مصمِّمون من أرض الإبداع والثقافة عرض قائمة بجميع المؤلفين وأصحاب الكتب والكتاب والمترجمين والمراجعين وتفاصيلهم في الجمهورية الفرنسية
❞ ذهب لزيارتها ولكن هذه المره كانت للوداع ...
غاب القمر وسط الغيوم ، وتصارعت الكلاب مع غيرها من الخصوم ، الممر مظلم تماماً ، علي جانبيه لوحات مزروعة في الأرض ، تشير الي أصحاب هذه الرقع، هنا يجتمع الظالم والمظلوم، الغني والفقير ، المؤمن والكافر ، هدوء المكان لا يعني صمته ، فالمقابر وحدها تثور وتعج بالصراخ دون أن يشعر بها أحد ، ثمة قلوب ايضا تشبه المقابر ، تتألم وتعاني في صمت .
واصل المشي علي غير المعتاد اتجاه أحد المدافن
_ أخبريني كيف حالك ؟ لا آمل عن التفكير بكٍ ، حاولت الفرار مرارًا من شعور فقدانك ،والتعايش مع البشر لكني لم أستطع ..
لابد أنكٍ تشعرين أيضا بالوحدة الشديدة مثلي ..
صحيح ! هل تشعرين بالوحدة ؟
ركع علي ركبتيه وهو يتحسس الطوب الحجري .
حتي اغشي عليه من فرط البكاء ، وما انا فتح عينه أخذ يبحث في المكان ، لكن بدون جدوي ، بدأ في سماع أصوات كالاشباح تطارده
˝لن يحترم أحدا شخصاً مثلك أبدا ! استسلم ! استسلم ! استسلم !˝
شعر بالخوف الشديد ، بدأ في الركض ، فسقط علي ركبتيه وصرخ باعلي صوته :
˝ فقط اصمتوا ... ابتعدوا عني ... ابتعدوا عن هنا واختفوا ... ˝
كان هناك من يقترب منه ، اقترب منه شيئاً فشيئا ، نادي بإسمه قائلا :
_ الأمر علي ما يرام، لا بأس يمكنك البقاء هنا .
شعر بالسكون حين سمع هذا الصوت . ❝
❞ *˝جرح عاشق˝*
في ليلةٍ عصيبةٍ يسودها الانكسار والحزن، تلاحقه أفكاره مُتذكرًا كل السلبيات التي احتلَّت كيانه، جرحٌ تلو الآخر، حتى انشق قلبه إربًا صغيرة، يتحدث عقله مع قلبه الهشِّ الذي فقد حريته مُنذ تلك الذكرى؛ لتستحوذ عليه مرارة الأيام، يضحك على ألمه مُتناسيًا إيَّاه، وفي غضونٍ لحظاتٍ يصرخ وكأن ألم العالم تجمع بداخله، ليس مجرد وجعٍ يشعر به، ولكنه يعتري فؤاده فيكاد الحزن أن ينهي عليه، مشاعر مُتضاربة، مزيجٌ بين الخذلان والانكسار، تُسلب إرادته على الحياةِ؛ ليتجه إلى الغرق في أحزانه، تعود على الكتمانٍ ولا يستطيع البوح بما في قلبه؛ حتى انقلب كل شيءٍ حين رآها ثانيةً، ألم ينساها بعد؟ ألم يلتئم الجرح الذي سببته له؟ أقلبه أحمقٌ ليظل مسحورًا بابتسامتها؟
كل هذه الأسئلة تفوه بها عقله مُعنفًا قلبه على كل شيءٍ، فهي من تركته ورحلت دون تفسيرٍ، هي من تخلت عنه ولم تفكر فيما كان يجمعهم، نسيت كل شيءٍ، حبه لها وكلماته التي كان يكررها بأنه لا يستطيع بدونها، كان يريد أن يعانقها ولو لمرةٍ واحدة، ولكنه دون جدوىٰ، فقد ذهبت دون أن تخبره؛ ليستيقظ من دوامة أفكاره على يديها الناعمة، ونظرة عينيها المليئة بالندم، ليزداد غضبه ويثور بجنونٍ تام، وكأنه يريد الفتك بها وإزهاق روحها، ينظر لها بتوجس غير مبالٍ لنزيف قلبه، غير مهتمٍ لصراخات روحه، لم يرى سوى خذلانها، يقف على حافة الجسر وبه قضبانٌ حديدية، تركض خلفه لتنقذه من تبعثر روحه، يريد التخلص من حياته، فقد استسلم لكل شيءٍ، يصرخ بصوته الغليظ بعض الشيء؛ ليستوقف خطواتها المتقدمة نحوه بخوف سائلًا إياها: لمَ فعلتِ هذا؟ ألم يكفي حبي لكِ؟.
تهطل عبراتها على وجنتيها التي تكسوها الحمرة وكأنها في سباقٍ وتريد الفوز حتمًا، تبكي بغزارةٍ ولا تستطيع التفوه بأي شيءٍ، حتى نفذ صبره، يتحرك يمينًا ويسارًا ثم بكي بقوةٍ مما جعل قلبها يتألم قائلًا لها: أنا الآن أحتضر، أنا سأموت حتمًا! لينظر نحو تلك الحفرة التي يراها في الأسفل ويصرخ بها مرةً أخرى متفوهًا: بالنسبة لي كل هذا حقيقي، الحفرة اللعينة في الأرض حقيقة! لم يكن مجرد تخيل، أنا لا أقف على الحافة فقط، ولكنني أسقط فعلًا، يزداد نحيبه وشهقاته، ترتطم قدماه فتسقط أرضًا، خرت قوته ولم يستطيع الصمود أكثر من ذلك، حتى تحدث ثانيةً من بين شهقاته مخبرًا إياها: كذبت على نفسي ذات مرة، عندما قلت إنني أستطيع تجاوز كل ما يحدث، ولكنني لم أستطع أن أتخطى ما فعلته بي، تنظر له بشفقةٍ وتريد الاقتراب منه، ولكنه يمنعها من ذلك، يحاول لمَّ شتاته والوقوف ثانيةً حتى استطاع ذلك، وحينها خطى عدة خطواتٍ ثم قال: لن أسامحكِ، فلم يستطع العالم تدميري، أنتِ فقط من استطعتِ، أنهى حديثه متسندًا على تلك العوائق الحديدية سائرًا نحو مستقبل جديد، تاركًا العنان لذلك الماضي الأليم.
لـ/ إنجي محمد ˝بنت الأزهر˝ . ❝