطري و تشجيعي.
س /من هو/هي قدوتك في مجالك أو في حياتك العامة؟
ج/ في مجال الكتابة بصفة عامة و خصوصا الروايات الكاتب محمد طارق اتمني ان اكتب رواية مثل روايته بإذن الله.
س/من أقرب أصدقائك في مجالك ؟
ج/ في بداية المشوار لم يكن لي اصدقاء لكن الان تعرفت علي اصدقاء كثيرين و كلهم قريبين مني.
س /لكل موهبة اهداف واحلام فما هي احلامك وطموحاتك الفتره القادمه؟
ج/ اريد أن اشارك كل سنه في معرض الكتاب بإذن الله كمان أنني اريد اني انهي كتابة روايتي حتي انشرها بإذن الله ، كما أنني ارغب بدراسة هذا المجال أكثر و أكثر حتي استطيع التقدم فيه و اشارك اصدقائي مشاعري و مشاعرهم أيضا لأنني حين اكتب أعبر عن مشاعرهم أيضا، في النهاية لن أتوقف عند هذه النقطة بل ستقدم أكثر و أكثر حتي أصل الي ما اريد بإذن الله ✨.
س/هل سبق وحضرت حفلات او ندوات بمصر او خارجه وهل حصلت علي جوائز عالميه تريد ان تذكره؟
ج/ لاسف لم احضر حفلات للان لكن بإذن الله سيكون لدي حفلة بعد شهر و بالنسبة لندوات فما زلت ابحث .
س /ما هي اكثر الصعاب والتحديات التي مررت وتمر بها ؟
ج/ أنني في مرحلة ما فقدت الثقة بنفسي وأنني غير قادرة علي الكتابة أو إيصال مشاعري أو كتابة اي كلمه اعتقدت أنها مجرد فترة في حياتي كما أنه في بعض الأحيان ينتابني شعور اني لا اريد أن اكتب و ما إلى ذلك.
س/ما هو رد الفعل الذي تتخذيه عند توجية إنتقاد إليك؟
ج/ بالطبع اتقبله و ابدأ اتحدث مع ذلك الشخص لمّ قال ذلك و ابدأ أقوي تلك النقطة.
س /هل تحب أن تضيف اي أسئلة أو الحديث عن أي نقاط اخرى لم يشملها حديثنا؟
ج/ لا .
س /كلمة توجهها للمواهب الاخرى من قبيل تجربتك؟
ج/ اسعى نحو حلمك مهما اخبرك الآخرون أنه لا فائدة لأنها حياتك انت و ليست حياتهم حاول مئة مرة حتي تصل إلي حلمك صدقتي في مرة ستصل حتي لو سقطت أو هزمت قف مرة أخري المعركة لم تنتهي بعد.
س /ممكن ننهي حوارنا الشيق ببعض الكلمات من موهبتك؟
ج/ \"مجرد حنين \"
كل يوم أتجاهل مشاعري و أكذب علي نفسي اني نسيتك و نسيت حبك لكن لمّ أبكي الان حين رأيتك لا ارغب بالبكاء لكن الدموع تسقط دون إرادتي أخبرتُ نفسي مئات انك لن تعد علي قيد الحياة حتي استطيع ان اكمل حياتي كأنك لم تكن موجودا لكن حين رأيتك امامي الان في أكثر لحظاتي ضعفاً لم اتحمل فكرة غيابك أريد أن أبكي بين ذراعيك أريد إعادة تلك الذكريات مرة أخري لكن لا يمكنني إعدتها لأنك بكل بساطة تخليت عني و ذهبت إلي مكان لا استطيع الوصول إليه .
ک رويدا الشهاوي
س /وأخيراً ما رأيك في حوارنا وكلمة توجهها لجريدة كولين او نصيحه لكل المواهب نتذكرك به غدا؟
ج/ حقيقي حوار سلس جدا و ممتع جدا و حقيق حابة اشكركم اوي أن حضراتكم عملتوا معايا الحوار انا فعلا سعيدة وان شاء عمش هيكون اخر حوار.
وإلى هنا ينتهي لقاءنا وحورانا الذي تمتعنا به ونتمنى أن نكون امتعناكم
مؤسسة الجريدة: تسنيم محمد صبحي. ❝ ⏤جريدة كولين للنشر الالكتروني
❞ السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
جريدة كولين
كما عودناكم دائمًا في جريدة كولين
حوارنا اليوم مع شخصية ابدعت في مجالها يرتبط اسمها دائما بالنجاحات نرحب بك عزيزي القارئ وبشخصيتنا اليوم ونبدأ أسئلتنا :
《الاسم》 :- رويدا وليد الشهاوي
《السن》 :- 21
《المحافظة》 :-كفر الشيخ
《لقبك》
س /هل من الممكن أن تحدثنا عن نفسك أكثر؟ وكيف تغيرت حياتك بموهبتك ؟
ج/ في البداية لم أكن اعرف اني امتلك مثل هذه الموهبة حتي حدث أمر كبير في حياتي جلعني ابدأ في كتابة خواطر صغيرة كنت أعبر عما يدور بداخلي من مشاعر معقدة لا استطيع التعبير عنها لذلك بدأت اكتب و من هنا اكتشفت شيئا فشيئا اني أحبها و اني امتلك موهبة كبيرة كانت مدوفنه فقط تحتاج لحدث لإيقاظها .
س / البدايه مهمة في المجالات الإبداعية كيف كانت بدايتك؟
ج/ بدأت مع كتابة خواطر صغيرة مثلا ما اشعر به من مشاعر سلبية أو إيجابية و من هنا انطلقت و بدأت و صرت استطيع الارتجال أيضا و بدأت في كتابة روايتي الصغيرة .
س /ما الذي قدمته حتى الآن والخطوات التي صعدتها في مسيرتك ؟
ج/ الحمدلله شاركت في كتابين لخواطر مجمعة و دي كانت اوي خطوة و مش هتكون الأخيرة بل انها البداية بإذن الله .
س /من هو أكبر داعم ليك ؟
ج/ بالطبع بعد الله سبحانه وتعالى لأنني دعيت كثيرا وانا سعيدة أن الله استجاب لدعواتي و بدأت في اول خطوة في حلمي هما والدي كانوا أكثر الناس دعما لي و خصوصا والدتي و كما اصدقائي الصغار الذين كانوا بجواري و شجعوني دائما من خلال قراءة خواطري و تشجيعي.
س /من هو/هي قدوتك في مجالك أو في حياتك العامة؟
ج/ في مجال الكتابة بصفة عامة و خصوصا الروايات الكاتب محمد طارق اتمني ان اكتب رواية مثل روايته بإذن الله.
س/من أقرب أصدقائك في مجالك ؟
ج/ في بداية المشوار لم يكن لي اصدقاء لكن الان تعرفت علي اصدقاء كثيرين و كلهم قريبين مني.
س /لكل موهبة اهداف واحلام فما هي احلامك وطموحاتك الفتره القادمه؟
ج/ اريد أن اشارك كل سنه في معرض الكتاب بإذن الله كمان أنني اريد اني انهي كتابة روايتي حتي انشرها بإذن الله ، كما أنني ارغب بدراسة هذا المجال أكثر و أكثر حتي استطيع التقدم فيه و اشارك اصدقائي مشاعري و مشاعرهم أيضا لأنني حين اكتب أعبر عن مشاعرهم أيضا، في النهاية لن أتوقف عند هذه النقطة بل ستقدم أكثر و أكثر حتي أصل الي ما اريد بإذن الله ✨.
س/هل سبق وحضرت حفلات او ندوات بمصر او خارجه وهل حصلت علي جوائز عالميه تريد ان تذكره؟
ج/ لاسف لم احضر حفلات للان لكن بإذن الله سيكون لدي حفلة بعد شهر و بالنسبة لندوات فما زلت ابحث .
س /ما هي اكثر الصعاب والتحديات التي مررت وتمر بها ؟
ج/ أنني في مرحلة ما فقدت الثقة بنفسي وأنني غير قادرة علي الكتابة أو إيصال مشاعري أو كتابة اي كلمه اعتقدت أنها مجرد فترة في حياتي كما أنه في بعض الأحيان ينتابني شعور اني لا اريد أن اكتب و ما إلى ذلك.
س/ما هو رد الفعل الذي تتخذيه عند توجية إنتقاد إليك؟
ج/ بالطبع اتقبله و ابدأ اتحدث مع ذلك الشخص لمّ قال ذلك و ابدأ أقوي تلك النقطة.
س /هل تحب أن تضيف اي أسئلة أو الحديث عن أي نقاط اخرى لم يشملها حديثنا؟
ج/ لا .
س /كلمة توجهها للمواهب الاخرى من قبيل تجربتك؟
ج/ اسعى نحو حلمك مهما اخبرك الآخرون أنه لا فائدة لأنها حياتك انت و ليست حياتهم حاول مئة مرة حتي تصل إلي حلمك صدقتي في مرة ستصل حتي لو سقطت أو هزمت قف مرة أخري المعركة لم تنتهي بعد.
س /ممكن ننهي حوارنا الشيق ببعض الكلمات من موهبتك؟
ج/ ˝مجرد حنين ˝
كل يوم أتجاهل مشاعري و أكذب علي نفسي اني نسيتك و نسيت حبك لكن لمّ أبكي الان حين رأيتك لا ارغب بالبكاء لكن الدموع تسقط دون إرادتي أخبرتُ نفسي مئات انك لن تعد علي قيد الحياة حتي استطيع ان اكمل حياتي كأنك لم تكن موجودا لكن حين رأيتك امامي الان في أكثر لحظاتي ضعفاً لم اتحمل فكرة غيابك أريد أن أبكي بين ذراعيك أريد إعادة تلك الذكريات مرة أخري لكن لا يمكنني إعدتها لأنك بكل بساطة تخليت عني و ذهبت إلي مكان لا استطيع الوصول إليه .
ک رويدا الشهاوي
س /وأخيراً ما رأيك في حوارنا وكلمة توجهها لجريدة كولين او نصيحه لكل المواهب نتذكرك به غدا؟
ج/ حقيقي حوار سلس جدا و ممتع جدا و حقيق حابة اشكركم اوي أن حضراتكم عملتوا معايا الحوار انا فعلا سعيدة وان شاء عمش هيكون اخر حوار.
وإلى هنا ينتهي لقاءنا وحورانا الذي تمتعنا به ونتمنى أن نكون امتعناكم
❞ مهما اعتقدت في نفسك الموضوعية، وأنك أبرع وأذكى من أن يصيبك الغرور، فثمة لحظة لا شك فيها تفقد فيها تلك الدفة وتعتقد أن ما تقوم به هو الشيء الصحيح فقط. الآخرون مضللون لا يفهمون.
جربت هذا الشعور المقيت ذات مرة، عندما حضرت إحدى حفلات التكريم في مكتبة مشهورة، وكما يوضح العنوان فهو حفل تكريم، فلا مجال للمناقشة أو الانتقاد، وإنما هو حشد من ذكر المآثر والنقاط الإيجابية. ظللت جالسًا لمدة ساعة أصغي لعبارات الإطراء التي لا أستحق ربعها. صدق أو لا تصدق: شعرت بروحي تضيق وأفقي يضيق، ورأيت صورة وهمية لنفسي أكبر بمراحل من صورتي الحقيقية.
بدأت أعتقد أنني معصوم وأن من يجادلني مغيب لا يعي ما يقول. لقد ضاق صدري بأي انتقاد أو لوم مهما كان بسيطًا واهيًا، مع أنني دخلت المكان أقرب للتواضع والميل لتقليل شأن الذات. لهذا – وقد شعرت بأن نفسيتي تتغير فعلاً – بدأت أشكر الحضور ثم أتحدث عن النقاط السلبية التي لا تروق لي في شخصي وفي كتاباتي. تذكرت هنا ما يفعله بعض المتصوفين عندما يعمدون إلى تقبيل أيدي الفقراء على سبيل كسر كبرياء النفس. والنقطة الأخطر هي أن غرورًا من نوع آخر بدأ يتكون في ذاتي: الغرور لأنني متواضع ولأنني أفعل هذا كله!.
عندما عدت لبيتي خطر لي أن الأمر كان شبيهًا بالسحر.. هذا التغيير أحدثته في نفسي بعض عبارات الإطراء لمدة ساعة فقط، فأي اضطراب وتشويه يحدث لمسئول كبير عندما يتلقى المديح طيلة حياته، وهذا المديح قد يرتفع جدًا ليدنو من العبادة؟. لا شك أن لدينا – معشر المصريين والعرب عامة – استعدادًا فطريًا لإفساد كل مسئول بهذا المدح الزائد.. كل أفكاره عبقرية.. كل أعماله إنجازات.. كل خصومه مغيبون أو عملاء.. في النهاية أنت تخلق صنمًا لا يقبل النقاش ولا يعترف بالخطأ. لا شك في أن نقطة البدء الصحيحة تكمن في اعتبار الوزير أو الرئيس شخصًا عاديًا يرتكب أخطاء، ولابد من مصارحته بها.
في أعوامه العشرة الأولى كان حسني مبارك قابلاً للنقاش وكان يصغي لمعارضيه، ويعرف ما تقوله صحف المعارضة، ثم نال منه السحر المصري الشهير فلم يفلت من عقدة (كلي القدرة والحكمة) هذه. ❝ ⏤أحمد خالد توفيق
❞ مهما اعتقدت في نفسك الموضوعية، وأنك أبرع وأذكى من أن يصيبك الغرور، فثمة لحظة لا شك فيها تفقد فيها تلك الدفة وتعتقد أن ما تقوم به هو الشيء الصحيح فقط. الآخرون مضللون لا يفهمون.
جربت هذا الشعور المقيت ذات مرة، عندما حضرت إحدى حفلات التكريم في مكتبة مشهورة، وكما يوضح العنوان فهو حفل تكريم، فلا مجال للمناقشة أو الانتقاد، وإنما هو حشد من ذكر المآثر والنقاط الإيجابية. ظللت جالسًا لمدة ساعة أصغي لعبارات الإطراء التي لا أستحق ربعها. صدق أو لا تصدق: شعرت بروحي تضيق وأفقي يضيق، ورأيت صورة وهمية لنفسي أكبر بمراحل من صورتي الحقيقية.
بدأت أعتقد أنني معصوم وأن من يجادلني مغيب لا يعي ما يقول. لقد ضاق صدري بأي انتقاد أو لوم مهما كان بسيطًا واهيًا، مع أنني دخلت المكان أقرب للتواضع والميل لتقليل شأن الذات. لهذا – وقد شعرت بأن نفسيتي تتغير فعلاً – بدأت أشكر الحضور ثم أتحدث عن النقاط السلبية التي لا تروق لي في شخصي وفي كتاباتي. تذكرت هنا ما يفعله بعض المتصوفين عندما يعمدون إلى تقبيل أيدي الفقراء على سبيل كسر كبرياء النفس. والنقطة الأخطر هي أن غرورًا من نوع آخر بدأ يتكون في ذاتي: الغرور لأنني متواضع ولأنني أفعل هذا كله!.
عندما عدت لبيتي خطر لي أن الأمر كان شبيهًا بالسحر. هذا التغيير أحدثته في نفسي بعض عبارات الإطراء لمدة ساعة فقط، فأي اضطراب وتشويه يحدث لمسئول كبير عندما يتلقى المديح طيلة حياته، وهذا المديح قد يرتفع جدًا ليدنو من العبادة؟. لا شك أن لدينا – معشر المصريين والعرب عامة – استعدادًا فطريًا لإفساد كل مسئول بهذا المدح الزائد. كل أفكاره عبقرية. كل أعماله إنجازات. كل خصومه مغيبون أو عملاء. في النهاية أنت تخلق صنمًا لا يقبل النقاش ولا يعترف بالخطأ. لا شك في أن نقطة البدء الصحيحة تكمن في اعتبار الوزير أو الرئيس شخصًا عاديًا يرتكب أخطاء، ولابد من مصارحته بها.
في أعوامه العشرة الأولى كان حسني مبارك قابلاً للنقاش وكان يصغي لمعارضيه، ويعرف ما تقوله صحف المعارضة، ثم نال منه السحر المصري الشهير فلم يفلت من عقدة (كلي القدرة والحكمة) هذه. ❝
❞ هل الضوء أمواج ؟
هل الضوء ذرّات ؟
كانت المعركة محتدمة بين العلماء الذين يقولون بأن للضوء طبيعة موجية .. وبين العلماء الذين يقولون بأن طبيعته مادية ذرية ..
حينما تقدم عالَم نمساوي إسمه شرودنجر بمجموعة من المعادلات .. ليعلن نظرية اسمها "الميكانيكا الموجية" .
وفي هذه النظرية أثبت شرودنجر بالتجربة أن حزمة من الإلكترونات ساقطة على سطح بللورة معدنية تحيد بنفس الطريقة التي تحيد بها أمواج البحر التي تدخل من مضيق .. واستطاع أن يحسب طول موجة الإلكترونات التي تحيد بهذه الطريقة ..
وأعقبت هذه المفاجأة مفاجآت أخرى ..
فقد أثبتت التجارب التي أجريت على حِزَم من الذرّات، ثم على حِزَم من الجزيئات .. أنها بإسقاطها على بللورة معدنية تتصرف بنفس الطريقة الموجية وأن طول موجاتها يمكن حسابه بمعادلات شرودنجر ..
وبهذا بدأ صرح النظرية المادية كله ينهار .
إن الهيكل كله يسقط، ويتحول إلى خواء .
إن كُهّان العلوم دأبوا من سنين على أن يعلمونا أن الذرة عبارة عن معمار مادي يتألف من نواة ( بروتون أو أكثر ) تدور حولها الإلكترونات في أفلاك دائرية كما تدور الكواكب حول الشمس ..
وأكثر من هذا .. حسبوا عدد الإلكترونات في كل ذرة وقالوا لنا إنها إلكترون واحد في ذرة الأيدروجين ثم تزيد في العناصر الثقيلة حتى تبلغ 92 إلكترون في ذرة اليورانيوم، وأن كل ذرة لها وزن ذري .. وأثبتوا كل هذا بالمعادلات ..
فماذا يقولون في هذا الذي يهدم لهم صرح الهيكل ليقول إنه لا يحتوي على شيء له كيان مادي أو حيِّز، وإنما كل ما هناك .. طاقة متموجة، وأكثر من هذا يقدم لهم الإثبات بالمعادلات، والتجارب ..
وكانت بلبَلة علمية لا حـد لها .
كيف يمكن أن يقوم البرهان على شيئين متناقضين ! .. وهل يمكن أن يكون للشيء طبيعة متناقضة .. ؟!
كيف يمكن أن تكون للمادة صفات موجية، وللضوء صفات مادية .. ؟!
وتقدم عالِم ألماني هو " هايزنبرج " وبرفقته عالِم آخر هو " بورن " ليقول أنه من الممكن تخطي هذه الفجوة، وأنه لا توجد مشكلة .. وقدم مجموعة من المعادلات يمكن عن طريقها حساب الضوء على أنه أمواج أو على أنه ذرّات، ولمن يريد أن يختار الإفتراض الذي يعجبه .. وسيجد أن المعادلات تصلح للغرضين في وقت واحد ..
كيف يمكن أن تكون الحقيقة متناقضة .. ؟!
العلماء يسألون ..
وهايزنبرج يرد ببساطة .. الحقيقة المطلَقة لا سبيل إلى إدراكها .
العلم لا يستطيع أن يعرف حقيقة أي شيء .. إنه يعرف كيف يتصرف ذلك الشيء في ظروف معينة، ويستطيع أن يكشف علاقاته مع غيره من الأشياء ويحسبها .. ولكنه لا يستطيع أن يعرف ما هو . !
لا سبيل أمام العلم لإدراك المطلق .
العلم يدرِك كميات، ولكنه لا يدرِك ماهيات ..
العلم لا يمكنه أن يعرف ما هو الضوء .. ولا ما هو الإلكترون ..
وحينما يقول إن الأشعة الضوئية هي موجات كهربية مغناطيسية أو فوتونات .. فإنه يحيل الألغاز إلى ألغاز أخرى .. فما هي الموجات الكهربائية المغناطيسية ؟ حركة في الأثير ؟ .. وما الحركة ؟ .. وما الأثير ؟ ..
وما الفوتونات ؟ .. حِزَم من الطاقة ؟ .. وما الطاقة ؟ ..
العلم لا يمكن أن يعرف ماهية أي شيء .. إنه يستطيع أن يعرف سلوك الشيء وعلاقاته بالأشياء الأخرى والكيفيات التي يوجد بها في الظروف المختلفة .. ولكنه لا يستطيع أن يعرف حقيقته .
وحينما يكتشف العلم أن الضوء في إحدى التجارب يتصرَف بطريقة مَوْجية، وفي تجربة أخرى يتصرف بطريقة مادية ذرية، فلا تناقض هناك .. لأن ما اكتشفه العلم هو مسلَك الضوء، والكيفيات التي ينطلق بها في الظروف المختلفة .. لا حقيقة الضوء .. ويمكن أن تكون للضوء طبيعة مزدوجة .
والصفة الثانية للعلم ..
أن أحكامه كلها إحصائية وتقريبية .. لأنه لا يُجري تجاربه على حالات مفردة .. لا يمسك ذرة مفردة ليجري عليها تجاربه .. ولا يقبض على إلكترون واحد ليلاحظه .. ولا يمسك فوتونًا واحدًا ليفحصه ويتفرج عليه ..
وإنما يجري تجاربه على مجموعات .. على شعاع ضوء مثلًا ( والشعاع يحتوي على بلايين بلايين الفوتونات ) ..
أو جرام من مادة .. والجرام يحتوي على بلايين بلايين الذرات .. وتكون النتيجة أن الحسابات كلها حسابات إحصائية تقوم على الإحتمالات .. وعلى الصواب التقريبي .
والقوانين العلمية أشبه بالإحصائيات التي يمسح بها الباحثون الاجتماعيون المجتمع لتقرير أسباب الانتحار .. أو أسباب الطلاق .. أو علاقة السرطان بالتدخين .. أو الخمر بالجنون ..
وكل النتائج تكون في هذه الحالة نتائج إحتمالية وإحصائية لأنها جميعها متوسطات حسابية عن أعداد كبيرة .
أما إذا حاول العلم أن يجري تجاربه على وِحدة أساسية .. كأن يدرس ذرّة بعينها أو يلاحظ إلكترونًا واحدًا بالذات .. فإنه لا يمكنه أن يخرج بنتيجة أو معرفة .. لأنه يصطدم باستحالة نهائية .
ولكي يثبت هايزنبرج هذه الإستحالة تخيل أن عالِمًا يحاول أن يشاهد الإلكترون .. فعليه أولًا أن يستخدم ميكروسكوبًا يكبر مائة مليون مرة .. وعلى افتراض أنه حصل على هذا الميكروسكوب، فإن هناك صعوبة أخرى .. وهي أن الإلكترون أصغر من موجة الضوء .. فعليه أن يختار موجة قصيرة مثل أشعة إكس ..
ولكن أشعة إكس لا تصلح للرؤية .. إذاً عليه أن يستخدم أشعة الراديوم .
وبافتراض أنه حصل على هذه الأشياء .. فإنه في اللحظة التي يضع فيها عينيه على الميكروسكوب ويطلق فوتونًا ضوئيًا ليرى به الإلكترون .. فإن الفوتون سوف يضرب الإلكترون كما تضرب العصا كرة البلياردو ويزيحه من مكانه مغيرًا سرعته ..
لأن الفوتون عبارة عن شحنة من الطاقة ..
فهو في محاولته لتسجيل وضع الإلكترون وسرعته .. لن يصل إلى أي نتيجة ..
إذ في اللحظة التي يحاول فيها تسجيل سرعته يتغير مكانه .. لأن إطلاق الضوء عليه لرؤيته ينقله من مكانه ويغير سرعته .
إن عملية الملاحظة التي يقوم بها تغير من النتيجة المطلوبة ..
إنه يحاول أن يرى طبيعة الإلكترون ليسجلها .. ولكن عملية الرؤية تُغير أول ما تُغير تلك الطبيعة التي يجري وراء تسجيلها ..
فهو ينقل الإلكترون من مكانه في اللحظة التي يحاول فيها أن يسجل مكانه .
وهكذا يكون التعامل مع الوحدات الأساسية للطبيعة مستحيل .. فحينما نصل إلى عالَم الذرة الصغير يستحيل علينا التحديد .. وفي نفس الوقت يتعطل قانون السببية ..
فلا يصبح ساريًا .. لأن عملية الملاحظة تتدخل بين السبب والنتيجة وتكسر حلقة السببيية من منتصفها .. وتدخل هي بذاتها كسبب يغير من النتيجة بشكل يجعل من المستحيل معرفتها أو حسابها ..
إننا نكون أشبه بالأعمى الذي يمسك بقطعة مربعة من الثلج ليتحسس شكلها ومقياسها .. وهي في اللحظة التي يتحسسها تذوب مقاييسها بين يديه .. فيفقد الشيء الذي يبحث عنه بنفس العملية التي يبحث بها عنه .
وهكذا تتعطل القوانين حينما تصل إلى منتهى أجزاء ذلك الكون الكبير .. وتتوقف عند أصغر وحدة في وحداته .. فلا تعود سارية ولا تعود صالحة للتطبيق .
وبالمثل هي تتعطل أحيانًا حينما نحاول أن نطبقها على الكون بأسره ككل .. فقانون السببية أيضًا لا يعود ساريًا بالنسبة للكون ككل .. إذ أن اعتبار الكون صادرًا عن سبب، واعتباره خاضعًا للسببية يجعل منه جزءًا صادرًا عن جزء آخر ويتناقض مع كليته وشموله ..
القوانين تصطدم مع الحدّ الأكبر ومع الحدّ الأصغر للكون ولا تعود سارية ..
والعقل يصطدم بالإستحالة حينما يحاول أن يبحث في المبدأ وفي المنتهى .. لأنه لم يُجهَز بالوسائل التي يقتحم بها هذه الحدود ..
بهذا البحث الفلسفي الرياضي .. إستطاع هايزنبرج أن يفسر الطبيعة المزدوجة للضوء، ووضع المعادلات التي تصلح لتفسير الضوء على الأساس المادي وعلى الأساس الموجي في نفس الوقت، واعتبر القوانين في هذا المجال قوانين احتمالية إحصائية .. تعبِّر عن سلوك مجاميع هائلة من بلايين بلايين الفوتونات ..
أما الفوتون نفسه .. فشيء لا يمكن تحديده .
وهل يمكن تحديد نقطة في ريح عاصفة في الظلام .. وهل يمكنك أن تقول إن هذه النقطة تشغل هذا المكان بالذات .. ؟!
كل ما يمكن للعلم أن يدركه هو "الكميات" و "الكيفيات" .. ولكن لا سبيل إلى إدراك الماهيات .
** ** **
لكن أينشتين كانت له وجهة نظر أخرى ..
كان يرى في العالَم وحدة منسجمة ..
كان يرى العالَم الكبير بشموسه وأفلاكه، والعالم الصغير بذرّاته وإلكتروناته خاضعًا كله لقانون واحد بسيط ..
وكان يرى أن العقل في إمكانه أن يكتشف هذا القانون .. وكان يبحث جاهدًا عنه ..
وفي سنة 1929 أعلن عن نظرية "المجال الموحَد" .. ثم عاد بعد ذلك ورفضها واستبعدها .. وعاود البحث من جديد .
مقال / مبدأ الشـــك .
من كتاب / أينشتين والنسبية
لـلدكتور/ مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ هل الضوء أمواج ؟
هل الضوء ذرّات ؟
كانت المعركة محتدمة بين العلماء الذين يقولون بأن للضوء طبيعة موجية . وبين العلماء الذين يقولون بأن طبيعته مادية ذرية .
حينما تقدم عالَم نمساوي إسمه شرودنجر بمجموعة من المعادلات . ليعلن نظرية اسمها ˝الميكانيكا الموجية˝ .
وفي هذه النظرية أثبت شرودنجر بالتجربة أن حزمة من الإلكترونات ساقطة على سطح بللورة معدنية تحيد بنفس الطريقة التي تحيد بها أمواج البحر التي تدخل من مضيق . واستطاع أن يحسب طول موجة الإلكترونات التي تحيد بهذه الطريقة .
وأعقبت هذه المفاجأة مفاجآت أخرى .
فقد أثبتت التجارب التي أجريت على حِزَم من الذرّات، ثم على حِزَم من الجزيئات . أنها بإسقاطها على بللورة معدنية تتصرف بنفس الطريقة الموجية وأن طول موجاتها يمكن حسابه بمعادلات شرودنجر .
وبهذا بدأ صرح النظرية المادية كله ينهار .
إن الهيكل كله يسقط، ويتحول إلى خواء .
إن كُهّان العلوم دأبوا من سنين على أن يعلمونا أن الذرة عبارة عن معمار مادي يتألف من نواة ( بروتون أو أكثر ) تدور حولها الإلكترونات في أفلاك دائرية كما تدور الكواكب حول الشمس .
وأكثر من هذا . حسبوا عدد الإلكترونات في كل ذرة وقالوا لنا إنها إلكترون واحد في ذرة الأيدروجين ثم تزيد في العناصر الثقيلة حتى تبلغ 92 إلكترون في ذرة اليورانيوم، وأن كل ذرة لها وزن ذري . وأثبتوا كل هذا بالمعادلات .
فماذا يقولون في هذا الذي يهدم لهم صرح الهيكل ليقول إنه لا يحتوي على شيء له كيان مادي أو حيِّز، وإنما كل ما هناك . طاقة متموجة، وأكثر من هذا يقدم لهم الإثبات بالمعادلات، والتجارب .
وكانت بلبَلة علمية لا حـد لها .
كيف يمكن أن يقوم البرهان على شيئين متناقضين ! . وهل يمكن أن يكون للشيء طبيعة متناقضة . ؟!
كيف يمكن أن تكون للمادة صفات موجية، وللضوء صفات مادية . ؟!
وتقدم عالِم ألماني هو ˝ هايزنبرج ˝ وبرفقته عالِم آخر هو ˝ بورن ˝ ليقول أنه من الممكن تخطي هذه الفجوة، وأنه لا توجد مشكلة . وقدم مجموعة من المعادلات يمكن عن طريقها حساب الضوء على أنه أمواج أو على أنه ذرّات، ولمن يريد أن يختار الإفتراض الذي يعجبه . وسيجد أن المعادلات تصلح للغرضين في وقت واحد .
كيف يمكن أن تكون الحقيقة متناقضة . ؟!
العلماء يسألون .
وهايزنبرج يرد ببساطة . الحقيقة المطلَقة لا سبيل إلى إدراكها .
العلم لا يستطيع أن يعرف حقيقة أي شيء . إنه يعرف كيف يتصرف ذلك الشيء في ظروف معينة، ويستطيع أن يكشف علاقاته مع غيره من الأشياء ويحسبها . ولكنه لا يستطيع أن يعرف ما هو . !
لا سبيل أمام العلم لإدراك المطلق .
العلم يدرِك كميات، ولكنه لا يدرِك ماهيات .
العلم لا يمكنه أن يعرف ما هو الضوء . ولا ما هو الإلكترون .
وحينما يقول إن الأشعة الضوئية هي موجات كهربية مغناطيسية أو فوتونات . فإنه يحيل الألغاز إلى ألغاز أخرى . فما هي الموجات الكهربائية المغناطيسية ؟ حركة في الأثير ؟ . وما الحركة ؟ . وما الأثير ؟ .
وما الفوتونات ؟ . حِزَم من الطاقة ؟ . وما الطاقة ؟ .
العلم لا يمكن أن يعرف ماهية أي شيء . إنه يستطيع أن يعرف سلوك الشيء وعلاقاته بالأشياء الأخرى والكيفيات التي يوجد بها في الظروف المختلفة . ولكنه لا يستطيع أن يعرف حقيقته .
وحينما يكتشف العلم أن الضوء في إحدى التجارب يتصرَف بطريقة مَوْجية، وفي تجربة أخرى يتصرف بطريقة مادية ذرية، فلا تناقض هناك . لأن ما اكتشفه العلم هو مسلَك الضوء، والكيفيات التي ينطلق بها في الظروف المختلفة . لا حقيقة الضوء . ويمكن أن تكون للضوء طبيعة مزدوجة .
والصفة الثانية للعلم .
أن أحكامه كلها إحصائية وتقريبية . لأنه لا يُجري تجاربه على حالات مفردة . لا يمسك ذرة مفردة ليجري عليها تجاربه . ولا يقبض على إلكترون واحد ليلاحظه . ولا يمسك فوتونًا واحدًا ليفحصه ويتفرج عليه .
وإنما يجري تجاربه على مجموعات . على شعاع ضوء مثلًا ( والشعاع يحتوي على بلايين بلايين الفوتونات ) .
أو جرام من مادة . والجرام يحتوي على بلايين بلايين الذرات . وتكون النتيجة أن الحسابات كلها حسابات إحصائية تقوم على الإحتمالات . وعلى الصواب التقريبي .
والقوانين العلمية أشبه بالإحصائيات التي يمسح بها الباحثون الاجتماعيون المجتمع لتقرير أسباب الانتحار . أو أسباب الطلاق . أو علاقة السرطان بالتدخين . أو الخمر بالجنون .
وكل النتائج تكون في هذه الحالة نتائج إحتمالية وإحصائية لأنها جميعها متوسطات حسابية عن أعداد كبيرة .
أما إذا حاول العلم أن يجري تجاربه على وِحدة أساسية . كأن يدرس ذرّة بعينها أو يلاحظ إلكترونًا واحدًا بالذات . فإنه لا يمكنه أن يخرج بنتيجة أو معرفة . لأنه يصطدم باستحالة نهائية .
ولكي يثبت هايزنبرج هذه الإستحالة تخيل أن عالِمًا يحاول أن يشاهد الإلكترون . فعليه أولًا أن يستخدم ميكروسكوبًا يكبر مائة مليون مرة . وعلى افتراض أنه حصل على هذا الميكروسكوب، فإن هناك صعوبة أخرى . وهي أن الإلكترون أصغر من موجة الضوء . فعليه أن يختار موجة قصيرة مثل أشعة إكس .
ولكن أشعة إكس لا تصلح للرؤية . إذاً عليه أن يستخدم أشعة الراديوم .
وبافتراض أنه حصل على هذه الأشياء . فإنه في اللحظة التي يضع فيها عينيه على الميكروسكوب ويطلق فوتونًا ضوئيًا ليرى به الإلكترون . فإن الفوتون سوف يضرب الإلكترون كما تضرب العصا كرة البلياردو ويزيحه من مكانه مغيرًا سرعته .
لأن الفوتون عبارة عن شحنة من الطاقة .
فهو في محاولته لتسجيل وضع الإلكترون وسرعته . لن يصل إلى أي نتيجة .
إذ في اللحظة التي يحاول فيها تسجيل سرعته يتغير مكانه . لأن إطلاق الضوء عليه لرؤيته ينقله من مكانه ويغير سرعته .
إن عملية الملاحظة التي يقوم بها تغير من النتيجة المطلوبة .
إنه يحاول أن يرى طبيعة الإلكترون ليسجلها . ولكن عملية الرؤية تُغير أول ما تُغير تلك الطبيعة التي يجري وراء تسجيلها .
فهو ينقل الإلكترون من مكانه في اللحظة التي يحاول فيها أن يسجل مكانه .
وهكذا يكون التعامل مع الوحدات الأساسية للطبيعة مستحيل . فحينما نصل إلى عالَم الذرة الصغير يستحيل علينا التحديد . وفي نفس الوقت يتعطل قانون السببية .
فلا يصبح ساريًا . لأن عملية الملاحظة تتدخل بين السبب والنتيجة وتكسر حلقة السببيية من منتصفها . وتدخل هي بذاتها كسبب يغير من النتيجة بشكل يجعل من المستحيل معرفتها أو حسابها .
إننا نكون أشبه بالأعمى الذي يمسك بقطعة مربعة من الثلج ليتحسس شكلها ومقياسها . وهي في اللحظة التي يتحسسها تذوب مقاييسها بين يديه . فيفقد الشيء الذي يبحث عنه بنفس العملية التي يبحث بها عنه .
وهكذا تتعطل القوانين حينما تصل إلى منتهى أجزاء ذلك الكون الكبير . وتتوقف عند أصغر وحدة في وحداته . فلا تعود سارية ولا تعود صالحة للتطبيق .
وبالمثل هي تتعطل أحيانًا حينما نحاول أن نطبقها على الكون بأسره ككل . فقانون السببية أيضًا لا يعود ساريًا بالنسبة للكون ككل . إذ أن اعتبار الكون صادرًا عن سبب، واعتباره خاضعًا للسببية يجعل منه جزءًا صادرًا عن جزء آخر ويتناقض مع كليته وشموله .
القوانين تصطدم مع الحدّ الأكبر ومع الحدّ الأصغر للكون ولا تعود سارية .
والعقل يصطدم بالإستحالة حينما يحاول أن يبحث في المبدأ وفي المنتهى . لأنه لم يُجهَز بالوسائل التي يقتحم بها هذه الحدود .
بهذا البحث الفلسفي الرياضي . إستطاع هايزنبرج أن يفسر الطبيعة المزدوجة للضوء، ووضع المعادلات التي تصلح لتفسير الضوء على الأساس المادي وعلى الأساس الموجي في نفس الوقت، واعتبر القوانين في هذا المجال قوانين احتمالية إحصائية . تعبِّر عن سلوك مجاميع هائلة من بلايين بلايين الفوتونات .
أما الفوتون نفسه . فشيء لا يمكن تحديده .
وهل يمكن تحديد نقطة في ريح عاصفة في الظلام . وهل يمكنك أن تقول إن هذه النقطة تشغل هذا المكان بالذات . ؟!
كل ما يمكن للعلم أن يدركه هو ˝الكميات˝ و ˝الكيفيات˝ . ولكن لا سبيل إلى إدراك الماهيات .
******
لكن أينشتين كانت له وجهة نظر أخرى .
كان يرى في العالَم وحدة منسجمة .
كان يرى العالَم الكبير بشموسه وأفلاكه، والعالم الصغير بذرّاته وإلكتروناته خاضعًا كله لقانون واحد بسيط .
وكان يرى أن العقل في إمكانه أن يكتشف هذا القانون . وكان يبحث جاهدًا عنه .
وفي سنة 1929 أعلن عن نظرية ˝المجال الموحَد˝ . ثم عاد بعد ذلك ورفضها واستبعدها . وعاود البحث من جديد .
مقال / مبدأ الشـــك .
من كتاب / أينشتين والنسبية
لـلدكتور/ مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝