[مراجعات] 📘 ❞ دلائل النبوة ط العاصمة ❝ كتاب ــ إسماعيل بن محمد بن الفضل التميي الأصبهاني أبو القاسم اصدار 1992

السيرة النبوية المشرفة - 📖 فيديوهات كتاب ❞ دلائل النبوة ط العاصمة ❝ ــ إسماعيل بن محمد بن الفضل التميي الأصبهاني أبو القاسم 📖

█ _ إسماعيل بن محمد الفضل التميي الأصبهاني أبو القاسم 1992 حصريا كتاب ❞ دلائل النبوة ط العاصمة ❝ عن دار للنشر والتوزيع 2025 العاصمة: نبذة الكتاب : قال شيخ الإٍسلام ابن تيمية رحمه الله: "والآيات والبراهين الدالَّة نبوَّة صلَّى الله عليه وسلَّم كثيرة ويسمِّيها مَن يسمِّيها من النُّظَّار (معجزات) وتسمَّى (دلائل النبوَّة) و(أعلام ونحو ذلك وهذه الألفاظ إذا سُمِّيت بها آيات الأنبياء كانت أدلَّ المقصود لفظ (المعجزات)" [1] ومهما يكن أمرٍ فإن قولنا: النبوة) أصبح لفظًا شائعًا مُستعمَلاً عند العلماء الذين كتبوا هذا الموضوع والمعجزات هي دون شكٍّ النبوَّة أقول: إن المعجزة ظاهِرَة تكرَّرت حياة صلوات وسلامه عليهم لتكون دليلاً صِدْقِ دعواهم وقد قصَّ القرآنُ الكريم علينا كثيرًا أنباء المعجزات التي جاءت مُصَدِّقة لرسل المتقدِّمين أمثال: ناقةِ صالح وعصا موسى وركوبه البحر وإحياءِ عيسى الموتى وإبرائه الأَكْمَه والأَبْرَص ولا بُدَّ أن تتوافَرَ فيها ثلاثة أمور: 1 أنها أمر خارِق للعادة غير جارٍ ما اعتاد الناس سنن الكون والظواهر الطبيعية؛ ولذا فهي قابلة لتفسيرها نحو يجري عادَةً الحياة 2 مقرونة بالتحدِّي تحدِّي المكذِّبين أو الشاكِّين ولا يكون يُتَحدَّونَ القادِرين الإتيان بمثل لم تكن وإلاَّ التحدِّي لا يُتَصوَّر؛ إذ إننا نستطيع تصوُّرَ بطل المُلاكَمة يتحدَّى طفلاً؛ لأن الطفل عاجِزٌ مقابلته وفي ردٌّ لزعم أبي إسحاق النظَّام أنَّ العرب سُلِبوا القدرةَ القرآن مع إمكانهم 3 سالِم المُعارَضَة فمتى أمكن لأحدٍ يُعارِضَ الأمر ويأتي بمثله بَطَلَ معجزة والمعجزة نوعين: حسيَّة وعقليَّة والمُلاحَظ: أكثر معجزات السابِقين حين نجد الكبرى جاء نبيُّنا عقليَّة ونعني بهذه القرآنَ الكريمَ وهناك أخرى للنبي الصحيح أخبارُها وهي ولعلَّ مَرَدَّ إلى هذه الشريعةَ آخِرُ الشرائع وستبقى أَبَدَ الدَّهْرِ يوم القيامة ومن أجل فقد خُصَّت بالمعجزة العقليَّة الباقِيَة ليراها ذوو البصائر كلِّ العصور ومهما تقدَّم الزمان ثَم السابقين السلام قد انقرَضَتْ بانقراض أعصارهم فلم يشاهدها إلا حضَرَها أما معجزةُ فباقيةٌ مستمرَّة وبنحوٍ الذي ذكرنا فسَّر قوله فيما أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما هريرة رضي عنه قال: قال رسولُ وسلَّم: ((ما نبيٌّ أُعطِيَ مثلُه آمَنَ البَشَرُ وإنما كان أُوتِيتُه وَحيًا أَوْحاهُ إليَّ فأرجو أكونَ أكثرَهم تَبَعًا القيامة)) [2] نعم هو أعظم نبيِّنا قومه يَصِفُونه قبل بالصادق الأمين لبث فيهم أربعين سنةً يسمعوا منه شيئًا مثل ثم أوحى إليه الكتابَ فبلَّغهم رسالة الله؛ يقول تعالى: ﴿ قُلْ لَوْ شَاءَ اللهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ * فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ ﴾ [يونس: 16 17] وكان مُعجِزًا للعرب ذوي الفصاحة وأُولي البلاغة تحدَّاهم يقدر أحدٌ منهم معارَضَتِه قرَّر مجرَّد سماع لآياته حُجَّة كبرى وكفى بهذا إعجازه؛ تعالى صَدَدِ الردِّ طلبهم مشيرًا يُغنِي معجزة: وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ رَبِّهِ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ [العنكبوت: 50 51] فأخبَرَ سبحانه: أنزَلَه والذي يُتلى آيةٌ كافٍ الدلالة صدق النبي قائمٌ مقام فلماذا يطلب هؤلاء القوم الآيات؟ أَوَلا يكفيهم يَفوقُ كلَّ نبوَّته؟! ويقول وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ [التوبة: 6]؛ العربيَّ سمع كلام وتذوَّقه قادَه الكلام الإيمان المنصفين؛ لأنه يسمعه مُتَذوِّق مُنصِف وينتهي به هذا؛ أيَّد الواقع التاريخيُّ حدثتنا كتبُ السيرة العربي للقرآن يُوقِفه العظمى ويحمله وأدرك كفَّار قريش فكانوا يَنْهَون كما حكى سبحانه عنهم؛ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ [فصِّلت: 26] وكانوا يسعَوْن جهدهم للحيلولة بين رسول وبين يأتي وفود مكَّة "سيرة هشام" إسلام الطُّفَيل عمرو الدَّوْسِيِّ: قَدِم الطُّفَيْلُ ورسول فمشى رجلٌ وكان شَريفًا شاعرًا لبيبًا فقالوا له: يا طُفَيل إنك قَدِمتَ بلادنا وهذا الرجل أظهرنا أعضل بنا[3] فرَّق جماعَتَنا وشتَّت أمرنا كالسحر يفرِّق أبيه زوجته نخشى عليك وعلى قومك دخل فلا تكلمَنَّه تسمعَنَّ قال الطُّفَيل: فوالله زالوا بي حتى أجمعتُ ألاَّ أسمعَ أكلِّمَه وحشَوْتُ أذني غدوت المسجد كُرْسُفًا[4] فَرَقًا يبلغني شيء وأنا أريد أسمعه فغدَوتُ فإذا قائم يصلِّي الكعبة فقمت قريبًا فأبى يُسمِعَني بعضَ فسمعت كلامًا حسنًا فقلت نفسي: واثكلَ أمِّي! والله إني لَرجلٌ لبيب شاعر يخفى عليَّ الحسنُ القبيح فما يمنعني يقول؟! قبلته وإن قبيحًا تركته فمكثت انصَرَف بيته فاتبعته دخلت فقلت: إنَّ قالوا لي كذا وكذا برحوا يخوِّفونني أمرَك سددتُ بكُرْسُفٍ لئلاَّ أسمع قولك أَبَى قولاً فاعرِضْ أمرك فعرض وتلا سمعت قطُّ أحسن أمرًا أعدل فأسلمتُ وشهدت شهادةَ الحق[5] ونتوقَّع أمثال الحادثة كثيرٌ لقد نبوَّته النبوية المشرفة مجاناً PDF اونلاين يقصد سيرة وهو العلم المختص بجمع ورد وقائع الرسول وصفاته الخُلقية والخَلقية مضافًا إليها غزواته وسراياه عرض شامل لسيرة صلى وسلم خلال أهم كتب النطاق الزماني تشمل نطاقها الزماني ولادة عام الفيل وفاته الثاني عشر شهر ربيع الأول السنة الحادية عشرة للهجرة مجملها ثلاث وستون سنة بالميلادي ( 571 – 632 م ) المكاني ولد مكة وبها عاش سنين حياته نزل الوحي الأربعين العمر ولم يهاجر منها المدينة المنورة الثالثة والخمسين عمره وفي بقية البالغة تزيد وبالإضافة والمدينة خرج الطائف مرتين الهجرة وبعد فتح تبوك أواخر فيمكن اعتبار الحجاز بشكل النطاق المكاني لسيرته الأساس يمكن الرقعة الأصغر للسيرة الأكبر فهو شبه جزيرة يلتحق بالرفيق الأعلى إلّا دانت لدعوته بأكملها وقدمت وفودها وبلغت نواحيها ولاته وعماله للسيرة أهمية عظيمة مسيرة البشرية المسلم خاص وذلك لأنها تعين أمور عديدة : أولاً : فهم : فالقرآن مُنجّمًا تعقيبًا الأحداث تبيينًا لإشكال ردًا استفسار تحليلاً لموقف مواقف حدث مواقع بدر وأُحد والأحزاب وتبوك وكما صلح الحديبية وحادث الإفك وغيرها الحوادث والمشاهد وقراءة المواقف تساعدك ملابسات الحدث وخلفيات الموقف وطبيعته الناحية المكانية والزمانية ثانيًا السُّنّة: فأحيانًا تَردُ مواقفُ السيرةِ كُتب الحديث مقتضب جدًا وأحيانًا يذكر أصحابُ المتون موقفًا موقفين غزوة كاملة يدفع مطالعة للوقوف وخلفياته وزمنه ومكانه مما يعينه فه واستجلاء صورته الحقيقية ثالثًا العقيدة الإسلامية: وذلك السلوك العملي ﷺ عبر مسيرته الحافلة بمواقف والثبات مواجهة المحن والإيذاء والمساومات وتفنيد الشبه والادعاءات يثيرها المشركون والمنافقون حول توحيد الألوهية والبعث بعد الموت والجنة والنار والوحي والنبوة المحاور العقدية تناولتها جامع مانع رابعًا التأسي بالنبي ﷺ: فهي تساعد الاقتداء أخلاقه وسلوكه وجميع أحواله أهله وأصحابه ومع أعداءه أيضاً " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ كَثِيراً [الأحزاب:21] خامسًا مَحبة ﷺ: وفهم سيرته أكبر يقوي محبته النفوس ولأن إِن آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [التوبة:24] « يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ أَكُونَ إِلَيْهِ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ » [ 15 أنس ] سادسًا محبة الصحابة عنهم: فمن تعرف قدْرَ بكر وبذل عمر وبلاء عثمان وشجاعة علي وحلم معاوية وصبر خباب وثبات بلال واجتماعية الطفيل واقتصادية ثمامة وكرم أيوب وفقه معاذ وهمة الجموح وفدائية جحش وقرآنية مسعود وصدق ذر وأمانة عبيدة وعبقرية الحباب وحفظ ودهاء وخطابة سهيل وفروسية الزبير وصمود سماك وأناقة دحية ولباقة حذافة وذكاء سلمان وغيرهم رضوان جميعًا فضلاً فَضلِ أمهات المؤمنين فمن سَبْقَ خديجة وعِلْمَ عائشة وفضل سودة وبركة جويرية وغيرهن عنهن وترى جهادَ الصحابيات؛ ضربن المثل التضحية والبذل دين فستعرف فيها: فضل سمية أيام أسماء نسيبة بنت كعب أُحد غيرهن الصحابيات الجليلات مميزاتها Crystal Clear app kdict png مقالة مفصلة: مزايا النبوية تمتاز بعدة تبعث الثقة والطمأنينة بأحداثها ووقائعها ومنها : صحتها: تعدّ أصح لتاريخ نبي مرسل عرفته يومنا حيث وصلت إلينا أحداثها الثابتة الطرق وأقواها ثبوتاً ذكر جانباً كبيراً ومهماً كسيرته بعض وعلاقاته أصحابه وبعض زوجاته نقلت جزءاً وحظيت بعناية فائقة لتمييز صحيحها سقيمها كُتّاب والمؤلفين اعتمدوا الطريقة الموضوعية تدوين العلمية نقل الأخبار القائمة دراسة الأسانيد والمتون ونقدها يقحموا تصوراتهم الفكرية انطباعاتهم الشخصية وقائعها وضوحها: وذلك لكونها عرضت جميع مراحلها منذ زواج بأمه مفصّل ودقيق بسنوات حدوثها انقطاع غموض النقاد الغربيين: "إن محمداً الوحيد ولد ضوء الشمس" واقعيتها : بالرغم أكرم نبيه الباهرة وحقق له الانتصارات والنجاحات يحققه لغيره البشر يخرجه بشريته وإنسانيته تجعل كالأساطير يحط بهالة التقديس تضفي أوصاف بل متوازنة عرضها لحياته فذكرت مواطن الثناء وذكرت العتاب شمولها: تشمل كل النواحي الإنسانية الفردية والجماعية تحكي الجوانب الاجتماعية حياته؛ كزواجه بزوجاته وأهله تتحدث الشخصية؛ كيتمه وشبابه واستقامته وتجارته وتتحدث جوانب دعوته وما كابده سبيل تبليغها السياسية والإدارية سياسة أمته ورعاية مصالحها وعن العسكرية وسيرته أعدائه بهم في الركن تجد أفضل أُلف الشريفة

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
دلائل النبوة ط العاصمة
كتاب

دلائل النبوة ط العاصمة

ــ إسماعيل بن محمد بن الفضل التميي الأصبهاني أبو القاسم

صدر 1992م عن دار العاصمة للنشر والتوزيع
دلائل النبوة ط العاصمة
كتاب

دلائل النبوة ط العاصمة

ــ إسماعيل بن محمد بن الفضل التميي الأصبهاني أبو القاسم

صدر 1992م عن دار العاصمة للنشر والتوزيع
حول
إسماعيل بن محمد بن الفضل التميي الأصبهاني أبو القاسم ✍️ المؤلف
المتجر أماكن الشراء
دار العاصمة للنشر والتوزيع 🏛 الناشر
مناقشات ومراجعات
QR Code
عن كتاب دلائل النبوة ط العاصمة:
نبذة عن الكتاب :

قال شيخ الإٍسلام ابن تيمية رحمه الله: "والآيات والبراهين الدالَّة على نبوَّة محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - كثيرة... ويسمِّيها مَن يسمِّيها من النُّظَّار (معجزات)، وتسمَّى (دلائل النبوَّة) و(أعلام النبوَّة)، ونحو ذلك، وهذه الألفاظ إذا سُمِّيت بها آيات الأنبياء، كانت أدلَّ على المقصود من لفظ (المعجزات)" [1].

ومهما يكن من أمرٍ، فإن قولنا: (دلائل النبوة) أصبح لفظًا شائعًا مُستعمَلاً عند العلماء الذين كتبوا في هذا الموضوع، والمعجزات هي من دون شكٍّ من دلائل النبوَّة.

أقول: إن المعجزة ظاهِرَة تكرَّرت في حياة الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - لتكون دليلاً على صِدْقِ دعواهم، وقد قصَّ القرآنُ الكريم علينا كثيرًا من أنباء المعجزات التي جاءت مُصَدِّقة لرسل الله المتقدِّمين من أمثال: ناقةِ صالح، وعصا موسى، وركوبه البحر، وإحياءِ عيسى الموتى، وإبرائه الأَكْمَه والأَبْرَص.

ولا بُدَّ في المعجزة من أن تتوافَرَ فيها ثلاثة أمور:

1- أنها أمر خارِق للعادة، غير جارٍ على ما اعتاد الناس من سنن الكون والظواهر الطبيعية؛ ولذا فهي غير قابلة لتفسيرها على نحو ما يجري عادَةً في الحياة.

2- أنها مقرونة بالتحدِّي، تحدِّي المكذِّبين أو الشاكِّين، ولا بُدَّ أن يكون الذين يُتَحدَّونَ من القادِرين على الإتيان بمثل المعجزة إن لم تكن من عند الله، وإلاَّ فإن التحدِّي لا يُتَصوَّر؛ إذ إننا لا نستطيع تصوُّرَ بطل في المُلاكَمة يتحدَّى طفلاً؛ لأن هذا الطفل عاجِزٌ عن مقابلته.

وفي ذلك ردٌّ لزعم أبي إسحاق النظَّام من أنَّ العرب سُلِبوا القدرةَ على الإتيان بمثل القرآن مع إمكانهم ذلك.

3- أنها أمر سالِم عن المُعارَضَة، فمتى أمكن لأحدٍ أن يُعارِضَ هذا الأمر ويأتي بمثله، بَطَلَ أن يكون معجزة.

والمعجزة على نوعين: حسيَّة وعقليَّة.

والمُلاحَظ: أن أكثر معجزات الأنبياء السابِقين كانت حسيَّة، في حين نجد أنَّ المعجزة الكبرى التي جاء بها نبيُّنا محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - عقليَّة، ونعني بهذه المعجزة القرآنَ الكريمَ، وهناك معجزات أخرى حسيَّة للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - جاء في الصحيح أخبارُها وهي كثيرة.

ولعلَّ مَرَدَّ ذلك إلى أن هذه الشريعةَ آخِرُ الشرائع، وستبقى أَبَدَ الدَّهْرِ إلى يوم القيامة، ومن أجل ذلك فقد خُصَّت بالمعجزة العقليَّة الباقِيَة، ليراها ذوو البصائر في كلِّ العصور ومهما تقدَّم الزمان. ومن ثَم فإن معجزات الأنبياء السابقين - عليهم السلام - قد انقرَضَتْ بانقراض أعصارهم، فلم يشاهدها إلا مَن حضَرَها، أما معجزةُ القرآن فباقيةٌ مستمرَّة إلى يوم القيامة.

وبنحوٍ من هذا الذي ذكرنا، فسَّر العلماء قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيما أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ما من الأنبياء نبيٌّ إلا أُعطِيَ ما مثلُه آمَنَ عليه البَشَرُ، وإنما كان الذي أُوتِيتُه وَحيًا أَوْحاهُ الله إليَّ، فأرجو أن أكونَ أكثرَهم تَبَعًا يوم القيامة)) [2].

نعم، إن القرآن الكريم هو أعظم دلائل نبوَّة نبيِّنا محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - الذي كان قومه يَصِفُونه قبل النبوَّة بالصادق الأمين، وقد لبث فيهم أربعين سنةً لم يسمعوا منه شيئًا مثل القرآن، ثم أوحى الله إليه هذا الكتابَ فبلَّغهم رسالة الله؛ يقول تعالى: ﴿ قُلْ لَوْ شَاءَ اللهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ * فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ ﴾ [يونس: 16- 17].

وكان القرآن مُعجِزًا للعرب ذوي الفصاحة وأُولي البلاغة، تحدَّاهم فلم يقدر أحدٌ منهم على معارَضَتِه، وقد قرَّر القرآن أن مجرَّد سماع العرب لآياته حُجَّة كبرى عليهم، وكفى بهذا دليلاً على إعجازه؛ قال الله تعالى في صَدَدِ الردِّ على طلبهم المعجزات، مشيرًا إلى أنَّ هذا الكتابَ يُغنِي عن كلِّ معجزة: ﴿ وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ ﴾ [العنكبوت: 50- 51].

فأخبَرَ سبحانه: أنَّ الكتاب الكريم الذي أنزَلَه، والذي يُتلى عليهم هو آيةٌ من آيات الله، كافٍ في الدلالة على صدق نبوَّة هذا النبي الكريم، قائمٌ مقام معجزات كثيرة، فلماذا يطلب هؤلاء القوم الآيات؟ أَوَلا يكفيهم هذا الكتاب الذي يَفوقُ كلَّ معجزات الأنبياء السابقين في الدلالة على نبوَّته؟!

ويقول تعالى: ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ ﴾ [التوبة: 6]؛ ذلك لأن العربيَّ إذا سمع كلام الله وتذوَّقه قادَه ذلك الكلام إلى الإيمان إن كان من المنصفين؛ لأنه لا يسمعه مُتَذوِّق مُنصِف إلا وينتهي به إلى الإيمان.

هذا؛ وقد أيَّد الواقع التاريخيُّ ذلك، فقد حدثتنا كتبُ السيرة أن مجرَّد سماع العربي للقرآن كان يُوقِفه على المعجزة العظمى، ويحمله ذلك على الإيمان، وأدرك ذلك كفَّار قريش، فكانوا يَنْهَون عن سماع القرآن، كما حكى الله - سبحانه - ذلك عنهم؛ قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ﴾ [فصِّلت: 26].

وكانوا يسعَوْن جهدهم للحيلولة بين رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وبين مَن يأتي من وفود العرب إلى مكَّة، ومن ذلك ما جاء في "سيرة ابن هشام" من إسلام الطُّفَيل بن عمرو الدَّوْسِيِّ: قَدِم الطُّفَيْلُ مكَّة، ورسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بها، فمشى إليه رجلٌ من قريش، وكان الطُّفَيْلُ شَريفًا شاعرًا لبيبًا، فقالوا له: يا طُفَيل، إنك قَدِمتَ بلادنا، وهذا الرجل الذي بين أظهرنا قد أعضل بنا[3]، وقد فرَّق جماعَتَنا وشتَّت أمرنا، وإنما قوله كالسحر، يفرِّق بين الرجل وبين أبيه، وبين الرجل وبين زوجته، وإنما نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل علينا، فلا تكلمَنَّه ولا تسمعَنَّ منه شيئًا.

قال الطُّفَيل: فوالله ما زالوا بي حتى أجمعتُ ألاَّ أسمعَ منه شيئًا، ولا أكلِّمَه، وحشَوْتُ في أذني حين غدوت إلى المسجد كُرْسُفًا[4] فَرَقًا من أن يبلغني شيء من قوله، وأنا لا أريد أن أسمعه.

فغدَوتُ إلى المسجد فإذا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قائم يصلِّي عند الكعبة، فقمت منه قريبًا، فأبى الله إلا أن يُسمِعَني بعضَ قوله، فسمعت كلامًا حسنًا، فقلت في نفسي: واثكلَ أمِّي! والله إني لَرجلٌ لبيب شاعر، ما يخفى عليَّ الحسنُ من القبيح، فما يمنعني أن أسمعَ من هذا الرجل ما يقول؟! فإن كان الذي يأتي به حسنًا قبلته، وإن كان قبيحًا تركته.

فمكثت حتى انصَرَف رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى بيته، فاتبعته، حتى إذا دخل بيته دخلت عليه، فقلت: يا محمد، إنَّ قومك قد قالوا لي كذا وكذا... فوالله ما برحوا يخوِّفونني أمرَك حتى سددتُ أذني، بكُرْسُفٍ لئلاَّ أسمع قولك، ثم أَبَى الله إلا أن يُسمِعَني قولك، فسمعت قولاً حسنًا، فاعرِضْ عليَّ أمرك.

فعرض عليَّ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وتلا عليَّ القرآن، فلا والله ما سمعت قولاً قطُّ أحسن منه، ولا أمرًا أعدل منه، فأسلمتُ وشهدت شهادةَ الحق[5].

ونتوقَّع أن أمثال هذه الحادثة كثيرٌ، لقد كان القرآن الكريم من أعظم دلائل نبوَّته - صلوات الله وسلامه عليه.
الترتيب:

#6K

0 مشاهدة هذا اليوم

#70K

4 مشاهدة هذا الشهر

#27K

10K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 1507.