❞ اللهمَّ لا تجعلني مثله!
أنتِ أيضاً صحابيَّة!
لم ترتوي بعدُ من قصص الأولين،
بكِ عطشٌ إلى أخبارهم يزيدُ مع كل حكاية،
ومن غيرُ المؤيد بالوحي يروي لكِ ما حدث فعلاً؟!
وها أنتِ اليوم مع خبرٍ جديد، وحكايةٍ ماتعةٍ،
وها هو نبيُّكِ وحبيبكِ ﷺ يصحبكِ،
إلى الزمن الغابر على متنٍ قصة!
يقولُ لكِ بصوته العذب:
كانت امرأةٌ تُرضعُ ابناً لها من بني إسرائيل،
فمرَّ بها راكبٌ ذو شارةٍ،
فقالتْ: اللهم اجعلْ ابني مثلها!
فتركَ ثديها وأقبلَ على الراكب وقال: اللهمَّ لا تجعلني مثله!
ثم أقبل على ثديها يمصه،
وجعلَ النبيُّ ﷺ يمصُّ اصبعه ليجعلكِ تعيشين القصة،
وكأنها ترينها أمامكِ الآن!
ثم مُرَّ بأمةٍ تُضربُ،
فقالتْ: اللهم لا تجعل ابني مثلها!
فتركَ ثديها وقال، اللهمَّ اجعلني مثلها!
فقالتْ: ولِمَ ذاكَ؟
فقال: الراكبُ جبارٌ من الجبابرة،
وهذه الأمة يقولون سرقتِ، زنيتِ، ولم تفعل!
يا صحابيَّة،
القصص التي جاء بها الوحيُّ قرآناً أو سُنَّةً،
ليست للمتعة والتسلية وإن كانت ماتعة مسلية،
وإنما هي لتصديق بوقوعها أولاً،
وللعظة، والإعتبار، والعمل بها ثانياً!
فإبراهيم عليه السلام أُلقيَ في النار ولم يحترق حقاً!
وموسى عليه السلام شقَّ البحر بعصاه واقعاً!
ويونس عليه السلام مكث في بطن الحوت يقيناً!
وسليمان عليه السلام حكمَ الجن والإنس والطير فعلاً!
ونوح عليه السلام ركبَ السفينة في موجٍ كالجبال صدقاً!
والسكين لم تذبح إسماعيل عليه السلام أبداً!
والقصص النبوي كالقصص القرآني وحي لا مراء فيه،
فهو ليس مبالغات أبي زيد الهلالي،
ولا مهاترات جلجامش وبحثه عن نبتة الخلود،
ولا تخاريف الإلياذة الإغريقية، أو الشاهنامة الفارسية،
وعندما يُحدُّثكِ نبيُّكِ ﷺ بغرائب الأحاديث،
فكوني على يقين أنَّ هذا وقع فعلاً، والإيمان به واجب!
وإن الطفل الرَّضيع في هذه القصة قد تكلم حقاً في المهد!
تماماً كما تكلم عيسى عليه السلام يوم جاءت به أمه تحمله!
نحن أمة الإيمان بالغيب قبل الصلاة والصيام!
نؤمن بالجنة، والنار،
والصراط، والملائكة، والجن،
ومعجزات الأنبياء
وكل هذا غيب لم نشهده،
وإن لم نؤمن به فلا يصح بعد ذلك لا صلاة ولا صيام!
يا صحابيَّة،
لا تنخدعي بالمظاهر، فهي واللهِ خدَّاعة!
ولا تحكمي على الأشياء بظواهرها فقط فهذا من سوء الفطن!
إنكِ لو سرتِ في طرقات المدينة أيام أبي بكرٍ،
ورأيته بثيابه المتواضعة والأطفال يركضون خلفه ينادونه: يا أبتِ!
لقلتِ يا له من رجل بسيط،
هذا وهو خير الناس بعد الأنبياء!
صاحب رسول الله ﷺ، ورفيقه في الغار،
مؤدب المرتدين، والمدافع عن لا إله إلا الله!
ولو أنكِ مشيتِ في طرقات المدينة أيام خلافة عمر بن الخطاب،
ورأيته يسير بثوبه المرقَّع،
لقلتِ: مسكين لا يجدُ ثوباً أنيقاً،
هذا وهو الذي يهربُ الشيطان منه،
فاروق هذه الأمة، وهازم الإمبراطوريات العظمى،
الرجل الذي أرسى العدل، وأقام الشَّرع!
ولو أنكِ رأيتِ عبد الله بن مسعودٍ يصعدُ شجرةً،
لضحكتِ من دقة ساقيه ونحولها كما ضحك الصحابة،
ولكن النبيَّ ﷺ أخبرهم،
أنَّ هاتين الساقين أثقلُ في الميزان من جبل أُحد!
ولو أنكِ دخلتِ المسجد النبوي،
ورأيتِ حذيفة بن اليمان، وأبا هريرة في أهل الصُّفة،
والصُّفة مكان في المسجد للمساكين الذين لا يجدون طعاماً!
لقلتِ: يا للمساكين!
هذا وحذيفة بن اليمان صاحب سر رسول الله ﷺ!
وأبو هريرة أكثر الصحابة روايةً للحديث!
يا صحابيَّة،
ليس كل مشهورٍ يُغبطُ على ما هو فيه،
البعض على شهرتهم وثرائهم يستحقون الشفقة!
كان أبو جهل يصول ويجول، ويزبد ويرعدُ،
وقد نال بخزي وسام فرعون هذه الأمة!
ولا كل مجهول يُزدرى على ما هو فيه!
البعض على عدم شهرتهم ليتنا كنا مثلهم،
كان البراء بن مالك أشعث أغبر، ذي طمرين،
مدفوع بالأبواب، لا يأبه به أحد،
ولكنه لو أقسم على الله لأبرَّه!
الشهرة فتنة إلا ما كان منها للهِ،
والمال فتنة إلا ما كان منه في سبيل الله،
والعلم فتنة إلا ما كان هدايةً في ذات الله،
فلا تمدي عينيكِ إلى ما أُعطي غيركِ من الدنيا!
وهو نهاية المطاف متاع زائل، وعذاب مؤجل،
الفارس في هذه القصة كان في الظاهر مُهاباً!
ولكنه في الحقيقة كان ظالماً جباراً،
والأمة كانت في الظاهر متهمة مسكينة،
وهي في الحقيقة بريئة وحبيبة إلى الله،
فكوني ابنة الآخرة!
يا صحابيَّة،
نحن ندعو الله بأشياء فلا يعطينا إياها،
هذا لأنه يعلمُ ونحن لا نعلم!
حين يمنعنا اللهُ عطاءً فهذا لرحمته بنا،
كلنا تمنينا أشياء بشدة، وظننا أن حياتنا ستكون جحيماً بدونها،
ثم دعونا، وسألنا الله، فلم يستجب!
ثم مضت الأيام فاكتشفنا أن الجحيم كان لو أخذناها!
نحن البشر نظرنا محدود، وتفكيرنا قاصر،
ولا نرى من المشهد إلا جزءاً ضئيلاً نحسبه المشهد كله!
وإنكِ لو كنتِ من ركاب السفينة التي ثقبها الخضر،
لربما قلتِ: ألا يكفي أننا مساكين حتى نُصاب بتلف مصدر رزقنا؟
ثم تنكشف حجب الغيب ويتبين لكِ،
أنه لولا هذا الثقب لضاعت السفينة كلها!
ولو أنكِ كنتِ والدة الطفل الذي قتله الخضر،
لربما قلتِ: ما ذنبُ طفلٍ صغير أن يُقتل يا رب؟
ثم تنكشف الحُجب، وتنجلي الحقيقة، ويتبين لكِ،
أنه لو لم يمت لسلبَ منكِ دينكِ!
فسبحان من يُكدر علينا دنيانا أحياناً،
ليحفظ علينا ديننا الذي لو تكدر لن تنفعنا بعد ذلك الدنيا كلها!
يا صحابيَّة،
اُنظري إلى منع الله على أنه عطاء يستريحُ قلبكِ،
إنَّ الله تعالى يحمينا بطرقٍ لا نفهمها،
كان أحد الصالحين يقول:
إذا دعوتُ الله بمسألة فحرمتها،
كان فرحي بالحرمان أكثر من فرحي بالعطاء،
لأن العطاء اختياري لنفسي،
والحرمان اختيار الله لي!
فارفعي أكفكِ بالدعاء وسلي ربكِ ما شئتِ!
فإنه يُحِبُّ أن يسمعَ عبده يدعوه،
وفي الأثر أن الله تعالى قال لموسى عليه السلام:
يا موسى، سلني علفَ دابتكَ، وشراكَ نعلكَ، وملحَ عجينتكَ!
فإن أخذتِ جواب دعائكِ، فاحمدي الله مرَّةً،
وإن مُنعتِ فاحمدي الله مرتين!
لأن الخير كل الخير كان أن تُمنعي!
وقد كان عمر بن الخطاب يقول:
لو كُشفت حُجب الغيب ما اختار إنسان قدراً،
غير الذي اختاره الله له!
فاحسني الظن بالله!. ❝ ⏤أدهم شرقاوي
❞ اللهمَّ لا تجعلني مثله! أنتِ أيضاً صحابيَّة! لم ترتوي بعدُ من قصص الأولين، بكِ عطشٌ إلى أخبارهم يزيدُ مع كل حكاية، ومن غيرُ المؤيد بالوحي يروي لكِ ما حدث فعلاً؟! وها أنتِ اليوم مع خبرٍ جديد، وحكايةٍ ماتعةٍ، وها هو نبيُّكِ وحبيبكِ ﷺ يصحبكِ، إلى الزمن الغابر على متنٍ قصة! يقولُ لكِ بصوته العذب: كانت امرأةٌ تُرضعُ ابناً لها من بني إسرائيل، فمرَّ بها راكبٌ ذو شارةٍ، فقالتْ: اللهم اجعلْ ابني مثلها! فتركَ ثديها وأقبلَ على الراكب وقال: اللهمَّ لا تجعلني مثله! ثم أقبل على ثديها يمصه، وجعلَ النبيُّ ﷺ يمصُّ اصبعه ليجعلكِ تعيشين القصة، وكأنها ترينها أمامكِ الآن! ثم مُرَّ بأمةٍ تُضربُ، فقالتْ: اللهم لا تجعل ابني مثلها! فتركَ ثديها وقال، اللهمَّ اجعلني مثلها! فقالتْ: ولِمَ ذاكَ؟ فقال: الراكبُ جبارٌ من الجبابرة، وهذه الأمة يقولون سرقتِ، زنيتِ، ولم تفعل! يا صحابيَّة، القصص التي جاء بها الوحيُّ قرآناً أو سُنَّةً، ليست للمتعة والتسلية وإن كانت ماتعة مسلية، وإنما هي لتصديق بوقوعها أولاً، وللعظة، والإعتبار، والعمل بها ثانياً! فإبراهيم عليه السلام أُلقيَ في النار ولم يحترق حقاً! وموسى عليه السلام شقَّ البحر بعصاه واقعاً! ويونس عليه السلام مكث في بطن الحوت يقيناً! وسليمان عليه السلام حكمَ الجن والإنس والطير فعلاً! ونوح عليه السلام ركبَ السفينة في موجٍ كالجبال صدقاً! والسكين لم تذبح إسماعيل عليه السلام أبداً! والقصص النبوي كالقصص القرآني وحي لا مراء فيه، فهو ليس مبالغات أبي زيد الهلالي، ولا مهاترات جلجامش وبحثه عن نبتة الخلود، ولا تخاريف الإلياذة الإغريقية، أو الشاهنامة الفارسية، وعندما يُحدُّثكِ نبيُّكِ ﷺ بغرائب الأحاديث، فكوني على يقين أنَّ هذا وقع فعلاً، والإيمان به واجب! وإن الطفل الرَّضيع في هذه القصة قد تكلم حقاً في المهد! تماماً كما تكلم عيسى عليه السلام يوم جاءت به أمه تحمله! نحن أمة الإيمان بالغيب قبل الصلاة والصيام! نؤمن بالجنة، والنار، والصراط، والملائكة، والجن، ومعجزات الأنبياء وكل هذا غيب لم نشهده، وإن لم نؤمن به فلا يصح بعد ذلك لا صلاة ولا صيام! يا صحابيَّة، لا تنخدعي بالمظاهر، فهي واللهِ خدَّاعة! ولا تحكمي على الأشياء بظواهرها فقط فهذا من سوء الفطن! إنكِ لو سرتِ في طرقات المدينة أيام أبي بكرٍ، ورأيته بثيابه المتواضعة والأطفال يركضون خلفه ينادونه: يا أبتِ! لقلتِ يا له من رجل بسيط، هذا وهو خير الناس بعد الأنبياء! صاحب رسول الله ﷺ، ورفيقه في الغار، مؤدب المرتدين، والمدافع عن لا إله إلا الله! ولو أنكِ مشيتِ في طرقات المدينة أيام خلافة عمر بن الخطاب، ورأيته يسير بثوبه المرقَّع، لقلتِ: مسكين لا يجدُ ثوباً أنيقاً، هذا وهو الذي يهربُ الشيطان منه، فاروق هذه الأمة، وهازم الإمبراطوريات العظمى، الرجل الذي أرسى العدل، وأقام الشَّرع! ولو أنكِ رأيتِ عبد الله بن مسعودٍ يصعدُ شجرةً، لضحكتِ من دقة ساقيه ونحولها كما ضحك الصحابة، ولكن النبيَّ ﷺ أخبرهم، أنَّ هاتين الساقين أثقلُ في الميزان من جبل أُحد! ولو أنكِ دخلتِ المسجد النبوي، ورأيتِ حذيفة بن اليمان، وأبا هريرة في أهل الصُّفة، والصُّفة مكان في المسجد للمساكين الذين لا يجدون طعاماً! لقلتِ: يا للمساكين! هذا وحذيفة بن اليمان صاحب سر رسول الله ﷺ! وأبو هريرة أكثر الصحابة روايةً للحديث! يا صحابيَّة، ليس كل مشهورٍ يُغبطُ على ما هو فيه، البعض على شهرتهم وثرائهم يستحقون الشفقة! كان أبو جهل يصول ويجول، ويزبد ويرعدُ، وقد نال بخزي وسام فرعون هذه الأمة! ولا كل مجهول يُزدرى على ما هو فيه! البعض على عدم شهرتهم ليتنا كنا مثلهم، كان البراء بن مالك أشعث أغبر، ذي طمرين، مدفوع بالأبواب، لا يأبه به أحد، ولكنه لو أقسم على الله لأبرَّه! الشهرة فتنة إلا ما كان منها للهِ، والمال فتنة إلا ما كان منه في سبيل الله، والعلم فتنة إلا ما كان هدايةً في ذات الله، فلا تمدي عينيكِ إلى ما أُعطي غيركِ من الدنيا! وهو نهاية المطاف متاع زائل، وعذاب مؤجل، الفارس في هذه القصة كان في الظاهر مُهاباً! ولكنه في الحقيقة كان ظالماً جباراً، والأمة كانت في الظاهر متهمة مسكينة، وهي في الحقيقة بريئة وحبيبة إلى الله، فكوني ابنة الآخرة! يا صحابيَّة، نحن ندعو الله بأشياء فلا يعطينا إياها، هذا لأنه يعلمُ ونحن لا نعلم! حين يمنعنا اللهُ عطاءً فهذا لرحمته بنا، كلنا تمنينا أشياء بشدة، وظننا أن حياتنا ستكون جحيماً بدونها، ثم دعونا، وسألنا الله، فلم يستجب! ثم مضت الأيام فاكتشفنا أن الجحيم كان لو أخذناها! نحن البشر نظرنا محدود، وتفكيرنا قاصر، ولا نرى من المشهد إلا جزءاً ضئيلاً نحسبه المشهد كله! وإنكِ لو كنتِ من ركاب السفينة التي ثقبها الخضر، لربما قلتِ: ألا يكفي أننا مساكين حتى نُصاب بتلف مصدر رزقنا؟ ثم تنكشف حجب الغيب ويتبين لكِ، أنه لولا هذا الثقب لضاعت السفينة كلها! ولو أنكِ كنتِ والدة الطفل الذي قتله الخضر، لربما قلتِ: ما ذنبُ طفلٍ صغير أن يُقتل يا رب؟ ثم تنكشف الحُجب، وتنجلي الحقيقة، ويتبين لكِ، أنه لو لم يمت لسلبَ منكِ دينكِ! فسبحان من يُكدر علينا دنيانا أحياناً، ليحفظ علينا ديننا الذي لو تكدر لن تنفعنا بعد ذلك الدنيا كلها! يا صحابيَّة، اُنظري إلى منع الله على أنه عطاء يستريحُ قلبكِ، إنَّ الله تعالى يحمينا بطرقٍ لا نفهمها، كان أحد الصالحين يقول: إذا دعوتُ الله بمسألة فحرمتها، كان فرحي بالحرمان أكثر من فرحي بالعطاء، لأن العطاء اختياري لنفسي، والحرمان اختيار الله لي! فارفعي أكفكِ بالدعاء وسلي ربكِ ما شئتِ! فإنه يُحِبُّ أن يسمعَ عبده يدعوه، وفي الأثر أن الله تعالى قال لموسى عليه السلام: يا موسى، سلني علفَ دابتكَ، وشراكَ نعلكَ، وملحَ عجينتكَ! فإن أخذتِ جواب دعائكِ، فاحمدي الله مرَّةً، وإن مُنعتِ فاحمدي الله مرتين! لأن الخير كل الخير كان أن تُمنعي! وقد كان عمر بن الخطاب يقول: لو كُشفت حُجب الغيب ما اختار إنسان قدراً، غير الذي اختاره الله له! فاحسني الظن بالله! . ❝
❞ دعوة أُم!
أنتِ أيضاً صحابيَّة!
تؤنسكِ أحاديث الأولين وأخبار الأمم الغابرة،
فكيف إذا كانت أحاديثهم وأخبارهم بصوتِ نبيكِ وحبيبك ﷺ
وأنتِ الآن على موعد مع هذا الجمال والجلال،
يقولُ لكِ النبيُّ ﷺ:
كان جُريجُ رجلاً عابداً، فاتخذ صومعةً، فكان فيها،
فأتته أمه وهو يصلي...
فقالتْ: يا جُريج!
فقال: يا رب، أمي وصلاتي!
فأقبلَ على صلاته، فانصرفتْ أمه،
فلما كان الغد أتته وهو يصلي،
فقالتْ: يا جُريج!
فقال: أي رب، أمي وصلاتي!
فأقبلَ على صلاته،
فقالتْ: اللهمَّ لا تُمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات!
فتذاكر بنو إسرائيل جُريجاً وعبادته،
وكانتْ امرأةٌ بغيُّ يُتمثَّلُ بحسنها،
فقالتْ: إن شئتم لأفتننه!
فتعرَّضتْ له، فلم يلتفتْ إليها،
فأتتْ راعياً كان يأوي إلى صومعته فأمكنته من نفسها،
فوقعَ عليها، فحملتْ!
فلما ولدتْ، قالتْ: هذا من جُريج!
فأتوه فاستنزلوه، وهدموا صومعته، وجعلوا يضربونه،
فقال: ما شأنكم؟
قالوا: زنيتَ بهذه البغيِّ، فولدتْ منكَ،
قال: أين الصَّبيُّ؟
فجاؤوا به...
فقال: دعوني حتى أُصلي! فصلَّى...،
فلما انصرفَ أتى الصَّبيَّ، فطعنَ بطنه،
وقال: يا غلام، من أبوك؟
قال: فلانٌ الرَّاعي!
فأقبلوا على جُريج يُقبلونه، ويتمسَّحون به!
وقالوا: نبني لكَ صومعتكَ من ذهبٍ!
قال: لا، أعيدوها من طينٍ كما كانتْ. ففعلوا!
يا صحابيَّة،
الجمالُ نعمة تُصان،
فلا تستخدمي جمالكِ وأنوثتكِ سلاح غواية!
فهذا فعل الغانيات لا فعل العفيفات،
الأنوثة والغنج يأخذان بقلوب الرجال،
فحافظي على نفسكِ أولاً، وعلى الناس ثانياً!
وقد قال الله لمن هُنَّ أطهر منكِ، زوجات النبيِّ ﷺ:
﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا﴾
عندما تُظهرين أنوثتكِ في غير موضعها،
وتكشفين دلالكِ أمام من ليس له،
فستكونين محطَّ طمع، ويُظنُّ بكِ أنكِ سهلة المنال!
اثبتي أمام البائع في السوق،
عرضكِ أغلى من دراهم يحسمها لكِ!
حافظي على رباطة جأشكِ أمام زملاء العمل،
سمعتُكِ لا تُقدَّر بثمن!
لا تفتحي الباب، أو شق منه،
ثم تشتكين إذا ما تسلل منه أحد!
معالجة الأسباب أهون عليكِ من معالجة النتائج!
لتذهب الوظائف إلى الجحيم،
إذا كان ثمنها شيءٌ يمسُّ شرفكِ!
ما كان لكِ من رزقٍ سيأتيكِ رغماً عن الدنيا كلها،
والرزق عند الله لا عند الناس،
وما كان عند اللهِ لا يُؤخذُ بمعصيته!
يا صحابيَّة،
إياكِ والدعاءُ على أولادكِ،
فربما صادفتْ دعوتكِ ساعة استجابة فتهلكينهم،
دعاء الوالدين فتَّاك!
كل ما أصاب جُريج الراهب كان بدعوة أمه،
دعتْ عليه أن ينظر في وجوه المومسات،
فوافقتْ دعوتها ساعة استجابة فأصابه ما قد علمتِ!
رأى عمر بن الخطاب شيخاً كبيراً في السن يده مشلولة،
فسأله: ما الذي أصابك؟
فقال: دعا عليَّ أبي في الجاهلية أن تُشَلَّ، فَشُلَّتْ!
فقال عمر: هذا دعاء الآباء في الجاهلية، فكيف في الإسلام؟!
وفي كتاب أزهار الرياض من أخبار القاضي عياض،
أن الزمخشري كان مقطوع الرِّجل،
فسُئلَ عن ذلك، فقال: هذا بدعاء أُمي!
ذلكَ أني كنتُ في صباي أمسكتُ عصفوراً،
وربطه بخيطٍ في رجله، فجذبته، فانقطعتْ رجله!
فتألمتْ أمي لذلك وقالتْ: قطعَ اللهُ رجلكَ كما قطعتَ رجله!
فلما كبرتُ وكنتُ في سفرٍ إلى بخارى لطلب العلم،
سقطتُ عن الدابة، فانكسرتْ رجلي، ووجبَ قطعها!
أمسكي عليكِ لسانكِ يرحمكِ الله،
الأولاد مُتعبون هذه حقيقة،
ولكن لكِ من كل هذا التعب أجر التربية!
والأولاد يأتون بتصرفاتٍ مستفزة هذا واقع،
ولكن الصبر باب من أبواب الجنة!
ثم إن الدعوة السيئة على الأولاد لو اُستجيبت،
فأنتِ أول من سيكتوي بنارها!
لو دعوتِ على ولدٍ أو بنتٍ بعدم التوفيق،
فسيأتي هذا الولد وهذه البنت عاقين،
ستحرمين نفسكِ من برِّهم في لحظة غضب،
عدم التوفيق شقاء!
وأي راحةٍ لكِ إذا شقيَ أولادكِ،
عودي نفسكِ الدعاء لهم لا عليهم،
استبدلي تلك الدعوات الساحقة الماحقة بأُخرى حلوة جميلة!
قولي للولد: هداكَ الله!
وقولي للبنت: أصلحكِ الله!
وأنتِ أول من سيقطف ثمار هدايتهم وصلاحهم!
يا صحابيَّة،
الصلاة مفزَعُ الصالحين منذ فجر التاريخ،
وعندما نزلتْ بجريج هذه التهمة،
قال: دعوني حتى أُصلي!
فأنجاه الله سبحانه، وبرَّأه من تُهمةٍ نُسبتْ إليه،
ليكن اللهُ ملاذكِ الآمن، وحصنكِ المنيع،
إذا ضاقتْ بكِ الحيلة تصدَّقي،
وإذا سُدَّتْ بوجهكِ الأبواب سارعي في الدعاء،
وإذا تعسَّرتْ الأمور فادخلي كهف الصلاة،
ما أنجى يونس عليه السلام من بطن الحوت إلا تسبيحه واستغفاره،
وما نجا إبراهيم عليه السلام من فرعون وجيشه،
إلا بحسن ظنه بالله!
وما نجا نوحٌ عليه السّلام بالسفينة المصنوعة من الخشب،
إلا لأنه قد ركبَ من قبل سفينة التوحيد!
وما نجا النبيُّ ﷺ وصاحبه يوم الهجرة،
إلا بالتوكل على الله واليقين بالله!
يا أبا بكر: ما ظنك باثنين الله ثالثهما!
يا صحابيَّة،
أهل المعاصي مرضى قلوب، فاحذريهم!
وإنهم يريدون لو كان الناس جميعاً مثلهم،
تلك الزانية أزعجها عفاف جُريج،
فأرادت أن يكون مثلها!
أنتِ بصلاحكِ وعفافكِ تذكرين الناقصين بنقصهم،
المرتشي يؤلمه الأمين لأنه بأمانته يخبره كم هو وضيع!
والزانية تؤلمها العفيفة لأنها بعفتها تخبرها كم هي رخيصة!
ومن قبل قال قوم لوطٍ: ﴿أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾
إن النجس والملوث يختنق بطهارة غيره!
يا صحابيَّة،
لا تُعيري سمعكِ للذين يقعون في أعراض الناس،
اُتهم جريج بالزنا وهو عفيف طاهر،
وصدَّقَ قومه التهمة رغم أنها جاءتْ من زانية استأجروها!
كم عفيفةٍ ظُلمت،
وكم أمينٍ اُتهم بالخيانة،
وكم مُتهم هو من تهمته بريء براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام،
فإذا حُملتْ إلى مسامعكِ تُهمة،
فاجعليها تقفُ عندكِ ولا تنشريها!
فإن كانتْ التهمة حقاً فقد كنتِ رسول إبليس في نشر الفاحشة،
وإن كانتْ كاذبة فقد وقعتِ في أعراض الناس،
من سترَ سُتِر، والمرءُ لا يأخذُ إلا ما كان يُعطيه!
ومن تتبعَ عورات الناس، تتبعَ الله عورته!
اُتهمت الصِّديقة مريم بالزنا،
واُتهم الكليم موسى عليه السلام بأنه يريد أن يُظهر في الأرض الفساد!
واُتهم النبيُّ ﷺ بالكذب والسحر والجنون،
فإذا كان هؤلاء لم ينجوا من الناس،
فكيف يسلمُ الذين هم من دونهم وكلنا دونهم!. ❝ ⏤أدهم شرقاوي
❞ دعوة أُم! أنتِ أيضاً صحابيَّة! تؤنسكِ أحاديث الأولين وأخبار الأمم الغابرة، فكيف إذا كانت أحاديثهم وأخبارهم بصوتِ نبيكِ وحبيبك ﷺ وأنتِ الآن على موعد مع هذا الجمال والجلال، يقولُ لكِ النبيُّ ﷺ: كان جُريجُ رجلاً عابداً، فاتخذ صومعةً، فكان فيها، فأتته أمه وهو يصلي... فقالتْ: يا جُريج! فقال: يا رب، أمي وصلاتي! فأقبلَ على صلاته، فانصرفتْ أمه، فلما كان الغد أتته وهو يصلي، فقالتْ: يا جُريج! فقال: أي رب، أمي وصلاتي! فأقبلَ على صلاته، فقالتْ: اللهمَّ لا تُمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات! فتذاكر بنو إسرائيل جُريجاً وعبادته، وكانتْ امرأةٌ بغيُّ يُتمثَّلُ بحسنها، فقالتْ: إن شئتم لأفتننه! فتعرَّضتْ له، فلم يلتفتْ إليها، فأتتْ راعياً كان يأوي إلى صومعته فأمكنته من نفسها، فوقعَ عليها، فحملتْ! فلما ولدتْ، قالتْ: هذا من جُريج! فأتوه فاستنزلوه، وهدموا صومعته، وجعلوا يضربونه، فقال: ما شأنكم؟ قالوا: زنيتَ بهذه البغيِّ، فولدتْ منكَ، قال: أين الصَّبيُّ؟ فجاؤوا به... فقال: دعوني حتى أُصلي! فصلَّى...، فلما انصرفَ أتى الصَّبيَّ، فطعنَ بطنه، وقال: يا غلام، من أبوك؟ قال: فلانٌ الرَّاعي! فأقبلوا على جُريج يُقبلونه، ويتمسَّحون به! وقالوا: نبني لكَ صومعتكَ من ذهبٍ! قال: لا، أعيدوها من طينٍ كما كانتْ. ففعلوا! يا صحابيَّة، الجمالُ نعمة تُصان، فلا تستخدمي جمالكِ وأنوثتكِ سلاح غواية! فهذا فعل الغانيات لا فعل العفيفات، الأنوثة والغنج يأخذان بقلوب الرجال، فحافظي على نفسكِ أولاً، وعلى الناس ثانياً! وقد قال الله لمن هُنَّ أطهر منكِ، زوجات النبيِّ ﷺ: ﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا﴾ عندما تُظهرين أنوثتكِ في غير موضعها، وتكشفين دلالكِ أمام من ليس له، فستكونين محطَّ طمع، ويُظنُّ بكِ أنكِ سهلة المنال! اثبتي أمام البائع في السوق، عرضكِ أغلى من دراهم يحسمها لكِ! حافظي على رباطة جأشكِ أمام زملاء العمل، سمعتُكِ لا تُقدَّر بثمن! لا تفتحي الباب، أو شق منه، ثم تشتكين إذا ما تسلل منه أحد! معالجة الأسباب أهون عليكِ من معالجة النتائج! لتذهب الوظائف إلى الجحيم، إذا كان ثمنها شيءٌ يمسُّ شرفكِ! ما كان لكِ من رزقٍ سيأتيكِ رغماً عن الدنيا كلها، والرزق عند الله لا عند الناس، وما كان عند اللهِ لا يُؤخذُ بمعصيته! يا صحابيَّة، إياكِ والدعاءُ على أولادكِ، فربما صادفتْ دعوتكِ ساعة استجابة فتهلكينهم، دعاء الوالدين فتَّاك! كل ما أصاب جُريج الراهب كان بدعوة أمه، دعتْ عليه أن ينظر في وجوه المومسات، فوافقتْ دعوتها ساعة استجابة فأصابه ما قد علمتِ! رأى عمر بن الخطاب شيخاً كبيراً في السن يده مشلولة، فسأله: ما الذي أصابك؟ فقال: دعا عليَّ أبي في الجاهلية أن تُشَلَّ، فَشُلَّتْ! فقال عمر: هذا دعاء الآباء في الجاهلية، فكيف في الإسلام؟! وفي كتاب أزهار الرياض من أخبار القاضي عياض، أن الزمخشري كان مقطوع الرِّجل، فسُئلَ عن ذلك، فقال: هذا بدعاء أُمي! ذلكَ أني كنتُ في صباي أمسكتُ عصفوراً، وربطه بخيطٍ في رجله، فجذبته، فانقطعتْ رجله! فتألمتْ أمي لذلك وقالتْ: قطعَ اللهُ رجلكَ كما قطعتَ رجله! فلما كبرتُ وكنتُ في سفرٍ إلى بخارى لطلب العلم، سقطتُ عن الدابة، فانكسرتْ رجلي، ووجبَ قطعها! أمسكي عليكِ لسانكِ يرحمكِ الله، الأولاد مُتعبون هذه حقيقة، ولكن لكِ من كل هذا التعب أجر التربية! والأولاد يأتون بتصرفاتٍ مستفزة هذا واقع، ولكن الصبر باب من أبواب الجنة! ثم إن الدعوة السيئة على الأولاد لو اُستجيبت، فأنتِ أول من سيكتوي بنارها! لو دعوتِ على ولدٍ أو بنتٍ بعدم التوفيق، فسيأتي هذا الولد وهذه البنت عاقين، ستحرمين نفسكِ من برِّهم في لحظة غضب، عدم التوفيق شقاء! وأي راحةٍ لكِ إذا شقيَ أولادكِ، عودي نفسكِ الدعاء لهم لا عليهم، استبدلي تلك الدعوات الساحقة الماحقة بأُخرى حلوة جميلة! قولي للولد: هداكَ الله! وقولي للبنت: أصلحكِ الله! وأنتِ أول من سيقطف ثمار هدايتهم وصلاحهم! يا صحابيَّة، الصلاة مفزَعُ الصالحين منذ فجر التاريخ، وعندما نزلتْ بجريج هذه التهمة، قال: دعوني حتى أُصلي! فأنجاه الله سبحانه، وبرَّأه من تُهمةٍ نُسبتْ إليه، ليكن اللهُ ملاذكِ الآمن، وحصنكِ المنيع، إذا ضاقتْ بكِ الحيلة تصدَّقي، وإذا سُدَّتْ بوجهكِ الأبواب سارعي في الدعاء، وإذا تعسَّرتْ الأمور فادخلي كهف الصلاة، ما أنجى يونس عليه السلام من بطن الحوت إلا تسبيحه واستغفاره، وما نجا إبراهيم عليه السلام من فرعون وجيشه، إلا بحسن ظنه بالله! وما نجا نوحٌ عليه السّلام بالسفينة المصنوعة من الخشب، إلا لأنه قد ركبَ من قبل سفينة التوحيد! وما نجا النبيُّ ﷺ وصاحبه يوم الهجرة، إلا بالتوكل على الله واليقين بالله! يا أبا بكر: ما ظنك باثنين الله ثالثهما! يا صحابيَّة، أهل المعاصي مرضى قلوب، فاحذريهم! وإنهم يريدون لو كان الناس جميعاً مثلهم، تلك الزانية أزعجها عفاف جُريج، فأرادت أن يكون مثلها! أنتِ بصلاحكِ وعفافكِ تذكرين الناقصين بنقصهم، المرتشي يؤلمه الأمين لأنه بأمانته يخبره كم هو وضيع! والزانية تؤلمها العفيفة لأنها بعفتها تخبرها كم هي رخيصة! ومن قبل قال قوم لوطٍ: ﴿أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾ إن النجس والملوث يختنق بطهارة غيره! يا صحابيَّة، لا تُعيري سمعكِ للذين يقعون في أعراض الناس، اُتهم جريج بالزنا وهو عفيف طاهر، وصدَّقَ قومه التهمة رغم أنها جاءتْ من زانية استأجروها! كم عفيفةٍ ظُلمت، وكم أمينٍ اُتهم بالخيانة، وكم مُتهم هو من تهمته بريء براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام، فإذا حُملتْ إلى مسامعكِ تُهمة، فاجعليها تقفُ عندكِ ولا تنشريها! فإن كانتْ التهمة حقاً فقد كنتِ رسول إبليس في نشر الفاحشة، وإن كانتْ كاذبة فقد وقعتِ في أعراض الناس، من سترَ سُتِر، والمرءُ لا يأخذُ إلا ما كان يُعطيه! ومن تتبعَ عورات الناس، تتبعَ الله عورته! اُتهمت الصِّديقة مريم بالزنا، واُتهم الكليم موسى عليه السلام بأنه يريد أن يُظهر في الأرض الفساد! واُتهم النبيُّ ﷺ بالكذب والسحر والجنون، فإذا كان هؤلاء لم ينجوا من الناس، فكيف يسلمُ الذين هم من دونهم وكلنا دونهم! . ❝