❞ رحّاله المنسي أرتدي ردائي الأسود، وأشد على كتفي عباءتي الثقيلة اليوم نقيم العزاء : اليوم نقيم العزاء… ليس لسنين مضت فحسب، بل لما تبقى من العمر الذي لم يُعش كما يجب. أدعو من أراد أن يشاركني عزائي، إلى بيتٍ مهجور، غائرٍ في أعماق الغابة الكثيفة، حيث السيول الجارفة تشق طريقها كجراحٍ قديمة، وحيث يسكن ملكٌ لا يُرى، حارسٌ للحدود التي لا يتجاوزها إلا من ذاق مرارة الضياع. . ❝ ⏤محمد الصادق محمد
اليوم نقيم العزاء… ليس لسنين مضت فحسب، بل لما تبقى من العمر الذي لم يُعش كما يجب. أدعو من أراد أن يشاركني عزائي، إلى بيتٍ مهجور، غائرٍ في أعماق الغابة الكثيفة، حيث السيول الجارفة تشق طريقها كجراحٍ قديمة، وحيث يسكن ملكٌ لا يُرى، حارسٌ للحدود التي لا يتجاوزها إلا من ذاق مرارة الضياع.
أرتدي ردائي الأسود، كمن يرتدي ظله، وأجلس في كوخٍ صغير، لا يدخله الضوء، وكأن النور نفسه رفض الدخول. أحضنُ نفسي كما تُحضن وسادة قديمة، وأنتظر القادمين… لكن سبعين شهرًا مضت ولم يأتِ أحد. في يدي حوضٌ من الدموع، أثقله الصمت، وأثقلني الخوف من هذا المكان الذي لا أعرفه، لكنه يعرفني جيدًا. كيف أغادر وأنا مقيد بما لا يُرى؟ القيود ليست حديدًا، بل أفكارًا، وذكريات، وأبوابًا أغلقتها بيدي. أغمضت عيني لأسكب دموعي، لكن دمعةً سوداء نزلت… وكأن الحزن نفسه احترق في داخلي قبل أن يولد.