❞ #انطلاقًا_من_الموقف\"
قد ذكرنا أن لسرعة البديهة نوعين، وسنبدأ بالنوع الخاص بإبداء جمل فكاهية انطلاقًا من الموقف، مع التنويه بأن سرعة البديهة يُمكن أن تكون مُهذَّبة أو لاذعة، ويتم استخدام الجمل اللاذعة بعدما نتأكَّد أنه ليس من جدوى لاستخدام الجمل المهذبة، كما هو الحال مع روجر شافينسكي المتحدث المعروف بالهجوم على ضيوفه بلا هوادة، لم يستطِع هاري هولتسهوي مدرِّب التواصل من ردعه عن طريق الإطراء والمديح، فظلَّ يوجِّه المتحدث إليه تعليقات لاذعة، لذا علينا ألا ننفر من الجرأة التي سنحتاج إليها سواء في المواقف الفكاهية، أو عند الرد على هجوم؛؛. ❝ ⏤ماتياس بوم
❞
#انطلاقًا_من_الموقف˝
قد ذكرنا أن لسرعة البديهة نوعين، وسنبدأ بالنوع الخاص بإبداء جمل فكاهية انطلاقًا من الموقف، مع التنويه بأن سرعة البديهة يُمكن أن تكون مُهذَّبة أو لاذعة، ويتم استخدام الجمل اللاذعة بعدما نتأكَّد أنه ليس من جدوى لاستخدام الجمل المهذبة، كما هو الحال مع روجر شافينسكي المتحدث المعروف بالهجوم على ضيوفه بلا هوادة، لم يستطِع هاري هولتسهوي مدرِّب التواصل من ردعه عن طريق الإطراء والمديح، فظلَّ يوجِّه المتحدث إليه تعليقات لاذعة، لذا علينا ألا ننفر من الجرأة التي سنحتاج إليها سواء في المواقف الفكاهية، أو عند الرد على هجوم؛؛. ❝
❞ إقتصار التدين على نوعين أو أكثر من الطاعات المأثورة إزراء بحقيقة الدين وطمس لرسالته وآثاره وإعطاء الشيطان مساحات رحبه يجري فيها كيف يشاء. ❝ ⏤محمد الغزالى السقا
❞ إقتصار التدين على نوعين أو أكثر من الطاعات المأثورة إزراء بحقيقة الدين وطمس لرسالته وآثاره وإعطاء الشيطان مساحات رحبه يجري فيها كيف يشاء. ❝
❞ الجزء الحادي عشر
(عفتي والديوث)
عن فتحيه بالبيت كانت مازالت قلقانه علي رونال فهي اول مره تتأخر هكذا
فتحيه:ربي لا اسالك رد القضاء ولكن اسالك اللطف فيه
يارب طمني علي بنتي اتاخرت ليه يارب انت عارف مليش غيرها بعد اختها ما ضاعت مني كانوا الاختين علي الباب ويستمعون الي امهم فرونال تعرف عاده والدتها اما مريم فكانت تدمع فرحا لأن والدتها ما زالت تتذكرها
وفي هذه اللحظه رنت رونال الجرس حتي تخرج مريم من حالتها واختباءت
فتحيه ذهب تجاه الباب وتدعو أن تكون رونال واول ما فتحت كانت مريم ما زالت عيونها مدمعه
فتحيه:ادخلي يلا اتاخرتي ليه
مريم:مفيش بس الطريق كان زحمه
فتحيه:مالك يا بنتي فيكي ايه مدمعه ليه حصلك حاجه
مريم ارتمت في احضان امها وتركت العنان لدموعها بالنزول
فتحيه :خير يا رو مالك يا حبيبتي طمنيني عليكي يابنتي ما توجعيش قلبي
مريم:وهي ما زالت تبكي هو انتي بتحبي اختي ذيي
فتحيه:استغربت من السؤال ولكن جوابت ايوه طبعا يا بنتي كلكم غلاوه واحده اينعم انا مشتاقه اشوفها واخدها في حضني بس في الاول والاخر كلكم عيالي وبحبكم من كل قلبي
رونال:طيب ما هي في حضنك يا ست الكل
فتحيه رفعت عيونها ونظرت الي رونال ومريم التي بحضنها
وظلت مصدومه حتي جاءت رونال وجلست تحت قدمها كعادتها
رونال:ايه رايك في المفاجئه دي يا ست الكل
فتحيه:فركت عيونها كأنها تريد أن تصدقها أنها في حقيقه ليس حلم وردت انتم بجد ولا انا بحلم
فضحوا كليتهم عاليا
مريم:خرجت من حضن فتحيه وقالت لا حقيقي يا امي كان نفسي في الحضن ده من زمااااان اوووووووي كنت بموت كل يوم وانا بفكر فيكم وبدور عليكم لما كبرت وبقيت أخرج لوحدي كنت كل يوم يعدي عليا كنت بقول ياتري عايشين ولا وصمتت ولكن دموعها هي التي تكلمت ثانيا
ربيت فتحيه علي كتفها واخذتها في حضنها من جديد وقالت
فتحيه:ما تزعليش يا مريم احنا خلاص اتجمعنا ومش هنتفرق تاني
كانت فتحيه تقول هذا لماوسات ابنتها ولكن هي تخشا الفراق مره اخري ودموع عيونها تبرهن علي هذا فكم مره كانت تتمنا أن تري بنتها وكم مره خافت من مقابل وجه كريم قبل الاطمئنان علي كليتهم بجوار بعضهم
مريم:كان نفسي في حضنك ده اوووي يا امي ونفسي اقول كلمه امي من غير خوف كان نفسي اعمل حاجات كتير وانتي معايا كنت بلومك كتير انك سبتني بس كنت برجع وأقول إن بابا هو اللي عمل كده من الاول
فتحيه:الله يسامحه يا بنتي ويهديله حاله
رونال:بتدعيله بعد كل اللي عمله فينا
فتحيه:يابنتي مالناش علي القلوب سلطان وابوكي اينعم جت فتره كرهته فيها بس كره نابع من حب حبي ليه وده اللي خلاني اعافر اكتر علشنا اقدر اعيش بعيد عنه وادفن حبي في قلبي علشنا اقدر اعيش واربيكي وكان عندي امل اني الاقي اختك
ولكن ربنا فضله كبير عليا واستجاب لدعوتي ورجعلي اشوف بنتي قبل ما اموت
بعد الشرعليكي يا امي ردوا الاثنين في نفس واحد
ففرحت فتحيه واخذتهم بين أحضانها وظلوا فتره كبيره حتي تذكرت فتحيه أن تسألهم
فتحيه:صحيح انتي ازاي لبستي لبس رونال وانتي يا رونال ازاي غيرتي وشوفتوا بعض فين وكمان
قاطعت كلام فتحيه رونال وهي تقول
رونال :يا ست الكل هعرفك كل حاجه بس انا عاوزه لقمه انا هموت من الجوع ماكلش من الصبح لا أنا ولا الغلبانه دي
فتحيه:عينيا الاثنين ده انهارده يوم عيد
وتركتهم فتحيه ودخلت الي المطبخ تحضر لهم كل شي عندها فهي المره الأولي من سنوات سيجلسون معنا علي مائده واحده
~~~~~~~~~~~
أما عن سيف
كان يريد طلب من فتحيه وهو
سيف:كنت عاوز اطلب منك طلب عارف أنه ملهوش علاقه بالموضوع بس ياريت ما تكسفينش يا حجه
فتحيه:خير يا ابني
سيف:انا الشركه بتاعتي بتعمل كل سنه رحلات عمره وبطلع ناس تكون وصمت لثواني
ولكن فتحيه فهمت صمته وردت
فتحيه:وبعدين يا ابني
سيف:لو اقدر اطلب من حضرتك انك تعطيني الثواب بتاعك وتطلعلي عمره مش هنسا فضلك عليا ابدا
فتحيه:انت بتتكلم جد يا ابني ولا بتهزر
سيف:لا والله ما بهزر يا حجه انا اول ما شفتك افتكرت أن ليسه في أماكن فاضيه وقولت انك اكيد مش هترفضي تزوري بيت الله
فتحيه:لا ارفض ازاي ده دعوه من عند الحبيب هرفضها ازاي
فرح سيف بشده ولكن قاطع فرحته صوت فتحيه وهي تقول
فتحيه:بس في مشكله
سيف:ايه هي
فتحيه:رونال مش هينفع اسيبها لوحدها
وكانت رونال خارجه من المطبخ وبيدها المشروبات ووضعتها علي الترابيزه الصغيره المتهلكه وتخاف أن تقعهم أرضا
فنظرت الي فتحيه الي كانت وجهها ازادد نورا علي نوره وسألتها
رونال:مالك يا ست الكل فرحانه ليه
فتحيه قصت علي رونال كل شي
فابتسمت رونال وردت
رونال:حبيبه قلبي انا هخلي نرمين تقعد معايا الكام يوم دول وانتي روح انتي كان نفسك من زمان تروحي تزوري بيت الله الحرام وما تقلقيش عليا خاااالص
فتحيه:يا بنتي بس
نرمين:من غير بس يا خالتي اتكلي علي الله واحنا مع بعض
رسلان:والله يا حجه ما تخافيش وانا هطمن عليهم بالتليفون ولو هما محتاجين حاجه هبعتلهم اختي لأن مش هينفع انا اجي
فتحيه:يبقا كتر خيرك يا ابني بس برضو في مشكله
سيف:ايه هي
فتحيه :ان جواز السفر بتاعي منتهي من فتره كبيره
محمد:ما تقلقيش يا حجه انا اخويا شغال في الجوازات ويقدر يساعدك
سيف:والله فيك الخير يا محمد بس ما قولتليش انت كنت جاي هنا ليه وضحك
محمد تذكر أن رسلان نزل ليحضر العلاج
فقال:العيب مش عليا انا عملت اللي عليا العيب علي اخوك اللي نزل يجيب العلاج واتخانق وشكله نسي أو العلاج وقع منه وضحك
رسلان فرق في رأسه
وقال :تصدق عندك حق
فقام سيف تجاهه وقبل أن يفعل شي كان رسلان يخرج من جيبه العلاج لانه نوعين من البرشام وقال :خلاص يا سيف اهو وربنا انا ما نسيتش انا عارفك غبي فاللي يخصك
فابتسم سيف علي طريقه كلام اخيه وتركه واعطا العلاج لرونال وتلاقيت عيونهم ببعض وسارحوا ونسوا كل الجالسون ينظرون إليهم
ولكن قاطعهم صوت
يتبع. ❝ ⏤داليا ماجد خاطر (ملكه زماني)
❞ الجزء الحادي عشر
(عفتي والديوث)
عن فتحيه بالبيت كانت مازالت قلقانه علي رونال فهي اول مره تتأخر هكذا
فتحيه:ربي لا اسالك رد القضاء ولكن اسالك اللطف فيه
يارب طمني علي بنتي اتاخرت ليه يارب انت عارف مليش غيرها بعد اختها ما ضاعت مني كانوا الاختين علي الباب ويستمعون الي امهم فرونال تعرف عاده والدتها اما مريم فكانت تدمع فرحا لأن والدتها ما زالت تتذكرها
وفي هذه اللحظه رنت رونال الجرس حتي تخرج مريم من حالتها واختباءت
فتحيه ذهب تجاه الباب وتدعو أن تكون رونال واول ما فتحت كانت مريم ما زالت عيونها مدمعه
فتحيه:ادخلي يلا اتاخرتي ليه
مريم:مفيش بس الطريق كان زحمه
فتحيه:مالك يا بنتي فيكي ايه مدمعه ليه حصلك حاجه
مريم ارتمت في احضان امها وتركت العنان لدموعها بالنزول
فتحيه :خير يا رو مالك يا حبيبتي طمنيني عليكي يابنتي ما توجعيش قلبي
مريم:وهي ما زالت تبكي هو انتي بتحبي اختي ذيي
فتحيه:استغربت من السؤال ولكن جوابت ايوه طبعا يا بنتي كلكم غلاوه واحده اينعم انا مشتاقه اشوفها واخدها في حضني بس في الاول والاخر كلكم عيالي وبحبكم من كل قلبي
رونال:طيب ما هي في حضنك يا ست الكل
فتحيه رفعت عيونها ونظرت الي رونال ومريم التي بحضنها
وظلت مصدومه حتي جاءت رونال وجلست تحت قدمها كعادتها
رونال:ايه رايك في المفاجئه دي يا ست الكل
فتحيه:فركت عيونها كأنها تريد أن تصدقها أنها في حقيقه ليس حلم وردت انتم بجد ولا انا بحلم
فضحوا كليتهم عاليا
مريم:خرجت من حضن فتحيه وقالت لا حقيقي يا امي كان نفسي في الحضن ده من زمااااان اوووووووي كنت بموت كل يوم وانا بفكر فيكم وبدور عليكم لما كبرت وبقيت أخرج لوحدي كنت كل يوم يعدي عليا كنت بقول ياتري عايشين ولا وصمتت ولكن دموعها هي التي تكلمت ثانيا
ربيت فتحيه علي كتفها واخذتها في حضنها من جديد وقالت
فتحيه:ما تزعليش يا مريم احنا خلاص اتجمعنا ومش هنتفرق تاني
كانت فتحيه تقول هذا لماوسات ابنتها ولكن هي تخشا الفراق مره اخري ودموع عيونها تبرهن علي هذا فكم مره كانت تتمنا أن تري بنتها وكم مره خافت من مقابل وجه كريم قبل الاطمئنان علي كليتهم بجوار بعضهم
مريم:كان نفسي في حضنك ده اوووي يا امي ونفسي اقول كلمه امي من غير خوف كان نفسي اعمل حاجات كتير وانتي معايا كنت بلومك كتير انك سبتني بس كنت برجع وأقول إن بابا هو اللي عمل كده من الاول
فتحيه:الله يسامحه يا بنتي ويهديله حاله
رونال:بتدعيله بعد كل اللي عمله فينا
فتحيه:يابنتي مالناش علي القلوب سلطان وابوكي اينعم جت فتره كرهته فيها بس كره نابع من حب حبي ليه وده اللي خلاني اعافر اكتر علشنا اقدر اعيش بعيد عنه وادفن حبي في قلبي علشنا اقدر اعيش واربيكي وكان عندي امل اني الاقي اختك
ولكن ربنا فضله كبير عليا واستجاب لدعوتي ورجعلي اشوف بنتي قبل ما اموت
بعد الشرعليكي يا امي ردوا الاثنين في نفس واحد
ففرحت فتحيه واخذتهم بين أحضانها وظلوا فتره كبيره حتي تذكرت فتحيه أن تسألهم
فتحيه:صحيح انتي ازاي لبستي لبس رونال وانتي يا رونال ازاي غيرتي وشوفتوا بعض فين وكمان
قاطعت كلام فتحيه رونال وهي تقول
رونال :يا ست الكل هعرفك كل حاجه بس انا عاوزه لقمه انا هموت من الجوع ماكلش من الصبح لا أنا ولا الغلبانه دي
فتحيه:عينيا الاثنين ده انهارده يوم عيد
وتركتهم فتحيه ودخلت الي المطبخ تحضر لهم كل شي عندها فهي المره الأولي من سنوات سيجلسون معنا علي مائده واحده
~~~~~~~~~~~
أما عن سيف
كان يريد طلب من فتحيه وهو
سيف:كنت عاوز اطلب منك طلب عارف أنه ملهوش علاقه بالموضوع بس ياريت ما تكسفينش يا حجه
فتحيه:خير يا ابني
سيف:انا الشركه بتاعتي بتعمل كل سنه رحلات عمره وبطلع ناس تكون وصمت لثواني
ولكن فتحيه فهمت صمته وردت
فتحيه:وبعدين يا ابني
سيف:لو اقدر اطلب من حضرتك انك تعطيني الثواب بتاعك وتطلعلي عمره مش هنسا فضلك عليا ابدا
فتحيه:انت بتتكلم جد يا ابني ولا بتهزر
سيف:لا والله ما بهزر يا حجه انا اول ما شفتك افتكرت أن ليسه في أماكن فاضيه وقولت انك اكيد مش هترفضي تزوري بيت الله
فتحيه:لا ارفض ازاي ده دعوه من عند الحبيب هرفضها ازاي
فرح سيف بشده ولكن قاطع فرحته صوت فتحيه وهي تقول
فتحيه:بس في مشكله
سيف:ايه هي
فتحيه:رونال مش هينفع اسيبها لوحدها
وكانت رونال خارجه من المطبخ وبيدها المشروبات ووضعتها علي الترابيزه الصغيره المتهلكه وتخاف أن تقعهم أرضا
فنظرت الي فتحيه الي كانت وجهها ازادد نورا علي نوره وسألتها
رونال:مالك يا ست الكل فرحانه ليه
فتحيه قصت علي رونال كل شي
فابتسمت رونال وردت
رونال:حبيبه قلبي انا هخلي نرمين تقعد معايا الكام يوم دول وانتي روح انتي كان نفسك من زمان تروحي تزوري بيت الله الحرام وما تقلقيش عليا خاااالص
فتحيه:يا بنتي بس
نرمين:من غير بس يا خالتي اتكلي علي الله واحنا مع بعض
رسلان:والله يا حجه ما تخافيش وانا هطمن عليهم بالتليفون ولو هما محتاجين حاجه هبعتلهم اختي لأن مش هينفع انا اجي
فتحيه:يبقا كتر خيرك يا ابني بس برضو في مشكله
سيف:ايه هي
فتحيه :ان جواز السفر بتاعي منتهي من فتره كبيره
محمد:ما تقلقيش يا حجه انا اخويا شغال في الجوازات ويقدر يساعدك
سيف:والله فيك الخير يا محمد بس ما قولتليش انت كنت جاي هنا ليه وضحك
محمد تذكر أن رسلان نزل ليحضر العلاج
فقال:العيب مش عليا انا عملت اللي عليا العيب علي اخوك اللي نزل يجيب العلاج واتخانق وشكله نسي أو العلاج وقع منه وضحك
رسلان فرق في رأسه
وقال :تصدق عندك حق
فقام سيف تجاهه وقبل أن يفعل شي كان رسلان يخرج من جيبه العلاج لانه نوعين من البرشام وقال :خلاص يا سيف اهو وربنا انا ما نسيتش انا عارفك غبي فاللي يخصك
فابتسم سيف علي طريقه كلام اخيه وتركه واعطا العلاج لرونال وتلاقيت عيونهم ببعض وسارحوا ونسوا كل الجالسون ينظرون إليهم
ولكن قاطعهم صوت
❞ اقتصار التدين على نوعين أو أكثر من الطاعات المأثورة إزراء بحقيقة الدين وطمس لرسالته وآثاره وإعطاء الشيطان مساحات رحبه يجري فيها كيف يشاء. ❝ ⏤محمد الغزالى السقا
❞ اقتصار التدين على نوعين أو أكثر من الطاعات المأثورة إزراء بحقيقة الدين وطمس لرسالته وآثاره وإعطاء الشيطان مساحات رحبه يجري فيها كيف يشاء. ❝
❞ وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ ۚ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ۖ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ ۚ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18)
وقال أهل التفسير : كانت أعينهم مفتوحة وهم نائمون ; فكذلك كان الرائي يحسبهم أيقاظا . وقيل : تحسبهم أيقاظا لكثرة تقلبهم كالمستيقظ في مضجعه . وأيقاظا جمع يقظ ويقظان ، وهو المنتبه .
وهم رقود كقولهم : وهم قوم ركوع وسجود وقعود فوصف الجمع بالمصدر .
ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال قال ابن عباس : لئلا تأكل الأرض لحومهم . قال أبو هريرة : كان لهم في كل عام تقليبتان . وقيل : في كل سنة مرة . وقال مجاهد : في كل سبع سنين مرة . وقالت فرقة : إنما قلبوا في التسع الأواخر ، وأما في الثلاثمائة فلا . وظاهر كلام المفسرين أن التقليب كان من فعل الله ، ويجوز أن يكون من ملك بأمر الله ، فيضاف إلى الله - تعالى - .
قوله تعالى : وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد
فيه أربع مسائل :
الأولى : وكلبهم قال عمرو بن دينار : إن مما أخذ على العقرب ألا تضر أحدا [ قال ] في ليله أو في نهاره : صلى الله على نوح . وإن مما أخذ على الكلب ألا يضر من حمل عليه [ إذا قال ] : وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد .
أكثر المفسرين على أنه كلب حقيقة ، وكان لصيد أحدهم أو لزرعه أو غنمه ; على ما قال مقاتل . واختلف في لونه اختلافا كثيرا ، ذكره الثعلبي . تحصيله : أي لون ذكرت أصبت ; حتى قيل لون الحجر وقيل لون السماء . واختلف أيضا في اسمه ; فعن علي : ريان . ابن عباس : قطمير . الأوزاعي : مشير . عبد الله بن سلام : بسيط . كعب : صهيا . وهب : نقيا . وقيل قطمير ; ذكره الثعلبي . وكان اقتناء الكلب جائزا في وقتهم ، كما هو عندنا اليوم جائز في شرعنا . وقال ابن عباس : هربوا ليلا ، وكانوا سبعة فمروا براع معه كلب فاتبعهم على دينهم . وقال كعب : مروا بكلب فنبح لهم فطردوه فعاد فطردوه مرارا ، فقام الكلب على رجليه ورفع يديه إلى السماء كهيئة الداعي ، فنطق فقال : لا تخافوا مني أنا أحب أحباء الله - تعالى - فناموا حتى أحرسكم .
الثانية : ورد في الصحيح عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من اقتنى كلبا إلا كلب صيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان . وروى الصحيح أيضا عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من اتخذ كلبا إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع انتقص من أجره كل يوم قيراط . قال الزهري : وذكر لابن عمر قول أبي هريرة فقال : يرحم الله أبا هريرة كان صاحب زرع . فقد دلت السنة الثابتة على اقتناء الكلب للصيد والزرع والماشية . وجعل النقص في أجر من اقتناها على غير ذلك من المنفعة ; إما لترويع الكلب المسلمين وتشويشه عليهم بنباحه ، أو لمنع دخول الملائكة البيت ، أو لنجاسته ، على ما يراه الشافعي ، أو لاقتحام النهي عن اتخاذ ما لا منفعة فيه ; والله أعلم . وقال في إحدى الروايتين قيراطان وفي الأخرى قيراط . وذلك يحتمل أن يكون في نوعين من الكلاب أحدهما أشد أذى من الآخر ، كالأسود الذي أمر - عليه السلام - بقتله ، ولم يدخله في الاستثناء حين نهى عن قتلها كما هو منصوص في حديث جابر ; أخرجه الصحيح . وقال : عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين فإنه شيطان . ويحتمل أن يكون ذلك لاختلاف المواضع ، فيكون ممسكه بالمدينة مثلا أو بمكة ينقص قيراطان وبغيرها قيراط . وأما المباح اتخاذه فلا ينقص ; كالفرس والهرة . والله أعلم .
الثالثة : وكلب الماشية المباح اتخاذه عند مالك هو الذي يسرح معها ، لا الذي يحفظها في الدار من السراق . وكلب الزرع هو الذي يحفظها من الوحوش بالليل أو بالنهار لا من السراق . وقد أجاز غير مالك اتخاذها لسراق الماشية والزرع . وقد تقدم في " المائدة " من أحكام الكلاب ما فيه كفاية ، والحمد لله .
الرابعة : قال ابن عطية : وحدثني أبي - رضي الله عنه - قال سمعت أبا الفضل الجوهري في جامع مصر يقول على منبر وعظه سنة تسع وستين وأربعمائة : إن من أحب أهل الخير نال من بركتهم ; كلب أحب أهل فضل وصحبهم فذكره الله في محكم تنزيله .
قلت : إذا كان بعض الكلاب قد نال هذه الدرجة العليا بصحبته ومخالطته الصلحاء والأولياء حتى أخبر الله - تعالى - بذلك في كتابه جل وعلا فما ظنك بالمؤمنين الموحدين المخالطين المحبين للأولياء والصالحين بل في هذا تسلية وأنس للمؤمنين المقصرين عن درجات الكمال ، المحبين للنبي - صلى الله عليه وسلم - وآله خير آل . روى الصحيح عن أنس بن مالك قال : بينا أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - خارجان من المسجد فلقينا رجل عند سدة المسجد فقال : يا رسول الله ، متى الساعة ؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما أعددت لها قال : فكأن الرجل استكان ، ثم قال : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما أعددت لها كثير صلاة ولا صيام ولا صدقة ، ولكني أحب الله ورسوله . قال : فأنت مع من أحببت . في رواية قال أنس بن مالك : فما فرحنا بعد الإسلام فرحا أشد من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : فأنت مع من أحببت . قال أنس : فأنا أحب الله ورسوله وأبا بكر وعمر ، فأرجو أن أكون معهم وإن لم أعمل بأعمالهم .
قلت : وهذا الذي تمسك به أنس يشمل من المسلمين كل ذي نفس ، فكذلك تعلقت أطماعنا بذلك وإن كنا مقصرين ، ورجونا رحمة الرحمن وإن كنا غير مستأهلين ; كلب أحب قوما فذكره الله معهم فكيف بنا وعندنا عقد الإيمان وكلمة الإسلام ، وحب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا .
وقالت فرقة : لم يكن كلبا حقيقة ، وإنما كان أحدهم ، وكان قد قعد عند باب الغار طليعة لهم كما سمي النجم التابع للجوزاء كلبا ; لأنه منها كالكلب من الإنسان ; ويقال له : كلب الجبار . قال ابن عطية : فسمي باسم الحيوان اللازم لذلك الموضع أما إن هذا القول يضعفه ذكر بسط الذراعين فإنها في العرف من صفة الكلب حقيقة ; ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب . وقد حكى أبو عمر المطرز في كتاب اليواقيت أنه قرئ " وكالبهم باسط ذراعيه بالوصيد " . فيحتمل أن يريد بالكالب هذا الرجل على ما روي ; إذ بسط الذراعين واللصوق بالأرض مع رفع الوجه للتطلع هي هيئة الريبة المستخفي بنفسه . ويحتمل أن يريد بالكالب الكلب . وقرأ جعفر بن محمد الصادق " كالبهم " يعني صاحب الكلب .
قوله تعالى : باسط ذراعيه أعمل اسم الفاعل وهو بمعنى المضي ; لأنها حكاية حال ولم يقصد الإخبار عن فعل الكلب . والذراع من طرف المرفق إلى طرف الأصبع الوسطى . ثم قيل : بسط ذراعيه لطول المدة . وقيل : نام الكلب ، وكان ذلك من الآيات . وقيل : نام مفتوح العين .
بالوصيد الوصيد : الفناء ; قاله ابن عباس ومجاهد وابن جبير ، أي فناء الكهف ، والجمع وصائد ووصد . وقيل الباب . وقاله ابن عباس أيضا . وأنشد :
بأرض فضاء لا يسد وصيدها علي ومعروفي بها غير منكر
وقد تقدم . وقال عطاء : عتبة الباب ، والباب الموصد هو المغلق . وقد أوصدت الباب وآصدته أي أغلقته . والوصيد : النبات المتقارب الأصول ، فهو مشترك ، والله أعلم .
قوله تعالى : لو اطلعت عليهم قرأ الجمهور بكسر الواو . والأعمش ويحيى بن وثاب بضمها .
لوليت منهم فرارا أي لو أشرفت عليهم لهربت منهم .
ولملئت منهم رعبا أي لما حفهم الله - تعالى - من الرعب واكتنفهم من الهيبة . وقيل : لوحشة مكانهم ; وكأنهم آواهم الله إلى هذا المكان الوحش في الظاهر لينفر الناس عنهم . وقيل : كان الناس محجوبين عنهم بالرعب ، لا يجسر أحد منهم على الدنو إليهم . وقيل : الفرار منهم لطول شعورهم وأظفارهم ; وذكره المهدوي والنحاس والزجاج والقشيري . وهذا بعيد ; لأنهم لما استيقظوا قال بعضهم لبعض : لبثنا يوما أو بعض يوم . ودل هذا على أن شعورهم وأظفارهم كانت بحالها ; إلا أن يقال : إنما قالوا ذلك قبل أن ينظروا إلى أظفارهم وشعورهم . قال ابن عطية : والصحيح في أمرهم أن الله - عز وجل - حفظ لهم الحالة التي ناموا عليها لتكون لهم ولغيرهم فيهم آية ، فلم يبل لهم ثوب ولم تغير صفة ، ولم ينكر الناهض إلى المدينة إلا معالم الأرض والبناء ، ولو كانت في نفسه حالة ينكرها لكانت عليه أهم . وقرأ نافع وابن كثير وابن عباس وأهل مكة والمدينة " لملئت منهم " بتشديد اللام على تضعيف المبالغة ; أي ملئت ثم ملئت . وقرأ الباقون لملئت بالتخفيف ، والتخفيف أشهر في اللغة . وقد جاء التثقيل في قول المخبل السعدي :
وإذ فتك النعمان بالناس محرما فملي من كعب بن عوف سلاسله
وقرأ الجمهور رعبا بإسكان العين . وقرأ بضمها أبو جعفر . قال أبو حاتم : هما لغتان . وفرارا نصب على الحال ورعبا مفعول ثان أو تمييز .. ❝ ⏤محمد بن صالح العثيمين
❞ وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ ۚ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ۖ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ ۚ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18)
وقال أهل التفسير : كانت أعينهم مفتوحة وهم نائمون ; فكذلك كان الرائي يحسبهم أيقاظا . وقيل : تحسبهم أيقاظا لكثرة تقلبهم كالمستيقظ في مضجعه . وأيقاظا جمع يقظ ويقظان ، وهو المنتبه .
وهم رقود كقولهم : وهم قوم ركوع وسجود وقعود فوصف الجمع بالمصدر .
ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال قال ابن عباس : لئلا تأكل الأرض لحومهم . قال أبو هريرة : كان لهم في كل عام تقليبتان . وقيل : في كل سنة مرة . وقال مجاهد : في كل سبع سنين مرة . وقالت فرقة : إنما قلبوا في التسع الأواخر ، وأما في الثلاثمائة فلا . وظاهر كلام المفسرين أن التقليب كان من فعل الله ، ويجوز أن يكون من ملك بأمر الله ، فيضاف إلى الله - تعالى - .
قوله تعالى : وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد
فيه أربع مسائل :
الأولى : وكلبهم قال عمرو بن دينار : إن مما أخذ على العقرب ألا تضر أحدا [ قال ] في ليله أو في نهاره : صلى الله على نوح . وإن مما أخذ على الكلب ألا يضر من حمل عليه [ إذا قال ] : وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد .
أكثر المفسرين على أنه كلب حقيقة ، وكان لصيد أحدهم أو لزرعه أو غنمه ; على ما قال مقاتل . واختلف في لونه اختلافا كثيرا ، ذكره الثعلبي . تحصيله : أي لون ذكرت أصبت ; حتى قيل لون الحجر وقيل لون السماء . واختلف أيضا في اسمه ; فعن علي : ريان . ابن عباس : قطمير . الأوزاعي : مشير . عبد الله بن سلام : بسيط . كعب : صهيا . وهب : نقيا . وقيل قطمير ; ذكره الثعلبي . وكان اقتناء الكلب جائزا في وقتهم ، كما هو عندنا اليوم جائز في شرعنا . وقال ابن عباس : هربوا ليلا ، وكانوا سبعة فمروا براع معه كلب فاتبعهم على دينهم . وقال كعب : مروا بكلب فنبح لهم فطردوه فعاد فطردوه مرارا ، فقام الكلب على رجليه ورفع يديه إلى السماء كهيئة الداعي ، فنطق فقال : لا تخافوا مني أنا أحب أحباء الله - تعالى - فناموا حتى أحرسكم .
الثانية : ورد في الصحيح عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من اقتنى كلبا إلا كلب صيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان . وروى الصحيح أيضا عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من اتخذ كلبا إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع انتقص من أجره كل يوم قيراط . قال الزهري : وذكر لابن عمر قول أبي هريرة فقال : يرحم الله أبا هريرة كان صاحب زرع . فقد دلت السنة الثابتة على اقتناء الكلب للصيد والزرع والماشية . وجعل النقص في أجر من اقتناها على غير ذلك من المنفعة ; إما لترويع الكلب المسلمين وتشويشه عليهم بنباحه ، أو لمنع دخول الملائكة البيت ، أو لنجاسته ، على ما يراه الشافعي ، أو لاقتحام النهي عن اتخاذ ما لا منفعة فيه ; والله أعلم . وقال في إحدى الروايتين قيراطان وفي الأخرى قيراط . وذلك يحتمل أن يكون في نوعين من الكلاب أحدهما أشد أذى من الآخر ، كالأسود الذي أمر - عليه السلام - بقتله ، ولم يدخله في الاستثناء حين نهى عن قتلها كما هو منصوص في حديث جابر ; أخرجه الصحيح . وقال : عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين فإنه شيطان . ويحتمل أن يكون ذلك لاختلاف المواضع ، فيكون ممسكه بالمدينة مثلا أو بمكة ينقص قيراطان وبغيرها قيراط . وأما المباح اتخاذه فلا ينقص ; كالفرس والهرة . والله أعلم .
الثالثة : وكلب الماشية المباح اتخاذه عند مالك هو الذي يسرح معها ، لا الذي يحفظها في الدار من السراق . وكلب الزرع هو الذي يحفظها من الوحوش بالليل أو بالنهار لا من السراق . وقد أجاز غير مالك اتخاذها لسراق الماشية والزرع . وقد تقدم في " المائدة " من أحكام الكلاب ما فيه كفاية ، والحمد لله .
الرابعة : قال ابن عطية : وحدثني أبي - رضي الله عنه - قال سمعت أبا الفضل الجوهري في جامع مصر يقول على منبر وعظه سنة تسع وستين وأربعمائة : إن من أحب أهل الخير نال من بركتهم ; كلب أحب أهل فضل وصحبهم فذكره الله في محكم تنزيله .
قلت : إذا كان بعض الكلاب قد نال هذه الدرجة العليا بصحبته ومخالطته الصلحاء والأولياء حتى أخبر الله - تعالى - بذلك في كتابه جل وعلا فما ظنك بالمؤمنين الموحدين المخالطين المحبين للأولياء والصالحين بل في هذا تسلية وأنس للمؤمنين المقصرين عن درجات الكمال ، المحبين للنبي - صلى الله عليه وسلم - وآله خير آل . روى الصحيح عن أنس بن مالك قال : بينا أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - خارجان من المسجد فلقينا رجل عند سدة المسجد فقال : يا رسول الله ، متى الساعة ؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما أعددت لها قال : فكأن الرجل استكان ، ثم قال : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما أعددت لها كثير صلاة ولا صيام ولا صدقة ، ولكني أحب الله ورسوله . قال : فأنت مع من أحببت . في رواية قال أنس بن مالك : فما فرحنا بعد الإسلام فرحا أشد من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : فأنت مع من أحببت . قال أنس : فأنا أحب الله ورسوله وأبا بكر وعمر ، فأرجو أن أكون معهم وإن لم أعمل بأعمالهم .
قلت : وهذا الذي تمسك به أنس يشمل من المسلمين كل ذي نفس ، فكذلك تعلقت أطماعنا بذلك وإن كنا مقصرين ، ورجونا رحمة الرحمن وإن كنا غير مستأهلين ; كلب أحب قوما فذكره الله معهم فكيف بنا وعندنا عقد الإيمان وكلمة الإسلام ، وحب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا .
وقالت فرقة : لم يكن كلبا حقيقة ، وإنما كان أحدهم ، وكان قد قعد عند باب الغار طليعة لهم كما سمي النجم التابع للجوزاء كلبا ; لأنه منها كالكلب من الإنسان ; ويقال له : كلب الجبار . قال ابن عطية : فسمي باسم الحيوان اللازم لذلك الموضع أما إن هذا القول يضعفه ذكر بسط الذراعين فإنها في العرف من صفة الكلب حقيقة ; ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب . وقد حكى أبو عمر المطرز في كتاب اليواقيت أنه قرئ " وكالبهم باسط ذراعيه بالوصيد " . فيحتمل أن يريد بالكالب هذا الرجل على ما روي ; إذ بسط الذراعين واللصوق بالأرض مع رفع الوجه للتطلع هي هيئة الريبة المستخفي بنفسه . ويحتمل أن يريد بالكالب الكلب . وقرأ جعفر بن محمد الصادق " كالبهم " يعني صاحب الكلب .
قوله تعالى : باسط ذراعيه أعمل اسم الفاعل وهو بمعنى المضي ; لأنها حكاية حال ولم يقصد الإخبار عن فعل الكلب . والذراع من طرف المرفق إلى طرف الأصبع الوسطى . ثم قيل : بسط ذراعيه لطول المدة . وقيل : نام الكلب ، وكان ذلك من الآيات . وقيل : نام مفتوح العين .
بالوصيد الوصيد : الفناء ; قاله ابن عباس ومجاهد وابن جبير ، أي فناء الكهف ، والجمع وصائد ووصد . وقيل الباب . وقاله ابن عباس أيضا . وأنشد :
بأرض فضاء لا يسد وصيدها علي ومعروفي بها غير منكر
وقد تقدم . وقال عطاء : عتبة الباب ، والباب الموصد هو المغلق . وقد أوصدت الباب وآصدته أي أغلقته . والوصيد : النبات المتقارب الأصول ، فهو مشترك ، والله أعلم .
قوله تعالى : لو اطلعت عليهم قرأ الجمهور بكسر الواو . والأعمش ويحيى بن وثاب بضمها .
لوليت منهم فرارا أي لو أشرفت عليهم لهربت منهم .
ولملئت منهم رعبا أي لما حفهم الله - تعالى - من الرعب واكتنفهم من الهيبة . وقيل : لوحشة مكانهم ; وكأنهم آواهم الله إلى هذا المكان الوحش في الظاهر لينفر الناس عنهم . وقيل : كان الناس محجوبين عنهم بالرعب ، لا يجسر أحد منهم على الدنو إليهم . وقيل : الفرار منهم لطول شعورهم وأظفارهم ; وذكره المهدوي والنحاس والزجاج والقشيري . وهذا بعيد ; لأنهم لما استيقظوا قال بعضهم لبعض : لبثنا يوما أو بعض يوم . ودل هذا على أن شعورهم وأظفارهم كانت بحالها ; إلا أن يقال : إنما قالوا ذلك قبل أن ينظروا إلى أظفارهم وشعورهم . قال ابن عطية : والصحيح في أمرهم أن الله - عز وجل - حفظ لهم الحالة التي ناموا عليها لتكون لهم ولغيرهم فيهم آية ، فلم يبل لهم ثوب ولم تغير صفة ، ولم ينكر الناهض إلى المدينة إلا معالم الأرض والبناء ، ولو كانت في نفسه حالة ينكرها لكانت عليه أهم . وقرأ نافع وابن كثير وابن عباس وأهل مكة والمدينة " لملئت منهم " بتشديد اللام على تضعيف المبالغة ; أي ملئت ثم ملئت . وقرأ الباقون لملئت بالتخفيف ، والتخفيف أشهر في اللغة . وقد جاء التثقيل في قول المخبل السعدي :
وإذ فتك النعمان بالناس محرما فملي من كعب بن عوف سلاسله
وقرأ الجمهور رعبا بإسكان العين . وقرأ بضمها أبو جعفر . قال أبو حاتم : هما لغتان . وفرارا نصب على الحال ورعبا مفعول ثان أو تمييز. ❝