❞ هديه ﷺ في الجنائز :
كان هديه ﷺ في الجنائز أكمل الهدي
, مخالفاً لهدي سائر الأمم
, مشتملاً على الإحسان إلى الميت ومعاملته بما ينفعه في قبره ويوم معاده
, وعلى الإحسان إلى أهله وأقاربه
, وكان من هديه في الجنائز إقامة العبودية للرب تبارك وتعالى على أكمل الأحوال
, والإحسان إلى الميت وتجهيزه إلى الله على أحسن أحواله وأفضلها
, ووقوفه ووقوف أصحابه صفوفاً يحمدون الله ويستغفرون له
, ويسألون له المغفرة والرحمة والتجاوز عنه
, ثم المشي بين يديه إلى أن يودعوه حفرته
, ثم يقوم هو وأصحابه بين يديه على قبره سائلين له التثبيت أحوج ما كان إليه
, ثم يتعاهده بالزيارة له في قبره
, والسلام عليه والدعاء له كما يتعاهد الحي صاحبه في دار الدنيا
, فأول ذلك تعاهده في مرضه
, وتذكيره الآخرة
, وأمره بالوصية
, والتوبة
, وأمر من حضره بتلقينه شهادة أن لا إله إلا الله لتكون آخر كلامه
, ثم النهي عن عادة الأمم التي لا تؤمِنُ بالبعث والنشور
, مِن لطم الخُدُود
, وشق الثياب
, وحلق الرؤوس
, ورفع الصوت بالندب
, والنياحة وتوابع ذلك
, وسَنَّ ﷺ الخشوع للميت
, والبكاء الذي لا صوت معه
, وحُزْنَ القلب
, وكان يفعل ذلك ويقول ( تَدْمَعُ العَيْنُ وَيَحْزَنُ القَلْبُ وَلَا نَقُولُ إلا ما يُرضِي الرَّبِّ )
, وسَنَّ لأمته الحمد والاسترجاع والرضى عن الله
, ولم يكن ذلك منافياً لدمع العين وحزن القلب
, ولذلك كان ﷺ أرضى الخلقِ عن الله في قضائه
, وأعظمهم
, وبكى مع ذلك يوم موت ابنه إبراهيم رأفة منه
, ورحمة للولد
, ورقة عليه
, والقلب ممتلىء بالرضى عن الله عز وجل وشكره
, واللسانُ مشتغل بذكره وحمده
, وكان من هديه ﷺ الاسراع بتجهيز الميت إلى الله
, وتطهيره
, وتنظيفه
, وتطييبه
, وتكفينه في الثياب البيض
, ثم يُؤتى به إليه
, فيُصلي عليه بعد أن كان يُدعى إلى الميت عند احتضاره فيُقيم عنده حتى يقضي
, ثم يحضر تجهيزه
, ثم يُصلِّي عليه
, ويشيعه إلى قبره
, ثم رأى الصحابة أن ذلك يشق عليه
, فكانوا إذا قضى الميت
, دعوه فحضر
, تجهيزه وغسله وتكفينه
, ثم رأوا أن ذلك يشق عليه
, فكانوا هم يُجهزون
, ميتهم
, ويحملونه إليه ﷺ على سريره
, فيُصلي عليه خارج المسجد
, ولم يكن من هديه الراتب الصلاة عليه في المسجد
, وإنما كان يُصلي على الجنازة خارج المسجد
, وربما كان يصلي أحياناً على الميت في المسجد
, كما صلى على سهيل بن بيضاء وأخيه في المسجد
, ولكن لم يكن ذلك سنته وعادته
, وكان من هديه ﷺ تسجيةُ الميت إذا مات وتغميض عينيه
, وتغطية وجهه و بدنه
, وكان رُبما يُقبل الميت كما قبَّل عثمان بن مظعون وبكى
, وكذلك الصديق أكب عليه
, فقبله بعد موته
, وكان ﷺ يأمر بغسل الميت ثلاثاً أو خمساً
, أو أكثر بحسب ما يراه الغاسل
, ويأمر بالكافور في الغسلة الأخيرة
, وكان لا يُغسل الشُّهَداءَ قَتْلَى المعركة
, وذكر الإمام أحمد أنه نهى عن تغسيلهم
, وكان ينزع عنهم الجلود والحديد ويَدفنُهم في ثيابهم
, ولم يُصل عليهم
, وكان إذا مات المُحرِمُ
, أمر أن يُغسل بماء وسدر
, ويكفن في ثوبيه وهما ثوبا إحرامه
, إزاره ورداؤه وينهى عن تطييبه وتغطية رأسه
, وكان يأمر من ولي الميت أن يُحسن كفنه
, ويُكفنه في البياض
, وينهى عن المغالاة في الكفن
, وكان إذا قصَّرَ الكفن عن سَتر جميع البدن غطّى رأسه
, وجعل على رجليه من العشب.. ❝