❞ بين الحياة و الموت .. خيط رفيع
حينما دبت الحياة على مسرح الدنيا منذ ملايين السنين .. كان المسرح مختلف كثيراً عن حاله الآن .. كانت الأرض ساخنة و الجو مثقلاً بالبخار .. و لم يكن الأكسجين بهذه الكثرة و إنما كان نادراً .. و كان الغاز المنتشر بكثرة هو الآيدروجين و النوشادر و الميثان و أول أكسيد الكربون .. و كان ومض البرق و قرقعة الرعد و الضوء فوق البنفسجي و الإشعاع الذري و الشحنات الكهربائية العالية لا تنقطع .. و كانت المياه تغمر مساحات واسعة في برك ضحلة .. و لم تكن المياه صافية رائقة يطفو عليها الطحلب الأخضر كمياه الغدران الآن .. و إنما كانت مياهاً عكرة كثيفة كالحساء مليئة بأملاح الفوسفور و الكالسيوم و الصوديوم و البوتاسيوم و الحديد و الكبريت ..
في هذا المسرح الكيميائي النشط .. بدأت الحياة .. و لهذا لا بد لنا أن نتكلم قليلاً في الكيمياء .. و لا بد للقارئ أن يتحمل معنا عناء رحلة في مجاهل عالم الكيمياء .. إذا أراد أن يعرف سر وجوده .
* * *
استطاعت المعامل أن تثبت أن مادة الحياة واحدة تقريباً في كل الكائنات الحية .. و أن الفوارق بين تركيب لحم الحمار و لحم البني آدم و لحم الحشرة .. فوارق طفيفة لا تذكر .. و أن كل المواد التي تتألف منها البنية الحية لا تخرج عن كونها سكريات و نشويات و دهنيات و بروتينات .
و أثبتت المعامل أيضاً أن هذه المواد جميعها هي تعقيدات مختلفة لمادة واحدة و هي الآيدروكربون .. كل المواد الحية مشتقات من مادة هيدروكربونية .. من غاو الميثان .. و هو غاز يتألف من الكربون و الآيدروجين .. فما هو الشيء السحري الذي جعل مادة الكربون بالذات هي المادة المختارة لنشأة الحياة .
السر أن هذه المادة قلقة غير مستقرة .. غير مشبعة .. فيها قابلية لا نهائية للارتباط بعدد لا نهائي من المركبات و المبادلة عليها بذراتها في كل وقت ..
و قد ثبت أن المواد المستقرة التي يسمونها في الكيمياء المواد النبيلة كالذهب و البلاتين و غاز الهيليوم و الأرجون و الكربتون .. كل هذه المواد ظلت مواداً عاطلة خاملة مثل الأمراء الخاملين .. بدأت و انتهت على حالها دون أن تعطي إمكانيات جديدة .. و السبب أن ذراتها مشبعة متوازنة مستقرة لدرجة الموت .. و لهذا لم يدخل أي واحد من هذه العناصر في تركيب الجسم الحي . و إنما اختارت الحياة مادة واحدة بعينها شديدة القلق ناقصة غير مشبعة كثيرة الانفكاك و الارتباط بالمواد حولها لتكون مستقراً لها .. هي مادة الكربون لأنها مستودع لطاقة كيماوية لا نهائية و محل لتفاعلات لا آخر لها ..
إنها هي ذاتها فيها صفات الحياة .. الفاعلية و التحول و التكاثر و التعقد ..
إن مفتاح الحياة هو .. الكربون .. لأنه مادة جائعة غير مشبعة تنقصها أربعة إلكترونات في مدارها الذري لتصل إلى الراحة و التوازن .. و لهذا فهي دائماً تدخل في علاقات و تفاعلات محاولة الوصول إلى هذا التوازن .. و تكون نتيجة هذه التفاعلات متتاليات كيميائية لا حصر لها .. تبدأ من غاو الميثان .. الهيدروكربون .. إلى المواد الكربوهيدراتية كالسكريات و النشويات .. إلى الجلسرين و الدهون .. إلى البروتينات .
كل هذه المتتالية الحية هي تعقيد و اشتقاق من مادة واحدة هي الكربون أو الفحم ..
و قدا قام ميللر بتقليد ظروف الحياة الأولى في المعمل فأحدث تفريغاً كهربائياً في جو خال من الأكسجين و به ميثان و نشادر و بخار ماء .. فكانت النتيجة مجموعة مدهشة من المركبات العضوية تشتمل على الأحماض الآمينية .. و هي نواة البروتينات .
و اختيار الحياة لعنصر الكربون بالذات لتتخذ منه الطوب الذي تبنى به معمارها اختيار فيه حكمة .. لأن الكربون عنصر نشيط .. احتمالاته الكيميائية لا حصر لها .. و قد ثبت بالحساب أن الجزيء الذي يحتوي على عشرين ذرة من الكربون يمكنه أن يعطي مليون صورة لتركيبات جديدة .
إنه عنصر مثل الحياة مفتوح على آفاق لانهائية .. ذرة تزيد و ذرة تنقص في الميثان تؤدي إلى تركيب الكلوروفورم .. الكحول .. النفتالين .. البنزول .. إلخ .. ملايين المواد الممكنة .
و كل مادة عضوية لها تعقيدات .
سكر القصب و سكر الفاكهة و سكر الشعير كلها تعقيدات لسكر العنب البسيط الجلوكوز .
و زيت الزيتون و زيت بذرة القطن و زيت الفول السوداني و زيت السمك و شحم الخنزير و شحم البقر .. كلها تعقيدات للجليسرين و الأحماض الدهنية ..
و مادة الأظافر و مادة الجلد و مادة الشعر و مادة العظم و الغضاريف و العضلات و الأعصاب و الدم و الريش و الأجنحة و قشر الحشرات و زلال البيض و الهرمونات .. كلها تعقيدات و اشتقاقات مختلفة من المادة البروتينية ..
و أنواع البروتينات التي تتألف من 24 حامض آميني يمكنها أن تعطي إمكانيات مثل التي تعطيها حروف الهجاء الـ26 .. يمكنها أن تعطي ألوف الكلمات و ملايين الجمل .. كل جملة تختلف عن الأخرى لأن تحت يدها 24 حرفاً كيميائياً تصنع منها تباديل و توافيق ..
و أهم مادة حية هي البروتين لأن جزيء البروتين ثقيل فيه أكثر من خمسة آلاف ذرة في المتوسط .. متعدد الاحتمالات بدرجة مذهلة .
و ذرات المادة البروتينية لا تعطي فقط إمكانيات متعددة للتوليف الكيماوي .. و لكنها أيضاً في التحامها تصنع أشكالاً متعددة من الالتحام . فهي تكون ملضومة أحياناً على شك مجمعات كروية و أحياناً على شكل سلاسل حلزونية .. و أحياناً على شكل حبال مبرومة كأسلاك التلغراف و في كل مرة تؤدي إلى شكل تركيبي جديد في وظيفته و طعمه و ملمسه مع أن التركيب الواحد في الكل ..
* * *
و السؤال الثاني الذي خطر ببال الكيميائيين هو الماء .. سر الماء ..
لماذا تبدو الحياة كأنها منقوعة كلها في الماء .
لماذا يؤلف الماء معظم النسيج الحي .. و لماذا يدخل كشرط في كل بنية حية ..
لقد تعودنا أن نتعلم في المدارس أن الماء سائل لا طعم له و لا لون و لا رائحة .. و هذه أكذوبة كبرى .. لأن الماء هو أكثر السوائل نشاطاً لأن تركيبه هو الآخر تركيب قلق غير مستقر غير مشبع .
أثبت الفحص الذري للماء أن ذرة الآيدروجين في جزيئه عارية بدون إلكترونات .. و لهذا كانت شديدة الشوق إلى استعارة الكترونات من أي مادة تلامسها .. و هذا سر قدرة الماء على إذابة المواد و التفاعل معها و تحليها إلى إيواناتها .
الماء ليس خاملاً .. و ليس عديم الطعم .. عديم النشاط .
الماء توازنه الكهربائي ناقص .. و لهذا فهو يروي من العطش أن له طعماً حيوياً ..
بدليل أن الماء الثقيل المشبع لا يروي .. و إذا شربت منه صفيحة فإنك لا بد هالك عطشاً .
و الماء له فعل آخر .. إنه يحول مادة البروتين إلى كتل غروية جيلاتينية في حالة تماسك كهربائي لا هو بالتجبن و لا هو بالتخشر .. و بهذا يصنع خامة حية شديدة الحساسية و عدم الثبات و القلق و التغير و التحول .
هذا البحث يثبت لنا في النهاية أن مادة الحياة فيها حياة .. فيها صفات الحياة .. و أن نشأة الحياة من مركبات الكربون و الماء لم تكن مصادفة .. و أن الحياة لو لم تنشأ من الكربون لنشأت من الكربون .. و أن الاحتمال أكبر من أن يكون مجرد خبطة عشوائية .
إنه ضرورة ..
و هذا يجعلنا نسأل .. ما هي المادة ..
و ما حقيقتها
. ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ بين الحياة و الموت . خيط رفيع
حينما دبت الحياة على مسرح الدنيا منذ ملايين السنين . كان المسرح مختلف كثيراً عن حاله الآن . كانت الأرض ساخنة و الجو مثقلاً بالبخار . و لم يكن الأكسجين بهذه الكثرة و إنما كان نادراً . و كان الغاز المنتشر بكثرة هو الآيدروجين و النوشادر و الميثان و أول أكسيد الكربون . و كان ومض البرق و قرقعة الرعد و الضوء فوق البنفسجي و الإشعاع الذري و الشحنات الكهربائية العالية لا تنقطع . و كانت المياه تغمر مساحات واسعة في برك ضحلة . و لم تكن المياه صافية رائقة يطفو عليها الطحلب الأخضر كمياه الغدران الآن . و إنما كانت مياهاً عكرة كثيفة كالحساء مليئة بأملاح الفوسفور و الكالسيوم و الصوديوم و البوتاسيوم و الحديد و الكبريت .
في هذا المسرح الكيميائي النشط . بدأت الحياة . و لهذا لا بد لنا أن نتكلم قليلاً في الكيمياء . و لا بد للقارئ أن يتحمل معنا عناء رحلة في مجاهل عالم الكيمياء . إذا أراد أن يعرف سر وجوده .
**
استطاعت المعامل أن تثبت أن مادة الحياة واحدة تقريباً في كل الكائنات الحية . و أن الفوارق بين تركيب لحم الحمار و لحم البني آدم و لحم الحشرة . فوارق طفيفة لا تذكر . و أن كل المواد التي تتألف منها البنية الحية لا تخرج عن كونها سكريات و نشويات و دهنيات و بروتينات .
و أثبتت المعامل أيضاً أن هذه المواد جميعها هي تعقيدات مختلفة لمادة واحدة و هي الآيدروكربون . كل المواد الحية مشتقات من مادة هيدروكربونية . من غاو الميثان . و هو غاز يتألف من الكربون و الآيدروجين . فما هو الشيء السحري الذي جعل مادة الكربون بالذات هي المادة المختارة لنشأة الحياة .
السر أن هذه المادة قلقة غير مستقرة . غير مشبعة . فيها قابلية لا نهائية للارتباط بعدد لا نهائي من المركبات و المبادلة عليها بذراتها في كل وقت .
و قد ثبت أن المواد المستقرة التي يسمونها في الكيمياء المواد النبيلة كالذهب و البلاتين و غاز الهيليوم و الأرجون و الكربتون . كل هذه المواد ظلت مواداً عاطلة خاملة مثل الأمراء الخاملين . بدأت و انتهت على حالها دون أن تعطي إمكانيات جديدة . و السبب أن ذراتها مشبعة متوازنة مستقرة لدرجة الموت . و لهذا لم يدخل أي واحد من هذه العناصر في تركيب الجسم الحي . و إنما اختارت الحياة مادة واحدة بعينها شديدة القلق ناقصة غير مشبعة كثيرة الانفكاك و الارتباط بالمواد حولها لتكون مستقراً لها . هي مادة الكربون لأنها مستودع لطاقة كيماوية لا نهائية و محل لتفاعلات لا آخر لها .
إنها هي ذاتها فيها صفات الحياة . الفاعلية و التحول و التكاثر و التعقد .
إن مفتاح الحياة هو . الكربون . لأنه مادة جائعة غير مشبعة تنقصها أربعة إلكترونات في مدارها الذري لتصل إلى الراحة و التوازن . و لهذا فهي دائماً تدخل في علاقات و تفاعلات محاولة الوصول إلى هذا التوازن . و تكون نتيجة هذه التفاعلات متتاليات كيميائية لا حصر لها . تبدأ من غاو الميثان . الهيدروكربون . إلى المواد الكربوهيدراتية كالسكريات و النشويات . إلى الجلسرين و الدهون . إلى البروتينات .
كل هذه المتتالية الحية هي تعقيد و اشتقاق من مادة واحدة هي الكربون أو الفحم .
و قدا قام ميللر بتقليد ظروف الحياة الأولى في المعمل فأحدث تفريغاً كهربائياً في جو خال من الأكسجين و به ميثان و نشادر و بخار ماء . فكانت النتيجة مجموعة مدهشة من المركبات العضوية تشتمل على الأحماض الآمينية . و هي نواة البروتينات .
و اختيار الحياة لعنصر الكربون بالذات لتتخذ منه الطوب الذي تبنى به معمارها اختيار فيه حكمة . لأن الكربون عنصر نشيط . احتمالاته الكيميائية لا حصر لها . و قد ثبت بالحساب أن الجزيء الذي يحتوي على عشرين ذرة من الكربون يمكنه أن يعطي مليون صورة لتركيبات جديدة .
إنه عنصر مثل الحياة مفتوح على آفاق لانهائية . ذرة تزيد و ذرة تنقص في الميثان تؤدي إلى تركيب الكلوروفورم . الكحول . النفتالين . البنزول . إلخ . ملايين المواد الممكنة .
و كل مادة عضوية لها تعقيدات .
سكر القصب و سكر الفاكهة و سكر الشعير كلها تعقيدات لسكر العنب البسيط الجلوكوز .
و زيت الزيتون و زيت بذرة القطن و زيت الفول السوداني و زيت السمك و شحم الخنزير و شحم البقر . كلها تعقيدات للجليسرين و الأحماض الدهنية .
و مادة الأظافر و مادة الجلد و مادة الشعر و مادة العظم و الغضاريف و العضلات و الأعصاب و الدم و الريش و الأجنحة و قشر الحشرات و زلال البيض و الهرمونات . كلها تعقيدات و اشتقاقات مختلفة من المادة البروتينية .
و أنواع البروتينات التي تتألف من 24 حامض آميني يمكنها أن تعطي إمكانيات مثل التي تعطيها حروف الهجاء الـ26 . يمكنها أن تعطي ألوف الكلمات و ملايين الجمل . كل جملة تختلف عن الأخرى لأن تحت يدها 24 حرفاً كيميائياً تصنع منها تباديل و توافيق .
و أهم مادة حية هي البروتين لأن جزيء البروتين ثقيل فيه أكثر من خمسة آلاف ذرة في المتوسط . متعدد الاحتمالات بدرجة مذهلة .
و ذرات المادة البروتينية لا تعطي فقط إمكانيات متعددة للتوليف الكيماوي . و لكنها أيضاً في التحامها تصنع أشكالاً متعددة من الالتحام . فهي تكون ملضومة أحياناً على شك مجمعات كروية و أحياناً على شكل سلاسل حلزونية . و أحياناً على شكل حبال مبرومة كأسلاك التلغراف و في كل مرة تؤدي إلى شكل تركيبي جديد في وظيفته و طعمه و ملمسه مع أن التركيب الواحد في الكل .
**
و السؤال الثاني الذي خطر ببال الكيميائيين هو الماء . سر الماء .
لماذا تبدو الحياة كأنها منقوعة كلها في الماء .
لماذا يؤلف الماء معظم النسيج الحي . و لماذا يدخل كشرط في كل بنية حية .
لقد تعودنا أن نتعلم في المدارس أن الماء سائل لا طعم له و لا لون و لا رائحة . و هذه أكذوبة كبرى . لأن الماء هو أكثر السوائل نشاطاً لأن تركيبه هو الآخر تركيب قلق غير مستقر غير مشبع .
أثبت الفحص الذري للماء أن ذرة الآيدروجين في جزيئه عارية بدون إلكترونات . و لهذا كانت شديدة الشوق إلى استعارة الكترونات من أي مادة تلامسها . و هذا سر قدرة الماء على إذابة المواد و التفاعل معها و تحليها إلى إيواناتها .
الماء ليس خاملاً . و ليس عديم الطعم . عديم النشاط .
الماء توازنه الكهربائي ناقص . و لهذا فهو يروي من العطش أن له طعماً حيوياً .
بدليل أن الماء الثقيل المشبع لا يروي . و إذا شربت منه صفيحة فإنك لا بد هالك عطشاً .
و الماء له فعل آخر . إنه يحول مادة البروتين إلى كتل غروية جيلاتينية في حالة تماسك كهربائي لا هو بالتجبن و لا هو بالتخشر . و بهذا يصنع خامة حية شديدة الحساسية و عدم الثبات و القلق و التغير و التحول .
هذا البحث يثبت لنا في النهاية أن مادة الحياة فيها حياة . فيها صفات الحياة . و أن نشأة الحياة من مركبات الكربون و الماء لم تكن مصادفة . و أن الحياة لو لم تنشأ من الكربون لنشأت من الكربون . و أن الاحتمال أكبر من أن يكون مجرد خبطة عشوائية .
إنه ضرورة .
و هذا يجعلنا نسأل . ما هي المادة .
و ما حقيقتها. ❝
❞ شروق وغروب
فرحة عارمة تعم منزل الحاج (عدلي) ، رجل الأعمال المعروف .. الأنوار والزينات تحيل الليل نهارا .. وقد امتلأت الموائد داخل سرادق ضخم بألوان الطعام والحلوى والمشروبات المثلجة .. ووزعت علب (الملبس) المليئة بالحمص واللوز وأغلى أنواع الشيكولاتة ، على كل الحاضرين صغارا وكبارا .. فقد رزقه الله بعد عشر سنين عجاف طفلتين توأم .. ( شمس وقمر) كانتا ريحانتي العائلة كلها .
تمضي السنين وتصبحان فتاتين يافعتين جميلتين .. لا يستطيع أحد التفريق بينهما لتشابهما التام ! ، إلا إن شمس كانت أكثر نشاطا وخفة .. لا تكف عن الضحك والمزاح .. بينما كانت قمر رزينة هادئة ، تهوى القراءة والرسم ، تقضي معظم الوقت في البيت مما جعل (شمس) تطلق عليها (بيوتية) وكانت دائما ما تداعبها وتمازحها قائلة : أنتِ (قمر) .. والقمر لا يظهر إلا ليلًا !! أما أنا فأظهر نهارا لأنير الدنيا لأنني (شمس) !! وتنطلق ضاحكة مرحة .. بينما (قمر) تبتسم ساخرة منها .. ألا إن الحب يجمعهما .. ويتجسد هذا الحب عندما تجتمع الأسرة كلها .. في سعادة وبهجة
كانت شمس تعشق المغامرات ، تتدرب علي (الكونغو فو) وتلعب كرة القدم ، تخرج بصحبة أبيها تمارس هواية صيد السمك .. تركب الخيل .. تجوب بالدراجة أنحاء البلدة .. وتطارد الفراشات في الحدائق ، لا تدع لعبة أو هواية .. إلا مارستها ، وكأنها تسرق من العمر عمرا !! الشيء الوحيد الذي تمنت ممارسته .. هو السباحة ! وأخبرت أبيها بذلك .. لكنه رفض رفضًا تامًا خوفا عليها ، ولعدم وجود مكان مخصص لتعليم الفتيات السباحة بالنادي .
ظل هذا الحلم يراودها .. وأصرت .. في قرارة نفسها أن تحققه .. أثناء تنزهها مع أختها على شاطىء النيل .. غافلتها وأسرعت تتسلق إحدى الشجرات المطلة علي النيل ، مهددة بإلقاء نفسها في الماء ، إن لم يوافق أبوهما على تعلمها السباحة أخذت (قمر) الأمرعلى إنه مزحة لأنها تعرف أن (شمس) تعشق الحياة !! ولن تفعلها أبدا تصعد (قمر) إليها مرددة :ما دمتِ تصرين على ذلك .. فإما أن نموت معا أو نعيش معا !!
لم يتحمل فرع الشجرة ثقلهما فينكسر، وتسقط (قمر) في النيل ، بينما يعلق ثوب (شمس) بالشجرة ، تصرخ (شمس) تستغيث لعل أحدا ينقذهما ! فيهرع بعض المارة إليها .. منهم من ألقى بنفسه في الماء لإنقاذ (قمر) التي كانت تصارع الأمواج .. لكن الأمواج تصرعها وتغرق !! قبل أن يصل إليها أحد .. ويخرجونها جثة هامدة ، ومنهم من تسلق الشجرة لنجدة (شمس) و إنزالها .. وقد انهارت وخارت قواها وظلت تصرخ وتبكي وتولول في هيستريا مفزعة !!
يأتي الأب على صوت الضجيج والصراخ .. مستطلعا .. ليفاجأ بما حدث .. يصرخ دون وعي : ابنتي .. ابنتي !! ويسقط مغشيا عليه من هول الصدمة !
كان موت (قمر) صدمة مفجعة ( لشمس) ، وجميع أفراد الأسرة .. لا يصدقون أن (قمر) ماتت !! إلا إنهم في النهاية يسلمون الأمر لله .. فالموت حق .. ولكن الصدمة قوية .. وظلت (شمس) تعاني من نوبات بكاء وصراخ ، وكلما حاولت النوم يأتيها طيف شقيقتها .. تراها ممدة بجانبها تحاول احتضانها .. فلا تحتضن إلا الفراغ .. تصرخ : \" قمر .. قمر \" ! إلى أين ذهبتِ ..ارجعي يا قمر !! .. وتروح في نوبة بكاء حار !! إلى أن يغلبها النوم !!
خيم الظلام و الحزن علي المنزل ، الذي كان يشع ضوءً و حياة ، فقدغابت (قمر) وانطفأت (شمس) حزنًا عليها ..
تمر سنوات ولا جديد غير إن (شمس) علي قيد الحياة ، لكنها لم تعد (شمس) التي كانت قبل موت أختها ..تلجأ إلى الصمت وتعكف على القراءة كما كانت تفعل ( قمر) .. و دموعها لا تفارقها ليل نهار، تتوقف عن الدراسة .. تنعزل عن المجتمع ..تشعر بالذنب فلولا تهورها ما ماتت (قمر) !!
يحاول والدها التسرية عنها ، وإخراجها من تلك العزلة القاتلة .. لكن الحزن لا يغيب والجراح لا تبرأ !!
هدأت نفسها بعض الشيء .. قررت ان تكمل دراستها ، التحقت بمعهد الفنون لتعلم الرسم ، تتقمص شخصية (قمر) ، الهدوء والرزانة والرسم والقراءة فقط !!
مرت أيام و أيام .. وكل يوم كانت تتحسن حالة (شمس) .. الكل سعيد بعودتها للحياة .. ويدعون لها دائما براحة البال ، ودوام السعادة والاستقرار .
ذات يوم .. قلقت الأم عندما لم تخرج (شمس) من حجرتها لتناول العشاء .. نادتها .. لم تسمع إجابة .. ذهبت إلى الحجرة .. لم تجدها بالغرفة أصابها الخوف .. يطمئنها زوجها فلعلها خرجت للتنزه قليلا ، لا داعي للقلق ويجب ألا تضيقِ عليها بعد أن منَ الله عليها بالخروج من عزلتها ، و دعيها تكتشف الحياة بنفسها ! تنقضي ساعات وتعود (شمس) ، وقد بدا عليها الإجهاد و التعب ، وتحمل في يدها .. حقيبة ملابس .. عللت غيابها بأنها كانت تتسوق .. رفضت الطعام و أخبرت أمها بأنها تناولت بعض الشطائر .. وليست جائعة و توجهت لتستريح في غرفتها . في الصباح تفتح الحقيبة فتعتريها الدهشة .. وتتعجب مما تجده فيها .. ملابس مثيرة و اكسسوارات وأشياء لا تدري كيف وصلت لها !!؟ فهي لا تجرأ علي ارتدائها حتى داخل حجرتها .. فكيف وصلت إليها ؟! ومن أين ؟! ومتى ؟!
تحاول أن تتذكر ما حدث ليلة أمس ، تشعر بصداع رهيب ، تتناول الافطار مع والديها ، تشعر والدتها بحالتها وتعبها .. تسألها عما بها .. وهل تشعر بألم ما ؟! .. تجيبها بالنفي .. إلا إن أمها تعرض عليها الذهاب للطبيب ، ترفض وتطمئن أمها .. رغم أن صداعا شديدا وألما لا يطاق يلازمنها منذ فترة .. كما تعتريها نوبات دوار بين الحين والحين ..
إلى أن يزداد الأمر سوءً عندما سقطت مغشيا عليها ذات صباح .. يفزع والدها ويستدعي الطبيب ، الذى يطلب نقلها فورا للمستشفى ، فهي في حالة وهن شديد ، تحتاج لعلاج ورعاية خاصة لا توجدان بالمنزل ..وقد تحتاج لنقل دم ويجب إدخالها الرعاية المركزة ..
يمر يومان و(شمس) ترقد في الإنعاش غائبة عن الوعي تماما ، تظهر نتيجة التحاليل والأشعة ، لتُصعق الجميع : \" شمس حامل \" !!!؟
يصاب والدها بارتفاع الضغط الدم وأمها تسقط أرضا ، يتم اسعافهما وينصحهما الطبيب بوجوب الهدوء والتعامل بحكمة مع الأمر ! فهي بالإضافة إلى الحمل ، تعاني من انفصام الشخصية ، تجعلها تتقمص شخصيتين معا !
تتذكر والدتها خروجها ليلا .. والألم والصداع الذي كانت تعاني منهما منذ فترة . تستعيد (شمس) وعيها ، يحاول والديها تمالك نفسهما ، والتماسك من أجلها ، فهي لا تتذكر شيئا .
تظل أيامًا بالمستشفى تخضع فيها للعلاج جسديًا .. وبعدما تحسنت حالتها قليلا .. بدأ العلاج النفسي .. تروي (شمس) للطبيبة النفسية ما حدث منذ غرق (قمر) وإحساسها بالذنب ، فهي تتصور إنها القاتلة لذلك تعاقب نفسها بعزلتها عن كل متع الحياة ، وكل ما تحب و تتقمص شخصية (قمر) وتكبت شخصية (شمس) التي هي عكس (قمر) تحب الخروج والانطلاق !! عاشت صراعًا دائمًا وشديدًا داخلها بين (شمس) و(قمر) .. بين الشروق والغروب ، الهدوء والصخب ، بين الموت والحياة ، هذا الكبت سبب انفجارا لديها ، تأتي بتصرفات لا تدري عنها شيئا ..
هدأت الطبيبة من روعها .. وطمأنتها .. فهي في طريقها إلى الشفاء بإذن الله .. تلتقي الطبيبة بوالديها .. تطالبهما بالتروي في معاملتها .. فهي .. نتيجة إحساسها بالذنب .. أصبحت تعيش في النهار قمر وفي الليل شمس . بل إن زيادة إحساسها بهذا الذنب .. وهي لم ترتكبه .. تعاقب نفسها .. فانحرفت وارتادت الملاهي الليلية و اصطياد الرجال ، ممارسة الرذيلة معهم .. لذلك فلابد من التريث والصبر ، وعدم إخبارها بالحمل
ويستمر علاج (شمس) .. ويلجأ الوالدان إلى الله يدعوان لها .. بعدما عرفا إنها غير مسئولة عن تصرفاتها !!
٢٠٢١/٥/٨. ❝ ⏤صفاء فوزى
❞ شروق وغروب
فرحة عارمة تعم منزل الحاج (عدلي) ، رجل الأعمال المعروف . الأنوار والزينات تحيل الليل نهارا . وقد امتلأت الموائد داخل سرادق ضخم بألوان الطعام والحلوى والمشروبات المثلجة . ووزعت علب (الملبس) المليئة بالحمص واللوز وأغلى أنواع الشيكولاتة ، على كل الحاضرين صغارا وكبارا . فقد رزقه الله بعد عشر سنين عجاف طفلتين توأم . ( شمس وقمر) كانتا ريحانتي العائلة كلها .
تمضي السنين وتصبحان فتاتين يافعتين جميلتين . لا يستطيع أحد التفريق بينهما لتشابهما التام ! ، إلا إن شمس كانت أكثر نشاطا وخفة . لا تكف عن الضحك والمزاح . بينما كانت قمر رزينة هادئة ، تهوى القراءة والرسم ، تقضي معظم الوقت في البيت مما جعل (شمس) تطلق عليها (بيوتية) وكانت دائما ما تداعبها وتمازحها قائلة : أنتِ (قمر) . والقمر لا يظهر إلا ليلًا !! أما أنا فأظهر نهارا لأنير الدنيا لأنني (شمس) !! وتنطلق ضاحكة مرحة . بينما (قمر) تبتسم ساخرة منها . ألا إن الحب يجمعهما . ويتجسد هذا الحب عندما تجتمع الأسرة كلها . في سعادة وبهجة
كانت شمس تعشق المغامرات ، تتدرب علي (الكونغو فو) وتلعب كرة القدم ، تخرج بصحبة أبيها تمارس هواية صيد السمك . تركب الخيل . تجوب بالدراجة أنحاء البلدة . وتطارد الفراشات في الحدائق ، لا تدع لعبة أو هواية . إلا مارستها ، وكأنها تسرق من العمر عمرا !! الشيء الوحيد الذي تمنت ممارسته . هو السباحة ! وأخبرت أبيها بذلك . لكنه رفض رفضًا تامًا خوفا عليها ، ولعدم وجود مكان مخصص لتعليم الفتيات السباحة بالنادي .
ظل هذا الحلم يراودها . وأصرت . في قرارة نفسها أن تحققه . أثناء تنزهها مع أختها على شاطىء النيل . غافلتها وأسرعت تتسلق إحدى الشجرات المطلة علي النيل ، مهددة بإلقاء نفسها في الماء ، إن لم يوافق أبوهما على تعلمها السباحة أخذت (قمر) الأمرعلى إنه مزحة لأنها تعرف أن (شمس) تعشق الحياة !! ولن تفعلها أبدا تصعد (قمر) إليها مرددة :ما دمتِ تصرين على ذلك . فإما أن نموت معا أو نعيش معا !!
لم يتحمل فرع الشجرة ثقلهما فينكسر، وتسقط (قمر) في النيل ، بينما يعلق ثوب (شمس) بالشجرة ، تصرخ (شمس) تستغيث لعل أحدا ينقذهما ! فيهرع بعض المارة إليها . منهم من ألقى بنفسه في الماء لإنقاذ (قمر) التي كانت تصارع الأمواج . لكن الأمواج تصرعها وتغرق !! قبل أن يصل إليها أحد . ويخرجونها جثة هامدة ، ومنهم من تسلق الشجرة لنجدة (شمس) و إنزالها . وقد انهارت وخارت قواها وظلت تصرخ وتبكي وتولول في هيستريا مفزعة !!
يأتي الأب على صوت الضجيج والصراخ . مستطلعا . ليفاجأ بما حدث . يصرخ دون وعي : ابنتي . ابنتي !! ويسقط مغشيا عليه من هول الصدمة !
كان موت (قمر) صدمة مفجعة ( لشمس) ، وجميع أفراد الأسرة . لا يصدقون أن (قمر) ماتت !! إلا إنهم في النهاية يسلمون الأمر لله . فالموت حق . ولكن الصدمة قوية . وظلت (شمس) تعاني من نوبات بكاء وصراخ ، وكلما حاولت النوم يأتيها طيف شقيقتها . تراها ممدة بجانبها تحاول احتضانها . فلا تحتضن إلا الفراغ . تصرخ : ˝ قمر . قمر ˝ ! إلى أين ذهبتِ .ارجعي يا قمر !! . وتروح في نوبة بكاء حار !! إلى أن يغلبها النوم !!
خيم الظلام و الحزن علي المنزل ، الذي كان يشع ضوءً و حياة ، فقدغابت (قمر) وانطفأت (شمس) حزنًا عليها .
تمر سنوات ولا جديد غير إن (شمس) علي قيد الحياة ، لكنها لم تعد (شمس) التي كانت قبل موت أختها .تلجأ إلى الصمت وتعكف على القراءة كما كانت تفعل ( قمر) . و دموعها لا تفارقها ليل نهار، تتوقف عن الدراسة . تنعزل عن المجتمع .تشعر بالذنب فلولا تهورها ما ماتت (قمر) !!
يحاول والدها التسرية عنها ، وإخراجها من تلك العزلة القاتلة . لكن الحزن لا يغيب والجراح لا تبرأ !!
هدأت نفسها بعض الشيء . قررت ان تكمل دراستها ، التحقت بمعهد الفنون لتعلم الرسم ، تتقمص شخصية (قمر) ، الهدوء والرزانة والرسم والقراءة فقط !!
مرت أيام و أيام . وكل يوم كانت تتحسن حالة (شمس) . الكل سعيد بعودتها للحياة . ويدعون لها دائما براحة البال ، ودوام السعادة والاستقرار .
ذات يوم . قلقت الأم عندما لم تخرج (شمس) من حجرتها لتناول العشاء . نادتها . لم تسمع إجابة . ذهبت إلى الحجرة . لم تجدها بالغرفة أصابها الخوف . يطمئنها زوجها فلعلها خرجت للتنزه قليلا ، لا داعي للقلق ويجب ألا تضيقِ عليها بعد أن منَ الله عليها بالخروج من عزلتها ، و دعيها تكتشف الحياة بنفسها ! تنقضي ساعات وتعود (شمس) ، وقد بدا عليها الإجهاد و التعب ، وتحمل في يدها . حقيبة ملابس . عللت غيابها بأنها كانت تتسوق . رفضت الطعام و أخبرت أمها بأنها تناولت بعض الشطائر . وليست جائعة و توجهت لتستريح في غرفتها . في الصباح تفتح الحقيبة فتعتريها الدهشة . وتتعجب مما تجده فيها . ملابس مثيرة و اكسسوارات وأشياء لا تدري كيف وصلت لها !!؟ فهي لا تجرأ علي ارتدائها حتى داخل حجرتها . فكيف وصلت إليها ؟! ومن أين ؟! ومتى ؟!
تحاول أن تتذكر ما حدث ليلة أمس ، تشعر بصداع رهيب ، تتناول الافطار مع والديها ، تشعر والدتها بحالتها وتعبها . تسألها عما بها . وهل تشعر بألم ما ؟! . تجيبها بالنفي . إلا إن أمها تعرض عليها الذهاب للطبيب ، ترفض وتطمئن أمها . رغم أن صداعا شديدا وألما لا يطاق يلازمنها منذ فترة . كما تعتريها نوبات دوار بين الحين والحين .
إلى أن يزداد الأمر سوءً عندما سقطت مغشيا عليها ذات صباح . يفزع والدها ويستدعي الطبيب ، الذى يطلب نقلها فورا للمستشفى ، فهي في حالة وهن شديد ، تحتاج لعلاج ورعاية خاصة لا توجدان بالمنزل .وقد تحتاج لنقل دم ويجب إدخالها الرعاية المركزة .
يمر يومان و(شمس) ترقد في الإنعاش غائبة عن الوعي تماما ، تظهر نتيجة التحاليل والأشعة ، لتُصعق الجميع : ˝ شمس حامل ˝ !!!؟
يصاب والدها بارتفاع الضغط الدم وأمها تسقط أرضا ، يتم اسعافهما وينصحهما الطبيب بوجوب الهدوء والتعامل بحكمة مع الأمر ! فهي بالإضافة إلى الحمل ، تعاني من انفصام الشخصية ، تجعلها تتقمص شخصيتين معا !
تتذكر والدتها خروجها ليلا . والألم والصداع الذي كانت تعاني منهما منذ فترة . تستعيد (شمس) وعيها ، يحاول والديها تمالك نفسهما ، والتماسك من أجلها ، فهي لا تتذكر شيئا .
تظل أيامًا بالمستشفى تخضع فيها للعلاج جسديًا . وبعدما تحسنت حالتها قليلا . بدأ العلاج النفسي . تروي (شمس) للطبيبة النفسية ما حدث منذ غرق (قمر) وإحساسها بالذنب ، فهي تتصور إنها القاتلة لذلك تعاقب نفسها بعزلتها عن كل متع الحياة ، وكل ما تحب و تتقمص شخصية (قمر) وتكبت شخصية (شمس) التي هي عكس (قمر) تحب الخروج والانطلاق !! عاشت صراعًا دائمًا وشديدًا داخلها بين (شمس) و(قمر) . بين الشروق والغروب ، الهدوء والصخب ، بين الموت والحياة ، هذا الكبت سبب انفجارا لديها ، تأتي بتصرفات لا تدري عنها شيئا .
هدأت الطبيبة من روعها . وطمأنتها . فهي في طريقها إلى الشفاء بإذن الله . تلتقي الطبيبة بوالديها . تطالبهما بالتروي في معاملتها . فهي . نتيجة إحساسها بالذنب . أصبحت تعيش في النهار قمر وفي الليل شمس . بل إن زيادة إحساسها بهذا الذنب . وهي لم ترتكبه . تعاقب نفسها . فانحرفت وارتادت الملاهي الليلية و اصطياد الرجال ، ممارسة الرذيلة معهم . لذلك فلابد من التريث والصبر ، وعدم إخبارها بالحمل
ويستمر علاج (شمس) . ويلجأ الوالدان إلى الله يدعوان لها . بعدما عرفا إنها غير مسئولة عن تصرفاتها !!
❞ قلوبنا جائعة يا الله
الحزن أحتل بيوتنا
والرحمة اصبحت ضريرة
الساعة تدق اااااااه
والوجع يزحف بين الركام
قتلوا الأرض واحترق الخبز
وما زال الموت يتجول بيننا
كصاحب دار
#شيرين_رضا. ❝ ⏤شيرين رضا
❞ قلوبنا جائعة يا الله
الحزن أحتل بيوتنا
والرحمة اصبحت ضريرة
الساعة تدق اااااااه
والوجع يزحف بين الركام
قتلوا الأرض واحترق الخبز
وما زال الموت يتجول بيننا
كصاحب دار
#شيرين_رضا. ❝
❞ 1
كنت كلّما سمعتُ هزيجاً خفيفاً لأوتار الليل يجيزُ للناي أن يبكي بكاء خفّة وهزّة تثار نفسي وترتاح ، وبعد أن تمتلئ زهواً حزيناً أو انتشاءً فرحاً ، أتحرّكُ نحو قلمي برشاقة خوفاً من أن أغضب أزهار قلبي فتكبح مشاعري ، وينفذ حبر بلاغتي ، ويسرق منّي الفراغ أجمل ما سأكتبه إليكِ :
يا زهرة البنفسج أعيبٌ في قلمي أم في حبّكِ الذي لا سبيل لشفائه ؟
غرقتُ في تفكير عميق أحاول أن أمزج بين لغتي ولغتكِ لم أجد حروفاً تمضي إلى عينيكِ أجمل من لغةٍ غزلتها أزهار النور ، وخيوط الشّمس ، وغمزة القمر ، شهيّة كفواكه الفجر مقطوفة بأنامل النسيم ، مرفوعة تضمّها الروح في السّماء .
أشعر أنّي كشاة مذبوحة لا يهمها السلخ ، فكلّ الآلام التي تحاصرني لا قيمة لها ، تستفزني وتريد أن تطفئ بصيص الأمل الذي يشحن عزيمتي الضعيفة ، أتذكرين ؟
أنا لا أنسى لوحة الجدار وطفلة ، و فاكهة النار الجائعة ، وصقيع الليل ،
ودفء يديكِ ، ونشوة حبّي ، كما لا أنسى ما كنتِ ترددينه : ما السرّ الذي يدفعكَ أن تكتب لي في الثلث الأخير من الليل ؟
كنت أكتفي بابتسامة خفيفة ، وأنا أنظر إلى عيني روما الجميلتين ، أرى معابدها وعصافيرها ، أرى مروجها ووديانها ، أرى حبّاً تدلّى من عرش الملوكيّة ليستوي ويستقرّ ويثبت في قلبٍ صار معلماً من معالم الطريق إلى روما .. ❝ ⏤Saeed. Ha
❞ 1
كنت كلّما سمعتُ هزيجاً خفيفاً لأوتار الليل يجيزُ للناي أن يبكي بكاء خفّة وهزّة تثار نفسي وترتاح ، وبعد أن تمتلئ زهواً حزيناً أو انتشاءً فرحاً ، أتحرّكُ نحو قلمي برشاقة خوفاً من أن أغضب أزهار قلبي فتكبح مشاعري ، وينفذ حبر بلاغتي ، ويسرق منّي الفراغ أجمل ما سأكتبه إليكِ :
يا زهرة البنفسج أعيبٌ في قلمي أم في حبّكِ الذي لا سبيل لشفائه ؟
غرقتُ في تفكير عميق أحاول أن أمزج بين لغتي ولغتكِ لم أجد حروفاً تمضي إلى عينيكِ أجمل من لغةٍ غزلتها أزهار النور ، وخيوط الشّمس ، وغمزة القمر ، شهيّة كفواكه الفجر مقطوفة بأنامل النسيم ، مرفوعة تضمّها الروح في السّماء .
أشعر أنّي كشاة مذبوحة لا يهمها السلخ ، فكلّ الآلام التي تحاصرني لا قيمة لها ، تستفزني وتريد أن تطفئ بصيص الأمل الذي يشحن عزيمتي الضعيفة ، أتذكرين ؟
أنا لا أنسى لوحة الجدار وطفلة ، و فاكهة النار الجائعة ، وصقيع الليل ،
ودفء يديكِ ، ونشوة حبّي ، كما لا أنسى ما كنتِ ترددينه : ما السرّ الذي يدفعكَ أن تكتب لي في الثلث الأخير من الليل ؟
كنت أكتفي بابتسامة خفيفة ، وأنا أنظر إلى عيني روما الجميلتين ، أرى معابدها وعصافيرها ، أرى مروجها ووديانها ، أرى حبّاً تدلّى من عرش الملوكيّة ليستوي ويستقرّ ويثبت في قلبٍ صار معلماً من معالم الطريق إلى روما. ❝