📘 ❞ التضمين النحوي في القرآن الكريم ❝ كتاب ــ محمد نديم فاضل اصدار 2005

كتب علوم القرآن - 📖 كتاب ❞ التضمين النحوي في القرآن الكريم ❝ ــ محمد نديم فاضل 📖

█ _ محمد نديم فاضل 2005 حصريا كتاب ❞ التضمين النحوي القرآن الكريم ❝ عن مكتبة دار الزمان للنشر والتوزيع 2025 الكريم: يستوقف البحث العلمي أدوات العربية مسألة دقيقة تحتاج إلى تأمل وبصيرة وفقه نافذ وقد تناولها أهل العلم بالعربية واختلفت فيها مذاهبهم وتفرع ذلك اختلافهم وظيفة الكلم وتعدد دلالاتها ويتأكد المسألة أكثر إذا علمنا اتصالها بتفسير آي الذكر الحكيم وهي مسألة: الأفعال والحروف من خلال سياقها الدلالي وثمة دراسة علمية متميزة تمت مناقشتها أطروحة لنيل درجة الدكتوراه جامعة بالخرطوم أعدها الباحث: بعنوان ((التضمين الكريم)) طبعت مؤخراً ونشرتها بالمدينة المنورة مجلدين ولا أعلم المكتبة اللغوية القرآنية تناولت موضوع بمثل هذا السبر العميق والاستعراض النظري ثم التطبيقي مع المرور بطائفة واسعة المظان الأصيلة التي ألمَّت بالمسألة من المعروف أساليب أن كل فعل أفعالها يختص بتعدٍ معينٍ حرف جر فلا يتجاوزه ويطرد استعمال الحرف ذاك الفعل الفصحاء والبلغاء يقبل نُدْرةٍ التعدّيَ حرفيْ ومن هنا حرصت المعاجم منذ نشأت حركة التأليف المعجمي رصد التعدي والنص عليه مفردات المواد تستوعبها فإذا أشكل مستخدم للفعل تعيين المعني عاد المعجم أو ضرب ضروب السماع الفصيح: قرآنٍ كريم وحديثٍ شريف وشعرٍ وقولٍ منثورٍ يعود عصور الاستشهاد اللغوي السالفة بيد ملاحظة تستحق النظر وتستوقف القارئ الله إذ يجد ترد كثير الآيات تخالف تعديها الجر ما نصّت معاجم اللغة الكتاب العزيز يمثل أعلى مراتب الفصاحة والبيان فيلحّ إشكال يتشوَّف حلّه ذهب مصنفو كتب الأدوات ومنها " رصف المباني للمالقي الجنى الداني للمرادي و" مغني اللبيب لابن هشام مصابيح المغاني للموزعي ومعهم علماء الكوفة (1) وآخرون ممن سماهم ابن قيم الجوزية (2) بظاهرية النحاة هذه الظاهرة تضمَّن معنى آخر فالفعل إذاً باق ٍ معناه المعهود ولم تنتقل دلالته المعنوية واختلاف المعنى محصور اكتسب يستحق التعدية وممّن ينحو المنحى التفسير الإمام قتيبة كتابه تأويل مشكل (3) عقد باباً دخول بعض حروف الصفات مكان (4) ويستشهد بقوله تعالى: ((ولأصلبنكم جذوع النخل)) (5) فيرى بمعنى والمعنى: النخل وبقوله ((فاسأل به خبيراً)) (6) أي: عنه ((وما ينطق الهوى)) (7) أي بالهوى فحرف الباء أما فقد عبّر الباب بالمرادفة (8) وأورد طائفة المصطلح قوله ((وهو الذي التوبة عباده)) (9) ويرى مرادف للحرف الآخر ويسير وَفق الفهم ثلّة الذين لا يتأمّلون سبق يرونه متجاوزاً وإنما يرون قد تعاور حرفاً المذهب الثاني فهو يُطْلق مصطلح تضمّن وحرف مَسُوق لإتمام والتضمين لغة (1): الإيداع يقولون: ضمن الشيء الوعاء جعله فيه وأودعه إياه وهو اصطلاحاً (2): إيقاع لفظٍ موقع غيره ومعاملته معاملته لتضمنه واشتماله هو إشراب فعلٍ مشتقٍ مصدرٍ مشتق مصدر ليجري مجراه والمعنى إرادة المتضمن والغرض منه إعطاء مجموع المعنيين وذلك أقوى واحد ويجري بهذه الدلالة أفعال ومن ((أحل لكم ليلة الصيام الرفث نسائكم)) فلو بحثنا مادة (الرفث) لوجدنا: رفثت بالمرأة وليس فيها: المرأة ولما كان الإفضاء والفعل (أفضى) يتعدى بـ جاءت إلى" إذاناً بأنه يقول الدكتور: (5): فتضمين مقدمات المباشرة ذاتها والمتعدي يمنح العلاقة بين الزوجين لمسة إنسانية تترفع بها عالم الحيوان حانية الرفق والنداوة والشفافية مثلما سمو المشاعر وتحسر مسافر وجهها الجميل لتحكي اشتملت حين جمعت أحل للزوجين شهر لتنأى بهما عرام الجسد والحبيس الرغبات المكبوتة اللحم والدم بعد تستتبع خلفها الستر يتدثر وتتصل بأفق أرفع الأرض وبغاية أسمى اللذة ترقُّ وترْقى معارج عليا وحَسبُ أنه جعل لفظ نداوة يخضرّ ويرمي ظلاله ولمسة رفافة تنأى تبتغي الإعفاف والإنجاب وتوقظ فجمع صنوف البيان ذاع صيته لسان وانتصر كثيرون لنظرية الحروف ومنهم العربي الاشبيلي يقول: وكذلك عادة تحمل معاني لما بينهما الارتباط والاتصال وجهلت النحوية فقال منهم: إن يبدل بعضها ويحمل البعض فخفي عليهم وضْعُ أوسع وأقيس ولجؤوا بجهلهم يضيق نطاق الكلام والاحتمال وممن قال بالتضمين خرج كثيراً الشواهد طريقة تضمين يشربون لفظاً فيعطونه حكمه ويسمى تضميناً وفائدته تؤدي كلمة مؤدى كلمتين نحو يفعلوا خير فلن يكفروه)) ضُمِّن تُحرموه فعدّي اثنين وكذلك الحافظ السيوطي لتضمن والدكتور معنيّ ببيان صحة مشغول بهذا شديد الحماسة له يرفض رفضاً باتاً أيَّ دعوى حجة لتضمين وكانت اطروحته تعزيز اعتقده حشد أدلته للوفاء جزئين: القسم أشار خطر وأهميتها القضايا الإنسانية الكبرى وخَلُصَ أنها الكفيلة بإيضاح حقائق والإفصاح خفايا التأويل وإظهار دلائل الإعجاز وشرح معالم الإيجاز وعن طريق تنحلُّ كثيرٌ العقد ترى فيوحشك ويبقى قلقاً حَملته تمكّنَ وآنسك والتضمين عند الباحث مفتاح الشريفة: وسرٌّ أسرارها يفْتَرُّ بديعةٍ ويُفضي لطيفة طريف استوْدعتْه لأنه أذهب وأجمع لخصائص الصنعة وفيه الإيماء والتلويح ليس المكاشفة والتصريح أحلى وأعذب والرسالة الحقيقة مثالٌ حيّ العالية يُبديها لموضوعه ورفض وجهة يُولّيها ينفك إيراد الأمثلة وأقوال يذهبون مذهبه رميْ الوجهة الأخرى بالضعف والفتور وهو سبيل إبطال يلجأ مناقشة مستفيضة لوظيفة قسمٍ أقسام الكلمة الثلاثة: الإسم والحرف الإفرادي للإسم أنفسهما فالباء مثلاً تدل حتى تضاف بعدها يُتحصّل منها منفردةً بيئة للحروف خارج والعربي العصور الأولى تجاوز استعماله الروابط فإن سبب عدوله السياق وضع معيّن وخصصه وعداه بحرف يناسبه فإبدال قيام مقام وتضمين الإيهام حقيقة تحته ويرى اللام والباء "في و"عن" يردد المفسرون أكثرهم لم يسألوا تناوب يتعرضوا للعلّة أجلها جرى التعاور فليس التناوب إلا أسلوباً الهروب مواجهة المشكلة وإن الفكر باعتماده الهوية المجردة الأداة اللفظ دون ربطه بالنص وبواقعٌ زمان ومكان وبظروفٍ اجتماعية وتاريخيةٍ ونفسيةٍ معنيةٍ ينتهي تأملات مجردة وهذا مخاطر العقلية المثالية ويستعين الكريمة تدعمه إجلاء نظريته كما يستعين الأساليب الأدبية أوتِيها التعبير الفني علوم مجاناً PDF اونلاين لعلوم فوائد عظيمة وآثار إيجابية الفرد والمجتمع معاً فبفضل العلوم مثلا يستطيع المسلم تدبر وفهم آياته واستنباط غاياته ومقاصده وأحكامه وبدون الاطلاع يصعب تكوين فهم كامل وشامل لكتاب تعالى لأننا حينها نعرف أسباب النزول أحكام النسخ مكامن كذلك التسلح بمعرفتها يساعد محاججة غير المسلمين ومجادلتهم بالتي هي أحسن والدفاع ضد الشبهات تثار حوله أيضا بتنوعها وغناها وبما تشتمل المعارف والفنون والكلامية تساهم تطوير ثقافة فتسمو بروحه وتغذي عقله وتهذب ذوقه وترقى سماء وفضاء المعرفة فالقرآن الكون والاطلاع علومه بطريقة بأخرى واجب مسلم ومسلمة لذلك يحتوى ومباحث قرآنية عامة متنوعة تتحدث ( الكريم) وتدابيره , اسألة واجوبة وتأملات دراسات تهدف الدراسات وخدمة الباحثين

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
التضمين النحوي في القرآن الكريم
كتاب

التضمين النحوي في القرآن الكريم

ــ محمد نديم فاضل

صدر 2005م عن مكتبة دار الزمان للنشر والتوزيع
التضمين النحوي في القرآن الكريم
كتاب

التضمين النحوي في القرآن الكريم

ــ محمد نديم فاضل

صدر 2005م عن مكتبة دار الزمان للنشر والتوزيع
حول
محمد نديم فاضل ✍️ المؤلف
المتجر أماكن الشراء
مكتبة دار الزمان للنشر والتوزيع 🏛 الناشر
مناقشات ومراجعات
QR Code
عن كتاب التضمين النحوي في القرآن الكريم:
يستوقف البحث العلمي في أدوات العربية مسألة دقيقة تحتاج إلى تأمل وبصيرة وفقه نافذ، وقد تناولها أهل العلم بالعربية، واختلفت فيها مذاهبهم، وتفرع على ذلك اختلافهم في وظيفة الكلم، وتعدد دلالاتها، ويتأكد البحث في المسألة أكثر إذا علمنا اتصالها بتفسير آي الذكر الحكيم، وهي مسألة: التضمين في الأفعال والحروف من خلال سياقها الدلالي.

وثمة دراسة علمية متميزة تمت مناقشتها أطروحة لنيل درجة الدكتوراه من جامعة القرآن الكريم بالخرطوم أعدها الباحث: محمد نديم فاضل، بعنوان ((التضمين النحوي في القرآن الكريم)) وقد طبعت مؤخراً، ونشرتها مكتبة دار الزمان بالمدينة المنورة في مجلدين. ولا أعلم دراسة علمية في المكتبة اللغوية القرآنية تناولت موضوع التضمين بمثل هذا السبر العميق، والاستعراض النظري ثم التطبيقي، مع المرور بطائفة واسعة من المظان الأصيلة التي ألمَّت بالمسألة.

من المعروف في أساليب العربية أن كل فعل من أفعالها يختص بتعدٍ معينٍ إلى حرف جر فلا يتجاوزه، ويطرد استعمال هذا الحرف مع ذاك الفعل في أساليب الفصحاء والبلغاء، وقد يقبل الفعل على نُدْرةٍ التعدّيَ إلى حرفيْ جر، ومن هنا حرصت المعاجم العربية منذ نشأت حركة التأليف المعجمي على رصد هذا التعدي، والنص عليه في مفردات المواد التي تستوعبها، فإذا أشكل على مستخدم للفعل تعيين هذا الحرف مع الفعل المعني عاد إلى المعجم، أو إلى ضرب من ضروب السماع الفصيح: من قرآنٍ كريم وحديثٍ شريف وشعرٍ وقولٍ منثورٍ يعود إلى عصور الاستشهاد اللغوي السالفة.

بيد أن ملاحظة تستحق النظر وتستوقف القارئ في كتاب الله إذ يجد أن الأفعال التي ترد في كثير من الآيات تخالف في تعديها إلى حرف الجر ما نصّت عليه معاجم اللغة، مع أن هذا الكتاب العزيز يمثل أعلى مراتب الفصاحة والبيان، فيلحّ عليه إشكال يتشوَّف إلى حلّه.

ذهب مصنفو كتب الأدوات العربية ومنها " رصف المباني " للمالقي و " الجنى الداني " للمرادي، و" مغني اللبيب " لابن هشام، و" مصابيح المغاني " للموزعي، ومعهم علماء الكوفة (1) وآخرون ممن سماهم ابن قيم الجوزية (2) بظاهرية النحاة إلى أن حرف الجر في هذه الظاهرة تضمَّن معنى حرف جر آخر، فالفعل إذاً باق ٍ على معناه المعهود، ولم تنتقل دلالته المعنوية إلى معنى فعل آخر، واختلاف المعنى محصور في الحرف، إذ اكتسب معنى حرف آخر يستحق هذه التعدية.

وممّن ينحو هذا المنحى في التفسير الإمام ابن قتيبة في كتابه " تأويل مشكل القرآن " (3) وقد عقد باباً بعنوان " دخول بعض حروف الصفات مكان بعض " (4)، ويستشهد على ذلك بقوله تعالى: ((ولأصلبنكم في جذوع النخل)) (5) فيرى أن حرف الجر " في " بمعنى " على "، والمعنى: على جذوع النخل، وبقوله تعالى: ((فاسأل به خبيراً)) (6) أي: عنه، وبقوله تعالى: ((وما ينطق عن الهوى)) (7) أي بالهوى، فحرف الجر " عن " بمعنى الباء.

أما ابن هشام في " مغني اللبيب " فقد عبّر عن هذا الباب بالمرادفة (8)، وأورد طائفة من الآيات على هذا المصطلح. ومن ذلك قوله تعالى: ((وهو الذي يقبل التوبة عن عباده)) (9) ويرى أن الحرف " عن " مرادف للحرف الآخر " من ". ويسير وَفق هذا الفهم ثلّة من أهل العلم الذين لا يتأمّلون في الفعل الذي سبق حرف الجر، ولا يرونه متجاوزاً دلالته المعنوية وإنما يرون حرف الجر قد تعاور حرفاً آخر.

أما المذهب الثاني فهو الذي يُطْلق على هذه الظاهرة مصطلح " التضمين "، ويرى أن الفعل قد تضمّن معنى فعل آخر، وحرف الجر مَسُوق لإتمام معنى هذا الفعل. والتضمين لغة (1): الإيداع. يقولون: ضمن الشيء الوعاء أي: جعله فيه، وأودعه إياه، وهو اصطلاحاً (2): إيقاع لفظٍ موقع غيره ومعاملته معاملته، لتضمنه معناه، واشتماله عليه، أو هو إشراب فعلٍ أو مشتقٍ أو مصدرٍ معنى فعل آخر أو مشتق أو مصدر، ليجري مجراه في التعدي والمعنى، مع إرادة معنى المتضمن. والغرض منه إعطاء مجموع المعنيين، وذلك أقوى من إعطاء معنى واحد. ويجري على التضمين بهذه الدلالة كثير من أفعال القرآن الكريم.

ومن ذلك قوله تعالى: ((أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم)) (3) فلو بحثنا في المعاجم العربية عن مادة (الرفث) لوجدنا: رفثت بالمرأة، وليس فيها: رفثت إلى المرأة. ولما كان الرفث في معنى الإفضاء، والفعل (أفضى) يتعدى بـ " إلى " جاءت " إلى" إذاناً بأنه في معناه (4). يقول الدكتور: محمد نديم فاضل (5): " فتضمين الرفث وهو مقدمات المباشرة أو المباشرة ذاتها معنى الإفضاء، والمتعدي بـ " إلى "، يمنح العلاقة بين الزوجين لمسة إنسانية تترفع بها عن عالم الحيوان، لمسة حانية، فيها من الرفق والنداوة والشفافية مثلما فيها من سمو المشاعر، وتحسر " إلى " هذه عن مسافر وجهها الجميل لتحكي ما اشتملت عليه المشاعر حين جمعت الرفث إلى الإفضاء في ما أحل الله للزوجين في شهر الصيام لتنأى بهما عن عرام الجسد، والحبيس في الرغبات المكبوتة في اللحم والدم بعد أن تستتبع خلفها معنى الستر، يتدثر به كل من الزوجين، وتتصل بأفق أرفع من الأرض وبغاية أسمى من اللذة، ترقُّ وترْقى إلى معارج عليا ....

وحَسبُ التضمين أنه جعل في لفظ الرفث نداوة يخضرّ بها، ويرمي ظلاله، ولمسة رفافة تنأى عن عرام الجسد تبتغي الإعفاف والإنجاب، وتوقظ معنى الستر في هذا الحرف " إلى "، فجمع من صنوف البيان ما ذاع صيته على كل لسان.

وانتصر كثيرون لنظرية التضمين في الأفعال لا الحروف، ومنهم ابن العربي الاشبيلي (1)، يقول: " وكذلك عادة العربي أن تحمل معاني الأفعال على الأفعال لما بينهما من الارتباط والاتصال، وجهلت النحوية هذا، فقال كثير منهم: إن حروف الجر يبدل بعضها من بعض، ويحمل بعضها معاني البعض، فخفي عليهم وضْعُ فعلٍ مكان فعل وهو أوسع وأقيس، ولجؤوا بجهلهم إلى الحروف التي يضيق فيها نطاق الكلام والاحتمال ".

وممن قال بالتضمين في الأفعال ابن هشام (2)، مع أنه خرج كثيراً من الشواهد على طريقة تضمين الحروف، يقول: " قد يشربون لفظاً معنى لفظٍ فيعطونه حكمه، ويسمى ذلك تضميناً، وفائدته أن تؤدي كلمة مؤدى كلمتين نحو قوله تعالى: ((وما يفعلوا من خير فلن يكفروه)) (3) ضُمِّن معنى تُحرموه فعدّي إلى اثنين ".

وكذلك الحافظ السيوطي (4) إذ يقول: " إيقاع لفظ موقع غيره لتضمن معناه ".

والدكتور فاضل معنيّ ببيان صحة المذهب الثاني مشغول بهذا البيان شديد الحماسة له، يرفض رفضاً باتاً أيَّ دعوى أو حجة لتضمين الحروف، وكانت اطروحته في تعزيز ما اعتقده، وقد حشد أدلته للوفاء به، وكانت في جزئين: القسم النظري، ثم القسم التطبيقي. وقد أشار إلى خطر اللغة وأهميتها ضمن القضايا الإنسانية الكبرى، وخَلُصَ إلى أنها الكفيلة بإيضاح حقائق القرآن الكريم، والإفصاح عن خفايا التأويل، وإظهار دلائل الإعجاز، وشرح معالم الإيجاز، وعن طريق التضمين في الأفعال تنحلُّ كثيرٌ من العقد يقول (5): " ترى الحرف مع الفعل فيوحشك الحرف، ويبقى الفعل قلقاً، فإذا حَملته على التضمين تمكّنَ الفعل وآنسك الحرف ".

والتضمين عند الباحث (1) مفتاح هذه اللغة الشريفة: وسرٌّ من أسرارها، يفْتَرُّ عن بديعةٍ، ويُفضي إلى لطيفة، وهو من طريف ما استوْدعتْه هذه اللغة، لأنه أذهب في الإيجاز، وأجمع لخصائص الصنعة، وفيه من الإيماء والتلويح ما ليس في المكاشفة والتصريح، وذلك أحلى وأعذب.

والرسالة في الحقيقة مثالٌ حيّ على هذه الحماسة العالية التي كان يُبديها الباحث لموضوعه ورفض أي وجهة يُولّيها غيره وهو لا ينفك عن إيراد الأمثلة وأقوال أهل العلم الذين يذهبون مذهبه، وعن رميْ الوجهة الأخرى بالضعف والفتور.

وهو في سبيل إبطال التضمين في الحروف يلجأ إلى مناقشة مستفيضة لوظيفة كل قسمٍ من أقسام الكلمة الثلاثة: الإسم والفعل والحرف. يقول (2): " المعنى الإفرادي للإسم والفعل هو في أنفسهما، والمعنى للحرف هو في غيره، فالباء مثلاً لا تدل على معنى حتى تضاف إلى الإسم الذي بعدها، لا أنه يُتحصّل منها منفردةً فلا بيئة للحروف خارج سياقها، والعربي في العصور الأولى إذا تجاوز في استعماله هذه الروابط فإن سبب عدوله من حرف إلى حرف هو السياق إذا، وهو الذي وضع الفعل في معنى معيّن وخصصه به، وعداه بحرف يناسبه، فإبدال حرف مكان حرف، أو قيام حرف مقام حرف، وتضمين الحروف كثير الإيهام ولا حقيقة تحته ".

ويرى الباحث أن النحاة حين يقولون: إن " إلى " بمعنى اللام والباء بمعنى "في "، و"عن" بمعنى " على " ثم يردد المفسرون أو أكثرهم، لم يسألوا عن سبب تناوب هذه الحروف، ولم يتعرضوا للعلّة التي من أجلها جرى التعاور فليس التناوب في الحروف إلا أسلوباً من الهروب في مواجهة المشكلة، وإن الفكر باعتماده على الهوية المجردة للحروف أو الأداة أو اللفظ دون ربطه بالنص وبواقعٌ له زمان ومكان، وبظروفٍ اجتماعية وتاريخيةٍ ونفسيةٍ معنيةٍ ينتهي إلى تأملات مجردة وهذا من مخاطر العقلية المثالية (3).

ويستعين الباحث بطائفة واسعة من الآيات الكريمة التي تدعمه في إجلاء نظريته، كما يستعين بهذه الأساليب الأدبية العالية التي أوتِيها في التعبير الفني.
الترتيب:

#6K

0 مشاهدة هذا اليوم

#23K

18 مشاهدة هذا الشهر

#9K

20K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 736.