❞ قضية الأخلاق عندنا:
هل ترجع هزائمنا العامة إلى أننا لا نملك طائرات بعيدة المدى ، وإلى أننا لا نصنع القنابل الذرية ؟ بعض الناس يتصور أن عجزنا الصناعي والعسکری من وراء تخلفنا هنا وهناك ، وأن أمتنا لو ملكت هذه الأسلحة سادت وقادت !..
إن هذا فكر سقيم ، والواقع أننا مصابون بشلل عضوي في أجهزتنا الخلقية ، وملكاتنا النفسية يعوقنا عن الحراك الصحيح ، وأن مجتمعاتنا تشبه أحياء انقطع عنها التيار الكهربائي فغرقت في الظلام ، ولابد من إصلاح الخلل الذي حدث کی يسطع التيار مرة أخرى .
وعلاج الأعطاب الشديدة أو الخفيفة بالكلام البليغ أو النصح المخلص لا يكفي ! لابد من إزالة أسباب الخلل ، ومن إعادة الأوضاع إلى أسسها السليمة إلى فطرتها الأولى .
"وفطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله "
وقد راعني أن خلائق مقبوحة انتشرت بين الناس دون مبالاة ، أو مع إغراض متعمد ، واستمرت مواقعة الناس لها حتى حولها الإلف إلى جزء من الحياة العامة ، ومن هنا رأينا الاستهانة بقيمة الكلمة ، ورأينا قلة الا كتراث بإتقان العمل ، ورأينا إضاعة الأمانات والمسئوليات الثقيلة ، ورأينا القدرة على قلب الحقائق ، وجعل الجهل علما والعلم جهلا والمعروف منكرا والمنكر معروفا ...
إن قضية الأخلاق وما عراها من وهن أمر جلل . إنك لا تستطيع بناء قصر شاهق دون دعائم وأعمدة وشبكات من حديد ، ولا تستطيع بناء إنسان كبير دون أخلاق مكينة و مسالك مأمونة وجملة من الحلال تورث الثقة ، وتأمل في قول أبي تمام :
وقد كان فوت الموت سهلا فرده
إليه الحفاظ المر والخلق الوغر!
إن ضمانات الحق الصلب في سيرة هذا البطل هي التي تعلو بها الأمم ، وتنتصر لرسالات ، وهي التي يستخذي أمامها العدو وتنهار الطواغيت ، وعندما ترى مجتمعا صارما في مراعاة النظام ، دقيقا في احترام الوقت ، صريحا في مواجهة الخطأ ، شدید الإحساس بحق الآخرين ، غيورا على كرامة الأمة ، كثيرا عند الفزع ، قليلا عند الطمع ، مؤثرا إرضاء الله على إرضاء الناس ، عندما ترى هذا الخلال تلتقي في مجتمع ما ، نثق أنه يأخذ طريقه غدا إلى القمة .
وقد كان المسلمون الأوائل نماذج أخلاقية تجد فيها الشرف والصدق والطهر والتجرد، ولذلك تصدروا القافلة البشرية عن جدارة ، ولا غرو کانوا صنع الإنسان الذي وصفه الله بقوله في" وإنك لعلى خلق عظیم " وكانوا نضح روحه العالى فمشت وراءهم الشعوب تتعلم وتتأسى .
أما اليوم فنحن نجري ونلهث وراء الشعوب الأخرى دون أن نصل إلى مستواها ، لأن وزن الأخلاق عندنا خفیف و ارتباطنا بها ضعيف ..
والأخلاق مجموعات متنوعة من الفضائل والتقاليد تحيا بها الأمم کما تحيا الأجسام بأجهزتها وغددها ، فإذا اعتلت هذه المجموعات وانفکت رأيت ما لا يشر في مسالك العامة والخاصة ..
في كثير من البلاد الإسلامية رأيت الوساخة في الطرق والبيوت أو في الملابس والأبدان ، ورأيت الفوضى في سير الأشخاص والعربات ، ورأيت الإهمال والتهاون في تناول السلع والواجبات ، ورأيت دوران الناس حول مآربهم الذاتية ونسيانهم المبادئ الجامعة والحقوق العامة ، ورأيت انتشار اللغو والكسل وفناء الأعمار في لا شيء !!.
الكذب في المواعيد وفي رواية الأخبار، وفي وصف الآخرين أمر سهل ! وكذلك استقصاء الإنسان في طلب ما يرى أنه له ، واستهانته في أداء ما هو عليه ، ونقصه ما هو قادر على إتمامه ، وفقدان الرفق في القول والعمل وشيوع القسوة والمبالغة في الخصام .. .
ثم تحول الآداب إلى قشور يطل من ورائها الرياء بل إن الرياء - وهو في الإسلام شرك - يكاد يكون المسيطر على العلاقات الاجتماعية ، وهو الباعث الأول على البذخ في الأحفال والولائم والمظاهر المفروضة في الأفراح والأحزان ..|
العجز الإداري قد يرجع إلى أسباب خلقية وعلمية ، بيد أن الأسباب الخلقية عندنا أسبق .
الفشل العسکری قد يرجع إلى أسباب نفسية وفنية وصناعية ، بيد أن الأسباب النفسية عند العرب أظهر وأقوى ..
ويجزم أولو الألباب بأن السياسية العرب والقادة العرب وراء كل نصر أحرزه بنو إسرائيل خلال أربعين سنة .
بل إن قادة اليهود صحوا بأن المكاسب التي أحرزوها تجاوزت الأحلام وسبقت الخيال !
إنهم ما خططوا لها ولا احتالوا لبلوغها ! إنها هدية من الانحلال العربي ومن ضعف الأخلاق ، إنها غنيمة باردة لخصوم يحسنون انتهاز الفرص ! .
وأي فرصة أغلى من أن يكون القائد العربي صريع مخدرات ومسكرات ، وأن يكون الزعيم العربي قد وصل إلى منصبه فوق تأ من جماجم خصومه ، ورفات بني جنسه المدحورين أمامه
إن هذه أعظم فرصة لقيام دولة إسرائيل ، لقد قامت في الفراغ المتخلف من ضياع الأخلاق لدينا، وتحول المسلمين إلى أمم مقطعة ، خربة الأفئدة ، مخلدة إلى الأرض ، جياشة الأهواء ، باردة الأنفاس ...
إننا نقول لغيرنا : النار مصير الملاحدة والمشركين ، لسوف يجزون ما يستحقون لقاء كفرهم بالله ونسيانهم له !.
ليت شعري لماذا لا نقول لأنفسنا : والنار كذلك مثوى المرائين الذين عموا عن وجه الله، وأرادوا الحياة الدنيا وزينتها، واستماتوا في طلب الشهرة والسمعة والمال والجاه ، وكانت علاقتهم بهذه الأهواء أشد من علاقة المشركين بأوثانهم ؟؟
لماذا لم نقل لأنفسنا : إن أول من تسعر بهم النار ، رجال دين يطلبون الدنيا ، ورجال مال وحرب ينشدون الوجاهة والسلطان ؟ ألم يقل لنا نبينا له ذلك؟.|
إنني طفت في أقطار إسلامية كثيرة ، فرأيت سطوة العرف أقوى من سطوة الشرع ، واتباع الهوى أهم من اتباع العقل !وللناس قدرة عجيبة في إلباس شهواتهم ثوب الدين ، .|
وتحقيق مآربهم الشخصية باسم الله.
. ❝ ⏤محمد الغزالى السقا
❞ قضية الأخلاق عندنا:
هل ترجع هزائمنا العامة إلى أننا لا نملك طائرات بعيدة المدى ، وإلى أننا لا نصنع القنابل الذرية ؟ بعض الناس يتصور أن عجزنا الصناعي والعسکری من وراء تخلفنا هنا وهناك ، وأن أمتنا لو ملكت هذه الأسلحة سادت وقادت !.
إن هذا فكر سقيم ، والواقع أننا مصابون بشلل عضوي في أجهزتنا الخلقية ، وملكاتنا النفسية يعوقنا عن الحراك الصحيح ، وأن مجتمعاتنا تشبه أحياء انقطع عنها التيار الكهربائي فغرقت في الظلام ، ولابد من إصلاح الخلل الذي حدث کی يسطع التيار مرة أخرى .
وعلاج الأعطاب الشديدة أو الخفيفة بالكلام البليغ أو النصح المخلص لا يكفي ! لابد من إزالة أسباب الخلل ، ومن إعادة الأوضاع إلى أسسها السليمة إلى فطرتها الأولى .
˝وفطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ˝
وقد راعني أن خلائق مقبوحة انتشرت بين الناس دون مبالاة ، أو مع إغراض متعمد ، واستمرت مواقعة الناس لها حتى حولها الإلف إلى جزء من الحياة العامة ، ومن هنا رأينا الاستهانة بقيمة الكلمة ، ورأينا قلة الا كتراث بإتقان العمل ، ورأينا إضاعة الأمانات والمسئوليات الثقيلة ، ورأينا القدرة على قلب الحقائق ، وجعل الجهل علما والعلم جهلا والمعروف منكرا والمنكر معروفا ..
إن قضية الأخلاق وما عراها من وهن أمر جلل . إنك لا تستطيع بناء قصر شاهق دون دعائم وأعمدة وشبكات من حديد ، ولا تستطيع بناء إنسان كبير دون أخلاق مكينة و مسالك مأمونة وجملة من الحلال تورث الثقة ، وتأمل في قول أبي تمام :
وقد كان فوت الموت سهلا فرده
إليه الحفاظ المر والخلق الوغر!
إن ضمانات الحق الصلب في سيرة هذا البطل هي التي تعلو بها الأمم ، وتنتصر لرسالات ، وهي التي يستخذي أمامها العدو وتنهار الطواغيت ، وعندما ترى مجتمعا صارما في مراعاة النظام ، دقيقا في احترام الوقت ، صريحا في مواجهة الخطأ ، شدید الإحساس بحق الآخرين ، غيورا على كرامة الأمة ، كثيرا عند الفزع ، قليلا عند الطمع ، مؤثرا إرضاء الله على إرضاء الناس ، عندما ترى هذا الخلال تلتقي في مجتمع ما ، نثق أنه يأخذ طريقه غدا إلى القمة .
وقد كان المسلمون الأوائل نماذج أخلاقية تجد فيها الشرف والصدق والطهر والتجرد، ولذلك تصدروا القافلة البشرية عن جدارة ، ولا غرو کانوا صنع الإنسان الذي وصفه الله بقوله في˝ وإنك لعلى خلق عظیم ˝ وكانوا نضح روحه العالى فمشت وراءهم الشعوب تتعلم وتتأسى .
أما اليوم فنحن نجري ونلهث وراء الشعوب الأخرى دون أن نصل إلى مستواها ، لأن وزن الأخلاق عندنا خفیف و ارتباطنا بها ضعيف .
والأخلاق مجموعات متنوعة من الفضائل والتقاليد تحيا بها الأمم کما تحيا الأجسام بأجهزتها وغددها ، فإذا اعتلت هذه المجموعات وانفکت رأيت ما لا يشر في مسالك العامة والخاصة .
في كثير من البلاد الإسلامية رأيت الوساخة في الطرق والبيوت أو في الملابس والأبدان ، ورأيت الفوضى في سير الأشخاص والعربات ، ورأيت الإهمال والتهاون في تناول السلع والواجبات ، ورأيت دوران الناس حول مآربهم الذاتية ونسيانهم المبادئ الجامعة والحقوق العامة ، ورأيت انتشار اللغو والكسل وفناء الأعمار في لا شيء !!.
الكذب في المواعيد وفي رواية الأخبار، وفي وصف الآخرين أمر سهل ! وكذلك استقصاء الإنسان في طلب ما يرى أنه له ، واستهانته في أداء ما هو عليه ، ونقصه ما هو قادر على إتمامه ، وفقدان الرفق في القول والعمل وشيوع القسوة والمبالغة في الخصام . .
ثم تحول الآداب إلى قشور يطل من ورائها الرياء بل إن الرياء - وهو في الإسلام شرك - يكاد يكون المسيطر على العلاقات الاجتماعية ، وهو الباعث الأول على البذخ في الأحفال والولائم والمظاهر المفروضة في الأفراح والأحزان .|
العجز الإداري قد يرجع إلى أسباب خلقية وعلمية ، بيد أن الأسباب الخلقية عندنا أسبق .
الفشل العسکری قد يرجع إلى أسباب نفسية وفنية وصناعية ، بيد أن الأسباب النفسية عند العرب أظهر وأقوى .
ويجزم أولو الألباب بأن السياسية العرب والقادة العرب وراء كل نصر أحرزه بنو إسرائيل خلال أربعين سنة .
بل إن قادة اليهود صحوا بأن المكاسب التي أحرزوها تجاوزت الأحلام وسبقت الخيال !
إنهم ما خططوا لها ولا احتالوا لبلوغها ! إنها هدية من الانحلال العربي ومن ضعف الأخلاق ، إنها غنيمة باردة لخصوم يحسنون انتهاز الفرص ! .
وأي فرصة أغلى من أن يكون القائد العربي صريع مخدرات ومسكرات ، وأن يكون الزعيم العربي قد وصل إلى منصبه فوق تأ من جماجم خصومه ، ورفات بني جنسه المدحورين أمامه
إن هذه أعظم فرصة لقيام دولة إسرائيل ، لقد قامت في الفراغ المتخلف من ضياع الأخلاق لدينا، وتحول المسلمين إلى أمم مقطعة ، خربة الأفئدة ، مخلدة إلى الأرض ، جياشة الأهواء ، باردة الأنفاس ..
إننا نقول لغيرنا : النار مصير الملاحدة والمشركين ، لسوف يجزون ما يستحقون لقاء كفرهم بالله ونسيانهم له !.
ليت شعري لماذا لا نقول لأنفسنا : والنار كذلك مثوى المرائين الذين عموا عن وجه الله، وأرادوا الحياة الدنيا وزينتها، واستماتوا في طلب الشهرة والسمعة والمال والجاه ، وكانت علاقتهم بهذه الأهواء أشد من علاقة المشركين بأوثانهم ؟؟
لماذا لم نقل لأنفسنا : إن أول من تسعر بهم النار ، رجال دين يطلبون الدنيا ، ورجال مال وحرب ينشدون الوجاهة والسلطان ؟ ألم يقل لنا نبينا له ذلك؟.|
إنني طفت في أقطار إسلامية كثيرة ، فرأيت سطوة العرف أقوى من سطوة الشرع ، واتباع الهوى أهم من اتباع العقل !وللناس قدرة عجيبة في إلباس شهواتهم ثوب الدين ، .|
وتحقيق مآربهم الشخصية باسم الله. ❝
❞ اسكريبت بعنوان:
\"ترميم ندبات قلبي\"
ـ \"ولكن لم يكن لنا شئ سوى أننا نرضى أعلم أنه لم يكن ذنبنا وأنه قدرنا؛ ولكن نتيجة ذلك أننا دفعنا ثمن حماقاتهم؛ وتركوا لنا ندبات في القلب لا تزول أبدًا\".
قالت ذلك مريم وهى تتحدث بحزن شديد مع صديقتها المقربة فريدة عن تلك الندبات والذكريات المؤلمة التي حفرت بالقلب وكأنها جدار لا يستطيع أحدًا أن يهدمه فأجابتها وهى تقول:
ـ مريم هوني على نفسك ياصديقتي تلك الندبات ستزول يومًا وتلك الجدار التي تزعجك دائمًا ستهدم وتبنى جدار من الأمان ليرمم تلك الندبات التي بداخلك.
شعرت مريم ببصيص من الأمل تجاه حديث فريدة لها كانت على أمل أن يحدث ذلك بالفعل فنظرت لها بذلك الأمل وقالت:
ـ هل حقًا سيحدث ذلك؟ هل سيتم ترميم تلك الندبات التي تؤلمني كل يوم أصبحت أشعر وكأن قلبي لم يعد يتحمل؛ منذ صغري وأنا والدي يعاملني معاملة قاسية دائمًا ينظر لي بنظره أنني فاشلة مهما فعلت، كُنت على أمل أنه يستمع لي ولو لمرة واحدة ولكنه لم يحدث أي شيء من ذلك، حتى والدتي لم تتحمله أكثر انفصلت عنه ولكنه لم يسمح لي للذهاب لرؤيتها أشتاق إليها كثيرًا ليتها معي ربما كنت أفضل مما أنا عليه الآن؛ فكلما حاولت الذهاب لرؤيتها كنت أعقاب من خلال أبي وكأنني مذنبة ولكنها أمي أي أب يفعل ذلك بابنته الوحيدة.
ـ \"مريم أين أنتِ يافتاة؟.\"
عندما سمعت مريم صوت والدها شعرت بالفزع والخوف الشديد انتفضت من جلستها بسرعة وهى تردد:
ـ عاد أبي لقد عاد أبي فريدة عاد أبي.
ـ مريم لاتخافي لن يحدث شيئًا.
ـ إنه يأتي دائمًا غاضبًا أصبحت أخاف كثيرًا عندما يأتي إلى المنزل.
كادت فريدة تجيب عليها لتطمئنها ولكن قاطعهما دخول والد مريم للغرفة وهو يكسو على وجهه ملامح التعب والحزن نظرت مريم إليه بقلق وقالت له:
ـ أبي هل أنت بخير؟.
نظر إليها والدها نظرة لم تفهمها ولكن كان الحزن يملأ وجهه وهو يتذكر قول الطبيب الذي ذهب إليه اليوم دون أن يخبرها ظنَّا أنه لا داعي لذلك؛ فحين تلاعبك الدنيا وتجعلك تعيد حساباتك الخاصة بك، تلك التي أعدد لها فتفاجئك الدنيا بمرضٍ لم يكن في الحسبان فيجعلك تعيد جميع حساباتك مرة أخرى:
ـ لا تقلقي يا بنيتي أنا بخير.
شعرت مريم بتغير في أسلوب حديث والدها لها نظرت لصديقتها فريدة باستغراب شديد بينما فريدة كانت تستعد للرحيل وقالت:
ـ والآن اسمح لي يا عم محمد بالذهاب.
قالت ذلك ونظرت لمريم وهمست في أُذنها وقالت:
ـ لا داعي للقلق والخوف كل شيء سيكون على مايرام.
ذهبت فريدة وجلس محمد والد مريم مهمومًا فنظرت إليه مريم وقالت:
ـ أبي هل حقًا أنت بخير؟ مابك؟!.
تنهد محمد بحزن شديد ونظر إليها وهو يقول:
ـ مريم أريد أن أسألك سؤالًا، هل ستحزنين يومًا على فراقي إن حدث لي شيئًا؟.
لم تجب مريم ليس لأنها حقًا لن تحزن على فراقه بل لأن تحاوطها الأسئلة من جميع الإتجاهات وتتساءل عن تغير والدها هكذا لابد من شيء حدث ولما يتحدث عن الفراق؟ ولكنها أجابت له وهى تقول:
ـ أبي ماذا دهاك؟ إنك تخيفني وتضع القلق بداخلي ماذا حدث؟.
ـ حسنًا سأروي لكِ كل شيء.
بدأ محمد روي لأبنته بأنه مريضًا بمرض خطير وأنه في المرحلة الأخيرة من المرض وطلب منها أنها تسامحه فهو يعلم جيدًا بسبب قسوته لا تحبه ولكنه تفاجأ بدموع مريم على خديها وهى تقول:
ـ أبي لن يحدث شيئًا ستكون بخير بإذن الله.
نظر لها بتعجب شديد وقال لها:
ـ هل حقًا أنتِ حزينة من أجلى؟! كُنت أظنُّ أنك..
ـ أبي أنت بالفعل كنت قاسيًا عليَّا ولكن مهماحدث فأنت والدي ونعم سأحزن لفراقك ولكنّ كنت أتمنى أن تجمعنا ذكريات جميلة فأصبح بداخلي…
صمتت مريم قليلًا خائفة من ردة فعله ولكنه قال لها:
ـ أكملي حديثك يابُنيتي لا تخافي لن أدع الخوف يدخل باب قلبك مرة أخرى حتى أفارق الحياة.
ـ حفظك الله يا أبي، ولكن ما كنت أريد قوله لك:
لما كل هذه القسوة معي ماذا فعلت حتى كنت تعاملني هكذا أبي؟! أنا لا أكرهك ولكن غضبك باستمرار وقولك عنّي دائمًا بأنني فاشلة؛ حتى جعلتني لا أثق بنفسي في أي شيء أريد فعله، حرمتني من الذهاب لوالدتي ولا أعلم ماسبب ذلك؟ كل ما كنت أريده حياة هادئة مطمئة خالية من الندبات التي سكنت بداخلي قلبي وبُنيت من خلالها جدارًا كبيرًا بيني وبينك، أعتذر إن كان حديثي أزعجك مني ولكن هذا ما أشعر به دائمًا.
شعر الأب بالأسى الشديد تجاه ماكان يفعله بابنته الوحيدة كان دائمًا يقول لنفسه أنه هكذا أفضل حتى لا تخرج عن طوعه؛ ولكنه لا يعلم أن كان يبني جدارًا به الكثير من الندبات التي غرست داخل ابنته فنظر إليها وهو يحاول ربما يستطيع تريم ندبات قلبها قائلًا:
ـ حسنًا يابُنيتي وحبيبتي لن أجعل للخوف يسكن بداخلك مرةٍ أخرى وسأقوم بترميم ندبات قلبك وسأجعلك تذهبين لرؤية والدتك سأصلح كل شيء ليت كل أب يفعل ذلك يعلم جيدّا أنه بطريقته هذه يخسر أبنائه لما القسوة سامحيني يابُنيتي تعلمتُ الدرس ربما متأخرًا ولكن الله جعل هذا المرض بداخلي حتى أعيد حساباتي مرة أخرى.
ابتسمت مريم وهى تعلم ربما تلك الندبات لن تزول ولكنه والدها فقالت له ومازالت الابتسامة تملأ وجهها:
ـ لا داعي للإعتذار فأنت أبي وستظل أبي دائمًا.
مرَّت ثلاثة أشهر وهو يحاول ترميم ندبات قلبها لقد تغير تمامًا وهى كانت تسانده في مرضه كانت تشعر بفرحة شديدة ولكنها كانت يكسوها الحزن كلما تذكرت بأنه سيفارق الحياة وظلت تدعو كثيرًا بأن يخفف آلامه وأن يتم الله عليه بالشفاء ولم تكن تعلم بأنه سيحدث ذلك وبالفعل حدثت معجزة تعجب منها الأطباء أن حالته الصحية بدأت تكون على مايرام وأنه خلال أشهر لاستمرار العلاج سيكون بخير فرحت كثيرًا لذلك وهنا هو عرف مغزى ماحدث
\"إلى هؤلاء الأباء الذين يقسون على أبنائهم ظنًّا بأنهم على صواب لا تكونوا سبب في بناء جدار ضخم يكسوه الندبات والخيبات بداخلهم لا تكرروا ماحدث لكم في أولادكم بل أصلحوا تلك الندبات التي بالقلب، صاحبوا أبناءكم حتى لا تمحتن فيهم أو بمرض يجعلك تعيد حساباتكم مرة أخرى وربما هناك من يذهب ويفارق الحياة ولم يقوم بتريم أي شيء فتورث تلك القسوة من الأب لأبنائه حتى نصبح في مجتمع قاسٍ يخلو من الرحمة\"
ـ هند حسين \"ورد\". ❝ ⏤وَردْ
❞ اسكريبت بعنوان:
˝ترميم ندبات قلبي˝
ـ ˝ولكن لم يكن لنا شئ سوى أننا نرضى أعلم أنه لم يكن ذنبنا وأنه قدرنا؛ ولكن نتيجة ذلك أننا دفعنا ثمن حماقاتهم؛ وتركوا لنا ندبات في القلب لا تزول أبدًا˝.
قالت ذلك مريم وهى تتحدث بحزن شديد مع صديقتها المقربة فريدة عن تلك الندبات والذكريات المؤلمة التي حفرت بالقلب وكأنها جدار لا يستطيع أحدًا أن يهدمه فأجابتها وهى تقول:
ـ مريم هوني على نفسك ياصديقتي تلك الندبات ستزول يومًا وتلك الجدار التي تزعجك دائمًا ستهدم وتبنى جدار من الأمان ليرمم تلك الندبات التي بداخلك.
شعرت مريم ببصيص من الأمل تجاه حديث فريدة لها كانت على أمل أن يحدث ذلك بالفعل فنظرت لها بذلك الأمل وقالت:
ـ هل حقًا سيحدث ذلك؟ هل سيتم ترميم تلك الندبات التي تؤلمني كل يوم أصبحت أشعر وكأن قلبي لم يعد يتحمل؛ منذ صغري وأنا والدي يعاملني معاملة قاسية دائمًا ينظر لي بنظره أنني فاشلة مهما فعلت، كُنت على أمل أنه يستمع لي ولو لمرة واحدة ولكنه لم يحدث أي شيء من ذلك، حتى والدتي لم تتحمله أكثر انفصلت عنه ولكنه لم يسمح لي للذهاب لرؤيتها أشتاق إليها كثيرًا ليتها معي ربما كنت أفضل مما أنا عليه الآن؛ فكلما حاولت الذهاب لرؤيتها كنت أعقاب من خلال أبي وكأنني مذنبة ولكنها أمي أي أب يفعل ذلك بابنته الوحيدة.
ـ ˝مريم أين أنتِ يافتاة؟.˝
عندما سمعت مريم صوت والدها شعرت بالفزع والخوف الشديد انتفضت من جلستها بسرعة وهى تردد:
ـ عاد أبي لقد عاد أبي فريدة عاد أبي.
ـ مريم لاتخافي لن يحدث شيئًا.
ـ إنه يأتي دائمًا غاضبًا أصبحت أخاف كثيرًا عندما يأتي إلى المنزل.
كادت فريدة تجيب عليها لتطمئنها ولكن قاطعهما دخول والد مريم للغرفة وهو يكسو على وجهه ملامح التعب والحزن نظرت مريم إليه بقلق وقالت له:
ـ أبي هل أنت بخير؟.
نظر إليها والدها نظرة لم تفهمها ولكن كان الحزن يملأ وجهه وهو يتذكر قول الطبيب الذي ذهب إليه اليوم دون أن يخبرها ظنَّا أنه لا داعي لذلك؛ فحين تلاعبك الدنيا وتجعلك تعيد حساباتك الخاصة بك، تلك التي أعدد لها فتفاجئك الدنيا بمرضٍ لم يكن في الحسبان فيجعلك تعيد جميع حساباتك مرة أخرى:
ـ لا تقلقي يا بنيتي أنا بخير.
شعرت مريم بتغير في أسلوب حديث والدها لها نظرت لصديقتها فريدة باستغراب شديد بينما فريدة كانت تستعد للرحيل وقالت:
ـ والآن اسمح لي يا عم محمد بالذهاب.
قالت ذلك ونظرت لمريم وهمست في أُذنها وقالت:
ـ لا داعي للقلق والخوف كل شيء سيكون على مايرام.
ذهبت فريدة وجلس محمد والد مريم مهمومًا فنظرت إليه مريم وقالت:
ـ أبي هل حقًا أنت بخير؟ مابك؟!.
تنهد محمد بحزن شديد ونظر إليها وهو يقول:
ـ مريم أريد أن أسألك سؤالًا، هل ستحزنين يومًا على فراقي إن حدث لي شيئًا؟.
لم تجب مريم ليس لأنها حقًا لن تحزن على فراقه بل لأن تحاوطها الأسئلة من جميع الإتجاهات وتتساءل عن تغير والدها هكذا لابد من شيء حدث ولما يتحدث عن الفراق؟ ولكنها أجابت له وهى تقول:
ـ أبي ماذا دهاك؟ إنك تخيفني وتضع القلق بداخلي ماذا حدث؟.
ـ حسنًا سأروي لكِ كل شيء.
بدأ محمد روي لأبنته بأنه مريضًا بمرض خطير وأنه في المرحلة الأخيرة من المرض وطلب منها أنها تسامحه فهو يعلم جيدًا بسبب قسوته لا تحبه ولكنه تفاجأ بدموع مريم على خديها وهى تقول:
ـ أبي لن يحدث شيئًا ستكون بخير بإذن الله.
نظر لها بتعجب شديد وقال لها:
ـ هل حقًا أنتِ حزينة من أجلى؟! كُنت أظنُّ أنك.
ـ أبي أنت بالفعل كنت قاسيًا عليَّا ولكن مهماحدث فأنت والدي ونعم سأحزن لفراقك ولكنّ كنت أتمنى أن تجمعنا ذكريات جميلة فأصبح بداخلي…
صمتت مريم قليلًا خائفة من ردة فعله ولكنه قال لها:
ـ أكملي حديثك يابُنيتي لا تخافي لن أدع الخوف يدخل باب قلبك مرة أخرى حتى أفارق الحياة.
ـ حفظك الله يا أبي، ولكن ما كنت أريد قوله لك:
لما كل هذه القسوة معي ماذا فعلت حتى كنت تعاملني هكذا أبي؟! أنا لا أكرهك ولكن غضبك باستمرار وقولك عنّي دائمًا بأنني فاشلة؛ حتى جعلتني لا أثق بنفسي في أي شيء أريد فعله، حرمتني من الذهاب لوالدتي ولا أعلم ماسبب ذلك؟ كل ما كنت أريده حياة هادئة مطمئة خالية من الندبات التي سكنت بداخلي قلبي وبُنيت من خلالها جدارًا كبيرًا بيني وبينك، أعتذر إن كان حديثي أزعجك مني ولكن هذا ما أشعر به دائمًا.
شعر الأب بالأسى الشديد تجاه ماكان يفعله بابنته الوحيدة كان دائمًا يقول لنفسه أنه هكذا أفضل حتى لا تخرج عن طوعه؛ ولكنه لا يعلم أن كان يبني جدارًا به الكثير من الندبات التي غرست داخل ابنته فنظر إليها وهو يحاول ربما يستطيع تريم ندبات قلبها قائلًا:
ـ حسنًا يابُنيتي وحبيبتي لن أجعل للخوف يسكن بداخلك مرةٍ أخرى وسأقوم بترميم ندبات قلبك وسأجعلك تذهبين لرؤية والدتك سأصلح كل شيء ليت كل أب يفعل ذلك يعلم جيدّا أنه بطريقته هذه يخسر أبنائه لما القسوة سامحيني يابُنيتي تعلمتُ الدرس ربما متأخرًا ولكن الله جعل هذا المرض بداخلي حتى أعيد حساباتي مرة أخرى.
ابتسمت مريم وهى تعلم ربما تلك الندبات لن تزول ولكنه والدها فقالت له ومازالت الابتسامة تملأ وجهها:
ـ لا داعي للإعتذار فأنت أبي وستظل أبي دائمًا.
مرَّت ثلاثة أشهر وهو يحاول ترميم ندبات قلبها لقد تغير تمامًا وهى كانت تسانده في مرضه كانت تشعر بفرحة شديدة ولكنها كانت يكسوها الحزن كلما تذكرت بأنه سيفارق الحياة وظلت تدعو كثيرًا بأن يخفف آلامه وأن يتم الله عليه بالشفاء ولم تكن تعلم بأنه سيحدث ذلك وبالفعل حدثت معجزة تعجب منها الأطباء أن حالته الصحية بدأت تكون على مايرام وأنه خلال أشهر لاستمرار العلاج سيكون بخير فرحت كثيرًا لذلك وهنا هو عرف مغزى ماحدث
˝إلى هؤلاء الأباء الذين يقسون على أبنائهم ظنًّا بأنهم على صواب لا تكونوا سبب في بناء جدار ضخم يكسوه الندبات والخيبات بداخلهم لا تكرروا ماحدث لكم في أولادكم بل أصلحوا تلك الندبات التي بالقلب، صاحبوا أبناءكم حتى لا تمحتن فيهم أو بمرض يجعلك تعيد حساباتكم مرة أخرى وربما هناك من يذهب ويفارق الحياة ولم يقوم بتريم أي شيء فتورث تلك القسوة من الأب لأبنائه حتى نصبح في مجتمع قاسٍ يخلو من الرحمة˝
❞ إن الجوع كافر يا ولدي، ما من آفة تورث الإنسان ذلا وهواناً أشد منه، ولا توحشاً وحيوانية أكثر منه، حين تتعارك البطون الخاوية على كسرة لا تسد الرمق. ❝ ⏤خولة حمدى
❞ إن الجوع كافر يا ولدي، ما من آفة تورث الإنسان ذلا وهواناً أشد منه، ولا توحشاً وحيوانية أكثر منه، حين تتعارك البطون الخاوية على كسرة لا تسد الرمق. ❝
❞ مقدمة
نبذة عن الأمثال الشعبية
ارتبط المجتمع العربي بقول الأمثال والاستدلال بها، في مختلف المواقف، فالأمثال ميراث الآباء للأبناء، ويرى البعض أنها ضرورة، وما من أمة أو مجتمع إلا واستعان بهذا الأدب الشعبي، فعبارة موجزة بليغة تغني عن شرح وسرد موقف أو إهداء نصيحة بحوار طويل، والمثل يعد من أفضل الآداب التي يمكن للمرء التعبير بها في أثناء الحديث، وإيصال الفكرة المطلوبة بسهولة، وهو يعبر عن موضوعات عامة ومشتركة بين الناس. وفي الغالب يصاحب المثل قصة من الممكن أن تكون حقيقية ووقعت بالفعل، ولكن في أغلب الأحيان تكون القصة من الخيال، ولذا نجد تعدد بعض القصص للمثل الواحد وتغير المشاهد من قصة لأخرى، ذلك لطول العهد بين رؤية المستدل بالمثل وصاحب القصة، وحاجة المجتمع لهذا النوع من الإضافة والتوضيح.
ونرى أن قائل المثل يردده بقوة صاحب الحجة والبرهان، وكأنه استدل بخبر من السماء، وعلى المستمع السمع والطاعة والرضوخ، وأحيانًا لا يحق للمستمع حتى المناقشة، لأن القائل معه الحجة والبرهان، ولا تملك رد قوله لأن معه الدليل كما يظن.
المثل له معنى في اللغة وآخر في المصطلح..
المثل في اللغة: النظير والشبه.
المثل في المصطلح: هو الأقوال التي تورث من الآباء للأبناء، وتعكس ثقافة المجتمع، وهو جملة مفيدة موجزة متواترة شفهيًا من جيل إلى جيل، والأمثال \"علم سماعي\" ينتقل شفهيًا عبر الأجيال والأقطار، وقد يضاف إليه أو يحذف منه، ويظل المعنى في الأعم الأغلب واحدًا.
ويصدر المثل عن جموع الناس كل الناس، وهو عبارة بليغة موجزة جميلة الصياغة، وقوية التأثير والدلالة، وعادةً ما يحظى بالقبول والانتشار والتداول والتواتر.
ولا يشترط أن يكون المثل صحيح المعنى، فهناك أمثال غير صحيحة الدلالة، وشُرِح ذلك في الجزء الأول من هذه السلسلة، في كتاب \"دور الحكمة والأمثال الشعبية في المجتمع\"، وهناك مثل عكس مثل، نعم، لأن الأمثال قول البشر، ولا تصدر عن نفس الشخص، ويختلف الزمان والمكان بين كل مثل وعكسه، وكذلك ثقافة المجتمع الصادر منه المثل، ومن هنا كان الاختلاف.
وقد يكون الاختلاف مقبولًا ويصح الجمع بينهما، فليس كل اختلاف تضادًا، فقد يكون الاختلاف في الحالة التي يستدل بها على المثل، وهناك أمثال تخالف الشرع والدين، وفي المقابل هناك أمثال من القرآن والسنة، والمولى -سبحانه وتعالى- ضرب لنا الأمثال في كتابه العزيز، نجد أيضًا في السنة المطهرة العديد من الأمثال، وقد ذكرنا في الجزء الأول من هذه السلسلة أنواع الأمثال في الكتاب والسنة، التي ذكرت لتوضيح المعنى وتبسيط المعلومة، وهناك أمثال تحاكي تجارب الحكماء، والنصح والإرشاد، والعلم والتعليم، والصناعة، والزراعة، والطقس، والآداب.
باختصار الأمثال وردت في كل فنون الحياة.
المطلوب: مراجعة المثل ومعايرته، فإن اختلف مع الشرع والدين والثوابت والموروثات الصحيحة، لا نعتقد فيه ولا نردده، وننصح بعدم قبوله وقوله وتداوله، وإن اتفق قبلناه، لأن المولى -سبحانه وتعالى- سيسأل العباد عن الأقوال والأفعال والاعتقاد. قال سبحانه: (وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد). والرسول (ص) قال: \"أو لا يكب الناس على وجوههم في النار يوم القيامة إلا من حصائد ألسنتهم\".
فالكلمة أمانة، والعبد مسؤول عنها، ولذا لزم ضبط الأقوال التي نرددها، وننصح بها مع ميزان الشرع.
الفرق بين المثل والحكمة
المثل لا يشترط أن يكون صحيح المعنى، ولكنه صادف ظرفًا اشتهر به، وتم تداوله وتواتره بين الناس. أما الحكمة فلا بد أن تكون صادقة في كل الأحوال، لأن نظرة قائل المثل موضوعية، صادرة من عامة الناس، أما قائل الحكمة حكيم وذو نظرة شمولية من جميع الجوانب، ولا بد أن تتفق مع شرع الله.
باب معنى القصة والحكاية والفرق بينهما
سنتعرض في هذا الكتاب لقصة مثل أو حكاية مثل، وبداية لا بد أن نوضح الفرق بين القصة والحكاية، ومعنى الحكاية التي سنتخذها وسيلة لعرض الأحداث، وأنواعها.
الحكاية والقصة والفرق بينهما:
الحكاية: هي نص شفهي روائي، يرويه جيل عن جيل، وهي متوارثة، ويضاف إليها أو يحذف منها، والإبداع فيها يعتمد على الراوي وطريقة عرض الحكاية، فليس لها كاتب، وهي موروث ولسان الجماعة وملك للجميع.
القصة: هي لكاتب معين، تعبر عنه وعن رؤيته الخاصة، بمنظور فردي، وليست رؤية مجتمعية، ولا يجوز الإضافة أو الحذف منها، والحكاية كلمة اشتُقَت من كلمة (حكي) وهي التلقي بطريقة شفهية، ولا يستطيع المتلقي (المستمع) أن يضيف عليها بخياله، والمكان بالحكاية غير ذي قيمة أو تأثير بالغ كما بالقصة، أما القصة لها ضوابط مختلفة، وتسمح للقارئ بالتخيل، والحكاية من الممكن أن تتحول إلى قصة بعد إعادة صياغتها وكتابتها، وخلق أحداث وحبكة ترويها شخصيات القصة لا الراوي، وتم ذلك في بعض القصص التاريخية وترجمة بعض الحكايات الشعبية الموروثة وتحويلها إلى قصص.
والشاهد: أن الأمثال الهدف منها الدرس والعبرة والنصح والتحذير، في صور بسيطة موجزة، ولذا فقصة المثل أو حكاية المثل تأتي في نفس السياق، ويأتي المثل من الخيال، ويضاف إليه أو يحذف منه، أو يُسقَط، ولذا نرى أن حكاية المثل تأتي وقد تولد من أصل الحكاية (فتكون حكاية المثل)، ومن الممكن أن يكون المثل ثم تأتي الحكاية لتوضيح معنى ومغزى المثل، وقد تُروى حكاية المثل على لسان إنسان أو حيوان، والأصل في سرد الحكاية أنها متواترة لهذا المثل، وقد يرد للمثل أكثر من حكاية، نتعرض لها أو نروي أكثرها انتشارًا وتداولًا بين الناس، وقد نستعين ببعض الحكايات لشرح بعض الأمثال، رأينا أنها مناسبة لشرح وتوضيح المعنى.
د. عادل سالم محمد خلف. ❝ ⏤عادل سالم محمد خلف
❞ مقدمة
نبذة عن الأمثال الشعبية
ارتبط المجتمع العربي بقول الأمثال والاستدلال بها، في مختلف المواقف، فالأمثال ميراث الآباء للأبناء، ويرى البعض أنها ضرورة، وما من أمة أو مجتمع إلا واستعان بهذا الأدب الشعبي، فعبارة موجزة بليغة تغني عن شرح وسرد موقف أو إهداء نصيحة بحوار طويل، والمثل يعد من أفضل الآداب التي يمكن للمرء التعبير بها في أثناء الحديث، وإيصال الفكرة المطلوبة بسهولة، وهو يعبر عن موضوعات عامة ومشتركة بين الناس. وفي الغالب يصاحب المثل قصة من الممكن أن تكون حقيقية ووقعت بالفعل، ولكن في أغلب الأحيان تكون القصة من الخيال، ولذا نجد تعدد بعض القصص للمثل الواحد وتغير المشاهد من قصة لأخرى، ذلك لطول العهد بين رؤية المستدل بالمثل وصاحب القصة، وحاجة المجتمع لهذا النوع من الإضافة والتوضيح.
ونرى أن قائل المثل يردده ˝بقوة صاحب الحجة والبرهان، وكأنه استدل بخبر من السماء، وعلى المستمع السمع والطاعة والرضوخ، وأحيانًا لا يحق للمستمع حتى المناقشة، لأن القائل معه الحجة والبرهان، ˝ولا تملك رد قوله لأن معه الدليل كما يظن. ˝
المثل له معنى في اللغة وآخر في المصطلح.
المثل في اللغة: النظير والشبه.
المثل في المصطلح: هو الأقوال التي تورث من الآباء للأبناء، وتعكس ثقافة المجتمع، ˝وهو جملة مفيدة موجزة متواترة شفهيًا من جيل إلى جيل، والأمثال ˝علم سماعي˝ ينتقل شفهيًا عبر˝ ˝الأجيال والأقطار، وقد يضاف إليه أو يحذف منه، ويظل المعنى في الأعم الأغلب واحدًا.
˝ويصدر المثل عن جموع الناس كل الناس، وهو عبارة بليغة موجزة جميلة الصياغة، وقوية التأثير والدلالة، وعادةً ما يحظى بالقبول والانتشار والتداول والتواتر. ˝
ولا يشترط أن يكون المثل صحيح المعنى، فهناك أمثال غير صحيحة الدلالة، وشُرِح ذلك ˝في الجزء الأول من هذه السلسلة، في كتاب ˝دور الحكمة والأمثال الشعبية في المجتمع˝، ˝وهناك مثل عكس مثل، نعم، لأن الأمثال قول البشر، ولا تصدر عن نفس الشخص، ويختلف ˝الزمان والمكان بين كل مثل وعكسه، وكذلك ثقافة المجتمع الصادر منه المثل، ومن هنا كان الاختلاف.
وقد يكون الاختلاف مقبولًا ويصح الجمع بينهما، فليس كل اختلاف تضادًا، فقد يكون الاختلاف في الحالة التي يستدل بها على المثل، ˝وهناك أمثال تخالف الشرع والدين، وفي المقابل هناك أمثال من القرآن والسنة، والمولى -سبحانه وتعالى- ضرب لنا الأمثال في كتابه العزيز، نجد أيضًا في السنة المطهرة العديد من الأمثال، وقد ذكرنا في الجزء الأول من هذه السلسلة أنواع الأمثال في الكتاب والسنة، التي ذكرت لتوضيح المعنى وتبسيط المعلومة، وهناك أمثال تحاكي تجارب الحكماء، والنصح والإرشاد، ˝والعلم والتعليم، والصناعة، والزراعة، والطقس، ˝والآداب.
باختصار الأمثال وردت في كل فنون الحياة.
˝المطلوب: مراجعة المثل ومعايرته، فإن اختلف مع الشرع والدين والثوابت والموروثات الصحيحة، لا نعتقد فيه ˝ولا نردده، وننصح بعدم قبوله وقوله وتداوله، وإن ˝اتفق قبلناه، لأن المولى -سبحانه وتعالى- سيسأل العباد عن الأقوال والأفعال والاعتقاد. قال سبحانه: ˝(وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد). والرسول (ص) قال:˝ ˝˝أو لا يكب الناس على وجوههم في النار يوم القيامة ˝إلا من حصائد ألسنتهم˝.
فالكلمة أمانة، والعبد مسؤول عنها، ولذا لزم ضبط الأقوال التي نرددها، وننصح بها مع ميزان الشرع.
˝الفرق بين المثل والحكمة
˝المثل لا يشترط أن يكون صحيح المعنى، ولكنه صادف ظرفًا اشتهر به، وتم تداوله وتواتره بين الناس. أما الحكمة فلا بد أن تكون صادقة في كل الأحوال، لأن نظرة قائل المثل موضوعية، صادرة من عامة الناس، أما قائل الحكمة حكيم وذو نظرة شمولية من جميع الجوانب، ولا بد أن تتفق مع شرع الله.
باب معنى القصة والحكاية والفرق بينهما
سنتعرض في هذا الكتاب لقصة مثل أو حكاية مثل، وبداية لا بد أن نوضح الفرق بين القصة والحكاية، ومعنى الحكاية التي سنتخذها وسيلة لعرض الأحداث، وأنواعها.
الحكاية والقصة والفرق بينهما:
الحكاية: هي نص شفهي روائي، يرويه جيل عن جيل، وهي متوارثة، ويضاف إليها أو يحذف منها، والإبداع فيها يعتمد على الراوي وطريقة عرض الحكاية، فليس لها كاتب، وهي موروث ولسان الجماعة وملك للجميع.
القصة: هي لكاتب معين، تعبر عنه وعن رؤيته الخاصة، بمنظور فردي، وليست رؤية مجتمعية، ولا يجوز الإضافة أو الحذف منها، والحكاية كلمة اشتُقَت من كلمة (حكي) وهي التلقي بطريقة شفهية، ولا يستطيع المتلقي (المستمع) أن يضيف عليها بخياله، والمكان بالحكاية غير ذي قيمة أو تأثير بالغ كما بالقصة، أما القصة لها ضوابط مختلفة، وتسمح للقارئ بالتخيل، والحكاية من الممكن أن تتحول إلى قصة بعد إعادة صياغتها وكتابتها، وخلق أحداث وحبكة ترويها شخصيات القصة لا الراوي، وتم ذلك في بعض القصص التاريخية وترجمة بعض الحكايات الشعبية الموروثة وتحويلها إلى قصص.
والشاهد: أن الأمثال الهدف منها الدرس والعبرة والنصح والتحذير، في صور بسيطة موجزة، ولذا فقصة المثل أو حكاية المثل تأتي في نفس السياق، ويأتي المثل من الخيال، ويضاف إليه أو يحذف منه، أو يُسقَط، ولذا نرى أن حكاية المثل تأتي وقد تولد من أصل الحكاية (فتكون حكاية المثل)، ومن الممكن أن يكون المثل ثم تأتي الحكاية لتوضيح معنى ومغزى المثل، وقد تُروى حكاية المثل على لسان إنسان أو حيوان، والأصل في سرد الحكاية أنها متواترة لهذا المثل، وقد يرد للمثل أكثر من حكاية، نتعرض لها أو نروي أكثرها انتشارًا وتداولًا بين الناس، وقد نستعين ببعض الحكايات لشرح بعض الأمثال، رأينا أنها مناسبة لشرح وتوضيح المعنى.
د. عادل سالم محمد خلف. ❝