❞ \"بمفردي\"
تايه في الحياة، لا أعلم أين أنا، ولا أين أذهب، أتمشى وسط العالم بمفردي، صامتًا، لا أتكلم مع أحد، أنا بمفردي، لكنني سأحاول أن أكون قويًا في وحدتي، دون أن يتدخل أحد في تشكيل حياتي حسب مزاجه، لا أحب أن يتحكم فيّ أحد، سأعيش حياتي كما أريد، وسأنجح رغم كل شيء، لا أحتاج إلى أحد ليقول إنه كان معي في كل شيء وهو في الواقع لم يفعل شيئًا، سوى محاولته إرضاء نفسه أمام الآخرين، سأكتشف هذا العالم وأشياء جديدة بمفردي، دون حاجة إلى مرافق.
منّة الله علاء \"نجمة السماء\"
تيم / رسائل النجمة إلى نسر السماء. ❝ ⏤Nada Elatfe
❞ ˝بمفردي˝
تايه في الحياة، لا أعلم أين أنا، ولا أين أذهب، أتمشى وسط العالم بمفردي، صامتًا، لا أتكلم مع أحد، أنا بمفردي، لكنني سأحاول أن أكون قويًا في وحدتي، دون أن يتدخل أحد في تشكيل حياتي حسب مزاجه، لا أحب أن يتحكم فيّ أحد، سأعيش حياتي كما أريد، وسأنجح رغم كل شيء، لا أحتاج إلى أحد ليقول إنه كان معي في كل شيء وهو في الواقع لم يفعل شيئًا، سوى محاولته إرضاء نفسه أمام الآخرين، سأكتشف هذا العالم وأشياء جديدة بمفردي، دون حاجة إلى مرافق.
منّة الله علاء ˝نجمة السماء˝
تيم / رسائل النجمة إلى نسر السماء. ❝
❞ لم يكن المسلمون ليفرطوا في أمر القرآن المكي بحيث يأتي في عصر من العصور من يدعي أن مفهوم القرآن كان حاضراً في أذهان المسلمين المكيين ليس إلا، وعليه فقد توصلت الدراسة إلى أن القرآن المكي مثله مثل القرآن الذي نزل في المدينة قد كتب كله، وأن النبي كان له في مكة عدد من الكتبة إلى درجة أن الباحثين اختلفوا في تحديد أسبقهم كتابة للنبي . والأدلة متضافرة على أن المكي كله قد كتب من خلال الآيات المكية التي تلمح أحياناً وتصرح أحيانا أخرى بذلك، إضافة إلى أدلة أخرى كثيرة حوتها بطون كتب التراث تدل بوضوح على أن كتابة القرآن الكريم كانت تسير متوازية مع الحفظ بعد نزول الآية أو الآيات غير متخلفة، تنضاف إليها أدلة عقلية عدة. فما ذهب إليه بعض الباحثين من أن الظروف الأمنية الحرجة بسبب الملاحقة المستمرة حالت دون إمكان كتابة القرآن الكريم في مكة، لم يكن مستندا إلى أدلة بل هو مجرد تكهنات غير مؤسسة على قواعد علمية. والأدلة قائمة على أن النبي كان يصطحب معه أدوات الكتابة ولم يهمل الكتابة في فترة من الفترات، بل وفي ظروف أشد حرجاً، كما كان الحال في هجرته حيث جلب معه ما يحتاج إليه من أدوات الكتابة إضافة إلى أن مُرافِقَيْه كانا من الكتبة. ❝ ⏤د.عبد الرحمن عمر محمد اسبينداري
❞ لم يكن المسلمون ليفرطوا في أمر القرآن المكي بحيث يأتي في عصر من العصور من يدعي أن مفهوم القرآن كان حاضراً في أذهان المسلمين المكيين ليس إلا، وعليه فقد توصلت الدراسة إلى أن القرآن المكي مثله مثل القرآن الذي نزل في المدينة قد كتب كله، وأن النبي كان له في مكة عدد من الكتبة إلى درجة أن الباحثين اختلفوا في تحديد أسبقهم كتابة للنبي . والأدلة متضافرة على أن المكي كله قد كتب من خلال الآيات المكية التي تلمح أحياناً وتصرح أحيانا أخرى بذلك، إضافة إلى أدلة أخرى كثيرة حوتها بطون كتب التراث تدل بوضوح على أن كتابة القرآن الكريم كانت تسير متوازية مع الحفظ بعد نزول الآية أو الآيات غير متخلفة، تنضاف إليها أدلة عقلية عدة. فما ذهب إليه بعض الباحثين من أن الظروف الأمنية الحرجة بسبب الملاحقة المستمرة حالت دون إمكان كتابة القرآن الكريم في مكة، لم يكن مستندا إلى أدلة بل هو مجرد تكهنات غير مؤسسة على قواعد علمية. والأدلة قائمة على أن النبي كان يصطحب معه أدوات الكتابة ولم يهمل الكتابة في فترة من الفترات، بل وفي ظروف أشد حرجاً، كما كان الحال في هجرته حيث جلب معه ما يحتاج إليه من أدوات الكتابة إضافة إلى أن مُرافِقَيْه كانا من الكتبة. ❝
❞ الفصل الأول
غادرت غرفتها بإتجاه غرفة والدها الحبيب لتلقى عليه تحية الصباح قبل المغادرة .طرقت الباب برقة وفتحته بهدوء لتجده مستقرا ككل يوم بفراشه ينتظر رؤيتها قبل توجهها للجامعة .
ابتسامة بشوشة تكلل وجهه كالعادة لتندفع للداخل تتحدث بدلالها الزائد والذى هو جزء من شخصيتها : أسعد الله صباحك حبيبي
فتح ذراعيه لتلبى دعوته التى لا تتردد مطلقا فى طلبها فيحيطها بحنانه الذى لا ينتهى : أسعد الله اوقاتك صغيرتى المدللة .
تضحك لاصراره على مناداتها صغيرتى المدللة ، ولم لا يفعل !!
هى حقا صغيرته المدللة . من اسرف فى تدليلها منذ توفت والدتها وهى طفلة عمرها لم يتجاوز العامين بعد فلم تر معه سوى هذا الدلال الذى يظن الجميع أنه افسدها حتى هى شخصياً تظن أحيانا أنها لا يعتمد عليها مطلقا بل هى تعتمد عليه بشكل كامل فى كل شئونها.
ابتعدت للخلف بسرعة متخطية الأفكار التى ستوجهها للاحباط فى الصباح : صغيرتك المدللة ستتعرض للتقريع اللاذع من أستاذها إن تأخرت اكثر من ذلك .
كان لا يزال متمسكا بأصابعها ليتركها فورا : فلتذهبى إذا .. أكره أن يؤذى أحدهم صغيرتى ولو بكلمة وكونى بخير.. لا تقودى السيارة بسرعة مبالغ فيها وانتبهى للطريق .
اتجهت للباب لتتوقف فجأة وتلتفت له : عدنى انت أولاً أن تكون بخير .
اتسعت ابتسامته : اعدك صغيرتى . سأكون بخير .
اسرعت خطواتها للخارج حتى استمع لإغلاق الباب الخارجى فبدأ يتحرك مغادرا فراشه فقد غادرت صغيرته التى تحد من حركته بشكل كبير، يعلم أنها تقوم بذلك حبا وخوفا لتدهور حالته الصحية لكنه لا يريد أن يظل طريح الفراش، يعلم جيداً أنها لن تتدبر أمورها جيدا بدونه وكم يخشى أن يتركها وحيدة!!
*****
غادرت المصعد و أسرعت الخطى فهى بالكاد ستصل قبل بدء المحاضرة الأولى . احنت رأسها لتخرج من حقيبتها مفتاح سيارتها الصغيرة التى وفرها لها والدها خوفاً عليها من زحام المواصلات.
كم هى محظوظة لوالدها الحبيب !
اخرجت المفتاح لتجد نفسها ملتصقة بحائط بشرى لا تدرى كيف اصطدمت به وكيف وصل لسيارتها من الأساس.
نظرت بفزع لفستانها الزهرى والذى تلطخ بالفول الساخن الذى كان يحمله هذا الأحمق الذى اصطدم بها وقد زادت حرارتها هى عن حرارة هذا الفول فلم تشعر بسخونته من شدة الغضب .
لا تهتم بالسخونة بقدر اهتمامها بتلوث الفستان . رفعت عينيها بغضب لتواجه وجها قد احتقن لا تدرى لم ولا تهتم.
ولم تكن لتهتم فى هذه اللحظة سوى بما ألحقته بها حماقته.
ضغطت على اسنانها بغيظ : انظر لما فعلت ايها الأحمق !!
ارتد خطوات للخلف كمن مسه ماس كهربائي : عذرا آنسة . لم اكن منتبها بشكل كامل. اعتذر
تصرخ هى بغضب مكتوم : وماذا افعل بعذرك !! لقد أفسدت ثوبى
اغمضت عينيها لتتابع : وكذلك يومى .
حمحم بحرج : لقد اعتذرت منك .. لكنك لم تكونى منتبهة ايضا فالخطأ مشترك .
ظنت أن ما تقوم به صراخ عليه لكنه بدا له عكس ذلك تماماً: وتملك الجرأة أيضاً للتملص من فعلتك؟
ارتفع حاجبيه واتسع فمه دهشة لهذه اللهجة التى لم يظن أن احداهن تملكها بالفعل: اى فعلة؟؟ مجرد اصطدام ومجرد فستان يمكنك تغيره، ليست جريمة يا آنسة
إنها كذلك
أوقفته بحدة مضحكة ثم رفعت عينيها ترمقه بغضب مضاعف .. سرعان ما دارت على عقبيها تضرب الأرض بقدميها وهى تعود ادراجها للداخل تاركته خلفها ، إدراك أولى محاضراتها أمر مستحيل . بينما نفض هو عن ملابسه ما علق بها بلا اهتمام وهو يتمتم بحنق : مدللة حمقاء، كل هذا الصخب لمجرد تلوث فستان؟ ياألله لكنها لا تحتمل، مرهقة كليا خاصة فى حالة التخبط التى يعانيها.
اقتفت عينيه إثرها مرغمة وهو يتابع : مدللة بالفعل وفاتنة أيضا ..
ثم عاد أدراجه ليشترى الفطور مرة أخرى محاولا نزع نبرة صوتها عن أذنيه لكن يبدو أن عقله قد وقع أسيرا لهذه النبرة ولا أمل له فى نزعها حالياً، ربما عليه نزع صورتها عن عينيه أولاً لكن يبدو أن الأمل معدوم أيضاً فخلف جفنيه طبعت صورة لها تدفعه للجنون وهو يستعيد كل حركة صدرت عنها فتزلزل لها جزء من كيانه.
******
فتحت باب الشقة لتلتقط أنفها فورا رائحة القهوة . قطبت جبينها بغضب ، والدها ينتظر خروجها يوميا ليحتسى القهوة إذا ..
أغلقت الباب بهدوء واتجهت للمطبخ لتجده قد فرغ للتو من إعداد فنجانه ويبدو أنه يشعر بالانتصار كل يوم وهو يحتسى قهوته فى غيابها.
عقدت ساعديها بغضب : هل هذا وعدك لى ؟؟
انتفض والدها ينظر لها بفزع امتزج به خوفه الفطرى الزائد عليها: ياسمين !!! لماذا عدت ؟؟
اقتربت لتلتقط منه الفنجان : لا تجيب سؤالى بسؤال . لقد وعدتنى أن تكون بخير . كيف ستكون وانت تشرب القهوة التى منعها الطبيب ؟
ارتبك حسن وهو ينظر لفستانها الملطخ بالفول المدمس ويتحول صوته لنبرة راجية : صغيرتى فنجان واحد لن يضر كثيرا . أنا أحتاجه حقا .
أشار لملابسها بفضول مغيرا مجرى الحديث : كيف وصل الفول لفستانك هكذا ؟
لتغمض عينيها وكأنها تذكرت : اصطدم بى احمق ما اسفل البناية .
صمتت لحظة : لقد افسد يومى
قالتها بغضب طفولى ليربت أبيها فوق كتفها بحنان : بدلى ملابسك . لقد أحسن لى هذا الأحمق فسأحظى بفطور برفقة صغيرتى المدللة .
لم يتمكن من استعادة فنجانه الغالى بل سكبته بالحوض قبل أن تغادر . تلك الصغيرة العنيدة .
ابتسم بحنان بعد مغادرتها ، هو ليس غاضب منها ، بل هو يثق أنها تخشى فقده وما سكبته إلا حبا فيه .
اتجه فورا لإعداد الفطور حتى تنتهى صغيرته من تبديل ملابسها فمشاركتها الفطور أثناء الدراسة أمر نادر الحدوث وهو لن يضيع هذه الفرصة هباءا سيعد لها فطورا شهيا يغير مزاجها بعد هذا الحدث الصباحى السخيف .
*****
بدلت ملابسها لتمسك بفستانها تنظر له بحسرة ثم توجهت للمرحاض لتنظيفه ، أمامها ثلاث ساعات قبل المحاضرة التالية وهذا وقت كاف تماما .
اتجهت للخارج حيث اعد والدها الفطور وجلس بانتظارها .
جذبت المقعد وجلست بصمت ليتساءل : هل فوت أمرا هاما ؟
اشاحت بكفها تحاول أن تثبت له أن كل شيء بخير : مجرد محاضرة .
ابتسمت له بحنان تدعى الحماس : هيا ساساعدك بإعداد الغداء قبل المحاضرة التالية .
ليضحك هو وقد تمكنت من خداعه: تساعدينى !! هل انت جادة !!!
لتشاركه الضحك ، إنه محق تماما هى بالكاد تستعمل سكين الفاكهة دون إصابة أصابعها بجروح وبالكاد تأكل قطعة واحدة صالحة بعد إتلاف الثمرة
*****
فى شقة أخرى بنفس البناية ، يدخل وديد حاملا الافطار الذى اشتراه للمرة الثانية ليندفع نحوه صديقه جابر بلهفة : لم كل هذا التأخير وديد ؟ أنا اتضور جوعا .
لينظر له وديد بغيظ فهذا الشره لا يمكن لأى طعام وضع حد لجوعه: ومنذ متى لا تتضور جوعا جابر ؟؟
لكن جابر لم يهتم إطلاقاً لملاحظته بل تناول ما يحمله وديد ليسرع نحو المطبخ لإعداده بلا إبطاء .
عشر دقائق وكان الطعام جاهزا ليدعوه للمشاركة وبالطبع لم يتأخر وديد فإن فعل فلن يجد ما يتناوله فصديقه سيأتى على اخر لقمة أمامه.
لاحظ جابر شرود صديقه ليأكل بصمت هو يعلم أنه ينتظر تثبيته بالبنك الذى يعمل به وهذا الأمر يوتره بشده فهو يخشى أن يخسر العمل وهذا يعنى خطوات للوراء والبدء من جديد ومجرد الفكرة تصيب وديد بهاجس يؤرق نومه فيبدو أنه لم يعد لديه طاقة للمتابعة وحده.
*****
بعد ساعتين غادرت ياسمين مرة أخرى. وقفت بإنتظار المصعد الذى تأخر لبعض الوقت لكنها لم تتذمر فالوقت لازال باكرا وستصل قبل بدء المحاضرة بكل تأكيد. فتحت الباب لتستقله بصمت دون الاهتمام بمن يستقله بالفعل .
نظر لها جابر بإعجاب شديد ليحمحم معرفا عن نفسه : مرحبا . أنا جديد هنا .
لم يجد اى استجابة منها ليتابع : أقيم بالدور السابع برفقة صديقى هو صاحب الشقة وقبل بإستصافتى لفترة لا أدرى فى الواقع متى تنتهى، ربما تطول قليلا فلازلت أبحث عن مكان مناسب وليكن قريبا من عملى أيضا. المكان هنا ليس قريبا من عملى جدا لكنى اهوى رياضة المشى..
هى لا تجيب وهو لا يتوقف عن الثرثرة ، اخبرها أنه طبيب أنهى تكليفه ليأتى للعاصمة بحثا عن فرصة جيدة . وقد وجد فرصته بأحد المستشفيات الاستثمارية ويعمل على تنمية مهاراته حيث أنه يصبو لأكثر من هذا المشفى.
توقف المصعد لتحمد الله أنها ستتخلص من هذا الثرثار لكنه تبعها للخارج متابعا حديثه الذى لا ينتهى كما يبدو: ألن ترحبى بى !! أو اعرف اسمك على الأقل !! نحن جيران
توقفت بجوار سيارتها لتخرج المفاتيح بهدوء وهى تتحدث بنفس طريقتها محاولة ردعه : ياسمين أقيم مع أبى وأكره المتطفلين .
قالت جملتها بنفس لهجتها المتدللة ليبتلع ريقه بصعوبة وهو يحدق بها ؛ تكره المتطفلين وتحدثه بهذه الطريقة !!! كيف ستتحدث إن أحبته اذا !!!
شرد فى أفكاره التى تدور حول هذه الفاتنة بينما استغلت الفرصة للتخلص منه وهى تظن أنها ارغمته على الصمت بهذه الجملة الواهية ، استقلت سيارتها وانطلقت بالسيارة لتقطع تدفق أفكاره الحالمة ليكتشف أنها غادرت وأنه فوت فرصة للتعرف عليها بشكل أفضل أو الفوز ببعض المعلومات عنهما . زفر بضيق واتجه سيرا إلى المشفى الذى يعمل به. رغم بعد المسافة إلا أنه يتخذها طريقة للمحافظة على جسده من البدانة .
هو يعشق الطعام ولا يمكنه مقاومته ، ولن يسمح لهذا الطعام الذى يعشقه أن يقتله ايضا .
****
كان يوما جيدا ل وديد بكل المقاييس فقد أعلنه رئيسه بالعمل أن إجراءات تثبيته قد تمت بالفعل وأنه يخطو بثبات فى موقعه الجديد عليه فقط متابعة العمل بنفس الهمة والنظام دون إغفال التفاصيل.
ليكمل يومه بنشاط وحماس فقد استقرت أموره منذ اليوم ، عليه فقط الاجتهاد وسيكون لنفسه مستقبله الباهر الذى طالما حلم به وعاهد نفسه على إتمامه مهما كانت المعوقات التى يتعرض لها، بالفعل كاد يفقد حماسه لهذا الحلم نظرا لشدة قسوة الواقع لكن هذا الواقع الذى يحياه اليوم ليس أشد بؤسا من ماض حياه مسبقاً .
يعود وديد من عمله عادة في الرابعة عصرا لكنه تأخر اليوم فقد قرر أن يحتفل بهذه المناسبة بشراء الطعام الفاخر والحلوى أيضا قبل العودة للمنزل ليستغرق الأمر منه ساعة إضافية .
اتجه نحو البناية يحمل علبة الحلوى فوق كفه الأيمن وبذراعه الأيسر يحمل أكياس الطعام . سيعود جابر فى السادسة وسيسعد كثيرا بهذا الطعام وهذا ما أراده، إسعاد شخص يحبه، يعلم أن جابر يحبه رغم ما يغضبه من خصاله التى لا تتناسب مع كونه طبيباً هو يشفق على مرضاه أحياناً من ثرثرته وشراهته .
هو أيضا يسعد بمشاركة جابر له شقته . تلك الشقة التى اشتراها بكل ارثه الذى منحه له عمه اخيرا .
يشعر بالراحة فهو الأن يقف على أرض صلبة يمكنه من اليوم أن يبدأ حياة أخرى ينعم فيها ببعض السكينة التى حرم منها طويلا .
****
أحكمت إغلاق باب السيارة لتخطو مسرعة كالعادة نحو مدخل البناية ليوقفها صوته الحازم : احذرى .
توقفت خطواتها لتكتشف أنها كانت على وشك الاصطدام به للمرة الثانية .
ابتسم براحة : حمدا لله لم أفسد فستانك للمرة الثانية فى نفس اليوم .
توترت فهى المخطئة حقا وحاولت الاعتذار : عذرا إنه خطأى .
اتسعت ابتسامته عكس تجهمه الصباحى : هل انت مندفعة هكذا دائما ؟
وصلا للمصعد فبادرت بطلبه ولم تحاول المراوغة أو التجمل : اعتقد أنى كذلك .
قالتها بنفس الدلال بل وزادته بسمتها فتنة ليحمحم بحرج ويتبعها لداخل المصعد الذى توقف أمامهما للتو .
ضغطت زر الدور الرابع ليطلب منها برفق : السابع من فضلك .
لتتبعه ضغطة أخرى للدور السابع لم تمنحه مبتغاه دون تعمد منها أو حيطة فهى تستعمل كفها الأيسر فقط لقربه من أزرار المصعد
انت طالبة بالجامعة ؟؟
تساءل بهدوء لتجيب برقة : بلى كلية التجارة الانجليزية .
ابتسم بود : لنا نفس التخصص إذا .. أنا وديد محاسب ببنك ...
توقف المصعد أمام الدور الرابع لتهم بالمغادة وهى تقول : تشرفت بلقاءك سيد وديد واعتذر عن الصباح غير الودى وبالمناسبة واسم مميز بالفعل .
فتحت باب المصعد وتوقفت كأنها تذكرت شيئا للتو لتدور وتنظر له بأعين ضيقة: انت من تستضيف ذلك الطبيب الثرثار ؟؟
ضحك مرغما فليس وحده من يرى جابر ثرثار عكس ما يدعيه الأخير : إنه كذلك لا يكف عن الحديث إلا ليتناول الطعام وينكر كونه ثرثارا
لتضحك بنعومة ورقة : كان الله بعونك .
وغادرته ليغادر قلبه مرافقا لها . انغلق الباب ليتنهد وديد بأسف وأمام عينيه بسمتها وصوتها الرقيق ؛ اسم مميز بالفعل !!!
*****
دخلت من الباب بهدوء لتتقدم فورا نحو غرفة والدها فهذا موعد قيلولته ، فتحت الباب بهدوء لترى ملامحه مسترخية فتعيد إغلاقه وتتوجه لغرفتها .
بدلت ملابسها وجلست فوق الفراش لتتذكر حديث صديقتها ريم التى وبختها كالعادة هذا الصباح .
تعلم أن ريم تحبها كثيرا ، وهى ايضا تحبها كذلك .
طالما حاولت ريم تغيير طريقة ياسمين فى الحديث بلا فائدة ، الدلال جزء من شخصيتها كيف تغيره .
ربما لأنها درست بمدارس الفتيات ثم بجامعة البنات ولعدم اضطرارها للتحدث كثيرا مع الشباب ،هى تشعر بأريحية لنفسها كما هى.
كما أنها مدللة أبيها فإن تخلت عن هذا الدلال ستفقد لقبها المميز الذى أطلقه عليها والدها وهى فى الواقع تحبه كثيراً ليس لأنه يصفها بالدلال بل لأنه ينسبها بهذا الدلال فقط لأبيها الشخص الوحيد الذى ترى أنه يستحق أن تنسب إليه فى كل صفاتها وليس مجرد اسم يلى إسمها.
كما توبخها ريم ايضا مطالبة إياها بالاعتماد على نفسها .. ريم محقة والدها لم يعد بخير وهى تعتمد عليه بشكل كامل فى تحضير الطعام وتنظيف المنزل وغسل الملابس وكل شيء . قد يكون اسرف فى تدليلها لكنه لم يفسدها .. دللها حبا وستعتمد على نفسها حبا له لتمنحه الراحة التى يستحق فهو لن يشعر مطلقاً بالراحة وهو يعلم أنها لن تتمكن من تدبر أمرها وحدها .
هو يرفض مساعدتها من شدة حبه لها وخوفه عليها فترى أن كل ما عليها فعله أن تثبت له أنها على هذا القدر من المسئولية التى تؤهلها للتدرب على أعمال المنزل التى أصبحت تشق على والدها الحبيب .
تحسست خطواتها للخارج . هو نائم الأن يمكنها أن تحاول إعداد الطعام وتعد له مفاجأة تثق أنه سيسعد بها كثيراً، كان يفعل فى الماضى كلما كانت تنجز عملا بسيطا كترتيب غرفتها أو تنظيف الحوض لا يمكنها أن تنسى نظرة الفخر التى كان يخصها بها حتى كان ذلك اليوم الذى كسرت فيه كوبا وجرحت كفها جرحا عميقا احتاج للتقطيب عدة غرز فأمر أبيها بعدم مساعدتها له فى أعباء المنزل مهما كان السبب، ومرت الأعوام وزادها دلالا كلما تقدمت فى العمر لكنه مؤخرا أصيب بعدة امراض أثرت عليه بشكل كبير وهى لن تكون عبئا عليه، عليها أن تكون عكازه فى هذه المحنة هى ابنته الوحيدة وهذه مسئوليتها وحدها.
شعرت ياسمين بالكثير من الحماس مع هذه الأفكار التى سيطرت عليها لدقائق معدودة فنفضت عنها هذا الدلال واتجهت للمطبخ بنفس بحماس : حسنا والدى سأبهرك حقا . ستكون فخورا بى كما كنت فى الماضى.. ❝ ⏤قسمة الشبيني
❞ الفصل الأول
غادرت غرفتها بإتجاه غرفة والدها الحبيب لتلقى عليه تحية الصباح قبل المغادرة .طرقت الباب برقة وفتحته بهدوء لتجده مستقرا ككل يوم بفراشه ينتظر رؤيتها قبل توجهها للجامعة .
ابتسامة بشوشة تكلل وجهه كالعادة لتندفع للداخل تتحدث بدلالها الزائد والذى هو جزء من شخصيتها : أسعد الله صباحك حبيبي
فتح ذراعيه لتلبى دعوته التى لا تتردد مطلقا فى طلبها فيحيطها بحنانه الذى لا ينتهى : أسعد الله اوقاتك صغيرتى المدللة .
تضحك لاصراره على مناداتها صغيرتى المدللة ، ولم لا يفعل !!
هى حقا صغيرته المدللة . من اسرف فى تدليلها منذ توفت والدتها وهى طفلة عمرها لم يتجاوز العامين بعد فلم تر معه سوى هذا الدلال الذى يظن الجميع أنه افسدها حتى هى شخصياً تظن أحيانا أنها لا يعتمد عليها مطلقا بل هى تعتمد عليه بشكل كامل فى كل شئونها.
ابتعدت للخلف بسرعة متخطية الأفكار التى ستوجهها للاحباط فى الصباح : صغيرتك المدللة ستتعرض للتقريع اللاذع من أستاذها إن تأخرت اكثر من ذلك .
كان لا يزال متمسكا بأصابعها ليتركها فورا : فلتذهبى إذا . أكره أن يؤذى أحدهم صغيرتى ولو بكلمة وكونى بخير. لا تقودى السيارة بسرعة مبالغ فيها وانتبهى للطريق .
اتجهت للباب لتتوقف فجأة وتلتفت له : عدنى انت أولاً أن تكون بخير .
اتسعت ابتسامته : اعدك صغيرتى . سأكون بخير .
اسرعت خطواتها للخارج حتى استمع لإغلاق الباب الخارجى فبدأ يتحرك مغادرا فراشه فقد غادرت صغيرته التى تحد من حركته بشكل كبير، يعلم أنها تقوم بذلك حبا وخوفا لتدهور حالته الصحية لكنه لا يريد أن يظل طريح الفراش، يعلم جيداً أنها لن تتدبر أمورها جيدا بدونه وكم يخشى أن يتركها وحيدة!!
*****
غادرت المصعد و أسرعت الخطى فهى بالكاد ستصل قبل بدء المحاضرة الأولى . احنت رأسها لتخرج من حقيبتها مفتاح سيارتها الصغيرة التى وفرها لها والدها خوفاً عليها من زحام المواصلات.
كم هى محظوظة لوالدها الحبيب !
اخرجت المفتاح لتجد نفسها ملتصقة بحائط بشرى لا تدرى كيف اصطدمت به وكيف وصل لسيارتها من الأساس.
نظرت بفزع لفستانها الزهرى والذى تلطخ بالفول الساخن الذى كان يحمله هذا الأحمق الذى اصطدم بها وقد زادت حرارتها هى عن حرارة هذا الفول فلم تشعر بسخونته من شدة الغضب .
لا تهتم بالسخونة بقدر اهتمامها بتلوث الفستان . رفعت عينيها بغضب لتواجه وجها قد احتقن لا تدرى لم ولا تهتم.
ولم تكن لتهتم فى هذه اللحظة سوى بما ألحقته بها حماقته.
ضغطت على اسنانها بغيظ : انظر لما فعلت ايها الأحمق !!
ارتد خطوات للخلف كمن مسه ماس كهربائي : عذرا آنسة . لم اكن منتبها بشكل كامل. اعتذر
تصرخ هى بغضب مكتوم : وماذا افعل بعذرك !! لقد أفسدت ثوبى
اغمضت عينيها لتتابع : وكذلك يومى .
حمحم بحرج : لقد اعتذرت منك . لكنك لم تكونى منتبهة ايضا فالخطأ مشترك .
ظنت أن ما تقوم به صراخ عليه لكنه بدا له عكس ذلك تماماً: وتملك الجرأة أيضاً للتملص من فعلتك؟
ارتفع حاجبيه واتسع فمه دهشة لهذه اللهجة التى لم يظن أن احداهن تملكها بالفعل: اى فعلة؟؟ مجرد اصطدام ومجرد فستان يمكنك تغيره، ليست جريمة يا آنسة
إنها كذلك
أوقفته بحدة مضحكة ثم رفعت عينيها ترمقه بغضب مضاعف . سرعان ما دارت على عقبيها تضرب الأرض بقدميها وهى تعود ادراجها للداخل تاركته خلفها ، إدراك أولى محاضراتها أمر مستحيل . بينما نفض هو عن ملابسه ما علق بها بلا اهتمام وهو يتمتم بحنق : مدللة حمقاء، كل هذا الصخب لمجرد تلوث فستان؟ ياألله لكنها لا تحتمل، مرهقة كليا خاصة فى حالة التخبط التى يعانيها.
اقتفت عينيه إثرها مرغمة وهو يتابع : مدللة بالفعل وفاتنة أيضا .
ثم عاد أدراجه ليشترى الفطور مرة أخرى محاولا نزع نبرة صوتها عن أذنيه لكن يبدو أن عقله قد وقع أسيرا لهذه النبرة ولا أمل له فى نزعها حالياً، ربما عليه نزع صورتها عن عينيه أولاً لكن يبدو أن الأمل معدوم أيضاً فخلف جفنيه طبعت صورة لها تدفعه للجنون وهو يستعيد كل حركة صدرت عنها فتزلزل لها جزء من كيانه.
أغلقت الباب بهدوء واتجهت للمطبخ لتجده قد فرغ للتو من إعداد فنجانه ويبدو أنه يشعر بالانتصار كل يوم وهو يحتسى قهوته فى غيابها.
عقدت ساعديها بغضب : هل هذا وعدك لى ؟؟
انتفض والدها ينظر لها بفزع امتزج به خوفه الفطرى الزائد عليها: ياسمين !!! لماذا عدت ؟؟
اقتربت لتلتقط منه الفنجان : لا تجيب سؤالى بسؤال . لقد وعدتنى أن تكون بخير . كيف ستكون وانت تشرب القهوة التى منعها الطبيب ؟
ارتبك حسن وهو ينظر لفستانها الملطخ بالفول المدمس ويتحول صوته لنبرة راجية : صغيرتى فنجان واحد لن يضر كثيرا . أنا أحتاجه حقا .
أشار لملابسها بفضول مغيرا مجرى الحديث : كيف وصل الفول لفستانك هكذا ؟
لتغمض عينيها وكأنها تذكرت : اصطدم بى احمق ما اسفل البناية .
صمتت لحظة : لقد افسد يومى
قالتها بغضب طفولى ليربت أبيها فوق كتفها بحنان : بدلى ملابسك . لقد أحسن لى هذا الأحمق فسأحظى بفطور برفقة صغيرتى المدللة .
لم يتمكن من استعادة فنجانه الغالى بل سكبته بالحوض قبل أن تغادر . تلك الصغيرة العنيدة .
ابتسم بحنان بعد مغادرتها ، هو ليس غاضب منها ، بل هو يثق أنها تخشى فقده وما سكبته إلا حبا فيه .
اتجه فورا لإعداد الفطور حتى تنتهى صغيرته من تبديل ملابسها فمشاركتها الفطور أثناء الدراسة أمر نادر الحدوث وهو لن يضيع هذه الفرصة هباءا سيعد لها فطورا شهيا يغير مزاجها بعد هذا الحدث الصباحى السخيف .
*****
بدلت ملابسها لتمسك بفستانها تنظر له بحسرة ثم توجهت للمرحاض لتنظيفه ، أمامها ثلاث ساعات قبل المحاضرة التالية وهذا وقت كاف تماما .
اتجهت للخارج حيث اعد والدها الفطور وجلس بانتظارها .
جذبت المقعد وجلست بصمت ليتساءل : هل فوت أمرا هاما ؟
اشاحت بكفها تحاول أن تثبت له أن كل شيء بخير : مجرد محاضرة .
ابتسمت له بحنان تدعى الحماس : هيا ساساعدك بإعداد الغداء قبل المحاضرة التالية .
ليضحك هو وقد تمكنت من خداعه: تساعدينى !! هل انت جادة !!!
لتشاركه الضحك ، إنه محق تماما هى بالكاد تستعمل سكين الفاكهة دون إصابة أصابعها بجروح وبالكاد تأكل قطعة واحدة صالحة بعد إتلاف الثمرة
*****
فى شقة أخرى بنفس البناية ، يدخل وديد حاملا الافطار الذى اشتراه للمرة الثانية ليندفع نحوه صديقه جابر بلهفة : لم كل هذا التأخير وديد ؟ أنا اتضور جوعا .
لينظر له وديد بغيظ فهذا الشره لا يمكن لأى طعام وضع حد لجوعه: ومنذ متى لا تتضور جوعا جابر ؟؟
لكن جابر لم يهتم إطلاقاً لملاحظته بل تناول ما يحمله وديد ليسرع نحو المطبخ لإعداده بلا إبطاء .
عشر دقائق وكان الطعام جاهزا ليدعوه للمشاركة وبالطبع لم يتأخر وديد فإن فعل فلن يجد ما يتناوله فصديقه سيأتى على اخر لقمة أمامه.
لاحظ جابر شرود صديقه ليأكل بصمت هو يعلم أنه ينتظر تثبيته بالبنك الذى يعمل به وهذا الأمر يوتره بشده فهو يخشى أن يخسر العمل وهذا يعنى خطوات للوراء والبدء من جديد ومجرد الفكرة تصيب وديد بهاجس يؤرق نومه فيبدو أنه لم يعد لديه طاقة للمتابعة وحده.
*****
بعد ساعتين غادرت ياسمين مرة أخرى. وقفت بإنتظار المصعد الذى تأخر لبعض الوقت لكنها لم تتذمر فالوقت لازال باكرا وستصل قبل بدء المحاضرة بكل تأكيد. فتحت الباب لتستقله بصمت دون الاهتمام بمن يستقله بالفعل .
نظر لها جابر بإعجاب شديد ليحمحم معرفا عن نفسه : مرحبا . أنا جديد هنا .
لم يجد اى استجابة منها ليتابع : أقيم بالدور السابع برفقة صديقى هو صاحب الشقة وقبل بإستصافتى لفترة لا أدرى فى الواقع متى تنتهى، ربما تطول قليلا فلازلت أبحث عن مكان مناسب وليكن قريبا من عملى أيضا. المكان هنا ليس قريبا من عملى جدا لكنى اهوى رياضة المشى.
هى لا تجيب وهو لا يتوقف عن الثرثرة ، اخبرها أنه طبيب أنهى تكليفه ليأتى للعاصمة بحثا عن فرصة جيدة . وقد وجد فرصته بأحد المستشفيات الاستثمارية ويعمل على تنمية مهاراته حيث أنه يصبو لأكثر من هذا المشفى.
توقف المصعد لتحمد الله أنها ستتخلص من هذا الثرثار لكنه تبعها للخارج متابعا حديثه الذى لا ينتهى كما يبدو: ألن ترحبى بى !! أو اعرف اسمك على الأقل !! نحن جيران
توقفت بجوار سيارتها لتخرج المفاتيح بهدوء وهى تتحدث بنفس طريقتها محاولة ردعه : ياسمين أقيم مع أبى وأكره المتطفلين .
قالت جملتها بنفس لهجتها المتدللة ليبتلع ريقه بصعوبة وهو يحدق بها ؛ تكره المتطفلين وتحدثه بهذه الطريقة !!! كيف ستتحدث إن أحبته اذا !!!
شرد فى أفكاره التى تدور حول هذه الفاتنة بينما استغلت الفرصة للتخلص منه وهى تظن أنها ارغمته على الصمت بهذه الجملة الواهية ، استقلت سيارتها وانطلقت بالسيارة لتقطع تدفق أفكاره الحالمة ليكتشف أنها غادرت وأنه فوت فرصة للتعرف عليها بشكل أفضل أو الفوز ببعض المعلومات عنهما . زفر بضيق واتجه سيرا إلى المشفى الذى يعمل به. رغم بعد المسافة إلا أنه يتخذها طريقة للمحافظة على جسده من البدانة .
هو يعشق الطعام ولا يمكنه مقاومته ، ولن يسمح لهذا الطعام الذى يعشقه أن يقتله ايضا .
****
كان يوما جيدا ل وديد بكل المقاييس فقد أعلنه رئيسه بالعمل أن إجراءات تثبيته قد تمت بالفعل وأنه يخطو بثبات فى موقعه الجديد عليه فقط متابعة العمل بنفس الهمة والنظام دون إغفال التفاصيل.
ليكمل يومه بنشاط وحماس فقد استقرت أموره منذ اليوم ، عليه فقط الاجتهاد وسيكون لنفسه مستقبله الباهر الذى طالما حلم به وعاهد نفسه على إتمامه مهما كانت المعوقات التى يتعرض لها، بالفعل كاد يفقد حماسه لهذا الحلم نظرا لشدة قسوة الواقع لكن هذا الواقع الذى يحياه اليوم ليس أشد بؤسا من ماض حياه مسبقاً .
يعود وديد من عمله عادة في الرابعة عصرا لكنه تأخر اليوم فقد قرر أن يحتفل بهذه المناسبة بشراء الطعام الفاخر والحلوى أيضا قبل العودة للمنزل ليستغرق الأمر منه ساعة إضافية .
اتجه نحو البناية يحمل علبة الحلوى فوق كفه الأيمن وبذراعه الأيسر يحمل أكياس الطعام . سيعود جابر فى السادسة وسيسعد كثيرا بهذا الطعام وهذا ما أراده، إسعاد شخص يحبه، يعلم أن جابر يحبه رغم ما يغضبه من خصاله التى لا تتناسب مع كونه طبيباً هو يشفق على مرضاه أحياناً من ثرثرته وشراهته .
هو أيضا يسعد بمشاركة جابر له شقته . تلك الشقة التى اشتراها بكل ارثه الذى منحه له عمه اخيرا .
يشعر بالراحة فهو الأن يقف على أرض صلبة يمكنه من اليوم أن يبدأ حياة أخرى ينعم فيها ببعض السكينة التى حرم منها طويلا .
****
أحكمت إغلاق باب السيارة لتخطو مسرعة كالعادة نحو مدخل البناية ليوقفها صوته الحازم : احذرى .
توقفت خطواتها لتكتشف أنها كانت على وشك الاصطدام به للمرة الثانية .
ابتسم براحة : حمدا لله لم أفسد فستانك للمرة الثانية فى نفس اليوم .
توترت فهى المخطئة حقا وحاولت الاعتذار : عذرا إنه خطأى .
اتسعت ابتسامته عكس تجهمه الصباحى : هل انت مندفعة هكذا دائما ؟
وصلا للمصعد فبادرت بطلبه ولم تحاول المراوغة أو التجمل : اعتقد أنى كذلك .
قالتها بنفس الدلال بل وزادته بسمتها فتنة ليحمحم بحرج ويتبعها لداخل المصعد الذى توقف أمامهما للتو .
ضغطت زر الدور الرابع ليطلب منها برفق : السابع من فضلك .
لتتبعه ضغطة أخرى للدور السابع لم تمنحه مبتغاه دون تعمد منها أو حيطة فهى تستعمل كفها الأيسر فقط لقربه من أزرار المصعد
انت طالبة بالجامعة ؟؟
تساءل بهدوء لتجيب برقة : بلى كلية التجارة الانجليزية .
ابتسم بود : لنا نفس التخصص إذا . أنا وديد محاسب ببنك ..
توقف المصعد أمام الدور الرابع لتهم بالمغادة وهى تقول : تشرفت بلقاءك سيد وديد واعتذر عن الصباح غير الودى وبالمناسبة واسم مميز بالفعل .
فتحت باب المصعد وتوقفت كأنها تذكرت شيئا للتو لتدور وتنظر له بأعين ضيقة: انت من تستضيف ذلك الطبيب الثرثار ؟؟
ضحك مرغما فليس وحده من يرى جابر ثرثار عكس ما يدعيه الأخير : إنه كذلك لا يكف عن الحديث إلا ليتناول الطعام وينكر كونه ثرثارا
لتضحك بنعومة ورقة : كان الله بعونك .
وغادرته ليغادر قلبه مرافقا لها . انغلق الباب ليتنهد وديد بأسف وأمام عينيه بسمتها وصوتها الرقيق ؛ اسم مميز بالفعل !!!
*****
دخلت من الباب بهدوء لتتقدم فورا نحو غرفة والدها فهذا موعد قيلولته ، فتحت الباب بهدوء لترى ملامحه مسترخية فتعيد إغلاقه وتتوجه لغرفتها .
بدلت ملابسها وجلست فوق الفراش لتتذكر حديث صديقتها ريم التى وبختها كالعادة هذا الصباح .
تعلم أن ريم تحبها كثيرا ، وهى ايضا تحبها كذلك .
طالما حاولت ريم تغيير طريقة ياسمين فى الحديث بلا فائدة ، الدلال جزء من شخصيتها كيف تغيره .
ربما لأنها درست بمدارس الفتيات ثم بجامعة البنات ولعدم اضطرارها للتحدث كثيرا مع الشباب ،هى تشعر بأريحية لنفسها كما هى.
كما أنها مدللة أبيها فإن تخلت عن هذا الدلال ستفقد لقبها المميز الذى أطلقه عليها والدها وهى فى الواقع تحبه كثيراً ليس لأنه يصفها بالدلال بل لأنه ينسبها بهذا الدلال فقط لأبيها الشخص الوحيد الذى ترى أنه يستحق أن تنسب إليه فى كل صفاتها وليس مجرد اسم يلى إسمها.
كما توبخها ريم ايضا مطالبة إياها بالاعتماد على نفسها . ريم محقة والدها لم يعد بخير وهى تعتمد عليه بشكل كامل فى تحضير الطعام وتنظيف المنزل وغسل الملابس وكل شيء . قد يكون اسرف فى تدليلها لكنه لم يفسدها . دللها حبا وستعتمد على نفسها حبا له لتمنحه الراحة التى يستحق فهو لن يشعر مطلقاً بالراحة وهو يعلم أنها لن تتمكن من تدبر أمرها وحدها .
هو يرفض مساعدتها من شدة حبه لها وخوفه عليها فترى أن كل ما عليها فعله أن تثبت له أنها على هذا القدر من المسئولية التى تؤهلها للتدرب على أعمال المنزل التى أصبحت تشق على والدها الحبيب .
تحسست خطواتها للخارج . هو نائم الأن يمكنها أن تحاول إعداد الطعام وتعد له مفاجأة تثق أنه سيسعد بها كثيراً، كان يفعل فى الماضى كلما كانت تنجز عملا بسيطا كترتيب غرفتها أو تنظيف الحوض لا يمكنها أن تنسى نظرة الفخر التى كان يخصها بها حتى كان ذلك اليوم الذى كسرت فيه كوبا وجرحت كفها جرحا عميقا احتاج للتقطيب عدة غرز فأمر أبيها بعدم مساعدتها له فى أعباء المنزل مهما كان السبب، ومرت الأعوام وزادها دلالا كلما تقدمت فى العمر لكنه مؤخرا أصيب بعدة امراض أثرت عليه بشكل كبير وهى لن تكون عبئا عليه، عليها أن تكون عكازه فى هذه المحنة هى ابنته الوحيدة وهذه مسئوليتها وحدها.
شعرت ياسمين بالكثير من الحماس مع هذه الأفكار التى سيطرت عليها لدقائق معدودة فنفضت عنها هذا الدلال واتجهت للمطبخ بنفس بحماس : حسنا والدى سأبهرك حقا . ستكون فخورا بى كما كنت فى الماضى. ❝
❞ وبينما كان ينتظر أن يغادر، تلاقت موجات اللغات الأجنبيَّة فوق رأسه زخَّاتٍ زخَّاتٍ: كلماتٍ وجملًا، وصيحاتٍ في خلطٍ مشوَّشٍ يخلو من المعاني المفهومة. قال شابا في ميناء زارا: \"إن نجوتُ من هذه الرحلة، فسأصلِّي في المنـزل حتَّــى يغشى عليَّ تمامًا\". كاد أن ينهار حقًّا، فالأصوات المحيطة به مزَّقت طبلة أذنيه. ساعده رجاله على سطح السفينة وفي القارب، وكذا عند الشراع. \"آمل أن أتذكَّر كلَّ شيءٍ إذا نجوتُ\". فوق الأمواج تطفو الأذرع والأصوات الغريبة، وأحد الأصابع قد علق في مسبحة الشابِّ والآخر في ساعته. اعتقد أنَّه ربَّما سيموت في الطريق، وحتَّــى قبل أن يصل. بيد أنَّه لم يمت، فقد دفعَته العديد من الأكواع إلى السطح، ورأى بالفعل مرافقين خلفه؛ الشمَّاس المذعور، والسكرتيـر، والمنشدَين الدينيَّين: الآن لم يكن الغرباء هم من دفعوه إلى السطح، بل أولئك. أغمض جفنيه، ولجأ بسرعةٍ إلى الصلاة والدعاء. ما الذي يمكن أن يخطر ببال هؤلاء البحَّارة غيـر المتعلِّمين، هكذا فكَّر، وهو يـراقب الركَّاب والسلال والصناديق، ومعهم شروق الشمس، من أسفل جفونه المتدلِّية التـي تشبه الغشاء الرفيع الرقيق، لأنَّ السماء تـرقب الحركات في زارا بحذرٍ تمامًا مثل شابا، الذي قضى في هذا العالم زهاء خمسةٍ وسبعين عامًا.
\"بمجرَّد بزوغ الفجر، سنغادر\". كانت هذه هي الجملة الوحيدة التـي فهمها، وقد قيلت وحدها بالمجريَّة. ردَّدها أحد المنشدَين الدينيَّين بسعادةٍ. اتكأ شابا على صندوقه وتظاهر بأنَّه ميتٌ. كان يعتقد أنَّ هذا الوضع هو دائمًا الأكثـر أمانًا. يعلم أنَّ كبار مسؤولي زارا ينتظرون على الشاطئ كي يلوِّح لهم مبعوث الملك المجريَّ، لكنَّ شابا اعتقد أنَّه سيكون أكثـر كرامةً إذا لم يلوِّح لهم من الأساس، وإنَّما يتشبَّث بالصدور وكلمات الصلاة، مثل رئيس كهنةٍ قلقٍ وعاجزٍ. يكفي أن نرى من الشاطئ أنَّ رئيس الكهنة، الذي يذهب في مهمَّةٍ مقدَّسةٍ، يشيـر بوجهه إلى الأمام، ويحيِّي أولئك من على متن السفينة، هذا في حين لم يقرِّر بعدُ متـى سيسعد قائد الدفَّة والجموع المنتظرين في المرفأ بأشعَّة الشمس. تلا تلك الملابسات، انبثاق لهجاتٍ لاتينيَّةٍ من زوايا الشفاه، والتقاط بضع كلماتٍ لاتينيَّةٍ مشوَّشة من خلف ظهره، فهم منها جيِّدًا أنَّ رجلًا ذا صوتٍ معدنيٍّ يبحث عن بضاعته، وسدَّادة زجاجة النبيذ الخاصَّة به، وسمع شـخصًا آخر أجاب على ذات الصوت غيـر الواضـح. قال شابا إنَّ هذا الشـخص الآخر لاتينيٌّ أيضًا، على الرغم من أنَّه لم يفهم أيّ شيءٍ من الإجابة. تساءل كيف يمكن أن يكون هذا، وتعجَّب بشدَّةٍ، بينما أصابعه تمسك المسبحة بإرهاقٍ... لم أفهم سوى جملةٍ واحدةٍ. حاول أن يبصر الأمر بأذنيه، ويفكُّ تشابك الجمل والكلمات بصبـرٍ، بينما يعلم أنَّ كبار المسؤولين يتظاهرون بالصبـر على الشاطئ وينتظرون تحيَّة رئيس الكهنة العجوز. ربَّما يكون هذا ما يتحدَّثون عنه، كما اعتقد شابا، لأنَّه يوجد دائمًا شيءٌ يجب التفكيـر فيه، فالأناس قليلو العقل محدودو الفكر لا يفعلون سوى أن يقصِّروا حياتنا فقط.. ❝ ⏤إيفا بانكي
❞ وبينما كان ينتظر أن يغادر، تلاقت موجات اللغات الأجنبيَّة فوق رأسه زخَّاتٍ زخَّاتٍ: كلماتٍ وجملًا، وصيحاتٍ في خلطٍ مشوَّشٍ يخلو من المعاني المفهومة. قال شابا في ميناء زارا: ˝إن نجوتُ من هذه الرحلة، فسأصلِّي في المنـزل حتَّــى يغشى عليَّ تمامًا˝. كاد أن ينهار حقًّا، فالأصوات المحيطة به مزَّقت طبلة أذنيه. ساعده رجاله على سطح السفينة وفي القارب، وكذا عند الشراع. ˝آمل أن أتذكَّر كلَّ شيءٍ إذا نجوتُ˝. فوق الأمواج تطفو الأذرع والأصوات الغريبة، وأحد الأصابع قد علق في مسبحة الشابِّ والآخر في ساعته. اعتقد أنَّه ربَّما سيموت في الطريق، وحتَّــى قبل أن يصل. بيد أنَّه لم يمت، فقد دفعَته العديد من الأكواع إلى السطح، ورأى بالفعل مرافقين خلفه؛ الشمَّاس المذعور، والسكرتيـر، والمنشدَين الدينيَّين: الآن لم يكن الغرباء هم من دفعوه إلى السطح، بل أولئك. أغمض جفنيه، ولجأ بسرعةٍ إلى الصلاة والدعاء. ما الذي يمكن أن يخطر ببال هؤلاء البحَّارة غيـر المتعلِّمين، هكذا فكَّر، وهو يـراقب الركَّاب والسلال والصناديق، ومعهم شروق الشمس، من أسفل جفونه المتدلِّية التـي تشبه الغشاء الرفيع الرقيق، لأنَّ السماء تـرقب الحركات في زارا بحذرٍ تمامًا مثل شابا، الذي قضى في هذا العالم زهاء خمسةٍ وسبعين عامًا.
˝بمجرَّد بزوغ الفجر، سنغادر˝. كانت هذه هي الجملة الوحيدة التـي فهمها، وقد قيلت وحدها بالمجريَّة. ردَّدها أحد المنشدَين الدينيَّين بسعادةٍ. اتكأ شابا على صندوقه وتظاهر بأنَّه ميتٌ. كان يعتقد أنَّ هذا الوضع هو دائمًا الأكثـر أمانًا. يعلم أنَّ كبار مسؤولي زارا ينتظرون على الشاطئ كي يلوِّح لهم مبعوث الملك المجريَّ، لكنَّ شابا اعتقد أنَّه سيكون أكثـر كرامةً إذا لم يلوِّح لهم من الأساس، وإنَّما يتشبَّث بالصدور وكلمات الصلاة، مثل رئيس كهنةٍ قلقٍ وعاجزٍ. يكفي أن نرى من الشاطئ أنَّ رئيس الكهنة، الذي يذهب في مهمَّةٍ مقدَّسةٍ، يشيـر بوجهه إلى الأمام، ويحيِّي أولئك من على متن السفينة، هذا في حين لم يقرِّر بعدُ متـى سيسعد قائد الدفَّة والجموع المنتظرين في المرفأ بأشعَّة الشمس. تلا تلك الملابسات، انبثاق لهجاتٍ لاتينيَّةٍ من زوايا الشفاه، والتقاط بضع كلماتٍ لاتينيَّةٍ مشوَّشة من خلف ظهره، فهم منها جيِّدًا أنَّ رجلًا ذا صوتٍ معدنيٍّ يبحث عن بضاعته، وسدَّادة زجاجة النبيذ الخاصَّة به، وسمع شـخصًا آخر أجاب على ذات الصوت غيـر الواضـح. قال شابا إنَّ هذا الشـخص الآخر لاتينيٌّ أيضًا، على الرغم من أنَّه لم يفهم أيّ شيءٍ من الإجابة. تساءل كيف يمكن أن يكون هذا، وتعجَّب بشدَّةٍ، بينما أصابعه تمسك المسبحة بإرهاقٍ.. لم أفهم سوى جملةٍ واحدةٍ. حاول أن يبصر الأمر بأذنيه، ويفكُّ تشابك الجمل والكلمات بصبـرٍ، بينما يعلم أنَّ كبار المسؤولين يتظاهرون بالصبـر على الشاطئ وينتظرون تحيَّة رئيس الكهنة العجوز. ربَّما يكون هذا ما يتحدَّثون عنه، كما اعتقد شابا، لأنَّه يوجد دائمًا شيءٌ يجب التفكيـر فيه، فالأناس قليلو العقل محدودو الفكر لا يفعلون سوى أن يقصِّروا حياتنا فقط. ❝
❞ قطب برسلوه جبينه ونظر إلى والدي. عزيزي سيمبيري. بما أنني أحترمك للغاية وبما أننا أصدقاء حتى
الأخوة، سأعطيك مائتي بيزيتا ونغلق الموضوع. ينبغي أن يتم الاتفاق مع ابني أكد والدي «فالكتاب كتابه.»
التفت برسلوه إلي بابتسامة خبيثة. ما رأيك يا فتي؟ مائتا بيزيتا
رقم جيد جدا تفتتح به نشاطك التجاري... إن ابنك سوف يضارب
عليك يا سيمبيري.»
ضحك الحاضرون، ونظر إلي برسلوه بارتياح وأخرج محفظة الجلد من جيبه. أخذ يعد المال، مائتا بيزيتا في تلك الحقبة كانت مبلغا ضخما. أعطاني الأوراق المالية، فاقتصرت على الرفض بهز رأسي فتفاجاً
برسلوه من جديد. تذكر أن الطمع من المحرمات الكبرى أضاف. «ثلاثمائة هيا. بوسعك أن تفتح حسابا في مصرف التوفير. على المرء في عمرك أن يبدأ التفكير في المستقبل.» هززت برأسي ثانية فنظر برسلوه إلى والدي والشرر يقدح من
النظارة المفردة. لا تنظر إلي هكذا قال له. إنني هنا بصفة مرافق فقط.»
تنهد برسلوه بعمق ونظر إلي متفحصا. حسنا، قل لي ما الذي تريده يا صغيري؟
أريد أن أعرف من هو خوليان كاراكس وأين بوسعي العثور على أعماله الأخرى.»
أرجع برسلوه المحفظة إلى جيبه وأعاد الاعتبار بخصمه حينها.
تبا. يوجد بيننا بروفسور إذن ماذا تطعم ابنك يا سيمبيري؟ قال. انحنى بائع الكتب نحوي ورأيت في عينيه نظرة احترام لم أرها من قبل.. ❝ ⏤كارلوس زافون
❞ قطب برسلوه جبينه ونظر إلى والدي. عزيزي سيمبيري. بما أنني أحترمك للغاية وبما أننا أصدقاء حتى
الأخوة، سأعطيك مائتي بيزيتا ونغلق الموضوع. ينبغي أن يتم الاتفاق مع ابني أكد والدي «فالكتاب كتابه.»
التفت برسلوه إلي بابتسامة خبيثة. ما رأيك يا فتي؟ مائتا بيزيتا
رقم جيد جدا تفتتح به نشاطك التجاري.. إن ابنك سوف يضارب
عليك يا سيمبيري.»
ضحك الحاضرون، ونظر إلي برسلوه بارتياح وأخرج محفظة الجلد من جيبه. أخذ يعد المال، مائتا بيزيتا في تلك الحقبة كانت مبلغا ضخما. أعطاني الأوراق المالية، فاقتصرت على الرفض بهز رأسي فتفاجاً
برسلوه من جديد. تذكر أن الطمع من المحرمات الكبرى أضاف. «ثلاثمائة هيا. بوسعك أن تفتح حسابا في مصرف التوفير. على المرء في عمرك أن يبدأ التفكير في المستقبل.» هززت برأسي ثانية فنظر برسلوه إلى والدي والشرر يقدح من
النظارة المفردة. لا تنظر إلي هكذا قال له. إنني هنا بصفة مرافق فقط.»
تنهد برسلوه بعمق ونظر إلي متفحصا. حسنا، قل لي ما الذي تريده يا صغيري؟
أريد أن أعرف من هو خوليان كاراكس وأين بوسعي العثور على أعماله الأخرى.»
أرجع برسلوه المحفظة إلى جيبه وأعاد الاعتبار بخصمه حينها.
تبا. يوجد بيننا بروفسور إذن ماذا تطعم ابنك يا سيمبيري؟ قال. انحنى بائع الكتب نحوي ورأيت في عينيه نظرة احترام لم أرها من قبل. ❝