❞ هناك عدة وسائل حددها الباحثون تساهم في تطور الذكاء الاجتماعي، وهي!!
المشاركة في المناسبات الاجتماعيّة؛ للاندماج مع المجتمع، والتّعامل مع الأصناف المختلفة من النّاس.
الإكثار من الأصدقاء والمعارف الطّيّبين.
التدرّب على الاستماع إلى الآخر، وعدم قطع حديثه أو احتكار الحديث والسيطرة على الجلسة؛ فالاستماع جزء كبير من النّجاح والتّميّز الاجتماعيّ.
الذهاب إلى المسجد؛ لأداء صلاة الجماعة، والتّواصل مع المصلّين.
حسن التّعامل ولطف الحديث مع الآخرين، والتبسّم في وجوههم، وترك انطباع جيّد عندهم، وتذكّرهم بالهدايا من حين إلى آخر؛ فالهدايا تؤلّف القلب وتزيد المحبة.
اليقين بأنّ هناك آراءً تختلف عن آرائك، ومن المستحيل تطابق وجهات النّظر، لذا يجب النّقاش بهدوء مع الآخرين، والاستماع إلى أفكارهم، والتّكيّف مع اختلافهم.
الإكثار من المطالعة والقراءة في المجالات المختلفة؛ للمشاركة في الحوارات المتنوّعة.
التّدرّب على إحسان الظّنّ بالآخرين؛ لأنّ إساءة الظن تؤدّي إلى البغضاء، وكره الطّرف الآخر في حال كونِ الظّنّ ليس صحيحاً، فضلاً عن اكتساب إثمٍ في أمر نهى الله تعالى عنه.
تجنّب النّصيحة المباشرة في حال وجود من لا يتقبّلها، وإيصال النّصح بالتّلميح.
محاولة ضبط النّفس عند إثارتها، وكتمان الغيظ، والصّبر على حماقات الآخرين واستيعابها.
وصْلُ الأرحام؛ ففيه تطبيق لأمر الله، واكتساب مهارتي التّعامل والذّكاء الاجتماعيّ في آنٍ واحدٍ.
معرفة الوضع النّفسيّ للآخرين، ومعاملتهم على أساسه.
الاهتمام بالجالسين جميعاً، وإشعارهم بأنّهم أشخاص مهمّون لهم وزنهم.
إصلاح الخطأ في حال وقوعه، وعدم الإصرار عليه.. ❝ ⏤باتريك كينج
❞ هناك عدة وسائل حددها الباحثون تساهم في تطور الذكاء الاجتماعي، وهي!!
المشاركة في المناسبات الاجتماعيّة؛ للاندماج مع المجتمع، والتّعامل مع الأصناف المختلفة من النّاس.
الإكثار من الأصدقاء والمعارف الطّيّبين.
التدرّب على الاستماع إلى الآخر، وعدم قطع حديثه أو احتكار الحديث والسيطرة على الجلسة؛ فالاستماع جزء كبير من النّجاح والتّميّز الاجتماعيّ.
الذهاب إلى المسجد؛ لأداء صلاة الجماعة، والتّواصل مع المصلّين.
حسن التّعامل ولطف الحديث مع الآخرين، والتبسّم في وجوههم، وترك انطباع جيّد عندهم، وتذكّرهم بالهدايا من حين إلى آخر؛ فالهدايا تؤلّف القلب وتزيد المحبة.
اليقين بأنّ هناك آراءً تختلف عن آرائك، ومن المستحيل تطابق وجهات النّظر، لذا يجب النّقاش بهدوء مع الآخرين، والاستماع إلى أفكارهم، والتّكيّف مع اختلافهم.
الإكثار من المطالعة والقراءة في المجالات المختلفة؛ للمشاركة في الحوارات المتنوّعة.
التّدرّب على إحسان الظّنّ بالآخرين؛ لأنّ إساءة الظن تؤدّي إلى البغضاء، وكره الطّرف الآخر في حال كونِ الظّنّ ليس صحيحاً، فضلاً عن اكتساب إثمٍ في أمر نهى الله تعالى عنه.
تجنّب النّصيحة المباشرة في حال وجود من لا يتقبّلها، وإيصال النّصح بالتّلميح.
محاولة ضبط النّفس عند إثارتها، وكتمان الغيظ، والصّبر على حماقات الآخرين واستيعابها.
وصْلُ الأرحام؛ ففيه تطبيق لأمر الله، واكتساب مهارتي التّعامل والذّكاء الاجتماعيّ في آنٍ واحدٍ.
معرفة الوضع النّفسيّ للآخرين، ومعاملتهم على أساسه.
الاهتمام بالجالسين جميعاً، وإشعارهم بأنّهم أشخاص مهمّون لهم وزنهم.
❞ على صوت دفع ماكينات الصراف الآلي يقفُ \"نبيل\" منتظرًا انتهاء إجراءات سحب بطاقة الصراف الآلي.
أخذ \"نبيل\" المال، ووضعه في جيبه عازمًا الذهاب؛ لشراء هدية لزوجته.
وقف على جانب الطريق،ينتظر العبور، إذا به يضع يدَهُ فوق جانبه الأيمن صارخًا وسط جموع مِن الناس، التفت حوله.
وضع كفه فوق جبهته لبضع دقائق حتى شعر بارتياحٍ، ذلك الشعور لم يكن أوَّل مرةٍ، ولكنَّهُ أسَّرَهُ في نفسه، ولم يلتفت لتلك النوبة كسابقاتها مِن النوبات.
نهض وقرَّر أن يكمل مسيرته في جلب الهدية، في حينٍ أنهى تسلُّله بخطاه نحو بائع الهدايا، لكنَّ عند وصوله طرأ عليه الألم مُجدَّدًا، تحامل على نفسه قليلًا، وقف يلتقط أنفاسَهُ، وعندما غلبه الألم عاد مُتراجعًا؛ وقرَّر الذهاب إلى المشفى، ولكنَّهُ القدرُ الذي أسقطهُ رهينة المرض؛ ليكتشف أنَّ دورته الحياتيَّة على وشك الانتهاء!!. ❝ ⏤علاء أبو الحجاج
❞ على صوت دفع ماكينات الصراف الآلي يقفُ ˝نبيل˝ منتظرًا انتهاء إجراءات سحب بطاقة الصراف الآلي.
أخذ ˝نبيل˝ المال، ووضعه في جيبه عازمًا الذهاب؛ لشراء هدية لزوجته.
وقف على جانب الطريق،ينتظر العبور، إذا به يضع يدَهُ فوق جانبه الأيمن صارخًا وسط جموع مِن الناس، التفت حوله.
وضع كفه فوق جبهته لبضع دقائق حتى شعر بارتياحٍ، ذلك الشعور لم يكن أوَّل مرةٍ، ولكنَّهُ أسَّرَهُ في نفسه، ولم يلتفت لتلك النوبة كسابقاتها مِن النوبات.
نهض وقرَّر أن يكمل مسيرته في جلب الهدية، في حينٍ أنهى تسلُّله بخطاه نحو بائع الهدايا، لكنَّ عند وصوله طرأ عليه الألم مُجدَّدًا، تحامل على نفسه قليلًا، وقف يلتقط أنفاسَهُ، وعندما غلبه الألم عاد مُتراجعًا؛ وقرَّر الذهاب إلى المشفى، ولكنَّهُ القدرُ الذي أسقطهُ رهينة المرض؛ ليكتشف أنَّ دورته الحياتيَّة على وشك الانتهاء!!. ❝
❞ أنتِ أيضاً صحابيَّة!
تركتِ بيتكِ في مكة،
وهاجرتِ إلى المدينة تابعةً قلبكِ ودينكِ ونبيّكِ ﷺ
كلُّ شيءٍ فيكِ يشتاقُ إلى مكة،
الحنين إلى الكعبة لا يهدأ،
وتنتظرين بفارغ الصبر تلك اللحظة التي
ستكحلين فيها عينيكِ برؤيتها مجدداً!
ويُخبركِ النبيُّ ﷺ أنه قد عزمَ على فتح مكة،
فيرقصُ قلبكِ فرحاً بهذا الخبر،
ولكنَّ النبيَّ ﷺ قد طلب منكم
أن تُبقوا هذا الأمر سراً!
فالحربُ نهاية المطاف خدعة،
والذي يملكُ عنصر المفاجأة نادراً ما يُهزم!
وقد أراد النبيُّ ﷺ فتحاً بأقل الخسائر،
نمتِ تلكَ الليلة وأنت تحلمين بتلك اللحظة،
التي ستُقبّلين فيها تُراب مكة،
وستشهدين الأصنام تُداس بالأقدام،
وسترين بلالاً يصعدُ على ظهر الكعبة،
منادياً ملء حنجرته أنَّ \"الله أكبر\"!
ولكن طارئاً قد حدث هدَّدَ كل هذا الحلم بالانهيار،
يستدعي النبيُّ ﷺ ثلاثةً من خيرة أصحابه،
علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود
في مهمة عاجلة وخطيرة،
ويأمرهم بالتوجه إلى \"روضة خاخ\"
وهناك سيجدون امرأةً تحملُ رسالة،
عليهم إحضارها فوراً مهما كلَّفَ الأمر!
وينطلقُ الفرسان الثلاثة على جناح السرعة،
وهناك يعثرون على المرأة التي أخبرهم عنها نبيهم ﷺ،
فلم ينطقْ مرةً ﷺ عن هوىً
كانت معيَّة الله تحفُّه، والوحي يؤيده!
طلبوا من المرأة أن تعطيهم الرسالة التي تحملها،
ولكنها أنكرتْ وجودها!
فقالوا لها: إما أن تُخرجي الكتاب، أو لنضعنَّ الثياب!
فلما عرفتْ أنهم قد عزموا تفتيشها،
أخرجت الرسالة من بين ضفائر شعرها حيث خبأتها!
فأخذوا الرسالة وعادوا بها إلى النبيِّ ﷺ،
وفي المدينة يفتحُ النبيُّ ﷺ الرسالة،
فإذا بها من حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش،
يُعلمهم فيها أنَّ النبيَّ ﷺ قد عزمَ على فتح مكة!
في العلوم العسكرية يُعتبر هذا خرقاً أمنياً خطيراً،
وإن شئتِ فهذه خيانة عُظمى!
ويُبرر حاطبٌ للنبيِّ ﷺ فعلته هذه،
بأنَّ له أهلاً ضعافاً في مكة قد نالهم أذى قريش،
وأنه أراد أن يُخففوا عنهم،
وأنَّ الإيمان في قلبه كالجبال الرواسي لم يتزحزح قيد أُنملة!
ويقبلُ النبيُّ ﷺ عُذر حاطب بن أبي بلتعة،
ولكن عمر بن الخطاب الحازم في دين الله،
الشرس إذا تعلَّقَ الأمر بالإسلام،
يقولُ للنبيِّ ﷺ:
يا رسول الله، ائذنْ لي أن أضربَ عنق هذا المنافق!
فقال له النبيُّ ﷺ: لا يا عُمر،
إنه قد شهدَ بدراً، لعلَّ اللهَ اطلعَ على أهل بدر فقال:
اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم!
يا للوفاء يا رسول الله، يا للوفاء!
لم يُنسِه هذا التصرف الخاطئ ماضيَ صاحبه المشرق معه!
فلا تنسي أنتِ كلَّ معروف أُسديَ إليكِ،
عندما يقعُ خلافٌ بينكِ وبين زوجكِ،
لا تنسي تلك اللحظات الحلوة التي عشتماها معاً!
تذكري تلكَ المواقف التي طيَّبَ فيها خاطركِ،
تذكري الهدايا التي ملأ قلبكِ بها سعادة،
تذكري حنانه عليكِ يوم مرضتِ،
وتذكري مشواراً لم يكن يرغبُ فيه،
ولكنه ذهبَ لأنه يريدُ أن يُسعدكِ!
تذكري أنه إن بخلَ عليكِ مرةً،
فقد كان كريماً عليكِ مرَّاتٍ!
وإن لم يسمح له وقته باصطحابكِ إلى أهلكِ،
فقد فعلها عشرات المرات!
تذكري أنه إن غضبَ منكِ الآن،
فقد صفحَ عنكِ في غيرها!
تذكري اللقمة التي كان يضعها في فمكِ حُباً،
والكلمة التي كان يقولها لكِ شوقاً،
والحُرُّ من راعى وداد لحظة،
وقد كان نبيُّكِ لا ينسى المعروف،
فاقتدي به ولا تنسي المعروف أيضاً!
أخوكِ الذي غضبتِ منه الآن،
ألم تضحكان من قبل معاً وتبكيان معاً؟!
فلِمَ ستهون عليكِ تلكَ اللحظات الحلوة؟!
أختكِ التي حصل بينكِ وبينها خصام
ألم تكن يوماً حبَّة قلبكِ؟!
فما بالكِ تهدمين عمراً من المودة لأجل خصام عابر؟!
ابنكِ الذي قصَّر معكِ هذه المرَّة
ألم يبرَّكِ مراتٍ ومراتٍ؟!
أليس من النُّبلِ أن تهبي هذه لتلكَ؟!
حماتكِ التي أغضبتكِ الآن
ألم تكُنْ لكَ مرةً أُماً؟
أما كانتْ في صفّكِ مرَّةً؟
فلمَ تهون عليكِ العِشرة؟!
جارتكِ التي لم يُعجبكِ منها تصرفها هذه المرَّة
أما أعجبكِ تصرفها مرَّاتٍ؟!
أما أهدتكِ يوماً من طعامها؟
أما زارتكِ في مرضٍ؟
فلماذا تريدين من الناس أن يكونوا ملائكةً على الدَّوام؟!
كان نبيُّكِ ﷺ وفياً،
ولن تكوني صحابيَّةً إلا إذا كنتِ مثله!
جاءه يوماً موفدان من مسيلمة الكذاب،
فسألهما: هل تؤمنان أنه نبيٍّ؟!
فقالا: نعم!
فقال لهما: لولا أن الرُّسل لا تُقتل لقتلتكما!
كذَّباه في نبوته، واعترفا بنبوة غيره،
ومع هذا لم يخرجه غضبه من وفائه،
فإن كان المرسل الكافر لا يُقتل على كفره،
بل يؤمّنُ ويُكرم
أليس الزوج المسلم أحقُّ بالوفاء؟!
أليست الأخت والحماة والجارة والصديقة أحقُّ بالوفاء؟!
أرسلتْ قريشٌ أبا رافعٍ موفداً إلى النبيِّ ﷺ،
فلما جاء إلى المدينة دخلَ الإسلامُ إلى قلبه،
فأخبرَ النبيَّ ﷺ أنه يريدُ أن يبقى في المدينة،
فقال له النبيُّ ﷺ: إني لا أخيسُ بالعهد،
ولا أحبسُ الرُّسُلَ، ولكن ارجعْ إلى قومكَ،
فإن كان في نفسكَ الذي فيها الآن فارجِعْ!
وأنتِ أيضاً إن كنتِ صحابية فلا تخيسي بالعهد!
أنتِ عِرضُ رجلٍ فاحفظيه،
وأمان أولادكِ فالزميهم،
وسُمعة أبيكِ فحاربي لأجلها،
لا تحني رأس رجالٍ أحبوكِ وربوكِ لأجل لحظة طيش،
ولا لأجل شعور عابر،
من أمَّنكِ فأدِّي إليه أمانته!
يقول حُذيفة بن اليمان:
ما منعني أن أشهدَ بدراً إلا أني
خرجتُ أنا وأبي حسيل نريدُ النبيَّ ﷺ
فأخذنا كفار قريش، وقالوا: إنكم تريدون محمداً؟
فقلنا لهم: ما نريده، ما نريد إلا المدينة؟
فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفنَّ إلى المدينة
ولا نُقاتل معه!
فأتينا النبيَّ ﷺ وأخبرناه بالخبر
فقال: انصرفا، نفي لهم بعهدهم، ونستعينُ باللهَ عليهم!
هذا هو نبيّكِ ﷺ!
كان يفي بعهده للكافر الذي جاء لقتاله!
فإن كنتِ تريدين حيازة شرفَ أن تكوني صحابيَّة
فوفاءعهود المسلمين أولى!
فلا تنسي عهداً قطعته،
ولا معروفاً أُسديَ إليكِ،
ولا لحظةً حُلوة عشتها،
كوني وفيَّةً كما يليقُ بالصحابيَّة أن تكون!. ❝ ⏤أدهم شرقاوي
❞ أنتِ أيضاً صحابيَّة!
تركتِ بيتكِ في مكة،
وهاجرتِ إلى المدينة تابعةً قلبكِ ودينكِ ونبيّكِ ﷺ
كلُّ شيءٍ فيكِ يشتاقُ إلى مكة،
الحنين إلى الكعبة لا يهدأ،
وتنتظرين بفارغ الصبر تلك اللحظة التي
ستكحلين فيها عينيكِ برؤيتها مجدداً!
ويُخبركِ النبيُّ ﷺ أنه قد عزمَ على فتح مكة،
فيرقصُ قلبكِ فرحاً بهذا الخبر،
ولكنَّ النبيَّ ﷺ قد طلب منكم
أن تُبقوا هذا الأمر سراً!
فالحربُ نهاية المطاف خدعة،
والذي يملكُ عنصر المفاجأة نادراً ما يُهزم!
وقد أراد النبيُّ ﷺ فتحاً بأقل الخسائر،
نمتِ تلكَ الليلة وأنت تحلمين بتلك اللحظة،
التي ستُقبّلين فيها تُراب مكة،
وستشهدين الأصنام تُداس بالأقدام،
وسترين بلالاً يصعدُ على ظهر الكعبة،
منادياً ملء حنجرته أنَّ ˝الله أكبر˝!
ولكن طارئاً قد حدث هدَّدَ كل هذا الحلم بالانهيار،
يستدعي النبيُّ ﷺ ثلاثةً من خيرة أصحابه،
علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود
في مهمة عاجلة وخطيرة،
ويأمرهم بالتوجه إلى ˝روضة خاخ˝
وهناك سيجدون امرأةً تحملُ رسالة،
عليهم إحضارها فوراً مهما كلَّفَ الأمر!
وينطلقُ الفرسان الثلاثة على جناح السرعة،
وهناك يعثرون على المرأة التي أخبرهم عنها نبيهم ﷺ،
فلم ينطقْ مرةً ﷺ عن هوىً
كانت معيَّة الله تحفُّه، والوحي يؤيده!
طلبوا من المرأة أن تعطيهم الرسالة التي تحملها،
ولكنها أنكرتْ وجودها!
فقالوا لها: إما أن تُخرجي الكتاب، أو لنضعنَّ الثياب!
فلما عرفتْ أنهم قد عزموا تفتيشها،
أخرجت الرسالة من بين ضفائر شعرها حيث خبأتها!
فأخذوا الرسالة وعادوا بها إلى النبيِّ ﷺ،
وفي المدينة يفتحُ النبيُّ ﷺ الرسالة،
فإذا بها من حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش،
يُعلمهم فيها أنَّ النبيَّ ﷺ قد عزمَ على فتح مكة!
في العلوم العسكرية يُعتبر هذا خرقاً أمنياً خطيراً،
وإن شئتِ فهذه خيانة عُظمى!
ويُبرر حاطبٌ للنبيِّ ﷺ فعلته هذه،
بأنَّ له أهلاً ضعافاً في مكة قد نالهم أذى قريش،
وأنه أراد أن يُخففوا عنهم،
وأنَّ الإيمان في قلبه كالجبال الرواسي لم يتزحزح قيد أُنملة!
ويقبلُ النبيُّ ﷺ عُذر حاطب بن أبي بلتعة،
ولكن عمر بن الخطاب الحازم في دين الله،
الشرس إذا تعلَّقَ الأمر بالإسلام،
يقولُ للنبيِّ ﷺ:
يا رسول الله، ائذنْ لي أن أضربَ عنق هذا المنافق!
فقال له النبيُّ ﷺ: لا يا عُمر،
إنه قد شهدَ بدراً، لعلَّ اللهَ اطلعَ على أهل بدر فقال:
اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم!
يا للوفاء يا رسول الله، يا للوفاء!
لم يُنسِه هذا التصرف الخاطئ ماضيَ صاحبه المشرق معه!
فلا تنسي أنتِ كلَّ معروف أُسديَ إليكِ،
عندما يقعُ خلافٌ بينكِ وبين زوجكِ،
لا تنسي تلك اللحظات الحلوة التي عشتماها معاً!
تذكري تلكَ المواقف التي طيَّبَ فيها خاطركِ،
تذكري الهدايا التي ملأ قلبكِ بها سعادة،
تذكري حنانه عليكِ يوم مرضتِ،
وتذكري مشواراً لم يكن يرغبُ فيه،
ولكنه ذهبَ لأنه يريدُ أن يُسعدكِ!
تذكري أنه إن بخلَ عليكِ مرةً،
فقد كان كريماً عليكِ مرَّاتٍ!
وإن لم يسمح له وقته باصطحابكِ إلى أهلكِ،
فقد فعلها عشرات المرات!
تذكري أنه إن غضبَ منكِ الآن،
فقد صفحَ عنكِ في غيرها!
تذكري اللقمة التي كان يضعها في فمكِ حُباً،
والكلمة التي كان يقولها لكِ شوقاً،
والحُرُّ من راعى وداد لحظة،
وقد كان نبيُّكِ لا ينسى المعروف،
فاقتدي به ولا تنسي المعروف أيضاً!
أخوكِ الذي غضبتِ منه الآن،
ألم تضحكان من قبل معاً وتبكيان معاً؟!
فلِمَ ستهون عليكِ تلكَ اللحظات الحلوة؟!
أختكِ التي حصل بينكِ وبينها خصام
ألم تكن يوماً حبَّة قلبكِ؟!
فما بالكِ تهدمين عمراً من المودة لأجل خصام عابر؟!
ابنكِ الذي قصَّر معكِ هذه المرَّة
ألم يبرَّكِ مراتٍ ومراتٍ؟!
أليس من النُّبلِ أن تهبي هذه لتلكَ؟!
حماتكِ التي أغضبتكِ الآن
ألم تكُنْ لكَ مرةً أُماً؟
أما كانتْ في صفّكِ مرَّةً؟
فلمَ تهون عليكِ العِشرة؟!
جارتكِ التي لم يُعجبكِ منها تصرفها هذه المرَّة
أما أعجبكِ تصرفها مرَّاتٍ؟!
أما أهدتكِ يوماً من طعامها؟
أما زارتكِ في مرضٍ؟
فلماذا تريدين من الناس أن يكونوا ملائكةً على الدَّوام؟!
كان نبيُّكِ ﷺ وفياً،
ولن تكوني صحابيَّةً إلا إذا كنتِ مثله!
جاءه يوماً موفدان من مسيلمة الكذاب،
فسألهما: هل تؤمنان أنه نبيٍّ؟!
فقالا: نعم!
فقال لهما: لولا أن الرُّسل لا تُقتل لقتلتكما!
كذَّباه في نبوته، واعترفا بنبوة غيره،
ومع هذا لم يخرجه غضبه من وفائه،
فإن كان المرسل الكافر لا يُقتل على كفره،
بل يؤمّنُ ويُكرم
أليس الزوج المسلم أحقُّ بالوفاء؟!
أليست الأخت والحماة والجارة والصديقة أحقُّ بالوفاء؟!
أرسلتْ قريشٌ أبا رافعٍ موفداً إلى النبيِّ ﷺ،
فلما جاء إلى المدينة دخلَ الإسلامُ إلى قلبه،
فأخبرَ النبيَّ ﷺ أنه يريدُ أن يبقى في المدينة،
فقال له النبيُّ ﷺ: إني لا أخيسُ بالعهد،
ولا أحبسُ الرُّسُلَ، ولكن ارجعْ إلى قومكَ،
فإن كان في نفسكَ الذي فيها الآن فارجِعْ!
وأنتِ أيضاً إن كنتِ صحابية فلا تخيسي بالعهد!
أنتِ عِرضُ رجلٍ فاحفظيه،
وأمان أولادكِ فالزميهم،
وسُمعة أبيكِ فحاربي لأجلها،
لا تحني رأس رجالٍ أحبوكِ وربوكِ لأجل لحظة طيش،
ولا لأجل شعور عابر،
من أمَّنكِ فأدِّي إليه أمانته!
يقول حُذيفة بن اليمان:
ما منعني أن أشهدَ بدراً إلا أني
خرجتُ أنا وأبي حسيل نريدُ النبيَّ ﷺ
فأخذنا كفار قريش، وقالوا: إنكم تريدون محمداً؟
فقلنا لهم: ما نريده، ما نريد إلا المدينة؟
فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفنَّ إلى المدينة
ولا نُقاتل معه!
فأتينا النبيَّ ﷺ وأخبرناه بالخبر
فقال: انصرفا، نفي لهم بعهدهم، ونستعينُ باللهَ عليهم!
هذا هو نبيّكِ ﷺ!
كان يفي بعهده للكافر الذي جاء لقتاله!
فإن كنتِ تريدين حيازة شرفَ أن تكوني صحابيَّة
فوفاءعهود المسلمين أولى!
فلا تنسي عهداً قطعته،
ولا معروفاً أُسديَ إليكِ،
ولا لحظةً حُلوة عشتها،
كوني وفيَّةً كما يليقُ بالصحابيَّة أن تكون!. ❝
❞ الفصل الأول
في محافظةِ الإسكندريةِ السّاحرةِ، عروسُ البحرِ الأبيضِ المتوسطِ، وفي أحدِ أطرافِها المتراميَة، في مدينةٍ صغيرةٍ ساحرةٍ، موقعُها خرافيٌّ، تتوسّطُ ثلاثَ محافظاتٍ، تُطّلُ على النّيلِ والبحرِ المتوسّطِ معًا منظرٌ ساحرٌ، وطبيعةٌ مبهرَةٌ، حيثُ الحدائق والأزهار، والجّوُ المعتدلُ، والمناظرُ الخلابةٌ، هنَا يقعُ منزلٌ هادئ جميلٌ، حيثُ يعيشُ الأَخَوَان: عبد الله وعبد القادر، وأسرتيهما الصغيرتان: سناء زوجة عبد الله، وابنهما أحمد، وسميحة زوجة عبد القادر، الّتي وهبها الله تعالى طفلة أسمتها {سمر} بعد خمس سنوات من الزواج. اليوم موعد حفلة استقبال المولودة الجديدة{سمر}، ستكونُ أجملَ الحفلاتِ، ستُذبحُ الذبّائحُ، وتُعلقُ الزينّاتُ، وتُوزعُ الهدايَا، فرحًا بالصّغيرةِ الّتي وُلدتْ، بعد صبرِ سنينَ عجافَ. الكلُّ يستعدُ بفرحٍ وسرورٍ، أمّا أحمد فقدْ كانتِ فرحتُه وشغفُه يفوقان الجميع، فقدْ طال به الانتظار خمسَ سنواتٍ حيث احتلتْه الوحدةُ، هناكَ في منزلِهم الكبيرِ، وأخيرًا سيكونُ له رفيقةٌ و صديقةٌ تفهمُه، وتشاركُه اللّعبَ والحياةَ. تلهف أحمد لرؤية الصغيرة وطلب من والدته مرافقتها للغرفة، ولكنها رفضت بشدّة، وذلك لأن سمر أُصيبت بمرض الصفراء، ومنَع عنها الطبيب الزيارة وحَظر الإضاءة، ليتم تعافيها سريعا. لم يعِ أحمدُ كلّ هذا، مازال صغيرا، ورغبته في رؤية سمر، كانت مُلّحة، وأقوى من أي أعذار، اغتاظ أحمد من رد فعل والدته، وهمَّ يفكرُ في طريقةٍ لرؤيةِ سمر دونَ أن ينتبِه له أحدٌ طالتْ جلسةُ التفكيرِ الخاصةِ به وبعدَ مدٍ وجزرٍ قرّرَ النزولَ للشارعِ، وراحَ ينفذُ خطتَه المبتكرَة ظنًّا منه أنّهَا ستنجحُ لكن وا أسفاه خابَ ظنّهُ وخانَه عقلُه المدبرُ، حيثُ أنّه قدْ استندَ على قامةِ كرسي وثبّتَه أسفلَ نافذةِ سمر الّتي كانَ جزءٌ منها مفتوحٌ وأخذَ يتحركُ على الكرسي ذاتِ اليمينِ والشّمالِ محاولًا بثَ نظراتِه التّفحصيةِ داخلَ الغرفةِ وإرسالِ جنودَ العينِ منْ وراءِ فتحةٍ صغيرةٍ بالنّافذةِ، في هذه الأثناء انزلقتْ رجلُه وراحَ طريحًا على الأرضِ، بعدهَا صدرتْ أصواتُ التأوهِ والألمِ منه فهرولَ إليه والدُه وحملَه للداخلِ وهو يتألمُ من شّدةِ الوقعةِ الّتي وقعَها، في هذه الأثناء استبدلَ أحمد ملامحَ الإصرارِ والسّعادة والأمل لرؤية سمر بملامح كئيبةٍ اعتلتْ وجهَه المصّفرِ الّذي حملَ مزيجًا من خيبةِ أملٍ في تحقيقِ الرغبةِ، وخجل من الموجودين حوله، كأنّهُ ارتكبَ جريمةً وكُشِفَ أمرُه قبلَ أن تكتملَ خطتَه. كانتْ إصابةُ أحمد بليغة جدًا راحَ ضحيتَها قدمه ممَا استدعَى مراجعةً طبيّةً له ولفَ القدمْ بالجبسِ، لم يسعدْ أحمدُ لهذَا الأمرْ إطلاقًا لأنّه من هذَا اليوم أصبحَ رهينةً بالبيتِ ولا يسعُه الخروجُ ولا المشي، الآن كيف له أن يحققَ رغبتَه في رؤية سمر؟. بعد فترةٍ من الزمنِ قد تكونُ أسبوعًا كاملًا استوطنَ المللُ على أحمد وخيمتْ الكآبةُ والوحدةُ داخلَه نتيجةَ ملازمتِه الفراشَ طولَ هذه المدة، في يومِ من أيّامِ خيبتِه دقَّ جرسُ البابِ، فتحتْ والدةُ أحمد، وكانتْ المفاجأة حضرتْ سميحَة زوجةُ عمّهِ ومعهَا سمر ليطمئنُوا على أحمد. مَا إن رأى أحمد سمرَ حتَّى فتحَ فاههُ دهشةً وفرحًا، وراحتْ سميحة تضعُها بين يديه؛ فرح فرحةً كبيرةً لا توصفُ واحمرَ خجلًا ما إنْ رددتْ سميحة قولَها: - ها هي عروسُك بين يديك متلهفةٌ لك مثلمَا أنتَ متلهفٌ لرؤيتِها. قالتْ قولَها هذا محاولةً التحسينَ من مزاجِه ومواساة آلامِه. تفحصَ أحمد بنظراتِه البريئة الّتي حملتْ كمًا هائلًا من الفرحِ والسّعادةِ والأملِ لا تصفُه الكلماتُ ولَا تعيه الحروفُ فإنّها المؤنسُ الّذي سيكسرُ روتين الوحدةِ داخلَه ويؤنسُ روحَه الظّليلة هنا وهناك، إنّها الملاكُ الّذي سيلفُه بعباءةِ الطمأنينة في كل ابتسامة ونظرة، والنورُ الّذي سينيرُ حياتَه المظلمةَ، بعدمَا كان يشعرُ بالمللِ ساعات طويلةٍ؛ لا يجدُ من يشاركُه حياتَه، إنّها الحياةُ الجديدة والحياة الأجملُ الّتي طالمَا تمناهَا وبحثَ عنهَا في رحلاتِه الطّويلةِ. توالتْ الأيّامُ واللّيالي وسابقَنا الزمنُ فمرتْ سنواتٌ عديدةٌ وكبرُ كلٌّ من سمر وأحمد وكانَا لا يفترقَان البتة دائمًا ما تخطفُك أصواتُ ضحكاتِهما المتّعاليةِ في الأرجاءِ وهمَا يتواثبانِ هنا وهناك يتشاركان اللّعبَ ولحظات السّعادةِ والمرحِ، وما زاد قوةَ علاقتهِما هو تلكَ الشّجارات الّتي تنشبُ بينهُما من فترةٍ لأخرَى بسببِ اختلاف رأيٍ أو ما شابهَ، مثالٌ للبراءةٍ هما تعلمَا الحبوَ على بساطِ الطّفولةِ معًا ولم يتركَا يدَ بعضهِما أبدًا، كلّ هذا كانَ في كنفِ عائلةِ محبةٍ ولطيفةٍ تحبُ العطاءَ والاحترامَ أفرادُها طيبُوا القلوب. بعد فترةٍ من الزّمنِ حملتْ سميحة والدةَ سمر مرة أخرى، ووضعتْ في حملِها هذا توأم { حسن وحسين} لكن لسوءِ الحظِ قد أصابتْها مضاعفاتٍ بعد الولادةِ وتعبتْ تعبًا شديدًا، وتعبَ معهَا المولودَان الجديدَان أيضًا، في هذه الأثناءِ شمرتْ الأحزانُ عن صاعديْها لتنهشَ من لحمِ هذه العائلةِ، وعمَ الخوفُ والقلقُ الشّديدُ على سميحة والولدين، لم تسلمْ سمر من جندِ الخوفِ وشيطانِه بلْ أنّه قد أكلَ من قلبِها الطيّبِ نصيبًا وافرًا واعتلتْ وجههَا صفرةٌ شديدةٌ وامتنعتْ عن الأكلِ؛ ذلكَ من شدةِ خوفِها وقلقِها على والدتِها وإخوتِها الصّغار. وبعدَ فترةٍ من الزمنِ تلوى فيهَا الجميعُ علىَ بساطِ القلقِ والخوفِ، عادتْ سميحةُ والأطفالُ للمنزلِ بعدمَا تماثلُوا للشفاءِ، ولكن سميحة لم تتعافَ تمامًا فهي لازالتْ تشعرُ بالتّعبِ؛ هذا ما دفعَ الطبيبَ إلى إخضاعِها لمجموعةٍ من التّحاليل الطّبية والأشعةِ وللأسفِ هذه الأخيرة أظهرتْ أنّهَا قد أصيبتْ بمرضِ بالقلبِ، ونتيجةَ هذا خرتْ قواهَا وضَعُفَ جسمُها ووهنتْ فلم تعدْ تقوَى على أداءِ أشغالِ البيتِ ولا رعايةِ الأطفالِ، فَهّمَ الجميعُ لمساعدتِها دونَ ترددٍ خاصّةً سناء أمّ أحمد الّتي كانتْ تقومُ بأعمالِ البيتِ عنهَا وترعَى الأطفالَ دونَ مللٍ ولا كللٍ. حاولتْ سميحةُ الانتظامَ في أخذِ العلاجِ والأدويةِ دونَ تهاونٍ في ذلك، لكنْ هذَا لمْ يخففْ من خوفِ سمر على والدتِها فهيَ كانتْ تخافُ فكرةَ أن تفقدَ والدتَها على حينِ غرةٍ فكانتْ تدعُو لهَا بالشّفاءِ أناءَ الّليلِ وأطرافَ النّهار، فهي لا تقوَى علَى أن تعيشَ دونَها. كبرتْ سمر وحانَ موعدُ التحاقِها بالمدرسةِ، أخيرًا ستلتحقُ بالصّف الأوّل لكنَها لم تكنْ سعيدةً بهذَا فاعتلتْ وجهَها ملامحُ الشحوبِ والاصفرارِ وضاقتْ عينيهَا ممَّا يدلُ على استيائِها لدخولِ المدرسةِ، وكانَ حزنُها لأسبابٍ أولّها مرضُ والدتِها وتعذر مرافقتِها للمدرسةِ أمّا السببُ الثّاني فهو سفرُ والدِها خارجَ البلدةِ ممّا يمنعُه من مرافقتِها كمَا كانتْ تحلمُ دائمًا؛ بدأتْ هستيريَا البكاءِ عندَ سمر ورفضتْ التّوقفَ عن ذلك ممَا مزّقَ قلبَ أحمد عليهَا وجعلًه يشعرُ بالسوءْ لحالِها. لمْ يتخلَ أحمد عنْ سمر لحظةً واحدةً ولمْ يتركْ يدهَا بل أنّه تشبثَ بها بقوةٍ واصطحبَها معه إلى المدرسةِ وحاولَ بطرقٍ جهيدةٍ طيلةَ الطّريقِ على أن يرسمَ الضحكةَ على وجههِا ويمسحَ الدموعَ من عينيها. لكن هذا لمْ يجدِ نفعًا حيثُ ما إنْ وطأتْ أقدامُ سمر بوابةَ المدرسةِ حتّى رأتْ كلّ التّلاميذ مع أبائهم يتبادلُون الحديثَ ويتمازحُون ويودعُون بعضَهم عندَ البابِ؛ هنا عادتْ سمر لحالتِها الأولى وباشرتْ البكاءَ من جديد لأنّها وجدتْ نفسَها وحيدةً في غيابِ والديهَا. توالتْ الأيّام وتعاقبتْ السنين ولازالَ الحالُ على ما هوَ عليه، فعّمَ الهدوءُ المنزلَ طيلةَ هذه المدةِ لكنَ مرضُ سميحة لازالَ يزدادُ يومًا بعدَ يومٍ وحالتِها في استياءٍ من يومٍ لأخر؛ ممَّا دفعَها لمراجعةِ طبيّةٍ عندَ مختلفِ الأطباءِ لكن ذهبَت هذه الجهودُ في مهبِ الرّيحِ. اختلسَ أحمدُ السمعَ لجلسةِ والدِه ووالدتِه وهمَا يتحدثَان عن حالةِ سميحة وعنْ الأطّباءِ الّذين زارتْهم، وأنهَت حديثَها بالتّأسفِ والبكاءِ ممّا دفعَ أحمدُ للبكاءِ أيضًا خوفًا على فراقِ سميحة وعلى سمر ومَا ستؤولُ إليه بعدَ هذا، لكنْ ما جالَ بخاطرِه وزادَ من خوفِه، قلقَه على سمر منْ أن تُصابَ بالمرضِ نفسِه ذاتَ يومٍ. طَالَ به الحالُ وهو يفكرُ في حالةِ سمر ولمْ ينتبِه حتّى سمعَ آذانَ الصّلاة، فقامَ يجرُ قدميه بتثاقلٍ شديدٍ كمنْ يحملُ ثقلَ أسفارٍ طالَ بها المرتحلُ، توضَأَ ونزلَ للمسجدِ معَ والدِه و تقابلَا معَ عمّه وحسنَ وحسين وأصرّت سمر أن تذهبَ أيضًا معهم، كانتْ المساجدُ في أبهَى زينتِها استعدادًا لشهر رمضان المبارك وما يميز هذه الأيّام ويزيدُها جمالًا هو لعب الأطفالِ وهم يتواثبُون هنا وهناكَ وصوتُ الشعائرِ الدينيةِ الّتي تريحُ النفس وتطمئنُ لها القلوبُ، وزينةُ الشوارعِ والمساجدِ الّتي جعلتْها تبدُو بأحلَى حلةٍ كأنّها عروسٌ زينَتْ ليلةَ حِنَتِهَا. أدَى الجميعُ صلاتَهم بالمسجدِ ثمّ عادُوا فرحينَ إلى البيتِ، ما إن وصلُوا دقَ حسنُ جرسَ البابِ مراتٍ ومراتِ لكنْ لمْ يفتحْ أحد ظنُوا أنَّ سميحةَ قد غفتْ، لكن عمّه قد نسّيَ حملَ المفاتيح معهُ فاضطرُوا لكسرِ البابِ وما إنْ ولجُوا البيتَ حتّى وجدُوا سميحة ملقاة علَى الأرضِ، فاقدةً الوعيَ بمنظرٍ مرعبٍ؛ ما إنْ رأتْها سمر حتّى راحتْ تعلِي صرخاتِها ونواحَها من شّدةِ الفزعِ والهلعِ على والدتِها.
رواية الوفاء في زمن الخيانة. ❝ ⏤صفاء فوزي
❞ الفصل الأول
في محافظةِ الإسكندريةِ السّاحرةِ، عروسُ البحرِ الأبيضِ المتوسطِ، وفي أحدِ أطرافِها المتراميَة، في مدينةٍ صغيرةٍ ساحرةٍ، موقعُها خرافيٌّ، تتوسّطُ ثلاثَ محافظاتٍ، تُطّلُ على النّيلِ والبحرِ المتوسّطِ معًا منظرٌ ساحرٌ، وطبيعةٌ مبهرَةٌ، حيثُ الحدائق والأزهار، والجّوُ المعتدلُ، والمناظرُ الخلابةٌ، هنَا يقعُ منزلٌ هادئ جميلٌ، حيثُ يعيشُ الأَخَوَان: عبد الله وعبد القادر، وأسرتيهما الصغيرتان: سناء زوجة عبد الله، وابنهما أحمد، وسميحة زوجة عبد القادر، الّتي وهبها الله تعالى طفلة أسمتها ﴿سمر﴾ بعد خمس سنوات من الزواج. اليوم موعد حفلة استقبال المولودة الجديدة﴿سمر﴾، ستكونُ أجملَ الحفلاتِ، ستُذبحُ الذبّائحُ، وتُعلقُ الزينّاتُ، وتُوزعُ الهدايَا، فرحًا بالصّغيرةِ الّتي وُلدتْ، بعد صبرِ سنينَ عجافَ. الكلُّ يستعدُ بفرحٍ وسرورٍ، أمّا أحمد فقدْ كانتِ فرحتُه وشغفُه يفوقان الجميع، فقدْ طال به الانتظار خمسَ سنواتٍ حيث احتلتْه الوحدةُ، هناكَ في منزلِهم الكبيرِ، وأخيرًا سيكونُ له رفيقةٌ و صديقةٌ تفهمُه، وتشاركُه اللّعبَ والحياةَ. تلهف أحمد لرؤية الصغيرة وطلب من والدته مرافقتها للغرفة، ولكنها رفضت بشدّة، وذلك لأن سمر أُصيبت بمرض الصفراء، ومنَع عنها الطبيب الزيارة وحَظر الإضاءة، ليتم تعافيها سريعا. لم يعِ أحمدُ كلّ هذا، مازال صغيرا، ورغبته في رؤية سمر، كانت مُلّحة، وأقوى من أي أعذار، اغتاظ أحمد من رد فعل والدته، وهمَّ يفكرُ في طريقةٍ لرؤيةِ سمر دونَ أن ينتبِه له أحدٌ طالتْ جلسةُ التفكيرِ الخاصةِ به وبعدَ مدٍ وجزرٍ قرّرَ النزولَ للشارعِ، وراحَ ينفذُ خطتَه المبتكرَة ظنًّا منه أنّهَا ستنجحُ لكن وا أسفاه خابَ ظنّهُ وخانَه عقلُه المدبرُ، حيثُ أنّه قدْ استندَ على قامةِ كرسي وثبّتَه أسفلَ نافذةِ سمر الّتي كانَ جزءٌ منها مفتوحٌ وأخذَ يتحركُ على الكرسي ذاتِ اليمينِ والشّمالِ محاولًا بثَ نظراتِه التّفحصيةِ داخلَ الغرفةِ وإرسالِ جنودَ العينِ منْ وراءِ فتحةٍ صغيرةٍ بالنّافذةِ، في هذه الأثناء انزلقتْ رجلُه وراحَ طريحًا على الأرضِ، بعدهَا صدرتْ أصواتُ التأوهِ والألمِ منه فهرولَ إليه والدُه وحملَه للداخلِ وهو يتألمُ من شّدةِ الوقعةِ الّتي وقعَها، في هذه الأثناء استبدلَ أحمد ملامحَ الإصرارِ والسّعادة والأمل لرؤية سمر بملامح كئيبةٍ اعتلتْ وجهَه المصّفرِ الّذي حملَ مزيجًا من خيبةِ أملٍ في تحقيقِ الرغبةِ، وخجل من الموجودين حوله، كأنّهُ ارتكبَ جريمةً وكُشِفَ أمرُه قبلَ أن تكتملَ خطتَه. كانتْ إصابةُ أحمد بليغة جدًا راحَ ضحيتَها قدمه ممَا استدعَى مراجعةً طبيّةً له ولفَ القدمْ بالجبسِ، لم يسعدْ أحمدُ لهذَا الأمرْ إطلاقًا لأنّه من هذَا اليوم أصبحَ رهينةً بالبيتِ ولا يسعُه الخروجُ ولا المشي، الآن كيف له أن يحققَ رغبتَه في رؤية سمر؟. بعد فترةٍ من الزمنِ قد تكونُ أسبوعًا كاملًا استوطنَ المللُ على أحمد وخيمتْ الكآبةُ والوحدةُ داخلَه نتيجةَ ملازمتِه الفراشَ طولَ هذه المدة، في يومِ من أيّامِ خيبتِه دقَّ جرسُ البابِ، فتحتْ والدةُ أحمد، وكانتْ المفاجأة حضرتْ سميحَة زوجةُ عمّهِ ومعهَا سمر ليطمئنُوا على أحمد. مَا إن رأى أحمد سمرَ حتَّى فتحَ فاههُ دهشةً وفرحًا، وراحتْ سميحة تضعُها بين يديه؛ فرح فرحةً كبيرةً لا توصفُ واحمرَ خجلًا ما إنْ رددتْ سميحة قولَها: - ها هي عروسُك بين يديك متلهفةٌ لك مثلمَا أنتَ متلهفٌ لرؤيتِها. قالتْ قولَها هذا محاولةً التحسينَ من مزاجِه ومواساة آلامِه. تفحصَ أحمد بنظراتِه البريئة الّتي حملتْ كمًا هائلًا من الفرحِ والسّعادةِ والأملِ لا تصفُه الكلماتُ ولَا تعيه الحروفُ فإنّها المؤنسُ الّذي سيكسرُ روتين الوحدةِ داخلَه ويؤنسُ روحَه الظّليلة هنا وهناك، إنّها الملاكُ الّذي سيلفُه بعباءةِ الطمأنينة في كل ابتسامة ونظرة، والنورُ الّذي سينيرُ حياتَه المظلمةَ، بعدمَا كان يشعرُ بالمللِ ساعات طويلةٍ؛ لا يجدُ من يشاركُه حياتَه، إنّها الحياةُ الجديدة والحياة الأجملُ الّتي طالمَا تمناهَا وبحثَ عنهَا في رحلاتِه الطّويلةِ. توالتْ الأيّامُ واللّيالي وسابقَنا الزمنُ فمرتْ سنواتٌ عديدةٌ وكبرُ كلٌّ من سمر وأحمد وكانَا لا يفترقَان البتة دائمًا ما تخطفُك أصواتُ ضحكاتِهما المتّعاليةِ في الأرجاءِ وهمَا يتواثبانِ هنا وهناك يتشاركان اللّعبَ ولحظات السّعادةِ والمرحِ، وما زاد قوةَ علاقتهِما هو تلكَ الشّجارات الّتي تنشبُ بينهُما من فترةٍ لأخرَى بسببِ اختلاف رأيٍ أو ما شابهَ، مثالٌ للبراءةٍ هما تعلمَا الحبوَ على بساطِ الطّفولةِ معًا ولم يتركَا يدَ بعضهِما أبدًا، كلّ هذا كانَ في كنفِ عائلةِ محبةٍ ولطيفةٍ تحبُ العطاءَ والاحترامَ أفرادُها طيبُوا القلوب. بعد فترةٍ من الزّمنِ حملتْ سميحة والدةَ سمر مرة أخرى، ووضعتْ في حملِها هذا توأم ﴿ حسن وحسين﴾ لكن لسوءِ الحظِ قد أصابتْها مضاعفاتٍ بعد الولادةِ وتعبتْ تعبًا شديدًا، وتعبَ معهَا المولودَان الجديدَان أيضًا، في هذه الأثناءِ شمرتْ الأحزانُ عن صاعديْها لتنهشَ من لحمِ هذه العائلةِ، وعمَ الخوفُ والقلقُ الشّديدُ على سميحة والولدين، لم تسلمْ سمر من جندِ الخوفِ وشيطانِه بلْ أنّه قد أكلَ من قلبِها الطيّبِ نصيبًا وافرًا واعتلتْ وجههَا صفرةٌ شديدةٌ وامتنعتْ عن الأكلِ؛ ذلكَ من شدةِ خوفِها وقلقِها على والدتِها وإخوتِها الصّغار. وبعدَ فترةٍ من الزمنِ تلوى فيهَا الجميعُ علىَ بساطِ القلقِ والخوفِ، عادتْ سميحةُ والأطفالُ للمنزلِ بعدمَا تماثلُوا للشفاءِ، ولكن سميحة لم تتعافَ تمامًا فهي لازالتْ تشعرُ بالتّعبِ؛ هذا ما دفعَ الطبيبَ إلى إخضاعِها لمجموعةٍ من التّحاليل الطّبية والأشعةِ وللأسفِ هذه الأخيرة أظهرتْ أنّهَا قد أصيبتْ بمرضِ بالقلبِ، ونتيجةَ هذا خرتْ قواهَا وضَعُفَ جسمُها ووهنتْ فلم تعدْ تقوَى على أداءِ أشغالِ البيتِ ولا رعايةِ الأطفالِ، فَهّمَ الجميعُ لمساعدتِها دونَ ترددٍ خاصّةً سناء أمّ أحمد الّتي كانتْ تقومُ بأعمالِ البيتِ عنهَا وترعَى الأطفالَ دونَ مللٍ ولا كللٍ. حاولتْ سميحةُ الانتظامَ في أخذِ العلاجِ والأدويةِ دونَ تهاونٍ في ذلك، لكنْ هذَا لمْ يخففْ من خوفِ سمر على والدتِها فهيَ كانتْ تخافُ فكرةَ أن تفقدَ والدتَها على حينِ غرةٍ فكانتْ تدعُو لهَا بالشّفاءِ أناءَ الّليلِ وأطرافَ النّهار، فهي لا تقوَى علَى أن تعيشَ دونَها. كبرتْ سمر وحانَ موعدُ التحاقِها بالمدرسةِ، أخيرًا ستلتحقُ بالصّف الأوّل لكنَها لم تكنْ سعيدةً بهذَا فاعتلتْ وجهَها ملامحُ الشحوبِ والاصفرارِ وضاقتْ عينيهَا ممَّا يدلُ على استيائِها لدخولِ المدرسةِ، وكانَ حزنُها لأسبابٍ أولّها مرضُ والدتِها وتعذر مرافقتِها للمدرسةِ أمّا السببُ الثّاني فهو سفرُ والدِها خارجَ البلدةِ ممّا يمنعُه من مرافقتِها كمَا كانتْ تحلمُ دائمًا؛ بدأتْ هستيريَا البكاءِ عندَ سمر ورفضتْ التّوقفَ عن ذلك ممَا مزّقَ قلبَ أحمد عليهَا وجعلًه يشعرُ بالسوءْ لحالِها. لمْ يتخلَ أحمد عنْ سمر لحظةً واحدةً ولمْ يتركْ يدهَا بل أنّه تشبثَ بها بقوةٍ واصطحبَها معه إلى المدرسةِ وحاولَ بطرقٍ جهيدةٍ طيلةَ الطّريقِ على أن يرسمَ الضحكةَ على وجههِا ويمسحَ الدموعَ من عينيها. لكن هذا لمْ يجدِ نفعًا حيثُ ما إنْ وطأتْ أقدامُ سمر بوابةَ المدرسةِ حتّى رأتْ كلّ التّلاميذ مع أبائهم يتبادلُون الحديثَ ويتمازحُون ويودعُون بعضَهم عندَ البابِ؛ هنا عادتْ سمر لحالتِها الأولى وباشرتْ البكاءَ من جديد لأنّها وجدتْ نفسَها وحيدةً في غيابِ والديهَا. توالتْ الأيّام وتعاقبتْ السنين ولازالَ الحالُ على ما هوَ عليه، فعّمَ الهدوءُ المنزلَ طيلةَ هذه المدةِ لكنَ مرضُ سميحة لازالَ يزدادُ يومًا بعدَ يومٍ وحالتِها في استياءٍ من يومٍ لأخر؛ ممَّا دفعَها لمراجعةِ طبيّةٍ عندَ مختلفِ الأطباءِ لكن ذهبَت هذه الجهودُ في مهبِ الرّيحِ. اختلسَ أحمدُ السمعَ لجلسةِ والدِه ووالدتِه وهمَا يتحدثَان عن حالةِ سميحة وعنْ الأطّباءِ الّذين زارتْهم، وأنهَت حديثَها بالتّأسفِ والبكاءِ ممّا دفعَ أحمدُ للبكاءِ أيضًا خوفًا على فراقِ سميحة وعلى سمر ومَا ستؤولُ إليه بعدَ هذا، لكنْ ما جالَ بخاطرِه وزادَ من خوفِه، قلقَه على سمر منْ أن تُصابَ بالمرضِ نفسِه ذاتَ يومٍ. طَالَ به الحالُ وهو يفكرُ في حالةِ سمر ولمْ ينتبِه حتّى سمعَ آذانَ الصّلاة، فقامَ يجرُ قدميه بتثاقلٍ شديدٍ كمنْ يحملُ ثقلَ أسفارٍ طالَ بها المرتحلُ، توضَأَ ونزلَ للمسجدِ معَ والدِه و تقابلَا معَ عمّه وحسنَ وحسين وأصرّت سمر أن تذهبَ أيضًا معهم، كانتْ المساجدُ في أبهَى زينتِها استعدادًا لشهر رمضان المبارك وما يميز هذه الأيّام ويزيدُها جمالًا هو لعب الأطفالِ وهم يتواثبُون هنا وهناكَ وصوتُ الشعائرِ الدينيةِ الّتي تريحُ النفس وتطمئنُ لها القلوبُ، وزينةُ الشوارعِ والمساجدِ الّتي جعلتْها تبدُو بأحلَى حلةٍ كأنّها عروسٌ زينَتْ ليلةَ حِنَتِهَا. أدَى الجميعُ صلاتَهم بالمسجدِ ثمّ عادُوا فرحينَ إلى البيتِ، ما إن وصلُوا دقَ حسنُ جرسَ البابِ مراتٍ ومراتِ لكنْ لمْ يفتحْ أحد ظنُوا أنَّ سميحةَ قد غفتْ، لكن عمّه قد نسّيَ حملَ المفاتيح معهُ فاضطرُوا لكسرِ البابِ وما إنْ ولجُوا البيتَ حتّى وجدُوا سميحة ملقاة علَى الأرضِ، فاقدةً الوعيَ بمنظرٍ مرعبٍ؛ ما إنْ رأتْها سمر حتّى راحتْ تعلِي صرخاتِها ونواحَها من شّدةِ الفزعِ والهلعِ على والدتِها.