❞ من أعظم إختراعات البشر ، محطة الفضاء الدولية تتحرك بدون توقف منذ العام ١٩٩٨ بسرعة ٢٨٠٠٠ كم في الساعة ( سرعة الطائرة ٢٨ مرة )
تدور حول الأرض كل ٩٠ دقيقة وتعمل بالطاقة الشمسية
حجمها يوازي ملعب كرة قدم تقريباً
منذ أكثر من ٢٠ سنة وهي لم تتوقف لدقيقة واحدة وبهذا الحجم الكبير وتدور حول الأرض على إرتفاع ٤٠٠ كم
علم الانسان مالم يعلم. ❝ ⏤فارس المصري
❞ من أعظم إختراعات البشر ، محطة الفضاء الدولية تتحرك بدون توقف منذ العام ١٩٩٨ بسرعة ٢٨٠٠٠ كم في الساعة ( سرعة الطائرة ٢٨ مرة )
تدور حول الأرض كل ٩٠ دقيقة وتعمل بالطاقة الشمسية
حجمها يوازي ملعب كرة قدم تقريباً
منذ أكثر من ٢٠ سنة وهي لم تتوقف لدقيقة واحدة وبهذا الحجم الكبير وتدور حول الأرض على إرتفاع ٤٠٠ كم
❞ كما عودناكم عزيزي القارئ في \" جريدة أحرفنا المنيرة \" بشخصيات أبدعت في مجالها ♥️
س/ هل يمكنك أن تقدم لنا نبذة تعريفية عن نفسك؟
ج/انا نوره عبدالله الفقيه، فتاة في الخامسة عشر من عمري كاتبة عظيمة بعين نفسي،كما أنني أحب القراءة كثيرًا.
س/ متى بدأت الكتابة؟
ج/ منذ طفولتي، تقريبًا من عمر الحادية عشر، تمتعت بالكتابة فقد كانت لعبتي ولاتزال، كتبت على سطور حياتي،تميزت وتألقت في تعبيري، رغم صغر سني إلا أنني إستطعت ملئ اوراقي بالحروف.
س/ من الذي شجعك في أولى خطواتك في هذا المجال؟
ج/ لم يكن لي سوى أختي الكبيرة روى والتي رافقتني طوال حياتي،كُنت القلم وكانت اوراقي، كُنت الكاتبة وكانت قلمي، زرعت فيني فتاة طموحة وحصدت نجاحاتي، دفعتني لتسلق سلم الحياة بحب صعدتُ معها كل درجة حتى وصلت ،ذوقتني طعم الحياة والأمل.
س/ هل لديك أعمال منشورة ورقيًا؟
ج/نعم لقد شاركت في كتابين جماعية\"اجنحة من ورق\"
و\"رُكام من مشاعر\" كما أنني ممتنة حقًا.
س/ برأيك، ما هي أهم صفات الكاتب المثالي؟
ج/ أن يكون كاتب حقيقي بمشاعره وكتاباته،ليكتب كل مالديه ليعطي ولا يبخل على اوراقه، ليكن بخير لأجل اوراقه ومن يقرائها.
س/ ما هي الصعوبات التي واجهتها في بداية مشوارك وكيف تخطيتها؟
ج/كنت لا اعطي الاوراق حقها،حتى الاقلام تجمد الحبر بداخلها،
لم اعطي كتاباتي مكانها الحقيقي ولكن ها انا بدأت افعلها، وكما أنني واجهت شيًء يسمى عادات وتقاليد لاقيمة لها.
س/ ما الحكمة التي تتخذها مبدأ في حياتك العملية والعامة؟
ج/ هناك حكمة كتبتها انا وهي لايمكن أن يكون للأوراق وجود دون القلم.
س/ من هم أكثر الشخصيات التي أثرت فيك في مجال الكتابة؟
ج/ الكاتب\"اسامه المسلم\"الذي لازال يعطي كل مالديه لنا، فكل كتاباته تصل لنا بمشاعرها المختلفه،ابدع وتألق، حاول وواصل حتى وصل.
س/ هل يمكنك إخبارنا عن إنجازاتك داخل وخارج مجال الكتابة؟
ج/انجازي العظيم هو أنني منحت نفسي فرصة ان تكون بهذا المكان، جعلتها تسعى وتحقق ماتريده، اخبرتها بأنها حقًا تستحق ان تكون كاتبة، يُقرأ لها الجميع بلهفة ويتشوقون لكل جديد ستطلقة.
س/ هل ترى الكتابة هواية أم موهبة؟
ج/ اظن بأنها هواية.
س/ من هو مثلك الأعلى ولماذا؟
ج/ كاتبة علمتني أن التوقف خطأ، وأن نمنح انفسنا حقها بكل شيء، وإن الحياة لاتتوقف على أحد، وإن الموهبة لاتنتهي فقط تريد الشغف،وإن الإنجازات لاتزال تنتظرني ، وبأنها سندي واليدين التي ستصفق لي بعد كل نجاح ،إنها أختي روى الفقيه.
س/ هل لديك مواهب أخرى؟
ج/ استطيع إقناع البشر ب أرائي.
س/ حدثنا عن أعمالك القادمة؟
ج/ لا أستطيع ذكرها ولكن إن شاءالله أعمال قوية.
س/ ما هو حلمك الذي تسعى لتحقيقه؟
ج/ أن أكون أعظم كاتبة، وإن تنشر كتبي في انحاء العالم، أن أُصبح كاتبة يتحدث الجميع عن نجاحاتها ، أن تصل مشاعري للقارئ كما أشعر بها .
س/ ماذا تنصح من يرغب في دخول مجال الكتابة؟
ج/لا تترك اي ورقة تراها امامك فارغة لتملأها بحروفك.
وفي الختام، نرجو أن نكون قد أسعدناكم ونتمنى لكم جزيل الشكر والاحترام.
جريدة أحرفنا المنيرة ترحب بكم
تأسيس: الكاتبة/ إسراء عيد أحمد. ❝ ⏤دار نشر أحرفنا المنيرة
❞ كما عودناكم عزيزي القارئ في ˝ جريدة أحرفنا المنيرة ˝ بشخصيات أبدعت في مجالها ♥️
س/ هل يمكنك أن تقدم لنا نبذة تعريفية عن نفسك؟
ج/انا نوره عبدالله الفقيه، فتاة في الخامسة عشر من عمري كاتبة عظيمة بعين نفسي،كما أنني أحب القراءة كثيرًا.
س/ متى بدأت الكتابة؟
ج/ منذ طفولتي، تقريبًا من عمر الحادية عشر، تمتعت بالكتابة فقد كانت لعبتي ولاتزال، كتبت على سطور حياتي،تميزت وتألقت في تعبيري، رغم صغر سني إلا أنني إستطعت ملئ اوراقي بالحروف.
س/ من الذي شجعك في أولى خطواتك في هذا المجال؟
ج/ لم يكن لي سوى أختي الكبيرة روى والتي رافقتني طوال حياتي،كُنت القلم وكانت اوراقي، كُنت الكاتبة وكانت قلمي، زرعت فيني فتاة طموحة وحصدت نجاحاتي، دفعتني لتسلق سلم الحياة بحب صعدتُ معها كل درجة حتى وصلت ،ذوقتني طعم الحياة والأمل.
س/ هل لديك أعمال منشورة ورقيًا؟
ج/نعم لقد شاركت في كتابين جماعية˝اجنحة من ورق˝
و˝رُكام من مشاعر˝ كما أنني ممتنة حقًا.
س/ برأيك، ما هي أهم صفات الكاتب المثالي؟
ج/ أن يكون كاتب حقيقي بمشاعره وكتاباته،ليكتب كل مالديه ليعطي ولا يبخل على اوراقه، ليكن بخير لأجل اوراقه ومن يقرائها.
س/ ما هي الصعوبات التي واجهتها في بداية مشوارك وكيف تخطيتها؟
ج/كنت لا اعطي الاوراق حقها،حتى الاقلام تجمد الحبر بداخلها،
لم اعطي كتاباتي مكانها الحقيقي ولكن ها انا بدأت افعلها، وكما أنني واجهت شيًء يسمى عادات وتقاليد لاقيمة لها.
س/ ما الحكمة التي تتخذها مبدأ في حياتك العملية والعامة؟
ج/ هناك حكمة كتبتها انا وهي لايمكن أن يكون للأوراق وجود دون القلم.
س/ من هم أكثر الشخصيات التي أثرت فيك في مجال الكتابة؟
ج/ الكاتب˝اسامه المسلم˝الذي لازال يعطي كل مالديه لنا، فكل كتاباته تصل لنا بمشاعرها المختلفه،ابدع وتألق، حاول وواصل حتى وصل.
س/ هل يمكنك إخبارنا عن إنجازاتك داخل وخارج مجال الكتابة؟
ج/انجازي العظيم هو أنني منحت نفسي فرصة ان تكون بهذا المكان، جعلتها تسعى وتحقق ماتريده، اخبرتها بأنها حقًا تستحق ان تكون كاتبة، يُقرأ لها الجميع بلهفة ويتشوقون لكل جديد ستطلقة.
س/ هل ترى الكتابة هواية أم موهبة؟
ج/ اظن بأنها هواية.
س/ من هو مثلك الأعلى ولماذا؟
ج/ كاتبة علمتني أن التوقف خطأ، وأن نمنح انفسنا حقها بكل شيء، وإن الحياة لاتتوقف على أحد، وإن الموهبة لاتنتهي فقط تريد الشغف،وإن الإنجازات لاتزال تنتظرني ، وبأنها سندي واليدين التي ستصفق لي بعد كل نجاح ،إنها أختي روى الفقيه.
س/ هل لديك مواهب أخرى؟
ج/ استطيع إقناع البشر ب أرائي.
س/ حدثنا عن أعمالك القادمة؟
ج/ لا أستطيع ذكرها ولكن إن شاءالله أعمال قوية.
س/ ما هو حلمك الذي تسعى لتحقيقه؟
ج/ أن أكون أعظم كاتبة، وإن تنشر كتبي في انحاء العالم، أن أُصبح كاتبة يتحدث الجميع عن نجاحاتها ، أن تصل مشاعري للقارئ كما أشعر بها .
س/ ماذا تنصح من يرغب في دخول مجال الكتابة؟
ج/لا تترك اي ورقة تراها امامك فارغة لتملأها بحروفك.
وفي الختام، نرجو أن نكون قد أسعدناكم ونتمنى لكم جزيل الشكر والاحترام.
جريدة أحرفنا المنيرة ترحب بكم
تأسيس: الكاتبة/ إسراء عيد أحمد. ❝
❞ عندما كنت طبيبا فى وحدة ريفية، رأيت حالة فتاة تعرضت يدها لالتهاب شديد فامتلأت بالصديد. كان علىّ أن أشق الجلد وأخرج هذا الصديد طبقا للقاعدة القديمة: حيثما يوجد صديد فلا بد من التخلص منه. قمت بهذا واستخرجت كميات كبيرة فعلا من الصديد جعلتنى أتِيه فخرا بنفسى. على أن فرحتى لم تدم طويلا.. لقد عادت الفتاة بعد ثلاثة أيام وقد ارتفعت درجة حرارتها بتلك الطريقة المحمومة المجنونة التى تدل على وجود صديد مضغوط، وكانت ترتعش، وأدركت أن التهابا أقوى كاد يدمر يدها. هكذا حملت خيامى ورحلت كما يقول الأعراب، وأخذتها لجراح بارع فى المستشفى الجامعى. رأى ما قمت به فقال ضاحكا «المشكلة هى أن قلبك رهيف جدا ولا تملك الشجاعة اللازمة.. كان عليك أن تفتح أنسجة أكثر وتمزق أكثر وتتوغل أكثر». وذكّرنى كذلك بقاعدة أهم هى أن عدوى اليد خطرة جدا، ولا يجب التهاون معها بأى حال. القاعدة الأخيرة هى أنه يجب العمل تحت مخدر عام، لأن الفتاة لن تتحمل ما سيحدث
وفى ذهول رحت أراقبه وهو يُولج مبضعه، فيمزق الحواجز الصفاقية ويخترق أقسام اليد.. ورأيت أنهارا من الصديد تتدفق. كل هذا كان بالداخل وأنا بقلة خبرتى حسبت أننى أجدت التنظيف. وعندما ضمد الجرح ووضع الفتيل، كانت حرارة الفتاة قد هبطت فعلا.. وبعد يومين كانت ضحكتها تشرق كالشمس
تذكرت هذا الموقف وأنا أرى ما وصل إليه حالنا اليوم بسبب الثورة التى لم تكتمل. لقد نجح الثوار فى أن يزيلوا الكثير جدا من الصديد وحبسوه فى طرة، لكن ما زال هناك الكثير جدا منه.. صديد يحتاج إلى جراح محترف، ويحتاج إلى قسوة وإلى حزم.. وهى عملية غير محببة للجراح ولا المريض معا. يجب أن يعترف المرء بأنه كان مخطئا عندما اعتقد أن النهاية السعيدة جاءت يوم 11 فبراير 2011، والحقيقة أنها كانت البداية، وكان يجب أن يستمر كل شىء إلى أن يتحقق ما يريده الثوار. الخلاص من قمة الدمل لا يعنى أنه لم يعد هناك صديد.. ليس هذا هو الخطأ الوحيد على كل حال
من حين لآخر يكتشف المرء أنه كان مخطئا بشدة، وأنه أحسن الظن فى أمور كان الشك أقل ما يجب فيها، وتفاءل حيث ينبغى أن يكتفى سواه بابتسامة جانبية حذرة. وعزائى الوحيد هو أننى لست محللا سياسيا أو استراتيجيا، وإنما أنا مجرد مواطن يقرأ الصحف ويحب هذا البلد. هكذا كتبت مرارا عن أننى أعتبر حكومة عصام شرف من أصدق وأكفأ الحكومات التى عرفتها مصر.. كان هذا منذ زمن بعيد، أما اليوم فلم أتخل عن قناعة أنها (من أصدق)، لكن موضوع (أكفأ) هذا قد انتهى منذ زمن، ومن الواضح تماما أن هذه الحكومة الواهية تتعرض لضغوط عنيفة من كل الجهات، والأسوأ أنها تستجيب لأى ضغط. أتذكر كذلك فى قلق أن الدولتين الوحيدتين اللتين يحكمهما مجلس عسكرى أو (خونتا) فى العالم اليوم هما مصر وجزر فيجى!ـ
هذا بلد عظيم يستحق ما هو أفضل بكثير، ولا أعرف السبب فى استحالة أن نملك رئيسا منتخبا وبرلمانا وتداول سلطة وصحافة وإعلاما حرّين.. هل نحن لا نستحق هذا؟ أم أن مصر أهم من أن تحظى بهذا؟
قررت أن أقرأ قليلا لأتناسى هذه الهواجس، ولسبب ما عدت إلى رواية (البصيرة) للكاتب البرتغالى الحاصل على نوبل (خوزيه ساراماجو). كنت قد بدأت كتابة رواية اسمها (أيام الشهاب الأولى) منذ أعوام، كتبتها بتردد قاتل لدرجة كتابة سطرين أو ثلاثة كل أسبوع. لما بدأت الرواية تتخذ كيانا ملموسا فوجئت برواية (الطوف الحجرى) لساراماجو التى تحكى نفس الحبكة تقريبا، ولو أنهيت روايتى فمن المستحيل أن يصدق أحد أننى لم أسرقها من ساراماجو. هكذا تخلصت من روايتى آسفا، وإن سرّنى أن فكرة لى اقتربت من أفكار هذا الأديب العظيم. لن أعطى أى بيانات عن رواية (البصيرة) والدار التى نشرتها، لسبب بسيط هو أنها مترجمة ترجمة رديئة فعلا، وقراءتها عذاب حقيقى. لا بد أن تعيد صياغة كل جملة فى ذهنك لتصير مستساغة
صدرت الرواية عام 2004 بعد جائزة نوبل، وهى تمتاز كمعظم روايات ساراماجو بروح من السخرية والعبث والفانتازيا. يقولون إنها تكملة لرواية سابقة هى (العمى) التى لم أقرأها بصراحة، لكنها تحكى عن بلد فقد أهله جميعا البصر ما عدا امرأة واحدة
تبدأ رواية (البصيرة) بجملة صادمة: قال الكلب.. هيا بنا نعوى!
لا بد أن نثور.. لقد خلقنا من أجل هذا
تدور الرواية حول لجنة اقتراع فى بلد غير محدد المعالم.. يمكن أن يكون مصر أو البرتغال. هناك مشكلة بسيطة هى أن أحدا لم يذهب إلى صناديق الاقتراع حتى المساء، ثم يخرجون من بيوتهم تحت الأمطار الغزيرة -ليثبتوا أن الطقس لم يمنعهم- ويدلون بأصواتهم
عندما يتم الفرز نكتشف أن معظم الأصوات غير صالحة.. معظم الناخبين وضع أوراقا بيضاء فى صناديق الاقتراع. بمعنى أدق هم ذهبوا إلى اللجان بحماس غريب، ولكنهم لم يختاروا أى حزب.. لا اليمين ولا الوسط ولا اليسار. وهذه الظاهرة لا يبدو أنها تمت بناء على اتفاق. على فكرة بدأت موضة من الأصوات البيضاء فى أوروبا بعد هذه الرواية. عندما تعاد الانتخابات تتكرر هذه الظاهرة المحيرة. عصيان فانتازى يرفض الجميع.. وكما هى العادة لدى كل هذه الحكومات، فإنهم لا يعتقدون أن الشعب يتصرف من تلقاء نفسه.. لا بد من يد خفية تنظم هذا كله. وتقرر الحكومة أن تحاصر العاصمة وتنشئ عاصمة جديدة، بينما تترك العاصمة القديمة نهبا للجوع والمعاناة
عندما تقرر الحكومة أن تتهم شخصا ما فإنها تجد أن أفضل شخص هو المرأة التى ظلت مبصرة فى رواية (العمى). ويدور تحقيق معها بمعرفة ضابط كبير من الحزب الحاكم أرسله وزير الداخلية.. الضابط يكتشف أن المتهمة بريئة فعلا، ويتعاطف معها، والنتيجة هى أنه يدفع حياته ثمنا
تنتهى الرواية بطلقة تقتل الكلب الذى يعوى بسبب وفاة صاحبته، فيقول أحد العميان «الحمد لله.. أنا أكره عواء الكلاب»! إن العميان لا يكتفون بلذة فقد البصر بل يطمعون كذلك فى لذة الصمت. الناس فى مدينة ساراماجو كانوا محظوظين رغم كل شىء، لأنهم امتلكوا القدرة على الاختيار، بل واختيار عدم الاختيار.. أما نحن فننتظر.. ننتظر ونعتصر بعض قطرات الصديد من الدمل فى كل جمعة. ومن جديد أكره الاعتراف بأننى كنت مخطئا لكنها الحقيقة
#أحمد_خالد_توفيق
بصيرة ساراماجو. ❝ ⏤جوزيه ساراماغو
❞ عندما كنت طبيبا فى وحدة ريفية، رأيت حالة فتاة تعرضت يدها لالتهاب شديد فامتلأت بالصديد. كان علىّ أن أشق الجلد وأخرج هذا الصديد طبقا للقاعدة القديمة: حيثما يوجد صديد فلا بد من التخلص منه. قمت بهذا واستخرجت كميات كبيرة فعلا من الصديد جعلتنى أتِيه فخرا بنفسى. على أن فرحتى لم تدم طويلا. لقد عادت الفتاة بعد ثلاثة أيام وقد ارتفعت درجة حرارتها بتلك الطريقة المحمومة المجنونة التى تدل على وجود صديد مضغوط، وكانت ترتعش، وأدركت أن التهابا أقوى كاد يدمر يدها. هكذا حملت خيامى ورحلت كما يقول الأعراب، وأخذتها لجراح بارع فى المستشفى الجامعى. رأى ما قمت به فقال ضاحكا «المشكلة هى أن قلبك رهيف جدا ولا تملك الشجاعة اللازمة. كان عليك أن تفتح أنسجة أكثر وتمزق أكثر وتتوغل أكثر». وذكّرنى كذلك بقاعدة أهم هى أن عدوى اليد خطرة جدا، ولا يجب التهاون معها بأى حال. القاعدة الأخيرة هى أنه يجب العمل تحت مخدر عام، لأن الفتاة لن تتحمل ما سيحدث
وفى ذهول رحت أراقبه وهو يُولج مبضعه، فيمزق الحواجز الصفاقية ويخترق أقسام اليد. ورأيت أنهارا من الصديد تتدفق. كل هذا كان بالداخل وأنا بقلة خبرتى حسبت أننى أجدت التنظيف. وعندما ضمد الجرح ووضع الفتيل، كانت حرارة الفتاة قد هبطت فعلا. وبعد يومين كانت ضحكتها تشرق كالشمس
تذكرت هذا الموقف وأنا أرى ما وصل إليه حالنا اليوم بسبب الثورة التى لم تكتمل. لقد نجح الثوار فى أن يزيلوا الكثير جدا من الصديد وحبسوه فى طرة، لكن ما زال هناك الكثير جدا منه. صديد يحتاج إلى جراح محترف، ويحتاج إلى قسوة وإلى حزم. وهى عملية غير محببة للجراح ولا المريض معا. يجب أن يعترف المرء بأنه كان مخطئا عندما اعتقد أن النهاية السعيدة جاءت يوم 11 فبراير 2011، والحقيقة أنها كانت البداية، وكان يجب أن يستمر كل شىء إلى أن يتحقق ما يريده الثوار. الخلاص من قمة الدمل لا يعنى أنه لم يعد هناك صديد. ليس هذا هو الخطأ الوحيد على كل حال
من حين لآخر يكتشف المرء أنه كان مخطئا بشدة، وأنه أحسن الظن فى أمور كان الشك أقل ما يجب فيها، وتفاءل حيث ينبغى أن يكتفى سواه بابتسامة جانبية حذرة. وعزائى الوحيد هو أننى لست محللا سياسيا أو استراتيجيا، وإنما أنا مجرد مواطن يقرأ الصحف ويحب هذا البلد. هكذا كتبت مرارا عن أننى أعتبر حكومة عصام شرف من أصدق وأكفأ الحكومات التى عرفتها مصر. كان هذا منذ زمن بعيد، أما اليوم فلم أتخل عن قناعة أنها (من أصدق)، لكن موضوع (أكفأ) هذا قد انتهى منذ زمن، ومن الواضح تماما أن هذه الحكومة الواهية تتعرض لضغوط عنيفة من كل الجهات، والأسوأ أنها تستجيب لأى ضغط. أتذكر كذلك فى قلق أن الدولتين الوحيدتين اللتين يحكمهما مجلس عسكرى أو (خونتا) فى العالم اليوم هما مصر وجزر فيجى!ـ
هذا بلد عظيم يستحق ما هو أفضل بكثير، ولا أعرف السبب فى استحالة أن نملك رئيسا منتخبا وبرلمانا وتداول سلطة وصحافة وإعلاما حرّين. هل نحن لا نستحق هذا؟ أم أن مصر أهم من أن تحظى بهذا؟
قررت أن أقرأ قليلا لأتناسى هذه الهواجس، ولسبب ما عدت إلى رواية (البصيرة) للكاتب البرتغالى الحاصل على نوبل (خوزيه ساراماجو). كنت قد بدأت كتابة رواية اسمها (أيام الشهاب الأولى) منذ أعوام، كتبتها بتردد قاتل لدرجة كتابة سطرين أو ثلاثة كل أسبوع. لما بدأت الرواية تتخذ كيانا ملموسا فوجئت برواية (الطوف الحجرى) لساراماجو التى تحكى نفس الحبكة تقريبا، ولو أنهيت روايتى فمن المستحيل أن يصدق أحد أننى لم أسرقها من ساراماجو. هكذا تخلصت من روايتى آسفا، وإن سرّنى أن فكرة لى اقتربت من أفكار هذا الأديب العظيم. لن أعطى أى بيانات عن رواية (البصيرة) والدار التى نشرتها، لسبب بسيط هو أنها مترجمة ترجمة رديئة فعلا، وقراءتها عذاب حقيقى. لا بد أن تعيد صياغة كل جملة فى ذهنك لتصير مستساغة
صدرت الرواية عام 2004 بعد جائزة نوبل، وهى تمتاز كمعظم روايات ساراماجو بروح من السخرية والعبث والفانتازيا. يقولون إنها تكملة لرواية سابقة هى (العمى) التى لم أقرأها بصراحة، لكنها تحكى عن بلد فقد أهله جميعا البصر ما عدا امرأة واحدة
تبدأ رواية (البصيرة) بجملة صادمة: قال الكلب. هيا بنا نعوى!
لا بد أن نثور. لقد خلقنا من أجل هذا
تدور الرواية حول لجنة اقتراع فى بلد غير محدد المعالم. يمكن أن يكون مصر أو البرتغال. هناك مشكلة بسيطة هى أن أحدا لم يذهب إلى صناديق الاقتراع حتى المساء، ثم يخرجون من بيوتهم تحت الأمطار الغزيرة -ليثبتوا أن الطقس لم يمنعهم- ويدلون بأصواتهم
عندما يتم الفرز نكتشف أن معظم الأصوات غير صالحة. معظم الناخبين وضع أوراقا بيضاء فى صناديق الاقتراع. بمعنى أدق هم ذهبوا إلى اللجان بحماس غريب، ولكنهم لم يختاروا أى حزب. لا اليمين ولا الوسط ولا اليسار. وهذه الظاهرة لا يبدو أنها تمت بناء على اتفاق. على فكرة بدأت موضة من الأصوات البيضاء فى أوروبا بعد هذه الرواية. عندما تعاد الانتخابات تتكرر هذه الظاهرة المحيرة. عصيان فانتازى يرفض الجميع. وكما هى العادة لدى كل هذه الحكومات، فإنهم لا يعتقدون أن الشعب يتصرف من تلقاء نفسه. لا بد من يد خفية تنظم هذا كله. وتقرر الحكومة أن تحاصر العاصمة وتنشئ عاصمة جديدة، بينما تترك العاصمة القديمة نهبا للجوع والمعاناة
عندما تقرر الحكومة أن تتهم شخصا ما فإنها تجد أن أفضل شخص هو المرأة التى ظلت مبصرة فى رواية (العمى). ويدور تحقيق معها بمعرفة ضابط كبير من الحزب الحاكم أرسله وزير الداخلية. الضابط يكتشف أن المتهمة بريئة فعلا، ويتعاطف معها، والنتيجة هى أنه يدفع حياته ثمنا
تنتهى الرواية بطلقة تقتل الكلب الذى يعوى بسبب وفاة صاحبته، فيقول أحد العميان «الحمد لله. أنا أكره عواء الكلاب»! إن العميان لا يكتفون بلذة فقد البصر بل يطمعون كذلك فى لذة الصمت. الناس فى مدينة ساراماجو كانوا محظوظين رغم كل شىء، لأنهم امتلكوا القدرة على الاختيار، بل واختيار عدم الاختيار. أما نحن فننتظر. ننتظر ونعتصر بعض قطرات الصديد من الدمل فى كل جمعة. ومن جديد أكره الاعتراف بأننى كنت مخطئا لكنها الحقيقة