غزوة مؤته .. وهي بأدنى البلقاء من أرض الشام ، وكانت في... 💬 أقوال محمد ابن قيم الجوزية 📖 كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل)
- 📖 من ❞ كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل) ❝ محمد ابن قيم الجوزية 📖
█ غزوة مؤته وهي بأدنى البلقاء من أرض الشام وكانت جمادى الأولى سنة ثمان للهجرة وكان سببها أن رسول الله ﷺ بعث الحارث بن عمير الأزدي أحد بني لهب بكتابه إلى ملك الروم أو بصرى فعرض له شرحبيل عمرو الغساني فأوثقه رباطاً ثم قدّمه فضرب عنقه ولم يُقْتَل لرسول غيره فاشتد ذلك عليه حين بلغه الخبر فبعث البعوث واستعمل عليهم زيد حارثة وقال ( إن أصيبَ فَجَعْفَرُ بْن أبي طالب عَلَى النَّاسِ فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ رواحة ) فتجهز الناس وهم ثلاثة آلاف فلما حضر خروجهم ودع الناسُ أمراء وسلموا فبكى عبد فقالوا : ما يُبكيك ؟ فقال أما والله حب الدنيا ولا صَبابَةٌ بكم ولكني سمعت يقرأ آيةً مِن كتاب يذكرُ فيها النار { وإن مِنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ رَبِّكَ حَتْما مقضيا } فلست أدري كيف لي بالصَّدَرِ بَعْدَ الوُرُودِ؟ المسلمون صحبكم بالسلامة ودفع عنكم وردّكم إلينا صالحين مَضَوْا حتى نزلوا مَعَان فبلغ الناسَ أَن هِرَقْل بالبلقاء مئة ألف وانضم إليهم لخم وجُذام وبَلْقَيْن وبَهْرَاء وبَلي بلغ المسلمين أقاموا زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2025 تأليف ابن قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر فيه سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن هديه معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه وقد هذا الكتب أثناء السفر تكن معه أية مصادر ينقل منها يحتاج إليه أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع الذي يخصه مع العلم القيم كان يحفظ مسند الإمام أحمد حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ غزوة مؤته . وهي بأدنى البلقاء من أرض الشام ، وكانت في جمادى الأولى سنة ثمان للهجرة ، وكان سببها أن رسول الله ﷺ بعث الحارث بن عمير الأزدي أحد بني لهب بكتابه إلى الشام إلى ملك الروم أو بصرى ، فعرض له شرحبيل بن عمرو الغساني ، فأوثقه رباطاً ، ثم قدّمه فضرب عنقه ، ولم يُقْتَل لرسول الله ﷺ رسول غيره ، فاشتد ذلك عليه حين بلغه الخبر ، فبعث البعوث ، واستعمل عليهم زيد بن حارثة ، وقال ﷺ ( إن أصيبَ فَجَعْفَرُ بْن أبي طالب عَلَى النَّاسِ ، فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ ، فَعَبْدُ الله بن رواحة ) ، فتجهز الناس وهم ثلاثة آلاف ، فلما حضر خروجهم ، ودع الناسُ أمراء رسول الله ﷺ ، وسلموا عليهم ، فبكى عبد الله بن رواحة ، فقالوا : ما يُبكيك ؟ فقال : أما والله ما حب الدنيا ولا صَبابَةٌ بكم ، ولكني سمعت رسول الله ﷺ يقرأ آيةً مِن كتاب الله يذكرُ فيها النار ﴿ وإن مِنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْما مقضيا ﴾ ، فلست أدري كيف لي بالصَّدَرِ بَعْدَ الوُرُودِ؟ فقال المسلمون : صحبكم الله بالسلامة ، ودفع عنكم ، وردّكم إلينا صالحين ، ثم مَضَوْا حتى نزلوا مَعَان ، فبلغ الناسَ أَن هِرَقْل بالبلقاء في مئة ألف من الروم ، وانضم إليهم من لخم ، وجُذام ، وبَلْقَيْن ، وبَهْرَاء ، وبَلي ، مئة ألف ، فلما بلغ ذلك المسلمين ، أقاموا على معان ليلتين ينظرون في أمرهم وقالوا : نكتُبُ إلى رسول الله ﷺ فَنُخبِرُه بعدد عدونا ، فإما أن يُمدنا بالرجال ، وإما أن يأمرنا بأمره فنمضي له ، فشجع الناس عبد الله بن رواحة ، فقال : يا قوم والله إن الذي تكرهون للتي خرجتُم تطلبون : الشهادة ، وما نُقاتِلُ الناس بعدد ولا قُوَّة ولا كثرة ، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا به الله ، فإنطلقوا ، فإنها إحدى الحسنيين ، إما ظَفَر وإما شَهَادَةٌ ، فمضى الناس حتى إذا كانوا بتحوم البلقاء ، لقيتهم الجموع بقرية يقال لها : مشارف ، فدنا العدو ، وانحاز المسلمون إلى مؤتة فالتقى الناس عندها ، فتعبئ المسلمون ، ثم اقتتلوا والراية في يد زيد بن حارثة ، فلم يزل يقاتل بها حتى شَاط في رماح القوم وخر صريعاً ، وأخذها جعفر ، فقاتل بها حتى إذا أرهقه القتال ، اقتحم عن فرسه فعقرها ، ثم قاتل حتَّى قُتِلَ ، فكان جعفر أوَّل من عَقَرَ فرسَه في الإسلام عند القتال فقُطِعَتْ يمينُه ، فأخذ الراية بيساره فَقُطِعَتْ يساره ، فاحتضن الراية حتى قُتِلَ وله ثلاث وثلاثون سنة ، ثم أخذها عبد الله بن رواحة ، وتقدم بها وهو على فرسه ، فجعل يستنزل نفسه ويتردد بعض التردد ، ثم نزل ، فأتاه ابن عم له ، بعرق من لحم فقال : شُدّ بها صُلْبَك ، فإنك قد لقيتَ في أَيَّامِكَ هَذِهِ ما لقيت فأخذها من يده فانتهس منها نهسة ، ثم سمع الحَطَمَة في ناحية الناس ، فقال : وأنت في الدنيا ، ثم ألقاه من يده ، ثم أخذ سيفه وتقدَّم ، فقاتل حتَّى قُتِلَ ، ثم أخذ الراية ثابت بن أَقْرَم أخو بني عجلان فقال يا معشر المسلمين ، اصطلحوا على رجل منكم ، قالوا : أنتَ ، قال: ما أنا بفاعل ، فاصطلح الناس على خالد بن الوليد ، فلما أخذ الراية دافع القوم ، وحاش بهم ، ثم انحاز بالمسلمين وانصرف بالناس ، وأطلع الله سبحانه على ذلك رسوله ﷺ من يومهم ذلك ، فأخبر به أصحابه ، وقال ﷺ ( لَقَدْ رَفِعُوا إِليَّ في الجَنَّةِ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ عَلَى سُرُرٍ مِنْ ذَهَبٍ فَرَأَيْتُ فِي سرير عَبْدِ الله بن رواحة ازْوِرَاراً عَنْ سَرِيرِ صَاحِبَيْهِ ، فقلت : عَمَّ هذا ؟ فقيل لي : مَضَيا ، وَتَرَدَّدَ عَبْدُ اللَّه بَعْضَ التَّرَدُّدِ ثُمَّ مَضَى ). ❝
❞ غزوة مؤته .. وهي بأدنى البلقاء من أرض الشام ، وكانت في جمادى الأولى سنة ثمان للهجرة ، وكان سببها أن رسول الله ﷺ بعث الحارث بن عمير الأزدي أحد بني لهب بكتابه إلى الشام إلى ملك الروم أو بصرى ، فعرض له شرحبيل بن عمرو الغساني ، فأوثقه رباطاً ، ثم قدّمه فضرب عنقه ، ولم يُقْتَل لرسول الله ﷺ رسول غيره ، فاشتد ذلك عليه حين بلغه الخبر ، فبعث البعوث ، واستعمل عليهم زيد بن حارثة ، وقال ﷺ ( إن أصيبَ فَجَعْفَرُ بْن أبي طالب عَلَى النَّاسِ ، فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ ، فَعَبْدُ الله بن رواحة ) ، فتجهز الناس وهم ثلاثة آلاف ، فلما حضر خروجهم ، ودع الناسُ أمراء رسول الله ﷺ ، وسلموا عليهم ، فبكى عبد الله بن رواحة ، فقالوا : ما يُبكيك ؟ فقال : أما والله ما حب الدنيا ولا صَبابَةٌ بكم ، ولكني سمعت رسول الله ﷺ يقرأ آيةً مِن كتاب الله يذكرُ فيها النار { وإن مِنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْما مقضيا } ، فلست أدري كيف لي بالصَّدَرِ بَعْدَ الوُرُودِ؟ فقال المسلمون : صحبكم الله بالسلامة ، ودفع عنكم ، وردّكم إلينا صالحين ، ثم مَضَوْا حتى نزلوا مَعَان ، فبلغ الناسَ أَن هِرَقْل بالبلقاء في مئة ألف من الروم ، وانضم إليهم من لخم ، وجُذام ، وبَلْقَيْن ، وبَهْرَاء ، وبَلي ، مئة ألف ، فلما بلغ ذلك المسلمين ، أقاموا على معان ليلتين ينظرون في أمرهم وقالوا : نكتُبُ إلى رسول الله ﷺ فَنُخبِرُه بعدد عدونا ، فإما أن يُمدنا بالرجال ، وإما أن يأمرنا بأمره فنمضي له ، فشجع الناس عبد الله بن رواحة ، فقال : يا قوم والله إن الذي تكرهون للتي خرجتُم تطلبون : الشهادة ، وما نُقاتِلُ الناس بعدد ولا قُوَّة ولا كثرة ، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا به الله ، فإنطلقوا ، فإنها إحدى الحسنيين ، إما ظَفَر وإما شَهَادَةٌ ، فمضى الناس حتى إذا كانوا بتحوم البلقاء ، لقيتهم الجموع بقرية يقال لها : مشارف ، فدنا العدو ، وانحاز المسلمون إلى مؤتة فالتقى الناس عندها ، فتعبئ المسلمون ، ثم اقتتلوا والراية في يد زيد بن حارثة ، فلم يزل يقاتل بها حتى شَاط في رماح القوم وخر صريعاً ، وأخذها جعفر ، فقاتل بها حتى إذا أرهقه القتال ، اقتحم عن فرسه فعقرها ، ثم قاتل حتَّى قُتِلَ ، فكان جعفر أوَّل من عَقَرَ فرسَه في الإسلام عند القتال فقُطِعَتْ يمينُه ، فأخذ الراية بيساره فَقُطِعَتْ يساره ، فاحتضن الراية حتى قُتِلَ وله ثلاث وثلاثون سنة ، ثم أخذها عبد الله بن رواحة ، وتقدم بها وهو على فرسه ، فجعل يستنزل نفسه ويتردد بعض التردد ، ثم نزل ، فأتاه ابن عم له ، بعرق من لحم فقال : شُدّ بها صُلْبَك ، فإنك قد لقيتَ في أَيَّامِكَ هَذِهِ ما لقيت فأخذها من يده فانتهس منها نهسة ، ثم سمع الحَطَمَة في ناحية الناس ، فقال : وأنت في الدنيا ، ثم ألقاه من يده ، ثم أخذ سيفه وتقدَّم ، فقاتل حتَّى قُتِلَ ، ثم أخذ الراية ثابت بن أَقْرَم أخو بني عجلان فقال يا معشر المسلمين ، اصطلحوا على رجل منكم ، قالوا : أنتَ ، قال: ما أنا بفاعل ، فاصطلح الناس على خالد بن الوليد ، فلما أخذ الراية دافع القوم ، وحاش بهم ، ثم انحاز بالمسلمين وانصرف بالناس ، وأطلع الله سبحانه على ذلك رسوله ﷺ من يومهم ذلك ، فأخبر به أصحابه ، وقال ﷺ ( لَقَدْ رَفِعُوا إِليَّ في الجَنَّةِ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ عَلَى سُرُرٍ مِنْ ذَهَبٍ فَرَأَيْتُ فِي سرير عَبْدِ الله بن رواحة ازْوِرَاراً عَنْ سَرِيرِ صَاحِبَيْهِ ، فقلت : عَمَّ هذا ؟ فقيل لي : مَضَيا ، وَتَرَدَّدَ عَبْدُ اللَّه بَعْضَ التَّرَدُّدِ ثُمَّ مَضَى ). ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ غزوة مؤته . وهي بأدنى البلقاء من أرض الشام ، وكانت في جمادى الأولى سنة ثمان للهجرة ، وكان سببها أن رسول الله ﷺ بعث الحارث بن عمير الأزدي أحد بني لهب بكتابه إلى الشام إلى ملك الروم أو بصرى ، فعرض له شرحبيل بن عمرو الغساني ، فأوثقه رباطاً ، ثم قدّمه فضرب عنقه ، ولم يُقْتَل لرسول الله ﷺ رسول غيره ، فاشتد ذلك عليه حين بلغه الخبر ، فبعث البعوث ، واستعمل عليهم زيد بن حارثة ، وقال ﷺ ( إن أصيبَ فَجَعْفَرُ بْن أبي طالب عَلَى النَّاسِ ، فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ ، فَعَبْدُ الله بن رواحة ) ، فتجهز الناس وهم ثلاثة آلاف ، فلما حضر خروجهم ، ودع الناسُ أمراء رسول الله ﷺ ، وسلموا عليهم ، فبكى عبد الله بن رواحة ، فقالوا : ما يُبكيك ؟ فقال : أما والله ما حب الدنيا ولا صَبابَةٌ بكم ، ولكني سمعت رسول الله ﷺ يقرأ آيةً مِن كتاب الله يذكرُ فيها النار ﴿ وإن مِنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْما مقضيا ﴾ ، فلست أدري كيف لي بالصَّدَرِ بَعْدَ الوُرُودِ؟ فقال المسلمون : صحبكم الله بالسلامة ، ودفع عنكم ، وردّكم إلينا صالحين ، ثم مَضَوْا حتى نزلوا مَعَان ، فبلغ الناسَ أَن هِرَقْل بالبلقاء في مئة ألف من الروم ، وانضم إليهم من لخم ، وجُذام ، وبَلْقَيْن ، وبَهْرَاء ، وبَلي ، مئة ألف ، فلما بلغ ذلك المسلمين ، أقاموا على معان ليلتين ينظرون في أمرهم وقالوا : نكتُبُ إلى رسول الله ﷺ فَنُخبِرُه بعدد عدونا ، فإما أن يُمدنا بالرجال ، وإما أن يأمرنا بأمره فنمضي له ، فشجع الناس عبد الله بن رواحة ، فقال : يا قوم والله إن الذي تكرهون للتي خرجتُم تطلبون : الشهادة ، وما نُقاتِلُ الناس بعدد ولا قُوَّة ولا كثرة ، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا به الله ، فإنطلقوا ، فإنها إحدى الحسنيين ، إما ظَفَر وإما شَهَادَةٌ ، فمضى الناس حتى إذا كانوا بتحوم البلقاء ، لقيتهم الجموع بقرية يقال لها : مشارف ، فدنا العدو ، وانحاز المسلمون إلى مؤتة فالتقى الناس عندها ، فتعبئ المسلمون ، ثم اقتتلوا والراية في يد زيد بن حارثة ، فلم يزل يقاتل بها حتى شَاط في رماح القوم وخر صريعاً ، وأخذها جعفر ، فقاتل بها حتى إذا أرهقه القتال ، اقتحم عن فرسه فعقرها ، ثم قاتل حتَّى قُتِلَ ، فكان جعفر أوَّل من عَقَرَ فرسَه في الإسلام عند القتال فقُطِعَتْ يمينُه ، فأخذ الراية بيساره فَقُطِعَتْ يساره ، فاحتضن الراية حتى قُتِلَ وله ثلاث وثلاثون سنة ، ثم أخذها عبد الله بن رواحة ، وتقدم بها وهو على فرسه ، فجعل يستنزل نفسه ويتردد بعض التردد ، ثم نزل ، فأتاه ابن عم له ، بعرق من لحم فقال : شُدّ بها صُلْبَك ، فإنك قد لقيتَ في أَيَّامِكَ هَذِهِ ما لقيت فأخذها من يده فانتهس منها نهسة ، ثم سمع الحَطَمَة في ناحية الناس ، فقال : وأنت في الدنيا ، ثم ألقاه من يده ، ثم أخذ سيفه وتقدَّم ، فقاتل حتَّى قُتِلَ ، ثم أخذ الراية ثابت بن أَقْرَم أخو بني عجلان فقال يا معشر المسلمين ، اصطلحوا على رجل منكم ، قالوا : أنتَ ، قال: ما أنا بفاعل ، فاصطلح الناس على خالد بن الوليد ، فلما أخذ الراية دافع القوم ، وحاش بهم ، ثم انحاز بالمسلمين وانصرف بالناس ، وأطلع الله سبحانه على ذلك رسوله ﷺ من يومهم ذلك ، فأخبر به أصحابه ، وقال ﷺ ( لَقَدْ رَفِعُوا إِليَّ في الجَنَّةِ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ عَلَى سُرُرٍ مِنْ ذَهَبٍ فَرَأَيْتُ فِي سرير عَبْدِ الله بن رواحة ازْوِرَاراً عَنْ سَرِيرِ صَاحِبَيْهِ ، فقلت : عَمَّ هذا ؟ فقيل لي : مَضَيا ، وَتَرَدَّدَ عَبْدُ اللَّه بَعْضَ التَّرَدُّدِ ثُمَّ مَضَى ). ❝
❞ الآنَ حَمِيَ الوَطيس ... وقال ابن إسحاق : وحدثني الزهري ، عن كثير بن العباس ، عن أبيه العباس بن عبد المطلب ، قال : إني لمع رسول الله ﷺ آخذُ بِحَكَمَهِ بغلته البيضاء ، قد شَجَرْتُها بها ، وكنت امرءاً جسيماً شديد الصوت قال : رسُولُ الله ﷺ يقول حين رأى ما رأى من الناس ( إِلى أَيْنَ أَيُّهَا النَّاسُ؟ ) قال : فلم أرَ الناس يَلْوُون على شيء ، فقال ﷺ ( يا عَبّاسُ اصْرَخ : يا مَعْشَر الأَنْصَارِ ، يَا مَعْشَرَ أَصْحَاب السَّمرَةِ ) ، فأجابوا : لبيك لبيك ، قال : فيذهب الرجلُ ليثني بعيره ، فلا يقدِرُ على ذلك ، فيأخذ درعه فيقذفها في عُنقه ، ويأخذ سيفه وقوسه وتُرسَه ، ويقتحم عن بعيره ، ويخلي سبيله ، ويؤم الصوت حتى ينتهي إلى رسول الله ﷺ ، حتى إذا اجتمع إليه منهم مئة ، استقبلُوا النَّاس ، فاقتتلوا فكانت الدعوة أوَّلَ ما كانت : يا للأنصار ، ثم خلصت آخراً يا للخزرج ، وكانوا صُبَّراً عند الحرب ، فأشرف رسول الله ﷺ في ركائبه ، فنظر إلى مُجتَلد القوم وهم يَجْتَلِدُونَ ، فقال ﷺ ( الآنَ حَمِيَ الوطيس ) ، وفي صحيح مسلم : ثم أخذ رسول الله ﷺ حَصَيَّات ، فرمى بها في وجوه الكُفَّارِ ، ثم قال ( انْهَزَمُوا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ ) ، فما هو إلا أن رماهم ، فما زِلْتُ أرى حَدَّهُم كليلاً ، وأمرهم مُدْبِراً ، وذكر ابن إسحاق عن جبير بن مطعم ، قال : رأيت قبل هزيمة القوم ، والناس يقتتلون يومَ حُنين ـ مثل البجادِ الأسود ، أقبل من السماء حتى سقط بيننا وبين القوم ، فنطرتُ فإذا نمل أسود مبثوث قد ملأ الوادي ، فلم يكن إلا هزيمة القوم ، فلم أشك أنها الملائكة ، قال ابن إسحاق : ولما انهزم المشركون ، أتوا الطائف ومعهم مالك بن عوف ، وعسكر بعضُهم بأوطاس ، وتوجه بعضُهم نحو نخلة ، وبعث رسول الله ﷺ في آثار من توجه قبل أوطاس أبا عامر الأشعري ، فأدرك من الناس بعض من انهزم فناوشوه القتال ، فُرُمي بسهم فقتل ، فأخذ الراية أبو موسى الأشعري ، وهو ابن أخيه فقاتلهم ، ففتح الله عليه ، فهزمهم الله ، وقتل قاتل أبي عامر ، فقال رسول الله ﷺ ( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَعُبَيْدِ أَبي عَامِرٍ وأهله ، واجْعَلْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ ) ، واستغفر لأبي موسى ، ومضى مالك بن عوف حتى تحصن بحصن ثقيف ، وأمر رسول الله ﷺ بالسَّبي والغنائم أن تُجْمَعَ فَجُمِعَ ذلِكَ كُلُّه ، ووجهوه إلى الجِعْرَانَةِ ، وكان السبي ستة آلاف رأس ، والإبل أربعة وعشرين ألفاً ، والغنم أكثر من أربعين ألف شاة ، وأربعة آلاف أوقية فضة ، فاستأنی بهم رسول الله ﷺ أن يقدموا عليه مسلمين بضع عشرة ليلة. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ الآنَ حَمِيَ الوَطيس .. وقال ابن إسحاق : وحدثني الزهري ، عن كثير بن العباس ، عن أبيه العباس بن عبد المطلب ، قال : إني لمع رسول الله ﷺ آخذُ بِحَكَمَهِ بغلته البيضاء ، قد شَجَرْتُها بها ، وكنت امرءاً جسيماً شديد الصوت قال : رسُولُ الله ﷺ يقول حين رأى ما رأى من الناس ( إِلى أَيْنَ أَيُّهَا النَّاسُ؟ ) قال : فلم أرَ الناس يَلْوُون على شيء ، فقال ﷺ ( يا عَبّاسُ اصْرَخ : يا مَعْشَر الأَنْصَارِ ، يَا مَعْشَرَ أَصْحَاب السَّمرَةِ ) ، فأجابوا : لبيك لبيك ، قال : فيذهب الرجلُ ليثني بعيره ، فلا يقدِرُ على ذلك ، فيأخذ درعه فيقذفها في عُنقه ، ويأخذ سيفه وقوسه وتُرسَه ، ويقتحم عن بعيره ، ويخلي سبيله ، ويؤم الصوت حتى ينتهي إلى رسول الله ﷺ ، حتى إذا اجتمع إليه منهم مئة ، استقبلُوا النَّاس ، فاقتتلوا فكانت الدعوة أوَّلَ ما كانت : يا للأنصار ، ثم خلصت آخراً يا للخزرج ، وكانوا صُبَّراً عند الحرب ، فأشرف رسول الله ﷺ في ركائبه ، فنظر إلى مُجتَلد القوم وهم يَجْتَلِدُونَ ، فقال ﷺ ( الآنَ حَمِيَ الوطيس ) ، وفي صحيح مسلم : ثم أخذ رسول الله ﷺ حَصَيَّات ، فرمى بها في وجوه الكُفَّارِ ، ثم قال ( انْهَزَمُوا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ ) ، فما هو إلا أن رماهم ، فما زِلْتُ أرى حَدَّهُم كليلاً ، وأمرهم مُدْبِراً ، وذكر ابن إسحاق عن جبير بن مطعم ، قال : رأيت قبل هزيمة القوم ، والناس يقتتلون يومَ حُنين ـ مثل البجادِ الأسود ، أقبل من السماء حتى سقط بيننا وبين القوم ، فنطرتُ فإذا نمل أسود مبثوث قد ملأ الوادي ، فلم يكن إلا هزيمة القوم ، فلم أشك أنها الملائكة ، قال ابن إسحاق : ولما انهزم المشركون ، أتوا الطائف ومعهم مالك بن عوف ، وعسكر بعضُهم بأوطاس ، وتوجه بعضُهم نحو نخلة ، وبعث رسول الله ﷺ في آثار من توجه قبل أوطاس أبا عامر الأشعري ، فأدرك من الناس بعض من انهزم فناوشوه القتال ، فُرُمي بسهم فقتل ، فأخذ الراية أبو موسى الأشعري ، وهو ابن أخيه فقاتلهم ، ففتح الله عليه ، فهزمهم الله ، وقتل قاتل أبي عامر ، فقال رسول الله ﷺ ( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَعُبَيْدِ أَبي عَامِرٍ وأهله ، واجْعَلْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ ) ، واستغفر لأبي موسى ، ومضى مالك بن عوف حتى تحصن بحصن ثقيف ، وأمر رسول الله ﷺ بالسَّبي والغنائم أن تُجْمَعَ فَجُمِعَ ذلِكَ كُلُّه ، ووجهوه إلى الجِعْرَانَةِ ، وكان السبي ستة آلاف رأس ، والإبل أربعة وعشرين ألفاً ، والغنم أكثر من أربعين ألف شاة ، وأربعة آلاف أوقية فضة ، فاستأنی بهم رسول الله ﷺ أن يقدموا عليه مسلمين بضع عشرة ليلة. ❝