تسنيم عماد مصطفي - المكتبة - متابَعات ❞تسنيم عماد مصطفي❝
دليل الكتب والمؤلفين ودور النشر والفعاليات الثقافيّة ، اقتباسات و مقتطفات من الكتب ، أقوال المؤلفين ، اقتباسات ومقاطع من الكتب مصنّفة حسب التخصص ، نصوص وصور من الكتب ، وملخصات فيديو للكتب ومراجعات وتقييمات 2025
تنبيه: متصفحك لا يدعم التثبيت على الشاشة الرئيسية.
×
❞ في غمضة عين
في غمضةٍ خاطفة، تبخَّرت رفيقتي مع الريح، كما يتبخَّر السراب حين تهمّْ اليد بلمسه، تعثَّرت أنفاسي، واهتزَّ صدري، واشتعلت في عيني شرارةُ ذهول، كمن شاهد روحه تُنتزع منه على حين غِرَّة، صرختُ... صرخةً لم يكن فيها رجاء، بل ألمٌ خام، عارٍ، يُمزِّق أضلعي، بكيتُ وقلبي ينزف كجرحٍ نُسي في العراء، وحين تهيَّأ لي صوتها، كطيفٍ ساخر، لاحَ بين الشجيرات ظلُّها، ناديتُها... لاستغثتُ بها، رجوتُها أن ترأف بهذا القلب الذي ما عرف غيرها وطنًا، لكن قلبها كان حجارةً في هيئة لحم، لم يرتجف لدمعي، ولا لان لألمي، رمقتني بطرفٍ بارد، نظرةً لا حياة فيها، ثم مضتْ... مضت كما تمضي العواصف، لا تلتفت لخرابها، لم تنظر خلفها، لم تَرَ حزني، ولا كومة الأمل التي انهارت عند قدميها، لكنني لم أيأس، ما زلت أبحث عنها بين شقوق الزمن، أصرخ باسمها في العدم، أدعو – وما عدتُ أؤمن بشيء – أن تلين، أن ترأف، أن تعود، لكن... هل يلين الحجر؟ هل تنبت رحمةٌ في تربة الخيانة؟
وفي هدأة الألم، أسأل نفسي، كمن يُفتّش عن سبب موته: \"كيف فارقتني، وأنا من كنتُ لها عمود الضوء في دُجى انكسارها، أنا الذي حملت ضعفها كما يُحمل الرضيع، فلما اشتدَّ عودها... انكسر ظهري؟\"
أسئلةٌ تنهشني كذئابٍ في ليلٍ طويل، انهارت أحلامي، وتبعثرت أماني، وتصدَّعت ثقتي، والحزن... الحزن تمدَّد في أعماقي كجذور ليلٍ لا يعرف الفجر.
آهٍ... آهٍ من ألمٍ يشقّْ صدري، كما تشقّْ السكاكينُ الصخر.
لـِ ندى العطفي
بيلا. ❝ ⏤Nada Elatfe
❞ في غمضة عين
في غمضةٍ خاطفة، تبخَّرت رفيقتي مع الريح، كما يتبخَّر السراب حين تهمّْ اليد بلمسه، تعثَّرت أنفاسي، واهتزَّ صدري، واشتعلت في عيني شرارةُ ذهول، كمن شاهد روحه تُنتزع منه على حين غِرَّة، صرختُ.. صرخةً لم يكن فيها رجاء، بل ألمٌ خام، عارٍ، يُمزِّق أضلعي، بكيتُ وقلبي ينزف كجرحٍ نُسي في العراء، وحين تهيَّأ لي صوتها، كطيفٍ ساخر، لاحَ بين الشجيرات ظلُّها، ناديتُها.. لاستغثتُ بها، رجوتُها أن ترأف بهذا القلب الذي ما عرف غيرها وطنًا، لكن قلبها كان حجارةً في هيئة لحم، لم يرتجف لدمعي، ولا لان لألمي، رمقتني بطرفٍ بارد، نظرةً لا حياة فيها، ثم مضتْ.. مضت كما تمضي العواصف، لا تلتفت لخرابها، لم تنظر خلفها، لم تَرَ حزني، ولا كومة الأمل التي انهارت عند قدميها، لكنني لم أيأس، ما زلت أبحث عنها بين شقوق الزمن، أصرخ باسمها في العدم، أدعو – وما عدتُ أؤمن بشيء – أن تلين، أن ترأف، أن تعود، لكن.. هل يلين الحجر؟ هل تنبت رحمةٌ في تربة الخيانة؟
وفي هدأة الألم، أسأل نفسي، كمن يُفتّش عن سبب موته: ˝كيف فارقتني، وأنا من كنتُ لها عمود الضوء في دُجى انكسارها، أنا الذي حملت ضعفها كما يُحمل الرضيع، فلما اشتدَّ عودها.. انكسر ظهري؟˝
أسئلةٌ تنهشني كذئابٍ في ليلٍ طويل، انهارت أحلامي، وتبعثرت أماني، وتصدَّعت ثقتي، والحزن.. الحزن تمدَّد في أعماقي كجذور ليلٍ لا يعرف الفجر.
آهٍ.. آهٍ من ألمٍ يشقّْ صدري، كما تشقّْ السكاكينُ الصخر.
❞ جدار الظلام
لم تكن قلعة، بل ندبة غائرة في جغرافيا النسيان، كأن الأرض لفظت شيئًا لم تطقه، فبقيَ يتنفس من تحت التراب، الهواء هناك لا يهبّْ، بل يتنهّْد، كأنَّه تائبٌ لم تُقبل توبته، الجدران مائلةٌ كأكتاف عجوزٍ أُثقلت بخيانةٍ لم يُفصح عنها أحد، لا أسماء، لا وجوه، لا ظلّْ يُثبت أن الحياة مرَّت من هنا، الكل غاب، وترك صدىً يتيمًا يراوح مكانه بين الحجارة، حافرُ حصانٍ مكسور، مرسومٌ على الأرض كخاتمٍ على عقدٍ لم يُكتَب، سيفٌ بلا نصلٍ، وقوسٌ يشبه قوس الهزيمة أكثر من قوس النصر، أصواتٌ لا تُقال، بل تُشمّْ، كرائحة الدم اليابس في هواءٍ لا يتجدد، كل ركنٍ يشهق بصمتٍ، كأنَّ في جوفه وعدًا نُسي، أو ذنبًا دُفن حيًّا، تيجانٌ صدئة، تخجل من ذواتها، تنحني للعدم، العرش لم يكن عرشًا، بل صليبًا خفيًّا من حجرٍ مكسورٍ، ينتظر من يُصلب عليه مجددًا، ثم هناك شيء يتحرَّك، لا كائن، بل فكرة، لا ظلّْ، بل ندم يتغذّى من بقايا الهيبة، خائنٌ لم يُولد من رحم، بل من صمتٍ قديم، يسكن في الفراغ، ويحرس السرّْ الرواية لم يكتبها بشر، بل نُقِشت بخدوش العاج، وصهيلٍ مختنق، وبكاءٍ جافّْ على جدار، القلعة لا تحكي، بل تُجبرك أن تسمع ما لا يُقال، أغمضتُ عيني، هل كنت أرى، أم أن الخراب نفسه كان يحلُم بي؟ ومن كان يتحرَّك خلف الركام؟ الخراب، أم أنا حين تخلَّيتُ عن وجهي؟
لـِ ندى العطفي
بيلا. ❝ ⏤Nada Elatfe
❞ جدار الظلام
لم تكن قلعة، بل ندبة غائرة في جغرافيا النسيان، كأن الأرض لفظت شيئًا لم تطقه، فبقيَ يتنفس من تحت التراب، الهواء هناك لا يهبّْ، بل يتنهّْد، كأنَّه تائبٌ لم تُقبل توبته، الجدران مائلةٌ كأكتاف عجوزٍ أُثقلت بخيانةٍ لم يُفصح عنها أحد، لا أسماء، لا وجوه، لا ظلّْ يُثبت أن الحياة مرَّت من هنا، الكل غاب، وترك صدىً يتيمًا يراوح مكانه بين الحجارة، حافرُ حصانٍ مكسور، مرسومٌ على الأرض كخاتمٍ على عقدٍ لم يُكتَب، سيفٌ بلا نصلٍ، وقوسٌ يشبه قوس الهزيمة أكثر من قوس النصر، أصواتٌ لا تُقال، بل تُشمّْ، كرائحة الدم اليابس في هواءٍ لا يتجدد، كل ركنٍ يشهق بصمتٍ، كأنَّ في جوفه وعدًا نُسي، أو ذنبًا دُفن حيًّا، تيجانٌ صدئة، تخجل من ذواتها، تنحني للعدم، العرش لم يكن عرشًا، بل صليبًا خفيًّا من حجرٍ مكسورٍ، ينتظر من يُصلب عليه مجددًا، ثم هناك شيء يتحرَّك، لا كائن، بل فكرة، لا ظلّْ، بل ندم يتغذّى من بقايا الهيبة، خائنٌ لم يُولد من رحم، بل من صمتٍ قديم، يسكن في الفراغ، ويحرس السرّْ الرواية لم يكتبها بشر، بل نُقِشت بخدوش العاج، وصهيلٍ مختنق، وبكاءٍ جافّْ على جدار، القلعة لا تحكي، بل تُجبرك أن تسمع ما لا يُقال، أغمضتُ عيني، هل كنت أرى، أم أن الخراب نفسه كان يحلُم بي؟ ومن كان يتحرَّك خلف الركام؟ الخراب، أم أنا حين تخلَّيتُ عن وجهي؟
❞ نقش الخُطا
تُنقش خُطايَ على رماد العابرين، ويُدفن حديثي في تجاويف القلوب التي كانت يومًا تُدعى أصدقاء، فالقلب لا ينسى ما جرَّعه من ظلالٍ خانقة وأوهامٍ تنهش ذاكرته، يمرّْ العمر ككابوسٍ يتكرر، وتتساقط الأيام كأشلاء باردة، لكن ما يبقى هو ذاك النقش الغائر في قلوبٍ هجرتني حين اشتدت العتمة، كم من خذلانٍ ذبح قلبي دون رحمة؟ وكم من خناجر غُرِزت في ظهري بأيدٍ كنتُ أظنها ملاذي؟ أكانت جراحاتي من صُنع يدي، أم لعنة قديمة ارتدت إليَّ حين سقط صديقٌ لم أقدر على إنقاذه؟
لا أعلم، لكنِّي أدرك شيئًا واحدًا: \"الحياة لا تنسى من نزف كثيرًا، والزمن يدور كدوامة لا ترحم، وكل أثرٍ سكن قلوبهم، سيعود لي، لا كذكرى، بل كطعنة جديدة في نفس الموضع، وكل نقشٍ حفرتُه في صدورٍ باتت قبورًا، سيعود إليَّ، لا ذكرى، بل شبحًا يهمس باسمي كل ليلة، دون أن يرحل.
لـِ ندى العطفي
بيلا. ❝ ⏤Nada Elatfe
❞ نقش الخُطا
تُنقش خُطايَ على رماد العابرين، ويُدفن حديثي في تجاويف القلوب التي كانت يومًا تُدعى أصدقاء، فالقلب لا ينسى ما جرَّعه من ظلالٍ خانقة وأوهامٍ تنهش ذاكرته، يمرّْ العمر ككابوسٍ يتكرر، وتتساقط الأيام كأشلاء باردة، لكن ما يبقى هو ذاك النقش الغائر في قلوبٍ هجرتني حين اشتدت العتمة، كم من خذلانٍ ذبح قلبي دون رحمة؟ وكم من خناجر غُرِزت في ظهري بأيدٍ كنتُ أظنها ملاذي؟ أكانت جراحاتي من صُنع يدي، أم لعنة قديمة ارتدت إليَّ حين سقط صديقٌ لم أقدر على إنقاذه؟
لا أعلم، لكنِّي أدرك شيئًا واحدًا: ˝الحياة لا تنسى من نزف كثيرًا، والزمن يدور كدوامة لا ترحم، وكل أثرٍ سكن قلوبهم، سيعود لي، لا كذكرى، بل كطعنة جديدة في نفس الموضع، وكل نقشٍ حفرتُه في صدورٍ باتت قبورًا، سيعود إليَّ، لا ذكرى، بل شبحًا يهمس باسمي كل ليلة، دون أن يرحل.