❞ أحدثت الثورة الرقمية تأثيرات جمَّة في مختلف نواحي الحياة الإنسانية، ولعل ذلك يعود بالأساس إلى قدرتها على تحويل كل المعلومات والبيانات والأنشطة الحياتية بمجملها ومتطلباتها إلى صورة رقمية يسهل تداولها عبر الفضاء السيبراني، مما يعني تحولات جذرية في بنية العالم من المادية إلى الافتراضية، حيث أصبح العالم الآن يعيش بين بنيتين؛ بنية مادية ذاهبة بقوة نحو التضاؤل والاضمحلال، وأخرى افتراضية آتية بسرعة نحو الهيمنة والازدهار.
يتناول الكتاب السيبرانية كتطور حدث للثورة الرقمية وكيفية تحول بينة العالم في إطارها من المادية إلى الافتراضية في الفصلين الأول والثاني، ثم تتتابع فصول الكتاب الباقية لتوضيح التحولات التي حدثت والمتوقع حدوثها في المستقبل في كل من: الكائنات، والآلات، والأزمنة، والأمكنة، والخدمات، والمرافق، والمجتمعات، والاقتصادات، والكيانات، وحتى الحروب، وتحولها من الحالة المادية إلى الحالة الافتراضية، وكيفية التحكم فيها من خلال إمكانات السيبرانية إلكترونياً وعن بعد.
ما بين تفاؤل مطلوب وقلق مشروع، تتعاقب أطروحات الكتاب؛ من مقدمته التي تؤطر للمستقبل السيبراني القادم بقوة من خلال نظرة تفاؤلية، إلى خاتمته التي تحاول أن تزيل القلق من خلال اليقين بأن أبناءنا الذين نشأوا في هذا العالم السيبراني ويقضون جزءاً كبيراً من حياتهم فيه، هم أقل قلقاً مما نحن فيه وأكثر أماني بأن يحمل لهم المستقبل أكثر مما هم فيه الآن، بحيث تبدو سيبرانية اليوم الهائلة بالنسبة لنا ما هي إلا ماضٍ بعيد بالنسبة لهم.. ❝ ⏤نوبي محمد حسن
❞ أحدثت الثورة الرقمية تأثيرات جمَّة في مختلف نواحي الحياة الإنسانية، ولعل ذلك يعود بالأساس إلى قدرتها على تحويل كل المعلومات والبيانات والأنشطة الحياتية بمجملها ومتطلباتها إلى صورة رقمية يسهل تداولها عبر الفضاء السيبراني، مما يعني تحولات جذرية في بنية العالم من المادية إلى الافتراضية، حيث أصبح العالم الآن يعيش بين بنيتين؛ بنية مادية ذاهبة بقوة نحو التضاؤل والاضمحلال، وأخرى افتراضية آتية بسرعة نحو الهيمنة والازدهار.
يتناول الكتاب السيبرانية كتطور حدث للثورة الرقمية وكيفية تحول بينة العالم في إطارها من المادية إلى الافتراضية في الفصلين الأول والثاني، ثم تتتابع فصول الكتاب الباقية لتوضيح التحولات التي حدثت والمتوقع حدوثها في المستقبل في كل من: الكائنات، والآلات، والأزمنة، والأمكنة، والخدمات، والمرافق، والمجتمعات، والاقتصادات، والكيانات، وحتى الحروب، وتحولها من الحالة المادية إلى الحالة الافتراضية، وكيفية التحكم فيها من خلال إمكانات السيبرانية إلكترونياً وعن بعد.
ما بين تفاؤل مطلوب وقلق مشروع، تتعاقب أطروحات الكتاب؛ من مقدمته التي تؤطر للمستقبل السيبراني القادم بقوة من خلال نظرة تفاؤلية، إلى خاتمته التي تحاول أن تزيل القلق من خلال اليقين بأن أبناءنا الذين نشأوا في هذا العالم السيبراني ويقضون جزءاً كبيراً من حياتهم فيه، هم أقل قلقاً مما نحن فيه وأكثر أماني بأن يحمل لهم المستقبل أكثر مما هم فيه الآن، بحيث تبدو سيبرانية اليوم الهائلة بالنسبة لنا ما هي إلا ماضٍ بعيد بالنسبة لهم. ❝
❞ الانهيار الكبير اللعبة ستنتهي يومًا ما، الكل يعلم تلك الحقيقة مسبقًا ولكن مع ذلك يستمرون في اللعب! فالأوراق البنكية التي نتعامل بها اليوم بيعًا وشراءً ليست من المال في شيء، فما هي إلا مجرد لعبة تم إجبار العالم على اللعب وفقًا لقواعدها. 1- من أين يأتي المال : منذ آلاف السنين كان الأفراد في أي مجتمع يتعاملون فيما بينهم بيعًا وشراءً عبر تبادل السلع بعضها وبعض، فإذا أردت بعض الجبن عليك أن تبادله بسلعة أخرى كالبيض مثلًا، وهذا ما يعرف بنظام المقايضة، وقد تطور الأمر شيئًا وبدأ الاتجاه إلى استخدام المنتجات ذات القيمة المستقرة نسبيًّا كوسائل للدفع، واشتهرت السجائر في أوروبا كمثال على هذا الاتجاه، ومع تزايد النشاط الاقتصادي بدأت تظهر عيوب المقايضة، من إمكانية تلف السلع المستخدمة للدفع، فضلًا عن صعوبة تخزينها وتذبذب قيمتها السوقية وعدم قابليتها في كثير من الأحيان للتجزئة
ومع التطور المجتمعي ومحاولات هنا وهناك استقرت المجتمعات أخيرًا على التعامل بالقطع الذهبية، فهي مخزن للقيمة وتتمتع بقبول عالمي كما يمكن تجزئتها والاحتفاظ بها، ومع تطور النشاط الاقتصادي عمدت بعض الدول إلى إصدار عملتها الورقية الخاصة لكنها ربطتها مباشرةً بمقدار معين من الذهب للحفاظ على قيمتها، وبعد الحرب العالمية الثانية تم تعديل هذا الأمر ببعض المكر، حيث تم ربط عملات الدول بالدولار الأمريكي ومن ثمَّ ربط الدولار بمعيار محدد من الذهب، وبما أن شن الحروب يصبح صعبًا عندما تكون الدول مقيدة في طبع المزيد من النقود، تخلَّت أمريكا عن الالتزام بهذا الاتفاق نتيجة حرب فيتنام فيما عُرف بعد ذلك بصدمة نيكسون. ❝ ⏤ويليام ميدلكوب
الانهيار الكبير
اللعبة ستنتهي يومًا ما، الكل يعلم تلك الحقيقة مسبقًا ولكن مع ذلك يستمرون في اللعب! فالأوراق البنكية التي نتعامل بها اليوم بيعًا وشراءً ليست من المال في شيء، فما هي إلا مجرد لعبة تم إجبار العالم على اللعب وفقًا لقواعدها.
منذ آلاف السنين كان الأفراد في أي مجتمع يتعاملون فيما بينهم بيعًا وشراءً عبر تبادل السلع بعضها وبعض، فإذا أردت بعض الجبن عليك أن تبادله بسلعة أخرى كالبيض مثلًا، وهذا ما يعرف بنظام المقايضة، وقد تطور الأمر شيئًا وبدأ الاتجاه إلى استخدام المنتجات ذات القيمة المستقرة نسبيًّا كوسائل للدفع، واشتهرت السجائر في أوروبا كمثال على هذا الاتجاه، ومع تزايد النشاط الاقتصادي بدأت تظهر عيوب المقايضة، من إمكانية تلف السلع المستخدمة للدفع، فضلًا عن صعوبة تخزينها وتذبذب قيمتها السوقية وعدم قابليتها في كثير من الأحيان للتجزئة
ومع التطور المجتمعي ومحاولات هنا وهناك استقرت المجتمعات أخيرًا على التعامل بالقطع الذهبية، فهي مخزن للقيمة وتتمتع بقبول عالمي كما يمكن تجزئتها والاحتفاظ بها، ومع تطور النشاط الاقتصادي عمدت بعض الدول إلى إصدار عملتها الورقية الخاصة لكنها ربطتها مباشرةً بمقدار معين من الذهب للحفاظ على قيمتها، وبعد الحرب العالمية الثانية تم تعديل هذا الأمر ببعض المكر، حيث تم ربط عملات الدول بالدولار الأمريكي ومن ثمَّ ربط الدولار بمعيار محدد من الذهب، ....... [المزيد]
قامت البنوك المركزية في الأساس بهدف المساعدة للسيطرة على التقلبات الاقتصادية الحادة، عبر ممارسة دورها الرقابي على البنوك التابعة بغرض التحكم في الكتلة النقدية المتداولة، ومن ثمَّ تحقيق الاستقرار النقدي، ولذا كان من أهم امتيازات تلك الكيانات الاقتصادية العملاقة احتكار صناعة النقود وطباعتها، وبشكل عام يمكن القول تاريخيًّا إن هذه الامتيازات الحصرية التي قد حصلت عليها المصارف المركزية، كانت نتيجة هذا الزاوج الكاثوليكي بين المال والسياسة لا سيما خلال القرن التاسع عشر، كما حدث بين المصرفيين في روتشيلد والعائلات الملكية في أوروبا في ذلك الوقت
وجدير بالذكر الإشارة إلى أن فكرة البنك المركزي قامت في الأساس عبر مبادرات شخصية من رجال أعمال أغنياء، رأوا فيه فرصة استثمارية هائلة لجني الأرباح وفق مصفوفة منخفضة المخاطر والتكلفة، وظل الوضع هكذا طيلة أربعة قرون تقريبًا إلى أن أصبحت معظم تلك البنوك تحت سيطرة الحكومات في القرن العشرين، ما عدا مصرفي بلجيكا والاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، فما زالا يخضعان لسيطرة بعض الجهات الخاصة، لذا فهما يتمَّتعان بقدر ....... [المزيد]
ما إن تخلى العالم عن التعامل وفق قاعدة الذهب حتى كُسِر بذلك قُفل باب الشرور المالية التي اجتاحت دول العالم بلا استثناء، لا سيما مع جنون أسواق المال وجنوح المصارف المركزية إلى فوضى طبع النقود بلا رقيب لتتسبَّب بذلك في تلقي العالم صفعات تضخُّمية ألهبت النظام المالي برمَّته، وبسبب إفلات عقال السيطرة على الائتمان تضخَّمت الديون بشكل يحاكي كثيرًا كرة الثلج
وكإطلالة بسيطة على عمق الأزمة يكفي أن نعلم أن ما بين عامي 2008 – 2013 انهار ما يقرب من 500 مصرف، وتعثَّرت كيانات عملاقة كجنرال موتورز وفورد عمالقة صناعة السيارات الأمريكية بالإضافة إلى شركة AIG والتي تعد أكبر شركة تأمين في العالم، كما تم تمرير حزمة إنقاذ أولية بلغت 700 مليار دولار أمريكي في الولايات المتحدة فقط، أما على المستوى العالمي فبلغ الإنفاق قرابة عشرة تريليونات دولار خلال نفس الفترة، أي أن السحر الذي كانت تمارسه المصارف طيلة الحقب الزمنية السابقة لخلق الائتمان انقلب عليها وعلى الاقتصاد العالمي في النهاية
يعد الدولار الأمريكي الورقة النقدية الأشهر في تاريخ النقد العالمي، تلك الورقة الخضراء كفيلة بإقامة دول وإسقاط أخرى، لذا تسعى جميع الدول إلى حيازة أكبر قدر ممكن منها لتحقيق ما يسمى بالأمان المالي، وخلال التاريخ الحديث يمكن القول إن الدولار الأمريكي استطاع بذكاء أن يُحيِّد دور الذهب وأن يخرجه إلى مقاعد الاحتياط –ولو مؤقتًا– ليصبح اللاعب الأشهر في ملعب النظام المالي بأكمله
ومن ثمَّ يُعد الذهب المناوئ الحقيقي لسيطرة الدولار، ولذا تريد الولايات المتحدة الأمريكية الحفاظ على محاربته والحفاظ على سيادة تلك الورقة الخضراء، فهي بلا شك أحد أقطاب السيادة الأمريكية على العالم، إلا أنه في الوقت ذاته ترتبط قيمة الدولار الأمريكي بصورة كبيرة بالذهب ومستويات التضخم وارتفاعات الأسعار وسياسات القطيع في المجتمع، وتبدأ أوراق الدومينو بالسقوط حين تبدأ الأحوال الاقتصادية بالاضطراب، ويحدث ما يسمَّى بالذعر المالي فيهلع الأفراد إلى شراء الأصول الثابتة طلبًا للأمان المالي، فترتفع قيم تلك الأصول، وبالتالي ترتفع مستويات التضخم وقيم الأسعار، لكن ما يقلق صناع ....... [المزيد]
سيستردُّ الذهب عرشه يومًا ما من العملات النقدية، فالاحتياطي الفيدرالي تجاوز نقطة اللاعودة وأصبح لزامًا عليه أن يكمل طريق الكارثة حتى نهايته، لذا فعلى النظام المالي العالمي أن يجد سبيله بعيدًا عن الدولار إما بعقيدة الصدمة وسياسة الفوضى الخلاقة عقب الأزمات العالمية، أو باتباع سياسة النفس الطويل والإعداد لنظام مالي عالمي جديد قبل وقوع أزمة ثقة عالمية تعصف بالجميع، لا سيما في ظل المنافسة القائمة وبروز الصين كقوة عظمى تستهدف سحب بساط السيادة من تحت أقدام الولايات المتحدة الأمريكية
ولعلَّ أشهر التحولات الكبيرة في التاريخ الحديث هو مؤتمر بريتون وودز عام 1944م بعد الحرب العالمية الثانية، ما يؤكد إمكانية إحداث أي تحولات كبيرة في النظام المالي إذا اتفق الشركاء الاقتصاديون وبخاصةٍ في ظل وجود كيانات دولية عملاقة تمارس سلطة الإشراف المالي العالمي، إضافةً إلى ضرورة إعادة النظر من جديد في النظام المالي القائم في ظل تعاظم محفظة الديون وميزانيات المصارف المركزية وتناقص الثقة في نظم المدفوعات الدولية
يبين لنا التاريخ أن العديد من الحضارات سقطت عندما ....... [المزيد]