ولما انقضَتِ الحرب ، أشرف أبو سفيان على الجبل ، فنادى :... 💬 أقوال محمد ابن قيم الجوزية 📖 كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل)
- 📖 من ❞ كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل) ❝ محمد ابن قيم الجوزية 📖
█ ولما انقضَتِ الحرب أشرف أبو سفيان الجبل فنادى : أفيكم محمد ؟ فلم يُجيبوه فقال أفيكُمُ ابن أبي قحافة يُجيوه أفيكُم عُمَرُ بنُ الخطاب يجيبوه ولم يَسْأَلْ إِلَّا عن هؤلاء الثلاثة بعلمه وعلم قومه أن قوام الإسلام بهم أما فقد كُفيتُموهم يَملِكُ عُمَر نفسه قال يَا عَدُوّ اللَّه إِنَّ الَّذِينَ ذكرتَهُمْ أحياء وقد أبقى اللَّهُ لَكَ مَا يَسُوءُكَ قَدْ كان القوم مُثْلَةٌ لم آمر بها تسوني ثم أعلُ هُبَلُ النبي ﷺ ( ألا تُجِيبُونَهُ ؟ فَقَالُوا ما نُقولُ؟ قُولُوا أَعْلَى وأَجَلُ لَنَا العُزَّى ولا عُزَّى لكم تُجِيبُونَه قالُوا نقول قولُوا مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكم كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2024 من تأليف قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر فيه سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن هديه معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه
ألف هذا الكتب أثناء السفر تكن معه أية مصادر ينقل منها يحتاج إليه أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع ذلك ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع الذي يخصه مع العلم القيم يحفظ مسند الإمام أحمد بن حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ ولما انقضَتِ الحرب
, أشرف أبو سفيان على الجبل
, فنادى : أفيكم محمد ؟ فلم يُجيبوه
, فقال : أفيكُمُ ابن أبي قحافة ؟ فلم يُجيوه
, فقال : أفيكُم عُمَرُ بنُ الخطاب ؟ فلم يجيبوه
, ولم يَسْأَلْ إِلَّا عن هؤلاء الثلاثة بعلمه وعلم قومه أن قوام الإسلام بهم
, فقال : أما هؤلاء
, فقد كُفيتُموهم
, فلم يَملِكُ عُمَر نفسه أن قال : يَا عَدُوّ اللَّه إِنَّ الَّذِينَ ذكرتَهُمْ أحياء
, وقد أبقى اللَّهُ لَكَ مَا يَسُوءُكَ
, فقال : قَدْ كان في القوم مُثْلَةٌ لم آمر بها
, ولم تسوني
, ثم قال : أعلُ هُبَلُ
, فقال النبي ﷺ ( ألا تُجِيبُونَهُ ؟ فَقَالُوا : ما نُقولُ؟ قال ﷺ قُولُوا : اللَّهُ أَعْلَى وأَجَلُ
, ثم قال : لَنَا العُزَّى ولا عُزَّى لكم . قال ﷺ ألا تُجِيبُونَه ؟ قالُوا : ما نقول ؟ قال ﷺ قولُوا : اللَّهُ مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكم. ❝
❞ وكان ﷺ إذا قام في الصلاة طأطأ رأسه ذكره الإمام أحمد ، وكان في التشهد لا يجاوز بَصَرُهُ إشارته ، وكان قد جعل الله تعالى قُرة عينه ونعيمه وسروره وروحه في الصلاة ، وكان يقول (يا بِلال أَرِحْنَا بالصَّلاة) ، وكان يقول (وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاةِ) ومع هذا لم يكن يشغله ما هو فيه من ذلك عن مراعاة أحوال المأمومين وغيرهم مع كمال إقباله وقربه من الله تعالى وحضورِ قلبه بين يديه واجتماعه عليه ، وكان يدخل في الصلاة وهو يُريد إطالتها ، فيسمع بكاء الصبي ، فيخففها ، مخافة أن يَشُق على أمه ، وأرسل مرة فارساً طليعةً له ، فقام يصلي ، وجعل يلتفت إلى الشعب الذي يجيء منه الفارس ، ولم يشغله ما هو فيه عن مراعاة حال فارسه ، وكذلك كان يُصلي الفرض وهو حامل أمامة بنت أبي العاص بن الربيع ابنة بنته زينب على عاتقه إذا قام حملها ، وإذا ركع وسجد وضعها ، وكان يُصلي فيجيء الحسنُ أو الحسين فيركب ظهره ، فيطيل السجدة كراهية أن يُلقيه عن ظهره ، وكان يُصلي ، فتجيء عائشة من حاجتها والباب مغلق ، فيمشي ، فيفتح لها الباب ، ثم يرجع إلى الصلاة ، وكان يرد السلام بالإشارة على من يُسلم عليه وهو في الصلاة ، وكان يصلي وعائشة معترضة بينه وبين القبلة ، فإذا سجد غمزها بيده ، فقبضت رجليها ، وإذا قام بسطتهما ، وكان يصلي فجاءه الشيطان ليقطع عليه صلاته ، فأخذه فخنقه حتى سَالَ لُعابه عَلَى يَدِهِ ، وكان يُصلي على المنبر ويركع عليه ، فإذا جاءت السجدة ، نزل القهقرى فَسَجَدَ على الأرض ثم صَعِدَ عليه ، وكان يُصلي إلى جدار ، فجاءت بَهْمَةٌ تمرُّ من بين يديه ، فما زال يُدارئها بيديه حتى لصق بطنه بالجدار ، ومرت من ورائه ، وكان يُصلي ، فجاءته جاريتان من بني عبد المطلب قد اقتتلتا ، فأخذهما فَنَزَعَ إحداهما من الأخرى وهو في الصلاة ، ولفظ أحمد فيه : فأخذتا بركبتي النبي ﷺ ، فنزع بينهما ، أو فرَّق بينهما ، ولم يَنْصَرِف ، وكان يُصلي ، فمرَّ بين يديه غلام فقال بيده هكذا فرجع ، ومرت بين يديه جارية فقال هكذا ، فمضت ، فلما صلَّى رسول الله ﷺ قال (هُنَّ أَغْلَبُ) ذكره الإمام أحمد وهو في السنن ، وكان يبكي في صلاته ، وكان يصلي حافيا تارة ، ومنتعلا أخرى ، وأمر بالصلاة بالنعل مخالفة لليهود ، وكان يصلي في الثوب الواحد تارة ، وفي الثوبين تارة وهو الأكثر. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وكان ﷺ إذا قام في الصلاة طأطأ رأسه ذكره الإمام أحمد ، وكان في التشهد لا يجاوز بَصَرُهُ إشارته ، وكان قد جعل الله تعالى قُرة عينه ونعيمه وسروره وروحه في الصلاة ، وكان يقول (يا بِلال أَرِحْنَا بالصَّلاة) ، وكان يقول (وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاةِ) ومع هذا لم يكن يشغله ما هو فيه من ذلك عن مراعاة أحوال المأمومين وغيرهم مع كمال إقباله وقربه من الله تعالى وحضورِ قلبه بين يديه واجتماعه عليه ، وكان يدخل في الصلاة وهو يُريد إطالتها ، فيسمع بكاء الصبي ، فيخففها ، مخافة أن يَشُق على أمه ، وأرسل مرة فارساً طليعةً له ، فقام يصلي ، وجعل يلتفت إلى الشعب الذي يجيء منه الفارس ، ولم يشغله ما هو فيه عن مراعاة حال فارسه ، وكذلك كان يُصلي الفرض وهو حامل أمامة بنت أبي العاص بن الربيع ابنة بنته زينب على عاتقه إذا قام حملها ، وإذا ركع وسجد وضعها ، وكان يُصلي فيجيء الحسنُ أو الحسين فيركب ظهره ، فيطيل السجدة كراهية أن يُلقيه عن ظهره ، وكان يُصلي ، فتجيء عائشة من حاجتها والباب مغلق ، فيمشي ، فيفتح لها الباب ، ثم يرجع إلى الصلاة ، وكان يرد السلام بالإشارة على من يُسلم عليه وهو في الصلاة ، وكان يصلي وعائشة معترضة بينه وبين القبلة ، فإذا سجد غمزها بيده ، فقبضت رجليها ، وإذا قام بسطتهما ، وكان يصلي فجاءه الشيطان ليقطع عليه صلاته ، فأخذه فخنقه حتى سَالَ لُعابه عَلَى يَدِهِ ، وكان يُصلي على المنبر ويركع عليه ، فإذا جاءت السجدة ، نزل القهقرى فَسَجَدَ على الأرض ثم صَعِدَ عليه ، وكان يُصلي إلى جدار ، فجاءت بَهْمَةٌ تمرُّ من بين يديه ، فما زال يُدارئها بيديه حتى لصق بطنه بالجدار ، ومرت من ورائه ، وكان يُصلي ، فجاءته جاريتان من بني عبد المطلب قد اقتتلتا ، فأخذهما فَنَزَعَ إحداهما من الأخرى وهو في الصلاة ، ولفظ أحمد فيه : فأخذتا بركبتي النبي ﷺ ، فنزع بينهما ، أو فرَّق بينهما ، ولم يَنْصَرِف ، وكان يُصلي ، فمرَّ بين يديه غلام فقال بيده هكذا فرجع ، ومرت بين يديه جارية فقال هكذا ، فمضت ، فلما صلَّى رسول الله ﷺ قال (هُنَّ أَغْلَبُ) ذكره الإمام أحمد وهو في السنن ، وكان يبكي في صلاته ، وكان يصلي حافيا تارة ، ومنتعلا أخرى ، وأمر بالصلاة بالنعل مخالفة لليهود ، وكان يصلي في الثوب الواحد تارة ، وفي الثوبين تارة وهو الأكثر . ❝
❞ فسار رسول الله ﷺ إلى بدر ، وخَفَضَ أبو سفيان فَلَحِقَ بساحل البحر ، ولما رأى أنه قد نجا ، وأحرز العير كتب إلى قريش أن ارجعوا ، فإنكم إنما خرجتُم لِتُخْرِزُوا عيركم ، فأتاهم الخبر ، وهم بالجُحْفَةِ ، فهموا بالرجوع ، فقال أبو جهل : والله لا نرجع حتى نَقْدَمَ بَدراً ، فنقيم بها ، ونُطْعِمَ مَنْ حَضَرَنَا من العرب ، وتخافُنَا العرب بعد ذلك ، فأشار الأخنس بن شريق عليهم بالرجوع ، فَعَصَوْه ، فرجع هو وبنو زُهرة ، فلم يشهد بدراً زُهري ، فاغتبطت بنو زهرة بعد برأي الأخنس ، فلم يزل فيهم مطاعاً معظماً ، وأرادَتْ بنو هاشم الرجوع ، فاشتد عليهم أبو جهل ، وقال : لا تُفَارِقُنَا هذه العصابة حتى نَرْجِعَ فساروا ، وسارَ رسولُ الله ﷺ حتى نزل عشياً أدنى ماء من مياه بدر ، فقال ( أَشْيرُوا عَلَيَّ في المَنْزِل ) ، فقال الحُبَابُ بنُ المنذر : يا رسول الله ! أنا عالم بها وبِقُلُبِهَا ، إن رأيت أن نسير إلى قُلُب قد عرفناها ، فهي كثيرة الماء ، عذبة ، فننزل عليها ونسبق القوم إليها ونُغوّر ما سواها من المياه ، وسار المشركون سراعاً يريدون الماء ، وبعث علياً وسعداً والزبير إلى بدر يلتمسون الخبر ، فَقَدِمُوا بعبدين لقريش ، ورسول الله ﷺ قائم يصلي ، فسألهما : أصحابُه مَنْ أنتما ؟ قالا : نحن سُقاةٌ لقريش ، فكره ذلك أصحابه ، وودوا لو كانا لعير أبي سفيان ، فلما سلم رسول الله ﷺ قال لهما ( أَخْبِرَانِي أَيْنَ قُرَيْس؟ ) قالا : وراء هذا الكثيب ، فقال ﷺ ( كم القوم ؟ ) فقالا : لا علم لنا ، فقال ( كم ينحرونَ كُلَّ يوم ؟ ) فقالا : يوماً عشراً ، ويوماً تسعاً ، فقال رسول الله ﷺ ( القومُ ما بين تسعمئة إلى الألف ) ، فأنزل الله عزّ وجلَّ في تلك الليلة مطراً واحداً ، فكان على المشركين وابلاً شديداً منعهم من التقدم ، وكان على المسلمين طَلاً ، طهرهم به ، وأذهب عنهم رِجْسَ الشيطان ، ووطأ به الأرض ، وصلب به الرمل ، وثبت الأقدام ، ومهد به المنزل ، وربط به على قلوبهمو، فسبق رسول الله ﷺ وأصحابه إلى الماء ، فنزلوا عليه شطر الليل وصنعوا الحياض ، ثم غوَّروا ما عداها من المياه ، ونزل رسول الله وأصحابه على الحياض ، وبُنيَّ لرسول الله ﷺ عريش يكون فيها على تل يُشرِفُ على المعركة ، ومشى في موضع المعركة ، وجعل يُشير بيده هذا مصرع فلان ، وهذا مصرع فلان ، وهذا مصرع فلان إن شاء الله ، فما تعدى أحد منهم موضع إشارته ، فلما طلع المشركون وتراءى الجمعان ، قال رسول الله ﷺ ( اللَّهُمَّ هذه قُرَيْسٌ جَاءَتْ بِخيلائِها وفَخْرِهَا ، جَاءَتْ تُحادُك ، وَتَكذِّبُ رَسُولَكَ ، وقام ، ورفع يديه ، واستنصر ربه وقال ( اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لي مَا وَعَدْتَنِي ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ ) ، فالتزمه الصديق من ورائه ، وقال : يا رسول الله ! أبشر ، فوالذي نفسي بيده ، لَيُنجِزَنَّ اللَّهُ لكَ ما وَعَدَك. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ فسار رسول الله ﷺ إلى بدر ، وخَفَضَ أبو سفيان فَلَحِقَ بساحل البحر ، ولما رأى أنه قد نجا ، وأحرز العير كتب إلى قريش أن ارجعوا ، فإنكم إنما خرجتُم لِتُخْرِزُوا عيركم ، فأتاهم الخبر ، وهم بالجُحْفَةِ ، فهموا بالرجوع ، فقال أبو جهل : والله لا نرجع حتى نَقْدَمَ بَدراً ، فنقيم بها ، ونُطْعِمَ مَنْ حَضَرَنَا من العرب ، وتخافُنَا العرب بعد ذلك ، فأشار الأخنس بن شريق عليهم بالرجوع ، فَعَصَوْه ، فرجع هو وبنو زُهرة ، فلم يشهد بدراً زُهري ، فاغتبطت بنو زهرة بعد برأي الأخنس ، فلم يزل فيهم مطاعاً معظماً ، وأرادَتْ بنو هاشم الرجوع ، فاشتد عليهم أبو جهل ، وقال : لا تُفَارِقُنَا هذه العصابة حتى نَرْجِعَ فساروا ، وسارَ رسولُ الله ﷺ حتى نزل عشياً أدنى ماء من مياه بدر ، فقال ( أَشْيرُوا عَلَيَّ في المَنْزِل ) ، فقال الحُبَابُ بنُ المنذر : يا رسول الله ! أنا عالم بها وبِقُلُبِهَا ، إن رأيت أن نسير إلى قُلُب قد عرفناها ، فهي كثيرة الماء ، عذبة ، فننزل عليها ونسبق القوم إليها ونُغوّر ما سواها من المياه ، وسار المشركون سراعاً يريدون الماء ، وبعث علياً وسعداً والزبير إلى بدر يلتمسون الخبر ، فَقَدِمُوا بعبدين لقريش ، ورسول الله ﷺ قائم يصلي ، فسألهما : أصحابُه مَنْ أنتما ؟ قالا : نحن سُقاةٌ لقريش ، فكره ذلك أصحابه ، وودوا لو كانا لعير أبي سفيان ، فلما سلم رسول الله ﷺ قال لهما ( أَخْبِرَانِي أَيْنَ قُرَيْس؟ ) قالا : وراء هذا الكثيب ، فقال ﷺ ( كم القوم ؟ ) فقالا : لا علم لنا ، فقال ( كم ينحرونَ كُلَّ يوم ؟ ) فقالا : يوماً عشراً ، ويوماً تسعاً ، فقال رسول الله ﷺ ( القومُ ما بين تسعمئة إلى الألف ) ، فأنزل الله عزّ وجلَّ في تلك الليلة مطراً واحداً ، فكان على المشركين وابلاً شديداً منعهم من التقدم ، وكان على المسلمين طَلاً ، طهرهم به ، وأذهب عنهم رِجْسَ الشيطان ، ووطأ به الأرض ، وصلب به الرمل ، وثبت الأقدام ، ومهد به المنزل ، وربط به على قلوبهمو، فسبق رسول الله ﷺ وأصحابه إلى الماء ، فنزلوا عليه شطر الليل وصنعوا الحياض ، ثم غوَّروا ما عداها من المياه ، ونزل رسول الله وأصحابه على الحياض ، وبُنيَّ لرسول الله ﷺ عريش يكون فيها على تل يُشرِفُ على المعركة ، ومشى في موضع المعركة ، وجعل يُشير بيده هذا مصرع فلان ، وهذا مصرع فلان ، وهذا مصرع فلان إن شاء الله ، فما تعدى أحد منهم موضع إشارته ، فلما طلع المشركون وتراءى الجمعان ، قال رسول الله ﷺ ( اللَّهُمَّ هذه قُرَيْسٌ جَاءَتْ بِخيلائِها وفَخْرِهَا ، جَاءَتْ تُحادُك ، وَتَكذِّبُ رَسُولَكَ ، وقام ، ورفع يديه ، واستنصر ربه وقال ( اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لي مَا وَعَدْتَنِي ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ ) ، فالتزمه الصديق من ورائه ، وقال : يا رسول الله ! أبشر ، فوالذي نفسي بيده ، لَيُنجِزَنَّ اللَّهُ لكَ ما وَعَدَك . ❝
❞ كان له ﷺ حزب يقرؤه ، ولا يُخِلُّ به ، وكانت قراءته ترتيلاً لا هَذَّاً ولا عجلة ، بل قراءة مفسرة حرفاً حرفاً ، وكان يُقَطَّعُ قراءته آية آية ، وكان يمد عند حروف المد ، فيمد الرحمن ويمد الرحيم ، وكان يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم في أول قراءته ، فيقول ( أعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّحِيمِ ) ، ورُبَّما كان يقول ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجيم من هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ ، ونَفْسِهِ ) . وكان تعوذه قبل القراءة ، وكان ﷺ يُحبُّ أن يسمع القرآن من غيره ، وأمر عبد الله بن مسعود ، فقرأ عليه وهو يسمع ، وخَشَع لسماع القرآن منه ، حتى ذرفت عيناه ، وكان ﷺ يقرأ القرآن قائماً ، وقاعداً ، ومضطجعاً ، ومتوضئاً ، ومُحْدِثاً ، ولم يكن يمنعه من قراءته إلا الجنابة ، وكان ﷺ يتغنى به ، ويُرَجَّع صوته به أحياناً كما رجَّع يوم الفتح في قراءته إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مبيناً ، وحكى عبد الله بن مغفل ترجیعه ، آ آ آ ثلاث مرات ، وإذا جُمعت هذه الأحاديث إلى قوله ﷺ ( فزينوا القرآن بأصواتكم ) وقوله ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآن ) وقوله ( ما أَذِنَ اللَّهُ لِشَيء ، كأَذَنِهِ لِنَبّي حَسَن الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالقُرْآن ) ، علمت أن هذا الترجيع منه ، كان اختياراً لا اضطراراً لهز الناقة له ، فإن هذا لو كان لأجل هزّ الناقة ، لما كان داخلاً تحت الاختيار ، فلم يكن عبد الله بن مغفل يحكيه ويفعله اختياراً ليُؤتسى به ، وهو يرى هز الراحلة له حتى ينقطع صوتُه ، ثم يقول : كان يُرجعُ في قراءته ، فنسب الترجيع إلى فعله ، ولو كان من هز الراحلة ، لم يكن منه فعل يسمى ترجيعاً ، وقد إستمع ليلة لقراءة أبي موسى الأشعري ، فلما أخبره بذلك ، قال لو كنت أعلم أنك تسمعه ، لحبرته لك تحبيرا ، أي حسنته بصوتي وزينته تزيينا ، وروى أبو داود في سننه عن عبد الجبار بن الورد ، قال : سمعت ابن أبي مليكة يقول : قال عبد الله بن أبي يزيد : مر بنا أبو لبابة ، فاتبعناه حتى دخل بيته ، فإذا رجل رثُّ الهيئة ، فسمعته يقول : سمعت رسول الله ﷺ يقول ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بالقرآن ) ، قال : فقلتُ لابن أبي مليكة : يا أبا محمد أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت ؟ قال : يُحسنُه ما استطاع ). ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ كان له ﷺ حزب يقرؤه ، ولا يُخِلُّ به ، وكانت قراءته ترتيلاً لا هَذَّاً ولا عجلة ، بل قراءة مفسرة حرفاً حرفاً ، وكان يُقَطَّعُ قراءته آية آية ، وكان يمد عند حروف المد ، فيمد الرحمن ويمد الرحيم ، وكان يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم في أول قراءته ، فيقول ( أعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّحِيمِ ) ، ورُبَّما كان يقول ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجيم من هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ ، ونَفْسِهِ ) . وكان تعوذه قبل القراءة ، وكان ﷺ يُحبُّ أن يسمع القرآن من غيره ، وأمر عبد الله بن مسعود ، فقرأ عليه وهو يسمع ، وخَشَع لسماع القرآن منه ، حتى ذرفت عيناه ، وكان ﷺ يقرأ القرآن قائماً ، وقاعداً ، ومضطجعاً ، ومتوضئاً ، ومُحْدِثاً ، ولم يكن يمنعه من قراءته إلا الجنابة ، وكان ﷺ يتغنى به ، ويُرَجَّع صوته به أحياناً كما رجَّع يوم الفتح في قراءته إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مبيناً ، وحكى عبد الله بن مغفل ترجیعه ، آ آ آ ثلاث مرات ، وإذا جُمعت هذه الأحاديث إلى قوله ﷺ ( فزينوا القرآن بأصواتكم ) وقوله ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآن ) وقوله ( ما أَذِنَ اللَّهُ لِشَيء ، كأَذَنِهِ لِنَبّي حَسَن الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالقُرْآن ) ، علمت أن هذا الترجيع منه ، كان اختياراً لا اضطراراً لهز الناقة له ، فإن هذا لو كان لأجل هزّ الناقة ، لما كان داخلاً تحت الاختيار ، فلم يكن عبد الله بن مغفل يحكيه ويفعله اختياراً ليُؤتسى به ، وهو يرى هز الراحلة له حتى ينقطع صوتُه ، ثم يقول : كان يُرجعُ في قراءته ، فنسب الترجيع إلى فعله ، ولو كان من هز الراحلة ، لم يكن منه فعل يسمى ترجيعاً ، وقد إستمع ليلة لقراءة أبي موسى الأشعري ، فلما أخبره بذلك ، قال لو كنت أعلم أنك تسمعه ، لحبرته لك تحبيرا ، أي حسنته بصوتي وزينته تزيينا ، وروى أبو داود في سننه عن عبد الجبار بن الورد ، قال : سمعت ابن أبي مليكة يقول : قال عبد الله بن أبي يزيد : مر بنا أبو لبابة ، فاتبعناه حتى دخل بيته ، فإذا رجل رثُّ الهيئة ، فسمعته يقول : سمعت رسول الله ﷺ يقول ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بالقرآن ) ، قال : فقلتُ لابن أبي مليكة : يا أبا محمد أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت ؟ قال : يُحسنُه ما استطاع ) . ❝