❞ يومًا ما - عندما أجمع المادة العلمية الكافية - سوف أكتب دراسة علمية أكاديمية رصينة عن العلاقة بين حفلات الزفاف حول حمامات السباحة وارتفاع معدلات الطلاق. لا أريد أن أكون غراب بين لكني لا أتوقع انسجام الزوجين متى رأيت أن الزفاف يُعقد حول حمام سباحة في ناد. سوف يكون بحثًا علميًا مهمًا يبلغ عدد صفحاته نحو مائتي صفحة من القطع المتوسط، وسوف تفرد له مجلة لانست العالمية عددًا كاملاً..
لكن حتى تأتي تلك اللحظة سأكتفي بسرد القصة التي جعلتني أتنبه لهذا ..
رانية كانت فاتنة كليتنا. أعتقد أن كل طالب في الكلية قد حلم بأن يعطيها زهرة .. أما الطلاب الأكثر وقاحة وثراء فكانوا يحلمون بأن تعطيهم هي زهرة ..
رانية كانت فاتنة كليتنا وكانت كذلك صديقتي .. السبب كما قالت هو إنني الإنسان المحترم الوحيد الذي لم يسبل عينيه ويعلن أنه يهيم بها. بهذه العبارة وضعت سدادة من الفلين على فمي كأنني زجاجة زيت تموين، ولم يعد واردًا بأي شكل أن أظهر لها ما أخفيه ..
في السنة النهائية تقدم لرانية عريس ثري أمضى معظم حياته في الخارج، وقد قبلت الزواج منه لأنها بالطبع لن تقبل بأي واحد من هؤلاء المتشردين زملائها في الكلية. ودعتني مع مجموعة من الأصدقاء فتيات وفتيان إلى الزفاف...
ذهبنا في الموعد المقرر إلى النادي لنجد مشهدًا من ألف ليلة وليلة.. حمام السباحة يسبح في الأضواء الملونة، على حين تطفو فوق الماء بالونات وورود.. وهناك فتيات صغيرات كالفراشات يتواثبن هنا وهناك بينما الفرقة تعزف لحنًا راقيًا ..
المشكلة الوحيدة هي الهاموش، والهاموش هي تلك الحشرة الدقيقة المزعجة التي تطير حولك وتلدغ أنفك فتعطس، أو تلدغ عينيك فتدمعا، أو تلدغ جلدك فتهرش .. لابد من الكثير من الهاموش مع مياه الحمام والإضاءة الليلية ..
كان العريس كما توقعته.. هو يفوقها سنًا بعشر سنوات على الأقل، ووغد متشكك تعلم أن كل الناس الأوغاد مثله لابد من التعامل معهم بحذر. وعندما رآنا نجلس قرب الكوشة راح ينظر لنا في كراهية .. زملاء زوجته في الكلية الذين يماثلونها عمرًا .. هؤلاء الأوغاد .. ليس منهم واحد بالطبع إلا وقد حلم بأنه تزوجها هو أو ربما حلم بما هو أسوأ ..
راح ينظر لنا في مقت شديد ولسان حاله يقول: انتهت اللعبة يا أنذال .. هذه الحسناء لي أنا وحدي وعليكم أن تعودوا لبيوتكم لتعبثوا في أنوفكم وتناموا مبكرًا .. أخيرًا جاء وقت الانصراف، وهكذا مشينا في صف لنصافح الزوجين مهنئين .. العريس يصافح كل واحد منا بينما رانية تقدمه له.. هذا ماجد وهو صديق مخلص .. تشرفنا يا سيد ماجد .. وهذا عصام وهو صديق نبيل .. تشرفنا يا سيد عصام ..
العريس يحتقن ووجهه يحمر ويحمر .. كل هؤلاء يحبونها ؟..
أخيرًا اقترب دوري فضممت سترتي وتوجهت لأصافحه، هنا اخترقت عيني تلك اللدغة من هاموشة وقحة متحمسة ..
أخرجت المنديل ومسحت عيني، لكنها ظلت تدمع بلا انقطاع وأدركت أنها بالتأكيد حمراء كالطماطم. على هذه الصورة دنوت لأصافح العريس .. عين حمراء ودموع تسيل بلا انقطاع ومنديل في يدي .. دعك من تلك الرعشة العصبية التي أصابت زاوية فمي من الألم ..
ـ""أحمد ... صديق نادر ..""
مددت يدي أصافح الرجل وأنا انشق بأنفي لأمنع المخاط من أن يسيل. رأيته يصافحني قد ازدحمت الشكوك على وجهه حتى لم يبق موضع لقدم. صديق زوجته قبل الزواج يأتي ليهنئها في حفل الزفاف دامع العينين متقرح الجفنين .. ما معنى هذا ؟
لابد أنه تذكر (ورد) زوج ليلى العامرية الذي لم يجد حلاً لحب زوجته لقيس سوى أن يقول للأخير: ""أنت حبيب القلب والزوج أنا.."" ، ولابد أنه توقع أن اصعد إلى المسرح لأغني: ""حبيبها لست وحدك .. حبيبها أنا قبلك .. وربما جئت بعدك .. وربما كنت مثلك !""
هكذا ظل يراقبني في شك مجنون ووجهه أحمر كالطماطم المغتاظة، وظلت عيناه تتبعانني حتى وأنا أبتعد .. على باب النادي نظرت فوجدته ما زال ينظر لي ..
حسن .. أنت تعرف ما حدث بعد شهرين .. لقد طلقت رانية .. لست مغرورًا فأزعم أنني كنت السبب الوحيد لكن لا تنكر أنني كنت ما يمكن تسميته (مسمار في نعش العلاقة الزوجية)..
هل السبب أنه مجنون ؟.. أم السبب هي تلك الهاموشة اللعينة ؟.. أم السبب هو حمام السباحة ؟.. لم أكون رأيًا عامًا بعد ، لكني أعدك بتقديم هذا الرأي ضمن الدراسة الأكاديمية المعقدة التي أنوي كتابتها يومًا ما عن علاقة حمامات السباحة بالطلاق.
. ❝ ⏤أحمد خالد توفيق
❞ يومًا ما - عندما أجمع المادة العلمية الكافية - سوف أكتب دراسة علمية أكاديمية رصينة عن العلاقة بين حفلات الزفاف حول حمامات السباحة وارتفاع معدلات الطلاق. لا أريد أن أكون غراب بين لكني لا أتوقع انسجام الزوجين متى رأيت أن الزفاف يُعقد حول حمام سباحة في ناد. سوف يكون بحثًا علميًا مهمًا يبلغ عدد صفحاته نحو مائتي صفحة من القطع المتوسط، وسوف تفرد له مجلة لانست العالمية عددًا كاملاً.
لكن حتى تأتي تلك اللحظة سأكتفي بسرد القصة التي جعلتني أتنبه لهذا .
رانية كانت فاتنة كليتنا. أعتقد أن كل طالب في الكلية قد حلم بأن يعطيها زهرة . أما الطلاب الأكثر وقاحة وثراء فكانوا يحلمون بأن تعطيهم هي زهرة .
رانية كانت فاتنة كليتنا وكانت كذلك صديقتي . السبب كما قالت هو إنني الإنسان المحترم الوحيد الذي لم يسبل عينيه ويعلن أنه يهيم بها. بهذه العبارة وضعت سدادة من الفلين على فمي كأنني زجاجة زيت تموين، ولم يعد واردًا بأي شكل أن أظهر لها ما أخفيه .
في السنة النهائية تقدم لرانية عريس ثري أمضى معظم حياته في الخارج، وقد قبلت الزواج منه لأنها بالطبع لن تقبل بأي واحد من هؤلاء المتشردين زملائها في الكلية. ودعتني مع مجموعة من الأصدقاء فتيات وفتيان إلى الزفاف..
ذهبنا في الموعد المقرر إلى النادي لنجد مشهدًا من ألف ليلة وليلة. حمام السباحة يسبح في الأضواء الملونة، على حين تطفو فوق الماء بالونات وورود. وهناك فتيات صغيرات كالفراشات يتواثبن هنا وهناك بينما الفرقة تعزف لحنًا راقيًا .
المشكلة الوحيدة هي الهاموش، والهاموش هي تلك الحشرة الدقيقة المزعجة التي تطير حولك وتلدغ أنفك فتعطس، أو تلدغ عينيك فتدمعا، أو تلدغ جلدك فتهرش . لابد من الكثير من الهاموش مع مياه الحمام والإضاءة الليلية .
كان العريس كما توقعته. هو يفوقها سنًا بعشر سنوات على الأقل، ووغد متشكك تعلم أن كل الناس الأوغاد مثله لابد من التعامل معهم بحذر. وعندما رآنا نجلس قرب الكوشة راح ينظر لنا في كراهية . زملاء زوجته في الكلية الذين يماثلونها عمرًا . هؤلاء الأوغاد . ليس منهم واحد بالطبع إلا وقد حلم بأنه تزوجها هو أو ربما حلم بما هو أسوأ .
راح ينظر لنا في مقت شديد ولسان حاله يقول: انتهت اللعبة يا أنذال . هذه الحسناء لي أنا وحدي وعليكم أن تعودوا لبيوتكم لتعبثوا في أنوفكم وتناموا مبكرًا . أخيرًا جاء وقت الانصراف، وهكذا مشينا في صف لنصافح الزوجين مهنئين . العريس يصافح كل واحد منا بينما رانية تقدمه له. هذا ماجد وهو صديق مخلص . تشرفنا يا سيد ماجد . وهذا عصام وهو صديق نبيل . تشرفنا يا سيد عصام .
العريس يحتقن ووجهه يحمر ويحمر . كل هؤلاء يحبونها ؟.
أخيرًا اقترب دوري فضممت سترتي وتوجهت لأصافحه، هنا اخترقت عيني تلك اللدغة من هاموشة وقحة متحمسة .
أخرجت المنديل ومسحت عيني، لكنها ظلت تدمع بلا انقطاع وأدركت أنها بالتأكيد حمراء كالطماطم. على هذه الصورة دنوت لأصافح العريس . عين حمراء ودموع تسيل بلا انقطاع ومنديل في يدي . دعك من تلك الرعشة العصبية التي أصابت زاوية فمي من الألم .
ـ""أحمد .. صديق نادر .""
مددت يدي أصافح الرجل وأنا انشق بأنفي لأمنع المخاط من أن يسيل. رأيته يصافحني قد ازدحمت الشكوك على وجهه حتى لم يبق موضع لقدم. صديق زوجته قبل الزواج يأتي ليهنئها في حفل الزفاف دامع العينين متقرح الجفنين . ما معنى هذا ؟
لابد أنه تذكر (ورد) زوج ليلى العامرية الذي لم يجد حلاً لحب زوجته لقيس سوى أن يقول للأخير: ""أنت حبيب القلب والزوج أنا."" ، ولابد أنه توقع أن اصعد إلى المسرح لأغني: ""حبيبها لست وحدك . حبيبها أنا قبلك . وربما جئت بعدك . وربما كنت مثلك !""
هكذا ظل يراقبني في شك مجنون ووجهه أحمر كالطماطم المغتاظة، وظلت عيناه تتبعانني حتى وأنا أبتعد . على باب النادي نظرت فوجدته ما زال ينظر لي .
حسن . أنت تعرف ما حدث بعد شهرين . لقد طلقت رانية . لست مغرورًا فأزعم أنني كنت السبب الوحيد لكن لا تنكر أنني كنت ما يمكن تسميته (مسمار في نعش العلاقة الزوجية).
هل السبب أنه مجنون ؟. أم السبب هي تلك الهاموشة اللعينة ؟. أم السبب هو حمام السباحة ؟. لم أكون رأيًا عامًا بعد ، لكني أعدك بتقديم هذا الرأي ضمن الدراسة الأكاديمية المعقدة التي أنوي كتابتها يومًا ما عن علاقة حمامات السباحة بالطلاق. ❝
❞ أمسكي نصالكِ!
أنتِ أيضاً صحابيَّة!
تُحبين القدوم إلى المسجد حيث النبيُّ ﷺ،
من ذا لا يُحبُّ أن يكون حيث كان حبيبه؟!
وفي المسجد مرَّ رجلٌ معه سِهام،
فقال له النبيُّ ﷺ: أمسِكْ بنصالها!
وقال يوماً: إذا مرَّ أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا ومعه نبل،
فليمسك على نصالها
وليقبض عليها بكفِّه كي لا يصيب أحداً من المسلمين منها شيء!
يا صحابيَّة،
كان نبيُّكِ وحبيبُكِ ﷺ حريصاً أن لا يُصاب أحدٌ من المسلمين بأذى
وإن كان هذا الأذى غير مقصود!
لهذا أمر الرجل الذي مرَّ بالمسجد أن يمسك نِصال سهامه،
على أنَّ النَّصل ليس حكراً على الرماح والسهام،
فاللسان له نصل جارح أيضاً!
وقد يُحدث في الناس جرحاً أعمق،
مما تُحدثه الرماح والسِّهام!
لأنَّ جروح الرماح والسهام تشفى بسرعة،
أما جروح اللسان فلا تلتئم!
إنها تبقى تنزُّ ألماً في القلب،
فأمسكي نصالكِ!
يا صحابيَّة،
إنَّ من أسوأ ما اُبتليَ به الناس في زمننا،
أنهم يخلطون بين الصراحة والوقاحة!
الصراحة حين تُخطىء صديقة لكِ،
فتحدثينها بكل حُب وتخبريها بخطئها،
كي لا تأخذها العزَّة بالإثم!
الصراحة حين تُدافعين عن عرضٍ يُنتهك،
وعن غائبة يُلاك لحمها،
الصراحة حين تُقدمين النصيحة على طبقٍ من لطف،
فتكون لله، وفي الله،
وما عدا ذلك وقاحة!
نعم وقاحة وإن كانت هي الحقيقة!
عندما تخبرين القبيحة أنها قبيحة،
فهذه وقاحة وإن كانت هي الحقيقة!
وعندما تخبرين المرأة الفرحة بفستانها
أنه مضحك وبخلاف الموضة فهذه وقاحة وإن كانت هي الحقيقة!
وعندما تنتقدين تسريحة فلانة فتحزني قلبها أمام الناس،
فهذه وقاحة وإن كانت تسريحتها مضحكة!
ليس كل الحقائق تُقال!
ثم من قال إن من شأنكِ إخبار الناس بالحقائق،
جبر الخواطر أهم من الحقيقة إن لم يكن في الأمر معصية!
والمجاملة أهم من الحقيقة إن لم يكن في الأمر حرام!
فلا تكوني جارحة!
يا صحابيَّة،
إن كلمة قد تقولينها ولا تحسبين أبعادها،
ولا أثرها في نفس من يستمعها،
تنسينها أنتِ أما هو فلا ينام ليلته منها!
ادخلي بيوت الناس عمياء واخرجي منها خرساء!
ما شأنكِ بكيف هي صابرة على زوجها رغم فقره وطبعه،
لماذا تهدمين البيوت، وتفرقين الود!
إن الناس تحتمل واقعها بالعافية،
وكل إنسان فيه ما يكفيه،
فلا تكوني أنتِ والدنيا على الناس!
إن كان عندكِ كلمة حلوة فبارك الله بكِ،
وإن لم يكن عندكِ فبارك الله سكوتكِ،
ما شأنكِ أنتِ بالسبب الذي
لا يجعل جارتكِ تشتري ثوباً جديداً لكل مناسبة،
من قال لكِ أنها لا تتمنى ذلك!
ولكن البيوت أسرار وكان الله في عون الناس،
ما شأنكِ أنتِ بالسبب الذي يجعل صديقتكِ
تصبر على أثاث بيتها القديم ولا تقوم بتغييره!
هل كل الناس يستطيعون ما تستطعين؟
هل كل الناس لهم إمكاناتكِ وأموالكِ؟
الناس تعرفُ الحرمان جيداً!
وما من إنسان إلا ويتعذب بما يفقد وما لا يستطيع
فلمَ ترشين الملح على جروح الناس؟!
يا صحابيَّة،
قال حبيبُكِ ﷺ: من كان يُؤمن بالله واليوم الآخر
فليقُلْ خيراً أو ليصمتْ!
هذه هي المعادلة باختصار:
إما كلام جميل، أو صمت جميل!
الكلام أناقة!
أناقة أكثر من الثياب الجميلة،
أناقة أكثر من مستحضرات التجميل،
أناقة أكثر من العطور والمجوهرات،
فكوني أنيقة!
اختاري أجمل العبارات مهما كان المضمون،
الأشياء السيئة يُمكن أن تُقال بأساليب جيدة،
كما أن الأشياء الجيدة تفسدُ بالأساليب السيئة!
رأى أحد الملوك في منامه
أن جميع أسنانه قد سقطتْ أمامه وهو ينظرُ إليها،
فطلب من مساعديه أن يحضروا له من يُعبِّر له الرؤيا،
فلما استمع المُعبِّرُ للرؤيا من الملك،
قال له: إن جميع أهلك سيموتون أمامكَ واحداً تلو الآخر!
فغضبَ الملكُ من كلام المُعبِّر وأمر بحبسه،
ثم طلب من مساعديه أن يحضروا مُعبِّراً غيره!
فلما جاء المُعبِّر الثاني واستمع لرؤيا الملك،
قال له: إنَّ جميع أهلك سيموتون أمامكَ واحداً تلو الآخر،
فغضبَ الملكُ وأمرَ بحبس المُعبر الثاني أيضاً!
ثم طلب من مساعديه أن يحضروا مُعبراً جديداً،
وعندما جاء المُعبِّر الثالث واستمع لرؤيا الملك،
قال له: يا لها من رؤيا جميلة يا جلالة الملك،
أنتَ ستكون أطول أهلك عُمراً!
فرح الملكُ بهذا التأويل وأمر بجائزة للمُعبِّر،
إن التأويل هو نفسه ولا جديد فيه،
فما دام الملك هو الذي سيكون الأطول عمراً في العائلة،
فهذا يعني أن الجميع سيموتون قبله،
لم يختلف التأويل وإنما اختلفَ الأسلوب فقط!
فانتقي أساليبكِ!. ❝ ⏤أدهم شرقاوي
❞ أمسكي نصالكِ!
أنتِ أيضاً صحابيَّة!
تُحبين القدوم إلى المسجد حيث النبيُّ ﷺ،
من ذا لا يُحبُّ أن يكون حيث كان حبيبه؟!
وفي المسجد مرَّ رجلٌ معه سِهام،
فقال له النبيُّ ﷺ: أمسِكْ بنصالها!
وقال يوماً: إذا مرَّ أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا ومعه نبل،
فليمسك على نصالها
وليقبض عليها بكفِّه كي لا يصيب أحداً من المسلمين منها شيء!
يا صحابيَّة،
كان نبيُّكِ وحبيبُكِ ﷺ حريصاً أن لا يُصاب أحدٌ من المسلمين بأذى
وإن كان هذا الأذى غير مقصود!
لهذا أمر الرجل الذي مرَّ بالمسجد أن يمسك نِصال سهامه،
على أنَّ النَّصل ليس حكراً على الرماح والسهام،
فاللسان له نصل جارح أيضاً!
وقد يُحدث في الناس جرحاً أعمق،
مما تُحدثه الرماح والسِّهام!
لأنَّ جروح الرماح والسهام تشفى بسرعة،
أما جروح اللسان فلا تلتئم!
إنها تبقى تنزُّ ألماً في القلب،
فأمسكي نصالكِ!
يا صحابيَّة،
إنَّ من أسوأ ما اُبتليَ به الناس في زمننا،
أنهم يخلطون بين الصراحة والوقاحة!
الصراحة حين تُخطىء صديقة لكِ،
فتحدثينها بكل حُب وتخبريها بخطئها،
كي لا تأخذها العزَّة بالإثم!
الصراحة حين تُدافعين عن عرضٍ يُنتهك،
وعن غائبة يُلاك لحمها،
الصراحة حين تُقدمين النصيحة على طبقٍ من لطف،
فتكون لله، وفي الله،
وما عدا ذلك وقاحة!
نعم وقاحة وإن كانت هي الحقيقة!
عندما تخبرين القبيحة أنها قبيحة،
فهذه وقاحة وإن كانت هي الحقيقة!
وعندما تخبرين المرأة الفرحة بفستانها
أنه مضحك وبخلاف الموضة فهذه وقاحة وإن كانت هي الحقيقة!
وعندما تنتقدين تسريحة فلانة فتحزني قلبها أمام الناس،
فهذه وقاحة وإن كانت تسريحتها مضحكة!
ليس كل الحقائق تُقال!
ثم من قال إن من شأنكِ إخبار الناس بالحقائق،
جبر الخواطر أهم من الحقيقة إن لم يكن في الأمر معصية!
والمجاملة أهم من الحقيقة إن لم يكن في الأمر حرام!
فلا تكوني جارحة!
يا صحابيَّة،
إن كلمة قد تقولينها ولا تحسبين أبعادها،
ولا أثرها في نفس من يستمعها،
تنسينها أنتِ أما هو فلا ينام ليلته منها!
ادخلي بيوت الناس عمياء واخرجي منها خرساء!
ما شأنكِ بكيف هي صابرة على زوجها رغم فقره وطبعه،
لماذا تهدمين البيوت، وتفرقين الود!
إن الناس تحتمل واقعها بالعافية،
وكل إنسان فيه ما يكفيه،
فلا تكوني أنتِ والدنيا على الناس!
إن كان عندكِ كلمة حلوة فبارك الله بكِ،
وإن لم يكن عندكِ فبارك الله سكوتكِ،
ما شأنكِ أنتِ بالسبب الذي
لا يجعل جارتكِ تشتري ثوباً جديداً لكل مناسبة،
من قال لكِ أنها لا تتمنى ذلك!
ولكن البيوت أسرار وكان الله في عون الناس،
ما شأنكِ أنتِ بالسبب الذي يجعل صديقتكِ
تصبر على أثاث بيتها القديم ولا تقوم بتغييره!
هل كل الناس يستطيعون ما تستطعين؟
هل كل الناس لهم إمكاناتكِ وأموالكِ؟
الناس تعرفُ الحرمان جيداً!
وما من إنسان إلا ويتعذب بما يفقد وما لا يستطيع
فلمَ ترشين الملح على جروح الناس؟!
يا صحابيَّة،
قال حبيبُكِ ﷺ: من كان يُؤمن بالله واليوم الآخر
فليقُلْ خيراً أو ليصمتْ!
هذه هي المعادلة باختصار:
إما كلام جميل، أو صمت جميل!
الكلام أناقة!
أناقة أكثر من الثياب الجميلة،
أناقة أكثر من مستحضرات التجميل،
أناقة أكثر من العطور والمجوهرات،
فكوني أنيقة!
اختاري أجمل العبارات مهما كان المضمون،
الأشياء السيئة يُمكن أن تُقال بأساليب جيدة،
كما أن الأشياء الجيدة تفسدُ بالأساليب السيئة!
رأى أحد الملوك في منامه
أن جميع أسنانه قد سقطتْ أمامه وهو ينظرُ إليها،
فطلب من مساعديه أن يحضروا له من يُعبِّر له الرؤيا،
فلما استمع المُعبِّرُ للرؤيا من الملك،
قال له: إن جميع أهلك سيموتون أمامكَ واحداً تلو الآخر!
فغضبَ الملكُ من كلام المُعبِّر وأمر بحبسه،
ثم طلب من مساعديه أن يحضروا مُعبِّراً غيره!
فلما جاء المُعبِّر الثاني واستمع لرؤيا الملك،
قال له: إنَّ جميع أهلك سيموتون أمامكَ واحداً تلو الآخر،
فغضبَ الملكُ وأمرَ بحبس المُعبر الثاني أيضاً!
ثم طلب من مساعديه أن يحضروا مُعبراً جديداً،
وعندما جاء المُعبِّر الثالث واستمع لرؤيا الملك،
قال له: يا لها من رؤيا جميلة يا جلالة الملك،
أنتَ ستكون أطول أهلك عُمراً!
فرح الملكُ بهذا التأويل وأمر بجائزة للمُعبِّر،
إن التأويل هو نفسه ولا جديد فيه،
فما دام الملك هو الذي سيكون الأطول عمراً في العائلة،
فهذا يعني أن الجميع سيموتون قبله،
لم يختلف التأويل وإنما اختلفَ الأسلوب فقط!
فانتقي أساليبكِ!. ❝
❞ “ينظر إلى الترجمة أحيانًا بعين الريبة والحذر، على اعتبار أنها حتى في أرقى مستوياتها لا يمكن أن تفي بالنص الأصلي وأن تؤديه تمامًا. فهي في مرتبة ثانية، في وضع ثانوي، تستمد كيانها من غيرها، بينما يستمد النص كيانه من ذاته. علاقتها به علاقة القمر بالشمس، وهذا بالضبط ما يثير الارتياب؛ لأنها تسعى في الخفاء، وبوقاحة إلى أن تأخذ مكان النص الأصل، وأن تجعله تابعًا لها.”. ❝ ⏤عبد الفتاح كيليطو
❞ ينظر إلى الترجمة أحيانًا بعين الريبة والحذر، على اعتبار أنها حتى في أرقى مستوياتها لا يمكن أن تفي بالنص الأصلي وأن تؤديه تمامًا. فهي في مرتبة ثانية، في وضع ثانوي، تستمد كيانها من غيرها، بينما يستمد النص كيانه من ذاته. علاقتها به علاقة القمر بالشمس، وهذا بالضبط ما يثير الارتياب؛ لأنها تسعى في الخفاء، وبوقاحة إلى أن تأخذ مكان النص الأصل، وأن تجعله تابعًا لها.”. ❝