إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا... 💬 أقوال محمد بن صالح العثيمين 📖 كتاب تفسير القرآن الكريم - سورة الكهف
- 📖 من ❞ كتاب تفسير القرآن الكريم - سورة الكهف ❝ محمد بن صالح العثيمين 📖
█ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7) قوله تعالى : إنا جعلنا ما الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا قوله فيه مسألتان : الأولى وزينة مفعولان والزينة كل وجه ; فهو عموم لأنه دال بارئه وقال ابن جبير عن عباس : أراد بالزينة الرجال قال مجاهد وروى عكرمة أن الزينة الخلفاء والأمراء أبي نجيح العلماء وقالت فرقة أراد النعم والملابس والثمار والخضرة والمياه ونحو هذا مما ولم يدخل الجبال الصم وكل لا كالحيات والعقارب والقول بالعموم أولى وأن من جهة خلقه وصنعه وإحكامه والآية بسط التسلية أي تهتم يا محمد للدنيا وأهلها فإنا إنما ذلك امتحانا واختبارا لأهلها فمنهم يتدبر ويؤمن ومنهم يكفر ثم يوم القيامة بين أيديهم فلا يعظمن عليك كفرهم نجازيهم الثانية معنى هذه الآية ينظر إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم إن الدنيا خضرة حلوة والله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون وقوله كتاب تفسير القرآن الكريم سورة الكهف مجاناً PDF اونلاين 2025 هي سورةٌ مكيةٌ رقمها 18 تسبق مريم وتلحق الإسراء ترتيب سور عدد آياتها 110 آية وهي السور المكية المتأخرة النزول إذ نزولها 69 تتوسط السورة فهي تقع الجزئين الخامس عشر والسادس 8 صفحات نهاية الجزء و3 بداية السادس تتناول عدة مواضيع تدور حول التحذير الفتن والتبشير والإنذار وذكر بعض المشاهد كما تناولت قصص كقصة أصحاب الذين سُميّت لذكر قصتهم سورة ذوات الفضل وذكرت أحاديث كثيرة ومن أهم فضائلها ذكر قراءتها الجمعة نورٌ الجمعتين إن سبب نزول ذكره مفسرين كابن كثير وغيره: فعن قال: «بعثت قريش النضر بن الحارث وعقبة معيط أحبار يهود بالمدينة فقالوا لهم: سلوهم وصفوا لهم صفته وأخبروهم بقوله فإنهم أهل الكتاب الأول وعندهم علم ليس عندنا الأنبياء فخرجا حتى قدما المدينة فسألوا رسول ﷺ ووصفوا أمره وبعض وقالا: إنكم التوراة وقد جئناكم لتخبرونا صاحبنا فقالت سلوه ثلاث نأمركم بهن فإن أخبركم نبي مرسل وإن لم يفعل فالرجل متقول فروا رأيكم سلوه فتية ذهبوا الدهر كان أمرهم قد شأن عجيب وسلوه رجل طواف بلغ مشارق ومغاربها نبؤه؟ الروح هو؟ بذلك فاتبعوه يخبركم فإنه فاصنعوا بدا لكم فأقبل فقالا: معشر بفصل بينكم وبين أمرنا نسأله أمور فأخبروهم بها فجاءوا فقالوا: أخبرنا فسألوه عما أمروهم به فقال ﷺ: غدا سألتم عنه يستثن فانصرفوا ومكث خمس عشرة ليلة يحدث له وحيا ولا يأتيه جبريل الصلاة والسلام أرجف مكة وقالوا: وعدنا واليوم أصبحنا يخبرنا بشيء سألناه وحتى أحزن مكث الوحي وشق يتكلم جاءه عز وجل بسورة معاتبته إياه حزنه عليهم وخبر سألوه أمر الفتية والرجل الطواف وقول وجل: ﴿وَيَسْأَلونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ﴾ [الكهف:83]» الأصل دروس ألقاها فضيلة الشيخ عثيمين رحمه الدورة العلمية التي عقدها شهر ربيع عام 1419هـ بالجامع الكبير مدينة عنيزة والتي فسر آيات
❞ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7) قوله تعالى : إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا قوله تعالى : إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها فيه مسألتان : الأولى : قوله - تعالى - : ما وزينة مفعولان . والزينة كل ما على وجه الأرض ; فهو عموم لأنه دال على بارئه . وقال ابن جبير عن ابن عباس : أراد بالزينة الرجال ; قال مجاهد . وروى عكرمة عن ابن عباس أن الزينة الخلفاء والأمراء . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس في قوله - تعالى - : إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها قال العلماء : زينة الأرض . وقالت فرقة : أراد النعم والملابس والثمار والخضرة والمياه ، ونحو هذا مما فيه زينة ; ولم يدخل فيه الجبال الصم وكل ما لا زينة فيه كالحيات والعقارب . والقول بالعموم أولى ، وأن كل ما على الأرض فيه زينة من جهة خلقه وصنعه وإحكامه . والآية بسط في التسلية ; أي لا تهتم يا محمد للدنيا وأهلها فإنا إنما جعلنا ذلك امتحانا واختبارا لأهلها ; فمنهم من يتدبر ويؤمن ، ومنهم من يكفر ، ثم يوم القيامة بين أيديهم ; فلا يعظمن عليك كفرهم فإنا نجازيهم . الثانية : معنى هذه الآية ينظر إلى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن الدنيا خضرة حلوة والله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون . وقوله - صلى الله عليه وسلم - : إن أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا قال : وما زهرة الدنيا ؟ قال : بركات الأرض خرجهما مسلم وغيره من حديث أبي سعيد الخدري . والمعنى : أن الدنيا مستطابة في ذوقها معجبة في منظرها كالثمر المستحلى المعجب المرأى ; فابتلى الله بها عباده لينظر أيهم أحسن عملا . أي من أزهد فيها وأترك لها ; ولا سبيل للعباد إلى معصية ما زينه الله إلا [ أن ] يعينه على ذلك . ولهذا كان عمر يقول فيما ذكر البخاري : اللهم إنا لا نستطيع إلا أن نفرح بما زينته لنا ، اللهم إني أسألك أن أنفقه في حقه . فدعا الله أن يعينه على إنفاقه في حقه . وهذا معنى قوله - عليه السلام - : فمن أخذه بطيب نفس بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس كان كالذي يأكل ولا يشبع . وهكذا هو المكثر من الدنيا لا يقنع بما يحصل له منها بل همته جمعها ; وذلك لعدم الفهم عن الله - تعالى - ورسوله ; فإن الفتنة معها حاصلة وعدم السلامة غالبة ، وقد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما أتاه . وقال ابن عطية : كان أبي - رضي الله عنه - يقول في قوله أحسن عملا : أحسن العمل أخذ بحق وإنفاق في حق مع الإيمان وأداء الفرائض واجتناب المحارم والإكثار من المندوب إليه . قلت : هذا قول حسن ، وجيز في ألفاظه بليغ في معناه ، وقد جمعه النبي - صلى الله عليه وسلم - في لفظ واحد وهو قوله لسفيان بن عبد الله الثقفي لما قال : يا رسول الله ، قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك - في رواية : غيرك . قال : قل آمنت بالله ثم استقم خرجه مسلم . وقال سفيان الثوري : أحسن عملا أزهدهم فيها . وكذلك قال أبو عصام العسقلاني : أحسن عملا أترك لها . وقد اختلفت عبارات العلماء في الزهد ; فقال قوم : قصر الأمل وليس بأكل الخشن ولبس العباء ; قاله سفيان الثوري . قال علماؤنا : وصدق - رضي الله عنه - فإن من قصر أمله لم يتأنق في المطعومات ولا يتفنن في الملبوسات ، وأخذ من الدنيا ما تيسر ، واجتزأ منها بما يبلغ . وقال قوم : بغض المحمدة وحب الثناء . وهو قول الأوزاعي ومن ذهب إليه . وقال قوم : ترك الدنيا كلها هو الزهد ; أحب تركها أم كره . وهو قول فضيل . وعن بشر بن الحارث قال : حب الدنيا حب لقاء الناس ، والزهد في الدنيا الزهد في لقاء الناس . وعن الفضيل أيضا : علامة الزهد في الدنيا الزهد في الناس . وقال قوم : لا يكون الزاهد زاهدا حتى يكون ترك الدنيا أحب إليه من أخذها ; قاله إبراهيم بن أدهم . وقال قوم : الزهد أن تزهد في الدنيا بقلبك ; قاله ابن المبارك . وقالت فرقة : الزهد حب الموت . والقول الأول يعم هذه الأقوال بالمعنى فهو أولى. ❝
❞ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7) قوله تعالى : إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا قوله تعالى : إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها فيه مسألتان : الأولى : قوله - تعالى - : ما وزينة مفعولان . والزينة كل ما على وجه الأرض ; فهو عموم لأنه دال على بارئه . وقال ابن جبير عن ابن عباس : أراد بالزينة الرجال ; قال مجاهد . وروى عكرمة عن ابن عباس أن الزينة الخلفاء والأمراء . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس في قوله - تعالى - : إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها قال العلماء : زينة الأرض . وقالت فرقة : أراد النعم والملابس والثمار والخضرة والمياه ، ونحو هذا مما فيه زينة ; ولم يدخل فيه الجبال الصم وكل ما لا زينة فيه كالحيات والعقارب . والقول بالعموم أولى ، وأن كل ما على الأرض فيه زينة من جهة خلقه وصنعه وإحكامه . والآية بسط في التسلية ; أي لا تهتم يا محمد للدنيا وأهلها فإنا إنما جعلنا ذلك امتحانا واختبارا لأهلها ; فمنهم من يتدبر ويؤمن ، ومنهم من يكفر ، ثم يوم القيامة بين أيديهم ; فلا يعظمن عليك كفرهم فإنا نجازيهم . الثانية : معنى هذه الآية ينظر إلى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن الدنيا خضرة حلوة والله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون . وقوله - صلى الله عليه وسلم - : إن أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا قال : وما زهرة الدنيا ؟ قال : بركات الأرض خرجهما مسلم وغيره من حديث أبي سعيد الخدري . والمعنى : أن الدنيا مستطابة في ذوقها معجبة في منظرها كالثمر المستحلى المعجب المرأى ; فابتلى الله بها عباده لينظر أيهم أحسن عملا . أي من أزهد فيها وأترك لها ; ولا سبيل للعباد إلى معصية ما زينه الله إلا [ أن ] يعينه على ذلك . ولهذا كان عمر يقول فيما ذكر البخاري : اللهم إنا لا نستطيع إلا أن نفرح بما زينته لنا ، اللهم إني أسألك أن أنفقه في حقه . فدعا الله أن يعينه على إنفاقه في حقه . وهذا معنى قوله - عليه السلام - : فمن أخذه بطيب نفس بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس كان كالذي يأكل ولا يشبع . وهكذا هو المكثر من الدنيا لا يقنع بما يحصل له منها بل همته جمعها ; وذلك لعدم الفهم عن الله - تعالى - ورسوله ; فإن الفتنة معها حاصلة وعدم السلامة غالبة ، وقد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما أتاه . وقال ابن عطية : كان أبي - رضي الله عنه - يقول في قوله أحسن عملا : أحسن العمل أخذ بحق وإنفاق في حق مع الإيمان وأداء الفرائض واجتناب المحارم والإكثار من المندوب إليه . قلت : هذا قول حسن ، وجيز في ألفاظه بليغ في معناه ، وقد جمعه النبي - صلى الله عليه وسلم - في لفظ واحد وهو قوله لسفيان بن عبد الله الثقفي لما قال : يا رسول الله ، قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك - في رواية : غيرك . قال : قل آمنت بالله ثم استقم خرجه مسلم . وقال سفيان الثوري : أحسن عملا أزهدهم فيها . وكذلك قال أبو عصام العسقلاني : أحسن عملا أترك لها . وقد اختلفت عبارات العلماء في الزهد ; فقال قوم : قصر الأمل وليس بأكل الخشن ولبس العباء ; قاله سفيان الثوري . قال علماؤنا : وصدق - رضي الله عنه - فإن من قصر أمله لم يتأنق في المطعومات ولا يتفنن في الملبوسات ، وأخذ من الدنيا ما تيسر ، واجتزأ منها بما يبلغ . وقال قوم : بغض المحمدة وحب الثناء . وهو قول الأوزاعي ومن ذهب إليه . وقال قوم : ترك الدنيا كلها هو الزهد ; أحب تركها أم كره . وهو قول فضيل . وعن بشر بن الحارث قال : حب الدنيا حب لقاء الناس ، والزهد في الدنيا الزهد في لقاء الناس . وعن الفضيل أيضا : علامة الزهد في الدنيا الزهد في الناس . وقال قوم : لا يكون الزاهد زاهدا حتى يكون ترك الدنيا أحب إليه من أخذها ; قاله إبراهيم بن أدهم . وقال قوم : الزهد أن تزهد في الدنيا بقلبك ; قاله ابن المبارك . وقالت فرقة : الزهد حب الموت . والقول الأول يعم هذه الأقوال بالمعنى فهو أولى .. ❝ ⏤محمد بن صالح العثيمين
❞ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7) قوله تعالى : إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا قوله تعالى : إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها فيه مسألتان : الأولى : قوله - تعالى - : ما وزينة مفعولان . والزينة كل ما على وجه الأرض ; فهو عموم لأنه دال على بارئه . وقال ابن جبير عن ابن عباس : أراد بالزينة الرجال ; قال مجاهد . وروى عكرمة عن ابن عباس أن الزينة الخلفاء والأمراء . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس في قوله - تعالى - : إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها قال العلماء : زينة الأرض . وقالت فرقة : أراد النعم والملابس والثمار والخضرة والمياه ، ونحو هذا مما فيه زينة ; ولم يدخل فيه الجبال الصم وكل ما لا زينة فيه كالحيات والعقارب . والقول بالعموم أولى ، وأن كل ما على الأرض فيه زينة من جهة خلقه وصنعه وإحكامه . والآية بسط في التسلية ; أي لا تهتم يا محمد للدنيا وأهلها فإنا إنما جعلنا ذلك امتحانا واختبارا لأهلها ; فمنهم من يتدبر ويؤمن ، ومنهم من يكفر ، ثم يوم القيامة بين أيديهم ; فلا يعظمن عليك كفرهم فإنا نجازيهم . الثانية : معنى هذه الآية ينظر إلى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن الدنيا خضرة حلوة والله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون . وقوله - صلى الله عليه وسلم - : إن أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا قال : وما زهرة الدنيا ؟ قال : بركات الأرض خرجهما مسلم وغيره من حديث أبي سعيد الخدري . والمعنى : أن الدنيا مستطابة في ذوقها معجبة في منظرها كالثمر المستحلى المعجب المرأى ; فابتلى الله بها عباده لينظر أيهم أحسن عملا . أي من أزهد فيها وأترك لها ; ولا سبيل للعباد إلى معصية ما زينه الله إلا [ أن ] يعينه على ذلك . ولهذا كان عمر يقول فيما ذكر البخاري : اللهم إنا لا نستطيع إلا أن نفرح بما زينته لنا ، اللهم إني أسألك أن أنفقه في حقه . فدعا الله أن يعينه على إنفاقه في حقه . وهذا معنى قوله - عليه السلام - : فمن أخذه بطيب نفس بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس كان كالذي يأكل ولا يشبع . وهكذا هو المكثر من الدنيا لا يقنع بما يحصل له منها بل همته جمعها ; وذلك لعدم الفهم عن الله - تعالى - ورسوله ; فإن الفتنة معها حاصلة وعدم السلامة غالبة ، وقد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما أتاه . وقال ابن عطية : كان أبي - رضي الله عنه - يقول في قوله أحسن عملا : أحسن العمل أخذ بحق وإنفاق في حق مع الإيمان وأداء الفرائض واجتناب المحارم والإكثار من المندوب إليه . قلت : هذا قول حسن ، وجيز في ألفاظه بليغ في معناه ، وقد جمعه النبي - صلى الله عليه وسلم - في لفظ واحد وهو قوله لسفيان بن عبد الله الثقفي لما قال : يا رسول الله ، قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك - في رواية : غيرك . قال : قل آمنت بالله ثم استقم خرجه مسلم . وقال سفيان الثوري : أحسن عملا أزهدهم فيها . وكذلك قال أبو عصام العسقلاني : أحسن عملا أترك لها . وقد اختلفت عبارات العلماء في الزهد ; فقال قوم : قصر الأمل وليس بأكل الخشن ولبس العباء ; قاله سفيان الثوري . قال علماؤنا : وصدق - رضي الله عنه - فإن من قصر أمله لم يتأنق في المطعومات ولا يتفنن في الملبوسات ، وأخذ من الدنيا ما تيسر ، واجتزأ منها بما يبلغ . وقال قوم : بغض المحمدة وحب الثناء . وهو قول الأوزاعي ومن ذهب إليه . وقال قوم : ترك الدنيا كلها هو الزهد ; أحب تركها أم كره . وهو قول فضيل . وعن بشر بن الحارث قال : حب الدنيا حب لقاء الناس ، والزهد في الدنيا الزهد في لقاء الناس . وعن الفضيل أيضا : علامة الزهد في الدنيا الزهد في الناس . وقال قوم : لا يكون الزاهد زاهدا حتى يكون ترك الدنيا أحب إليه من أخذها ; قاله إبراهيم بن أدهم . وقال قوم : الزهد أن تزهد في الدنيا بقلبك ; قاله ابن المبارك . وقالت فرقة : الزهد حب الموت . والقول الأول يعم هذه الأقوال بالمعنى فهو أولى. ❝
❞ وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) قوله : وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا قوله تعالى : وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر الحق رفع على خبر الابتداء المضمر ; أي قل هو الحق . وقيل : هو رفع على الابتداء ، وخبره في قوله من ربكم . ومعنى الآية : قل يا محمد لهؤلاء الذين أغفلنا قلوبهم عن ذكرنا : أيها الناس من ربكم الحق فإليه التوفيق والخذلان ، وبيده الهدى والضلال ، يهدي من يشاء فيؤمن ، ويضل من يشاء فيكفر ; ليس إلي من ذلك شيء ، فالله يؤتي الحق من يشاء وإن كان ضعيفا ، ويحرمه من يشاء وإن كان قويا غنيا ، ولست بطارد المؤمنين لهواكم ; فإن شئتم فآمنوا ، وإن شئتم فاكفروا . وليس هذا بترخيص وتخيير بين الإيمان والكفر ، وإنما هو وعيد وتهديد . أي إن كفرتم فقد أعد لكم النار ، وإن آمنتم فلكم الجنة . إنا أعتدنا أي أعددنا . للظالمين أي للكافرين الجاحدين . نارا أحاط بهم سرادقها قال الجوهري : السرادق واحد السرادقات التي تمد فوق صحن الدار . وكل بيت من كرسف فهو سرادق . قال رؤبة : يا حكم بن المنذر بن الجارود سرادق المجد عليك ممدود يقال : بيت مسردق . وقال سلامة بن جندل يذكر أبرويز وقتله النعمان بن المنذر تحت أرجل الفيلة : هو المدخل النعمان بيتا سماؤه صدور الفيول بعد بيت مسردق وقال ابن الأعرابي : سرادقها سورها . وعن ابن عباس : حائط من نار . الكلبي : وقال ابن الأعرابي : سرادقها سورها . وعن ابن عباس : حائط من نار . الكلبي : عنق تخرج من النار فتحيط بالكفار كالحظيرة . القتبي : السرادق الحجزة التي تكون حول الفسطاط . وقاله ابن عزيز . وقيل : هو دخان يحيط بالكفار يوم القيامة ، وهو الذي ذكره الله - تعالى - في سورة ( والمرسلات ) . حيث يقول : انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب وقوله : وظل من يحموم قاله قتادة . وقيل : إنه البحر المحيط بالدنيا . وروى يعلى بن أمية قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : البحر هو جهنم - ثم تلا - نارا أحاط بهم سرادقها - ثم قال - والله لا أدخلها أبدا ما دمت حيا ولا يصيبني منها قطرة ذكره الماوردي . وخرج ابن المبارك من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لسرادق النار أربع جدر كثف كل جدار مسيرة أربعين سنة . وخرجه أبو عيسى الترمذي ، وقال فيه : حديث حسن صحيح غريب . قلت : وهذا يدل على أن السرادق ما يعلو الكفار من دخان أو نار ، وجدره ما وصف . قوله تعالى : وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه قال ابن عباس : المهل ماء غليظ مثل دردي الزيت . مجاهد : القيح والدم . الضحاك : ماء أسود ، وإن جهنم لسوداء ، وماؤها أسود وشجرها أسود وأهلها سود . وقال أبو عبيدة : هو كل ما أذيب من جواهر الأرض من حديد ورصاص ونحاس وقزدير ، فتموج بالغليان ، فذلك المهل . ونحوه عن ابن مسعود قال سعيد بن جبير : هو الذي قد انتهى حره . وقال : المهل ضرب من القطران ; يقال : مهلت البعير فهو ممهول . وقيل : هو السم . والمعنى في هذه الأقوال متقارب . وفي الترمذي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله كالمهل قال : كعكر الزيت فإذا قربه إلى وجهه سقطت فروة وجهه قال أبو عيسى : هذا حديث إنما نعرفه من حديث رشدين بن سعد ورشدين قد تكلم فيه من قبل حفظه . وخرج عن أبي أمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله : ويسقى من ماء صديد يتجرعه قال : يقرب إلى فيه فكرهه فإذا أدني منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه وإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره . يقول الله - تعالى - وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم يقول وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا قال : حديث غريب . قلت : وهذا يدل على صحة تلك الأقوال ، وأنها مرادة ، والله أعلم . وكذلك نص عليها أهل اللغة . في الصحاح " المهل " النحاس المذاب . ابن الأعرابي : المهل المذاب من الرصاص . وقال أبو عمرو . المهل دردي الزيت . والمهل أيضا القيح والصديد . وفي حديث أبي بكر : ادفنوني في ثوبي هذين فإنهما للمهل والتراب . بئس الشراب وساءت مرتفقا قال مجاهد : معناه مجتمعا ، كأنه ذهب إلى معنى المرافقة . ابن عباس : منزلا . عطاء : مقرا . وقيل مهادا . وقال القتبي : مجلسا ، والمعنى متقارب ; وأصله من المتكأ ، يقال منه : ارتفقت أي اتكأت على المرفق . قال الشاعر : قالت له وارتفقت ألا فتى يسوق بالقوم غزالات الضحى ويقال : ارتفق الرجل إذا نام على مرفقه لا يأتيه نوم . قال أبو ذؤيب الهذلي : نام الخلي وبت الليل مرتفقا كأن عيني فيها الصاب مدبوح الصاب : عصارة شجر مر .. ❝ ⏤محمد بن صالح العثيمين
❞ وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) قوله : وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا قوله تعالى : وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر الحق رفع على خبر الابتداء المضمر ; أي قل هو الحق . وقيل : هو رفع على الابتداء ، وخبره في قوله من ربكم . ومعنى الآية : قل يا محمد لهؤلاء الذين أغفلنا قلوبهم عن ذكرنا : أيها الناس من ربكم الحق فإليه التوفيق والخذلان ، وبيده الهدى والضلال ، يهدي من يشاء فيؤمن ، ويضل من يشاء فيكفر ; ليس إلي من ذلك شيء ، فالله يؤتي الحق من يشاء وإن كان ضعيفا ، ويحرمه من يشاء وإن كان قويا غنيا ، ولست بطارد المؤمنين لهواكم ; فإن شئتم فآمنوا ، وإن شئتم فاكفروا . وليس هذا بترخيص وتخيير بين الإيمان والكفر ، وإنما هو وعيد وتهديد . أي إن كفرتم فقد أعد لكم النار ، وإن آمنتم فلكم الجنة . إنا أعتدنا أي أعددنا . للظالمين أي للكافرين الجاحدين . نارا أحاط بهم سرادقها قال الجوهري : السرادق واحد السرادقات التي تمد فوق صحن الدار . وكل بيت من كرسف فهو سرادق . قال رؤبة : يا حكم بن المنذر بن الجارود سرادق المجد عليك ممدود يقال : بيت مسردق . وقال سلامة بن جندل يذكر أبرويز وقتله النعمان بن المنذر تحت أرجل الفيلة : هو المدخل النعمان بيتا سماؤه صدور الفيول بعد بيت مسردق وقال ابن الأعرابي : سرادقها سورها . وعن ابن عباس : حائط من نار . الكلبي : وقال ابن الأعرابي : سرادقها سورها . وعن ابن عباس : حائط من نار . الكلبي : عنق تخرج من النار فتحيط بالكفار كالحظيرة . القتبي : السرادق الحجزة التي تكون حول الفسطاط . وقاله ابن عزيز . وقيل : هو دخان يحيط بالكفار يوم القيامة ، وهو الذي ذكره الله - تعالى - في سورة ( والمرسلات ) . حيث يقول : انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب وقوله : وظل من يحموم قاله قتادة . وقيل : إنه البحر المحيط بالدنيا . وروى يعلى بن أمية قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : البحر هو جهنم - ثم تلا - نارا أحاط بهم سرادقها - ثم قال - والله لا أدخلها أبدا ما دمت حيا ولا يصيبني منها قطرة ذكره الماوردي . وخرج ابن المبارك من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لسرادق النار أربع جدر كثف كل جدار مسيرة أربعين سنة . وخرجه أبو عيسى الترمذي ، وقال فيه : حديث حسن صحيح غريب . قلت : وهذا يدل على أن السرادق ما يعلو الكفار من دخان أو نار ، وجدره ما وصف . قوله تعالى : وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه قال ابن عباس : المهل ماء غليظ مثل دردي الزيت . مجاهد : القيح والدم . الضحاك : ماء أسود ، وإن جهنم لسوداء ، وماؤها أسود وشجرها أسود وأهلها سود . وقال أبو عبيدة : هو كل ما أذيب من جواهر الأرض من حديد ورصاص ونحاس وقزدير ، فتموج بالغليان ، فذلك المهل . ونحوه عن ابن مسعود قال سعيد بن جبير : هو الذي قد انتهى حره . وقال : المهل ضرب من القطران ; يقال : مهلت البعير فهو ممهول . وقيل : هو السم . والمعنى في هذه الأقوال متقارب . وفي الترمذي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله كالمهل قال : كعكر الزيت فإذا قربه إلى وجهه سقطت فروة وجهه قال أبو عيسى : هذا حديث إنما نعرفه من حديث رشدين بن سعد ورشدين قد تكلم فيه من قبل حفظه . وخرج عن أبي أمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله : ويسقى من ماء صديد يتجرعه قال : يقرب إلى فيه فكرهه فإذا أدني منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه وإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره . يقول الله - تعالى - وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم يقول وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا قال : حديث غريب . قلت : وهذا يدل على صحة تلك الأقوال ، وأنها مرادة ، والله أعلم . وكذلك نص عليها أهل اللغة . في الصحاح " المهل " النحاس المذاب . ابن الأعرابي : المهل المذاب من الرصاص . وقال أبو عمرو . المهل دردي الزيت . والمهل أيضا القيح والصديد . وفي حديث أبي بكر : ادفنوني في ثوبي هذين فإنهما للمهل والتراب . بئس الشراب وساءت مرتفقا قال مجاهد : معناه مجتمعا ، كأنه ذهب إلى معنى المرافقة . ابن عباس : منزلا . عطاء : مقرا . وقيل مهادا . وقال القتبي : مجلسا ، والمعنى متقارب ; وأصله من المتكأ ، يقال منه : ارتفقت أي اتكأت على المرفق . قال الشاعر : قالت له وارتفقت ألا فتى يسوق بالقوم غزالات الضحى ويقال : ارتفق الرجل إذا نام على مرفقه لا يأتيه نوم . قال أبو ذؤيب الهذلي : نام الخلي وبت الليل مرتفقا كأن عيني فيها الصاب مدبوح الصاب : عصارة شجر مر. ❝