📘 ❞ سيرة عمر بن عبد العزيز على ما رواه الإمام مالك بن أنس وأصحابه ❝ كتاب ــ عبد الله بن عبد الحكيم أبو محمد اصدار 1984

التراجم والأعلام - 📖 ❞ كتاب سيرة عمر بن عبد العزيز على ما رواه الإمام مالك بن أنس وأصحابه ❝ ــ عبد الله بن عبد الحكيم أبو محمد 📖

█ _ عبد الله بن الحكيم أبو محمد 1984 حصريا كتاب سيرة عمر العزيز ما رواه الإمام مالك أنس وأصحابه عن عالم الكتب 2024 وأصحابه: حفص مروان الحكم الأموي القرشي (61هـ681م 101هـ720م) هو ثامن الخلفاء الأمويين الثاني ولد سنة 61 هـ المدينة المنورة ونشأ فيها عند أخواله من آل الخطاب فتأثر بهم وبمجتمع الصحابة وكان شديد الإقبال طلب العلم وفي 87هـ ولّاه الخليفة الوليد الملك إمارة ثم ضم إليه ولاية الطائف 91هـ فصار واليًا الحجاز كلها عُزل عنها وانتقل إلى دمشق فلما تولى سليمان الخلافة قرّبه وجعله وزيرًا ومستشارًا له جعله ولي عهده مات 99هـ تميزت خلافة بعدد المميزات منها: العدلُ والمساواة وردُّ المظالم التي كان أسلافه بني أمية قد ارتكبوها وعزلُ جميع الولاة الظالمين ومعاقبتُهم كما أعاد العمل بالشورى ولذلك عدّه كثير العلماء خامس الراشدين اهتم بالعلوم الشرعية وأمر بتدوين الحديث النبوي الشريف استمرت سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام حتى قُتل مسمومًا 101هـ فتولى يزيد بعده مولده ولد 61هـ وقد اختلف المؤرخون ولادته والراجح أنه عام وهو قول أكثر المؤرخين ولأنه يؤيد يُذكر توفي وعمره أربعون حيث وتذكر بعض المصادر بمصر وهذا القول ضعيف لأن أباه إنما مصر 65هـ بعد استيلاء عليها يد عامل الزبير فولّى ابنه ولم يُعرف لعبد إقامة قبل ذلك وإنما كانت إقامته وبني وذكر الذهبي بالمدينة زمن نشأته ولد بها صار أميراً 87هـ نشأ شب وعقل غلام صغير يأتي لمكان أمه منه يرجع فيقول: «يا أنا أحب أن أكون مثل خالي» يريد فتؤفف به تقول له: «اغرب أنت تكون خالك» وتكرر عليه غير مرة كبر سار أبوه كتب زوجته أم عاصم تقدم وتقدم بولدها فأتت عمها فأعلمته بكتاب زوجها إليها فقال لها: ابنة أخي زوجك فالحقي به» أرادت الخروج قال «خلفي هذا الغلام عندنا (يريد عمر) فإنه أشبهكم بنا أهل البيت» فخلفته عنده تخالفه قدمت اعترض ولده فإذا لا يرى «وأين عمر؟» فأخبرته خبر وما سألها تخليفه لشبهه فسرّ بذلك وكتب أخيه يخبره فكتب يجري ألف دينار كل شهر قدم أبيه مسلِّماً وهكذا تربى بين أسرة ولا شك تأثر وكان منذ صغره يحب المطالعة والمذاكرة يحرص ملازمة مجالس وكانت يومئذ منارة والصلاح زاخرةً بالعلماء والفقهاء والصالحين وتاقت نفسه للعلم أول استبين رشد حرصه ورغبته الأدب وجمع القرآن وساعده صفاء وقدرته الكبيرة الحفظ وتفرغه الكامل لطلب والحفظ كثيراً بالقرآن الكريم يبكي لذكر الموت مع حداثة سنه فبلغ فأرسلت وقالت: «ما يبكيك؟» قال: «ذكرت الموت» فبكت حين بلغها طلبه للعلم عاش ساد فيه مجتمعُ التقوى والإقبال فقد عدد يزالون حدث جعفر أبي طالب والسائب وسهل سعد واستوهب قدحاً شرب النبي أمّ بأنس فقال: رأيت أحداً أشبه صلاة برسول صلى وسلم الفتى» تربى أيدي كبار فقهاء وعلمائها اختار (والد صالح كيسان ليكون مربياً لعمر تأديبه يُلزم الصلوات المفروضة المسجد فحدث يوماً تأخر الصلاة الجماعة كيسان: يشغلك؟» «كانت مرجّلتي (مسرحة شعري) تسكن شعري» «بلغ منك حبك تسكين شعرك تؤثره الصلاة؟» يذكر فبعث رسولاً فلم يكلمه حلق رأسه ولمّا حج ومرّ سأل خبرت أعظم صدره الغلام» التشبه بصلاة أشد الحرص فكان يُتمُّ الركوع والسجود ويخفِّف القيام والقعود رواية صحيحة: أنّه يسبِّح عشراً ومن شيوخ الذين بهم: عبيد عتبة مسعود يجله ونهل علمه وتأدب بأدبه وتردد أمير ولقد عبّر إعجابه بشيخه وكثرة التردد مجلسه «لَمجلسٌ الأعمى إليّ دينار» يقول خلافته لمعرفته بما شيخه علم غزير: «لو حياً صدرت إلا رأيه ولوددت لي بيوم واحد كذا وكذا» مفتي زمانه وأحد الفقهاء السبعة عنه الزهري: «كان بحراً بحور العلم» شيوخه أيضاً سعيد المسيب الأمراء ومنهم سالم الذي المسيب: وذات يوم دخل وعلى ثياب غليظة رثَّة يزل يرحب ويرفعه أقعده معه سريره وعمر المجلس رجل أُخريات الناس: استطاع خالك يلبس ثياباً فاخرة أحسن هذه يدخل المؤمنين؟» المتكلم سريَّة لها قيمة عمر: الثياب خالي وضعته مكانك ثيابك رفعتك مكان ذاك» وتربى وتعلم بلغ ثلاثة وثلاثين؛ ثمانية منهم وعشرون التابعين في عهد الملك كان أثر كبير نصح وتوجيه سياستهم بالرأي والمشورة إذ يحتل مكانة متميزة البيت عمه ويعجب بنباهته أثناء شبابه مما يقدمه أبنائه ويزوجه ابنته ولكن لم يكن مشاركات بسبب صغر واشتغاله بطلب ومع أورد ابن الجوزي كتاباً يذكّره بالمسؤولية الملقاة عاتقه جاء فيها: «أما فإنك راعٍ وكلٌّ مسؤولٌ رعيته حدثنا سمع رسول يقول: مسؤول Ra bracket png اللّهُ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا Aya 87 La » ويقال بأن ولّى "خناصره" ليتدرب الأعمال القيادية وقت مبكر ويقال إن ولاه لموت وحزن حزناً عظيماً خاطب مسلمة إني حضرت أباك لما دفن فحملتني عيني قبره فرأيته أفضى أمر راعني وهالني فعاهدت ألا أعمل بمثل عمله وليت اجتهدت ذلك» إمارته المنورة في ربيع الأول عمرَ وبذلك والياً واشترط لتوليه الإمارة شروط: الشرط الأول: يعمل الناس بالحق والعدل يظلم يجور أحد أخذ حقوق لبيت المال ويترتب يقل يرفع للخليفة الأموال الشرط الثاني: يسمح بالحج سنة؛ الوقت يحج الثالث: بالعطاء يُخرجه للناس فوافق الشروط وباشر وفرح فرحاً شديداً وقام بتكوين مجلس للشورى سمي بـ"مجلس العشرة" فعندما للسلام الجديد وصلّى دعا عشرة وهم: عروة وعبيد وأبو بكر الرحمن الحارث هشام خيثمة وسليمان يسار والقاسم وسالم وأخوه وعبد عامر ربيعة وخارجة زيد ثابت فدخلوا فجلسوا فحمد وأثنى أهله «إني دعوتكم لأمر تؤجرون وتكونون أعواناً الحق أريد أقطع أمراً برأيكم أو برأي حضر منكم فإن رأيتم يتعدى بلغكم ظلامة فأحرّج بلغه أبلغني» وفي إمارته وسّع بأمر مئتي ذراع وزخرفه يكره زخرفة المساجد أي فاستقبله استقبال وشاهد بأم عينيه الإصلاحات العظيمة حققها عزله المدينة ذكر استعفى ففي 92هـ عقد لواء الحج للحجاج يوسف الثقفي ولما يستعفيه يمرَّ الحجاج الحجّاج يطيق يراه الظلم فامتثل لرغبة الحجّاج: «إن إليَّ يستعفيني ممرك فلا عليك تمر بمن كرهك فتنحّ المدينة» وقد والٍ عما وصل حال العراق والضيم والضيق ظلم وغشمه جعل يحاول الانتقام لاسيما أصبح ملاذاً للفارين عسف وظلمه الوليد: قبلي مُرّاق وأهل الثقاف جلوا ولجأوا ومكة وإن وهن» يشير بعثمان حبان وخالد القسري وعزل ميول لسياسة واضحاً يظن سياسة الشدة والعسف هي السبيل الوحيد لتوطيد أركان الدولة بينه وبين الأخذ بآراء ونصائحه أثبتت الأحداث فيما أفضل يسير وذلك تولي وتطبيقه التراجم والأعلام مجاناً PDF اونلاين يتناول سير حياة الأعلام عبر العصور المختلفة دقيق يبحث أحوال الشخصيات والأفراد تركوا آثارا المجتمع ويتناول كافة طبقات الأنبياء والخلفاء والملوك والأمراء والقادة والعلماء شتى المجالات والأدباء والشعراء والفلاسفة وغيرهم ويهتم بذكر حياتهم الشخصية ومواقفهم وأثرهم الحياة وتأثيرهم ويعتبر عموما فرعا فروع التاريخ اهتم المسلمون بعلم اهتماما كبيرا بدأت العناية بهذا عندهم الرسول بزمن حرص حماية وصيانة المصدر مصادر التشريع الإسلام حرصوا صيانته الكذب والتزوير والغش والتلفيق والدس فنشأ كقاعدة تلقّي الأخبار وبالأخص يتعلق بالحديث أولا ومن الآثار المروية والتابعين وباقي خصوصا والناس روى مسلم صحيحه مجاهد «جاء بشير العدوي عباس فجعل يحدث ويقول: يأذن لحديثه ينظر يا مالي أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك تسمع؟ عباس: إنا كنا إذا سمعنا رجلا ابتدرته أبصارنا وأصغينا بآذاننا ركب الصعب والذلول نأخذ نعرف » واستمر القاعدة ضرورة معرفة الرجال ناقلي نقلة النبوية ينبني المعرفة قبول والتعبد لله تعالى رد تلك والحذر اعتبارها ديناً وروى سيرين «لم يكونوا يسألون الإسناد وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر السنة فيؤخذ حديثهم وينظر البدع يؤخذ حديثهم» وجاءت عبارات الأئمة بيان أهمية الرواة صريحة وواضحة الأهمية بمكان البحث نواح تفصيلية الراوي ونواح استنتاجية (تُستنتج حديثه وطريقته التحديث) مباحث العلم: تاريخ ميلاد وتاريخ طلبه وممن سِنِيِّ هم الشيوخ عنهم (من سماعاً دلس شيئاً أرسل عنه) مدة ملازمته لكلّ شيخ وكيف ذاك وكم الأحاديث والآثار روى ذلك؛ وهل الضعفاء والمجاهيل؟ ورحلاته العلمية حدّث به؛ ومتى يحدِّث؟ حفظه كتابه؛ سماعٌ عرض؛ المستملون والوراقون استخدمهم؟) إقبال الحاضرين عنده؟ الأوهام وقع والسَّقطات أُخذت عليه؟ أخلاق وعبادته ومهنته؛ يأخذ أجراً التحديث؟ عسِراً التحديث سمحاً بعلمه متساهلاً ؟ وتفرّع وانبثق علوم كثيرة متعلّقة الباب منها تفرّدته الأمة الإسلامية باقي الأمم وعلم مصطلح ناحية العدالة والتوثيق والضبط العلل الجرح والتعديل وغيرها أقسام التراجم هنالك تقسيمات متنوعة لعلم والكتب العديدة المؤلفة فمنها: التراجم الطبقات التراجم الحروف الوفيات القرون البلدان وقسّمهم البعض الآخر أبواب مختلفة منها: التراجم المتعلقة معيّن المتعلّقة بمذهب بفنّ بشخص الترجمة الذاتية أسهب التأليف الأبواب يكاد يخلوا باب وصنّفت عشرات وهذا ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل وتراجم ومذكرات فيشمل الكثير حول المجال

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
سيرة عمر بن عبد العزيز على ما رواه الإمام مالك بن أنس وأصحابه
كتاب

سيرة عمر بن عبد العزيز على ما رواه الإمام مالك بن أنس وأصحابه

ــ عبد الله بن عبد الحكيم أبو محمد

صدر 1984م عن عالم الكتب
سيرة عمر بن عبد العزيز على ما رواه الإمام مالك بن أنس وأصحابه
كتاب

سيرة عمر بن عبد العزيز على ما رواه الإمام مالك بن أنس وأصحابه

ــ عبد الله بن عبد الحكيم أبو محمد

صدر 1984م عن عالم الكتب
عن كتاب سيرة عمر بن عبد العزيز على ما رواه الإمام مالك بن أنس وأصحابه:
أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي (61هـ681م - 101هـ720م)، هو ثامن الخلفاء الأمويين، عمر الثاني. ولد سنة 61 هـ في المدينة المنورة، ونشأ فيها عند أخواله من آل عمر بن الخطاب، فتأثر بهم وبمجتمع الصحابة في المدينة، وكان شديد الإقبال على طلب العلم. وفي سنة 87هـ، ولّاه الخليفة الوليد بن عبد الملك على إمارة المدينة المنورة، ثم ضم إليه ولاية الطائف سنة 91هـ، فصار واليًا على الحجاز كلها، ثم عُزل عنها وانتقل إلى دمشق. فلما تولى سليمان بن عبد الملك الخلافة قرّبه وجعله وزيرًا ومستشارًا له، ثم جعله ولي عهده، فلما مات سليمان سنة 99هـ تولى عمر الخلافة.

تميزت خلافة عمر بن عبد العزيز بعدد من المميزات، منها: العدلُ والمساواة، وردُّ المظالم التي كان أسلافه من بني أمية قد ارتكبوها، وعزلُ جميع الولاة الظالمين ومعاقبتُهم، كما أعاد العمل بالشورى، ولذلك عدّه كثير من العلماء خامس الخلفاء الراشدين، كما اهتم بالعلوم الشرعية، وأمر بتدوين الحديث النبوي الشريف. استمرت خلافة عمر سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام، حتى قُتل مسمومًا سنة 101هـ، فتولى يزيد بن عبد الملك الخلافة من بعده.

مولده
ولد عمر بن عبد العزيز في المدينة المنورة سنة 61هـ، وقد اختلف المؤرخون في سنة ولادته، والراجح أنه ولد عام 61هـ، وهو قول أكثر المؤرخين، ولأنه يؤيد ما يُذكر من أنه توفي وعمره أربعون سنة، حيث توفي عام 101هـ.

وتذكر بعض المصادر أنه ولد بمصر، وهذا القول ضعيف لأن أباه عبد العزيز بن مروان إنما تولى مصر سنة 65هـ بعد استيلاء مروان بن الحكم عليها من يد عامل عبد الله بن الزبير، فولّى عليها ابنه عبد العزيز، ولم يُعرف لعبد العزيز بن مروان إقامة بمصر قبل ذلك، وإنما كانت إقامته وبني مروان في المدينة، وذكر الذهبي أنه ولد بالمدينة زمن يزيد.

نشأته

ولد عمر بن عبد العزيز في المدينة المنورة ونشأ بها، ثم صار أميراً عليها سنة 87هـ
نشأ عمر بن عبد العزيز في المدينة المنورة، فلما شب وعقل وهو غلام صغير كان يأتي عبد الله بن عمر بن الخطاب لمكان أمه منه، ثم يرجع إلى أمه فيقول: «يا أمه، أنا أحب أن أكون مثل خالي»، يريد عبد الله بن عمر، فتؤفف به ثم تقول له: «اغرب، أنت تكون مثل خالك»، وتكرر عليه ذلك غير مرة. فلما كبر سار أبوه عبد العزيز بن مروان إلى مصر أميراً عليها، ثم كتب إلى زوجته أم عاصم أن تقدم عليه وتقدم بولدها، فأتت عمها عبد الله بن عمر فأعلمته بكتاب زوجها عبد العزيز إليها، فقال لها: «يا ابنة أخي، هو زوجك فالحقي به»، فلما أرادت الخروج قال لها: «خلفي هذا الغلام عندنا (يريد عمر) فإنه أشبهكم بنا أهل البيت»، فخلفته عنده ولم تخالفه، فلما قدمت على عبد العزيز اعترض ولده فإذا هو لا يرى عمر، فقال لها: «وأين عمر؟»، فأخبرته خبر عبد الله وما سألها من تخليفه عنده لشبهه بهم، فسرّ بذلك عبد العزيز، وكتب إلى أخيه عبد الملك يخبره بذلك، فكتب عبد الملك أن يجري عليه ألف دينار في كل شهر، ثم قدم عمر على أبيه مسلِّماً. وهكذا تربى عمر بين أخواله بالمدينة المنورة من أسرة عمر بن الخطاب، ولا شك أنه تأثر بهم وبمجتمع الصحابة في المدينة.

وكان عمر بن عبد العزيز منذ صغره شديد الإقبال على طلب العلم، وكان يحب المطالعة والمذاكرة بين العلماء، كما كان يحرص على ملازمة مجالس العلم في المدينة، وكانت يومئذ منارة العلم والصلاح، زاخرةً بالعلماء والفقهاء والصالحين، وتاقت نفسه للعلم وهو صغير، وكان أول ما استبين من رشد عمر بن عبد العزيز حرصه على العلم ورغبته في الأدب.

وجمع عمر بن عبد العزيز القرآن وهو صغير، وساعده على ذلك صفاء نفسه وقدرته الكبيرة على الحفظ وتفرغه الكامل لطلب العلم والحفظ، وقد تأثر كثيراً بالقرآن الكريم، وكان يبكي لذكر الموت مع حداثة سنه، فبلغ ذلك أمه فأرسلت إليه وقالت: «ما يبكيك؟»، قال: «ذكرت الموت»، فبكت أمه حين بلغها ذلك.

طلبه للعلم
عاش عمر بن عبد العزيز في زمن ساد فيه مجتمعُ التقوى والإقبال على طلب العلم، فقد كان عدد من الصحابة لا يزالون بالمدينة، فقد حدث عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، والسائب بن يزيد، وسهل بن سعد، واستوهب منه قدحاً شرب منه النبي محمد، كما أمّ بأنس بن مالك فقال: «ما رأيت أحداً أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى».

تربى عمر بن عبد العزيز على أيدي كبار فقهاء المدينة وعلمائها، فقد اختار عبد العزيز (والد عمر) صالح بن كيسان ليكون مربياً لعمر، فتولى صالح تأديبه، وكان يُلزم عمر الصلوات المفروضة في المسجد، فحدث يوماً أن تأخر عمر عن الصلاة مع الجماعة، فقال له صالح بن كيسان: «ما يشغلك؟»، قال: «كانت مرجّلتي (مسرحة شعري) تسكن شعري»، فقال: «بلغ منك حبك تسكين شعرك أن تؤثره على الصلاة؟»، فكتب إلى عبد العزيز يذكر ذلك، فبعث أبوه رسولاً فلم يكلمه حتى حلق رأسه. ولمّا حج أبوه ومرّ بالمدينة سأل صالح بن كيسان عن ابنه فقال: «ما خبرت أحداً الله أعظم في صدره من هذا الغلام». وكان يحرص على التشبه بصلاة النبي محمد أشد الحرص، فكان يُتمُّ الركوع والسجود ويخفِّف القيام والقعود، وفي رواية صحيحة: أنّه كان يسبِّح في الركوع والسجود عشراً عشراً.

ومن شيوخ عمر بن عبد العزيز الذين تأثر بهم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، فقد كان عمر يجله كثيراً، ونهل من علمه وتأدب بأدبه وتردد عليه حتى وهو أمير المدينة، ولقد عبّر عمر عن إعجابه بشيخه وكثرة التردد إلى مجلسه فقال: «لَمجلسٌ من الأعمى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أحب إليّ من ألف دينار». وكان يقول في أيام خلافته لمعرفته بما عند شيخه من علم غزير: «لو كان عبيد الله حياً ما صدرت إلا عن رأيه، ولوددت أن لي بيوم واحد من عبيد الله كذا وكذا». وكان عبيد الله مفتي المدينة في زمانه، وأحد الفقهاء السبعة، قال عنه الزهري: «كان عبيد الله بن عبد الله بحراً من بحور العلم».

ومن شيوخه أيضاً سعيد بن المسيب، وكان سعيد لا يأتي أحداً من الأمراء غير عمر. ومنهم سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب الذي قال فيه سعيد بن المسيب: «كان عبد الله بن عمر أشبه ولد عمر به، وكان سالم أشبه ولد عبد الله به». وذات يوم دخل سالم بن عبد الله على الخليفة سليمان بن عبد الملك، وعلى سالم ثياب غليظة رثَّة، فلم يزل سليمان يرحب به، ويرفعه حتى أقعده معه على سريره، وعمر بن عبد العزيز في المجلس، فقال له رجل من أُخريات الناس: «ما استطاع خالك أن يلبس ثياباً فاخرة أحسن من هذه يدخل فيها على أمير المؤمنين؟»، وعلى المتكلم ثياب سريَّة لها قيمة، فقال له عمر: «ما رأيت هذه الثياب التي على خالي وضعته في مكانك، ولا رأيت ثيابك هذه رفعتك إلى مكان خالي ذاك».

وتربى عمر وتعلم على أيدي كثير من العلماء والفقهاء، وقد بلغ عدد شيوخ عمر بن عبد العزيز ثلاثة وثلاثين؛ ثمانية منهم من الصحابة وخمسة وعشرون من التابعين.

في عهد الوليد بن عبد الملك
كان لعمر بن عبد العزيز أثر كبير في نصح الخلفاء وتوجيه سياستهم بالرأي والمشورة، إذ يحتل عمر مكانة متميزة في البيت الأموي، فقد كان عمه عبد الملك يجله ويعجب بنباهته أثناء شبابه، مما جعله يقدمه على كثير من أبنائه ويزوجه من ابنته، ولكن لم يكن له مشاركات في عهد عبد الملك بسبب صغر سنه واشتغاله بطلب العلم في المدينة، ومع ذلك فقد أورد ابن الجوزي أنه كتب إلى عبد الملك كتاباً يذكّره فيه بالمسؤولية الملقاة على عاتقه، وقد جاء فيها:

«أما بعد، فإنك راعٍ، وكلٌّ مسؤولٌ عن رعيته، حدثنا أنس بن مالك أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل راعٍ مسؤول عن رعيته، Ra bracket.png اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا Aya-87.png La bracket.png.»
ويقال بأن عبد الملك قد ولّى عمر بن عبد العزيز على "خناصره" ليتدرب على الأعمال القيادية في وقت مبكر، ويقال إن سليمان بن عبد الملك هو الذي ولاه عليها. وقد تأثر عمر بن عبد العزيز لموت عمه عبد الملك وحزن عليه حزناً عظيماً، وقد خاطب عمر ابن عمه مسلمة بن عبد الملك فقال له: «يا مسلمة، إني حضرت أباك لما دفن، فحملتني عيني عند قبره فرأيته قد أفضى إلى أمر من أمر الله راعني وهالني، فعاهدت الله ألا أعمل بمثل عمله إن وليت، وقد اجتهدت في ذلك».

إمارته على المدينة المنورة
في ربيع الأول من عام 87هـ، ولّى الخليفة الوليد بن عبد الملك عمرَ إمارة المدينة المنورة، ثم ضم إليه ولاية الطائف سنة 91هـ، وبذلك صار والياً على الحجاز كلها. واشترط عمر لتوليه الإمارة ثلاثة شروط:

الشرط الأول: أن يعمل في الناس بالحق والعدل ولا يظلم أحداً، ولا يجور على أحد في أخذ ما على الناس من حقوق لبيت المال، ويترتب على ذلك أن يقل ما يرفع للخليفة من الأموال من المدينة.
الشرط الثاني: أن يسمح له بالحج في أول سنة؛ لأن عمر كان في ذلك الوقت لم يحج.
الشرط الثالث: أن يسمح له بالعطاء أن يُخرجه للناس في المدينة.
فوافق الوليد على هذه الشروط، وباشر عمر بن عبد العزيز عمله بالمدينة، وفرح الناس به فرحاً شديداً.

وقام عمر بتكوين مجلس للشورى بالمدينة سمي بـ"مجلس فقهاء المدينة العشرة"، فعندما جاء الناس للسلام على أمير المدينة الجديد وصلّى بهم، دعا عشرة من فقهاء المدينة وهم: عروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وأبو بكر بن سليمان بن أبي خيثمة، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله بن عمر، وأخوه عبد الله بن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عامر بن ربيعة، وخارجة بن زيد بن ثابت، فدخلوا عليه فجلسوا، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: «إني دعوتكم لأمر تؤجرون عليه، وتكونون فيه أعواناً على الحق، إني لا أريد أن أقطع أمراً إلا برأيكم أو برأي من حضر منكم، فإن رأيتم أحداً يتعدى، أو بلغكم عن عامل لي ظلامة، فأحرّج الله على من بلغه ذلك إلا أبلغني».

وفي إمارته على المدينة المنورة وسّع المسجد النبوي بأمر من الوليد بن عبد الملك، حتى جعله مئتي ذراع في مئتي ذراع، وزخرفه بأمر الوليد أيضاً، مع أنه كان يكره زخرفة المساجد.

وفي سنة 91هـ، أي في أثناء إمارته على المدينة المنورة، حج الخليفة الوليد بن عبد الملك، فاستقبله عمر بن عبد العزيز أحسن استقبال، وشاهد الوليد بأم عينيه الإصلاحات العظيمة التي حققها عمر بن عبد العزيز في المدينة المنورة.

عزله عن إمارة المدينة
ذكر ابن الجوزي أن عمر بن عبد العزيز قد استعفى من المدينة، ففي سنة 92هـ عقد الخليفة الوليد لواء الحج للحجاج بن يوسف الثقفي ليكون أميراً على الحج، ولما علم عمر بن عبد العزيز بذلك، كتب إلى الخليفة يستعفيه أن يمرَّ عليه الحجاج بالمدينة المنورة، لأن عمر بن عبد العزيز كان يكره الحجّاج ولا يطيق أن يراه لما هو عليه من الظلم، فامتثل الوليد لرغبة عمر، وكتب إلى الحجّاج: «إن عمر بن عبد العزيز كتب إليَّ يستعفيني من ممرك عليه، فلا عليك أن لا تمر بمن كرهك، فتنحّ عن المدينة».

وقد كتب عمر بن عبد العزيز وهو والٍ على المدينة إلى الوليد بن عبد الملك يخبره عما وصل إليه حال العراق من الظلم والضيم والضيق بسبب ظلم الحجّاج وغشمه، مما جعل الحجّاج يحاول الانتقام من عمر، لاسيما وقد أصبح الحجاز ملاذاً للفارين من عسف الحجاج وظلمه، حيث كتب الحجّاج إلى الوليد: «إن من قبلي من مُرّاق أهل العراق وأهل الثقاف قد جلوا عن العراق، ولجأوا إلى المدينة ومكة، وإن ذلك وهن»، فكتب إليه يشير عليه بعثمان بن حبان، وخالد بن عبد الله القسري، وعزل عمر عبد العزيز.

وقد كان ميول الوليد لسياسة الحجّاج واضحاً، وكان يظن بأن سياسة الشدة والعسف هي السبيل الوحيد لتوطيد أركان الدولة، وهذا ما حال بينه وبين الأخذ بآراء عمر بن عبد العزيز ونصائحه، وقد أثبتت الأحداث فيما بعد أن ما كان يراه عمر أفضل مما كان يسير عليه الوليد، وذلك بعد تولي عمر الخلافة وتطبيقه لما كان يشير به.


الترتيب:

#4K

0 مشاهدة هذا اليوم

#24K

25 مشاهدة هذا الشهر

#5K

29K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 172.
المتجر أماكن الشراء
عبد الله بن عبد الحكيم أبو محمد ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
عالم الكتب 🏛 الناشر
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية
نتيجة البحث