█ _ مجموعة من المؤلفين 2024 حصريا قصص خواطر ❞ رمضان 24 ❝ عن إيفرست 24: كتاب مجمع لبعض القصص النبوية وسير الصحابيات فكر وثقافة مجاناً PDF اونلاين الثقافة تعني صقل النفس والمنطق والفطانة حيث أن المثقف يقوم نفسه بتعلم أمور جديدة كما هو حال القلم عندما يتم بريه هذا القسم يشمل العديدة الكتب المتميزة الفكر والثقافة تتعدّد المعاني التي ترمي إليها اللغة العربية فهي ترجِع أصلها إلى الفعل الثلاثي ثقُفَ الذي يعني الذكاء والفطنة وسرعة التعلم والحذق والتهذيب وتسوية الشيء وإقامة اعوجاجه والعلم والفنون والتعليم والمعارف
❞ ماريَّة القبطية
بعض العلماء يرون أنه لا مانع أن تعد مارية من أمهات المؤمنين، فحكمهم جار عليها، فلما مات الرسول صلى الله عليه وسلم لم توزع في التركة ولم تتزوج غيره لأنها تأخذ حكم أمهات المؤمنين، ˝وهذا الحكم محل إجماع من الأمة˝ حسب القول، حيث يحرم على أمهات المؤمنين أن يتزوجن بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو ما فعلته ماريا رضي الله عنها، فهكذا تصبح من أمهات المؤمنين، لكن في الكتب لا يعدون مارية في أمهات المؤمنين، فيقولون أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك تسعة، ولا يعدون مارية لأنها ملك يمين، على الرغم من أن حكمها حكم أمهات المؤمنين، والله أعلى وأعلم .
وحتى لو أن مارية القبطية لا تعد من أمهات المؤمنين، لكن لها مكانة في حياة النبي ،لذا لنتعرف علي سيرتها .
القول الراجح أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج مارية القبطية ، بل كانت أمَة له ، وكان قد أهداها له المقوقس صاحب مصر ، وذلك بعد صلح الحديبية ، وقد كانت مارية القبطيَّة نصرانيَّة ثم أسلمت رضي الله عنها. وقيل أنها أسلمت قبل وصولها للمدينة ، بدعوة من رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو حاطب بن أبي بلتعة .
قال ابن سعد:
فأنزلها – يعني مارية القبطية - رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأختها على أم سليم بنت ملحان فدخل عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليهما الإسلام فأسلمتا فوطئَ مارية بالملك وحولها إلى مال له بالعالية … وكانت حسنة الدِّين .
وقال ابن عبد البر:
وتوفيت مارية في خلافة عمر بن الخطاب ، وذلك في المحرم من سنة ست عشرة ، وكان عمر يحشر النَّاس بنفسه لشهود جنازتها ، وصلى عليها عمر ، ودفنت بالبقيع . ˝
ومارية رضي الله عنها من إمائه صلَّى الله عليه وسلَّم ، لا من أزواجه وأمهات المؤمنين هن أزوج النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ، قال الله تعالى : ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) الأحزاب/6 .
وقد كان للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم أربع إماء ، منهم مارية .
قال ابن القيم :
قال أبو عبيدة : كان له أربع : مارية وهي أم ولده إبراهيم ، وريحانة ، وجارية أخرى جميلة أصابها في بعض السبي ، وجارية وهبتها له زينب بنت جحش .
بعث بها الملك المقوقس للنبي محمد سنة 7 هـ مع حاطب بن أبي بلتعة فعرض عليها الإسلام فأسلمت، فاتخذها سرية ولم يعقد عليها، لذلك يرى بعض الفقهاء من أهل السنة والجماعة أنها أخذت حُكم أمهات المؤمنين -بعد وفاة رسول الله محمد- دون أن تُعد منهن.
أنجبت مارية للرسول ثالث أبنائه إبراهيم، الذي توفي وهو طفل صغير، وهي الوحيدة التي أنجبت للرسول من بعد زوجته الأولى خديجة بنت خويلد.
ولدت مارية في مصر في قرية حفن من كورة أنصنا. وكان أبوها عظيم من عظماء القبط، كما ورد على لسان المقوقس في حديثهِ لحامل رسالة الرسول إليه.
قصة إرسالها
قدمت مارية إلى المدينة المنورة بعد صلح الحديبية سنة 7 هـ. وذكر الرواة أن اسمها ˝مارية بنت شمعون القبطية˝.
بعد أن تم صلح الحديبية بين الرسول وبين المشركين في مكة، وبدأ الرسول في الدعوة إلى الإسلام، وكتب الرسول كتبًا إلى ملوك العالم يدعوهم فيها إلى الإسلام، وأهتم بذلك اهتماماً كبيراً، فأختار من أصحابه من لهم معرفة وخبرة، وأرسلهم إلى الملوك، المقوقس ملك مصر
التابع للدولة البيزنطية والنجاشي ملك الحبشة.
وتلقى هؤلاء الملوك الرسائل وردوها رداً جميلاً.
ما عدا كسرى ملك فارسيون، الذي مزق الكتاب.
لما أرسل الرسول كتاباً إلى المقوقس حاكم الإسكندرية
والنائب العام للدولة البيزنطية في مصر، أرسله مع حاطب بن أبي بلتعة، وكان معروفاً بحكمته وبلاغته وفصاحته. فأخذ حاطب كتاب الرسول إلى مصر وبعد أن دخل على المقوقس الذي رحب به. وأخذ يستمع إلى كلمات حاطب، فقال له ˝ يا هذا، إن لنا ديناً لن ندعه إلا لما هو خير منه˝.
اُعجب المقوقس بمقالة حاطب، فقال لحاطب: ˝ إني قد نظرت في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر بزهودٍ فيه، ولا ينهي عن مرغوب فيه، ولم أجدهُ بالساحر الضال، ولا الكاهن الكاذب، ووجدت معه آية النبوة بإخراج الخبء والأخبار بالنجوى وسأنظر˝
أخذ المقوقس كتاب النبي محمد بن عبد الله وختم عليه، وكتب إلى النبي:
«بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمد بن عبد الله، من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أما بعد فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبياً بقي، وكنت أظن أنه سيخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وأهديتُ إليك بغلة لتركبها والسلام عليك»
كانت الهدية جاريتين هما: مارية بنت شمعون القبطية وأختها سيرين بنت شمعون، وألف مثقال ذهبًا وعشرين ثوبًا وبغلته ˝دلدل˝ وشيخ كبير يسمى ˝مابور˝.
وفي المدينة، أختار الرسول مارية لنفسه، ووهب أختها سيرين لشاعرهِ حسان بن ثابت الأنصاري.
وكانت مارية بيضاء جميلة الطلعة، وقد أثار قدومها الغيرة في نفس عائشة، فكانت تراقب مظاهر اهتمام رسول الإسلام بها. وقالت عائشة: ˝ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية، وذلك أنها كانت جميلة جعدة -أو دعجة- فأعجب بها رسول الله وكان أنزلها أول ما قدم بها في بيتٍ لحارثة بن النعمان، فكانت جارتنا، فكان عامة الليل والنهار عندها، حتى فرغنا لها، فجزعت فحولها إلى العالية، وكان يختلف إليها هناك، فكان ذلك أشد علينا˝.
بعد مرور عام على قدوم مارية إلى المدينة، حملت مارية، وفرح النبي لسماع هذا الخبر فقد كان قد قارب الستين من عمرهِ وفقد أولاده ما عدا فاطمة الزهراء.
وولدت مـارية في ˝شهر ذي الحجة من السنة الثامنة للهجرة النبوية˝ طفلاً جميلاً يشبه الرسول، وقد سماه إبراهيم، تيمناً بأبيه إبراهيم خليل الرحمن.
عاش إبراهيم ابن الرسول سنة وبضع شهور يحظى برعاية النبي ولكنه مرض قبل أن يكمل عامه الثاني، وذات يوم اشتد مرضه، فرفعه الرسول وهو يقهقه (ينازع) ومات إبراهيم وهو بين يدي الرسول فبكى عليه ودمعت عيناه وكان معه عبد الرحمن بن عوف فقال له: أتبكي يارسول الله؟ فرد عليه الرسول : إنها رحمة ˝إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإن لفراقك يا إبراهيم لمحزونون ˝.
مات ابراهيم وكان ابن ثمانية عشر شهراً. وكانت وفاته يوم الثلاثاء لعشر ليال خلت من ربيع الأول سنة عشر من الهجرة النبوية المباركة، وحزنت مارية رضي الله عنها حزناً شديداً على موت إبراهيم.
مكانة مارية عند محمد
لمارية شأن كبير عند النبي محمد وفي صحيح الامام مسلم بن الحجاج قال : ˝قال رسول الله :˝انكم ستفتحون مصر، وهي أرض يسمى فيها القيراط، فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها، فإن لهم ذمة ورحماً˝، أو ذمة وصهراً˝.
وفي رواية: ˝استوصوا بأهل مصر خيراً، فإن لهم نسباً وصهراً˝.
والنسب من جهة هاجر أم إسماعيل، والصهر من جهة مارية القبطية.
مكانة مارية في القرآن
لمارية شأن كبير في الآيات وفي أحداث السيرة النبوية.
˝أنزل الله صدر سورة التحريم بسبب مارية القبطية، وقد أوردها العلماء والفقهاء والمحدثون والمفسرون في أحاديثهم وتصانيفهم˝.
وقد توفي الرسول وهو راض عن مارية، وكانت مارية شديدة الحرص على اكتساب مرضاة الرسول.
وفاة مارية
عاشت مارية ما يقارب الخمس سنوات في ظلال الخلافة الراشدة، وتوفيت في المحرم من السنة السادسة عشر. ودعا عمر بن الخطاب الناس وجمعهم للصلاة عليها. فاجتمع عدد كبير من الصحابة من المهاجرين والأنصار ليشهدوا جنازة مـارية القبطية، ودُفنت إلى جانب نساء أهل البيت النبوي، وإلى جانب ابنها إبراهيم..
هل مارية القبطية من أمهات المؤمنين؟
وإذا كانت لا تعتبر من أمهات المؤمنين، فهل يجوز لها أن تتزوج بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم؟ أو هل يجوز أن تكون سّرّية لشخص آخر بعد الرسول صلى الله عليه وسلم؟
أمهات المؤمنين تطلق عند أهل العلم على كل امرأة عقد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دخل بها، وقد جاء في الموسوعة الفقهية: يؤخذ من استعمال الفقهاء أنهم يريدون بـ ˝ أمهات المؤمنين ˝ كل امرأة عقد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل بها، وإن طلقها بعد ذلك على الراجح.
وعلى هذا فإن من عقد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدخل بها فإنها لا يطلق عليها لفظ ˝ أم المؤمنين ˝، ومن دخل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجه التَّسَرِّي لا على وجه النكاح لا يطلق عليها ˝ أم المؤمنين ˝ كمارية القبطية، ويؤخذ ذلك من قوله تعالى في سورة الأحزاب {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}.
فتبين من هذا أن مارية القبطية ليست من أمهات المؤمنين لأنه صلى الله عليه وسلم لم يعقد عليها. وإنما تسرّى بها فولدت له إبراهيم، ومع أنها ليست من أمهات المؤمنين، فإنه لا يجوز لها الزواج بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.
جاء في شرح الخرشي لمختصر خليل المالكي: ومن خصائصه عليه الصلاة والسلام أنه يَحْرُمُ على غيره أن يأخذ من دخل بها النبي عليه الصلاة والسلام ومات عنها لا طلقها، وكذا تَحْرُمُ السُّرِّيَّةُ وأم الولد التي فارقها بموت أو عتق أو بيع، وبعبارة أخرى أي ونكاح مدخولته لغيره وسواء كانت حُرَّةً أو أَمَةً.
وجاء في كتاب الحاوي للماوردي الشافعي: ˝فأما من وطئها من إمائه، فإن كانت بَاقِيَةً عَلَى مِلْكِهِ إِلَى حِينِ وَفَاتِهِ مِثْلُ مَارِيَةَ أُمِّ ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ حَرُمَ نِكَاحُهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ لَمْ تَصِرْ كَالزَّوْجَاتِ أَمًّا لِلْمُؤْمِنِينَ لنقصها بالرق، وإن كان قد باعها وملكها مشتريها بقي تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ وَعَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَجْهَانِ كَالْمُطَلَّقَةِ˝.
وعلى هذا فإن مارية القبطية بعد وفاته صلى الله عليه وسلم صارت حرة، وبالتالي فلا يجوز أن تكون سرية لغيره. والله تعالى أعلى وأعلم .
#أمهات_المؤمنين
#صفاءفوزي . ❝
❞ وفاة الرسول في بيت عائشة
لما مرض النبي محمد مرضه الأخير، كانت رغبته أن يُمرّض في بيت عائشة، فأذنت له زوجاته.
وفي فترة مرضه تلك، جاءه بلال يؤذنه بالصلاة، فقال النبي محمد: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ»
فقالت عائشة: «يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ وَمَتَى مَا يَقُومُ مَقَامَكَ يَبْكِي فَلا يَسْتَطِيعُ فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ»، فقال: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ».
وقالت عائشة بعد ذلك: «فَوَاللَّهِ مَا حَمَلَنِي حِينَئِذٍ أَنْ أُكَلِّمَهُ فِي ذَلِكَ إِلا كَرَاهِيَةَ أَنْ يَشْأَمَ النَّاسُ بِأَوَّلِ رَجُلٍ يَقُومُ مَقَامَ رَسُولِ اللَّهِ أَبَدًا».
وفي يوم الوفاة، دخل عبد الرحمن بن أبي بكر وبيده السواك، وعائشة مسندة النبي محمد إلى صدرها، فرأته ينظر إلى عبد الرحمن فعرفت أنه يحب السواك، فقالت: «آخذه لك»، فأشار برأسه أن نعم، فناولته فاشتد عليه، فقالت: «ألينه لك؟» فأشار برأسه أن نعم، فلينته. ثم حضرت النبي محمد الوفاة، فتذكر عائشة ذلك قائلة: «فَمَاتَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ يَدُورُ عَلَيَّ فِيهِ فِي بَيْتِي فَقَبَضَهُ اللَّهُ وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِي وَسَحْرِي وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِي».
تقول السيدة ˝عائشة˝ : فسقطت يد النبي و ثقلت رأسه على صدري، فعرفت أنه قد مات ، فَـ لم أدرِ ما أفعل !
فما كان منِّي غير أن خرجت من حجرتي، وفتحت بابي الذي يطل على الرجال في المسجد و أقول :
˝ مات رسول الله، مات رسول الله ˝
تقول : فـانفجر المسجد بـالبكاء
فَـهذا ˝عليّ بن أبي طالب˝ أقعد فَـلم يقدر أن يتحرك !
وهذا ˝عثمان بن عفان˝ كالصبي يؤخذ بيده يمنة و يسرى !
و هذا ˝عمر بن الخطاب˝ يرفع سيفه و يقول مَن قال أنه قد مات قطعت رأسه!
إنه ذهب للقاء ربه كما ذهب ˝موسىٰ˝ للقاء ربه و سيعود و سأقتل من قال أنه قد مات ..
أما أثبت الناس فَـكان ˝أبو بكر الصديق˝ رضي الله عنه ، دخل على النبي و احتضنه ..
وقال : وآ خليلاه ، وآ صفياه ، وآ حبيباه ، وآ نبياه و قبّل النبي
و قال : طبت حيًا وطبت ميتًا يا رسول الله ..
ثم خرج يقول ˝ مَن گان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات ، و من كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ˝. ودُفن النبي محمد في حجرة عائشة في المكان الذي توفي فيه.
ويروي سعيد بن المسيب عن عائشة أنها رأت في منامها كأن ثلاثة أقمار سقطت في حجرتي، فسألت أباها، فقال: «يَا عَائِشَةُ، إِنْ تَصْدُقْ رُؤْيَاكِ يُدْفَنُ فِي بَيْتِكِ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ ثَلاثَةٌ»، فلما توفي النبي محمد ودُفن، قال لها أبو بكر: « يَا عَائِشَةُ، هَذَا خَيْرُ أَقْمَارِكِ، وَهُوَ أَحَدُهَا». ثم دُفن بعد ذلك في حجرتها أبو بكر وعمر بن الخطاب، فكان ذلك تمام الثلاثة أقمار.
بعد وفاة النبي محمد واختيار أبي بكر خليفة للمسلمين، لزمت عائشة حجرتها، ولما أراد أزواج النبي أن يرسلن عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهن من النبي محمد، استنكرت عائشة وقالت لهن: «أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ». ولم تطل خلافة أبي بكر، فحضرته الوفاة بعد سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليال من خلافته. وقد أشرفت عائشة على مرض أبيها، فكانت تعزي نفسها ببيت شعر قائلة:
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر.
فنهاها أبو بكر عن ذلك وأمرها بتلاوة القرآن، وقال لها: « لا تَقُولِي هَكَذَا يَا بُنَيَّةُ، وَلَكِنْ قُولِي، وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ »، فعادت وأنشدت:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ربيع اليتامى عصمة الأرامل.
فقال أبو بكر: «ذَاكَ رَسُوْلُ الله ».
وقد أوصى أبو بكر عائشة أن يُدفن بجوار النبي محمد، فلما توفي حفر له في حجرة عائشة، وجُعل رأسه عند كتفي النبي محمد.
بعد وفاة أبي بكر، كرّست عائشة حياتها لنشر الدين الإسلامي، فكانت تروي الحديث وتفتي في أمور الدين، وكان عمر ثم عثمان يرسلان إليها فيسألانها. ولما طُعن عمر، أرسل ابنه عبد الله ليستأذن عائشة في أن يُدفن إلى جوار النبي محمد وأبي بكر.
فقالت عائشة: «قَدْ كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي وَلأُوثِرَنَّهُ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي».
وبعد وفاته، عاد عبد الله فاستأذن عائشة، فأذنت له، فكان عمر ثالث ثلاثة دفنوا في حجرتها.
فقه عائشة
كانت عائشة من أعلم النساء بدين الإسلام وما اتصل به من قرآن وتفسير وحديث وفقه، فقد قال مسروق بن الأجدع: «رأيت مشيخة أصحاب محمد يسألونها عن الفرائض». وكان عمر يحيل إليها كل ما يتعلق بأحكام النساء، أو بأحوال النبي البيتية، لا يضارعها في هذا الاختصاص أحدٌ على الإطلاق. وقال الزهري: «لو جُمع علم عائشة إلى علم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل».
كانت عائشة كثيرة السؤال للنبي محمد عن معاني الآيات القرآنية، فمكّنها ذلك من القدرة على تفسير القرآن.
كما تمتعت عائشة بنت أبي بكر بذاكرة قوية مكّنتها من رواية الكثير من الأحاديث عن النبي محمد، إلى جانب حفظها الكثير من الشعر والأمثال، بالإضافة إلى كثرة سؤالها للنبي محمد، حتى قال عنها ابن أبي مليكة: «كانت لا تسمع شيئًا لا تعرفه إلا وراجعت فيه حتى تعرفه»
ولمحبة النبي محمد لعائشة، كانت النساء يلجأن إلى عائشة لتنقل شكواهن إلى النبي محمد لما لها من مكانة عنده، والأمثلة كثيرة في هذا الصدد.
فتروي عائشة أن الرجل كان يُطلّق امرأته ما شاء ثم يرجعها في عدتها، وإن طلقها مائة مرة، حتى قال رجل لامرأته: «والله لا أطلقك فتبيني مني، ولا آويك أبدًا»، فقالت: «وكيف ذلك؟»، قال: «أطلقك، فكلما همت عدتك أن تنقضي راجعتك».
فذهبت المرأة إلى عائشة فأخبرتها، فانتظرت عائشة حتى جاء النبي محمد فأخبرته، فنزل الوحي بقوله:( الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاّ أَنْ يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ، فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ).
وفي مثال آخر، دخلت فتاة على عائشة تشتكي بأن أباها زوجها بابن أخيه وهي كارهة، فأخبرت عائشة النبي محمد، فأرسل إلى أبيها، فجعل الأمر إليها، فقالت: «يا رسول الله، قد أجزت ما صنع أبي، ولكني أردت أن أعلم النساء من الأمر شيئًا؟».
وبعد وفاة النبي محمد، بقيت عائشة تدافع عن المرأة، وتنكر على كل من يتكلم بشيء ينال من كرامة المرأة وتغضب منه. فقد دخل عليها يومًا رجلان فقالا: «إن أبا هريرة يحدث أن النبي كان يقول إنما الطيرة في المرأة والدابة والدار»
فغضبت ثم قالت: «كذب، والذي أنزل القرآن على أبي القاسم من حدث بهذا عن رسول الله، إنما قال رسول الله: كان أهل الجاهلية يقولون: إن الطيرة في الدابة والمرأة والدار»، ثم قرأت:( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ).
وكما كانت شديدة الدفاع عن النساء وحقوقهن، كانت شديدة الإنكار على النساء اللواتي يخالفن سنة النبي محمد وأحكام الشريعة. فقد دخل عليها يومًا نسوة من أهل الشام، فقالت: «ممن أنتن؟»
قلن: «من أهل الشام» قالت: «لعلكن من الكورة التي تدخل نساؤها الحمامات» قلن: «نعم»
فقالت: «أما إني سمعت رسول الله، يقول ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله تعالى».
ولما رأت تغيرًا في ملابس بعض النساء بعد وفاة النبي محمد، أنكرت عليهن وقالت: «لو أدرك رسول الله، ما أحدث النساء لمنعهن المسجد، كما منعه نساء بني إسرائيل».
#بعض المواقف من حياة السيدة عائشة مع الرسول صلى الله عليه وسلم
ذكر ابن سعد في طبقاته عن عباد بن حمزة أن عائشة -رضي الله عنها- قالت: يا نبي الله، ألا تكنيني؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ˝اكتني بابنك عبد الله بن الزبير˝، فكانت تكنى بأم عبد الله.
وعن هشام بن عروة عن أبيه قال: قالت لي عائشة: يابن أختي، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ˝ما يخفى عليَّ حين تغضبين ولا حين ترضين˝. فقلت: بمَ تعرف ذاك بأبي أنت وأمي؟ قال: ˝أما حين ترضين فتقولين حين تحلفين: لا ورب محمد، وأما حين تغضبين فتقولين: لا ورب إبراهيم˝. فقلت: صدقت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بعض المواقف من حياة أم المؤمنين عائشة مع الصحابة
كان من أهم المواقف في حياتها -رضي الله عنها- مع الصحابة ما جاء في أحداث موقعة الجمل في جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين، والتي راح ضحيتها اثنان من خيرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هما: طلحة والزبير رضي الله عنهما، ونحو عشرين ألفًا من المسلمين.
أثر السيدة عائشة في الآخرين
أن أعظم مدرسة شهدتها المدينة المنورة في ذلك الوقت هي زاوية المسجد النبوي التي كانت قريبة من الحجرة النبوية وملاصقة لمسكن زوج النبي صلى الله عليه وسلم، كانت هذه المدرسة مثابة للناس، يقصدونها متعلمين ومستفتين حتى غدت أول مدارس الإسلام وأعظمها أثرًا في تاريخ الفكر الإسلامي، ومعلِّمة هذه المدرسة كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
هذا وقد تخرج في مدرسة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عددٌ كبير من سادة العلماء ومشاهير التابعين، ومسند الإمام أحمد بن حنبل يضم في طياته أكبر عدد من مروياتها رضي الله عنها.
ومن أبلغ أثرها في الآخرين أنها رضي الله عنها روى عنها مائتان وتسعة وتسعون من الصحابة والتابعين أحاديثَ الرسول صلى الله عليه وسلم.
السيدة عائشة تفتي في عهد الخلفاء الراشدين
قضت السيدة عائشة رضي الله عنها بقية عمرها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كمرجع أساسي للسائلين والمستفتين، وقدوة يُقتدى بها في سائر المجالات والشئون، وقد كان الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشيختهم يسألونها ويستفتونها.
كانت أم المؤمنين عائشة الله عنها قد استقلت بالفتوى وحازت على هذا المنصب الجليل المبارك منذ وفاة النبي رضي الله عنها، وأصبحت مرجع السائلين ومأوى المسترشدين، وبقيت على هذا المنصب في زمن الخلفاء كلهم إلى أن وافاها الأجل.
ميزات السيدة عائشة
لم يتزوّج النبي صلى الله عليه وسلم بِكراً غيرها.
كانت أحبّ أزواجه إليه عليه الصلاة والسلام. برأها الله تعالى من حادثة الإفك بوحيٍ يُتلى.
تميّزت بغزارة علمها لدرجة أن كبار الصحابة يرجعون إليها في مسائل فقهية.
كان الوحي ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في لحافها دون غيرها من باقي أزواجه رضي الله عنهنّ أجمعين.
توفّي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها بين سَحرها ونحرها.
وفاتها
بعد موقعة الجمل، عادت عائشة فلزمت بيتها حتى حضرتها الوفاة في ليلة الثلاثاء 17 رمضان 58 هـ ، وصلى عليها أبو هريرة بعد صلاة الوتر، ونزل في قبرها عبد الله وعروة ابنا الزبير بن العوام من أختها أسماء بنت أبي بكر والقاسم وعبد الله ابني محمد بن أبي بكر، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، ُ في البقيع.
#أمهات_المؤمنين
#صفاءفوزي . ❝
❞ أم سلمة هند بنت أبي أمية المخزومية
هي إحدى زوجات الرسول محمد، ومن السابقين. فما سيرتها؟
نشأتها
نشأت أم سلمة في بيت من بيوت سادات قريش، فأبوها أبو أمية كان من سادات بني مخزوم وعُرف عنه فرط جوده حتى لُقّب بـزاد الركب، حيث كان إذا سافر لا يترك من يرافقه يحمل الزاد والمتاع بل يكفله بذلك. وهي ابنة عم الصحابي خالد بن الوليد، أنها أخت الصحابي عمار بن ياسر في الرضاعة.
حياتها قبل زواجها من النبي محمد
قبل الإسلام، تزوجت هند بنت أبي أمية من ابن عمها أبو سلمة المخزومي وكانا من السابقين إلى الإسلام. ولما اشتد أذى أهل مكة للمسلمين، هاجرت مع زوجها إلى الحبشة،وأنجبت ولدها سلمة هناك، ثم عادا إلى مكة بعد أن بلغ المسلمين في الحبشة أن الإسلام قد انتشر. وحين عادوا إلى مكة، وجدوا قريش لا تزال تسيطر، فلم يدخل أحد منهم مكة إلا في جوار أحد أشراف مكة. دخل أبو سلمة وزوجته أم سلمة في جوار خاله أبي طالب، وبقيا في مكة حتى هاجر النبي محمد إلى يثرب،فهمّا بالهجرة، لكن أهلها منعوا أبو سلمة من السير بها إلى يثرب، فهاجر منفردًا بابنه سلمة. ظلت أم سلمة في حزن تبكيهم، حتى رقّ أهلها لحالها، وتركوها تلحق بهم إلى يثرب.
خرجت أم سلمة تنوي الهجرة إلى يثرب دون رفيق، فرآها عثمان بن طلحة، وسألها عن وجهتها، فأخبرته. فأخذ بخطام دابتها، ورحل بها إلى مشارف يثرب، وقفل راجعًا.
وفي يثرب، أنجبت أم سلمة ثلاثة أبناء درة وعمر وزينب. وفي سنة 3 هـ، أصيب زوجها في غزوة أحد بجرح بليغ، ظل ملازمه حتى توفي في 8 جمادى الآخرة 4 هـ.
زواجها من النبي محمد
بعد انقضاء عدتها، خطبها أبو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب، فردتهما ولم توافق على أي منهما. ثم بعد ذلك خطبها النبي محمد، فقبلت أم سلمة. فدخل بها في شوال 4 هـ في حجرة أم المؤمنين زينب بنت خزيمة بعد موتها، وكان صداقها بسيطًا لا يزيد عن فراش حشوه ليف، وقدر وصحيفة كثيفة ورحى.
مكانتها عند النبي
كان لأم سلمة مكانتها عند النبي محمد، فيروى أن النجاشي أهدى إلى النبي محمد حُلّة وأواقي من مسك، فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية مسك، وأعطى أم سلمة بقية المسك والحُلَّة.
وتروي ابنتها زينب أن النبي محمد ضم إليه يومًا الحسن والحسين وفاطمة، وقال: «رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ، إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.»
فبكت أم سلمة وكانت ابنتها زينب معها، فسألها عن بكائها، فقالت: «يا رسول الله، خصصتهم وتركتني وابنتي.» فقال: «أَنْتِ وَابْنَتُكِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ.»
كما ذكرت عائشة، أن النبي محمد كان إذا صلّى العصر، دخل على نسائه واحدة واحدة، يبدأ بأم سلمة لأنها أكبرهن، ويختم بعائشة.
كان النبي محمد أيضًا يستحسن رأيها ويأخذ به، فيروى أنه بعد أن أُقر صلح الحديبية، قال النبي محمد لأصحابه: «قُومُوا فَانْحَرُوا، ثُمَّ احْلِقُوا»، فتباطأ أصحابه لعدم رضاهم عن بنود الصلح، فحزن النبي محمد ودخل على أم سلمة التي كانت معه في تلك العُمرة، فذكر لها ما لقي من الناس.
فقالت له: «يا نبي الله أتحبُّ ذلك؟ اخرج ثم لا تكلِّم أحدًا منهم كلمة حتى تنحر بُدْنَك وتدعو حالقك فيحلقك.» فخرج فلم يكلِّم أحدًا منهم حتى فعل ذلك؛ فنحر وحلق، فلمَّا رأَى أصحابه ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضًا.
كما كانت أم سلمة سببًا في نزول بعض آيات القرآن، فقد ذكر مجاهد بن جبر أنها قالت يومًا: «يا رسول الله، تغزو الرجال ولا نغزو، وإنما لنا نصف الميراث.»
فنزل الوحي بقوله تعالى:(وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا).
وبقوله:( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا )
كما روى عمرو بن دينار عن ابنها سلمة أنها قالت: «يا رسول الله، لا نَسْمَع اللهَ ذَكَر النساء في الهجرة بشيء؟»
فنزل الوحي بقوله:( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ).
حياتها بعد النبي محمد
بعد وفاة النبي محمد، لزمت أم سلمة بيتها، وعكفت على العبادة. ولجأ الكثيرون إليها لسماع الحديث والتفقه في الدين لعلمها بأحكام الشريعة. فقد سمعت أم سلمة من النبي محمد وابنته فاطمة، كما روت عن زوجها الأول أبو سلمة بن عبد الأسد. وروى عنها خلق كثير منهم أم المؤمنين عائشة وأبي سعيد الخدري.
وتُعد أم سلمة ثاني أكثر النساء رواية للحديث بعد أم المؤمنين عائشة.
وقد روت رضي الله عنها -كما ذكر الذهبي في مسندها- ثلاثمائة وثمانين حديثًا، ويقال روت 378 حديثاً.
اتَّفق البخاري ومسلم على ثلاثة عشر، وانفرد البخاري بثلاثة، ومسلم بثلاثة عشر، وقد روت -رضي الله عنها- الأحاديث الخاصَّة بمعشر النساء بغرض التعليم والتوجيه، فقد روت أن النبي كان يُقَبِّلها وهو صائم، وأنها كانت تغتسل معه من الإناء الواحد من الجنابة، وأنها كانت تنام مع النبي في لحافٍ واحد، وأنها كانت تأتيها الحيضة... فيقول لها : ˝أَنَفِسْتِ؟˝ قلتُ: نعم. قال: ˝قُومِي فَأَصْلِحِي حَالَكِ ثُمَّ عُودِي˝. فألقيتُ عني ثيابي، ولبستُ ثياب حيضتي، ثم عدتُ فدخلت معه اللحاف.
كان معظم مرويات أم سلمة في الأحكام وما اختص بالعبادات أساسًا كالطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحجوفي أحكام الجنائز والآداب والسلوكيات. كما روت في المغازي والمظالم والفتن.
مشاركة أم سلمة في أحداث عصرها:
وبعد وفاة النبي شاركت أمُّ المؤمنين أمُّ سلمة -رضي الله عنها- في أحداث عصرها؛
لم تكن أم سلمة بمنأى تام عن السياسة، فقد كتبت لعثمان بن عفان تنصحه بعد اضطراب الأمور في عهده، ويقال أنها
دخلتْ ذاتَ يوم على أمير المؤمنين عثمان بن عفان قائلة له:
˝ما لي أرى رعيَّتك عنك نافرين، ومن جناحك ناقرين، لا تُعَفِّ طريقًا كان رسول الله لَحَبَهَا، ولا تقتدح بزند كان أكباه، وتوخَّ حيث توخَّى صاحباك -أبو بكر وعمر- فإنهما ثَكَمَا الأمر ثَكْمًا ولم يظلمَا، هذا حقُّ أمومتي أَقْضِيه إليك، وإن عليك حقَّ الطاعة.
فقال عثمان: أمَّا بعد، فقد قلتِ فوعيتُ، وأوصيتِ فقبلتُ.
وبعد مقتل عثمان بن عفان والفتنة التي وقعت بين المسلمين، كتبت أم سلمة إلى عائشة حين همّت بالخروج إلى البصرة تنصحها بعدم الخروج، فشكرتها عائشة، وأوضحت لها بأن نيتها الإصلاح بين فئتين متناحرتين.
كما كتبت إلى معاوية بن أبي سفيان تذكر له فضل علي. وكانت أم سلمة حريصة على وحدة صف المسلمين، فحين قدم بُسر بن أرطاة إلى المدينة في خلافة معاوية، ورفض أن يُبايع، أتته أم سلمة، وقالت له: «بايع، فقد أمرت عبد الله بن زمعة ابن أخي أن يُبايع.»
كما عُرف عنها الفصاحة والبلاغة والإيجاز وتمكنها من اللغة.
وفاة أم سلمة رضي الله عنها:
وقد تُوُفِّيَتْ أُمُّ المؤمنين أمُّ سلمة رضي الله عنها في ولاية يزيد بن معاوية سنة ٦١ه، كما ذكر ابن حبان، وقد تجاوزت الرابعة والثمانين من عمرها، وقيل: عُمِّرت تسعين سنة رضي الله عنها.
فكانت آخر زوجات النبي محمد وفاة، ودُفنت بالبقيع، وكانت قد أوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد لما مرضت، ولكنها توفيت ومات قبلها.
#أمهات_المؤمنين
#صفاءفوزي . ❝
❞ زينب بنت جحش)
زوجة النبي، وهي امرأة من علية نساء قريش، هذب الإسلام نفسها، وشرفها الله سبحانه باختيارها زوجةً لنبيه، وأنزل الله فيها قرآنًا.. فما سيرتها؟
نشأتها
ولدت زينب بنت جحش قبل الهجرة النبوية بـ 33 سنة، وقد كان اسمها بَرَّة، فسماها النبي زينب، وتُكنّى بأم الحكم. أبوها جحش بن رئاب الأسدي كان حليفًا لسيد قريش عبد المطلب بن هاشم، ويبدو أنه لم يدرك الإسلام.
أما أم زينب فهي أميمة بنت عبد المطلب عمة النبي محمد، أختلف في إسلامها، وذكرت بعض المصادر بأن أميمة أسلمت وهاجرت وأطعمها رسول الله أربعين وسقًا من تمر خيبر، وأخوها عبد الله بن جحش أحد السابقين، وقائد سريَّة نخلة، وقد استشهد في غزوة أُحُد، ودُفن هو وخاله حمزة بن عبد المطلب عمُّ النبي صلى الله عليه وسلم في قبر واحد رضي الله عنهما.
زينب في يثرب
كانت زينب من المسلمين الأوائل، لكن لم تذكر كُتب التراجم قصة إسلامها. هاجرت زينب إلى يثرب بعد هجرة النبي محمد إليها.
وفي يثرب، خطبها النبي محمد لزيد بن حارثة، فأبت زينب في البداية، إلى أن نزل الوحي بقوله تعالى:( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا)، فقبلت زينب الزواج بزيد.
كان هذا الزواج مثالاً لتحطيم الفوارق الطبقيَّة الموروثة قبل الإسلام، بزواج زيد وهو أحد الموالي من زينب التي كانت تنتمي لطبقة السادة الأحرار. إلا أن هذا الزواج لم يسر على الوجه الأمثل، فدبّ الخلاف بين زينب وزوجها زيد، فهمّ زيد بتطليقها، فردّه النبي محمد قائلاً: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ»
فنزل الوحي بقوله تعالى:( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا). فكانت تلك الآية تشريعًا يسمح بزواج الرجل من طليقة متبناه.
زواجها من النبي محمد
بعد طلاق زينب من زيد بن حارثة، وبعد انقضاء عِدَّتها، تزوج النبي محمد بزينب. تكلَّم المنافقون في ذلك، فقالوا: «حرَّم محمد نساء الولد، وقد تزوَّج امرأة ابنه».
فنزل الوحي بقوله تعالى:( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا)
وقال أيضًا:( ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا )
كان زواج النبي محمد بزينب في ذي القعدة 5 هـ، بعد غزوة بني قريظة. وخرجت زينب بنت جحش مع النبي في اثنتين من غزواته وهما خيبر والطائف. كما خرجت معه في حجة الوداع.
مكانة زينب بنت جحش
كان لزينب عند النبي محمد مكانة عالية، فقد قالت أم المؤمنين عائشة عنها: «كانت زينب هي التي تساميني من أزواج النبي، ولم أرَ امرأة قطُّ خيرًا في الدين من زينب، وأتقى لله، وأصدق حديثًا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشدَّ ابتذالاً لنفسها في العمل الذي يُتصدَّق به، ويُتقرب به إلى الله، ما عدا سورة من حدَّة كانت فيها، تُسرع منها الفيئة.»
وقد وصفها النبي محمد بأنها أوَّاهة.
عُرف عن زينب بنت جحش حبها للخير وكثرة تصدُّقها، كما عُرف عنها زهدها في الدنيا.
عن عائشة رضي الله عنها: أن بعض أزواج النبي قلن للنبي أيُّنا أسرع بك لحوقًا؟ قال: ˝أَطْوَلُكُنَّ يَدًا˝. فأخذوا قصبة يذرعونها، فكانت سودة أطولهن يدًا، فعلمنا بعدُ أنما كانت طول يدها الصدقة، وكانت أسرعنا لحوقًا به، وكانت تحبُّ الصدقة.
وقد روت زينب بنت جحش عن النبي محمد طائفة من الأحاديث، وروى عنها ابن أخيها محمد بن عبد الله وغيره.
كما كانت آية الحجاب:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا)
في شأن وليمة عرسها على النبي محمد، حيث أطال بعض القوم المقام بعد الوليمة، فنزلت تلك الآية.
ونزل قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) في حادثة هجر النبي لبعض زوجاته بعد أن تواطئن لمكث النبي محمد عند زوجته زينب بنت جحش.
وقد اختلف العلماء في تفسير سبب نزول تلك الآية فبعضهم مثل ابن كثير يرجعها إلى موقف حفصة ومارية والبعض يرى سبب نزولها في زينب بنت جحش والله أعلى وأعلم .
وفاتها
توفيت زينب بنت جحش سنة 20 هـ، وعمرها 53 سنة، وحين حضرتها الوفاة قالت: «إني أعددت كفني، فإن بعث عمر لي بكفن فتصدقوا بأحدهما، وإن استطعتم إذا دليتموني أن تتصدقوا بحقوتي فافعلوا.» وقد ماتت ولم تترك درهماً ولا ديناراً، ودفنت بالبقيع.
وقد صلى عليها الخليفة وقتئذ عمر بن الخطاب، وأنزلها في قبرها ابن أخيها محمد بن عبد الله بن جحش.
وقد بيع منزلها للوليد بن عبدالملك حين عزم على توسعة المسجد النبوي بخمسين ألف درهم .
#أمهات_المؤمنين
#صفاءفوزي . ❝
❞ الزوجة الرابعة
(حفصة بنت عمر بن الخطاب)
إحدى زوجات الرسول محمد، وابنة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب وشقيقة الصحابي عبد الله بن عمر . فما هي سيرتها؟
نشأتها
ولدت حفصة بنت عمر بن الخطاب في مكة، قبل بعثة النبي محمد بخمس سنوات، وهو العام الذي أعادت فيه قريش بناء الكعبة، ويجتمع نسبها مع النبي محمد في كعب بن لؤي. وحفصة هي أكبر أبناء عمر بن الخطاب سناً.
في حياة النبي محمد
تزوَّجت حفصة من خُنَيْس بن حذافة بن عدي السهمي، وأسلما معاً في مكة، ولما اشتد أذى أهل مكة للمسلمين، هاجر خُنَيْس منفرداً إلى الحبشة، ثم عاد وهاجر مع زوجته حفصة إلى يثرب. شارك خنيس في غزوة أحد مع المسلمين، وأصيب فيها بجراح تُوفِّي على إثرها فيما بعد. ولما تُوفي خنيس، عرض عمر على كل من عثمان بن عفان وأبي بكر أن يتزوج أحدهما من حفصة، فأبيا. ثم خطبها النبي محمد لنفسه، فقبل عمر.
كان ذلك الزواج في شعبان 3 هـ على صداق قدره 400 درهم، وذلك بعد زواج النبي محمد من عائشة، وهي الرابعة في ترتيب زوجاته بعد خديجة وسودة وعائشة. وكان عمر حفصة وقتها نحو 20 عاماً.
وقد اشتكت نساء النبي محمد يوماً من ضيق النفقة، وتكلمن معه في ذلك في وقت كان أبو بكر وعمر عند النبي محمد، فهمّ كل منهما بضرب وتأنيب ابنته لولا أن نهاهما النبي محمد عن ذلك.
فنزل الوحي بتخيير نساء النبي، قائلاً:( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا، وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا، يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا، وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا، يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا ). فاخترن الله ورسوله.
شخصيتها
عُرف عن حفصة بنت عمر غيرتها على النبي محمد من زوجاته الأخريات، فقد روى البخاري أن نساء النبي محمد كن حزبين، حزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة، والآخر فيه أم سلمة وباقي نساء النبي محمد. وقد ذكر الشوكاني في فتح القدير أن النبي محمد قد أصاب جاريته مارية القبطية أم ولده إبراهيم في غرفة زوجته حفصة، فغضبت حفصة. فحَرم الرسول مارية على نفسه .
وقد نزل الوحي يروي تلك القصة، بقوله تعالى:( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
فكفّر النبي محمد عن يمينه، وأصاب مارية. ويقال إن النبي قد طلق حفصة ثم ردها بعد ذلك.
وعن غيرتها من زوجته صفية، روى أنس بن مالك أن صفيَّة بلغها أن حفصة قالت: «صفيَّة بنت يهودي»، فبكت واشتكت للنبي محمد، فقال لصفية: «إِنَّكِ لابْنَةُ نَبِيٍّ، وَإِنَّ عَمَّكِ لَنَبِيٌّ، وَإِنَّكِ لَتَحْتَ نَبِيٍّ، فَفِيمَ تَفْخَرُ عَلَيْكِ؟» ثم قال لحفصة: «اتَّقِي اللَّهَ يَا حَفْصَةُ.» وغير ذلك من المواقف التي تحدث بين النساء.
كما عُرف عنها البلاغة و الفصاحة، ولها خطبة مشهورة قالتها بعد مقتل أبيها، وقد كانت حفصة من قلة النساء اللاتي تعلمن الكتابة وقتئذ، تعلمتها على يد الصحابية الشفاء بنت عبد الله.
وقد أشادت أم المؤمنين عائشة، بحفصة بنت عمر، فقالت عنها: «هي التي كانت تساميني من أزواج النبي»، وقالت أيضاً عنها: «ما رأيت صانعاً مثل حفصة، إنها بنت أبيها».
وقد روت أم المؤمنين حفصة بنت عمر أحاديث عن النبي محمد وعن أبيها بلغت ستين حديثاً. وكانت إحدى أهمِّ الفقيهات في العصر الأوَّل في صدر الإسلام، وكثيرًا ما كانت تُسأل فتجيب رضي الله عنها وأرضاها.
حياة حفصة بعد النبي محمد
بعد وفاة النبي محمد، لزمت حفصة بنت عمر بيتها، ولم تخرج منه، ولم يرد ذكرها سوى في حدثين هامين، الأول بعد حروب الردة، وما أصاب المسلمين من فقد الكثير من حفظة القرآن.
قرر أبو بكر جمع القرآن بمشورة من عمر بن الخطاب، فأمر زيد بن ثابت بجمعه في مصحف واحد ظل عند أبي بكر حتى وفاته، ثم صار عند عمر. وبعد وفاة عمر، صار هذا المصحف في حوزة حفصة.
ثم اختلف الناس في زمن عثمان بن عفان، لاختلاف القراءات حول أيها أصح، فأرسل عثمان إلى حفصة يطلب المصحف لينسخ منه عدداً من النسخ. وقد نتج عن هذا كله أن لُقِّبت السيدة حفصة -رضي الله عنها- بحارسة القرآن.
والثاني لما أرادت عائشة الخروج إلى البصرة إثر الفتنة التي ضربت المسلمين بعد مقتل عثمان بن عفان، همَّت حفصة بالخروج معها، إلا أن أخاها عبد الله بن عمر حال بينها وبين الخروج.
دار حفصة بنت عمر
وتقع هذه الدار جنوب المسجد النبوي، وكانت حفصة بنت عمر بن الخطاب قد ابتاعت تلك الدار من أبي بكر الصديق، وبقيت في يدها إلى أن أراد عثمان بن عفان توسعة المسجد، فطُلبت منها فامتنعت قائلة:˝ كيف بطريقي إلى المسجد، فقال لها عثمان: نعطيك داراً أوسع منها ونجعل لك طريقاً مثلها، فسلمت ورضيت˝.
وفاتها
توفيت حفصة في شعبان 41 هـ بالمدينة في أول خلافة معاوية بن أبي سفيان، وصلى عليها مروان بن الحكم أمير المدينة في ذلك الحين، ودفنت في البقيع، ونزل في قبرها أخواها عبد الله وعاصم.
#أمهات_المؤمنين
#صفاءفوزي . ❝
❞ المقدمة
أمهات المؤمنين زوجات الرسول اللاتي ارتضاهن الله عز وجل زوجات لنبيه صلى الله عليه وسلم تكريمًا للرفعة والمنزلة، وتتويجًا للفضل والعطاء، وتقديرًا للدور العظيم في مسيرة الدعوة الإسلامية، جاءت الكنية ˝أُمَّهات المؤمنين˝ لتكون وسامًا على صدور زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم اللائي تزوَّج بهن، وذلك في نحو قوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} ، وكان الهدف من إطلاق هذه الكنية عليهن تقرير حرمة الزواج بهن بعد مفارقته صلى الله عليه وسلم لهن، وهو الحكم الوارد في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} .
وزوجات النبي صلى الله عليه وسلم لهن فضل ومزية عن بقية نساء المسلمين بنص القرآن الكريم في سورة الأحزاب أيضًا فقال تعالى:{يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ}
وقد اختلف العلماء في عدد زوجات الرسول، وسبب الاختلاف السيدة مارية القبطية رضي الله عنها فقد اختلف في أمرها هل كانت زوجة له أم ملك يمين؟
وها هي أسماء زوجاته صلى الله عليه وسلم، وهن الأشهر.
١)خديجة بنت خويلد
٢)سودة بنت زمعة
٣)عائشة بنت أبي بكر
٤)حفصة بنت عمر
٥)زينب بنت خزيمة
٦)«أم سلمة» هند بنت أبي أمية
٧)زينب بنت جحش
٨)جويرية بنت الحارث
٩)«أم حبيبة» رملة بنت أبي سفيان
١٠)صفية بنت حيي
١١)ميمونة بنت الحارث
واختص الله نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم بخصائص كثيرة على غيره من البشر؛ إظهارًا لقدره ومكانته، وإعلاءً لمرتبته وشأنه، ومن ضمن الخصائص التي اختص الله بها سيدنا محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم كثرة زوجاته، فقد أباح الله عز وجل له الزواج بأكثر من أربع.
فهذا الحكم من خصائصه صلى الله عليه وآله وسلم التي انفرد به دون غيره من الأمة، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم معصوم من الجور الذي قد يقع فيه غيره، إضافة لما في زواجه بأكثر من أربع من تحقيق لأهداف وحكم هامة.
وكثرة زواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن الهدف منه التمتع وإشباع الشهوة، وإنما كان الهدف أسمى من ذلك وأعلى؛ ففي زواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أمهات المؤمنين رضي الله عنهنَّ كثير من الحكم التشريعية والإنسانية والتعليمية، إضافة إلى ما يتعلق بمصلحة الدعوة وتبليغ الرسالة، فقد حرص في بعضها صلى الله عليه وآله وسلم على توثيق الرابطة بين الإسلام وبعض القبائل، كما حدث عندما تزوج بالسيدة جويرية بنت الحارث سيد بني المصطلق، الذي كان من آثاره إسلام جميع قبيلتها، وكزواجه من السيدة أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان، والسيدة صفية بنت حيي بن أخطب.
وكان الهدف في بعضها الآخر تكريم أرامل الشهداء الذين ماتوا في الحبشة، أو استشهدوا من أجل الدعوة في سبيل الله، وتُركوا أرامل لا يقدرون على تحمل أثقال الحياة وأعبائها الجمة، مثل السيدة أم سلمة، والسيدة زينب بنت خزيمة، والسيدة سودة بنت زمعة.
وكان في بعضها الآخر زواجًا تشريعيًّا كزواجه صلى الله عليه وآله وسلم من السيدة زينب بنت جحش، وذلك لهدم نظام التبني الذي كان موجودًا عند العرب، ومنها توثيق أواصر الترابط بينه وبين صاحبيه الجليلين أبى بكر وعمر، وتكريمهما بشرف المصاهرة به، وذلك ظاهر في زواجه صلى الله عليه وآله وسلم بالسيدة عائشة بنت أبي بكر والسيدة حفصة بنت عمر رضي الله عنهم.
وثمة أمر آخر هام وهو أن الإسلام -الذي هو خاتم الأديان- بحاجة إلى من يبلغ أحكامه الشرعية الخاصة بالنساء وهي كثيرة، وزوجة واحدة لا تستطيع القيام بهذا العبء وحدها، فالأمر أكبر من ذلك بكثير، وقد ذكر رواة السنة أن نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم رَوَيْنَ أكثر من ثلاثة آلاف حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن ثَم فقد ساهمت أمهات المؤمنين -خاصة السيدتان عائشة وأم سلمة- مساهمة فعالة في نقل السنة النبوية، وهي المصدر الثاني للتشريع بعد كتاب الله إلى الأمة الإسلامية.
ومن ثم فإنَّ لكل من زواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأمهات المؤمنين حكمة وسببًا، يزيدان في إيمان المسلم بعظمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ورفعة شأنه وكمال أخلاقه.
#أمهات المؤمنين
من بعض صفات زوجات الرّسول محمد عليه الصلاة والسلام: صحّة الاعتقاد وسلامة التّوحيد، الصّبر والتّحمل، العفّة والطّهارة، حبّ العلم والتّعلم،الغِيرة على رسول الله وحفظه في غيابه، الكرم والجود.
#أمهات المؤمنين
كن خير الأزواج لخير زوج، حياتهن قدوة لكل مسلمة، وتتبع سيرتهن من صور حبهن رضي الله عنهن، فهن اللاتي ارتضاهن الله أن يكن زوجات لرسوله وأمهات للمؤمنين، فمع دراسة هادفة لحياتهن وبيان فضلهن، وبيان الدروس المستفادة لنساء المسلمين . ❝
❞ بنات النبي
كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إذا وُلدت له ابنةٌ فرِح واستبشر بها، وأسماها اسماً حسناً، وأحسن تربيتها ونشأتها، وبناته -صلى الله عليه وسلم- قد نَشَأْنَ في بيت النبوّة؛ أبوهنّ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأمّهنّ خديجة -رضي الله عنها- أول من أسلمت على الإطلاق، وحين كَبِرْن؛ حرص على تزويجهنّ الأتقياء الصالحين الأكفاء، وكان ذلك، وهو قبل ذلك كان يستشيرهنّ ويسألهنّ.
الابنة الأولى
˝زينب˝
زينب بنت محمد بن عبد الله، أكبر بنات النَّبي محمد من زوجته خديجة بنت خويلد، واختُلف أيّهما أكبر هي أم القاسم، وُلدت قبل البعثة النبوية بعشر سنوات، وأدركت الإسلام وهاجرت إلى المدينة المنورة، وتُوفّيت سنة 8 هـ عند زوجها وابن خالتها أبو العاص بن الربيع وعمرها يومئذٍ قريب الثلاثين.
(حياتها)
وُلدت زينب في مكة سنة 23 ق.هـ الموافق 600 أي قبل بعثة النبي محمد بعشر سنوات، وعمره يومئذٍ ثلاثين عامًا. تزوّجها أبو العاص بن الربيع ابن خالتها هالة بنت خويلد، وقد كانت خديجة بنت خويلد قد طلبت من النبي محمد تزويجها إياه، والذي كانت تعدّه بمنزلة ولدها، وقد كان ذلك قبل بعثة النبي محمد وعُمرها يومئذٍ أقل من عشرة أعوام.
ولمّا بُعث النبي محمد، أسلمت زينب وبقي زوجها على دينه، وجعلت قريش تدعو أبا العاص لمفارقة زوجته زينب، فكان يردّ عليهم بقوله «لا والله، إنِّي لا أفارق صاحبتي، وما أحبُّ أنَّ لي بامرأتي امرأة من قريش»، فبقيت زينب عند زوجها كلٌّ على دينه.
أنجبت زينب من زوجها أبي العاص ولدًا وبنتًا، فأمّا الولد فاسمه عليّ، مات وهو صغير، والبنت اسمها أمامة تزوّجها علي بن أبي طالب بعد وفاة فاطمة الزهراء، وتزوّجها المغيرة بن نوفل بعد وفاة علي بن أبي طالب وهي التي ورد في حديث نبوي أنّ النبي محمد حملها على عاتقه في صلاة الفجر.
(وقوع زوجها بالأسر)
بعد هجرة النبي محمد إلى المدينة المنورة، خرج أبو العاص مع قريش محاربة ضد المسلمين في غزوة بدر سنة 2 هـ، وبقيت زوجته زينب في مكة، ومع انتهاء الغزوة لصالح المسلمين، وقع أبو العاص أسيرًا بأيدي المسلمين، وكان الذي أسره اسمه خِرَاش بن الصِّمَّة. ولما أرسل أهل مكة الأموال في فداء أسراهم، أرسلت زينب في فداءه بقلادة كانت لها من أمّها خديجة بنت خويلد، فتأثر النبي محمد لذلك، وقال لأصحابه الذين أسروه: «إن رأيتم أن تُطلقوا لها أسيرها وتردُّوا عليها مالها فافعلوا»، فأطلقوا سراحه وردّوا مالها. وقد كان النبي محمد قد اشترط على أبي العاص أن يخلّي سبيلها ويأذن لها بالهجرة إلى المدينة المنورة، فوفّى بذلك.
زينب
هجرتها إلى المدينة
بعد إطلاق سراح زوجها وعند وصوله مكة أمرها زوجها باللحوق بأبيها في المدينة المنورة وفاءً لوعده، فبدأت زينب بالتجهّز للرحلة، وعَرضت هند بنت عتبة مساعدتها فرفضت وأنكرت تجهّزها خوفًا منها. ولمّا انتهت من جهازها، جاءها أخو زوجها كنانة بن الربيع فحملها على بعير له فركبته وهي في هودج، فخرج بها نهارًا حاملاً قوسه معه يحرسها، فعلمت بذلك قريش ولحقوا بها، وكان أول من سبق إليها رجل يُدعى هبّار بن الأسود وآخر اسمه نَافِع بن عبد قيس، فأخافها هبّار برمح له وهي في الهودج، وتذكر الروايات أنّها كانت حاملاً، فلمّا خافت أسقطت حملها. وتفاوض أبو سفيان مع كنانة بأن يرجع بها إلى مكة وينطلق بها سرًا ليلاً خوفًا من أن يتحدث أهل مكة بذلك، ففعل كنانة ذلك، وسلّمها لزيد بن حارثة ورجلٌ آخر كان النبي محمد قد أرسلهما بعد غزوة بدر بشهر لاصطحابها إلى المدينة.
وقد أرسل النبي محمد لاحقا سرية لقتل هبّار ونافع، فقال: «إنْ ظَفِرْتُمْ بِهَبَّارِ ابْن الْأَسْوَدِ، أَوْ الرَّجُلِ (أي نافع بن عبد قيس) الَّذِي سَبَقَ مَعَهُ إلَى زَيْنَبَ فَحَرَّقُوهُمَا بِالنَّارِ». ثمّ في اليوم التالي أرسل للسريّة: «إنِّي كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ بِتَحْرِيقِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إنْ أَخَذْتُمُوهُمَا، ثُمَّ رَأَيْتُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إلَّا اللَّهُ، فَإِنْ ظَفَرْتُمْ بِهِمَا فَاقْتُلُوهُمَا».
إسلام زوجها
بعد انتقال زينب للعيش في المدينة المنورة، بقي أبو العاص مقيمًا في مكة، وفي عام 8 هـ قبل فتح مكة بقليل، سافر أبو العاص بمالٍ له لبعض قريش متاجرًا إلى الشام، فلمّا عاد اعترضته أحد سرايا النبي محمد وأخذوا ما معه من مال، فذهب أبو العاص ودخل المدينة المنورة ليلاً، واستجار بزينب، فصرخت بالناس فجرًا وهم يصلّون: «أيُّها النَّاس، إنِّي قد أَجَرتُ أَبَا العَاص بن الرَّبيع»، فأقرّ ذلك النبي محمد بقوله: « إنَّهُ يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ». ثمّ طلب النبي محمد ممن أغاروا عليه وسلبوا ماله أن يردوا عليه ماله، ففعلوا، ثمّ عاد بأمواله كاملة إلى مكة وأعاد أموال قريش لهم، ثم أعلن إسلامه وعاد مهاجرًا إلى المدينة المنورة.
وعند وصوله المدينة المنورة ردّ النبي محمد ابنته زينب إلى أبي العاص كزوجة له بعقد نكاح ومهر جديدين، وقيل على عقد نكاحها الأول.
وفاتها
تُوفيت زينب في حياة النبي محمد قيل في عام 8 هـ الموافق 629 عن عمر يقارب الـ 29 عامًا، ويُروى في سبب موتها أنّها مرضت بسبب ما تعرّضت له أثناء هجرتها إلى المدينة المنورة من إسقاط حملها، فلم يزل بها المرض حتى ماتت.
#بنات_النبي
#صفاءفوزي . ❝
❞ *ملخص الدرس الرابع*
_________
✍ *المسألة الثالثة* :
◼️ *ما يكره و يحرم من الصيام* -:
1- *يكره إفراد شهر رجب بالصيام لماذا؟*
ج. لأن ذلك من شعائر الجاهليه و قد كانوا يعظمون هذا الشهر.
______________
*س. هل يجوز صيامه مع غيره؟*
-ج. نعم لأنه لا يكون حينئذ مخصصاً له بالصيام.
-روى *احمد بن خرشة بن الحر*
قال:رأيت عمر بن الخطاب يضرب أكف المترجبين ،حتى يضعوها فى الطعام و يقول:
˝كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية.˝
________________
س/ *متي يستحب الصيام فى شهر رجب؟*
ج.إذا كان دون تخصيص وصامه لأنه من الأشهر الحرم لحديث النبى للصحابى ˝صم من الحرم واترك˝
_______________
متى يكره صيام رجب و متى لا يكره؟
ج. إن خص رجب لكونه رجب يُكره.. و إن خصه لأنه من الأشهر الحرم لا إشكال.
2-كره إفراد يوم الجمعة بصيام.
-لقوله صلى الله عليه و سلم ˝ لا تصوموا يوم الجمعة ، إلا أن تصوموا يوما قبله أو يوما بعده .˝
______________
س/ *ماذا يستثنى من صيام رجب* ؟
1-يثتثني إذا صام يوما قبله او بعده للحديث السابق.
2- و من كان يصوم يوما و يفطر يوما .لانه لم يتعمد افراده لحديث أبى هريرة ˝لا تخصوا ليلة الجمعةبصيام و لا يوم الجمعة بصيام إلا فى صوم يصومه أحدكم.˝
3- إفراد يوم السبت بصيام-:
لقوله صلى الله عليه و سلم ˝لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم˝
⬅النهى عن إفراده و تخصيصه بالصيام.
______________
س/ *متي يكون صيامه لا كراهة فيه* ؟
*ج.1-* اذا ُضم لغيره .لقوله صلى الله عليه و سلم لأم المؤمنين جويرية و قد دخل عليها يوم الجمعه و هى صائمه :˝أصمت أمس˝ قالت:لا. قال :˝تريدين أن تصومى غدا؟˝قالت :لا. قال ˝فأفطري. ˝
دل قوله صلى الله عليه و سلم ˝تريدين أن تصومى غدا ˝على جواز صيام السبت مع غيره.
2- لو حد صادف معه يوم السبت لا بأس .
_________________
*حد كان بيصوم (3أيام) من كل شهر فلقى يوم السبت مناسب معاه ما حكمه؟*
ج. فيها خلاف كلام الإمام الترمذى رحمه الله عقب إخراجه حديث النهى الماضي :
و معنى الكراهية فى هذا️️⬅️
أن يخص الرجل يوم السبت بصيام؛لأن اليهود يعظمون يوم السبت⤵˝
⬅قول جيد إختاره الإمام ابن تيميه و ابن القيم و العالمه ابن حجر.
كلام الإمام الترمذى بيقول ينفع.
⬅بعض العلماء قالوا يكره إلا إذا كان يوم و يوم.
_____________
4- تحريم صيام يوم الشك
( *هو يوم الثلاثين من شعبان* ) :-إذا كان فى السماء ما يمنع رؤية الهلال فإن كانت السماء صحواً فلاشك.
________________
*ما هو دليل تحريمه؟*
ج. حديث عمار رضى الله عنه قال: ˝من صام اليوم الذى يشك فيه فقد عصي أبا القاسم˝
______________
س/إذا كانت الرؤية واضحة ما حكم صيام الثلاثين؟
*ج. إذا صامه الإنسان على أنه يوم من شعبان لا بأس بذلك)و الأفضل ألا يفعل ( لكن لا يحرم*.
*أما إذا صامه) كورٍد له( مثل صيام يوم و يوم..أو اثنين و خميس لا كراهة و لا تحريم فى صيامه*.
______________
إذا كانت الرؤية غير واضحه ما الحكم؟
إذا صامه احتياطى خوفاً من كونه من رمضان ⬅ *لا يجوز* لأن العبادة لا تتم إلا بيقين و حتى لو تبين
بعد ذلك و خلص رمضان و طلع 28يوم هنقضي اليوم بعدها.
نُهينا عن التكلف.
____________
ما الذى يثتثنى من الصيام اذا كانت الرؤية غير واضحه؟
ج. يثتثنى من ذلك القضاء و النذر اذا كان حد عليه قضاء و اليوم دا اللى هيكمل اللى باقيله . أو لو حد نذر
يصوم 6ايام مثال من شعبان و دا اليوم اللى هيكملهم.
5 -يُحرم صوم يومي العيدين
لحديث أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه ˝نهى النبى صلى الله عليه و سلم عن صوم يوم الفطر و النحر˝ و لحديث عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال ˝هذان يومان نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن صيامهما يوم فطركم من صيامكم و اليوم الآخر تأكلون فيه من نسككم˝
📍 *في الفطر العيد يوم واحد*.
📍 *فى الأضحى العيد 3 أيام*.
6- كره صوم أيام التشريق.
_______________
س/ *ما هي أيام التشريق* ؟!
هى ثلاثة أيام بعد يوم النحر: الحادى عشر و الثانى عشر و الثالث عشر ، لقوله صلى الله عليه و سلم ˝أيام أكل و شرب و ذكر الله عز وجل .˝
_____________
س/ *لمن رخص صيام أيام التشريق* ؟
ج. رخص فى صيامها للمتمتع و القارن إذا لم يجد ثمن الهدى.
📍 *المتمتع الذى يعتمر ثم يحج*.
📍 *القارن الى بيحج و يعتمر*.
دى ميزه اخدوها ⬅هو لازم يقدم هدى.
إذا لم يمتلك ثمنه يصوم 3ايام فى الحج و لو ضاق الوقت ممكن يصوم آيام التشريق و سبعة بعد الرجوع.
#يتبع . ❝
❞ تجارة خديجة
كانت خديجة ترسل الرجال في تجارتها إلى الشام واليمن، وكانت دائمَة التدقيق والتمحيص فيمن تختاره حتى تضمن سلامة أموالها وعظيم ربحها، فلما بلغها عن محمد ما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه، تذكرت عندما كانت تجلس مع نساء أهل مكة يوم اجتمعن في عيد لهنَّ في الجاهلية، فتمثل لهن رجل فلما قرب نادى بأعلى صوته: يا نساء تيماء إنه سيكون في بلدكن نبي يقال له أحمد يُبعث برسالة الله فأيما امرأة استطاعت أن تكون زوجًا له فلتفعل، فحصبته النساء وقبحنه وأغلظن له وأغضت خديجة على قوله ولم تعرض له فيما عرض له النساء، فبعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج في مالها تاجرًا إلى الشام، وقيل بل إن أبا طالب عم الرسول هو من أشار إليه بالعمل في تجارة خديجة وقال له: «أنا رجل لا مال لي، وقد اشتد الزمان علينا، وهذه عير قومك قد حضر خروجها إلى الشام، وخديجة بنت خويلد تبعث رجالا من قومك في عيراتها، فلو جئتها فعرضت نفسك عليها لأسرعت إليك».
وبلغ خديجة ما كان من محاورة الرسول وعمه، فأرسلت إليه في ذلك، وقالت: أنا أعطيك ضعف ما أعطي رجلا من قومك، فقال أبو طالب: هذا رزق قد ساقه الله إليك، فخرج مع غلام خديجة ميسرة، وأوصته أن يقوم على خدمته وألا يخالف له أمرًا وأن يرصد لها أحواله، وجعل عمومة الرسول يوصون به أهل العير، فلما قدما بصرى من الشام، نزلا في ظل شجرة، فقال نسطور الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي، ثم قال لميسرة: أفي عينيه حمرة قال ميسرة: نعم لا تفارقه، قال: هو نبي، وهو آخر الأنبياء، ثم باع سلعته، فوقع بينه وبين رجل خلاف، فقال رجل احلف باللات والعزى، فقال الرسول: ما أحلف بهما قط وإني لامرؤ، فأعرض عنهما، فقال الرجل: القول قولك، ثم قال لميسرة: هذا والله نبي تجده أحبارنا منعوتًا في كتبهم، وكان ميسرة إذا كانت الهاجرة واشتد الحر يرى ملكين يظلان الرسول من الشمس، فوعى ذلك كله ميسرة، وكان الله قد ألقى عليه المحبة من ميسرة، فكان كأنه عبد له، وباعوا تجارتهم وربحوا ضعف ما كانوا يربحون، فلما رجعوا، قال ميسرة: يا محمد انطلق إلى خديجة، فأخبرها بما صنع الله لها على وجهك فإنها تعرف لك ذلك، فتقدم محمد حتى دخل مكة في ساعة الظهيرة، وخديجة في عليةٍ لها فرأته وهو على بعيره، ودخل عليها فأخبرها بما ربحوا في تجارتهم، فسرت بذلك، فلما دخل عليها ميسرة أخبرها بما قال الراهب، وبما قال الآخر الذي خالفه في البيع، وكانت قد ربحت ضعف ما كانت تربح، وأعطت لمحمد ضعف ما خصصت له.
زواج خديجة من النبي
أخذت خديجة تفكر في أمر محمد بعدما سمعته من غلامها ميسرة، وبعدما رأت من أمانته وصدقه، فأفضت بسرها لصديقتها نفيسة أخت الصحابي يعلي بن أمية وقالت: «يا نفيسة إني أرى في محمد بن عبد الله ما لا أراه في غيره من الرجال، فهو الصادق الأمين وهو الشريف الحسيب وهو الشهم الكريم، وهو إلى ذلك له نبأ عجيب وشأن غريب، وقد سمعت ما قاله غلامي ميسرة عنه، ورأيت ما كان يظلله حين قدم علينا من سفره، وما تحدث به الرهبان عنه، وإن فؤادي ليكاد يجزم أنه نبي هذه الأمة»، فقالت نفيسة لخديجة: تأذنين وأنا أدبر الأمر، قالت نفيسة: فأرسلتني خديجة إليه دسيساً أعرض عليه نكاحها فقبل.
بعد أن رضي محمد بالزواج من خديجة كلّم أعمامه أبو طالب والعباس وحمزة فذهبوا إلى عم خديجة وخطبوها إليه وقال أبو طالب خطيبًا: «الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم، وزرع إسماعيل، وجعلنا حَضَنَةَ بيته، وسوّاس حرمه، وجعل لنا بيتًا محجوجًا، وحرمًا آمنًا، وجعلنا حكام الناس، إن ابن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن به رجل من قريش شرفاً ونبلاً وفضلاً إلا رجح به، وهو إن كان في قل فإن المال ظل زائل، وأمر حائل، وعارية مسترجعة، اليوم معك وغداً يكون مع فلان وفلان، وهذا يكون غنياً ثم فقيراً، والفقير يصبح غنياً والدول هكذا... وبعد هذا هو والله له نبأ عظيم وخطب جليل جسيم، وله في خديجة بنت خويلد رغبة، ولها فيه مثل ذلك، وما أحببتم من الصداق فعلي»،
ثم رد عليه ورقة بن نوفل وقال: «الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت وفضلنا على ما عددت فنحن سادة العرب وقادتها وأنتم أهل ذلك كله لا تنكر العشيرة فضلكم ولا يرد أحد من الناس فخركم وشرفكم؛ وقد رغبنا في الاتصال بحبلكم وشرفكم فاشهدوا عليّ معاشر قريش بأني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله على كذا»
ثم سكت، فقال أبو طالب: قد أحببت أن يشركك عمها، فقال عمها عمرو بن أسد: «اشهدوا عليّ يا معشر قريش أني قد أنكحت محمد بن عبد الله خديجة بنت خويلد»،
وعلى إثر ذلك تم الزواج، وأولم عليها محمد فنحر جزورا وقيل جزورين وأطعم الناس، حضر العقد بنوهاشم ورؤساء مضر،
وذلك بعد رجوع محمد من الشام بشهرين، وأصدقها عشرين بَكْرة، وكان سنها إذ ذاك أربعين سنة، وكانت يومئذ أفضل نساء قومها نسبًا وثروة وعقلًا، وهي أول امرأة تزوجها الرسول، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت.
روى ابن سعد في الطبقات عن الواقدي: «وتزوجها رسول الله وهو ابن خمس وعشرين سنة، وخديجة يومئذ بنت أربعين سنة».
كثيرة هي الأقوال التي وردت في عمر السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- لمَّا تزوجها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ومع أنَّ الراجح من الأقوال هو أنَّها كانت تبلغ من العمر أربعين عامًا، إلَّا أنَّ بعض الأقوال حملت خلاف هذا القول بعضهم قال أن عمرها إذ ذاك خمسًا وثلاثين، وقيل خمسًا وعشرين سنة˝. ابن كثير
وفي هذا الزواج نزلت آية: ( وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى)
أي فقيرا لا مال لك، فأغناك بخديجة.
حكمة خديجة وحبها للنبي
عاشت خديجة مع الرسول خمسة عشر عامًا قبل بعثته، أحاطته بكل رعاية وعناية واهتمام، وكانت هذه السنوات هي السنوات التي شغلت فيها خديجة بإنجاب أولادها باستثناء عبد الله الذي وُلد بعد البعثة، فقد رُزقت بأولادها زينب ورقية وأم كلثوم، والقاسم الذي كان يكنى به الرسول، وفاطمة الزهراء، ثم عبد الله الذي عرف بالطيب الطاهر، كانت خديجة مشتغلة بتربية أولادها، ثم شاء الله أن يتوفى القاسم، وفي هذه الفترة طلب الرسول من عمه أبو طالب وقد لاحظ كثرة الأولاد عنده أن يعطيه عليًا ليربيه، أراد التخفيف عليه، وقامت خديجة برعايته أتم رعاية، وعندما مات العوام بن خويلد خلّف ورائه الزبير وهو ابن سنتين، فقررت خديجة أن تكفله وترعاه، فنشأ الزبير بين بيت عمّته خديجة وبين بيت أمه صفية بنت عبد المطلب عمّة الرسول، ثم لما قدم حكيم بن حزام بن خويلد من الشام برقيق فيهم زيد بن حارثة وصيف، دخلت عليه عمته خديجة، وهي يومئذ عند رسول الله، فقال لها: اختاري يا عمة أي هؤلاء الغلمان شئت فهو لك، فاختارت زيداً فأخذته، فرآه رسول الله عندها، فاستوهبه منها، فوهبته له، فاعتقه رسول الله وتبناه، وذلك قبل أن يوحى إليه،فكان بمثابة الابن من خديجة، ورعته خير رعاية، وكانت لهذه التربية الصالحة الأثر العظيم في اتباع هؤلاء الأشخاص لنور الإسلام، فـ˝علي˝ أول من أسلم من الصبيان، و˝الزبير˝ من أوائل من دخل في الإسلام.
وزيد بن حارثة ثاني من أسلم من الرجال بعد علي.
كان الرسول محمد يواصل مسيرته بالاختلاء بنفسه، وبتعبده في غار حراء بعيدًا عن الناس، وكانت خديجة مشغولة بالأسرة وتوفير ما يلزمها، في الوقت الذي كانت تشتغل فيه بتجارتها التي تنفق منها على الأسرة، ومع ذلك كانت تذهب إليه في غار حراء لتوفر له الأكل والشرب، قال ابن حجر العسقلاني: «كانت حريصة على رضاه بكل ممكن، ولم يصدر منها ما يغضبه قط كما وقع لغيرها»،
روى الفاكهاني عن أنس بن مالك قال: «أن النبي كان عند أبي طالب، فاستأذنه أن يتوجه إلى خديجة فأذن له، وبعث بعده جارية له يقال لها نبعة فقال لها: انظري ما تقول له خديجة، قالت نبعة: فرأيت عجبًا، ما هو إلا أن سمعت به خديجة فخرجت إلى الباب فأخذت بيده فضمتها إلى صدرها ونحرها ثم قالت: بأبي وأمي، والله ما أفعل هذا لشيء، ولكني أرجو أن تكون أنت النبي الذي ستُبعث، فإن تكن هو فاعرف حقي ومنزلتي وادع الإله الذي يبعثك لي، قالت: فقال لها: والله لئن كنت أنا هو قد اصطنعت عندي ما لا أضيعه أبدًا، وإن يكن غيري فإن الإله الذي تصنعين هذا لأجله لا يضيعك أبدًا».
عندما حُبب إلى الرسول الخلوة، صار يتجه لغار حراء يعتكف متأملًا ويتعبد متبتلًا، وكان موقف خديجة موقف المعين الداعم، فكانت تعد له ما يحتاجه في خلوته من طعام وشراب ومهاد، تُجهزه قبل خروجه، وتحمل إليه إن طالت غيبته ما يكفيه من مؤونة، وفي بعض الأحيان تصحبه في خلوته، تخدمه وتؤنسه وتسقيه وتطعمه، ولما أصبح في عقده الرابع بدأت تظهر له المبشرات، يسمعها أو يراها، يقظةً أو منامنًا، مثل سماعه نداء يأمره بستر عورته حين كان يحمل الحجارة من أجياد لبناء الكعبة، ومثل تسليم الحجر والشجر عليه، ومن ذلك ما رواه عمرو بن شرحبيل أن الرسول قال لخديجة: «إني إذا خلوت وحدي سمعت نداء وقد والله خشيت أن يكون هذا أمرًا، فقالت : معاذ الله ما كان الله ليفعل بك، فوالله إنك لتؤدي الأمانة، وتصل الرحم، وتصدق الحديث»
وعن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم قال: «كان من بدء أمر رسول الله أنه رأى في المنام فشق ذلك عليه، فذكر ذلك لصاحبته خديجة بنت خويلد فقالت: أبشر فإن الله لا يصنع بك إلا خيرً»
وكان الرسول كلما رأى رؤيا قصها على خديجة، فقد روى محمد بن يوسف الصالحي الشامي: «رأى رسول الله مرةً في منامه أن سقف بيته نزعت منه خشبة، وأدخل فيه سلمٌ من فضَّة، ثم نزل إليه رجلان، فأراد أن يستغيث فمُنع من الكلام، فقعد أحدهما إليه والآخر إلى جنبه، فأدخل أحدهما يده في جنبه فنزع ضلعين منه، فأدخل يده في جوفه، ورسول الله يجد بردهما، فأخرج قلبه فوضعه على كفه، فقال لصاحبه: نعم القلب قلب رجلٍ صالح، فطهر قلبه وغسله، ثم أدخل القلب مكانه، وردَّ الضلعين ثم ارتفعا، ورفع سلّمها، فإذا السقف كما هو، فذكر ذلك لخديجة فقالت له: أبشر فإن الله لا يصنع بك إلا خيرًا، هذا خير فأبشر».
روى البخاري في صحيحه عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: «أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثمّ حُبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه، وهو التعبد الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال:(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)
فرجع بها رسول الله يرجف فؤاده فدخل على خديجة بنت خويلد فقال: زملوني، زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي، فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم وتحمل الكَل وتكسب المعدوم وتُقري الضيف وتُعين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة، وكان امرءاً قد تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخًا كبيراً قد عمى، فقالت له خديجة: يا ابن عم، اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يا ابن أخي، ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله ما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزَّل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعًا، ليتني أكون حيًا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله: أو مُخرِجِيَّ هم؟ قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عُودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا، ثمّ لم ينشب ورقة أن توفي و فتر الوحي.»
#أمهات_ المؤمنين . ❝
❞ غيرة عائشة
تشير الكثير من المواقف التي نقلتها كتب السير والتراجم التي أرّخت لتلك الفترة إلى وجود مظاهر لغيرة بين عائشة وزوجات النبي محمد الأخريات. وهو ما أقرت به عائشة حين صنّفت زوجاته في حزبين، الأول فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة، والآخر ضم أم سلمة وبقية نساء النبي محمد.
أحب النبي محمد عائشة أكثر من نسائه، وهو ما أدركه المسلمون، فكانوا يؤخرون هداياهم حتى يكون في بيت عائشة، وهو ما أدركته أمهات المؤمنين، فندبن أم سلمة لتسأل النبي أن يكلم الناس في ذلك، فقال: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ هَدِيَّةً فَلْيُهْدِهَا إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ».
ورغم تلك المحبة، إلا أن ذلك لم يمنعها من الغيرة من زوجاته الأخريات، ففي حجة الوداع خرج النبي بزوجاته، وكانت عائشة على جمل خفيف ومعها متاع قليل، فيما كانت صفية على جمل بطيء ومعها متاع ثقيل، فأمر النبي محمد أن يتبادلا راحلتيهما حتى يسرع الركب. فغضبت عائشة، وقالت: «يَا لَعِبَادِ اللَّهِ، غَلَبَتْنَا هَذِهِ الْيَهُودِيَّةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ»، فشرح لها النبي سبب ما فعل، فقالت: «أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ؟»
فتبسم وقال: «أَفِي شَكٍّ أَنْتِ يَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ؟»، فقالت: «أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ أَفَهَلا عَدَلْتَ؟».
فسمعها أباها، فهمّ بضربها، فأوقفه النبي محمد وقال له: «إِنَّ الْغَيْرَى لا تُبْصِرُ أَسْفَلَ الْوَادِي مِنْ أَعْلاهُ».
وقد كانت عائشة أكثر زوجات النبي غيرة وأشدهن حساسية في ذلك، فيُروى أنها قالت: «مَا رَأَيْتُ صَانِعَةَ طَعَامٍ مِثْلَ صَفِيَّةَ، بَعَثَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ بِإِنَاءٍ فِيهِ طَعَامٌ، فَضَرَبْتُهُ بِيَدِي فَكَسَرْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَفَّارَةُ هَذَا؟
قَالَ: ˝إِنَاءٌ مَكَانُ إِنَاءٍ، وَطَعَامٌ مَكَانُ طَعَامٍ˝».
كما كانت تغار من زوجته الأولى خديجة رغم وفاتها، وتقر بذلك وتحكي: «اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فعْرِفُ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ وَارْتَاعَ لِذَلِكَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَالَةَ.
قَالَتْ: فَغِرْت، فَقُلْت: مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ حَمْرَاءَ الشِّدْقَيْنِ هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ، قَدْ أَبْدَلَك اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا».
فقال النبي محمد: «مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ بِهَا خَيْرًا مِنْهَا، لَقَدْ آمَنَتْ بِي حِينَ كَفَرَ النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي حِينَ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَأَشْرَكَتْنِي فِي مَالِهَا حِينَ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ وَلَدَهَا وَحَرَمَنِي وَلَدَ غَيْرِهَا.»
فقالت: «وَاللَّهِ لا أُعَاتِبُك فِيهَا بَعْدَ الْيَوْمِ».
وكما كانت عائشة تغير من أزواج النبي، كُنّ كذلك يغرن منها. أرسلن يومًا إليه فاطمة (أحب بناته)، وكان في بيت عائشة لتقول له: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ»
فقال لها: «أَيْ بُنَيَّةُ أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ»
فقالت: «بَلَى»
فقال: «فَأَحِبِّي هَذِهِ».
فرجعت فاطمة لهن، وأخبرتهن الخبر، فأرسلن زينب بنت جحش بنفس القول، ثم وقعت زينب بعائشة، فاستطالت عليها، فردّت عائشة، فتبسم النبي محمد وقال: «إِنَّهَا ابنَةُ أَبِيْ بَكْر».
وفي موقف آخر، غارت عائشة من مكث النبي محمد عند زوجته زينب بنت جحش التي كانت تسقيه عندها العسل، فتواصت هي وحفصة عند دخول النبي محمد على أي منهما أن تقل له: «إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ»، فقال: «لا بَأْسَ شَرِبْتُ عَسَلا عِنْدَ زَيْنَبَ، وَلَنْ أَعُودَ لَهُ».
فنزل الوحي بآية:يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ، وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ، إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ).
وقد ذكر الشوكاني في فتح القدير، أن النبي محمد قد أصاب جاريته مارية القبطية (أم ولده إبراهيم) في غرفة زوجته حفصة في يوم عائشة، فغضبت حفصة وقالت «يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ جِئْتَ إِلَيَّ بِشَيْءٍ مَا جِئْتَهُ إِلَى أَحَدٍ مِنْ أَزْوَاجِكَ فِي يَوْمِي وَفِي دَوْرِي عَلَى فِرَاشِي»
فقال: «أَلا تَرْضَيْنَ أَنْ أُحَرِّمَهَا فَلا أَقْرَبُهَا أَبَدًا؟»
فقالت حفصة: «بَلَى»
فحرَّمها النبي على نفسه، وقال لها: «لاَ تَذْكُرِي ذَلِكَ لأَحَدٍ» فذكرته لعائشة. فنزلت فيهما لنهيهما عن الخوض في هذا الأمر.
آية:( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ).
حادثة الإفك
خرجت عائشة -رضيَ الله عنها- مع النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- في غزوةِ بني المُصطلق، كما جاء في حديث عائشة -رضيَ الله عنها- قالت-: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذَا أرَادَ أنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أقْرَعَ بيْنَ أزْوَاجِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا، خَرَجَ بهَا معهُ، فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزَاةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ سَهْمِي)
وكان ذلك بعد أن فرض الله -تعالى- الحجاب على النّساء، وفي طريقِ العودة من الغزوة نزلت من هودجها لحاجةٍ ما، ولمَّا عادت إلى الهودجِ تفقّدت عقدها فلم تجده، فرجعت للبحثِ عنه، وفي أثناءِ ذلك حَمل الرّجال الهودج ووضعوه على البعيرِ وهم يعتقدون وجودها داخله؛ لِخفّتها وصِغر سِنِّها، ومضى المُسلمون تاركينها وراءهم في الصّحراء، فلمَّا وجدت عقدها ورجعت إلى مكانِ تجمُّع الصّحابة الكرام لم تجد أحداً.
وفي ذلك روت عائشة رضي الله عنها: (فتيممت منزلي الذي كنت فيه، وظننت أنّهم سيفقدوني فيرجعون إلي، فبينما أنا جالسةٌ في منزلي غلبتني عيني فنمت، وكان صحابيّ هو صفوان بن المعطل السلميّ يمشي خلف الجيش يتابع مسيره، ويتفقّد أحوال من تأخّر عنه، فوجد عائشة نائمةٌ فعرفها، فاسترجع صفوان فاستيقظت على صوته، فتقول عائشة: فخمرت وجهي بجلبابي، والله ما تكلّمنا بكلمةٍ، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، وهوى حتى أناخ راحلته، فوطأ على يدها، فقمت إليها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش).
وكان ممّن رأى مجيء عائشة -رضي الله عنها- مع صفوان منافقٌ يُدعى عبد الله بن أبيّ بن سلول، فعندما رآهما نازلين أشاع خبراً كذباً: أنّ صفوان قد فعل الفاحشة بعائشة رضي الله عنها، وهو الإفك الذي أثير حولها، وهي منه بريئةٌ، ومعنى الإفك الكذب والافتراء، فكان هذا كذباً لا أساس له ولا استبيان.
عندما وصل المسلمون المدينة، مرضت عائشة -رضي الله عنها- مرضاً شديداً أقعدها في فراشها شهراً كاملاً، فلم تكن تخرج أو ترى الناس من حولها، ولم تعلم بما يُقال عنها، إلّا متأخّراً بعد شفائها، لكنّها كانت تشعر أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد جافاها قليلاً، ولم تكن تعرف سبب ذلك، وقد علمت عائشة الأخبار عندما خرجت بعدما اقترب شفاؤها خرجت مع أمّ مسطحٍ لحاجتهما، وبينما هما تمشيان إذ عثرت أم مسطح بثوبها، فقالت: تعس مسطح، فقالت لها عائشة: بئس ما قلت، أتسبين رجلاً شهد بدراً؟ فقالت لها أمّه: أولم تسمعي ما قال مسطح فيك؟ فقالت: لا والله، فأخبرتها بخبر الحادثة، ولم تكن تعلم به من قبل، فقالت أنّها ازدادت مرضاً إلى مرضها، وعرفت ما كان.
حال عائشة بعد معرفتها الخبر
حين عملت عائشة -رضي الله عنها- بما قيل فيها، استأذنت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أن تمرَض في بيت أهلها، فأذن لها، وكانت تريد أن تستبين الخبر من والدتها ووالدها، فأخبرتها والدتها بكلّ ما كان، فتقول عائشة أنّها لم تنم ليلتها، حتى أصبحت باكيةً لا تدري ما تفعل، وكان النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- وهو في تلك الحال أيضاً قد تأخّر عنه الوحي، فشاور أصاحبه فيما يفعل، هل يترك زوجته عائشة أم يبقيها، ثمّ صعد إلى منبره، فقال: (يا معشرَ المسلمين، مَن يَعْذُرُني مِن رجلٍ قد بلَغَني عنه أذاه في أهلي، واللهِ ما علمتُ على أهلي إلّا خيراً، ولقد ذكروا رجلاً ما علمتُ عليه إلّا خيراً وما يَدْخُلُ على أهلي إلّا معي)،
فضجّ الناس؛ كلٌّ يريد أن يرضي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولو بضرب رقاب بعضهم بعضاً، فأسكتهم رسول الله وقد أهمّه ما أهمّه.
وأمّا عائشة -رضي الله عنها- فلا تزال على حالها لا تسكن لها دمعة. ظلّت عائشة على هذا الحال ليلتين أُخريين حتى جاء رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عندها، يقول لها: (أمّا بعد، يا عائشة، إنّه بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة، فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب، فاستغفري الله وتوبي إليه، فإنّ العبد إذا اعترف ثمّ تاب، تاب الله عليه)، فاضطربت عائشة بعد هذا الكلام، وقلّص دمعها، وأجابت: وأنا جارية حديثة السّنّ لا أقرأ من القرآن كثيراً: إنّي والله لقد علمت:
(إنِّي واللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ أنَّكُمْ سَمِعْتُمْ ما يَتَحَدَّثُ به النَّاسُ، ووَقَرَ في أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ به، ولَئِنْ قُلتُ لَكُمْ إنِّي بَرِيئَةٌ، واللَّهُ يَعْلَمُ إنِّي لَبَرِيئَةٌ لا تُصَدِّقُونِي بذلكَ، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ، واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّي، واللَّهِ ما أجِدُ لي ولَكُمْ مَثَلًا، إلَّا أبَا يُوسُفَ إذْ قَالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ، واللَّهُ المُسْتَعَانُ علَى ما تَصِفُونَ} [يوسف]
وقالت ذلك وهي تعلم بداخلها أنَّ الله -تعالى- سيُبرّئها.
ثمّ اضطجعت على فراشها تبكي.
نزول براءة السيدة عائشة
أنزل الله -تعالى- في كتابه الكريم آياتٍ تُبرّئ السيّدة عائشة -رضي الله عنها-؛ جزاءً على صبرها وتوكّلها على اللهِ -تعالى-، وكانت عائشة -رضي الله عنها- تقول في نفسها أنَّ الله -تعالى- سيُبرّئها، ولكنَّها قالت: (ولكن والله ما كنت أظن أنَّ الله منزل في شأني وحياً يُتلى)، فكانت ترى نفسها أقلّ شأناً من أن يتكلّم الله -عزّ وجلّ- بأمرها في قرآنٍ يُتلى إلى قيام الساعة، وتوقّعت تبرئتها برؤية النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- ذلك في المنام.
ولمَّا نزل الوحي ببراءةِ السيّدة عائشة -رضيَ الله عنها-، ذهبَ النبيّ -عليه السلام- إليها، وقالَ لها: (أبشري يا عائشة! أمَّا الله فقد برّأك)
وأنزلَ اللهُ -تعالى- عشر آياتٍ من سورة النور في تبرئتِها، وبدأت بقوله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ* لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَـذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ)،
إلى قولهِ -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَـكِنَّ اللَّـهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
فقد بيَّنت الآيات بشكلٍ واضحٍ وصريح براءة السيّدة عائشة -رضيَ الله عنها- ممَّا اتَّهمهُ بها أصحابُ الإفك، فطلبت أُمّ السيّدة عائشة -رضيَ الله عنها- منها أن تقوم وتشكر النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-، فقالت: لا أحمدُ إلَّا الله؛ ممَّا يدلُ على صفاءِ عقيدتها، وإيمانها وتوكّلها على اللهِ -تعالى.
فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه -وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره-: والله، لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال.
فأنزل الله: وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ .
قال أبو بكر: بلى والله إني أحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبدا.
هكذا نزل جبريل -عليه السّلام- بآياتٍ ببراءة السيدة عائشة رضي الله عنها، وانتهى الابتلاء الذي مرّ به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
#أمهات_المؤمنين
#صفاءفوزى . ❝
❞ (أم حبيبة)
رضي الله عنها زوجة الرسول تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم تكريمًا لها على ثباتها في دين الله.. فما سيرتها؟ وما قصة زواجها من رسول الله؟
نسبها
أم حبيبة، رملة بنت أبي سفيان، وأُمُّها صفية بنت أبي العاص بن أمية عمَّة عثمان بن عفان.
وإخوتها:
الخليفة معاوية بن أبي سفيان، والأمير يزيد بن أبي سفيان.
إسلامها وهجرتها
وهي -رضي الله عنها- ابنة زعيم مكة وقائدها أبو سفيان بن حرب، ورغم ذلك فقد أعلنتْ إسلامها رغم معرفتها بعاقبة هذا الأمر عليها وسخط أبيها، وما يجره ذلك من متاعب وآلام انتهت بهجرتها وزوجها المسلم آنذاك إلى الحبشة.
وقد هاجرت -رضي الله عنها- إلى الحبشة وهي حامل بابنتها حبيبة ووَلَدَتها هناك، وفي هذا ما فيه من المشقَّة والتعب والتضحية في سبيل الله؛ ممَّا يدلُّ على عمق إيمانها وصدق يقينها بالله تعالى، وقد تنصَّرَ زوجها عبيد الله بن جحش، وساءت خاتمته، فتُوُفِّيَ على الكفر والعياذ بالله.
ومع هذا فقد ثبتَتْ -رضي الله عنها- على الإسلام، ثبتت رغم كُفْرِ أبيها وتنصُّر زوجها، ثبتَتْ لمَا أراد الله بها من الخير، ولمَا أَعَدَّ لها من الخير في الدنيا والآخرة.
زواجها من النبي
تزوجها النبي بعد وفاة زوجها عبيد الله بن جحش بن رئاب الأسدي ولها منه ابنتها حبيبة. وأم حبيبة من بنات عم الرسول، ليس في أزواجه من هي أقرب نسبا إليه منها، ولا في نسائه من هي أكثر صداقا منها، ولا من تزوج بها وهي نائية الدار أبعد منها.
أرسل النبي محمد إلى النجاشي يخطبها، فأوكلت عنها خالد بن سعيد بن العاص، ومهرها أربعة آلاف درهم وأولم لها النجاشي وليمة فاخرة وجهزها وأرسلها إلى المدينة مع شرحبيل بن حسنة.
تزوجت الرسول محمد سنة 7 هـ، وكان عمرها يومئذٍ 36 سنة، وذكر في شأنها القرآن:( عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
نزل في أبي سفيان، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوَّج ابنته أمَّ حبيبة، فكانت هذه مودَّة ما بينه وبينه.
وكان زواجه منها صلى الله عليه وسلم تكريمًا لها على ثباتها في دين الله، فكم من امرأة تَتْبَعُ زوجها في كل حركة وسكنة في حياته، تفعل الخير بفعله، وتكفُّ عن الشرِّ بِكَفِّه!! لكنَّ هذه المرأة المهاجرة بدينها وولدها لم يُزعزعها أَلَمُ الفراق بينها وبين زوجها وعائلها في بلد يبعد آلاف الأميال عن بلدها، وإنما حاولتْ بكل ما أُوتيتْ من قوَّة أن تثني زوجها عن تغيير عقيدته إلى عقيدة التوحيد، لكنَّه أصرَّ وتولَّى، فصبرتْ وشكرتْ، فكافأها الله بزواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعلها أُمًّا للمؤمنين. أقامت مع الرسول محمد وبقية أمهات المؤمنين ومعها ابنتها حبيبة ربيبة رسول الله والتي تزوجها فيما بعد داود بن عروة بن مسعود الثقفي.
رفضها لأبيها
سنة 8 هـ وقبل فتح مكة قدم أبو سفيان المدينة ليكلم النبي طالبًا في أن يزيد في هدنة الحديبية، ولما دخل على ابنته أم حبيبة حجرتها أسرعت وطوت بساطًا لديها مانعةً والدها من الجلوس عليه كونه فراش النبي، وقالت لوالدها: ˝ هو فراش رسول الله وأنت امرؤ نجس مشرك ˝ رغم أن أباها فرح عند زواجها بالرسول إذ قال: ذاك الفحل، لا يجدع أنفه!!.
دورها في الإسلام
لها بصمات في التاريخ الإسلامي عند محاولتها مساعدة الخليفة عثمان بن عفان، ابن خالها، عندما حوصر من قبل المتمردون، ولكنهم منعوها وحالوا دون ذلك. وروت عن النبي محمد خمسة وستين حديثاً.
وفاتها
عند وفاتها تجسَّدت فيها -رضي الله عنها- رُوح الحبِّ والأُلْفَة بينها وبين أُمَّهات المؤمنين الباقيات، عندما طلبت من السيدة عائشة أن تحللها من أي شيء فحللتها، واستغفرت لها، وماتت بالمدينة سنة ٤٤ه، عن ثمانٍ وستين سنة، في خلافة أخيها معاوية بن أبي سفيان.
#أمهات_المؤمنين
#صفاءفوزي . ❝
❞ جويرية بنت الحارث)
هي جويرية بنت الحارث، أم المؤمنين، زوج النبي، كانت سيدة نساء قومها، وأبوها قائد بني المصطلق، وما من امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها، فما سيرتها؟
نسبها
أبوها الصحابي الجليل وسيد بني المصطلق واسمه: الحارث بن أبي ضرار المصطلق .
زواجها من النبي
سباها الرسول يوم المريسيع (غزوة بني المصطلق) سنة خمس أو ست هجريا، وكانت متزوجة بابن عمها مسافع بن صفوان بن أبي الشفر الذي قُتل في هذه الغزوة، وعندما قُسمت الغنائم وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس فكاتبته على نفسها، وكانت امرأة جميلة فأتت النبي تستعينه على كتابتها فرأتها السيدة عائشة فكرهتها لملاحتها وحلاوتها وعرفت أن رسول الله سيرى منها ما رأت.
وقالت: «يا رسول الله! أنا جويرية بنت الحارث سيد قومه وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك وقد كاتبت فأعني»
فقال: «أو خير من ذلك؟ أؤدي عنك وأتزوجك؟»
فقالت: «نعم»
فقال: «قد فعلت».
فبلغ الناس، فقالوا: «أصهار رسول الله».
فأرسلوا ما كان في أيديهم من الأسرى فما من امرأة أعظم بركة على قومها منها: أعتق بزواجها من رسول الله أهل مائة بيت من بني المصطلق.
كان اسمها «برّة» فسماها رسول الله جويرية وذلك لما في الاسم الأول من معاني المدح والتزكية. وكانت يوم زواجها ابنة عشرين سنة.
اختارتْ جوار اللَّه ورسوله، وفضلتْ الإسلام على اليهودية، فيروى أنه لما جاء أبوها الحارث بن أبى ضرار -سيد يهود ˝بنى المصطلق˝ وزعيمهم- إلى النبي ( يقول: إن ابنتي لا يُسبَى مثلها، فأنا أَكْرَم من ذلك. قال له النبي (: ˝أرأيت إن خيَّرْناها؟˝ فأتاها أبوها فقال: إن هذا الرجل قد خيرك، فلا تفضحينا. فقالت: فإني قد اخترتُ اللَّه ورسوله.
قال: ˝قد واللَّه فضحتِنا˝ [ابن سعد].
ثم أقبل أبوها في اليوم التالي ومعه فداؤها فلما كان بالعقيق (وادٍ قرب المدينة) نظر إلى الإبل التي جاء بها للفداء، فرغب في بعيرين منها طمعًا فيهما، فغيبهما في شِعْب من شعاب العقيق، ثم أتى النبي ( يقول: يا محمد، أصبتم ابنتي وهذا فداؤها.
فقال رسول اللَّه (: ˝فأين البعيران اللذان غَـيَّـبْتَ (خَبَّأْتَ) بالعقيق في شِعْبِ كذا وكذا؟˝.
قال الحارث: أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأشهد أن محمدًا رسول اللَّه، فواللَّه ما أطلعكَ على ذلك إلا اللَّه.
فأسلم، وأسلم ابنان له، وكثير من قومه، وأرسل بمن جاء بالبعيرين، ودفع بالإبل جميعًا إلى النبي . فكانت -رضى الله عنها- سببًا في إسلام أهلها، ونالت بذلك ثواب هدايتهم، إنها أم المؤمنين السيدة جويرية بنت الحارث ابن أبى ضرار.
تقول جويرية -رضى الله عنها-: قال لى أبى وهو يبرر هزيمته أمام جيش رسول الله : ˝أتانا ما لا قبل لنا به˝.
فلما أسلمتُ وتزوجني رسول الله ، ورجعنا إلى المدينة جعلت أنظر إلى المسلمين، فرأيتهم ليسوا كما سمعتُ. فعلمتُ أنه رعب من اللَّه يلقيه في قلوب المشركين.
عبادتها
وكانت تَكثر من التسبيح، فحدث وأتى عليها رسول الله غذوةً وهي تسبّح، ثم انطلق إلى حاجته، ثم رجع قريباً من نصف النهار، فقال: «أما زلت قاعدة؟» فقالت: «نعم»
فقال عليه الصلاة والسلام: «ألا أعلمك كلمات لو عدلن بهن عدلنهن، ولو وَزن بهن وزنتهن -يعني جميع ما سبحت-: سبحان الله عدد خلقه، ثلاث مرات، سبحان الله زنة عرشه، ثلاث مرات، سبحان الله رضا نفسه، ثلاث مرات، سبحان الله مداد كلماته، ثلاث مرات».
علمها
وحفظت جويرية عدة أحاديث واتفق الشيخان على حديثين، وروى لها أبو داود، والترمذي وغيرهم.
وفاتها
عاشت إلى خلافة معاوية وتوفيت في المدينة في ربيع الأول من سنة ست وخمسين ٥٦ه، وصلى عليها مروان بن الحكم أمير المدينة و دفنت بالبقيع
#أمهات_المؤمنين
#صفاءفوزي . ❝
❞ أم المؤمنين
خديجة بنت خويلد
هي خديجة رضي الله عنها من زوجات الرسول وأمهات المؤمنين فما سيرة السيدة خديجة؟
(مولدها)
ولدت خديجة بنت خويلد في مكة قبل ولادة الرسول محمد بخمسة عشر عامًا، أي على وجه التقريب ولدت في عام 556م،نشأت وترعرعت في بيت جَاهٍ ووجاهة وإيمان وطهارة سلوك، حتى سميت بالطاهرة وعُرفت بهذا اللقب قبل الإسلام، وكانت كثيرًا ما تتردد على ابن عمها ورقة بن نوفل تعرض عليه مناماتها، وكل ما يمر بها من إحساس ورؤيا تراها، أو هاجس تحس به
السيدة خديجة.. العفيفة الطاهرة
كان أول ما يبرز من ملامح السيدة خديجة الشخصيَّة صفتي العفة والطهارة، هاتان الصفتان التي قلما تسمع عن مثلهما في بيئة لا تعرف حرامًا ولا حلالاً، في بيئة تفشت فيها الفاحشة حتى كان البغايا يضعن شارات حمراء تنبئ بمكانهن.
وفي ذات هذه البيئة، ومن بين نسائها انتزعت هذه المرأة العظيمة هذا اللقب الشريف، ولقبت بـ˝الطاهرة˝، كما لُقب أيضًا في ذات البيئة محمد بـ˝الصادق الأمين˝، ولو كان لهذه الألقاب انتشار في هذا المجتمع آنذاك، لما كان لذكرها ونسبتها لأشخاص بعينهم أهمية تُذكر.
أزواجها وأولادها
ما إن بلغت خديجة سن الزواج حتى أصبحت محط أنظار شباب قريش وأشراف العرب، فقد كانت فتاة راجحة العقل كريمة الأصل ومن أعرق بيوت قريش نسبًا، فتزوجها أبو هالة بن زرارة بن النباش التميمي، أول أزواج خديجة، أنجبت منه ولدين:
١)هند بن أبي هالة: صحابي وهو ربيب الرسول، شهد هند بن أبي هالة بدراً وقيل: بل شهد أحداً وقُتل هند مع علي بن أبي طالب في معركة الجمل.
٢)هالة بن أبي هالة: مات قبل الاسلام.
، ثم تُوفي النباش تاركًا لها ثروة ضخمة ثم تزوجت خديجة مرة ثانية من عتيق بن عائذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم: وأنجبت منه ابنة واحدة:
هند بنت عتيق، أسلمت وتزوجت.
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب: ثالث أزواج خديجة وماتت وهي تحت عصمته، أنجبت منه ستة أولاد
١) القاسم بن محمد: وبه يُكنى، مات صغيراً قبل المبعث أو بعده، وقال ابن الأثير: «مات القاسم بمكة وهو أول من مات من ولده، ثم عبد الله».
٢)عبد الله بن محمد: ولد بعد مبعث الرسول، فكان يُقال له الطاهر والطيب، مات صغيرًا.
٣) زينب بنت محمد: كانت أكبر بنات الرسول، تزوجت في حياة أمها ابن خالتها أبو العاص بن الربيع، فولدت له: أمامة بنت أبي العاص بن الربيع التي تزوج بها علي بن أبي طالب بعد فاطمة، وولدت له علي بن أبي العاص الذي أردفه الرسول وراءه يوم الفتح، ومات صبياً،توفيت في حياة الرسول سنة 8 هـ.
٤) رقية بنت محمد: وُلدت والرسول ابن ثلاث وثلاثين سنة، تزوجها عتبة بن أبي لهب قبل الهجرة ثم طلقها، ثم تزوجها عثمان بن عفان وهاجرت معه إلى الحبشة، وكانت في الهجرة الأولى قد أسقطت من عثمان ولدًا، ثم ولدت له بعد ذلك ابنا فسماه عبد الله ثم مات، ولم تلد له شيئاً بعد ذلك، ثم هاجرت إلى المدينة، ومرضت والرسول يتجهز لبدر، وتوفيت في شهر رمضان على رأس سبعة عشر شهرًا من هجرة الرسول.
٥) أم كلثوم بنت محمد: وهي ممن عُرف بكنيته ولم يعرف اسمه،تزوجت من عتيبة بن أبي لهب قبل البعثة ثم طلقها، وهاجرت إلى المدينة حين هاجر الرسول، فلما توفيت رقية خلف عثمان بن عفان على أم كلثوم، في شهر ربيع الأول سنة 3 هـ وتوفيت في شعبان سنة 9 هـ.
٦) فاطمة بنت محمد: وهي سيدة نساء العالمين، وأصغر بنات الرسول، وُلدت قبل البعثة بقليل، تزوجت من علي بن أبي طالب بعد غزوة بدر سنة 2 هـ، ودخل بها بعد غزوة أحد، فولدت له الحسن والحسين وأم كلثوم وزينب، توفيت سنة 11 هـ بعد وفاة النبي بستة أشهر.
يتبع
#أمهات_المؤمنين
#صفاءفوزي . ❝
❞ الابنة الثالثة
˝أم كلثوم˝
هي أم كلثوم بنت رسول الله وأمها خديجة بنت خويلد.
وأم كلثوم أصغر من رقية؛ لأن رسول الله زوج رقية من عثمان، فلما توفيت زوجه أم كلثوم، وما كان ليزوج الصغرى ويترك الكبرى والله أعلم.
قصة إسلام أم كلثوم:
أسلمت أم كلثوم حين أسلمت أمها، وبايعت رسول الله مع أخواتها حين بايعه النساء، وهاجرت إلى المدينة حين هاجر رسول الله.
خرجت أم كلثوم إلى المدينة لما هاجر النبي مع فاطمة وغيرها من أولاد النبي، فتزوجها عثمان بن عفان بعد موت أختها رقية في ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة.
وعن قتادة بن دعامة قال: تزوج أم كلثوم بنت رسول الله عتيبة بن أبي لهب فلم يبن بها حتى بعث النبي وكانت رقية عند أخيه عتبة بن أبي لهب، فلما أنزل الله : {تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ}. قال أبو لهب لابنيه عتيبة وعتبة: رأسي من رأسكما حرام إن لم تطلقا ابنتي محمد، وقالت أمهما بنت حرب بن أمية وهي حمالة الحطب: طلقاهما يا بني فإنهما قد حبتا فطلقاهما.
من مواقف أم كلثوم مع الرسول:
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن أم كلثوم بنت النبي أنها قالت: يا رسول الله، زوجي خير أو زوج فاطمة؟ قالت: فسكت النبي ثم قال: ˝زوجك ممن يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله˝، فولت، فقال لها: ˝هلمي ماذا قلت؟˝، قالت: قلت: زوجي ممن يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، قال: ˝نعم، وأزيدك دخلت الجنة فرأيت منزله، ولم أر أحدًا من أصحابي يعلوه في منزله˝.
زواج أم كلثوم:
لما توفيت رقية بنت رسول الله خلف عثمان بن عفان على أم كلثوم بنت رسول الله وكانت بكرًا وذلك في شهر ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة.
وروى سعيد بن المسيب أن النبي رأى عثمان بعد وفاة رقية مهمومًا لهفان فقال له: ˝ما لي أراك مهمومًا˝ قال: يا رسول الله، وهل دخل على أحد ما دخل علي، ماتت ابنة رسول الله التي كانت عندي وانقطع ظهري، وانقطع الصهر بيني وبينك. فبينما هو يحاوره إذ قال النبي: ˝يا عثمان هذا جبريل عليه السلام يأمرني عن الله أن أزوجك أختها أم كلثوم على مثل صداقها وعلى مثل عشرتها˝. فزوجه إياها.
لما زوج النبي بنته أم كلثوم بعثمان قال لها: ˝إن بعلك أشبه الناس بجدك إبراهيم وأبيك محمد˝.
وتقول أم عياش: إن رسول الله قال: ˝ما زوجت عثمان أم كلثوم إلا بوحي من السماء˝.
وعن أبي هريرة أن رسول الله قال لعثمان: ˝يا عثمان هذا جبريل يخبرني أن الله قد زوجك أم كلثوم بمثل صداق رقية وعلى مثل صحبتها˝.
وفاة أم كلثوم:
توفيت أم كلثوم في حياة النبي، في شعبان في السنة التاسعة من الهجرة.
وغسّلتها أسماء بنت عميس، وصفية بنت عبد المطلب، وشهدت أم عطية الأنصارية غسلها.
وعن أم عطية قالت: دخل علينا رسول الله ونحن نغسل ابنته أم كلثوم. فقال: ˝اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر، واجعلن فى الآخرة كافورًا أو شيئًا من كافور، فإذا فرغتن فآذنني˝ فلما آذناه، فألقى إلينا حقوه، وقال: ˝أشعرنها إياه˝.
وعن أبي أمامة قال: لما وضعت أم كلثوم ابنة رسول الله في القبر قال رسول الله : {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} . ثم لا أدري أقال: ˝بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله˝ أم لا.
وعن أنس: رأيت النبي جالسًا على قبرها -يعني أم كلثوم- وعيناه تدمعان فقال: ˝فيكم أحد لم يقارف الليلة˝. فقال أبو طلحة: أنا، فقال: «فانزِل في قبرِها» فنزلَ في قبْرِها فقبَرَها.
#بنات_النبي
#صفاءفوزي . ❝
❞ الابنة الرابعة
˝فاطمة˝
هناك اختلاف في تاريخ ولادتها، يذهب أهل السنة والجماعة قبل البعثة النبوية بخمس سنين وقريش تبني البيت يوم حكم والدها النبي محمد في النزاع حول الحجر الأسود في مكانه.بينما ذهب ابن عبد البر والحاكم إلى أنها ولدت وعمر النبي إحدى وأربعون عامًا أي بعد سنة من البعثة النبوية.
شَهَدَتْ فاطمة منذ طفولتها أحداثًا جسامًا كثيرةً، فقد كان النبي يعاني من اضطهاد قريش وكانت فاطمة تُعِينهُ على ذلك الاضطهاد وتسانده وتؤازره، كما كان يعاني من أذى عَمه أبي لهب وامرأته أم جميل من إلقاء القاذورات أمام بيته فكانت فاطمة تتولى أمور التنظيف والتطهير.
وكان من أشد ما قَاسَته من آلالام في بداية الدعوة ذلك الحصار الشديد الذي حُوصَرْ فيه المسلمون مع بني هاشم في شعب أبي طالب، وأقاموا على ذلك ثلاثة سنوات، فلم يكن المشركون يتركون طعامًا يدخل مكة ولا بيعاٌ إلا واشتروه، حتى أصاب التَّعب بني هاشم واضطروا إلى أكل الأوراق والجلود، وكان لا يصل إليهم شيئًا إلا مستخفيًا، ومن كان يريد أن يصل قريبًا لهُ من قريش كان يصله سرًا.
وقد أثر الحصار والجوع على صحة فاطمة، ولكنّه زادها إيمانًا ونضجًا. وما كادت فاطمة الصغيرة تخرج من محنة الحصار حتى فوجئت بوفاة أمها خديجة فامتلأت نفسها حزنًا وألمًا، ووَجَدَتْ نفسها أمام مسؤوليات ضخمة نحو أبيها مُحَمَّد بنِ عَبد الله، وهو يمرّ بظروف قاسية خاصة بعد وفاة زوجته وعمّه أبي طالب. فما كان منها إلا أن ضاعفت الجهد وتحملت الأحداث بصبر، ووقفت إلى جانب أبيها الرسول مُحَمَّد بنِ عبد الله لتقدم له العوض عن أمها وزوجته ولذلك كانت تُكنّى بـ أم أبيها.
#هجرتها
هَاجَرَتْ الزهراء إلى المدينة المنورة وهيَ في الثامنة عشرة من عمرها وكَانَتْ مَعَها أخْتَها أم كلثوم وأُم المؤمنين سودة بنت زمعة بصحبة زيد بن حارثة وهاجر معهم: أُم المؤمنين عائشة وأمها أم رومان بصحْبَة عبد الله بن أبي بكر، وكان ذلك في السنة الأولى من الهجرة.
زواج فاطمة
في شهر صفر من السنة الثانية من الهجرة زوج النبي ابنته فاطمة لعلي بن أبي طالب، ولم يتزوج بأخرى في حياتها، وقال ابن عبد البر: دخل بها بعد معركة أحد. وقد رُوي أن تزويج فاطمة من علي كان بأمر من الله، حيث توالى الصحابة على محمد لخطبتها إلا أنه ردهم جميعا حتى أتى الأمر بتزويج فاطمة من علي، فأصدقها علي درعه الحطمية ويقال أنه باع بعيرا له وأصدقها ثمنه الذي بلغ 480 درهما على أغلب الأقوال. وأنجب منها الحسن والحسين في السنتين الثالثة والرابعة من الهجرة على التوالي، كما أنجب زينب وأم كلثوم والمحسن، والأخير حوله خلاف تاريخي حيث يروى أنه قتل وهو جنين يوم حرق الدار، وفي روايات أخرى أنه ولد ومات في حياة النبي، في حين ينكر بعض السنة وجوده من الأساس. في أكثر من مناسبة صرح محمد أن علي وفاطمة والحسن والحسين هم أهل بيته مثلما في حديث المباهلة وحديث الكساء،ويروى أنه كان يمر بدار علي لإيقاظهم لآداء صلاة الفجر ويتلو آية التطهير. وقد روى الليث بن سعد: «تزوج علي فاطمة فولت له حسنًا، وحسينًا، ومحسنًا، وزينب، وأم كلثوم، ورقية، فماتت صغيرة ولم تبلغ»وينقل أبو إسحاق الإسفراييني ويضيف أن علي وفاطمة أنجبا سكينة.
#ألقاب فاطمة
تعددت أسماء فاطمة الزهراء وألقابها. أما تسمية «فاطمة» فقد قال عنها الخطيب البغدادي وابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة: «أن الله سمّاها فاطمة لأنه فطمها ومحبيها عن النار»، وفي سنن الأقوال والأفعال روى الديلمي عن أبي هريرة: «إنما سميت فاطمة لأن الله فطمها ومحبيها عن النار». بينما قال محب الدين الطبري في ذخائر العقبى: «إن الله فطمها وولدها عن النار».
من ألقابها
#الزهراء: هناك أقوال بأنها كانت بيضاء اللون مشربة بحمرة زهرية. إذ كانت العرب تسمي الأبيض المشرب بالحمرة بالأزهر ومؤنثه الزهراء، وهناك من يقول أن النبي محمد هو من سماها بالزهراء لأنها كانت تزهر لأهل السماء كما تزهر النجوم لأهل الأرض، وذلك لزهدها وورعها واجتهادها في العبادة، وفي ذلك ينقل بعض المحدثين وأصحاب السير عنها عباداتٍ وأدعيةً وأورادًا خاصة انفردت بها، مثل: تسبيح الزهراء، ودعاء الزهراء وصلاة الزهراء وغير ذلك.
#البتول: تعددت الأقوال حول هذة التسمية، منها:قول النووي في شرح مسلم: التبتل هو الانقطاع عن النساء وترك النكاح انقطاعًا إلى عبادة الله وأصل التبتل القطع ومنه مريم البتول وفاطمة البتول لانقطاعهما عن نساء زمانهما دينا وفضلًا ورغبة في الآخرة.
قول ابن حجر العسقلاني في الفتح: وقيل لفاطمة البتول إما لانقطاعها عن الأزواج غير علي أو لانقطاعها عن نظرائها في الحسن والشرف.
قيل: لأنها تبتلت عن دماء النساء.
#الحوراء الإنسية: ويستشهدون برواية عن رسول الإسلام أوردها الطبراني في المعجم الكبير: (فاطمة حوراء إنسيّة، فكلّما اشتقتُ إلى رائحة الجنّة شممتُ رائحة ابنتي فاطمة.جاء الحديث برواية عائشة فهو: «إنّي لما أُسري بي إلى السماء أدخلني جبريلُ الجنّة فناولني منها تفّاحة، فأكلتُها فصارت نُطفةً في صُلبي، فلمّا نزلتُ واقعتُ خديجة، ففاطمة من تلك النطفة، وهي حوراء إنسيّة، كلمّا اشتقتُ إلى الجنّة قبّلتُها.»
#الصديقة: لأنها لم تكذب قط.
#المباركة: لظهور بركتها.
#الزكية: لأنها كانت أزكى أنثى عرفتها البشرية.
#المرضية: لأن الله سيرضيها.
#المحدثة: لأن الملائكة كانت تحدثها.
#الحانية: لأنها كانت تحن حنان الأم على أبيها النبي وزوجها وأولادها، والأيتام والمساكين.
#أم الأئمة.
#الطاهرة.
#المنصورة.
#الصادقة.
#الريحانة.
#البضعة: لقول رسول الله محمد: فاطمة بضعة مني . ❝
❞ أم المؤمنين
(سودة بنت زمعة)
هي ثاني زوجات الرسول محمد، ومن السابقين الأولين في الإسلام. فما سيرة السيدة سودة؟
نسبها ومولدها
وُلدت في مكة في عائلة قرشية، هي سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس، وأمها الشموس بنت قيس ، بنت أخي سلمى بنت عمرو بن زيد أمِّ عبد المطلب، تزوَّجها قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمٍّ لها هو: السكران بن عمرو ، وهاجر بها السكران إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية، وأنجبت منه ابنها عبدالله،ورُوى عن ابن عبّاس قال:
كانت سودة بنت زمعة عند السَّكْرَان بن عَمْرو أخي سهيل بن عمرو فرأت في المنام كأنّ النبيّ أقبل يمشي حتى وطئ على عُنقها، فأخبرت زوجها بذلك فقال: «وأبيك لئن صَدَقَت رؤياك لأموتنّ وليتزَوّجنّك رسول الله»، فقالت: حجرًا وسترًا.
وقال هشام: الحجر تنفي عن نفسها ذاك.
ثمّ رأت في المنام ليلةً أُخرى أنّ قَمَرًا انقضّ عليها من السماء وهي مُضطجعة، فأخبرت زوجها فقال: «وأبيك لئن صَدَقت رؤياك لم ألبث إلا يسيرًا حتى أموت وتزوّجين من بعدي».
فاشتكى السكران من يومه ذلك فلم يلبث إلا قليلًا،ثم رجع بها إلى مكة فمات عنها. فأمست السيدة سودة -رضي الله عنها- بين أهل زوجها المشركين وحيدة لا عائل لها ولا معين؛ حيث أبوها ما زال على كفره وضلاله، ولم يزل أخوها عبد الله بن زمعة على دين آبائه، وهذا هو حالها قبل زواج الرسول صلى الله عليه وسلم منها.
زواجها من النبي
كان رحيل السيدة خديجة رضي الله عنها مثير أحزان كبرى في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وخاصَّة أن رحيلها تزامن مع رحيل عمِّه أبي طالب -كما سبق أن أشرنا- حتى سُمِّي هذا العام بعام الحزن.
وفي هذا الجو المعتم حيث الحزن والوَحدة، وافتقاد مَنْ يرعى شئون البيت والأولاد، أشفق عليه أصحابه رضوان الله عليهم، فبعثوا إليه خولة بنت حكيم السلمية -رضي الله عنها- امرأة عثمان بن مظعون رضي الله عنه، ورفيقة سودة في الهجرة إلى الحبشة، تسأله أن يتزوج.
وقالت له: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَرَاكَ قَدْ دَخَلَتْكَ خَلَّةٌ لِفَقْدِ خَدِيجَةَ».
قال: «أَجَلْ أُمُّ الْعِيَالِ، وَرَبَّةُ الْبَيْتِ».
فقالت: «أَلا أَخْطُبُ عَلَيْكَ؟»، قال: «بَلَى أَمَا إِنَّكُنَّ مَعْشَرَ النِّسَاءِ أَرْفَقُ بِذَلِكَ.» فسألها: «وَمَن؟»
قالت: «إِنْ شِئْتَ بِكْرًا، وَإِنْ شِئْتَ ثَيِّبًا»
فقال: «وَمَنِ البِكْرُ وَمَنِ الثَّيِّب؟»
فذكرت له البكر عائشة بنت أبي بكر والثيب سودة بنت زمعة
فقال: «فَاذْكُرِيْهِمَا عَلَيّ».
فلمَّا انتهت عدة سودة خطبتها خولة على النبي
فقالت: «أمري إليك يا رسول الله.»
فقال النبي: «مري رجلا من قومك يزوجك»
فأمَّرت حاطب بن عمرو أخا السكران، فتزوجها.
وكان زواجها في رمضان سنة عشرة من البعثة النبوية، وبنى بسودة بمكّة، ثم بَنَى بعائشة بعد ذلك حين قدم المدينة.
وتعدُّ السيدة سودة أوَّل امرأة تزوَّجها الرسول صلى الله عليه وسلم بعد خديجة، وكانت قد بلغت من العمر حينئذٍ الخامسة والخمسين، بينما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمسين من عمره، ولما سمع الناس في مكة بأمر هذا الزواج عجبوا؛ لأن السيدة سودة لم تكن بذات جمال ولا حسب، ولا مطمع فيها للرجال، وقد أيقنوا أنه إنما ضمَّها رفقًا بحالها، وشفقة عليها، وحفظًا لإسلامها، وجبرًا لخاطرها بعد وفاة زوجها إثر عودتهما من الحبشة، وكأنهم علموا أنه زواج تمَّ لأسباب إنسانيَّة.
وحين حانت الهجرة إلى المدينة المنورة أمر النبي محمد زيد بن حارثة وأبا رافع الأنصاري أن يأخذا أهل بيته ليهاجروا إلى المدينة، فأخذا سودة ومعها فاطمة الزهراء وأم كلثوم بنت محمد وأم أيمن وأسامة بن زيد.
صفات السيدة سودة
وتُطالعنا سيرة السيدة سودة -رضي الله عنها- بأنها قد جمعت ملامح عظيمة وخصالاً طيبة، كان منها أنها كانت معطاءة تُكْثِر من الصدقة،
عُرفت بكرمها، فأرسل إليها عمر بن الخطاب بِغرَارة من دَراهم ففرقتها على الفقراء كلها.
وقد وَهَبَتْ رضي الله عنها يومها لعائشة؛ ففي صحيح مسلم أنها: ˝لَمَّا كَبِرَتْ جَعَلَتْ يَوْمَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَائِشَةَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ جَعَلْتُ يَوْمِي مِنْكَ لِعَائِشَةَ. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَوْمَيْنِ: يَوْمَهَا وَيَوْمَ سَوْدَةَ˝.
وفي ذلك نزلت الأية: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا﴾ سورة النساء الآية.
قالت عنها عائشة: «ما من الناس أحد أحبّ إليّ أن أكون في مِسْلَاخه من سَوْدة؛ إن بها إلا حدّة فيها كانت تسرع منها الفيئة.»
كانتْ مِن العابِداتِ الزَّاهِداتِ؛ ولذلِكَ تمنَّتْ عائِشةُ رضِيَ الله عنها أنْ تَكونَ في مِسْلاخِ سَوْدةَ، أي أن تُصبِحَ كأنَّها هيَ في العِبادةِ.
وقد ضمَّتْ إلى تلك الصفات لطافةً في المعشر، ودعابةً في الرُّوح؛ مما جعلها تنجح في إذكاء السعادة والبهجة في قلب النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى ابن سعد في طبقاته عن إبراهيم، قال: قالت سودة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: صليت خلفك البارحة فركعت بي حتى أمسكتُ بأنفي مخافة أن يقطر الدم. قال: فضحك.
مكانة سودة
وكانت سودة ممن نزل فيها آيات الحجاب، فخرجت ذات مرة ليلًا لقضاء حوائجها وكانت امرأة طويلة جسيمة تفرُعُ النساء جسمًا لا تخفى على من يعرفها، فرآها عمر بن الخطاب فعرفها فقال: عرَفناكِ يا سَودَةُ، حِرصًا على أن يَنزِلَ الحجابُ، فنزلت الآيات: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) سورة الأحزاب.
وروت سودة خمسة أحاديث؛ منها في الصحيحين حديث واحد عن البخاري، وروى عنها عبد الله بن عباس، ويحيى بن عبد الله الأنصاري.
فروى لها ابن الزبير أنها قالت: «جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي شيخ كبير لا يستطيع أن يحج قال: ˝أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته عنه قبل منك˝ قال: نعم، قال: فالله أرحم حج عن أبيك».
شهدت سودة غزوة خيبر مع النبي وأطعمها النبي من الغنائم ثمانين وَسْقًا تمرًا وعشرين وَسْقًا شعيًرا، ويقال قمح. وشهدت معه حجة الوداع، واستأذنته أن تصلي الصبح بمنى ليلة المزدلفة فأذن لها، فعن عائشة: «استأذنت سودة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ليلة المزدلفة أن تدفع قبل حطمة الناس، وكانت امرأة ثبطة، يعني ثقيلة، فأذن لها، ولأن أكون استأذنته أحبّ إليّ من معروج به.»
ولم تحج سودة بعدها ولزمت بيتها حتى وفاتها، فكانت تقول: «لا أحج بعدها أبدًا»، وتقول: «حججت واعتمرت فأنا أقر في بيتي، كما أمرني الله عز وجل»، وكانت زوجات النبي يحججن إلا سودة بنت زمعة وزينب بنت جحش، قالتا: «لا تحركنا دابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم».
وفاتها
توفيت أم المؤمنين سودة بنت زمعة -رضي الله عنها- سنة 54هـ في شوال، بالمدينة المنورة في خلافة معاوية.
#أمهات_المؤمنين
#صفاءفوزي . ❝
❞ (ميمونة بنت الحارث)
هي زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت آخر امرأة تزوجها رسول الله.
نسب ميمونة بنت الحارث
هي ميمونة بنت الحارث بن حَزْن الهلالية، أمها: هند بنت عوف بن زهير
وهند بنت عوفٍ هي أيضا أم زينب بنت خزيمة الهلالية زوج النبي محمد. وقد كان يقال: أكرمُ أصهار عجوزٍ في الأرض هندُ بنت عوف.
زواج ميمونة بنت الحارث من رسول الله
لما تأيَّمت ميمونة بنت الحارث -رضي الله عنها- عرضها العباس رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم في الجُحْفَة، فتزوَّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبنى بها بسَرِف على عشرة أميال من مكة، وكانت آخر امرأة تزوَّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك سنة سبع للهجرة (629م) في عمرة القضاء. وهي خالة خالد بن الوليد وعبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- وقد أصدقها العباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعمائة درهم، وكانت قَبْلَه عند أبي رُهْم بن عبد العزى؛ ويقال: إنها التي وَهَبَتْ نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم؛ وذلك أن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم انتهت إليها وهي على بعيرها، فقالت: البعير وما عليه لله ولرسوله. فأنزل الله تبارك وتعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [االأحزاب]
وكانت -رضي الله عنها- قريبة من رسول الله، فكانت تغتسل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في إناء واحد.
الحكمة من زواج النبي من ميمونة بنت الحارث
لقد حقَّق النبي صلى الله عليه وسلم بزواجه من السيدة ميمونة -رضي الله عنها- مصلحة عُلْيَا، وهي أنه صلى الله عليه وسلم بهذه المصاهرة لبني هلال كَسَبَ تأييدهم، وتألَّف قلوبهم، وشجعهم على الدخول في الإسلام، وهذا ما حدث بالفعل، فقد وجد النبي صلى الله عليه وسلم منهم العطف الكامل والتأييد المطلق، وأصبحوا يدخلون في الإسلام تباعًا، ويعتنقونه طواعيةً واختيارًا.
ميمونة بنت الحارث في بيت النبي
وبانضمام السيدة ميمونة -رضي الله عنها- إلى ركب آل البيت، وإلى أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لها -كما لأُمَّهات المؤمنين رضي الله عنهن- دور كبير في نقل حياة رسول الله إلى الأُمَّة، كما قال الله تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} [الأحزاب].
قال البغوي: قوله: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ} يعني: القرآن، {وَالْحِكْمَةِ}
و قال قتادة: يعني السُّنَّة.
وقال مقاتل: أحكام القرآن ومواعظه.
ومن ثَمَّ كانت أُمَّهات المؤمنين تنقل الأحكام الشرعية بدقَّة بالغة، فنجد الأحاديث التي يُذكر فيها الغسل والوضوء وما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم في نومه واستيقاظه ودخوله وخروجه، وما كان أحد لينقل هذه الأمور كلها بهذه الدقَّة إلاَّ أُمَّهات المؤمنين رضي الله عنهن؛ وذلك نظرًا لصحبتهن الدائمة للرسول صلى الله عليه وسلم.
مكانة ميمونة بنت الحارث
كان للسيِّدة ميمونة بنت الحارث -رضي الله عنها- مكانتها بين أُمَّهات المؤمنين؛ فهي أخت أُمِّ الفضل زوجة العباس، وخالة خالد بن الوليد، كما أنها خالة ابن عباس.
ورُوي لها سبعة أحاديث في ˝الصحيحين˝، وانفرد لها البخاري بحديث، ومسلم بخمسة، وجميع ما روت ثلاثة عشر حديثًا.
وقد وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم وأخواتها بالمؤمنات؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ˝الأَخَوَاتُ مُؤْمِنَاتٌ: مَيْمُونَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ، وَأُمُّ الْفَضْلِ بنتُ الْحَارِثِ، وسَلْمَى امْرَأَةُ حَمْزَةَ، وَأَسْمَاءُ بنتُ عُمَيْسٍ هِيَ أُخْتُهُنَّ لأُمِّهِنَّ˝.
وفاتها
وبعد انتقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى ظلت السيدة ميمونة تعيش لحظات الحنين للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، حتى أنها أوصت بدفنها في نفس المكان الذي بنى بها فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وتوفيت بعد عودتها من الحج بسرف، في الموضع الذي زفت فيه إلى النبي محمد، ويقع على طريق المدينة المنورة - مكة المكرمة قبل الوصول إلى مسجد التنعيم بعشرة كيلومترات، ودفنت حيث أوصت في موضع قبتها هناك سنة 51 هـ وصلى عليها ابن أختها عبد الله بن العباس.
تقول عنها عائشة: ˝ ذهبت والله ميمونة.. أما إنها كانت من أتقانا الله وأوصلنا للرحم ˝.
فهؤلاء أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللاتي دخل بهن ، وتوفيت منهن اثنتان في حياة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وهما : خديجة ، وزينب بنت خزيمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما ، وتوفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن التسع البواقي من غير خلاف بين أهل العلم .
#أمهات_المؤمنين
#صفاءفوزي . ❝
❞ الزوجة الثالثة
(عائِشة بنت أبي بكر)
السيدة عائشة رضي الله عنها هي أم المؤمنين عائشة زوج الرسول، هي الصديقة بنت الصديق، إحدى زوجات النبي فما سيرة عائشة رضي الله عنها ومكانتها عند رسول الله؟
السيدة عائشة وشرف نسبها
عائشة بنت أبي بكر الصديق، ولدت -رضي الله عنها- سنة تسع قبل الهجرة، كنيتها أم عبد الله، ولُقِّبت بالصِّدِّيقة، وعُرِفت بأم المؤمنين، وبالحميراء لغلبة البياض على لونها. وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر الكنانية -رضي الله عنها- التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ˝من أحب أن ينظر إلى امرأة من الحور العين، فلينظر إلى أم رومان˝.
ولدت عائشة رضي الله عنها في الإسلام ولم تدرك الجاهلية، وكانت من المتقدمين في إسلامهم؛ فقد روى البخاري ومسلم عن عروة بن الزبير أن عائشة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: ˝لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين˝.
في بيت الصدق والإيمان ولدت، وفي أحضان والدَيْنِ كريمين من خيرة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم تربت، وعلى فضائل الدين العظيم وتعاليمه السمحة نشأت وترعرعت.
قصة زواج السيدة عائشة من النبي
قبل الهجرة بسنتين وبعد وفاة خديجة بنت خويلد، جاءت خولة بنت حكيم إلى النبي محمد تسأله أن يتزوج، فسألها: «وَمَن؟»
قالت: «إِنْ شِئْتَ بِكْرًا، وَإِنْ شِئْتَ ثَيِّبًا»
فقال: «وَمَنِ البِكْرُ وَمَنِ الثَّيِّب؟» فذكرت له البكر عائشة والثيب سودة بنت زمعة
فقال: «فَاذْكُرِيْهِمَا عَلَيّ.»
فذهبت خولة إلى أم رومان بنت عامر أم عائشة، وذكرت لها الأمر، فقالت: «اِنْتَظِرِي فَإِنَّ أَبَا بَكْرَ آتٍ».
استبشر بالأمر وقال لخولة: «قُولِي لِرَسُولِ الله فَلْيَأْتِ»، فجاء النبي محمد وخطبها.
وقد تمت خطبتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بنت سبع سنين، وتزوجها وهي بنت تسع؛ وذلك لحداثة سنها، فقد بقيت تلعب بعد زواجها فترة من الزمن.
روي عنها أنها قالت: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب بالبنات، فقال: ما هذا يا عائشة؟ قلت: خيل سليمان. فضحك.
وقد أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبته الصغيرة كثيرًا، فكان يوصي بها أمها أم رومان قائلاً: ˝يا أم رومان، استوصي بعائشة خيرًا واحفظيني فيها˝.
وكان يسعده كثيرًا أن يذهب إليها كلما اشتدت به الخطوب، وينسى همومه في غمرة دعابتها ومرحها.
وتروي عائشة قصة يوم زواجها، قائلة: «قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَوُعِكْتُ شَهْرًا فَوَفَى شَعْرِي جُمَيْمَةً فَأَتَتْنِي أُمُّ رُومَانَ وَأَنَا عَلَى أُرْجُوحَةٍ وَمَعِي صَوَاحِبِي فَصَرَخَتْ بِي فَأَتَيْتُهَا وَمَا أَدْرِي مَا تُرِيدُ بِي فَأَخَذَتْ بِيَدِي فَأَوْقَفَتْنِي عَلَى الْبَابِ فَقُلْتُ هَهْ هَهْ حَتَّى ذَهَبَ نَفَسِي فَأَدْخَلَتْنِي بَيْتًا فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقُلْنَ عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِنَّ فَغَسَلْنَ رَأْسِي وَأَصْلَحْنَنِي فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا وَرَسُولُ اللَّهِ ضُحًى فَأَسْلَمْنَنِي إِلَيْهِ».
وهناك خلاف قديم فى سن السيدة عائشة عند زواجها من النبى عليه السلام، ما بين الروايات التى تنقلها أغلب كتب التراث الإسلامى، وما بين الروايات الحديثة.
جاءت الأحاديث الصحيحة بأن النبي صلى الله عليه وسلم عقد على عائشة رضي الله عنها وهي بنت سبع سنين ، ودخل بها وهي تسع سنين ، ومن ذلك :
روى مسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنه (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سَبْعِ سِنِينَ ، وَزُفَّتْ إِلَيْهِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ ، وَلُعَبُهَا مَعَهَا ، وَمَاتَ عَنْهَا وَهِيَ بِنْتُ ثَمَانَ عَشْرَةَ) .
ليس في زواج النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة رضي الله عنها وهي تسع سنوات شيء يستنكر ، فمن المعلوم أن سن بلوغ المرأة يختلف حسب العرق وحسب المناخ ، ففي المناطق الحارة تبلغ الجارية مبكرا ، بينما في المناطق القطبية الباردة قد يتأخر البلوغ حتى سن 21 سنة .
قال الترمذي : قالت عائشة : إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة .
˝وقال الإمام الشافعي : ˝ رأيت باليمن بنات تسع يحضن كثيرا ˝ .
وروى البيهقي عَنِ الشَّافِعِىِّ قَالَ : ˝ أَعْجَلُ مَنْ سَمِعْتُ بِهِ مِنَ النِّسَاءِ يَحِضْنَ نِسَاءٌ بِتِهَامَةَ يَحِضْنَ لِتِسْعِ سِنِينَ ˝ .
وقَالَ الشَّافِعِىُّ أيضا : ˝ رَأَيْتُ بِصَنْعَاءَ جَدَّةً بِنْتَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً ، حَاضَتْ ابْنَةَ تِسْعٍ وَوَلَدَتْ ابْنَةَ عَشْرٍ ، وَحَاضَتِ الْبِنْتُ ابْنَةَ تِسْعٍ وَوَلَدَتْ ابْنَةَ عَشْرٍ ˝
فعلى هذا ؛ فقد دخل الرسول صلى الله عليه وسلم بعائشة رضي الله عنها وهي بالغة أو قد قاربت البلوغ.
وبعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، لحقته العروس المهاجرة إلى المدينة المنورة، وهناك اجتمع الحبيبان، وعمَّت البهجة أرجاء المدينة المنورة، وأهلت الفرحة من كل مكان؛ فالمسلمون مبتهجون لانتصارهم في غزوة بدر الكبرى، واكتملت فرحتهم بزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعائشة. ودخل النبي محمد بعائشة بعد غزوة بدر في شوال 2 هـ، فكانت عائشة تقول: «تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ فِي شَوَّالٍ وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ فَأَيُّ نِسَاءِ رَسُولَ اللَّهِ كَانَت أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي».
وقد وصفت عائشة جهاز حجرتها فقالت: «إِنَّمَا كَانَ فِرَاشُ رَسُولِ اللَّهِ الَّذِي يَنَامُ عَلَيْهِ أَدَمًا حَشْوُهُ لِيفٌ».
وتروي عائشة حديثًا عن النبي محمد أنه رأى في منامه جبريل، وقد جاء بها في ثوب من حرير، وقال له: «هَذِهِ امْرَأَتِك»، فرد النبي بقوله: «إنْ يَكُن هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ يُمضِهِ».
وفي حديث آخر أن جبريل قال: «هَذِهِ زَوْجَتُكَ فِي الدُنيَا وَالآخِرَة».
#أمهات_المؤمنين
#صفاءفوزي . ❝
❞ #رمضان_والتغيير . ❝