❞ أعجبتني مقدمة الكتاب أن أفكر في قصة حياتي وأني أن كل واحد هو راوي قصته
الاقتباس
عندما تكون تائها ولا تعلم أين تذهب لا تقف في مكانك إمضي دون سؤال بالأمور تحل ولو بعد حين #قصة الذاكرة. ❝ ⏤كريمة رجب
❞ أعجبتني مقدمة الكتاب أن أفكر في قصة حياتي وأني أن كل واحد هو راوي قصته
الاقتباس
عندما تكون تائها ولا تعلم أين تذهب لا تقف في مكانك إمضي دون سؤال بالأمور تحل ولو بعد حين #قصة الذاكرة. ❝
❞ مقدمة الكتاب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام علي من لا نبي بعده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورِسوله .
فلا شك أننا معاشر أمة التوحيد اتباع الرسل الكرام نؤمن بأن هذه الدنيا ليست دار القرار وأن الآخرة عند ربنا للمتقين الأخيار وأن الدار الآخرة لن يصل إليها العبد إلا وقد خلص من هذه الدنيا دار الابتلاء ومجاورة الأشرار وكذلك بعد الفرار من عذاب جهنم وبئس القرار لكنا كتب علينا أن نمر بهذه الحياة الدنيا قهرًا فلا مفر منها فهي قدر الله العزيز الغفار من أجل ذلك وجب علينا الاعتصام برب البرية من أجل الخلاص منها والوصول إلى دار النعيم والقرار هذا الاعتصام الذي يتحقق باتباع تعاليم الرسل واجتناب كل الانحرافات السلوكية والاعتقادية التي تأخذ الإنسان في طريق أهل الفساد الأشرار وها هى قاطرة الردود القوية قد وصلت إلى محطتها الخامسة بهذا الإصدار الجديد تحت عنوان ( خلاص البشرية في الاعتصام برب البرية ) وهو يسير في نفس السياق الذي تبنيته في الإصدارات السابقة من الرد علي الانحرافات السلوكية والاعتقادية ولا بد من التنويه أن هذه الإصدارات جميعها لا تحتوي علي قضايا شرعية أو فقيه فقط إنما تتناول كل الانحرافات العلمية والدينية والمجتمعية حتي الرد علي آراء الفلاسفة والمستشرقين
وهذا الرد لابد أن يشتمل علي أدلة شرعية من قراءن وسنة وأدلة علمية مبنية علي نظريات العلم الحديث بما لا يتعارض مع أصول الاعتقاد وفق ما جاء من عند الله فكان الإصدار الأول هو كتاب( الردود القوية علي الانحرافات الفكرية )و الإصدار الثاني (المراد الرباني أم الخداع الشيطاني )و الإصدار الثالث هو( ضلال البشرية في ترك الهداية الربانية )و الإصدار الرابع ( اقتضاء سبيل الرشاد بمخالفة سبل الضلال )
وهذا هو الإصدار الخامس تحت عنوان ( خلاص البشرية في الاعتصام برب البرية )
اسأل الله عز وجل أن يضع له القبول في الأرض وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الراجي عفو ربه
محمد عمر عبد العزيز. ❝ ⏤محمد عمر عبد العزيز محمد
❞ مقدمة الكتاب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام علي من لا نبي بعده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورِسوله .
فلا شك أننا معاشر أمة التوحيد اتباع الرسل الكرام نؤمن بأن هذه الدنيا ليست دار القرار وأن الآخرة عند ربنا للمتقين الأخيار وأن الدار الآخرة لن يصل إليها العبد إلا وقد خلص من هذه الدنيا دار الابتلاء ومجاورة الأشرار وكذلك بعد الفرار من عذاب جهنم وبئس القرار لكنا كتب علينا أن نمر بهذه الحياة الدنيا قهرًا فلا مفر منها فهي قدر الله العزيز الغفار من أجل ذلك وجب علينا الاعتصام برب البرية من أجل الخلاص منها والوصول إلى دار النعيم والقرار هذا الاعتصام الذي يتحقق باتباع تعاليم الرسل واجتناب كل الانحرافات السلوكية والاعتقادية التي تأخذ الإنسان في طريق أهل الفساد الأشرار وها هى قاطرة الردود القوية قد وصلت إلى محطتها الخامسة بهذا الإصدار الجديد تحت عنوان ( خلاص البشرية في الاعتصام برب البرية ) وهو يسير في نفس السياق الذي تبنيته في الإصدارات السابقة من الرد علي الانحرافات السلوكية والاعتقادية ولا بد من التنويه أن هذه الإصدارات جميعها لا تحتوي علي قضايا شرعية أو فقيه فقط إنما تتناول كل الانحرافات العلمية والدينية والمجتمعية حتي الرد علي آراء الفلاسفة والمستشرقين
وهذا الرد لابد أن يشتمل علي أدلة شرعية من قراءن وسنة وأدلة علمية مبنية علي نظريات العلم الحديث بما لا يتعارض مع أصول الاعتقاد وفق ما جاء من عند الله فكان الإصدار الأول هو كتاب( الردود القوية علي الانحرافات الفكرية )و الإصدار الثاني (المراد الرباني أم الخداع الشيطاني )و الإصدار الثالث هو( ضلال البشرية في ترك الهداية الربانية )و الإصدار الرابع ( اقتضاء سبيل الرشاد بمخالفة سبل الضلال )
وهذا هو الإصدار الخامس تحت عنوان ( خلاص البشرية في الاعتصام برب البرية )
اسأل الله عز وجل أن يضع له القبول في الأرض وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الراجي عفو ربه
محمد عمر عبد العزيز. ❝
❞ فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ ۖ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77)
قوله : فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا فيه ثلاث عشرة مسألة :
الأولى : قوله تعالى : حتى إذا أتيا أهل قرية في صحيح مسلم عن أبي بن كعب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : لئاما ; فطافا في المجالس ف استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض يقول : مائل قال : فأقامه الخضر بيده قال له موسى : قوم أتيناهم فلم يضيفونا ، ولم يطعمونا لو شئت لاتخذت عليه أجرا قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يرحم الله موسى لوددت أنه كان صبر حتى يقص علينا من أخبارهما .
الثانية : واختلف العلماء في القرية فقيل : هي أبلة ; قاله قتادة ، وكذلك قال محمد بن سيرين ، وهي أبخل قرية وأبعدها من السماء وقيل : أنطاكية وقيل : بجزيرة الأندلس ; روي ذلك عن أبي هريرة وغيره ، ويذكر أنها الجزيرة الخضراء وقالت فرقة : هي باجروان وهي بناحية أذربيجان وحكى السهيلي وقال : إنها برقة . الثعلبي : هي قرية من قرى الروم يقال لها ناصرة ، وإليها تنسب النصارى ; وهذا كله بحسب الخلاف في أي ناحية من الأرض كانت قصة موسى والله أعلم بحقيقة ذلك .
الثالثة : كان موسى - عليه السلام - حين سقى لبنتي شعيب أحوج منه حين أتى القرية مع الخضر ; ولم يسأل قوتا بل سقى ابتداء ، وفي القرية سأل القوت ; وفي ذلك للعلماء انفصالات كثيرة ; منها أن موسى كان في حديث مدين منفردا وفي قصة الخضر تبعا لغيره .
قلت : وعلى هذا المعنى يتمشى قوله في أول الآية لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا فأصابه الجوع مراعاة لصاحبه يوشع ; والله أعلم .
وقيل : لما كان هذا سفر تأديب وكل إلى تكلف المشقة ، وكان ذلك سفر هجرة فوكل إلى العون والنصرة بالقوت .
الرابعة : في هذه الآية دليل على سؤال القوت ، وأن من جاع وجب عليه أن يطلب ما يرد جوعه خلافا لجهال المتصوفة والاستطعام سؤال الطعام ، والمراد به هنا سؤال الضيافة . بدليل قوله : فأبوا أن يضيفوهما فاستحق أهل القرية لذلك أن يذموا ، وينسبوا إلى اللؤم والبخل ، كما وصفهم بذلك نبينا - عليه الصلاة والسلام - قال قتادة في هذه الآية : شر القرى التي لا تضيف الضيف ولا تعرف لابن السبيل حقه . ويظهر من ذلك أن الضيافة كانت عليهم واجبة ، وأن الخضر وموسى إنما سألا ما وجب لهما من الضيافة ، وهذا هو الأليق بحال الأنبياء ، ومنصب الفضلاء والأولياء وقد تقدم القول في الضيافة في " هود " والحمد لله .
ويعفو الله عن الحريري حيث استخف في هذه الآية وتمجن ، وأتى بخطل من القول وزل ; فاستدل بها على الكدية والإلحاح فيها ، وأن ذلك ليس بمعيب على فاعله ، ولا منقصة عليه ; فقال :
وإن رددت فما في الرد منقصة عليك قد رد موسى قبل والخضر
قلت : وهذا لعب بالدين ، وانسلال عن احترام النبيين ، وهي شنشنة أدبية ، وهفوة سخافية ; ويرحم الله السلف الصالح ، فلقد بالغوا في وصية كل ذي عقل راجح ، فقالوا : مهما كنت لاعبا بشيء فإياك أن تلعب بدينك .
الخامسة : قوله تعالى : جدارا الجدار والجدر بمعنى واحد ; وفي الخبر : ( حتى يبلغ الماء الجدر ) . ومكان جدير بني حواليه جدار ، وأصله الرفع وأجدرت الشجرة طلعت ; ومنه الجدري .
السادسة : قوله تعالى : يريد أن ينقض أي قرب أن يسقط ، وهذا مجاز وتوسع وقد فسره في الحديث بقوله : ( مائل ) فكان فيه دليل على وجود المجاز في القرآن ، وهو مذهب الجمهور . وجميع الأفعال التي حقها أن تكون للحي الناطق متى أسندت إلى جماد أو بهيمة فإنما هي استعارة ، أي لو كان مكانهما إنسان لكان متمثلا لذلك الفعل ، وهذا في كلام العرب وأشعارها كثير ; فمن ذلك قول الأعشى :
أتنتهون ولا ينهى ذوي شطط كالطعن يذهب فيه الزيت والفتل
فأضاف النهي إلى الطعن . ومن ذلك قول الآخر :
يريد الرمح صدر أبي براء ويرغب عن دماء بني عقيل
وقال آخر :
إن دهرا يلف شملي بجمل لزمان يهم بالإحسان
وقال آخر :
في مهمه فلقت به هاماتها فلق الفؤوس إذا أردن نصولا
أي ثبوتا في الأرض ; من قولهم : نصل السيف إذا ثبت في الرمية ; فشبه وقع السيوف على رءوسهم بوقع الفؤوس في الأرض فإن الفأس يقع فيها ويثبت لا يكاد يخرج . وقال حسان بن ثابت :
لو أن اللؤم ينسب كان عبدا قبيح الوجه أعور من ثقيف
وقال عنترة :
فازور من وقع القنا بلبانه وشكا إلي بعبرة وتحمحم
وقد فسر هذا المعنى بقوله :
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى
وهذا في هذا المعنى كثير جدا ومنه قول الناس : إن داري تنظر إلى دار فلان وفي الحديث : اشتكت النار إلى ربها وذهب قوم إلى منع المجاز في القرآن ، منهم أبو إسحاق الإسفراييني وأبو بكر محمد بن داود الأصبهاني وغيرهما ، فإن كلام الله - عز وجل - وكلام رسوله حمله على الحقيقة أولى بذي الفضل والدين ; لأنه يقص الحق كما أخبر الله - تعالى - في كتابه ،
ومما احتجوا به أن قالوا : لو خاطبنا الله - تعالى - بالمجاز لزم وصفه بأنه متجوز أيضا ، فإن العدول عن الحقيقة إلى المجاز يقتضي العجز عن الحقيقة ، وهو على الله - تعالى - محال ; قال الله - تعالى - : يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون وقال - تعالى - : وتقول هل من مزيد وقال - تعالى - : إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا وقال - تعالى - : تدعو من أدبر وتولى و اشتكت النار إلى ربها واحتجت النار والجنة وما كان مثلها حقيقة ، وأن خالقها الذي أنطق كل شيء أنطقها . وفي صحيح مسلم من حديث أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيختم على فيه ويقال لفخذه انطقي فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله وذلك ليعذر من نفسه وذلك المنافق وذلك الذي يسخط الله عليه . هذا في الآخرة .
وأما في الدنيا ; ففي الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنسان وحتى تكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله وتخبره فخذه بما أحدث أهله من بعده قال أبو عيسى : وفي الباب عن أبي هريرة ، وهذا حديث حسن غريب .
السادسة : قوله تعالى : فأقامه قيل : هدمه ثم قعد يبنيه .
فقال موسى للخضر : قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا لأنه فعل يستحق أجرا ، وذكر أبو بكر الأنباري عن ابن عباس عن أبي بكر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ " فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فهدمه ثم قعد يبنيه " قال أبو بكر : وهذا الحديث إن صح سنده فهو جار من الرسول - عليه الصلاة والسلام - مجرى التفسير للقرآن ، وأن بعض الناقلين أدخل تفسير قرآن في موضع فسرى أن ذلك قرآن نقص من مصحف عثمان ; على ما قاله بعض الطاعنين ، وقال سعيد بن جبير : مسحه بيده وأقامه فقام ، وهذا القول هو الصحيح ، وهو الأشبه بأفعال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، بل والأولياء ، وفي بعض الأخبار : إن سمك ذلك الحائط كان ثلاثين ذراعا بذراع ذلك القرن ، وطوله على وجه الأرض خمسمائة ذراع ، وعرضه خمسون ذراعا ، فأقامه الخضر - عليه السلام - أي سواه بيده فاستقام ; قاله الثعلبي في كتاب العرائس : فقال موسى للخضر لو شئت لاتخذت عليه أجرا أي طعاما تأكله ; ففي هذا دليل على كرامات الأولياء ، وكذلك ما وصف من أحوال الخضر - عليه السلام - في هذا الباب كلها أمور خارقة للعادة ; هذا إذا تنزلنا على أنه ولي لا نبي .
وقوله - تعالى - : وما فعلته عن أمري يدل علي نبوته وأنه يوحى إليه بالتكليف والأحكام ، كما أوحي للأنبياء عليهم الصلاة والسلام غير أنه ليس برسول ; والله أعلم .
الثامنة : واجب على الإنسان ألا يتعرض للجلوس تحت جدار مائل يخاف سقوطه ، بل يسرع في المشي إذا كان مارا عليه ; لأن في حديث النبي - عليه الصلاة والسلام - إذا مر أحدكم بطربال مائل فليسرع المشي . قال أبو عبيد القاسم بن سلام : كان أبو عبيدة يقول : الطربال شبيه بالمنظرة من مناظر العجم كهيئة الصومعة ; والبناء المرتفع ; قال جرير :
ألوى بها شذب العروق مشذب فكأنما وكنت على طربال
يقال منه : وكن يكن إذا جلس ، وفي الصحاح : الطربال القطعة العالية من الجدار ، والصخرة العظيمة المشرفة من الجبل ، وطرابيل الشام صوامعها . ويقال : طربل بوله إذا مده إلى فوق .
التاسعة : كرامات الأولياء ثابتة ، على ما دلت عليه الأخبار الثابتة ، والآيات المتواترة ، ولا ينكرها إلا المتبدع الجاحد ، أو الفاسق الحائد ; فالآيات ما أخبر الله - تعالى - في حق مريم من ظهور الفواكه الشتوية في الصيف ، والصيفية في الشتاء - على ما تقدم - وما ظهر على يدها حيث أمرت النخلة وكانت يابسة فأثمرت ، وهي ليست بنبية ; على الخلاف ويدل عليها ما ظهر على يد الخضر - عليه السلام - من خرق السفينة ، وقتل الغلام ، وإقامة الجدار . قال بعض العلماء : ولا يجوز أن يقال كان نبيا ; لأن إثبات النبوة لا يجوز بأخبار الآحاد ، لا سيما وقد روي من طريق التواتر - من غير أن يحتمل تأويلا - بإجماع الأمة قوله - عليه الصلاة والسلام - : لا نبي بعدي وقال - تعالى - : وخاتم النبيين والخضر وإلياس جميعا باقيان مع هذه الكرامة ، فوجب أن يكونا غير نبيين ، لأنهما لو كانا نبيين لوجب أن يكون بعد نبينا - عليه الصلاة والسلام - نبي ، إلا ما قامت الدلالة في حديث عيسى أنه ينزل بعده .
قلت : الخضر كان نبيا - على ما تقدم - وليس بعد نبينا - عليه الصلاة والسلام - نبي ، أي يدعي النبوة بعده أبدا ; والله أعلم .
العاشرة : اختلف الناس هل يجوز أن يعلم الولي أنه ولي أم لا ؟ على قولين : [ أحدهما ] أنه لا يجوز ; وأن ما يظهر على يديه يجب أن يلاحظه بعين خوف المكر ، لأنه لا يأمن أن يكون مكرا واستدراجا له ; وقد حكي عن السري أنه كان يقول : لو أن رجلا دخل بستانا فكلمه من رأس كل شجرة طير بلسان فصيح : السلام عليك يا ولي الله فلو لم يخف أن يكون ذلك مكرا لكان ممكورا به ; ولأنه لو علم أنه ولي لزال عنه الخوف ، وحصل له الأمن . ومن شرط الولي أن يستديم الخوف إلى أن تتنزل عليه الملائكة ، كما قال - عز وجل - : تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا ولأن الولي من كان مختوما له بالسعادة ، والعواقب مستورة ولا يدري أحد ما يختم له به ; ولهذا قال - عليه الصلاة والسلام - : إنما الأعمال بالخواتيم . [ القول الثاني ] أنه يجوز للولي أن يعلم أنه ولي ; ألا ترى أن النبي - عليه الصلاة والسلام - يجوز أن يعلم أنه ولي ، ولا خلاف أنه يجوز لغيره أن يعلم أنه ولي الله - تعالى - ، فجاز أن يعلم ذلك . وقد أخبر النبي - عليه الصلاة والسلام - من حال العشرة من أصحابه أنهم من أهل الجنة ، ثم لم يكن في ذلك زوال خوفهم ، بل كانوا أكثر تعظيما لله - سبحانه وتعالى - ، وأشد خوفا وهيبة ; فإذا جاز للعشرة ذلك ولم يخرجهم عن الخوف فكذلك غيرهم . وكان الشبلي يقول : أنا أمان هذا الجانب ; فلما مات ودفن عبر الديلم دجلة ذلك اليوم ، واستولوا على بغداد ، ويقول الناس : مصيبتان موت الشبلي وعبور الديلم . ولا يقال : إنه يحتمل أن يكون ذلك استدراجا لأنه لو جاز ذلك لجاز ألا يعرف النبي أنه نبي وولي الله ، لجواز أن يكون ذلك استدراجا ، فلما لم يجز ذلك لأن فيه إبطال المعجزات لم يجز هذا ، لأن فيه إبطال الكرامات . وما روي من ظهور الكرامات على يدي بلعام وانسلاخه عن الدين بعدها لقوله : فانسلخ منها فليس في الآية أنه كان وليا ثم انسلخت عنه الولاية . وما نقل أنه ظهر على يديه ما يجري مجرى الكرامات هو أخبار آحاد لا توجب العلم ; والله أعلم .
والفرق بين المعجزة والكرامة أن الكرامة من شرطها الاستتار ، والمعجزة من شرطها الإظهار . وقيل : الكرامة ما تظهر من غير دعوى والمعجزة ما تظهر عند دعوى الأنبياء فيطالبون بالبرهان فيظهر أثر ذلك . وقد تقدم في مقدمة الكتاب شرائط المعجزة ، والحمد لله - تعالى - وحده لا شريك له . وأما الأحاديث الواردة في الدلالة على ثبوت الكرامات ، فمن ذلك ما خرجه البخاري من حديث أبي هريرة قال : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة رهط سرية وأمر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري وهو جد عاصم بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ، فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهدأة وهي بين عسفان ومكة ذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان فنفروا إليهم قريبا من مائتي راجل كلهم رام ، فاقتصوا آثارهم حتى وجدوا مأكلهم تمرا تزودوه من المدينة ، فقالوا : هذا تمر يثرب ; فاقتصوا آثارهم ، فلما رآهم عاصم وأصحابه لجئوا إلى فدفد ، وأحاط بهم القوم ، فقالوا لهم : انزلوا فأعطونا أيديكم ولكم العهد والميثاق ألا نقتل منكم أحدا ; فقال عاصم بن ثابت أمير السرية : أما فوالله لا أنزل اليوم في ذمة الكافر ، اللهم أخبر عنا نبيك ، فرموا بالنبل فقتلواعاصما في سبعة ، فنزل إليهم ثلاثة رهط بالعهد والميثاق ، وهم خبيب الأنصاري وابن الدثنة ورجل آخر ، فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فأوثقوهم ، فقال الرجل الثالث : هذا أول الغدر والله لا أصحبكم ; إن لي في هؤلاء لأسوة - يريد القتلى - فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم فلم يفعل فقتلوه ; فانطلقوا بخبيب وابن الدثنة حتى باعوهما بمكة بعد وقعة بدر ، فابتاع خبيبا بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف ، وكان خبيب هو الذي قتل الحارث بن عامر يوم بدر ، فلبث خبيب عندهم أسيرا ; فأخبر عبيد الله بن عياض أن بنت الحارث أخبرته أنهم حين اجتمعوا استعار منها موسى يستحد بها فأعارته ، فأخذ ابن لي وأنا غافلة حتى أتاه ، قالت : فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده ، ففزعت فزعة عرفها خبيب في وجهي ; فقال : أتخشين أن أقتله ؟ ما كنت لأفعل ذلك . قالت : والله ما رأيت أسيرا قط خيرا من خبيب ; والله لقد وجدته يوما يأكل قطف عنب في يده ، وإنه لموثق بالحديد وما بمكة من ثمر ; وكانت تقول : إنه لرزق رزقه الله - تعالى - خبيبا ; فلما خرجوا به من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب : دعوني أركع ركعتين ; فتركوه فركع ركعتين ثم قال : لولا أن تظنوا أن ما بي جزع من الموت لزدت ; ثم قال : اللهم أحصهم عددا ، واقتلهم بددا ، ولا تبق منهم أحدا ; ثم قال :
ولست أبالي حين أقتل مسلما على أي شق كان لله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزع
فقتله بنو الحارث ، وكان خبيب هو الذي سن الركعتين لكل امرئ مسلم قتل صبرا ; فاستجاب الله - تعالى - لعاصم يوم أصيب ; فأخبر النبي - عليه الصلاة والسلام - وأصحابه خبرهم وما أصيبوا . وبعث ناس من كفار قريش إلى عاصم حين حدثوا أنه قتل ليؤتوا بشيء منه يعرفونه ، وكان قد قتل رجلا من عظمائهم يوم بدر ; فبعث الله على عاصم مثل الظلة من الدبر فحمته من رسلهم ، فلم يقدروا على أن يقطعوا من لحمه شيئا . وقال ابن إسحاق في هذه القصة : وقد كانت هذيل حين قتل عاصم بن ثابت أرادوا رأسه ليبيعوه من سلافة بنت سعد بن شهيد ، وقد كانت نذرت حين أصاب ابنيها بأحد لئن قدرت على رأسه لتشربن في قحفه الخمر فمنعهم الدبر ، فلما حالت بينه وبينهم قالوا : دعوه حتى يمسي فتذهب عنه فنأخذه ، فبعث الله - تعالى - الوادي فاحتمل عاصما فذهب ، وقد كان عاصم أعطى الله - تعالى - عهدا ألا يمس مشركا ولا يمسه مشرك أبدا في حياته ، فمنعه الله - تعالى - بعد وفاته مما امتنع منه في حياته . وعن عمرو بن أمية الضمري : وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه عينا وحده فقال : جئت إلى خشبة خبيب فرقيت فيها وأنا أتخوف العيون فأطلقته ، فوقع في الأرض ، ثم اقتحمت فانتبذت قليلا ، ثم التفت فكأنما ابتلعته الأرض . وفي رواية أخرى زيادة : فلم نذكر لخبيب رمة حتى الساعة ; ذكره البيهقي .
الحادية عشرة : ولا ينكر أن يكون للولي مال وضيعة يصون بها ماله وعياله ، وحسبك بالصحابة وأموالهم مع ولايتهم وفضلهم ، وهم الحجة على غيرهم . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : بينما رجل بفلاة من الأرض فسمع صوتا في سحابة اسق حديقة فلان فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقته يحول الماء بمسحاته فقال يا عبد الله ما اسمك قال فلان الاسم الذي سمعه في السحابة فقال له يا عبد الله لم سألتني عن اسمي قال إني سمعت صوتا في السحاب الذي هذا ماؤه يقول اسق حديقة فلان لاسمك فما تصنع فيها قال أما إذ قلت هذا فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه وآكل أنا وعيالي ثلثا وأرد فيها ثلثه وفي رواية وأجعل ثلثه في المساكين والسائلين وابن السبيل .
قلت : وهذا الحديث لا يناقضه قوله - عليه الصلاة والسلام - : لا تتخذوا الضيعة فتركنوا إلى الدنيا خرجه الترمذي من حديث ابن مسعود وقال فيه حديث حسن ; فإنه محمول على من اتخذها مستكثرا أو متنعما ومتمتعا بزهرتها ، وأما من اتخذها معاشا يصون بها دينه وعياله فاتخاذها بهذه النية من أفضل الأعمال ، وهي من أفضل الأموال ; قال - عليه الصلاة والسلام - : نعم المال الصالح للرجل الصالح . وقد أكثر الناس في كرامات الأولياء وما ذكرناه فيه كفاية ; والله الموفق للهداية .
الثانية عشرة : قوله - تعالى - : لاتخذت عليه أجرا فيه دليل على صحة جواز الإجارة ، وهي سنة الأنبياء والأولياء على ما يأتي بيانه في سورة " القصص " إن شاء الله - تعالى - . وقرأ الجمهور لاتخذت وأبو عمرو " لتخذت " وهي قراءة ابن مسعود والحسن وقتادة ، وهما لغتان بمعنى واحد من الأخذ ، مثل قولك : تبع واتبع ، وتقى واتقى وأدغم بعض القراء الذال في التاء ، ولم يدغمها بعضهم وفي حديث أبي بن كعب : ( لو شئت لأوتيت أجرا ) وهذه صدرت من موسى سؤالا على جهة العرض لا الاعتراض .
فعند ذلك قال له الخضر هذا فراق بيني وبينك بحكم ما شرطت على نفسك . وتكريره بيني وبينك وعدوله عن بيننا لمعنى التأكيد . قال سيبويه : كما يقال أخزى الله الكاذب مني ومنك ; أي منا . وقال ابن عباس : وكان قول موسى في السفينة والغلام لله ، وكان قوله في الجدار لنفسه لطلب شيء من الدنيا ، فكان سبب الفراق . وقال وهب بن منبه : كان ذلك الجدار جدارا طوله في السماء مائة ذراع .
الثالثة عشرة : سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا تأويل الشيء مآله أي قال له : إني أخبرك لم فعلت ما فعلت . وقيل في تفسير هذه الآيات التي وقعت لموسى مع الخضر : إنها حجة على موسى وعجبا له وذلك أنه لما أنكر أمر خرق السفينة نودي : يا موسى أين كان تدبيرك هذا وأنت في التابوت مطروحا في اليم فلما أنكر أمر الغلام قيل له : أين إنكارك هذا من وكزك القبطي وقضائك عليه فلما أنكر إقامة الجدار نودي : أين هذا من رفعك حجر البئر لبنات شعيب دون أجر .. ❝ ⏤محمد بن صالح العثيمين
❞ فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ ۖ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77)
قوله : فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا فيه ثلاث عشرة مسألة :
الأولى : قوله تعالى : حتى إذا أتيا أهل قرية في صحيح مسلم عن أبي بن كعب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : لئاما ; فطافا في المجالس ف استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض يقول : مائل قال : فأقامه الخضر بيده قال له موسى : قوم أتيناهم فلم يضيفونا ، ولم يطعمونا لو شئت لاتخذت عليه أجرا قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يرحم الله موسى لوددت أنه كان صبر حتى يقص علينا من أخبارهما .
الثانية : واختلف العلماء في القرية فقيل : هي أبلة ; قاله قتادة ، وكذلك قال محمد بن سيرين ، وهي أبخل قرية وأبعدها من السماء وقيل : أنطاكية وقيل : بجزيرة الأندلس ; روي ذلك عن أبي هريرة وغيره ، ويذكر أنها الجزيرة الخضراء وقالت فرقة : هي باجروان وهي بناحية أذربيجان وحكى السهيلي وقال : إنها برقة . الثعلبي : هي قرية من قرى الروم يقال لها ناصرة ، وإليها تنسب النصارى ; وهذا كله بحسب الخلاف في أي ناحية من الأرض كانت قصة موسى والله أعلم بحقيقة ذلك .
الثالثة : كان موسى - عليه السلام - حين سقى لبنتي شعيب أحوج منه حين أتى القرية مع الخضر ; ولم يسأل قوتا بل سقى ابتداء ، وفي القرية سأل القوت ; وفي ذلك للعلماء انفصالات كثيرة ; منها أن موسى كان في حديث مدين منفردا وفي قصة الخضر تبعا لغيره .
قلت : وعلى هذا المعنى يتمشى قوله في أول الآية لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا فأصابه الجوع مراعاة لصاحبه يوشع ; والله أعلم .
وقيل : لما كان هذا سفر تأديب وكل إلى تكلف المشقة ، وكان ذلك سفر هجرة فوكل إلى العون والنصرة بالقوت .
الرابعة : في هذه الآية دليل على سؤال القوت ، وأن من جاع وجب عليه أن يطلب ما يرد جوعه خلافا لجهال المتصوفة والاستطعام سؤال الطعام ، والمراد به هنا سؤال الضيافة . بدليل قوله : فأبوا أن يضيفوهما فاستحق أهل القرية لذلك أن يذموا ، وينسبوا إلى اللؤم والبخل ، كما وصفهم بذلك نبينا - عليه الصلاة والسلام - قال قتادة في هذه الآية : شر القرى التي لا تضيف الضيف ولا تعرف لابن السبيل حقه . ويظهر من ذلك أن الضيافة كانت عليهم واجبة ، وأن الخضر وموسى إنما سألا ما وجب لهما من الضيافة ، وهذا هو الأليق بحال الأنبياء ، ومنصب الفضلاء والأولياء وقد تقدم القول في الضيافة في " هود " والحمد لله .
ويعفو الله عن الحريري حيث استخف في هذه الآية وتمجن ، وأتى بخطل من القول وزل ; فاستدل بها على الكدية والإلحاح فيها ، وأن ذلك ليس بمعيب على فاعله ، ولا منقصة عليه ; فقال :
وإن رددت فما في الرد منقصة عليك قد رد موسى قبل والخضر
قلت : وهذا لعب بالدين ، وانسلال عن احترام النبيين ، وهي شنشنة أدبية ، وهفوة سخافية ; ويرحم الله السلف الصالح ، فلقد بالغوا في وصية كل ذي عقل راجح ، فقالوا : مهما كنت لاعبا بشيء فإياك أن تلعب بدينك .
الخامسة : قوله تعالى : جدارا الجدار والجدر بمعنى واحد ; وفي الخبر : ( حتى يبلغ الماء الجدر ) . ومكان جدير بني حواليه جدار ، وأصله الرفع وأجدرت الشجرة طلعت ; ومنه الجدري .
السادسة : قوله تعالى : يريد أن ينقض أي قرب أن يسقط ، وهذا مجاز وتوسع وقد فسره في الحديث بقوله : ( مائل ) فكان فيه دليل على وجود المجاز في القرآن ، وهو مذهب الجمهور . وجميع الأفعال التي حقها أن تكون للحي الناطق متى أسندت إلى جماد أو بهيمة فإنما هي استعارة ، أي لو كان مكانهما إنسان لكان متمثلا لذلك الفعل ، وهذا في كلام العرب وأشعارها كثير ; فمن ذلك قول الأعشى :
أتنتهون ولا ينهى ذوي شطط كالطعن يذهب فيه الزيت والفتل
فأضاف النهي إلى الطعن . ومن ذلك قول الآخر :
يريد الرمح صدر أبي براء ويرغب عن دماء بني عقيل
وقال آخر :
إن دهرا يلف شملي بجمل لزمان يهم بالإحسان
وقال آخر :
في مهمه فلقت به هاماتها فلق الفؤوس إذا أردن نصولا
أي ثبوتا في الأرض ; من قولهم : نصل السيف إذا ثبت في الرمية ; فشبه وقع السيوف على رءوسهم بوقع الفؤوس في الأرض فإن الفأس يقع فيها ويثبت لا يكاد يخرج . وقال حسان بن ثابت :
لو أن اللؤم ينسب كان عبدا قبيح الوجه أعور من ثقيف
وقال عنترة :
فازور من وقع القنا بلبانه وشكا إلي بعبرة وتحمحم
وقد فسر هذا المعنى بقوله :
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى
وهذا في هذا المعنى كثير جدا ومنه قول الناس : إن داري تنظر إلى دار فلان وفي الحديث : اشتكت النار إلى ربها وذهب قوم إلى منع المجاز في القرآن ، منهم أبو إسحاق الإسفراييني وأبو بكر محمد بن داود الأصبهاني وغيرهما ، فإن كلام الله - عز وجل - وكلام رسوله حمله على الحقيقة أولى بذي الفضل والدين ; لأنه يقص الحق كما أخبر الله - تعالى - في كتابه ،
ومما احتجوا به أن قالوا : لو خاطبنا الله - تعالى - بالمجاز لزم وصفه بأنه متجوز أيضا ، فإن العدول عن الحقيقة إلى المجاز يقتضي العجز عن الحقيقة ، وهو على الله - تعالى - محال ; قال الله - تعالى - : يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون وقال - تعالى - : وتقول هل من مزيد وقال - تعالى - : إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا وقال - تعالى - : تدعو من أدبر وتولى و اشتكت النار إلى ربها واحتجت النار والجنة وما كان مثلها حقيقة ، وأن خالقها الذي أنطق كل شيء أنطقها . وفي صحيح مسلم من حديث أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيختم على فيه ويقال لفخذه انطقي فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله وذلك ليعذر من نفسه وذلك المنافق وذلك الذي يسخط الله عليه . هذا في الآخرة .
وأما في الدنيا ; ففي الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنسان وحتى تكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله وتخبره فخذه بما أحدث أهله من بعده قال أبو عيسى : وفي الباب عن أبي هريرة ، وهذا حديث حسن غريب .
السادسة : قوله تعالى : فأقامه قيل : هدمه ثم قعد يبنيه .
فقال موسى للخضر : قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا لأنه فعل يستحق أجرا ، وذكر أبو بكر الأنباري عن ابن عباس عن أبي بكر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ " فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فهدمه ثم قعد يبنيه " قال أبو بكر : وهذا الحديث إن صح سنده فهو جار من الرسول - عليه الصلاة والسلام - مجرى التفسير للقرآن ، وأن بعض الناقلين أدخل تفسير قرآن في موضع فسرى أن ذلك قرآن نقص من مصحف عثمان ; على ما قاله بعض الطاعنين ، وقال سعيد بن جبير : مسحه بيده وأقامه فقام ، وهذا القول هو الصحيح ، وهو الأشبه بأفعال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، بل والأولياء ، وفي بعض الأخبار : إن سمك ذلك الحائط كان ثلاثين ذراعا بذراع ذلك القرن ، وطوله على وجه الأرض خمسمائة ذراع ، وعرضه خمسون ذراعا ، فأقامه الخضر - عليه السلام - أي سواه بيده فاستقام ; قاله الثعلبي في كتاب العرائس : فقال موسى للخضر لو شئت لاتخذت عليه أجرا أي طعاما تأكله ; ففي هذا دليل على كرامات الأولياء ، وكذلك ما وصف من أحوال الخضر - عليه السلام - في هذا الباب كلها أمور خارقة للعادة ; هذا إذا تنزلنا على أنه ولي لا نبي .
وقوله - تعالى - : وما فعلته عن أمري يدل علي نبوته وأنه يوحى إليه بالتكليف والأحكام ، كما أوحي للأنبياء عليهم الصلاة والسلام غير أنه ليس برسول ; والله أعلم .
الثامنة : واجب على الإنسان ألا يتعرض للجلوس تحت جدار مائل يخاف سقوطه ، بل يسرع في المشي إذا كان مارا عليه ; لأن في حديث النبي - عليه الصلاة والسلام - إذا مر أحدكم بطربال مائل فليسرع المشي . قال أبو عبيد القاسم بن سلام : كان أبو عبيدة يقول : الطربال شبيه بالمنظرة من مناظر العجم كهيئة الصومعة ; والبناء المرتفع ; قال جرير :
ألوى بها شذب العروق مشذب فكأنما وكنت على طربال
يقال منه : وكن يكن إذا جلس ، وفي الصحاح : الطربال القطعة العالية من الجدار ، والصخرة العظيمة المشرفة من الجبل ، وطرابيل الشام صوامعها . ويقال : طربل بوله إذا مده إلى فوق .
التاسعة : كرامات الأولياء ثابتة ، على ما دلت عليه الأخبار الثابتة ، والآيات المتواترة ، ولا ينكرها إلا المتبدع الجاحد ، أو الفاسق الحائد ; فالآيات ما أخبر الله - تعالى - في حق مريم من ظهور الفواكه الشتوية في الصيف ، والصيفية في الشتاء - على ما تقدم - وما ظهر على يدها حيث أمرت النخلة وكانت يابسة فأثمرت ، وهي ليست بنبية ; على الخلاف ويدل عليها ما ظهر على يد الخضر - عليه السلام - من خرق السفينة ، وقتل الغلام ، وإقامة الجدار . قال بعض العلماء : ولا يجوز أن يقال كان نبيا ; لأن إثبات النبوة لا يجوز بأخبار الآحاد ، لا سيما وقد روي من طريق التواتر - من غير أن يحتمل تأويلا - بإجماع الأمة قوله - عليه الصلاة والسلام - : لا نبي بعدي وقال - تعالى - : وخاتم النبيين والخضر وإلياس جميعا باقيان مع هذه الكرامة ، فوجب أن يكونا غير نبيين ، لأنهما لو كانا نبيين لوجب أن يكون بعد نبينا - عليه الصلاة والسلام - نبي ، إلا ما قامت الدلالة في حديث عيسى أنه ينزل بعده .
قلت : الخضر كان نبيا - على ما تقدم - وليس بعد نبينا - عليه الصلاة والسلام - نبي ، أي يدعي النبوة بعده أبدا ; والله أعلم .
العاشرة : اختلف الناس هل يجوز أن يعلم الولي أنه ولي أم لا ؟ على قولين : [ أحدهما ] أنه لا يجوز ; وأن ما يظهر على يديه يجب أن يلاحظه بعين خوف المكر ، لأنه لا يأمن أن يكون مكرا واستدراجا له ; وقد حكي عن السري أنه كان يقول : لو أن رجلا دخل بستانا فكلمه من رأس كل شجرة طير بلسان فصيح : السلام عليك يا ولي الله فلو لم يخف أن يكون ذلك مكرا لكان ممكورا به ; ولأنه لو علم أنه ولي لزال عنه الخوف ، وحصل له الأمن . ومن شرط الولي أن يستديم الخوف إلى أن تتنزل عليه الملائكة ، كما قال - عز وجل - : تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا ولأن الولي من كان مختوما له بالسعادة ، والعواقب مستورة ولا يدري أحد ما يختم له به ; ولهذا قال - عليه الصلاة والسلام - : إنما الأعمال بالخواتيم . [ القول الثاني ] أنه يجوز للولي أن يعلم أنه ولي ; ألا ترى أن النبي - عليه الصلاة والسلام - يجوز أن يعلم أنه ولي ، ولا خلاف أنه يجوز لغيره أن يعلم أنه ولي الله - تعالى - ، فجاز أن يعلم ذلك . وقد أخبر النبي - عليه الصلاة والسلام - من حال العشرة من أصحابه أنهم من أهل الجنة ، ثم لم يكن في ذلك زوال خوفهم ، بل كانوا أكثر تعظيما لله - سبحانه وتعالى - ، وأشد خوفا وهيبة ; فإذا جاز للعشرة ذلك ولم يخرجهم عن الخوف فكذلك غيرهم . وكان الشبلي يقول : أنا أمان هذا الجانب ; فلما مات ودفن عبر الديلم دجلة ذلك اليوم ، واستولوا على بغداد ، ويقول الناس : مصيبتان موت الشبلي وعبور الديلم . ولا يقال : إنه يحتمل أن يكون ذلك استدراجا لأنه لو جاز ذلك لجاز ألا يعرف النبي أنه نبي وولي الله ، لجواز أن يكون ذلك استدراجا ، فلما لم يجز ذلك لأن فيه إبطال المعجزات لم يجز هذا ، لأن فيه إبطال الكرامات . وما روي من ظهور الكرامات على يدي بلعام وانسلاخه عن الدين بعدها لقوله : فانسلخ منها فليس في الآية أنه كان وليا ثم انسلخت عنه الولاية . وما نقل أنه ظهر على يديه ما يجري مجرى الكرامات هو أخبار آحاد لا توجب العلم ; والله أعلم .
والفرق بين المعجزة والكرامة أن الكرامة من شرطها الاستتار ، والمعجزة من شرطها الإظهار . وقيل : الكرامة ما تظهر من غير دعوى والمعجزة ما تظهر عند دعوى الأنبياء فيطالبون بالبرهان فيظهر أثر ذلك . وقد تقدم في مقدمة الكتاب شرائط المعجزة ، والحمد لله - تعالى - وحده لا شريك له . وأما الأحاديث الواردة في الدلالة على ثبوت الكرامات ، فمن ذلك ما خرجه البخاري من حديث أبي هريرة قال : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة رهط سرية وأمر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري وهو جد عاصم بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ، فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهدأة وهي بين عسفان ومكة ذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان فنفروا إليهم قريبا من مائتي راجل كلهم رام ، فاقتصوا آثارهم حتى وجدوا مأكلهم تمرا تزودوه من المدينة ، فقالوا : هذا تمر يثرب ; فاقتصوا آثارهم ، فلما رآهم عاصم وأصحابه لجئوا إلى فدفد ، وأحاط بهم القوم ، فقالوا لهم : انزلوا فأعطونا أيديكم ولكم العهد والميثاق ألا نقتل منكم أحدا ; فقال عاصم بن ثابت أمير السرية : أما فوالله لا أنزل اليوم في ذمة الكافر ، اللهم أخبر عنا نبيك ، فرموا بالنبل فقتلواعاصما في سبعة ، فنزل إليهم ثلاثة رهط بالعهد والميثاق ، وهم خبيب الأنصاري وابن الدثنة ورجل آخر ، فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فأوثقوهم ، فقال الرجل الثالث : هذا أول الغدر والله لا أصحبكم ; إن لي في هؤلاء لأسوة - يريد القتلى - فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم فلم يفعل فقتلوه ; فانطلقوا بخبيب وابن الدثنة حتى باعوهما بمكة بعد وقعة بدر ، فابتاع خبيبا بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف ، وكان خبيب هو الذي قتل الحارث بن عامر يوم بدر ، فلبث خبيب عندهم أسيرا ; فأخبر عبيد الله بن عياض أن بنت الحارث أخبرته أنهم حين اجتمعوا استعار منها موسى يستحد بها فأعارته ، فأخذ ابن لي وأنا غافلة حتى أتاه ، قالت : فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده ، ففزعت فزعة عرفها خبيب في وجهي ; فقال : أتخشين أن أقتله ؟ ما كنت لأفعل ذلك . قالت : والله ما رأيت أسيرا قط خيرا من خبيب ; والله لقد وجدته يوما يأكل قطف عنب في يده ، وإنه لموثق بالحديد وما بمكة من ثمر ; وكانت تقول : إنه لرزق رزقه الله - تعالى - خبيبا ; فلما خرجوا به من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب : دعوني أركع ركعتين ; فتركوه فركع ركعتين ثم قال : لولا أن تظنوا أن ما بي جزع من الموت لزدت ; ثم قال : اللهم أحصهم عددا ، واقتلهم بددا ، ولا تبق منهم أحدا ; ثم قال :
ولست أبالي حين أقتل مسلما على أي شق كان لله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزع
فقتله بنو الحارث ، وكان خبيب هو الذي سن الركعتين لكل امرئ مسلم قتل صبرا ; فاستجاب الله - تعالى - لعاصم يوم أصيب ; فأخبر النبي - عليه الصلاة والسلام - وأصحابه خبرهم وما أصيبوا . وبعث ناس من كفار قريش إلى عاصم حين حدثوا أنه قتل ليؤتوا بشيء منه يعرفونه ، وكان قد قتل رجلا من عظمائهم يوم بدر ; فبعث الله على عاصم مثل الظلة من الدبر فحمته من رسلهم ، فلم يقدروا على أن يقطعوا من لحمه شيئا . وقال ابن إسحاق في هذه القصة : وقد كانت هذيل حين قتل عاصم بن ثابت أرادوا رأسه ليبيعوه من سلافة بنت سعد بن شهيد ، وقد كانت نذرت حين أصاب ابنيها بأحد لئن قدرت على رأسه لتشربن في قحفه الخمر فمنعهم الدبر ، فلما حالت بينه وبينهم قالوا : دعوه حتى يمسي فتذهب عنه فنأخذه ، فبعث الله - تعالى - الوادي فاحتمل عاصما فذهب ، وقد كان عاصم أعطى الله - تعالى - عهدا ألا يمس مشركا ولا يمسه مشرك أبدا في حياته ، فمنعه الله - تعالى - بعد وفاته مما امتنع منه في حياته . وعن عمرو بن أمية الضمري : وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه عينا وحده فقال : جئت إلى خشبة خبيب فرقيت فيها وأنا أتخوف العيون فأطلقته ، فوقع في الأرض ، ثم اقتحمت فانتبذت قليلا ، ثم التفت فكأنما ابتلعته الأرض . وفي رواية أخرى زيادة : فلم نذكر لخبيب رمة حتى الساعة ; ذكره البيهقي .
الحادية عشرة : ولا ينكر أن يكون للولي مال وضيعة يصون بها ماله وعياله ، وحسبك بالصحابة وأموالهم مع ولايتهم وفضلهم ، وهم الحجة على غيرهم . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : بينما رجل بفلاة من الأرض فسمع صوتا في سحابة اسق حديقة فلان فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقته يحول الماء بمسحاته فقال يا عبد الله ما اسمك قال فلان الاسم الذي سمعه في السحابة فقال له يا عبد الله لم سألتني عن اسمي قال إني سمعت صوتا في السحاب الذي هذا ماؤه يقول اسق حديقة فلان لاسمك فما تصنع فيها قال أما إذ قلت هذا فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه وآكل أنا وعيالي ثلثا وأرد فيها ثلثه وفي رواية وأجعل ثلثه في المساكين والسائلين وابن السبيل .
قلت : وهذا الحديث لا يناقضه قوله - عليه الصلاة والسلام - : لا تتخذوا الضيعة فتركنوا إلى الدنيا خرجه الترمذي من حديث ابن مسعود وقال فيه حديث حسن ; فإنه محمول على من اتخذها مستكثرا أو متنعما ومتمتعا بزهرتها ، وأما من اتخذها معاشا يصون بها دينه وعياله فاتخاذها بهذه النية من أفضل الأعمال ، وهي من أفضل الأموال ; قال - عليه الصلاة والسلام - : نعم المال الصالح للرجل الصالح . وقد أكثر الناس في كرامات الأولياء وما ذكرناه فيه كفاية ; والله الموفق للهداية .
الثانية عشرة : قوله - تعالى - : لاتخذت عليه أجرا فيه دليل على صحة جواز الإجارة ، وهي سنة الأنبياء والأولياء على ما يأتي بيانه في سورة " القصص " إن شاء الله - تعالى - . وقرأ الجمهور لاتخذت وأبو عمرو " لتخذت " وهي قراءة ابن مسعود والحسن وقتادة ، وهما لغتان بمعنى واحد من الأخذ ، مثل قولك : تبع واتبع ، وتقى واتقى وأدغم بعض القراء الذال في التاء ، ولم يدغمها بعضهم وفي حديث أبي بن كعب : ( لو شئت لأوتيت أجرا ) وهذه صدرت من موسى سؤالا على جهة العرض لا الاعتراض .
فعند ذلك قال له الخضر هذا فراق بيني وبينك بحكم ما شرطت على نفسك . وتكريره بيني وبينك وعدوله عن بيننا لمعنى التأكيد . قال سيبويه : كما يقال أخزى الله الكاذب مني ومنك ; أي منا . وقال ابن عباس : وكان قول موسى في السفينة والغلام لله ، وكان قوله في الجدار لنفسه لطلب شيء من الدنيا ، فكان سبب الفراق . وقال وهب بن منبه : كان ذلك الجدار جدارا طوله في السماء مائة ذراع .
الثالثة عشرة : سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا تأويل الشيء مآله أي قال له : إني أخبرك لم فعلت ما فعلت . وقيل في تفسير هذه الآيات التي وقعت لموسى مع الخضر : إنها حجة على موسى وعجبا له وذلك أنه لما أنكر أمر خرق السفينة نودي : يا موسى أين كان تدبيرك هذا وأنت في التابوت مطروحا في اليم فلما أنكر أمر الغلام قيل له : أين إنكارك هذا من وكزك القبطي وقضائك عليه فلما أنكر إقامة الجدار نودي : أين هذا من رفعك حجر البئر لبنات شعيب دون أجر. ❝
❞ اقتباس من كتاب
وصف الذات الإلهية
وفق رؤية الكتاب المقدس
بقلم د محمد عمر
مقدمة الكتاب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام علي من لا نبي بعده واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمد عبده ورسوله ثم اما بعد
فان من اعظم الجرائم التي ارتكبها اليهود والنصاري في حق الله تبارك وتعالي والتي لا تقل اجراما عن اقول الملاحدة والمجوس المخرفين هي فتح الباب امام البشرية الي الالحاد
فقد وضع هؤلاء تصورات متعددة للذات الالهية وفق عقولهم الفاسدة لا ترقي الي منزلة التسبيح والتعظيم التي تنبغي ان تكون لله تعالي رب العالمين
فان كان الملاحدة يرون انه لا رب ولا اله وان الكون خلق بنظرية المصادفة التي يقال لها نظرية الانفجار الكوني العظيم
هذا الانفجار الذي اتي علي حد زعمهم بكل هذا الكمال الكوني الذي يراه الناس بعين الحقيقة ولا يجحده الا الظالمون.
وان كان المجوس تصوروا بفطرهم المنتكسة ان الرب الخالق المالك المدبر هو كل ما تصوروا ووجدوا فيه المنفعة حتي وان كان بقرة . فمنهم من عبد السحاب ومنهم من عبد الشمس او القمر ومنهممن عبد النار ومنهم من نظر الي الانثي واعتبرها الاله المعبود وهذا وفق فطرتهم المنتكسة .
فان اهل الكتاب ما تركوا ضالة من ضلالات الملاحدة والمجوس الا وخاضو فيها فازدروا وانتقصوا الله عز وجل حتي اضاعوا مكانة الرب في قلوب العباد ووصفوا الله عز وجل بابشع الصفات حتي صار الالحاد اقرب الي عقول البشر من التصديق بالاله المعبود علي مثل هذا التصورعند هولاء الكتابيين بفرقتيهم المغضوب عليهم والضالين.
فمن تتبع كتابهم المقدس الذي حرفه لهم الاحبار والرهبان يجد العجب العجاب
فتارة يجعلون الله عز وجل انسانا مثلهم يوصف بكل الصفات البشرية من الاسف والحزن والتعب والعجز والجهل ياكل ويشرب ويتخلي لا فارق بينه وبينهم .
وتارة يجعلوه روحا خفيه تاتيهم في اليقظة فتكلمهم وتامرهم وتنهاهم اوتاتيهم في احلامهم لا فارق بين نبي كريم ولا احد الصالحين ولا الفسقة الفاجرين فالكل سواء تاتيهم الروح القدس وتحل عليهم.
وقليلا بل نادرا ما يجعلوه علي عرشه فوق السموات العلي
ومن العجيب انه لا يقبلون هذا في ملوك الدنيا
فما سمعنا عن ملك من ملوك الدنيا يلتقي الناس في الشوارع والحانات ولا يترك عرشه ويتجول في الطرقات ولا يسمح لكل من هب ودب الي يدخل عليه في مقر عرشه الا بموعد
وبعد استاذان من أمنه وحاشيته من رجال السلطات
لكن الاله عند هؤلاء الاحبار تدني الي منزلة ادني من الضعفاء المستحقين للعطف والشفقة والرحمة من بني الانسان
فتارة ياتي نسائهم وتارة ياتي رجالهم واطفالهم ولم يجعلو له صفه من صفات القوة والهيمنة والعظمة انما جعلوه مهانا بينهم لا يخشي منه فاجر ولا يحتمي به صالح لا هم له الا ارضاء طائفة بني اسرائيل وحدهم من بين البشرولا حاجه له بالاخرين سلطانه معدوم خلق الخلق وتركه دون تدبير لا علاقة له برزق ولا نعيم له في الجنة ولا عذاب عنده في النار لا يملك ولا يرزق ولا يدبر ولا يعبد فقضوا علي عقيدة الايمان والكفر والتوحيد والشرك والطاعة والمعصية ولا ثواب ولا عقاب
لا فارق عنده بين الانبياء والاشرار وبين بين الملائكة والشياطين ولا بين العصاة و الطائعين ولا بين طهارة ونجاسة فالكل سواء رب اوجد الكون ثم تركه يسير عبثا وهملا
حتي انتهوا الي وضع نظرية الفداء الشيطانية التي بها قضوا علي هيبة الاله بعد ان قبض عليه طائفة من خلقه فضربوه وبصقوا عليه واهانوه وشتموه ومزقو ثيابه ووضعه علي راسه اكليلا من الشوك وجرعوه الخل شرابا مرا ثم وضعه في يدية ورجليه المسامير مصلوبا علي الصليب فلم يبقوا له حتي كرامة الدواب بين قومة فصار ما جري له تتاذي منه منظمة الرفق بالحيوان
فلما لفظ انفاسه الاخيره وهو ينادي اباه (الي الي لم شبقتني) والتي ترجموها بالهي الهي لم تركتني
ونحن لا ندري اله ينادي اله اخر ام اله ينادي نفسه ثم توسط له احد الفقراء المساكين( يوسف الاريماتي) عند بيلاطس البونطي حاكم الروم في فلسطين ان ينزلوه من علي صليبه فيكفنوه ويدفنوه في قبره ليمكث فيه ثلاثة ايام تحت الارض يضمة التراب ليعود بعدها ويصعد الي السماء علي حسب ظن هؤلاء الكتابيين
فماذا ابقي هؤلاء لله تعالي من عزة وماذا جعلوا له من قوة واين جبروته ومنعته التي حتي لم تعد تساوي ملوك البشر المتغطرسين
والخلاصة ان هؤلاء النصاري ومن قبلهم يهود بني اسرائيل المدلسين انما فتحوا البوابة للاحاد لكي يحط رحاله في عقول البشرية ويرحل عنا عقيدة الايمان بالله والرسل والبعث والحساب والجنة والنار ولا يبقوا للبشر الا نظرية الانفجار الكوني العظيم
وكانهم حققوا لنا الفصل الاخير من رواية الراحل نجيب محفوظ والتي استحق من اجلها جائزة نوبل بعنوان ولاد حارتنا ليس من اجل براعته في الادب وكتابة الروايات انما من اجل انه لوح بالنهاية الفعلية لحياة البشر وهي الوصول الي الالحاد فما كانت شخصية عرفة التي ظهرت اخر القصة الا لكي تقضي علي الشرائع السماوية التي جاء بها جبل ورفاعة وقاسم كما تتسبب في موت الجبلاوي وبهذا قضي الكاتب علي فكرة وجود الاله وارسال الرسل وانزال الشرائع السماوية ووصل بالبشرية الي بغية الشيطان وهي الوصول بالبشر الي الالحاد غفر الله لنا وللمسلمين جميعا
انتهي............. ❝ ⏤Dr Mohammed omar Abdelaziz
❞ اقتباس من كتاب
وصف الذات الإلهية
وفق رؤية الكتاب المقدس
بقلم د محمد عمر
مقدمة الكتاب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام علي من لا نبي بعده واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمد عبده ورسوله ثم اما بعد
فان من اعظم الجرائم التي ارتكبها اليهود والنصاري في حق الله تبارك وتعالي والتي لا تقل اجراما عن اقول الملاحدة والمجوس المخرفين هي فتح الباب امام البشرية الي الالحاد
فقد وضع هؤلاء تصورات متعددة للذات الالهية وفق عقولهم الفاسدة لا ترقي الي منزلة التسبيح والتعظيم التي تنبغي ان تكون لله تعالي رب العالمين
فان كان الملاحدة يرون انه لا رب ولا اله وان الكون خلق بنظرية المصادفة التي يقال لها نظرية الانفجار الكوني العظيم
هذا الانفجار الذي اتي علي حد زعمهم بكل هذا الكمال الكوني الذي يراه الناس بعين الحقيقة ولا يجحده الا الظالمون.
وان كان المجوس تصوروا بفطرهم المنتكسة ان الرب الخالق المالك المدبر هو كل ما تصوروا ووجدوا فيه المنفعة حتي وان كان بقرة . فمنهم من عبد السحاب ومنهم من عبد الشمس او القمر ومنهممن عبد النار ومنهم من نظر الي الانثي واعتبرها الاله المعبود وهذا وفق فطرتهم المنتكسة .
فان اهل الكتاب ما تركوا ضالة من ضلالات الملاحدة والمجوس الا وخاضو فيها فازدروا وانتقصوا الله عز وجل حتي اضاعوا مكانة الرب في قلوب العباد ووصفوا الله عز وجل بابشع الصفات حتي صار الالحاد اقرب الي عقول البشر من التصديق بالاله المعبود علي مثل هذا التصورعند هولاء الكتابيين بفرقتيهم المغضوب عليهم والضالين.
فمن تتبع كتابهم المقدس الذي حرفه لهم الاحبار والرهبان يجد العجب العجاب
فتارة يجعلون الله عز وجل انسانا مثلهم يوصف بكل الصفات البشرية من الاسف والحزن والتعب والعجز والجهل ياكل ويشرب ويتخلي لا فارق بينه وبينهم .
وتارة يجعلوه روحا خفيه تاتيهم في اليقظة فتكلمهم وتامرهم وتنهاهم اوتاتيهم في احلامهم لا فارق بين نبي كريم ولا احد الصالحين ولا الفسقة الفاجرين فالكل سواء تاتيهم الروح القدس وتحل عليهم.
وقليلا بل نادرا ما يجعلوه علي عرشه فوق السموات العلي
ومن العجيب انه لا يقبلون هذا في ملوك الدنيا
فما سمعنا عن ملك من ملوك الدنيا يلتقي الناس في الشوارع والحانات ولا يترك عرشه ويتجول في الطرقات ولا يسمح لكل من هب ودب الي يدخل عليه في مقر عرشه الا بموعد
وبعد استاذان من أمنه وحاشيته من رجال السلطات
لكن الاله عند هؤلاء الاحبار تدني الي منزلة ادني من الضعفاء المستحقين للعطف والشفقة والرحمة من بني الانسان
فتارة ياتي نسائهم وتارة ياتي رجالهم واطفالهم ولم يجعلو له صفه من صفات القوة والهيمنة والعظمة انما جعلوه مهانا بينهم لا يخشي منه فاجر ولا يحتمي به صالح لا هم له الا ارضاء طائفة بني اسرائيل وحدهم من بين البشرولا حاجه له بالاخرين سلطانه معدوم خلق الخلق وتركه دون تدبير لا علاقة له برزق ولا نعيم له في الجنة ولا عذاب عنده في النار لا يملك ولا يرزق ولا يدبر ولا يعبد فقضوا علي عقيدة الايمان والكفر والتوحيد والشرك والطاعة والمعصية ولا ثواب ولا عقاب
لا فارق عنده بين الانبياء والاشرار وبين بين الملائكة والشياطين ولا بين العصاة و الطائعين ولا بين طهارة ونجاسة فالكل سواء رب اوجد الكون ثم تركه يسير عبثا وهملا
حتي انتهوا الي وضع نظرية الفداء الشيطانية التي بها قضوا علي هيبة الاله بعد ان قبض عليه طائفة من خلقه فضربوه وبصقوا عليه واهانوه وشتموه ومزقو ثيابه ووضعه علي راسه اكليلا من الشوك وجرعوه الخل شرابا مرا ثم وضعه في يدية ورجليه المسامير مصلوبا علي الصليب فلم يبقوا له حتي كرامة الدواب بين قومة فصار ما جري له تتاذي منه منظمة الرفق بالحيوان
فلما لفظ انفاسه الاخيره وهو ينادي اباه (الي الي لم شبقتني) والتي ترجموها بالهي الهي لم تركتني
ونحن لا ندري اله ينادي اله اخر ام اله ينادي نفسه ثم توسط له احد الفقراء المساكين( يوسف الاريماتي) عند بيلاطس البونطي حاكم الروم في فلسطين ان ينزلوه من علي صليبه فيكفنوه ويدفنوه في قبره ليمكث فيه ثلاثة ايام تحت الارض يضمة التراب ليعود بعدها ويصعد الي السماء علي حسب ظن هؤلاء الكتابيين
فماذا ابقي هؤلاء لله تعالي من عزة وماذا جعلوا له من قوة واين جبروته ومنعته التي حتي لم تعد تساوي ملوك البشر المتغطرسين
والخلاصة ان هؤلاء النصاري ومن قبلهم يهود بني اسرائيل المدلسين انما فتحوا البوابة للاحاد لكي يحط رحاله في عقول البشرية ويرحل عنا عقيدة الايمان بالله والرسل والبعث والحساب والجنة والنار ولا يبقوا للبشر الا نظرية الانفجار الكوني العظيم
وكانهم حققوا لنا الفصل الاخير من رواية الراحل نجيب محفوظ والتي استحق من اجلها جائزة نوبل بعنوان ولاد حارتنا ليس من اجل براعته في الادب وكتابة الروايات انما من اجل انه لوح بالنهاية الفعلية لحياة البشر وهي الوصول الي الالحاد فما كانت شخصية عرفة التي ظهرت اخر القصة الا لكي تقضي علي الشرائع السماوية التي جاء بها جبل ورفاعة وقاسم كما تتسبب في موت الجبلاوي وبهذا قضي الكاتب علي فكرة وجود الاله وارسال الرسل وانزال الشرائع السماوية ووصل بالبشرية الي بغية الشيطان وهي الوصول بالبشر الي الالحاد غفر الله لنا وللمسلمين جميعا
انتهي. ❝