❞ رفقاً بالكلمة
أرقى الناس؟ هو ذاك الذي يمرُّ من بين الناس كنسمة، لا يرفع غبارًا، ولا يترك ضجيجًا. يكتفي بنفسه، ويوقن أن الحديث عن الآخرين لا يزيده قامة، ولا ينقصهم قدرًا. هو الذي كلما همَّ أن ينهش لحم أحدهم، عضَّ لسانه وقال: "ومن أنا؟" الذي إذا رأى زلَّة، ستر. وإذا رأى نعمة، فرح. وإذا سمع خَبرًا، مرَّ عليه مرور الكرام. الرقيُّ ليس في الثياب، ولا في الكريزما، ولا في الدبلوماسية الرقيّ… أن تحفظ غيبة من لا يستطيع أن يدافع عن نفسه، وأن تختار الصمت حين يكون الكلام خيانة. الرقيّ أن تمرّ بخلاف ولا تخلّف وراءك طعنات. أن تختلف مع أحدهم، وتظلّ تدعو له في سرّك. أن تعرف عن الناس ما يسقطهم من عينك، ولكنك تختار ألا تسقطهم من قلبك. أن تسمع حديثًا لم يُدعَكَ إليه، وتنساه كأنك لم تسمعه. أن تحفظ أسرار من أساء إليك، لا لأنك ضعيف، بل لأنك لا تشبهه. أن يكون فيك مئة حكاية تؤلم، ولا تُخرج واحدة منها لتُدين أحدًا. أن تعيش بسلام، وتترك في الناس سلامًا. أن تمضي خفيفًا من مجالس الغيبة، كأنك لم تكن، وتبقى في قلوبهم... كأنك لم تَغب. الصمت؟ ليس دائمًا عجزًا… أحيانًا هو رفعة. هو ما نختاره حين تكون الكلمات رخيصة، والآذان مشغولة بالحُكم لا بالفهم. هو ردّ الحكماء على ضجيجٍ لا يليق بهم أن يكونوا جزءًا منه. الصامتون؟ هم أولئك الذين يعرفون أن الكلمة سهم، وأن بعض السهام لا تُصيب إلا قائلها. فيكتفون بالسكوت، لا لأنهم لا يملكون ما يُقال، بل لأنهم يعلمون أن بعض المعارك لا تستحقّ حتى رصاصة. الكلمة؟ إن خرجت لا تعود، فاخترها كما تختار من تجلس معه عمرك. اجعلها طيّبة، لعلها تُحيي قلبًا، أو ساكنة… لعلها تُنقذ وجهًا من الحُمرة. الرقيّ؟ أن تزن الحروف بميزان الأخلاق، لا بردّات الفعل. وأن تفهم أنّ أجمل الناس… هم أولئك الذين يكتفون بأن يُشبهوا النور، ولا يلتفتون لمن اختار العيش في
:
. ❝ ⏤مجموعة من المؤلفين