❞ خِلافٌ زوجي!
أنتِ أيضاً صحابيَّة!
وتُحبين أن تدخلي بيوت أخواتكِ الصحابيات لتتعلمي
,
فالبيوت تتشابه
, والناس هم الناس في كل عصرٍ
,
وها أنتِ اليوم في رفقة نبيكِ وحبيبكِ ﷺ
وقد جاء لزيارة ابنته فاطمة!
لم يجد النبيُّ ﷺ عليَّ بن أبي طالب في البيت
,
فسأل فاطمة عنه
,
فأخبرته انه قد حدث بينهما خلاف زوجي
,
فخرجَ من البيتِ ولا تعرفُ أين هو الآن!
فتركها النبيُّ ﷺ وخرج أيضاً
,
وطلب من رجلٍ أن يبحث له عن عليِّ
,
فعادَ إليه وأخبره أنه نائم في المسجد
,
فذهبَ إليه
, فإذا هو نائم وقد وضع خدَّه على الأرض
,
وقد أصابَ التراب خدَّه
,
فقال له: قُمْ أبا تُراب!
وجعلَ النبيُّ ﷺ يمسحُ بيده الشريفة التراب عن وجهه!
يا صحابيَّة
,
لعلَّكِ لاحظتِ أن النبيَّ ﷺ لم يسأل ابنته عن سبب الخلاف
,
الذي وقع بينها وبين زوجها
,
ولم يطلب منها أن تسردَ عليه وقائع الحادثة
,
ولا ماذا قالت له
,
ولا ماذا قال لها!
أراد أن يُعلمكِ أن البيوت أسرار!
وقد أحبَّ أن يحفظ سرَّ ابنته
,
فإذا وقع بينكِ وبين زوجكِ خلاف
,
فلا تُسارعي بنشر غسيل هذا الخلاف
,
ولو أمام أهلكِ!
اُتركي الأمر بينكِ وبينه ما استطعتِ
,
فإنكما ستصطلحان نهاية المطاف
,
فلا داعي لأن تتشوه صورة زوجكِ عند أهلكِ
,
دعيهم يحبونه
, ودعيه يُحبُّهم
,
لا تجعليهم يشعرون أنكِ تعيشين في ميدان حرب
,
لأنكِ تُخفين عنهم ساعات الهناءة معه
,
وتنشرين ساعات الخصام !
فالخلاف يبقى صغيراً ما دام حبيساً بين جدران البيت
,
ومتى خرجَ من الباب وتناقله الناس
,
صار ككرة الثلج التي كلما تدحرجتْ صارت أكبر!
يا صحابيَّة
,
الخلافات الزوجية تقعُ في كل البيوت
,
وهي شيء طبيعي جداً!
المهم إذا وقعتْ أن لا تُهدر فيها الكرامات
,
ولا تُستباحُ فيها الحُرمات!
ولا يُفجر فيها بالخصومة!
حتى إذا اصطلحنا بقي أحدنا قادراً
على أن ينظر في عين الآخر!
مشاكل الحياة تُسَوَّى
,
ولكن جروح القلب والكرامة من العسير أن تلتئم!
يا صحابيَّة
,
لا شيء أجمل من خلاف النبلاء!
غضبتْ فاطمة رضي الله عنها فتركها عليُّ وخرج ريثما تهدأ
,
لا تقفي أمام زوجكِ نافشة ريشكِ كالديكِ
,
تردين عليه الكلمة بعشر كلمات
,
اتركيه ريثما يهدأ
,
الردود وقت المشكلة تفاقمها
,
وما يُقال في تلك اللحظة
,
قد يكون موجعاً أكثر من المشكلة نفسها!
تواري قليلاً في غرفتكِ
,
توضئي وصلي ركعتين وأطفئي نار الشيطان
,
إن إبليس يضع عرشه على الماء
,
ثم يبعثُ سراياه
,
فأدناهم منه منزلةً أعظمهم فتنة!
يجيء أحدهم فيقول: فعلتُ كذا وكذا
,
فيقول له: ما صنعتَ شيئاً
,
ثم يجيءُ أحدهم فيقول:
ما تركته حتى فرَّقتُ بينه وبين امرأته
,
فيدنيه إبليسُ منه ويقول له: نعم أنت!
الشيطان يحبُّ أن تستعر الخلافات في البيوت
,
لأن البيوت التي تُسلب الوفاق والرحمة
,
هي بيئة خصبة لكل الآثام والشرور
,
فأغلقي على الشيطان الباب!
يا صحابيَّة
,
مهما حدث بينكِ وبين زوجكِ لا تتركي بيتكِ
,
بيتكِ هو عرشُكِ والملكة لا تُغادر عرشها!
بيتكِ هو حصنُكِ فلا تكشفي نفسكِ
,
أنتِ لديكِ بنات وهُنَّ ينظرنَ إليكِ
,
فلا تزرعي في أذهانهنَّ أن مغادرة البيت هو الحل
,
لا تفسدي صورة زوجكِ في أذهان أولادكِ
,
لا تجعليه وحشاً بلحظة طيش وقلة صبر
,
ولأجل شيءٍ يحدثُ في كل البيوت
,
أوتحسبين أن البيوت التي لا صوت فيها ليس فيها مشاكل
,
مخطئة أنتِ!
كل البيوت فيها مشاكل وخلافات
,
ولكن الناس يعضّون على جراحهم لتستمر الحياة!
يا صحابيَّة
,
جاء أبو بكر الصِّديق لزيارة ابنته عائشة
,
فاستأذن على النبيِّ ﷺ
,
فإذا عائشة ترفعُ صوتها على رسول الله ﷺ
,
فقال لها: يا بنت فلانة ترفعين صوتكِ على النبي ﷺ!
وهمَّ بها ليضربها!
فحالَ النبيُّ ﷺ بينه وبينها
,
ثم خرج أبو بكر فجعل النبيُّ ﷺ يقول لها:
ألمْ تريني حِلتُ بينكِ وبين الرجل؟!
ثم استأذن أبو بكر مرةً أخرى فسمعَ تضاحكهما
,
فقال أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما!
يا صحابيَّة
,
مهما بلغتِ من الإيمان فلن تدركي إيمان عائشة
,
ومهما بلغ زوجكِ من الصلاح
,
فأين هو من صلاح النبيِّ ﷺ
وها قد وقع بينهما خلاف زوجي!
ليست المشكلة الحقيقية أن يقع الخلاف
,
وإنما المشكلة الحقيقية كيف نتصرف في هذا الخلاف؟!
وصحيح أن الرجل هو رب البيت ويتحمل مسؤولية كبيرة فيه
,
ولكن هدوء البيت وسكينته هو وظيفة الزوجة لا الزوج
,
ولا تتعجبي
, أو تتهميني أني أتحزَّبُ للرجال
,
أنتِ زوجتي
, وابنتي
, وأمي
, وأختي
, وعمتي
, وخالتي
,
أنتِ عرضي
, وشرفي
, وأنا في صفِّكِ ومعكِ
,
لهذا أخبركِ بالحقيقة وأضعها نصب عينيكِ
,
واقرئي قول ربكِ:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا﴾
واقرئي قول ربكِ:
﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا﴾
السَّكن والطمأنينة والهدوء هو وظيفة الزوجة
,
صحيح أن الزوج عامل مهم ومؤثر
,
وقد يكون عاملاً مساعداً
, أو عاملاً مُعسراً
,
ولكن السَّكن وظيفتكِ قبل أن تكون وظيفته!
ومتى قمتِ بهذه الوظيفة على أكمل وجه
,
كان كالخاتم في إصبعكِ!. ❝