█ كان كعب بن الأشرف رجلا من اليهود وأمه بني النظير وكان شديد الأذى لرسول الله يُشَبِّبُ أشعاره بنساء الصحابة فلما كانت وقعة بدر ذهب إلى مكة وجعل يُؤَلِّبُ رسول ﷺ وعلى المؤمنين ثم رجع المدينة تلك الحال فقال رسولُ اللهِ ( مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى ورَسُولَهُ ) فانتدب له محمدُ بنُ مَسْلَمَة وعَبَّادُ بْنُ بِشْر وأبو نَائِلة واسمه سِلْطَانُ سلامة وهو أخو الرضاع والحارث أوس وأبُو عَبْسِ جَبر وأذن لهم أن يقولوا ما شاؤوا مِنْ كلام يخدعونه به فذهبوا إليه ليلة مُقْمِرَةٍ وشيعهم بقيع الغَرْقَدِ انتهوا قَدَّموا سِلْكَانَ بْنَ سَلَامة فأظهر موافقته الانحراف عن وشَكا ضِيقَ حاله فكلَّمَهُ يبيعه وأصحابه طعاماً ويَرْهَنُونَه سِلَاحَهم فأجابهم ذلك وَرَجَع سِلْكَان أصحابه فأخبرهم فأتوه فخرج إليهم حصنه فَتَماشَوْا فَوضَعُوا عليه سُيُوفَهم ووضع محمد مِغْولاً معه ثنته فقتله وصاح عدو صيحة شديدة أفزعت حوله وأوقدوا النيران وجاء الوفد حتى قَدِمُوا كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2024 تأليف ابن قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر فيه سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن هديه معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه وقد ألف هذا الكتب أثناء السفر ولم تكن أية مصادر ينقل منها يحتاج أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع الذي يخصه مع العلم القيم يحفظ مسند الإمام أحمد حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ بعث رسول الله ﷺ خالد بن الوليد إلى أُكَيْدِر دومة ...
قال ابن إسحاق : ثم إنَّ رسول الله ﷺ بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة ، وهو أكيدر بن عبد الملك ، رجل من كندة ، وكان نصرانياً ، وكان ملكاً عليها ، فقال رسول الله ﷺ لخالد : ( إِنَّكَ ستَجِدُه يَصِيدُ البَقَرَ ) ، فخرج خالد حتى إذا كان من حصنه بمنظر العين وفي ليلة مقمرة صافية ، وهو على سطح له ومعه امرأته ، فباتَتِ البقرُ تَحُكُّ بِقُرونها باب القصر ، فقالت له امرأته : هل رأيت مثل هذا قط ؟ قال : لا والله ، قالت: فمن يترك هذه ؟ قال : لا أحد ، فنزل ، فأمر بفرسه فأسرع له وركب معه نفر من أهل بيته فيهم أخ له يقال له : حسان فركب وخرجوا معه بمطاردهم ، فلما خرجوا ، تلقتهم خيل رسول الله ﷺ ، فأخذته ، وقتلوا أخاه ، وقد كان عليه قباء من ديباج مخوص بالذهب ، فاستلبه خالد ، فبعث به إلى رسول الله ﷺ قبل قدومه عليه، ثم إن خالداً قدم بأكيدر على رسول الله ﷺ ، فحقن له دمه ، وصالحه على الجزية ، ثم خلى سبيله ، فرجع إلى قريته ، وقال ابن سعد بعث رسول الله ﷺ خالدً في أربعمئة وعشرين فارساً ، فذكر نحو ما تقدم ، قال : وأجار خالد أكيدر من القتل حتى يأتي به رسول الله ، على أن يفتح له دومة الجندل، ففعل وصالحه على ألفي بعير ، وثمانمئة رأس ، وأربعمئة درع ، وأربعمئة رمح ، فعُزل للنبي ﷺ صَفِيَّة خالِصاً ، ثم قسم الغنيمة ، فأخرج الخمس ، فكان للنبي ﷺ ، ثم قسم ما بقي في أصحابه ، فصار لكل واحد منهم خمس فرائض ، وذكر ابن عائذ في هذا الخبر ، أن أكيدر قال عن البقر : والله ما رأيتها قط أتتنا إلا البارحة ، ولقد كنتُ أضْمِرُ لها اليومين والثلاثة، ولكن قدر الله ، قال موسى بن عقبة : واجتمع أكيدر ، ويُحنة عند رسول الله ﷺ ، فدعاهما إلى الإسلام فأبيا ، وأقرا بالجزية ، فقاضاهما رسول الله ﷺ على قضية دومة، وعلى تبوك ، وعلى أيلة ، وعلى تيماء ، وكتب لهما كتاباً . ❝
❞ قالَ ﷺ ( مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ : اللَّهُمَّ مَا أَصْبَحَ بي مِنْ نِعْمَةٍ أَوْ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ ، فَمِنْكَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لكَ ، لَكَ الحَمْدُ ، ولَكَ الشَّكْرُ ، فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ يَوْمِهِ ، وَمَنْ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ حِيْنَ يُمْسِي ، فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ لَيْلَتِهِ ) . ❝
❞ فخرج ﷺ من المدينة يوم الجمعة ، فلما صار بالشوط بين المدينة وأُحد ، انخزل عبد الله بن أبي بنحو ثلث العسكر وقال : تُخالفني وتسمعُ مِن غيري ، فتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام ، والد جابر بن عبد الله يوبخهم على الرجوع ، ويقول : تَعَالَوْا قاتِلُوا في سبيل الله ، أو ادفعوا ، قالوا : لو نَعلَمُ أنكم تُقاتلون ، لم نرجع ، فرجع عنهم ، وسَبَّهم ، وسأله قوم من الأنصار أن يستعينوا بحلفائهم من يهود ، فأبى ﷺ ، وسلك حرة بني حارثة، وقال ( مَنْ رَجُلٌ يَخْرُجُ بِنَا عَلَى القَوْمِ مِنْ كَثب؟ ) ، فخرج به بعض الأنصار حتى سلك في حائط لبعض المنافقين ، وكان أعمى ، فقام يحثو التراب في وجوه المسلمين ويقول : لا أُحِلُّ لك أن تدخُل في حائطي إن كنت رسول الله ، فابتدره القوم ليقتلوه، فقال ﷺ ( لا تقتلوه فهذا أعمى القلب أعمى البصر ) ، ونفذ رسول الله ﷺ حتى نزلَ الشَّعبَ مِن أُحد في عُدْوَةِ الوَادِي ، وجعل ظهره إلى أُحد ، ونهى الناس عَنِ القِتال حتى يأمرهم ، فلما أصبح يوم السبت ، تَعَبَّى للقتال ، وهو في سبعمئة ، فيهم خمسون فارساً ، واستعمل على الرماة ـ وكانوا خمسين ـ عبد الله بن جُبير ، وأمره وأصحابه أن يلزمُوا مركزهم ، وألا يُفارِقُوه ، ولو رأى الطير تتخطف العسكر ، وكانوا خلف الجيش وأمرَهُم أَنْ يَنْضَحُوا الْمُشْرِكِينَ بالنَّبْلِ ، لئلا يأتُوا المُسْلِمِينَ مِنْ وَرَائِهِم ، فظاهر رسول الله ﷺ بَيْنَ دِرْعَيْن يومَئِذٍ ، وأعطى اللواء مُصْعَبَ بنَ عُمير ، وجعل على إحدى المجنبتين الزبير بن العوام ، وعلى الأخرى المنذر بن عمرو ، واستعرض الشبابَ يومئذ فردَّ مَن استصغره عن القتال ، وكان منهم عبد الله بن عمر ، وأسامة بن زيد ، وأُسَيْدُ بن ظهير ، والبراء بن عازب ، وزيد بن أرقم ، وزيد بن ثابت ، وعَرَابة بن أوس ، وعمرو بنُ حَزْمٍ ، وأَجَازَ مَن رَآهُ مُطِيقاً ، وكان مِنهم سَمُرَةُ بنُ جُنْدَبٍ ، ورافع بن خديج ولهما خمس عشرة سنة ، فقيل : أجاز من أجاز لبلوغه بالسِّن خمس عشرة سنةٌ ، وردَّ مَن رَدَّ لِصغره عن سن البلوغ ، وقالت طائفة : إنما أجازَ مَنْ أجاز ، لإطاقته ، وردَّ من رَدَّ لعدم إطاقته ، ولا تأثير للبلوغ وعدمه في ذلك قالوا : وفي بعض ألفاظ حديث ابن عمر : فلما رآني مُطِيقاً ، أَجَازَني .
وتَعَبَّت قريش للقتال ، وهم في ثلاثة آلاف ، وفيهم مائتا فارس ، فجعلوا على ميمنتهم بن الوليد ، وعلى الميسرة عكرمة بن أبي جهل ، ودفع رسول الله سيفه إلى أبي دُجَانَة سِمَاكِ بنِ خَرَشَةَ ، وكان شُجاعاً بطلاً يَخْتَالُ عِند الحرب . ❝