❞ رؤية تحليلية لطبيعة الروح القدس
عند المسلمين والنصاري الكتابيين
بقلم د محمد عمر
أيها الإخوة الاحباب لما نظرت في الكتاب المقدس عند الكتابيين بفرقتيهم المغضوب عليهم والضالين ابحث عن الركن الثاني من أركان الايمان الا وهو الايمان بالملائكة فلم أجد لهم ذكر عند الكتابيين لكني لفت نظري ذكر الملاك جبرائيل الذي جاء لمريم يبشرها بأنها سوف تحمل وتلد دون أن تعرف رجلا والذي انفرد إنجيل لوقا وحده بذكره دون بقية الاناجيل فاردت أن اتتبع أثر جبرائيل عن الكتابيين واقارن بينه وبين ما بينه القرآن في شريعة المسلمين لاقدم رؤية تحليلية لطبيعة الروح القدس (جبرائيل) عن المسلمين والنصاري الكتابيين وأثر هذا الاختلاف في تبديل عقيدة النصاري الكتابيين..
فمن ينظر في عدد تلاميذ المسيح فيجدهم اثنا عشر تلميذا احدهم هو يهوذا الاسخريوطي كما جاء ذكرهم في الاناجيل الاربعة .
هذا هو التلميذ الخائن الذي اسلم المسيح لجند بلاطس البنطي وفق روايات الاناجيل ليحاكم مقابل ثلاثون شاقل من الفضة
وقد اختلفوا في خاتمة يهوذا الاسخريوطي ما بين انه قام بقتل نفسه منتحرا ندما علي مسألة الخيانة وما بين انفجار امعاءه لان الرب انتقم منه جراء مسألة الوشاية عن مكان المسيح وإرشاد جنود بيلاطس عليه وهذا وفق رواية الاناجيل الاربعة
اما عن الرواية الإسلامية
فهي تروي لنا ان المسيح في العشاء الاخير أخبر الحواريين الاثنا عشر (تلميذا) أن الله عز وجل سوف يرفعه الي السماء وقال لهم من منكم يختار أن يحل عليه شبهي ويكون رفيقي في الجنة ؟
فكان يهوذا هو التلميذ الذي قدم حياته فداءا للمسيح فلما دخل جند بيلاطس يريدون القبض علي المسيح انما قبضوا علي يهوذا الذي القي عليه الشبه بينما رفع المسيح من روزنة في السقف صاعده الي السماء أمام أعين الحواريين.
كما قال ربنا تبارك وتعالي( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)
لكن اليهود أصحاب المكيدة انما صارو في حيرة إذ انهم فقدوا من الحواريين (التلاميذ) رجلا اخر كما فقدوا المسيح فراحوا يتساءلون عن ايهما الذي صلب؟
من الذي قدم للمحاكمة أمام بيلاطس؟ هل هو المسيح ام هو يهوذا ؟ وهذا هو مقتضي قوله تعالي (وان الذين اختلفو فيه لفي شك منه ما لهم به من علم الا اتباع الظن وما قتلوه يقينا )
وقد كان المسيح قبل رفعه الي السماء قد اخبرهم بنبؤءة حلول الروح القدس فقال( إِنَّ لِي أُمُورًا كَثِيرَةً أَيْضًا لأَقُولَ لَكُمْ، وَلكِنْ لاَ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا الآنَ.\"وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ الْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ، لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ.\"ذَاكَ يُمَجِّدُنِي، لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ.)يوحنا(١٢-١٦)
وطبقا للعقيدة النصرانية القائمة علي فكرة التثليث والتي تؤمن بوجود اله واحد لكنه يتشكل في ثلاث صور او هيئات مختلفة لنفس الذات الالهية
فتارة يكون هو الإله الاب علي العرش وتارة يبدو كأنه الإله الابن الذي يمشي علي الارض والصورة الثالثة للاله هي ما يقولون عنه الروح القدس وهي صورة روحية غير مرئية
وطبقا لعقيدة التثليث عند النصاري والتي يقولون فيها (بسم الاب والابن والروح القدس اله واحد امين)
فكان المسيح الذي هو احد صور الاله اخبر الحواريين بان الصورة الاخري للاله سوف تحل عليكم بعد ذهابي لتخبركم بامور كثيرة لان الروح القدس لا تتكلم من نفسها بل كل ما تسمع به تتكلم وان الروح القدس التي هي احد صور الاله سوف تمجد المسيح الذي هو الصورة الاخري للاله.
من اجل هذا زعم النصاري ان الروح القدس حلت علي الحواريين الاحد عشر في اليوم الاربعين في صورة السنة نارية فاخبرتهم بأمور كثيرة ومجدت المسيح واخبرتهم بأمور اتيه .
ونحن نتساءل اذا كان المسيح والروح القدس هما وجهين للاله الاب فلماذا يخبر كل واحد منهما عن الاخر ولماذا لم يخبر المسيح عن نفسه اذا كان هو نفسه الروح القدس
لكن النصاري بهذه الفكرة استطاعوا ان يمررو للناس أن الحواريين او تلاميذ المسيح تحولوا الي رسل الي الأمم الاخري فصاروا كانهم مبلغون عن الله وهم معصومين حتي كتب القديس بولس وحده ١٨ عشر سفرا من أسفار الكتاب المقدس
لا تقل اهمية عن الاناجيل الاربعة وكل هذه الأفكار انما بنيت علي مجرد الزعم بأن الروح القدس هذه هي احد الصور الثلاثة للاله الواحد وقد كان هذا الزعم هو أحد المعاول الرئيسية لتغيير عقيدة النصاري الي ما خالف عقيدة الرسل
اما من خلال رؤية الاسلام للروح القدس
فهي تؤمن أن الروح القدس هو الملاك جبرائيل الموكل بتبليغ الوحي من الله تعالي الي رسله
وهو الذي تمثل في صورة بشر الي العذراء مريم ليبشرها بأنها سوف تحمل وتلد من غير أن تعرف رجلا وفقا لما جاء في الكتاب المقدس في إنجيل لوقا وهذا الذي وافق رواية القرآن في سورتي مريم وآل عمران
قال تعالي ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20)
فالمتدبر لهذه الايات يجد أن الروح القدس هنا هو الملاك جبرئيل والذي جاء لمريم وهو الذي ايد المسيح في المهد وكهلا كما ايد بقيه الرسل لانه الملاك الموكل بالوحي .
وكآن المسيح لما قال لهم أن الروح القدس سوف يخبركم بكل شي وسوف يخبركم بأمور اتية وسوق يمجدني انما كان يشير الي نزول جبريل بالوحي علي النبي الخاتم
كما بشر هو به في قوله( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ)
هذا الذي تحقق في بعثة النبي الذي مجد المسيح وأمه وأخبر بكل الغيبيات التي لم يخبر بها المسيح كما بين سبحانه فقال
وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ (195) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (196) أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (197)
قال تعالي وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (52)
فمن خلال هذا التحريف لمعني الروح القدس التي هي الملاك جبرائيل الذي بشر المسيح بأنه سوف ياتي بعد ذهابه ولا شك أن مجي جبرئيل لابد أن يكون الي نبي صاحب رسالة وصاحب شريعة وهو نبي اخر الزمان هذا النبي الذي مجد المسيح وأمة وأخبر بالغيبيات .
لكن النصاري حولوا الروح القدس الي احد صور الاله التي حلت علي الحواريين فتحول الحواريون من مجرد تلاميذ للمسيح الي رسل مبلغين وتحول كلامهم الي شريعة جعلت
النصاري يجحدون الشريعة الخاتمة وجحدوا بسببها النبي الخاتم ووصل بهم الأمر الي تغيير دين الله بالكلية
ونحن نسألهم اذا كان الروح القدس هو هذه الالسنة التي نزلت علي التلاميذ في اليوم الاربعين لرفع المسيح فاين هي الشريعة التي بلغها للتلاميذ واين تمجيده للمسيح واين هي الأمور الغيبية التي أخبر بها ؟
هل مجد احد المسيح غير النبي الخاتم الذي جاء بسورة كاملة في ذكر مريم وسورة اخري في ذكر سيرة عائلتها ال عمران بل ومجد المسيح فقال عنه وجيها في الدنيا والاخرة ومن المقربين ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين
من الذي مجد المسيح وازال عنه معرة الصلب والقتل والتعذيب وتجريعه الخل علي الصليب ووضع اكليل من الشوك فوق راسه وتمزيق ثيابه وكشف جسده أمام الجميع الا بقطعة قماش تستر سوءته ومن الذي نزهه عن السب واللطم وسيلان دمه أمام أعين الناظرين ومن الذي نفي عنه القتل بهذه الطريقة التي لا تتناسب الا مع اللصوص وقطاع
الطرق المجرمين؟
بل من الذي قال في مريم انها الصديقة سيدة نساء العالمين بل وقال عنها ( وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين)
وهل هناك اخبار بالأمور الآتية اولي من التذكير بأحدث القيامة والبعث والحساب والجزاء والعقوبة ؟
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ
وغيرها وغيرها من الايات والاحاديث التي تتكلم عن القيامة والتي نزل بها الروح القدس علي النبي الخاتم وفق نبؤءة المسح التي أخبر بها تلاميذه
حقيقة جلية لا يجحدها الا من ختم علي قلبه وطمس علي بصره وسمعه
براءة نبراء بها الي خالقنا. ❝ ⏤Dr Mohammed omar Abdelaziz
❞ رؤية تحليلية لطبيعة الروح القدس
عند المسلمين والنصاري الكتابيين
بقلم د محمد عمر
أيها الإخوة الاحباب لما نظرت في الكتاب المقدس عند الكتابيين بفرقتيهم المغضوب عليهم والضالين ابحث عن الركن الثاني من أركان الايمان الا وهو الايمان بالملائكة فلم أجد لهم ذكر عند الكتابيين لكني لفت نظري ذكر الملاك جبرائيل الذي جاء لمريم يبشرها بأنها سوف تحمل وتلد دون أن تعرف رجلا والذي انفرد إنجيل لوقا وحده بذكره دون بقية الاناجيل فاردت أن اتتبع أثر جبرائيل عن الكتابيين واقارن بينه وبين ما بينه القرآن في شريعة المسلمين لاقدم رؤية تحليلية لطبيعة الروح القدس (جبرائيل) عن المسلمين والنصاري الكتابيين وأثر هذا الاختلاف في تبديل عقيدة النصاري الكتابيين.
فمن ينظر في عدد تلاميذ المسيح فيجدهم اثنا عشر تلميذا احدهم هو يهوذا الاسخريوطي كما جاء ذكرهم في الاناجيل الاربعة .
هذا هو التلميذ الخائن الذي اسلم المسيح لجند بلاطس البنطي وفق روايات الاناجيل ليحاكم مقابل ثلاثون شاقل من الفضة
وقد اختلفوا في خاتمة يهوذا الاسخريوطي ما بين انه قام بقتل نفسه منتحرا ندما علي مسألة الخيانة وما بين انفجار امعاءه لان الرب انتقم منه جراء مسألة الوشاية عن مكان المسيح وإرشاد جنود بيلاطس عليه وهذا وفق رواية الاناجيل الاربعة
اما عن الرواية الإسلامية
فهي تروي لنا ان المسيح في العشاء الاخير أخبر الحواريين الاثنا عشر (تلميذا) أن الله عز وجل سوف يرفعه الي السماء وقال لهم من منكم يختار أن يحل عليه شبهي ويكون رفيقي في الجنة ؟
فكان يهوذا هو التلميذ الذي قدم حياته فداءا للمسيح فلما دخل جند بيلاطس يريدون القبض علي المسيح انما قبضوا علي يهوذا الذي القي عليه الشبه بينما رفع المسيح من روزنة في السقف صاعده الي السماء أمام أعين الحواريين.
كما قال ربنا تبارك وتعالي( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)
لكن اليهود أصحاب المكيدة انما صارو في حيرة إذ انهم فقدوا من الحواريين (التلاميذ) رجلا اخر كما فقدوا المسيح فراحوا يتساءلون عن ايهما الذي صلب؟
من الذي قدم للمحاكمة أمام بيلاطس؟ هل هو المسيح ام هو يهوذا ؟ وهذا هو مقتضي قوله تعالي (وان الذين اختلفو فيه لفي شك منه ما لهم به من علم الا اتباع الظن وما قتلوه يقينا )
وقد كان المسيح قبل رفعه الي السماء قد اخبرهم بنبؤءة حلول الروح القدس فقال( إِنَّ لِي أُمُورًا كَثِيرَةً أَيْضًا لأَقُولَ لَكُمْ، وَلكِنْ لاَ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا الآنَ.˝وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ الْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ، لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ.˝ذَاكَ يُمَجِّدُنِي، لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ.)يوحنا(١٢-١٦)
وطبقا للعقيدة النصرانية القائمة علي فكرة التثليث والتي تؤمن بوجود اله واحد لكنه يتشكل في ثلاث صور او هيئات مختلفة لنفس الذات الالهية
فتارة يكون هو الإله الاب علي العرش وتارة يبدو كأنه الإله الابن الذي يمشي علي الارض والصورة الثالثة للاله هي ما يقولون عنه الروح القدس وهي صورة روحية غير مرئية
وطبقا لعقيدة التثليث عند النصاري والتي يقولون فيها (بسم الاب والابن والروح القدس اله واحد امين)
فكان المسيح الذي هو احد صور الاله اخبر الحواريين بان الصورة الاخري للاله سوف تحل عليكم بعد ذهابي لتخبركم بامور كثيرة لان الروح القدس لا تتكلم من نفسها بل كل ما تسمع به تتكلم وان الروح القدس التي هي احد صور الاله سوف تمجد المسيح الذي هو الصورة الاخري للاله.
من اجل هذا زعم النصاري ان الروح القدس حلت علي الحواريين الاحد عشر في اليوم الاربعين في صورة السنة نارية فاخبرتهم بأمور كثيرة ومجدت المسيح واخبرتهم بأمور اتيه .
ونحن نتساءل اذا كان المسيح والروح القدس هما وجهين للاله الاب فلماذا يخبر كل واحد منهما عن الاخر ولماذا لم يخبر المسيح عن نفسه اذا كان هو نفسه الروح القدس
لكن النصاري بهذه الفكرة استطاعوا ان يمررو للناس أن الحواريين او تلاميذ المسيح تحولوا الي رسل الي الأمم الاخري فصاروا كانهم مبلغون عن الله وهم معصومين حتي كتب القديس بولس وحده ١٨ عشر سفرا من أسفار الكتاب المقدس
لا تقل اهمية عن الاناجيل الاربعة وكل هذه الأفكار انما بنيت علي مجرد الزعم بأن الروح القدس هذه هي احد الصور الثلاثة للاله الواحد وقد كان هذا الزعم هو أحد المعاول الرئيسية لتغيير عقيدة النصاري الي ما خالف عقيدة الرسل
اما من خلال رؤية الاسلام للروح القدس
فهي تؤمن أن الروح القدس هو الملاك جبرائيل الموكل بتبليغ الوحي من الله تعالي الي رسله
وهو الذي تمثل في صورة بشر الي العذراء مريم ليبشرها بأنها سوف تحمل وتلد من غير أن تعرف رجلا وفقا لما جاء في الكتاب المقدس في إنجيل لوقا وهذا الذي وافق رواية القرآن في سورتي مريم وآل عمران
قال تعالي ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20)
فالمتدبر لهذه الايات يجد أن الروح القدس هنا هو الملاك جبرئيل والذي جاء لمريم وهو الذي ايد المسيح في المهد وكهلا كما ايد بقيه الرسل لانه الملاك الموكل بالوحي .
وكآن المسيح لما قال لهم أن الروح القدس سوف يخبركم بكل شي وسوف يخبركم بأمور اتية وسوق يمجدني انما كان يشير الي نزول جبريل بالوحي علي النبي الخاتم
كما بشر هو به في قوله( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ)
هذا الذي تحقق في بعثة النبي الذي مجد المسيح وأمه وأخبر بكل الغيبيات التي لم يخبر بها المسيح كما بين سبحانه فقال
وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ (195) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (196) أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (197)
فمن خلال هذا التحريف لمعني الروح القدس التي هي الملاك جبرائيل الذي بشر المسيح بأنه سوف ياتي بعد ذهابه ولا شك أن مجي جبرئيل لابد أن يكون الي نبي صاحب رسالة وصاحب شريعة وهو نبي اخر الزمان هذا النبي الذي مجد المسيح وأمة وأخبر بالغيبيات .
لكن النصاري حولوا الروح القدس الي احد صور الاله التي حلت علي الحواريين فتحول الحواريون من مجرد تلاميذ للمسيح الي رسل مبلغين وتحول كلامهم الي شريعة جعلت
النصاري يجحدون الشريعة الخاتمة وجحدوا بسببها النبي الخاتم ووصل بهم الأمر الي تغيير دين الله بالكلية
ونحن نسألهم اذا كان الروح القدس هو هذه الالسنة التي نزلت علي التلاميذ في اليوم الاربعين لرفع المسيح فاين هي الشريعة التي بلغها للتلاميذ واين تمجيده للمسيح واين هي الأمور الغيبية التي أخبر بها ؟
هل مجد احد المسيح غير النبي الخاتم الذي جاء بسورة كاملة في ذكر مريم وسورة اخري في ذكر سيرة عائلتها ال عمران بل ومجد المسيح فقال عنه وجيها في الدنيا والاخرة ومن المقربين ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين
من الذي مجد المسيح وازال عنه معرة الصلب والقتل والتعذيب وتجريعه الخل علي الصليب ووضع اكليل من الشوك فوق راسه وتمزيق ثيابه وكشف جسده أمام الجميع الا بقطعة قماش تستر سوءته ومن الذي نزهه عن السب واللطم وسيلان دمه أمام أعين الناظرين ومن الذي نفي عنه القتل بهذه الطريقة التي لا تتناسب الا مع اللصوص وقطاع
الطرق المجرمين؟
بل من الذي قال في مريم انها الصديقة سيدة نساء العالمين بل وقال عنها ( وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين)
وهل هناك اخبار بالأمور الآتية اولي من التذكير بأحدث القيامة والبعث والحساب والجزاء والعقوبة ؟
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ
وغيرها وغيرها من الايات والاحاديث التي تتكلم عن القيامة والتي نزل بها الروح القدس علي النبي الخاتم وفق نبؤءة المسح التي أخبر بها تلاميذه
حقيقة جلية لا يجحدها الا من ختم علي قلبه وطمس علي بصره وسمعه
براءة نبراء بها الي خالقنا. ❝
❞ الخـــروج . . .
كان يزدرد الطعام كأنه يزدرد كُرات من العجين يُلقي بها في جوفه دون تَلذُذ .. و كان الهواء راكداً ثقيلاً .. و كل شيء راكد ثقيل .. و صفحة النهار تبدو كليلٍ بلا نجوم ..
و لم يكن يدري كم من الوقت قد مضى عليه و هو جالس في كُرسيه في مقهى الروف بأعلى البرج ..
ربما بِضع ساعات و هو يجلس نفس الجلسة لم يُحرك إصبعاً .. و ربما بنفس النظرة الذاهلة المحملقة في الهواء دون أن يختلج له جفن ، و كأنما تسمرت نفسه و بات عقله مصلوباً على فكرة واحدة لا يبرحها .. أن يتخلص من حياته .
مريض بلا شفاء .. يتنقل من طبيب إلى طبيب .. و من دواء إلى دواء .. و من مُخدِر إلى مخدر .. و من أمل إلى أمل .. ثم تذوي الآمال ثم يكتشف أنه لم يبق له إلا الصبر .
و في البيت وحده .. و فِراش بارد .. و مائدة عليها عشرات العقاقير، و خِطابات لا يجف حبرها .. تجري سطورها اللاهِثة بنداء واحد لا يهدأ :
سوزان . . سوزان . .
عودي .. أحبك .. لا أستطيع أن أحيا بدونك .. و لا أن أموت بدونك .
حياتي ليل بدون ضوء عينيك .
و دائماً تُرسَل الخطابات و تسافر عبر البحر .. و لا يأتي لها رد ، و لا يُسمَع لها صَدى .
الزوجة الأوروبية عادت إلى بلادها بقلب ينزف ، و تركت وراءها قلباً آخر ينزف .
و في ذلك الصمت الشبيه بالصراخ يعيش ..
و في تلك الغرفة المُترَفة الوثيرة ذات الديكورات الغالية يتقلب .. و كأنما يتقلب على صحراء مُوحِشة تسرح فيها الأفاعي .. ثم ينفد الصبر .. و تنقطع حِبال الإنتظار .
و لا تبقى في ذهنه إلا فكرة واحدة .. أن يتخلص من حياته .
تأتيه الفكرة في البداية زائرة ثم تصبح طَوّافة ثم تُلِح عليه ثم تُقيم في رأسه ثم تتحول إلى حصار ثم تغدو كابوساً قهرياً يحتويه و يجثم عليه و يخنقه رويداً رويداً .
و يتحرك أخيراً .. فينظر إلى ساعته .
لقد مضت أربع سنوات و هو مُتجمد في كُرسيه كتمثال ، و شيء في داخله ينخر في بنيانه و يأكل جوفه .. و بنظرة سريعة عبر الشرفة يطل على الناس الذين يبدون كالنمل الصغير أسفل البرج .. و تتسمر عيناه على الهُوّة التي تَفغُر فاها تحت قدميه .
ثم في لحظة يرمي بنفسه من شاهِق .
و يتجمع الناس أسفل البرج .. و هُم يحكون في ذهول ..
هناك رجل رمى بنفسه من أعلى البرج فسقط على كتفي عامل فقتله لساعته .. أما هو فلم يُصَب بخدش ..
و حينما أفاق الرجل من صدمته و أدرك ما فعل .. إنكَبَّ على شفرة حديد صَدِئة إلتقطها من الطريق و قطع شرايينه .
و حملوه إلى المستشفى و هو ينزف .. و أسعفوه ..
و حينما فتح عينيه و اكتشف أنه لم يمُت بعد .. إبتلع زجاجة الأقراص المنومة كلها في غفلة من الممرضة ..
و لكنهم غسلوا معدته ، و أعطوه شيئاً .. و أنقذوه ..
و فتح عينيه من جديد ليجد أنه لم يمت بعد ثلاث محاولات قاتلة .. قتل فيها رجل آخر و لم يَمُت .. و سقط مغشياً عليه ..
و في النوم و بين لحظات الخدر ، و فيما يشبه الرؤيا شاهد الرجل نوراً و سمع صوتاً يقول له :
●● ماذا فعلت بنفسك ؟
● أردت أن أقتل نفسي لأستريح .
●● و من أين لك العلم بأنك سوف تستريح .. أعلِمت بما ينتظرك بعد الموت ؟
● إنه على أي حال أفضل من حالي في الدنيا .
●● هذا ظنك .. و لا يقتُل الناس أنفسهم بالظن .
● و ماذا كنت أستطيع أن أفعل .. و ماذا بقيَ لي ؟
●● أن تصبر و تنتظر أمرنا ..
● صبِرت .
●● تصبر يوماً آخر إلى غَد .
● سيكون غداً مشئوماً مثل سالفه .
●● كيف علمت .. هل أنت الذي خلقت الأيام .. هل أنت الذي خلقت نفسك ؟
● لا .
●● فكيف تحكم على ما لا تعلم ، و كيف تتصرف فيما لا تملك ؟
● هذا عمري و قد ضقت به .
●● أتعلم ماذا نُخفي لك غداً ؟
● لا .
●● إذاً فهو ليس عُمرك .
● لا أريد أن أعيش .. خلوا بيني و بين الموت .. دعوني .. ارحموني .
●● لو تركناك فما رحمناك .. إنما نحول بينك و بين رغبتك رحمةً مِنا و فضلاً ، و لو تخلينا عنك لهلَكت .
● يا مرحباً بالهلاك .. ما أريد إلا الهلاك .. يا أهلاً بالهلاك .
●● لن يكون الهلاك رقدة مُطمَئنة تحت التراب كما تتصور .
● أريد أن أخرج مما أنا فيه و كَفَى .
●● و لو إلى النار ؟
● و هل هناك نار غير هذه ؟
●● أتصَوَّرت أنه لا وجود إلا لما يقع تحت حسك من جنة و نار .. أظننت أنه لا جنة و لا نار إلا نعيمكم و عذابكم .. أظننتنا فقراء لا يتسع ملكنا إلا لهذا العالَم .. أتصَوَّرتَ أنه ليس عندنا لك إلا هذه الشقة في المعادي .. و ليس عند رب العالمين غير هذه الكرة الأرضية المعلقة كذرة غبار في الفضاء .. ؟
بئس ما خَيَّل لك بَصرُك الضرير عن فقرنا .
● ضقت ذرعاً مما أنا فيه .. إنسدت أمامي المسالك .. إنطبقت السماء على الأرض .. إختنقْت .. أريد الخروج .. أريد الخروج .
●● ألا تصبر لحظات أخرى .. أترفض عطيّتنا في الغد قبل أن تراها ؟
● رأيت منها ما يكفيني .
●● هذا رفض لنا و يأس مِنّا و اتهام لحكمتنا و سوء ظن بتدبيرنا و انتقاص لملكنا .. بئس ما قررت لنفسك .. إذهب .. رفضناك كما رفضتنا ، و حرمناك ما حرمت نفسك .. خَلّوا بينه و بين الموت ..
و في تلك الليلة شنق الرجل نفسه بملاءة الفراش .. و مات في هذه المحاولة الرابعة .. و فشلت كل الإسعافات في إنقاذه .
و جاء الغــد . .
فطلعت صفحات الجرائد الأولى بخبر مثير عن اكتشاف علاج جديد حاسم للمرض الذي كان يشكو منه .
و جاءت سوزان تدق بابه في شوق و في يدها بضع زجاجات من هذا الترياق الجديد و قلبها يطفح بالحب و الأمل .
و لكنه كان قد ذهب .
لم ينتظر العطية .
ظلم المُعطي و العَطيّة و ظلم نفسه و ظلم الغد الذي لم يره و اتهم الرحيم في رحمته و أنكر على المدبر تدبيره .
و خـــرج . .
إلى حيــث لا رحمـــة . . و لا عــودة . .
..
قصة : الخروج
من كتـــاب / نقطــة الغليـــان
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ الخـــروج . . .
كان يزدرد الطعام كأنه يزدرد كُرات من العجين يُلقي بها في جوفه دون تَلذُذ . و كان الهواء راكداً ثقيلاً . و كل شيء راكد ثقيل . و صفحة النهار تبدو كليلٍ بلا نجوم .
و لم يكن يدري كم من الوقت قد مضى عليه و هو جالس في كُرسيه في مقهى الروف بأعلى البرج .
ربما بِضع ساعات و هو يجلس نفس الجلسة لم يُحرك إصبعاً . و ربما بنفس النظرة الذاهلة المحملقة في الهواء دون أن يختلج له جفن ، و كأنما تسمرت نفسه و بات عقله مصلوباً على فكرة واحدة لا يبرحها . أن يتخلص من حياته .
مريض بلا شفاء . يتنقل من طبيب إلى طبيب . و من دواء إلى دواء . و من مُخدِر إلى مخدر . و من أمل إلى أمل . ثم تذوي الآمال ثم يكتشف أنه لم يبق له إلا الصبر .
و في البيت وحده . و فِراش بارد . و مائدة عليها عشرات العقاقير، و خِطابات لا يجف حبرها . تجري سطورها اللاهِثة بنداء واحد لا يهدأ :
سوزان . . سوزان . .
عودي . أحبك . لا أستطيع أن أحيا بدونك . و لا أن أموت بدونك .
حياتي ليل بدون ضوء عينيك .
و دائماً تُرسَل الخطابات و تسافر عبر البحر . و لا يأتي لها رد ، و لا يُسمَع لها صَدى .
الزوجة الأوروبية عادت إلى بلادها بقلب ينزف ، و تركت وراءها قلباً آخر ينزف .
و في ذلك الصمت الشبيه بالصراخ يعيش .
و في تلك الغرفة المُترَفة الوثيرة ذات الديكورات الغالية يتقلب . و كأنما يتقلب على صحراء مُوحِشة تسرح فيها الأفاعي . ثم ينفد الصبر . و تنقطع حِبال الإنتظار .
و لا تبقى في ذهنه إلا فكرة واحدة . أن يتخلص من حياته .
تأتيه الفكرة في البداية زائرة ثم تصبح طَوّافة ثم تُلِح عليه ثم تُقيم في رأسه ثم تتحول إلى حصار ثم تغدو كابوساً قهرياً يحتويه و يجثم عليه و يخنقه رويداً رويداً .
و يتحرك أخيراً . فينظر إلى ساعته .
لقد مضت أربع سنوات و هو مُتجمد في كُرسيه كتمثال ، و شيء في داخله ينخر في بنيانه و يأكل جوفه . و بنظرة سريعة عبر الشرفة يطل على الناس الذين يبدون كالنمل الصغير أسفل البرج . و تتسمر عيناه على الهُوّة التي تَفغُر فاها تحت قدميه .
ثم في لحظة يرمي بنفسه من شاهِق .
و يتجمع الناس أسفل البرج . و هُم يحكون في ذهول .
هناك رجل رمى بنفسه من أعلى البرج فسقط على كتفي عامل فقتله لساعته . أما هو فلم يُصَب بخدش .
و حينما أفاق الرجل من صدمته و أدرك ما فعل . إنكَبَّ على شفرة حديد صَدِئة إلتقطها من الطريق و قطع شرايينه .
و حملوه إلى المستشفى و هو ينزف . و أسعفوه .
و حينما فتح عينيه و اكتشف أنه لم يمُت بعد . إبتلع زجاجة الأقراص المنومة كلها في غفلة من الممرضة .
و لكنهم غسلوا معدته ، و أعطوه شيئاً . و أنقذوه .
و فتح عينيه من جديد ليجد أنه لم يمت بعد ثلاث محاولات قاتلة . قتل فيها رجل آخر و لم يَمُت . و سقط مغشياً عليه .
و في النوم و بين لحظات الخدر ، و فيما يشبه الرؤيا شاهد الرجل نوراً و سمع صوتاً يقول له :
●● ماذا فعلت بنفسك ؟
● أردت أن أقتل نفسي لأستريح .
●● و من أين لك العلم بأنك سوف تستريح . أعلِمت بما ينتظرك بعد الموت ؟
● إنه على أي حال أفضل من حالي في الدنيا .
●● هذا ظنك . و لا يقتُل الناس أنفسهم بالظن .
● و ماذا كنت أستطيع أن أفعل . و ماذا بقيَ لي ؟
●● أن تصبر و تنتظر أمرنا .
● صبِرت .
●● تصبر يوماً آخر إلى غَد .
● سيكون غداً مشئوماً مثل سالفه .
●● كيف علمت . هل أنت الذي خلقت الأيام . هل أنت الذي خلقت نفسك ؟
● لا .
●● فكيف تحكم على ما لا تعلم ، و كيف تتصرف فيما لا تملك ؟
● هذا عمري و قد ضقت به .
●● أتعلم ماذا نُخفي لك غداً ؟
● لا .
●● إذاً فهو ليس عُمرك .
● لا أريد أن أعيش . خلوا بيني و بين الموت . دعوني . ارحموني .
●● لو تركناك فما رحمناك . إنما نحول بينك و بين رغبتك رحمةً مِنا و فضلاً ، و لو تخلينا عنك لهلَكت .
● يا مرحباً بالهلاك . ما أريد إلا الهلاك . يا أهلاً بالهلاك .
●● لن يكون الهلاك رقدة مُطمَئنة تحت التراب كما تتصور .
● أريد أن أخرج مما أنا فيه و كَفَى .
●● و لو إلى النار ؟
● و هل هناك نار غير هذه ؟
●● أتصَوَّرت أنه لا وجود إلا لما يقع تحت حسك من جنة و نار . أظننت أنه لا جنة و لا نار إلا نعيمكم و عذابكم . أظننتنا فقراء لا يتسع ملكنا إلا لهذا العالَم . أتصَوَّرتَ أنه ليس عندنا لك إلا هذه الشقة في المعادي . و ليس عند رب العالمين غير هذه الكرة الأرضية المعلقة كذرة غبار في الفضاء . ؟
بئس ما خَيَّل لك بَصرُك الضرير عن فقرنا .
● ضقت ذرعاً مما أنا فيه . إنسدت أمامي المسالك . إنطبقت السماء على الأرض . إختنقْت . أريد الخروج . أريد الخروج .
●● ألا تصبر لحظات أخرى . أترفض عطيّتنا في الغد قبل أن تراها ؟
● رأيت منها ما يكفيني .
●● هذا رفض لنا و يأس مِنّا و اتهام لحكمتنا و سوء ظن بتدبيرنا و انتقاص لملكنا . بئس ما قررت لنفسك . إذهب . رفضناك كما رفضتنا ، و حرمناك ما حرمت نفسك . خَلّوا بينه و بين الموت .
و في تلك الليلة شنق الرجل نفسه بملاءة الفراش . و مات في هذه المحاولة الرابعة . و فشلت كل الإسعافات في إنقاذه .
و جاء الغــد . .
فطلعت صفحات الجرائد الأولى بخبر مثير عن اكتشاف علاج جديد حاسم للمرض الذي كان يشكو منه .
و جاءت سوزان تدق بابه في شوق و في يدها بضع زجاجات من هذا الترياق الجديد و قلبها يطفح بالحب و الأمل .
و لكنه كان قد ذهب .
لم ينتظر العطية .
ظلم المُعطي و العَطيّة و ظلم نفسه و ظلم الغد الذي لم يره و اتهم الرحيم في رحمته و أنكر على المدبر تدبيره .
و خـــرج . .
إلى حيــث لا رحمـــة . . و لا عــودة . .
.
قصة : الخروج
من كتـــاب / نقطــة الغليـــان
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝
❞ و أذكر فيما أذكر الآن ما كانوا يحكون لي عن جدي و أنا صغير و كيف أنه حج سبع حجات ، و كان الحج في ذلك الزمان البعيد منذ مائة سنة على الأقدام و على الإبل و بالبحر في سفن شراعية بدائية و في الحجة السابعة يروي الجد أهوالا .. عاصفة هبت على الحجيج و هم في عرض البحر و اقتلعت الشراع و حطمت الدفة ، و الكل يصرخ و يتضرع و يستنجد ، و المركب تدور في الدوامة كالفلك و الدوار ، و الموج المتلاطم يلف الجميع .
ثم يروي كيف تفسخت المركب إلى ألواح ابتلعتها اللجة في لحظات ، و كيف أفاق ليجد نفسه سابحا على طوف خشبي و أمامه جراب الزاد ، و كانوا يسمونه في تلك الأيام (( الذهاب )) .. كل حاج كان يطلع إلى الحج و معه ذهابه الخاص و به ما يلزم من المئونة و الأدوات و الثياب .
و كان أمرا عجيبا أن يهدأ البحر و تقلع الرياح و تنتهي العاصفة ، و ينجو وحده و معه ذهابه بهذه الطريقة التي تبدو كالمعجزة .
و تدمع عينا الجد و يومض بصره الكليل ، و كأنما يرى شريطا سريعا من اللقطات الرهيبة .. و يروي كيف قضى ليلتين في البحر ثم انتشله مركب شراعي آخر قاصدا إلى الحج .. و كيف أتم حجته السابعة ثم عاد بسلام .
و يروي كيف كان الموت يترصد الحاج في كل خطوة في البحر و في البر و في الصحارى .. و بين الحر المحرق و الرمال و العطش إذا ضل طريقه أو ماتت راحلته .. و على أيدي قطاع الطرق إذا ألقى به سوء حظه إلى عصبة من عصاباتهم .. أو بمرض معدٍ في زمان لم يكن يعرف شيئا اسمه طب وقائي أو يسمع عن لقاح للكوليرا أو التيفود .. و كانت الرحلة تطول إلى ستة شهور و سبعة شهور و سنة ، و كان الخارج إليها مفقودا و العائد مولودا .
و كان يختم قصته مبتسما بفمه الخالي من الأسنان ..
و برغم كل هذه الأهوال فقد حجيت سبع مرات و هاأناذا أموت بينكم في الفراش كما يموت الكسالى من العجائز ، لتعلموا يا أولادي أن كل شيء بأمر الله .. و أنه لا البحر يغرق و لا المرض يهلك و لا نار الصحارى تحرق ، و إنما هو الله وحده الذي يصرف الآجال كيف يشاء .
و أذكر الآن قصة هذا الجد الطيب و تطوف بذهني تلك الصور و أنا أضع قدمي في الطائرة لأصل جدة في ساعتين ، و في ساعة ثالثة أكون في الحرم أطوف بالكعبة ثم في الساعة التالية أكون صاعد إلى عرفات ، و بعد غروب الشمس أكون نازلا إلى منى لرمي الجمرات ثم طواف الإفاضة ثم تنتهي كل المناسك في أمان .
و أتذكر السرب الطويل من خمسين ألف عربة تحمل نصف مليون حاج و تصعد كلها في وقت واحد في عدة طرق دائرية حديثة الرصف .. و كل شيء يتم في سرعة و نظام و دون حادث و قد تناثرت وحدات الكشافة لتنظيم المرور .. و على الجبل تراصت مستشفيات كاملة التجهيز لعلاج و عزل أي حالة اشتباه .. و طوال ساعات الليل و النهار تطوف الرشاشات لقتل الذباب و البعوض في أماكن توالده ، و تطوف فرق أخرى لجمع القمامة و حرقها .
و بين مكة و المدينة يمتد أوتوستراد أملس كالحرير تنزلق عليه العربات في نعومة ، و ينام الراكب في حضن كرسيه في استرخاء لذيذ .
ما أبعد اليوم من الأمس .
و ما أكثر ما نتقلب فيه من النعم .
و كلما أحاطتنا النعمة ازددنا لله هجرانا .
أين إيمان اليوم .. من إيمان النبي العظيم منذ ألف و أربعمائة سنة و هو خارج في غزوة تبوك على رأس اثنى عشر ألفا من المسلمين في شهور القيظ المحرق ، ليخوض في رياح السموم و الحرور القاتلة سبع ليال يتهدده العطش في كل خطوة .. و قد ترك من خلفه الأمان و الظل الظليل و الراحة في خيام زوجاته .. ليلقى الله و ليبلغ الرسالة .. و ليحارب من ؟! .. الروم .. الذين احتشدوا على الحدود بمئات الألوف .
و اليوم ترتفع حرارة الجو بضع درجات فندير جهاز التكييف و نغلق أبواب غرفنا لا نبرحها لأن الخروج إلى الشارع مجازفة غير مأمونة .
و ما أبعد اليوم من الأمس حقاً .
و ما أفدح ما خسرنا حينما خسرنا الإيمان
...
كتاب/ الإسلام ماهو
للــدكتور/ مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ و أذكر فيما أذكر الآن ما كانوا يحكون لي عن جدي و أنا صغير و كيف أنه حج سبع حجات ، و كان الحج في ذلك الزمان البعيد منذ مائة سنة على الأقدام و على الإبل و بالبحر في سفن شراعية بدائية و في الحجة السابعة يروي الجد أهوالا . عاصفة هبت على الحجيج و هم في عرض البحر و اقتلعت الشراع و حطمت الدفة ، و الكل يصرخ و يتضرع و يستنجد ، و المركب تدور في الدوامة كالفلك و الدوار ، و الموج المتلاطم يلف الجميع .
ثم يروي كيف تفسخت المركب إلى ألواح ابتلعتها اللجة في لحظات ، و كيف أفاق ليجد نفسه سابحا على طوف خشبي و أمامه جراب الزاد ، و كانوا يسمونه في تلك الأيام (( الذهاب )) . كل حاج كان يطلع إلى الحج و معه ذهابه الخاص و به ما يلزم من المئونة و الأدوات و الثياب .
و كان أمرا عجيبا أن يهدأ البحر و تقلع الرياح و تنتهي العاصفة ، و ينجو وحده و معه ذهابه بهذه الطريقة التي تبدو كالمعجزة .
و تدمع عينا الجد و يومض بصره الكليل ، و كأنما يرى شريطا سريعا من اللقطات الرهيبة . و يروي كيف قضى ليلتين في البحر ثم انتشله مركب شراعي آخر قاصدا إلى الحج . و كيف أتم حجته السابعة ثم عاد بسلام .
و يروي كيف كان الموت يترصد الحاج في كل خطوة في البحر و في البر و في الصحارى . و بين الحر المحرق و الرمال و العطش إذا ضل طريقه أو ماتت راحلته . و على أيدي قطاع الطرق إذا ألقى به سوء حظه إلى عصبة من عصاباتهم . أو بمرض معدٍ في زمان لم يكن يعرف شيئا اسمه طب وقائي أو يسمع عن لقاح للكوليرا أو التيفود . و كانت الرحلة تطول إلى ستة شهور و سبعة شهور و سنة ، و كان الخارج إليها مفقودا و العائد مولودا .
و كان يختم قصته مبتسما بفمه الخالي من الأسنان .
و برغم كل هذه الأهوال فقد حجيت سبع مرات و هاأناذا أموت بينكم في الفراش كما يموت الكسالى من العجائز ، لتعلموا يا أولادي أن كل شيء بأمر الله . و أنه لا البحر يغرق و لا المرض يهلك و لا نار الصحارى تحرق ، و إنما هو الله وحده الذي يصرف الآجال كيف يشاء .
و أذكر الآن قصة هذا الجد الطيب و تطوف بذهني تلك الصور و أنا أضع قدمي في الطائرة لأصل جدة في ساعتين ، و في ساعة ثالثة أكون في الحرم أطوف بالكعبة ثم في الساعة التالية أكون صاعد إلى عرفات ، و بعد غروب الشمس أكون نازلا إلى منى لرمي الجمرات ثم طواف الإفاضة ثم تنتهي كل المناسك في أمان .
و أتذكر السرب الطويل من خمسين ألف عربة تحمل نصف مليون حاج و تصعد كلها في وقت واحد في عدة طرق دائرية حديثة الرصف . و كل شيء يتم في سرعة و نظام و دون حادث و قد تناثرت وحدات الكشافة لتنظيم المرور . و على الجبل تراصت مستشفيات كاملة التجهيز لعلاج و عزل أي حالة اشتباه . و طوال ساعات الليل و النهار تطوف الرشاشات لقتل الذباب و البعوض في أماكن توالده ، و تطوف فرق أخرى لجمع القمامة و حرقها .
و بين مكة و المدينة يمتد أوتوستراد أملس كالحرير تنزلق عليه العربات في نعومة ، و ينام الراكب في حضن كرسيه في استرخاء لذيذ .
ما أبعد اليوم من الأمس .
و ما أكثر ما نتقلب فيه من النعم .
و كلما أحاطتنا النعمة ازددنا لله هجرانا .
أين إيمان اليوم . من إيمان النبي العظيم منذ ألف و أربعمائة سنة و هو خارج في غزوة تبوك على رأس اثنى عشر ألفا من المسلمين في شهور القيظ المحرق ، ليخوض في رياح السموم و الحرور القاتلة سبع ليال يتهدده العطش في كل خطوة . و قد ترك من خلفه الأمان و الظل الظليل و الراحة في خيام زوجاته . ليلقى الله و ليبلغ الرسالة . و ليحارب من ؟! . الروم . الذين احتشدوا على الحدود بمئات الألوف .
و اليوم ترتفع حرارة الجو بضع درجات فندير جهاز التكييف و نغلق أبواب غرفنا لا نبرحها لأن الخروج إلى الشارع مجازفة غير مأمونة .
و ما أبعد اليوم من الأمس حقاً .
و ما أفدح ما خسرنا حينما خسرنا الإيمان
..
كتاب/ الإسلام ماهو
للــدكتور/ مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝
❞ الليلة الأولى من ديسمبر الموافقة ليوم ميلادي، وأيضًا ليلة باردة ممطرة كليلة ميلادي المشؤمة، وانا جالسة على مكتبي الصغير أدرس فـ إنها السنة الأخيرة في المرحلة الثانوية، شعرت أن عيناي اختنقت بالبُكاء، ففضلت أن أسطر ما بداخلي على الأوراقِ أمامي:
"دائمًا ما ينظرون إلى وكأنني عالة على قلوبهم جميعًا، وكأن برودة تلك الليلة التي أتيت فيها إلى دُنياهم لم تكن سوى تحذير لِي عمّا سألقاه، عمّا سيعاني منه قلبي، عن الإرهاق الذي في اِنتظارِ روحي، عن العار الذي يأتي معي كما يسمونه، كل هذا لأنني فتاة، وكأن تحديد جنسي كان بإرادتي أو إرادة العالم وليس إرادة رب الأكوان، كنت أرى جميع الفتيات حولي عندما يسألهم أحد عن مواصفات فارس أحلامهم يجيبنْ بكل حُبٍ : نُريده كأبي، إلا أنا؛ أريده قادر على تحريري من قساوة أبي الحانية! لكن، رغم جفاء قلبه أحبه، أصبحتُ كـ سجين عشق الأسر رغم مرارته، ينقصه فقط أن يشعر بالحرية بين قضبانه."
#إخترنا_لك #زينة_البنات لكاتبتها الجميلة #ندى_سعيد
كل ثلاثاء الساعة ٨ مساءً بتوقيت القاهرة
مع #إنجي_أيمن🤍🤍
#راديو #صندوق_الدنيا #راديو_كل_الدنيا. ❝ ⏤𝐸𝑁𝐺𝑌 𝐴𝑌𝑀𝐸𝑁
❞ الليلة الأولى من ديسمبر الموافقة ليوم ميلادي، وأيضًا ليلة باردة ممطرة كليلة ميلادي المشؤمة، وانا جالسة على مكتبي الصغير أدرس فـ إنها السنة الأخيرة في المرحلة الثانوية، شعرت أن عيناي اختنقت بالبُكاء، ففضلت أن أسطر ما بداخلي على الأوراقِ أمامي:
˝دائمًا ما ينظرون إلى وكأنني عالة على قلوبهم جميعًا، وكأن برودة تلك الليلة التي أتيت فيها إلى دُنياهم لم تكن سوى تحذير لِي عمّا سألقاه، عمّا سيعاني منه قلبي، عن الإرهاق الذي في اِنتظارِ روحي، عن العار الذي يأتي معي كما يسمونه، كل هذا لأنني فتاة، وكأن تحديد جنسي كان بإرادتي أو إرادة العالم وليس إرادة رب الأكوان، كنت أرى جميع الفتيات حولي عندما يسألهم أحد عن مواصفات فارس أحلامهم يجيبنْ بكل حُبٍ : نُريده كأبي، إلا أنا؛ أريده قادر على تحريري من قساوة أبي الحانية! لكن، رغم جفاء قلبه أحبه، أصبحتُ كـ سجين عشق الأسر رغم مرارته، ينقصه فقط أن يشعر بالحرية بين قضبانه.˝