📘 ❞ محمود محمد شاكر الرجل والمنهج ❝ كتاب ــ عمر حسن القيام اصدار 1996

التراجم والأعلام - 📖 كتاب ❞ محمود محمد شاكر الرجل والمنهج ❝ ــ عمر حسن القيام 📖

█ _ عمر حسن القيام 1996 حصريا كتاب ❞ محمود محمد شاكر الرجل والمنهج ❝ عن دار البشير للثقافة والعلوم 2024 والمنهج: أبو فهر أديب مصري دافع العربية مواجهة التغريب اطلع كتب التراث وحقق العديد منها أقام منهجه الخاص الشعر وسماه منهج التذوق خاض الكثير من المعارك الأدبية حول أصالة الثقافة ومصادر الجاهلي في الجامعة استمع لمحاضرات طه حسين وهي التي عرفت بكتاب «في الجاهلي» وكم كانت صدمته حين ادعى أن منتحل وأنه كذب ملفق لم يقله أمثال امرئ القيس وزهير وإنما ابتدعه الرواة العصر الإسلامي وضاعف شدة هذه الصدمة ما سمعه المحاضر الكبير سبق له عليه بحذافيره مجلة استشراقية مقال بها للمستشرق الإنجليزي مرجليوث! وتتابعت المحاضرات هذا الموضوع وصاحبنا عاجز بما صدره وتمنعه الهيبة والأدب يقف مناقشا أستاذه وظل ذلك زمنا لا يستطيع يتكلم حتى إذا يعد الصبر والتحمل بقية وقف يرد صراحة وبغير مداراة لكنه يستطع يواجهه بأن يقوله إنما هو سطو أفكار مرجليوث بلا حياء أو اكتراث قرار الهجرة ثم العودة تولد شعوره بالعجز التحدي خيبة أمل كبيرة فترك غير آسف عليها وهو السنة الثانية لأنه يثق ولم تفلح المحاولات بذلها أساتذته وأهله إقناعه بالرجوع وسافر إلى جدة سنة 1928 مهاجرا وأنشأ هناك ـ بناء طلب الملك عبد العزيز آل سعود مدرسة السعودية الابتدائية عمل مديرا لها استدعاه والده الشيخ فعاد القاهرة 1929 منهج التذوق بعد عودته انصرف الأدب والكتابة وقراءة دواوين الشعراء صارت ملكة وبدأ ينشر بعض قصائده الرومانسية مجلتي «الفتح» و«الزهراء» لمحب الدين الخطيب واتصل بأعلام عصره أحمد تيمور وأحمد زكي باشا والخضر وعباس العقاد ومصطفى صادق الرافعي الذي ارتبط بصداقة خاصة معه ورغم فإنه يصف المرحلة الزمنية 1926 1936 (أي منذ السابعة عشر والعشرين) بأنها «حياة أدبية بدأت أحس إحساسا مبهما إنها حياة ادبية فاسدة فلم أجد لنفسي خلاصا إلا أرفض متخوفا حذرا شيئا فشيئا أكثر المناهج والسياسية والاجتماعية والدينية» بدأ بإعادة قراءة وقع تحت يده العربي تختلف الأولى أنها متأنية تتوقف عند كل لفظ ومعنى محاولا يصل قد يكون أخفاه الشاعر ألفاظه بفنه وبراعته وهذا أساس جعله منهجا شاملا يطبقه الكلام شعرا كان غيره فأقدم يقع أسلافنا: تفسير لكتاب الله علوم القرآن الحديث تفرع مصطلح والجرح والتعديل وغيرها أصول الفقه وأصول وكتب الملل والنحل البلاغة والنحو والتاريخ بحيث اتجاهه الأقدم فالأقدم ومع تطبيقه لأسلوب يقرأ أنه إبانة خبايا كاتبه يقول: «وشيئا انفتح لي الباب مصراعيه فرأيت عجبا العجب وعثرت يومئذ فيض غزير مساجلات صامتة خفية كالهمس ومساجلات ناطقة جهيرة الصوت جميعها صادقة الأنفس والعقول» مسيرته العلمية كتابه المتنبي لم يكن معروفا بين الناس قبل تأليفه كتابه «المتنبي» أثار ضجة بمنهجه المبتكر وأسلوبه الجديد البحث علامة فارقة الدرس الأدبي نقلته الثرثرة المسترخية الجاد والعجيب ألف الكتاب يتجاوز السادسة والعشرين عمره يقصد تأليف المتنبي كلفه فؤاد صروف رئيس تحرير المقتطف يكتب دراسة مسهبة الإسهاب عشرين ثلاثين صفحة ولكن التكليف تحول يد كتابا مستقلا أنجزه فترة زمنية قصيرة نحو مسبوق ونشرته عددها الصادر السادس شوال 1354 هـ الأول يناير 1936م وصدر مجلته بقوله: العدد يختلف عدد صادر ستين يومنا فهو موضوع واحد ولكاتب اهتدى أشياء كثيرة يكتبها أحد قبله استنتجها خلال تذوقه لشعر فقال بعلوية ليس ولد السقائين بالكوفة كما قيل بل علويا نشأ وتعلم مع الأشراف مكاتب العلم وقال يحب خولة أخت سيف الحمداني واستشهد شعر نفسه واستُقبل بترحاب شديد عنه مقالة رائعة أثنى وعلى مؤلفه العجيب المديح الشديد يعجبه يرى يستحق إنه رأى النقد الموجه لكتابه نقدا علمية يقول حوار د نجم الكريم: «لم كاتبا اليوم قام بنقد صحيحا فهم طريقة كتبت فليس نقد ينبغي ينقد نقده الدكتور أستطيع أعده الحقيقة أصل له» «إن الثناء لايؤثر علي ولا يغير قناعاتي رأيي الناس! وأقولها بأمانة: كلمة أحترمها بشأن كتابي سوى رجل وجهة نظره يحتوي شيء أما الأستاذ «الوديع تلحوم» وقد نشره أحتفظ بشيء مما عني المقالة بالإضافة أستاذي مصطفى » من هنا يمكننا نفهم توقف الدراسات بسطحية تناولها النقاد تحقيق التراث يعد رأس قائمة محققي وأطلق المحقق الفنان وإنجازاته المجال عنوان الدقة والإتقان ومن أشهر الكتب حققها: الطبري (16 جزءا) طبقات فحول (مجلدان) تهذيب الآثار للطبري (6 مجلدات) وشاكر يوصف بأنه محقق لنصوص قارئ وشارح أغلفة يقوم بتحقيقها عبارة: «قرأه وعلق عليه» وهذه العبارة الربيعي «هي الحد الفاصل طبيعة عمله وطبيعة شيوخ المحققين يوجه النص ويبين معناه بنوع التوجيه القراءة تجعله محررا؛ لأنها ترفدها خبرة نوعية عميقة بطريقة الكتابة مال بالقراءة ناحية معينة أتى شرحه مقاربا وضبطه مقنعا وأفق فهمه واسعا فخلع وأصبح كأنه صاحبه ومبدعه» معاركه الأدبية خاض معركتين ضخمتين أولاهما والأخرى لويس عوض كانتا أبرز معالم حياته والفكرية ويمكننا القول عنهما معارك فرعية وثانوية وكانت هاتان المعركتان بسبب شاعرين كبيرين شعراء هما: والمعري مع حسين صدر عام بيد صدر 1938 الرغم يمنع يسلك سبيلاً يقلد فيها لذا فقد هاجم كتبه 13 جريدة (البلاغ) (بيني وبين طه) اتهمه سطا أفكاره وحذا حذوه وقال: محشو بأشياء تدل دلالة قاطعة الطريق بعد قرأ كتابه! عوض نشر المستشار الثقافي للأهرام حينذاك 1964 مجموعة مقالات الأهرام بعنوان (على هامش الغفران) وذهب كلامه تأثر المعري باليونانيات ألمح أثر الأساطير اليونانية النبوي دفع إلي العودة عزلة فرضها لبيان خطأ وتهافت انتقل الفكر والثقافة العالم والإسلامي وما طرأ غزو فكري غربي واعتبرت حدثا ثقافيا مدويا كشفت علم ومعرفة واسعة بالشعر وغيره وقدرة باهرة المحاجاة والبرهان وقد «طه حسين» والثانية «لويس عوض» الأخيرة أوسع مجالاً حيث دخلها الأطراف بالنيابة الطرف الأصيل وسبب هاتين المعركتين؛ أولاً: النشأة الجادة تميز يسكت السطو أعمال الآخرين التطاول عليهم والأمر الآخر : موقفه المبدئي الحضارة الغربية وموقفها الإسلامية يراها –الحضارة تسعى بكل أوتيت أسباب ومكر وسطوة وإغراء وإغواء القضاء هوية الأمة المسلمة ومسخ حضارتها ومواريثها وإلحاقها بحضارة الغرب حضارة الخراب والدمار نتيجة المعركتين البارزتين صالح المهيض الجناح –طرف «فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ينفع فيمكث الأرض» (الرعد:17) بداية الخلاف حسين بين وطه معركة طويلة: بداية المعركة –محمود عشرة 1926م –كلية الآداب قسم اللغة صدم يستمع يتحدث كلام اجترار لكلام المستشرق «مرجليوث» وأن «ليس عنده أدوات النظر وإدراك أسرارها يجعل لرأية قيمة أمر يرجع الطبيعة اللسان لسانه وليس أدبه التاريخ تاريخه فضلاً فساد طويته ومقصوده دراسته الفساد يفسد يريد وراء الدراسة تشويه وإفساد وتاريخه وكان مغالياً الإفساد ومغاليا حقده العرب والمسلمين يهودي يقطر حقداً» رد مقالته سطواً عرياناً المستشرقين ومنهم «ليال» حقق كتاباً وأفضلها «المفضليات» مقدمة جيدة «وقد يبس الثرى بينه رجعة» وانحاز لكل منهما فريق الأدباء والشعراء والكتاب مسألة الحاكمية الشيخ وقضية أخطر القضايا المعاصرة: معقباً أثرين ذكرهما الإمام تفسيره برقم (12025) (12026) وكلاهما أبي مجلز (لاحق بن حميد الشيباني السدوسي) تابعي ثقة سأله قوم الإباضية –وهم جماعة الخوارج الحرورية أصحاب إباض التميمي يقولون بمقالة وتكفير طالب – سألوه الآيات (45 47) سورة المائدة «ومن يحكم أنزل فأولئك هم الكافرون الظالمون الفاسقون فأجابهم أبو –بما يراه الحق وجه الأثرين: «وإذن سؤالهم –أي الأباضية لأبي عما احتج به مبتدعة زماننا الأموال والأعراض والدماء بقانون مخالف لشريعة أهل الإسلام إصدار قانون ملزم لأهل بالاحتكام حكم لسان نبيه –صلى وآله وسلم فهذا الفعل إعراض ورغبة دينه وإيثار لأحكام الكفر حكمه –سبحانه وتعالى كفر يشك القبلة –على اختلافهم تكفير القائل والداعي إليه» التراجم والأعلام مجاناً PDF اونلاين يتناول سير الأعلام عبر العصور المختلفة دقيق يبحث أحوال الشخصيات والأفراد الذين تركوا آثارا المجتمع ويتناول كافة الأنبياء والخلفاء والملوك والأمراء والقادة والعلماء شتى المجالات والفقهاء والأدباء والفلاسفة وغيرهم ويهتم بذكر حياتهم الشخصية ومواقفهم وأثرهم الحياة وتأثيرهم ويعتبر عموما فرعا فروع اهتم المسلمون بعلم اهتماما كبيرا العناية بهذا عندهم عهد الرسول صلى بزمن يسير حرص العلماء حماية وصيانة المصدر الثاني مصادر التشريع حرصوا صيانته الكذب والتزوير والغش والتلفيق والدس فنشأ كقاعدة تلقّي الأخبار وبالأخص فيما يتعلق بالحديث أولا المروية الصحابة والتابعين وباقي خصوصا والناس روى مسلم صحيحه مجاهد قال: «جاء بشير العدوي ابن عباس فجعل يحدث ويقول: قال رسول يأذن لحديثه ينظر إليه فقال: يا مالي أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك تسمع؟ عباس: إنا كنا مرة سمعنا رجلا ابتدرته أبصارنا وأصغينا بآذاننا فلما ركب الصعب والذلول نأخذ نعرف » واستمر العمل القاعدة ضرورة معرفة الرجال ناقلي حال نقلة النبوية وذلك لما ينبني المعرفة قبول والتعبد لله تعالى تلك والحذر اعتبارها ديناً وروى سيرين يكونوا يسألون الإسناد وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر فيؤخذ حديثهم وينظر البدع فلا يؤخذ حديثهم» وجاءت عبارات الأئمة بيان أهمية صريحة وواضحة الأهمية بمكان نواح تفصيلية الراوي ونواح استنتاجية (تُستنتج حديثه وطريقته التحديث) مباحث العلم: تاريخ ميلاد وتاريخ طلبه للعلم وممن سمع سِنِيِّ الشيوخ عنهم (من منهم حدث سماعاً دلس شيئاً أرسل عنه) مدة ملازمته لكلّ شيخ شيوخه وكيف ذاك منه الأحاديث والآثار روى ذلك؛ وهل كثير الضعفاء والمجاهيل؟ ورحلاته العلمية حدّث به؛ ومتى يحدِّث؟ حفظه أم كتابه؛ سماعٌ عرض؛ المستملون والوراقون استخدمهم؟) إقبال الحاضرين عنده؟ هي الأوهام والسَّقطات أُخذت عليه؟ أخلاق وعبادته ومهنته؛ يأخذ أجراً التحديث؟ عسِراً التحديث سمحاً بعلمه متساهلاً ؟ وتفرّع وانبثق متعلّقة تفرّدته باقي الأمم وعلم العدالة والتوثيق والضبط العلل الجرح أقسام التراجم هنالك تقسيمات متنوعة لعلم والكتب العديدة المؤلفة فمنها: التراجم الطبقات التراجم الحروف الوفيات القرون البلدان وقسّمهم البعض أبواب مختلفة منها: التراجم المتعلقة معيّن المتعلّقة بمذهب بفنّ بشخص الترجمة الذاتية أسهب التأليف الأبواب يكاد يخلوا باب وصنّفت فيه عشرات وهذا ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل وتراجم ومذكرات فيشمل

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
محمود محمد شاكر الرجل والمنهج
كتاب

محمود محمد شاكر الرجل والمنهج

ــ عمر حسن القيام

صدر 1996م عن دار البشير للثقافة والعلوم
محمود محمد شاكر الرجل والمنهج
كتاب

محمود محمد شاكر الرجل والمنهج

ــ عمر حسن القيام

صدر 1996م عن دار البشير للثقافة والعلوم
عن كتاب محمود محمد شاكر الرجل والمنهج:
أبو فهر محمود محمد شاكر أديب مصري، دافع عن العربية في مواجهة التغريب. اطلع على كتب التراث وحقق العديد منها. أقام منهجه الخاص في الشعر وسماه منهج التذوق. خاض الكثير من المعارك الأدبية حول أصالة الثقافة العربية، ومصادر الشعر الجاهلي.

في الجامعة استمع شاكر لمحاضرات طه حسين عن الشعر الجاهلي وهي التي عرفت بكتاب «في الشعر الجاهلي»، وكم كانت صدمته حين ادعى طه حسين أن الشعر الجاهلي منتحل وأنه كذب ملفق لم يقله أمثال امرئ القيس وزهير، وإنما ابتدعه الرواة في العصر الإسلامي، وضاعف من شدة هذه الصدمة أن ما سمعه من المحاضر الكبير سبق له أن اطلع عليه بحذافيره في مجلة استشراقية في مقال بها للمستشرق الإنجليزي مرجليوث!

وتتابعت المحاضرات حول هذا الموضوع، وصاحبنا عاجز عن مواجهة طه حسين بما في صدره، وتمنعه الهيبة والأدب أن يقف مناقشا أستاذه، وظل على ذلك زمنا لا يستطيع أن يتكلم حتى إذا لم يعد في الصبر والتحمل بقية، وقف يرد على طه حسين في صراحة وبغير مداراة، لكنه لم يستطع أن يواجهه بأن ما يقوله إنما هو سطو على أفكار مرجليوث بلا حياء أو اكتراث.

قرار الهجرة ثم العودة
تولد عن شعوره بالعجز عن مواجهة التحدي خيبة أمل كبيرة فترك الجامعة غير آسف عليها وهو في السنة الثانية لأنه لم يعد يثق بها، ولم تفلح المحاولات التي بذلها أساتذته وأهله في إقناعه بالرجوع، وسافر إلى جدة سنة 1928 مهاجرا، وأنشأ هناك ـ بناء على طلب الملك عبد العزيز آل سعود ـ مدرسة جدة السعودية الابتدائية عمل مديرا لها، حتى استدعاه والده الشيخ فعاد إلى القاهرة سنة 1929.

منهج التذوق
بعد عودته من جدة، إلى القاهرة، انصرف إلى الأدب والكتابة وقراءة دواوين الشعراء حتى صارت له ملكة في التذوق، وبدأ ينشر بعض قصائده الرومانسية في مجلتي «الفتح» و«الزهراء» لمحب الدين الخطيب، واتصل بأعلام عصره من أمثال أحمد تيمور وأحمد زكي باشا والخضر حسين وعباس محمود العقاد ومصطفى صادق الرافعي الذي ارتبط بصداقة خاصة معه. ورغم هذا فإنه يصف المرحلة الزمنية من 1926 إلى 1936 (أي منذ السابعة عشر إلى السابعة والعشرين) بأنها «حياة أدبية بدأت أحس إحساسا مبهما إنها حياة ادبية فاسدة. فلم أجد لنفسي خلاصا إلا أن أرفض متخوفا حذرا، شيئا فشيئا، أكثر المناهج الأدبية والسياسية والاجتماعية والدينية».

بدأ بإعادة قراءة ما وقع تحت يده من الشعر العربي، قراءة تختلف عن الأولى في أنها متأنية تتوقف عند كل لفظ ومعنى محاولا أن يصل إلى ما قد يكون أخفاه الشاعر في ألفاظه بفنه وبراعته، وهذا هو أساس منهج التذوق الذي جعله منهجا شاملا يطبقه على كل الكلام شعرا كان أو غيره، فأقدم على قراءة كل ما يقع تحت يده من كتب أسلافنا: من تفسير لكتاب الله، إلى علوم القرآن، إلى دواوين الحديث، إلى ما تفرع منها من كتب مصطلح الحديث والجرح والتعديل وغيرها من كتب أصول الفقه وأصول الدين، وكتب الملل والنحل، ثم كتب البلاغة والنحو والتاريخ بحيث يكون اتجاهه من الأقدم فالأقدم. ومع تطبيقه لأسلوب التذوق كان يقرأ كل التراث على أنه إبانة عن خبايا كاتبه. يقول: «وشيئا فشيئا انفتح لي الباب على مصراعيه. فرأيت عجبا من العجب، وعثرت يومئذ على فيض غزير من مساجلات صامتة خفية كالهمس، ومساجلات ناطقة جهيرة الصوت، غير أن جميعها إبانة صادقة عن الأنفس والعقول».

مسيرته العلمية
كتابه عن المتنبي
لم يكن شاكر معروفا بين الناس قبل تأليفه كتابه «المتنبي» الذي أثار ضجة كبيرة بمنهجه المبتكر وأسلوبه الجديد في البحث، وهو يعد علامة فارقة في الدرس الأدبي نقلته من الثرثرة المسترخية إلى البحث الجاد. والعجيب أن شاكر الذي ألف هذا الكتاب سنة 1936 ولم يتجاوز السادسة والعشرين من عمره لم يكن يقصد تأليف كتاب عن المتنبي، إنما كان قد كلفه فؤاد صروف رئيس تحرير مجلة المقتطف أن يكتب دراسة عن المتنبي مسهبة بعض الإسهاب ما بين عشرين إلى ثلاثين صفحة، ولكن هذا التكليف تحول على يد شاكر كتابا مستقلا عن المتنبي أنجزه في فترة زمنية قصيرة على نحو غير مسبوق ونشرته مجلة المقتطف في عددها الصادر في السادس من شوال 1354 هـ الأول من يناير 1936م، وصدر فؤاد صروف مجلته بقوله: هذا العدد من المقتطف يختلف عن كل عدد صادر منذ ستين سنة إلى يومنا هذا، فهو في موضوع واحد ولكاتب واحد.

اهتدى شاكر في كتابه إلى أشياء كثيرة لم يكتبها أحد من قبله استنتجها من خلال تذوقه لشعر المتنبي، فقال بعلوية المتنبي وأنه ليس ولد أحد السقائين بالكوفة كما قيل، بل كان علويا نشأ بالكوفة وتعلم مع الأشراف في مكاتب العلم، وقال بأن المتنبي كان يحب خولة أخت سيف الدين الحمداني واستشهد على ذلك من شعر المتنبي نفسه، واستُقبل الكتاب بترحاب شديد وكتب عنه الرافعي مقالة رائعة أثنى عليه وعلى مؤلفه.

العجيب أن المديح الشديد لم يعجبه لأنه يرى أن كتابه لا يستحق كل ذلك، حتى إنه رأى أن النقد الموجه لكتابه كان نقدا على غير أصول علمية. يقول في حوار له مع د. نجم عبد الكريم: «لم أجد كاتبا إلى هذا اليوم قام بنقد هذا الكتاب نقدا صحيحا أو فهم طريقة ما كتبت. فليس هناك من نقد الكتاب كما ينبغي أن ينقد.. نقده الدكتور طه حسين في كتابه مع المتنبي نقدا لا أستطيع أن أعده نقدا في الحقيقة، لأنه لا أصل له»........ «إن كل هذا الثناء لايؤثر علي ولا يغير شيئا من قناعاتي، كما أن الثناء لا يغير رأيي في الناس! وأقولها بأمانة: إنه لم يكتب أحد كلمة أستطيع أن أحترمها بشأن كتابي سوى رجل واحد كتب نقدا لي من وجهة نظره، وهذا النقد يحتوي على شيء من الحقيقة، أما الرجل فهو الأستاذ «الوديع تلحوم». وقد نشره في مجلة المقتطف، ولم أحتفظ بشيء مما كتب عني سوى هذه المقالة أو هذا النقد، بالإضافة إلى مقالة أستاذي الأستاذ مصطفى صادق.».

من هنا يمكننا أن نفهم أنه توقف عن الدراسات الأدبية لأنه شعر بسطحية تناولها من قبل النقاد.

تحقيق كتب التراث
يعد شاكر على رأس قائمة محققي التراث العربي، وأطلق عليه العقاد المحقق الفنان، وإنجازاته في هذا المجال كثيرة، وهي عنوان على الدقة والإتقان، ومن أشهر الكتب التي حققها: تفسير الطبري (16 جزءا)، طبقات فحول الشعراء (مجلدان)، تهذيب الآثار للطبري (6 مجلدات).. وشاكر لا يحب أن يوصف بأنه محقق لنصوص التراث العربي، وإنما يحب أن يوصف بأنه قارئ وشارح لها، وهو يكتب على أغلفة الكتب التي يقوم بتحقيقها عبارة: «قرأه وعلق عليه» وهذه العبارة كما يقول الدكتور محمود الربيعي «هي الحد الفاصل بين طبيعة عمله وطبيعة عمل غيره من شيوخ المحققين، إنه يوجه النص ويبين معناه بنوع من التوجيه أو القراءة التي تجعله محررا؛ لأنها قراءة ترفدها خبرة نوعية عميقة بطريقة الكتابة العربية، وهو إذا مال بالقراءة ناحية معينة أتى شرحه مقاربا، وضبطه مقنعا، وأفق فهمه واسعا، فخلع على النص بعض نفسه وأصبح كأنه صاحبه ومبدعه».

معاركه الأدبية
خاض معركتين ضخمتين أولاهما مع طه حسين والأخرى مع لويس عوض كانتا من أبرز معالم حياته الأدبية والفكرية ويمكننا القول بأنه تفرع عنهما معارك فرعية وثانوية كثيرة، وكانت هاتان المعركتان بسبب شاعرين كبيرين من شعراء العربية هما: المتنبي والمعري.

مع طه حسين
صدر كتاب محمود شاكر عن المتنبي عام 1936، بيد أن كتاب د. طه حسين مع المتنبي صدر عام 1938، وعلى الرغم من أن طه حسين نقد في كتابه كتاب شاكر إلا أنه لم يستطع أن يمنع نفسه من أن يسلك سبيلاً يقلد فيها محمود شاكر، لذا فقد هاجم شاكر ما كتبه طه حسين في 13 مقالة في جريدة (البلاغ)، تحت عنوان (بيني وبين طه) اتهمه فيها بأنه سطا على أفكاره وحذا حذوه، وقال: أن كتاب طه حسين محشو بأشياء كثيرة تدل دلالة قاطعة على أن الدكتور طه لم يسلك هذا الطريق الجديد على كتبه في كتاب المتنبي إلا بعد أن قرأ كتابه!.

مع لويس عوض
نشر د. لويس عوض المستشار الثقافي للأهرام حينذاك سنة 1964 مجموعة مقالات في الأهرام بعنوان (على هامش الغفران) وذهب في كلامه إلى تأثر المعري باليونانيات، كما ألمح إلى أثر الأساطير اليونانية في الحديث النبوي، مما دفع الرجل إلي العودة إلى الكتابة بعد عزلة فرضها على نفسه، لبيان خطأ وتهافت منهج لويس عوض، ثم انتقل إلى الكلام عن الفكر والثقافة في العالم العربي والإسلامي وما طرأ عليها من غزو فكري غربي. واعتبرت مقالات شاكر في ذلك حدثا ثقافيا مدويا كشفت عن علم غزير ومعرفة واسعة بالشعر وغيره من الثقافة العربية، وقدرة باهرة على المحاجاة والبرهان.

وقد خاض الأولى مع أستاذه «طه حسين»، والثانية مع «لويس عوض»، وكانت الأخيرة أوسع مجالاً، حيث دخلها عدد من الأطراف بالنيابة عن الطرف الأصيل. وسبب هاتين المعركتين؛ أولاً: النشأة الجادة التي تميز بها محمود شاكر بحيث لا يسكت على السطو على أعمال الآخرين، أو التطاول عليهم، والأمر الآخر : موقفه المبدئي من الحضارة الغربية وموقفها من الحضارة الإسلامية، فهو يراها –الحضارة الغربية- تسعى بكل ما أوتيت من أسباب ومكر وسطوة وإغراء وإغواء، إلى القضاء على هوية الأمة المسلمة، ومسخ حضارتها، ومواريثها، وإلحاقها بحضارة الغرب، حضارة الخراب والدمار. وكانت نتيجة هاتين المعركتين البارزتين في حياة الشيخ، في صالح الطرف المهيض الجناح –طرف الشيخ- «فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض» (الرعد:17)

بداية الخلاف مع طه حسين
بين محمود شاكر وطه حسين، معركة طويلة: كانت بداية هذه المعركة وهو –محمود شاكر- في السابعة عشرة من عمره سنة 1926م، حيث كان في السنة الأولى –كلية الآداب- قسم اللغة العربية. وقد صدم وهو يستمع إلى أستاذه «طه حسين» وهو يتحدث عن الشعر الجاهلي، حيث رأى أن كلام الأستاذ هو اجترار لكلام المستشرق الإنجليزي «مرجليوث» وأن مرجليوث «ليس عنده من أدوات النظر في العربية، وإدراك أسرارها، ما يجعل لرأية قيمة، وهذا أمر يرجع إلى الطبيعة، فليس اللسان لسانه، وليس الأدب أدبه، وليس التاريخ تاريخه، هذا فضلاً عن فساد طويته، ومقصوده من دراسته، وهذا الفساد يفسد منهجه، ولا يريد هو من وراء هذه الدراسة إلا تشويه وإفساد ومسخ الفكر العربي وتاريخه، وكان «مرجليوث» مغالياً في هذا الإفساد، ومغاليا في حقده على العرب، والمسلمين، وهو يهودي يقطر حقداً».

وقد رد مقالته هذه التي سطا عليها الدكتور طه حسين سطواً عرياناً، بعض المستشرقين ومنهم الأستاذ «ليال» الذي حقق كتاباً من أوسع الكتب وأفضلها، وهو «المفضليات»، وكتب مقدمة جيدة عن الشعر الجاهلي، «وقد يبس الثرى بينه وبين أستاذه طه حسين إلى غير رجعة»، وانحاز لكل واحد منهما فريق من الأدباء والشعراء والكتاب.

مسألة الحاكمية
الشيخ محمود شاكر وقضية من أخطر القضايا المعاصرة: يقول الشيخ معقباً على أثرين ذكرهما الإمام الطبري في تفسيره برقم (12025)، (12026)، وكلاهما عن أبي مجلز (لاحق بن حميد الشيباني السدوسي) تابعي ثقة، وقد سأله قوم من الإباضية –وهم جماعة من الخوارج الحرورية- أصحاب عبد الله بن إباض التميمي، يقولون بمقالة الخوارج، وتكفير علي بن أبي طالب –- سألوه عن الآيات (45-47) من سورة المائدة «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون.... هم الظالمون... هم.... الفاسقون...».

فأجابهم أبو مجلز –بما يراه من الحق. يقول الشيخ محمود شاكر بعد أن بين وجه الحق في الأثرين: «وإذن فلم يكن سؤالهم –أي الأباضية لأبي مجلز- عما احتج به مبتدعة، زماننا من القضاء في الأموال والأعراض والدماء بقانون مخالف لشريعة أهل الإسلام، ولا في إصدار قانون ملزم لأهل الإسلام بالاحتكام إلى حكم غير حكم الله في كتابه، وعلى لسان نبيه –صلى الله عليه وآله وسلم-، فهذا الفعل إعراض عن حكم الله ورغبة عن دينه، وإيثار لأحكام أهل الكفر على حكمه –سبحانه وتعالى- وهذا كفر لا يشك أحد من أهل القبلة –على اختلافهم- في تكفير القائل به، والداعي إليه»
الترتيب:

#4K

1 مشاهدة هذا اليوم

#73K

11 مشاهدة هذا الشهر

#88K

2K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 287.
المتجر أماكن الشراء
عمر حسن القيام ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
دار البشير للثقافة والعلوم 🏛 الناشر
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية