وأصل المعاصي كُلها العجز ، فإن العبد يعجز عن أسباب... 💬 أقوال محمد ابن قيم الجوزية 📖 كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل)
- 📖 من ❞ كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل) ❝ محمد ابن قيم الجوزية 📖
█ وأصل المعاصي كُلها العجز فإن العبد يعجز عن أسباب أعمال الطاعات وعن الأسباب التي تبعده وتحول بينه وبينها فيقع فجمع هذا الحديث الشريف استعاذته أصول الشر وفروعه ومباديه وغاياته وموارده ومصادره وهو مشتمل ثماني خصال كُلُّ خصلتين منها قرينتان فقال ﷺ ( أعُوذُ بِكَ مِنَ الهم والحَزَنِ ) وهما قرينان المكروه الوارد القلب ينقسِمُ باعتبار سببه إلى قسمين فإنه إما أن يكون أمراً ماضياً فهو يُحدِث الحَزَنَ وإما توقع أمر مستقبل يُحدث وكلاهما من ما مضى لا يُدفع بالحزن بل بالرضى والحمد والصبر والإيمان بالقدر وقول قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ وما يُستقبل أيضاً بالهم له حيلة دفعه فلا عنه تكون يجزع منه ويلبس لباسه ويأخذ عُدته ويتأهب أهبته اللائقة به ويَسْتَجِن بجُنَّة حصينة التوحيد والتوكل والانطراح بين يدي الرب تعالى والاستسلام والرضى رباً كل شيء ولا يرضى فيما يحب دون يكره فإذا كان هكذا لم يرض الإطلاق فلايرضاه عبداً فالهم والحَزَنُ كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2025 تأليف ابن قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر فيه سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن هديه معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه وقد ألف الكتب أثناء السفر ولم تكن معه أية مصادر ينقل يحتاج إليه أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع ذلك فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت حديث الموضوع الذي يخصه مع العلم القيم يحفظ مسند الإمام أحمد بن حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ وأصل المعاصي كُلها العجز ، فإن العبد يعجز عن أسباب أعمال الطاعات ، وعن الأسباب التي تبعده عن المعاصي ، وتحول بينه وبينها ، فيقع في المعاصي ، فجمع هذا الحديث الشريف في استعاذته أصول الشر وفروعه ، ومباديه وغاياته ، وموارده ومصادره ، وهو مشتمل على ثماني خصال ، كُلُّ خصلتين منها قرينتان فقال ﷺ ( أعُوذُ بِكَ مِنَ الهم والحَزَنِ ) ، وهما قرينان فإن المكروه الوارد على القلب ينقسِمُ باعتبار سببه إلى قسمين ، فإنه إما أن يكون سببه أمراً ماضياً ، فهو يُحدِث الحَزَنَ ، وإما أن يكون توقع أمر مستقبل ، فهو يُحدث الهم ، وكلاهما من العجز ، فإن ما مضى لا يُدفع بالحزن ، بل ،بالرضى والحمد والصبر والإيمان بالقدر ، وقول العبد ( قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ ) ، وما يُستقبل لا يُدفع أيضاً بالهم ، بل إما أن يكون له حيلة في دفعه ، فلا يعجز عنه ، وإما أن لا تكون له حيلة في دفعه ، فلا يجزع منه ، ويلبس له لباسه ، ويأخذ له عُدته ، ويتأهب له أهبته اللائقة به ، ويَسْتَجِن بجُنَّة حصينة من التوحيد والتوكل ، والانطراح بين يدي الرب تعالى ، والاستسلام له والرضى به رباً في كل شيء ، ولا يرضى به رباً فيما يحب دون ما يكره ، فإذا كان هكذا ، لم يرض به رباً على الإطلاق ، فلايرضاه الرب له عبداً على الإطلاق ، فالهم والحَزَنُ لا يَنفَعَانِ العبد البتة ، بل مضرَّتُهما أكثر من منفعتهما ، فإنهما يُضعفان العزم ، ويُوهنان القلب ، ويحولان بين العبد وبين الاجتهاد فيما ينفعه ويقطعان عليه طريق السير ، أو يُنكسانه إلى وراء أو يعوقَانِهِ ويَقِفَانه ، أو يَحْجُبانه عن العَلَمِ الذي كلما رآه شمر إليه وجد في سيره ، فهما حمل ثقيل على ظهر السائر ، بل إن عاقه الهم والحزن عن شهواته وإراداته التي تضره في معاشه ومعاده انتفع به من هذا الوجه ، وهذا من حكمة العزيز الحكيم أن سلط هذَيْنِ الجندَيْنِ على القلوب المعرضة عنه ، الفارغة من محبته ، وخوفه يرضاه ، ورجائه والإنابة إليه والتوكل عليه والأنس به والفرار إليه والانقطاع إليه ، ليردها بما يبتليها به من الهموم والغموم والأحزان والآلام القلبية عن كثير من معاصيها وشهواتها المُرْدِية ، وهذه القلوب في سجن من الجحيم في هذه الدار ، وإن أريد بها الخير كان حظها من سجن الجحيم في معادها ، ولا تزال في هذا السجن حتى تتخلص إلى فضاء التوحيد والإقبال على الله والأنس به وجعل محبته في محل دبيب خواطر القلب ووساوسه ، بحيث يكون ذكره تعالى وحبه وخوفه ورجاؤه والفرح به والابتهاج بذكره هو المستولي على القلب الغالب عليه ، الذي متى فقده فقد قُوتَهُ الذي لا قوام له إلا به ولا بقاء له بدونه ، ولا سبيل إلى خلاص القلب من هذه الآلام التي هي أعظم أمراضه وأفسدها له إلَّا بذلك ، ولا بلاغ إلا بالله وحده ، فإنه لا يُوصل إليه إلا هو ، ولا يأتي بالحسنات إلا هو ، ولا يَصِرف السيئاتِ إِلَّا هو ، ولا يدلُّ عليه إلا هو ، وإذا أرادَ عَبْدَه لأمر هيَّأه له ، فمنه الإيجاد ومنه الإعداد ومنه الإمداد وإذا أقامه في مقام أي مقام كان ، فبحمده أقامه فيه وبحكمته أقامه فيه ، ولا يليق به غيره ولا يصلح له سواه ، ولا مانع لما أعطى الله ، ولا معطي لما يمنع فيكون بمنعه ظالماً له ، بل إنما منعه ليتوسل إليه بمحابه ليعبده ، وليتضرع إليه ويتذلل بين يديه ويتملقه ، ويُعطي فقره إليه حقه ، بحيث يشهد في كل ذرة من ذراته الباطنة والظاهرة فاقة تامة إليه على تعاقب الأنفاس ، وهذا هو الواقع في نفس الأمر ، وإن لم يشهده العبد فلم يمنع الرب عبده ما العبد محتاج إليه بخلاً منه ، ولا نقصاً من خزائنه ، ولا استثاراً عليه بما حق للعبد ، بل منعه ليرده إليه وليعزه بالتذلل له وليغنيه بالافتقار إليه وليَجْبُرَهُ بالانكسار بين يديه وليذيقه بمرارة المنع حلاوة الخضوع له ولذة الفقر إليه وليلبسه خلعة العبودية ويوليه بعزه أشرف الولايات ، وليُشهده حكمته في قدرته ورحمته في عزته ويره ولطفه في قهره ، وأن منعه عطاء ، وعزله تولية وعقوبته تأديب وامتحانه محبة وعطية وتسليط أعدائه عليه سائق يسوقه به إليه. ❝
❞ وأصل المعاصي كُلها العجز ، فإن العبد يعجز عن أسباب أعمال الطاعات ، وعن الأسباب التي تبعده عن المعاصي ، وتحول بينه وبينها ، فيقع في المعاصي ، فجمع هذا الحديث الشريف في استعاذته أصول الشر وفروعه ، ومباديه وغاياته ، وموارده ومصادره ، وهو مشتمل على ثماني خصال ، كُلُّ خصلتين منها قرينتان فقال ﷺ ( أعُوذُ بِكَ مِنَ الهم والحَزَنِ ) ، وهما قرينان فإن المكروه الوارد على القلب ينقسِمُ باعتبار سببه إلى قسمين ، فإنه إما أن يكون سببه أمراً ماضياً ، فهو يُحدِث الحَزَنَ ، وإما أن يكون توقع أمر مستقبل ، فهو يُحدث الهم ، وكلاهما من العجز ، فإن ما مضى لا يُدفع بالحزن ، بل ،بالرضى والحمد والصبر والإيمان بالقدر ، وقول العبد ( قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ ) ، وما يُستقبل لا يُدفع أيضاً بالهم ، بل إما أن يكون له حيلة في دفعه ، فلا يعجز عنه ، وإما أن لا تكون له حيلة في دفعه ، فلا يجزع منه ، ويلبس له لباسه ، ويأخذ له عُدته ، ويتأهب له أهبته اللائقة به ، ويَسْتَجِن بجُنَّة حصينة من التوحيد والتوكل ، والانطراح بين يدي الرب تعالى ، والاستسلام له والرضى به رباً في كل شيء ، ولا يرضى به رباً فيما يحب دون ما يكره ، فإذا كان هكذا ، لم يرض به رباً على الإطلاق ، فلايرضاه الرب له عبداً على الإطلاق ، فالهم والحَزَنُ لا يَنفَعَانِ العبد البتة ، بل مضرَّتُهما أكثر من منفعتهما ، فإنهما يُضعفان العزم ، ويُوهنان القلب ، ويحولان بين العبد وبين الاجتهاد فيما ينفعه ويقطعان عليه طريق السير ، أو يُنكسانه إلى وراء أو يعوقَانِهِ ويَقِفَانه ، أو يَحْجُبانه عن العَلَمِ الذي كلما رآه شمر إليه وجد في سيره ، فهما حمل ثقيل على ظهر السائر ، بل إن عاقه الهم والحزن عن شهواته وإراداته التي تضره في معاشه ومعاده انتفع به من هذا الوجه ، وهذا من حكمة العزيز الحكيم أن سلط هذَيْنِ الجندَيْنِ على القلوب المعرضة عنه ، الفارغة من محبته ، وخوفه يرضاه ، ورجائه والإنابة إليه والتوكل عليه والأنس به والفرار إليه والانقطاع إليه ، ليردها بما يبتليها به من الهموم والغموم والأحزان والآلام القلبية عن كثير من معاصيها وشهواتها المُرْدِية ، وهذه القلوب في سجن من الجحيم في هذه الدار ، وإن أريد بها الخير كان حظها من سجن الجحيم في معادها ، ولا تزال في هذا السجن حتى تتخلص إلى فضاء التوحيد والإقبال على الله والأنس به وجعل محبته في محل دبيب خواطر القلب ووساوسه ، بحيث يكون ذكره تعالى وحبه وخوفه ورجاؤه والفرح به والابتهاج بذكره هو المستولي على القلب الغالب عليه ، الذي متى فقده فقد قُوتَهُ الذي لا قوام له إلا به ولا بقاء له بدونه ، ولا سبيل إلى خلاص القلب من هذه الآلام التي هي أعظم أمراضه وأفسدها له إلَّا بذلك ، ولا بلاغ إلا بالله وحده ، فإنه لا يُوصل إليه إلا هو ، ولا يأتي بالحسنات إلا هو ، ولا يَصِرف السيئاتِ إِلَّا هو ، ولا يدلُّ عليه إلا هو ، وإذا أرادَ عَبْدَه لأمر هيَّأه له ، فمنه الإيجاد ومنه الإعداد ومنه الإمداد وإذا أقامه في مقام أي مقام كان ، فبحمده أقامه فيه وبحكمته أقامه فيه ، ولا يليق به غيره ولا يصلح له سواه ، ولا مانع لما أعطى الله ، ولا معطي لما يمنع فيكون بمنعه ظالماً له ، بل إنما منعه ليتوسل إليه بمحابه ليعبده ، وليتضرع إليه ويتذلل بين يديه ويتملقه ، ويُعطي فقره إليه حقه ، بحيث يشهد في كل ذرة من ذراته الباطنة والظاهرة فاقة تامة إليه على تعاقب الأنفاس ، وهذا هو الواقع في نفس الأمر ، وإن لم يشهده العبد فلم يمنع الرب عبده ما العبد محتاج إليه بخلاً منه ، ولا نقصاً من خزائنه ، ولا استثاراً عليه بما حق للعبد ، بل منعه ليرده إليه وليعزه بالتذلل له وليغنيه بالافتقار إليه وليَجْبُرَهُ بالانكسار بين يديه وليذيقه بمرارة المنع حلاوة الخضوع له ولذة الفقر إليه وليلبسه خلعة العبودية ويوليه بعزه أشرف الولايات ، وليُشهده حكمته في قدرته ورحمته في عزته ويره ولطفه في قهره ، وأن منعه عطاء ، وعزله تولية وعقوبته تأديب وامتحانه محبة وعطية وتسليط أعدائه عليه سائق يسوقه به إليه. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وأصل المعاصي كُلها العجز ، فإن العبد يعجز عن أسباب أعمال الطاعات ، وعن الأسباب التي تبعده عن المعاصي ، وتحول بينه وبينها ، فيقع في المعاصي ، فجمع هذا الحديث الشريف في استعاذته أصول الشر وفروعه ، ومباديه وغاياته ، وموارده ومصادره ، وهو مشتمل على ثماني خصال ، كُلُّ خصلتين منها قرينتان فقال ﷺ ( أعُوذُ بِكَ مِنَ الهم والحَزَنِ ) ، وهما قرينان فإن المكروه الوارد على القلب ينقسِمُ باعتبار سببه إلى قسمين ، فإنه إما أن يكون سببه أمراً ماضياً ، فهو يُحدِث الحَزَنَ ، وإما أن يكون توقع أمر مستقبل ، فهو يُحدث الهم ، وكلاهما من العجز ، فإن ما مضى لا يُدفع بالحزن ، بل ،بالرضى والحمد والصبر والإيمان بالقدر ، وقول العبد ( قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ ) ، وما يُستقبل لا يُدفع أيضاً بالهم ، بل إما أن يكون له حيلة في دفعه ، فلا يعجز عنه ، وإما أن لا تكون له حيلة في دفعه ، فلا يجزع منه ، ويلبس له لباسه ، ويأخذ له عُدته ، ويتأهب له أهبته اللائقة به ، ويَسْتَجِن بجُنَّة حصينة من التوحيد والتوكل ، والانطراح بين يدي الرب تعالى ، والاستسلام له والرضى به رباً في كل شيء ، ولا يرضى به رباً فيما يحب دون ما يكره ، فإذا كان هكذا ، لم يرض به رباً على الإطلاق ، فلايرضاه الرب له عبداً على الإطلاق ، فالهم والحَزَنُ لا يَنفَعَانِ العبد البتة ، بل مضرَّتُهما أكثر من منفعتهما ، فإنهما يُضعفان العزم ، ويُوهنان القلب ، ويحولان بين العبد وبين الاجتهاد فيما ينفعه ويقطعان عليه طريق السير ، أو يُنكسانه إلى وراء أو يعوقَانِهِ ويَقِفَانه ، أو يَحْجُبانه عن العَلَمِ الذي كلما رآه شمر إليه وجد في سيره ، فهما حمل ثقيل على ظهر السائر ، بل إن عاقه الهم والحزن عن شهواته وإراداته التي تضره في معاشه ومعاده انتفع به من هذا الوجه ، وهذا من حكمة العزيز الحكيم أن سلط هذَيْنِ الجندَيْنِ على القلوب المعرضة عنه ، الفارغة من محبته ، وخوفه يرضاه ، ورجائه والإنابة إليه والتوكل عليه والأنس به والفرار إليه والانقطاع إليه ، ليردها بما يبتليها به من الهموم والغموم والأحزان والآلام القلبية عن كثير من معاصيها وشهواتها المُرْدِية ، وهذه القلوب في سجن من الجحيم في هذه الدار ، وإن أريد بها الخير كان حظها من سجن الجحيم في معادها ، ولا تزال في هذا السجن حتى تتخلص إلى فضاء التوحيد والإقبال على الله والأنس به وجعل محبته في محل دبيب خواطر القلب ووساوسه ، بحيث يكون ذكره تعالى وحبه وخوفه ورجاؤه والفرح به والابتهاج بذكره هو المستولي على القلب الغالب عليه ، الذي متى فقده فقد قُوتَهُ الذي لا قوام له إلا به ولا بقاء له بدونه ، ولا سبيل إلى خلاص القلب من هذه الآلام التي هي أعظم أمراضه وأفسدها له إلَّا بذلك ، ولا بلاغ إلا بالله وحده ، فإنه لا يُوصل إليه إلا هو ، ولا يأتي بالحسنات إلا هو ، ولا يَصِرف السيئاتِ إِلَّا هو ، ولا يدلُّ عليه إلا هو ، وإذا أرادَ عَبْدَه لأمر هيَّأه له ، فمنه الإيجاد ومنه الإعداد ومنه الإمداد وإذا أقامه في مقام أي مقام كان ، فبحمده أقامه فيه وبحكمته أقامه فيه ، ولا يليق به غيره ولا يصلح له سواه ، ولا مانع لما أعطى الله ، ولا معطي لما يمنع فيكون بمنعه ظالماً له ، بل إنما منعه ليتوسل إليه بمحابه ليعبده ، وليتضرع إليه ويتذلل بين يديه ويتملقه ، ويُعطي فقره إليه حقه ، بحيث يشهد في كل ذرة من ذراته الباطنة والظاهرة فاقة تامة إليه على تعاقب الأنفاس ، وهذا هو الواقع في نفس الأمر ، وإن لم يشهده العبد فلم يمنع الرب عبده ما العبد محتاج إليه بخلاً منه ، ولا نقصاً من خزائنه ، ولا استثاراً عليه بما حق للعبد ، بل منعه ليرده إليه وليعزه بالتذلل له وليغنيه بالافتقار إليه وليَجْبُرَهُ بالانكسار بين يديه وليذيقه بمرارة المنع حلاوة الخضوع له ولذة الفقر إليه وليلبسه خلعة العبودية ويوليه بعزه أشرف الولايات ، وليُشهده حكمته في قدرته ورحمته في عزته ويره ولطفه في قهره ، وأن منعه عطاء ، وعزله تولية وعقوبته تأديب وامتحانه محبة وعطية وتسليط أعدائه عليه سائق يسوقه به إليه. ❝
❞ كان ﷺ يصلي العيدين في المُصَلَّى ، وهو المصلّى الذي على باب المدينة الشرقي ، وهو المصلَّى الذي يُوضع فيه مَحْمِلُ الحاج ، ولم يُصل العيد بمسجده إلا مرة واحدة أصابهم مطر ، فصلى بهم العيد في المسجد إن ثبت الحديث ، وهو في سنن أبي داود وابن ماجه ، وهديه ﷺ كان فعلهما في المصلَّى دائماً ، وكان يلبس للخروج إليهما أجمل ثيابه فكان له حُلة يلبسها للعيدين والجمعة ، ومرة كان يلبس بُردَيْن أخضرين ، ومرة برداً أحمر ، وليس هو أحمر مُصمتاً كما يظنُّه بعضُ الناس ، فإنه لو كان كذلك ، لم يكن برداً ، وإنما فيه خطوط حمر كالبرود اليمنية ، فسمي أحمر باعتبار ما فيه من ذلك ، وقد صح عنه من غير معارض النهي عن لبس المعصفر والأحمر ، وأمر عبد الله بن عمرو لما رأى عليه ثوبين أحمرين أن يحرقهما ، فلم يكن ليكره الأحمر هذه الكراهة الشديدة ثم يلبسه ، والذي يقوم عليه الدليل تحريم لباس الأحمر ، أو كراهيته كراهية شديدة ، وكان يأكل قبل خروجه في عيد الفطر تمرات ، ويأكلهن وتراً ، وأما في عيد الأضحى ، فكان لا يَطْعَمُ حتى يَرجِعَ مِن المصلى ، فيأكل من أُضحيته ، وكان يغتسل للعيدين ، وكان يخرج ماشياً ، والعَنَزَةُ تُحمل بين يديه ، فإذا وصل إلى المصلى ، نُصبت بين يديه ليصلي إليها ، فإن المصلَّى كان إذ ذاك فضاء لم يكن فيه بناء ولا حائط ، وكانت الحربة سترته ، وكان يُؤَخِّر صلاة عيد الفطر ، ويُعجِّل الأضحى ، وكان ابن عمر مع شدة اتباعه للسنة ، لا يخرج حتى تطلع الشمس ، ويكبر من بيته إلى المصلى ، وكان إذا انتهى إلى المصلى ، أخذ في الصلاة من غير أذان ولا إقامة ، ولا قول الصلاة جامعة والسنة أنه لا يُفعل شيء من ذلك ، ولم يكن هو ولا أصحابه يُصلون إذا انتهوا إلى المصلى شيئاً قبل الصلاة ولا بعدها ، وكان يبدأ بالصلاة قبلَ الخُطبة ، فيُصلّي ركعتين ، يكبر في الأولى سبع تكبيرات متوالية بتكبيرة الافتتاح ، يسكت بين كُل تكبيرتين سكتة يسيرة ، ولم يُحفظ عنه ذكر معين بين التكبيرات ، ولكن ذُكر عن ابن مسعود أنه قال : يَحمَدُ الله ، ويُثني عليه ، ويصلي على النبي ﷺ ، ذكره الخلال ، وكان ابن عمر مع تحريه للاتباع ، يرفع يديه مع كُل تكبيرة ، وكان إذا أتم التكبير ، أخذ في القراءة ، فقرأ فاتحة الكتاب ، ثم قرأ بعدها (ق والقرآن المجيد) في إحدى الركعتين ، وفي الأخرى ، (اقتربت السَّاعَةُ وانشق القَمَرُ ) ، وربما قرأ فيهما (سبح اسم ربك الأعلى) و (هل أتاك حديث الغاشية) ، صح عنه هذا وهذا ، ولم يَصِحَ عنه غيرُ ذلك ، فإذا فرغ من القراءة ، كبَّر وركع ، ثم إذا أكمل الركعة ، وقام من السجود ، كبر خمساً متوالية ، فإذا أكمل التكبير ، أخذ في القراءة ، فيكون التكبيرُ أَوَّل ما يبدأ به في الركعتين ، والقراءة يليها الركوع ، وكانﷺ إذا أكمل الصلاةَ ، انصرف فقام مُقابل الناس ، والناسُ جلوس على صفوفهم ، فيعظهم ويُوصيهم ، ويأمرهم وينهاهم ، وإن كان يُريد أن يقطع بعثاً قطعه ، أو يأمر بشيء أمر به ، ولم يكن هنالك منبر يرقى عليه ، ولم يكن يُخْرِجُ منبر المدينة ، وإنما كان يخطبهم قائماً على الأرض ، وكان ﷺ يفتتح خطبه كلها بالحمد لله ، ولم يُحفظ عنه في حديث واحد أنه كان يفتتح خطبتي العيدين بالتكبير ، ورخص ﷺ لمن شهد العيد ان يجلس للخطبة ، وأن يذهب ، ورخص لهم إذا وقع العيد يوم الجمعة ، أن يجتزأو بصلاة العيد عن حضور الجمعة ، وكان ﷺ يُخالف الطريق يوم العيد ، فيذهب من طريق ، ويرجع في آخر ، وقيل لينال بركة الفريقان ، وقيل ليقضي حاجة من له حاجة منهما ، وقيل ليظهر شعائر الإسلام في سائر الفجاج والطرق ، وقيل ليغيظ المنافقين برؤيتهم عِزَّة الإسلام وأهله ، وقيام شعائره ، وقيل لتكثر شهادة البقاع ، فإن الذاهب إلى المسجد والمصلى إحدى خطوتيه ترفع درجة ، والأخرى تحطّ خطيئة حتى يرجع إلى منزله ، وقيل وهو الأصح ، إنه لذلك كله ، ولغيره من الحكم التي لا يخلو فعله عنها ، وروي عنه ﷺ ، أنه كان يُكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق : اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ، لا إلهَ إلا اللَّهُ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ، وَللَّهِ الحَمْدُ. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ كان ﷺ يصلي العيدين في المُصَلَّى ، وهو المصلّى الذي على باب المدينة الشرقي ، وهو المصلَّى الذي يُوضع فيه مَحْمِلُ الحاج ، ولم يُصل العيد بمسجده إلا مرة واحدة أصابهم مطر ، فصلى بهم العيد في المسجد إن ثبت الحديث ، وهو في سنن أبي داود وابن ماجه ، وهديه ﷺ كان فعلهما في المصلَّى دائماً ، وكان يلبس للخروج إليهما أجمل ثيابه فكان له حُلة يلبسها للعيدين والجمعة ، ومرة كان يلبس بُردَيْن أخضرين ، ومرة برداً أحمر ، وليس هو أحمر مُصمتاً كما يظنُّه بعضُ الناس ، فإنه لو كان كذلك ، لم يكن برداً ، وإنما فيه خطوط حمر كالبرود اليمنية ، فسمي أحمر باعتبار ما فيه من ذلك ، وقد صح عنه من غير معارض النهي عن لبس المعصفر والأحمر ، وأمر عبد الله بن عمرو لما رأى عليه ثوبين أحمرين أن يحرقهما ، فلم يكن ليكره الأحمر هذه الكراهة الشديدة ثم يلبسه ، والذي يقوم عليه الدليل تحريم لباس الأحمر ، أو كراهيته كراهية شديدة ، وكان يأكل قبل خروجه في عيد الفطر تمرات ، ويأكلهن وتراً ، وأما في عيد الأضحى ، فكان لا يَطْعَمُ حتى يَرجِعَ مِن المصلى ، فيأكل من أُضحيته ، وكان يغتسل للعيدين ، وكان يخرج ماشياً ، والعَنَزَةُ تُحمل بين يديه ، فإذا وصل إلى المصلى ، نُصبت بين يديه ليصلي إليها ، فإن المصلَّى كان إذ ذاك فضاء لم يكن فيه بناء ولا حائط ، وكانت الحربة سترته ، وكان يُؤَخِّر صلاة عيد الفطر ، ويُعجِّل الأضحى ، وكان ابن عمر مع شدة اتباعه للسنة ، لا يخرج حتى تطلع الشمس ، ويكبر من بيته إلى المصلى ، وكان إذا انتهى إلى المصلى ، أخذ في الصلاة من غير أذان ولا إقامة ، ولا قول الصلاة جامعة والسنة أنه لا يُفعل شيء من ذلك ، ولم يكن هو ولا أصحابه يُصلون إذا انتهوا إلى المصلى شيئاً قبل الصلاة ولا بعدها ، وكان يبدأ بالصلاة قبلَ الخُطبة ، فيُصلّي ركعتين ، يكبر في الأولى سبع تكبيرات متوالية بتكبيرة الافتتاح ، يسكت بين كُل تكبيرتين سكتة يسيرة ، ولم يُحفظ عنه ذكر معين بين التكبيرات ، ولكن ذُكر عن ابن مسعود أنه قال : يَحمَدُ الله ، ويُثني عليه ، ويصلي على النبي ﷺ ، ذكره الخلال ، وكان ابن عمر مع تحريه للاتباع ، يرفع يديه مع كُل تكبيرة ، وكان إذا أتم التكبير ، أخذ في القراءة ، فقرأ فاتحة الكتاب ، ثم قرأ بعدها (ق والقرآن المجيد) في إحدى الركعتين ، وفي الأخرى ، (اقتربت السَّاعَةُ وانشق القَمَرُ ) ، وربما قرأ فيهما (سبح اسم ربك الأعلى) و (هل أتاك حديث الغاشية) ، صح عنه هذا وهذا ، ولم يَصِحَ عنه غيرُ ذلك ، فإذا فرغ من القراءة ، كبَّر وركع ، ثم إذا أكمل الركعة ، وقام من السجود ، كبر خمساً متوالية ، فإذا أكمل التكبير ، أخذ في القراءة ، فيكون التكبيرُ أَوَّل ما يبدأ به في الركعتين ، والقراءة يليها الركوع ، وكانﷺ إذا أكمل الصلاةَ ، انصرف فقام مُقابل الناس ، والناسُ جلوس على صفوفهم ، فيعظهم ويُوصيهم ، ويأمرهم وينهاهم ، وإن كان يُريد أن يقطع بعثاً قطعه ، أو يأمر بشيء أمر به ، ولم يكن هنالك منبر يرقى عليه ، ولم يكن يُخْرِجُ منبر المدينة ، وإنما كان يخطبهم قائماً على الأرض ، وكان ﷺ يفتتح خطبه كلها بالحمد لله ، ولم يُحفظ عنه في حديث واحد أنه كان يفتتح خطبتي العيدين بالتكبير ، ورخص ﷺ لمن شهد العيد ان يجلس للخطبة ، وأن يذهب ، ورخص لهم إذا وقع العيد يوم الجمعة ، أن يجتزأو بصلاة العيد عن حضور الجمعة ، وكان ﷺ يُخالف الطريق يوم العيد ، فيذهب من طريق ، ويرجع في آخر ، وقيل لينال بركة الفريقان ، وقيل ليقضي حاجة من له حاجة منهما ، وقيل ليظهر شعائر الإسلام في سائر الفجاج والطرق ، وقيل ليغيظ المنافقين برؤيتهم عِزَّة الإسلام وأهله ، وقيام شعائره ، وقيل لتكثر شهادة البقاع ، فإن الذاهب إلى المسجد والمصلى إحدى خطوتيه ترفع درجة ، والأخرى تحطّ خطيئة حتى يرجع إلى منزله ، وقيل وهو الأصح ، إنه لذلك كله ، ولغيره من الحكم التي لا يخلو فعله عنها ، وروي عنه ﷺ ، أنه كان يُكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق : اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ، لا إلهَ إلا اللَّهُ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ، وَللَّهِ الحَمْدُ. ❝