📘 ❞ مختصر التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة للإمام القرطبي ❝ كتاب ــ فتحي بن فتحي الجندي اصدار 1997

التوحيد والعقيدة - 📖 كتاب ❞ مختصر التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة للإمام القرطبي ❝ ــ فتحي بن فتحي الجندي 📖

█ _ فتحي بن الجندي 1997 حصريا كتاب ❞ مختصر التذكرة أحوال الموتى وأمور الآخرة للإمام القرطبي ❝ عن دار العاصمة للنشر والتوزيع 2024 القرطبي: من التوحيد والعقيدة عنوان الكتاب: القرطبي المؤلف: الجندي الناشر: العاصمة نبذة الكتاب : كتاب الوعظ والإرشاد جمع فيه ا آيات وأحاديث ذكر الموت وأحوال وذكر الحشر والنشر والجنة والنار والفتن والأشراط وقد رتب كتابه الأبواب وجعل عقب كل باب فصلا أو فصولا يذكر فيها ما يحتاج إليه بيان غريب فقه حديث إيضاح مشكل لتكمل فائدته ويعظم نفعه سأقوم بنقله كاملاً شاء الله باب النهي تمني الدعاء به لضر نزل المال الجسد روى مسلم أنس قال : رسول صلى عليه سلم لا يتمنين أحدكم فإن كان بد متمنياً فليقل اللهم أحيني كانت الحياة خيراً لي توفني إذا الوفاة أخرجه البخاري عنه يدع قبل أن يأتيه إنه مات انقطع عمله يزيد المؤمن عمره إلا و إما محسناً فلعله يزداد مسيئاً يستعتب البزار جابر عبد تمنوا هول المطلع شديد إن السعادة يطول عمر العبد حتى يرزقه الإنابة فصل العلماء ليس بعدم محض فناء صرف إنما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن مفارقته حيلولة بينهما تبدل حال انتقال إلى أعظم المصائب قد سماه تعالى مصيبة قوله فأصابتكم فالموت المصيبة العظمى الرزية الكبرى قال علماؤنا منه الغفلة الإعراض ذكره قلة التفكر ترك العمل له وحده لعبرة لمن اعتبر فكرة تفكر خبر يروى النبي لو البهائم تعلم تعلمون أكلت منها سميناً إعرابياً يسير جمل فخر الجمل ميتاً فنزل الأعرابي جعل يطوف يتفكر يقول مالك تقوم ؟ تنبعث هذه أعضاؤك كاملة جوارحك سالمة شأنك الذي يحملك يبعثك صرعك الحركة منعك ثم تركه انصرف متفكراً شأنه متعجباً أمره أنشدوا بعض الشجعان حتف أنفه جائته المنون إشارةً فهوى صريعاً لليدين للفم رمى بمحكم درعه برمحه امتد ملقىً كالفتيق الأعظم لا يستجيب لصارخ يدعه أبداً يرجى لخطب معظم ذهبت بسالته مر غرامه لما رأى حبل المنية يرتمي يا ويحه فارس باله ذهبت مروته يكلم هذي يداه أعضاؤه عضو غداً بمثلم هيهات الردى محتاجة للمشرفي اللسان اللهذم هي ويحكم أمر الإله حكمه يقضي بالقضاء المحكم حسرتا يقدر قدرها عظمت تعظم خبر علمنا كلنا بمكانه كأننا حالنا لم نعلم روى الترمذي الحكيم أبو نوادر الأصول حدثنا قتيبة سعيد الخطيب سالم العزيز الماجشون محمد المنكدر ابن لآدم السلام فقال يا حواء ابنك فقالت يأكل يشرب يقوم يقعد فرنت آدم عليك الرنة بناتك أنا بني برآء فصل الاستعتاب طلب العتبى الرضى ذلك يحصل بالتوبة الرجوع الذنوب الجوهري استعتب يعتب تقول استعتبته فأعتبني أي استرضيته فأرضاني التنزيل حق الكافرين يستعتبوا فما هم المعتبين سهل التستري أنه يتمنى ثلاثة رجل جاهد بما بعد يفر أقدار مشتاق محب للقاء عز جل روي ملك جاء إبراهيم خليل الرحمن ليقبض روحه رأيت خليلاً يقبض روح خليله فعرج ربه قل يكره لقاء فرجع اقبض روحي الساعة الدرداء رضي مؤمن خير فمن يصدقني فأن عند للأبرار يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم لأنفسهم حيان الأسود جسر يوصل الحبيب باب جواز خوف ذهاب الدين قال مخبراً يوسف مسلماً ألحقني بالصالحين مريم عليها قولها ليتني مت هذا كنت نسياً منسيا أبي الزناد الأعرج هريرة: يمر بقبر الرجل فيقول مكانه قلت تعارض بين الترجمة التي قبلها نبينه أما قتادة يتمن أحد نبي غيره حين تكاملت النعم الشمل اشتاق وجل رب آتيتني الملك علمتني الآية فاشتاق قيل تمنى الموافاة الإسلام أجلي تو فني القول المختار تأويل أهل التأويل أعلم فإنما تمنت لوجهين أحدهما أنها خافت يظن بها السوء دينها تعير فيفتنها الثاني لئلا يقع قوم بسببها البهتان الزور النسبة الزنا مهلك افترى عائشة عنها تولى كبره منهم عذاب عظيم تحسبونه هيناً اختلف هي صديقة لقوله أمه نبية فأرسلنا إليها روحنا إذ قالت الملائكة اصطفاك فيكون الافتراء حقها أشد يكون الهلاك حقاً فعلى الحد ذكرناه التأويلين جائز الحديث سيكون لشدة ينزل بالناس فساد الحال ضعفه ذهابه بالمرء جسمه غير ماله مما يحط خطاياه يوضح المعنى يبينه إني أسألك فعل الخيرات المنكرات حب المساكين أردت ـ أدرت الناس فتنة فاقبضني إليك مفتون رواه مثل قول ضعفت قوتي كبرت سني انتشرت رعيتي مضيع مقصر جاوز الشهر قبض رحمه أيضاً البر التمهيد الاستذكار زاذان عليم الكندي جالساً مع العباس الغفاري سطح فرأى ناساً يتحملون الطاعون طاعون خذني يقولها ثلاثاً ألم يقل فإنه يرد فيسعتب عباس سمعت بادروا بالموت ستا إمرة السفهاء كثرة الشرط بيع الحكم استخفافاً بالدم قطيعة الرحم نشئاً يتخذون القرآن مزامير يقدمون ليغنيهم بالقرآن أقلهم فقهاً سيأتي لهذا مزيد الفتن الاستعداد له النسائي هريرة أكثروا هادم اللذات يعني ماجه خرجه نعيم الحافظ بإسناده يحيى المسيب الخطاب قلنا ابن فجاء الأنصاري فسلم المؤمنين أفضل أحسنهم خلقاً فأي المسلمين أكيس أكثرهم للموت ذكراً بعدهم استعداداً أولئك الأكياس الترمذي شداد أوس الكيس دان نفسه عمل العاجز أتبع هواها يمحص يزهد الدنيا كفى واعظاً مفرقاً يحشر الشهداء نعم اليوم الليلة عشرين مرة السدي خلق ليبلوكم أيكم أحسن عملاً أكثركم خوفاً حذراً رحمة عليهم كلام جيز أبلغ الموعظة حقيقة نغص لذته الحاضرة منعه تمنيها المستقبل زهده فيما يؤمل لكن النفوس الراكدة القلوب الغافلة تحتاج تطويل الوعاظ تزويق الألفاظ ففي الصلاة نفس ذائقة يكفي السامع يشغل الناظر أمير كثيراً يتمثل بهذه الأبيات شيء ترى تبقى بشاشته يبقى يودي الولد لم تغن هرمز يوماً خزائنه الخلد حاولت عاد خلدوا سليمان تجري الرياح الإنس الجن بينها ترد أين الملوك لعزتها أوب وافد يفد حوض هنالك مورود بلا كذب ورده كما وردوا ثبت فاعلم يورث استشعار الانزعاج الدار الفانية التوجه لحظة الباقية الإنسان ينفك حالتي ضيق سعة نعمة محنة فذكر يسهل يدوم أصعب يمنعه الاغترار السكون لقطعه لقد اذكر تجهز لمصرع سوف يأتي اذكر تجد راحة إذكار تقصير الآمل أجمعت الأمة سن معلوم زمن مرض ليكون المرء أهبة مستعداً لذلك الصالحين ينادي بليل سور المدينة الرحيل فلما توفي فقد صوته فسأل فقيل ما زال يلهج بالرحيل أناخ ببابه الجمال فأصابه متيقظاً متشمراً ذا تلهه الآمال الرقاشي لنفسه يحك يترضى عنك ربك أيها ألا تبكون تنوحون أنفسكم باقي حياتكم طالبه القبر بيته التراب فراشه الدود أنيسه ينتظر الفزع الأكبر حاله يبكي يسقط مغشياً التيمي شيئان قطعا عني لذة الموقف يدي يجمع فيتذاكرون القيامة فيبكون كأن أيديهم جنازة الثوري ينتفع أياماً سئل أدري أسباط فأثنى كيف فلم تقولون الدقاق أكثر أكرم بثلاثة أشياء تعجيل التوبة قناعة القلب نشاط العبادة نسي عوقب تسويف بالكفاف التكاسل فتفكر مغرور سكرته صعوبة كأسه مرارته وعد أصدقه حاكم أعدله مقرحاً للقلوب مبكياً للعيون للجماعات هادماً للذات قاطعاً للأمنيات فهل تفكرت يوم مصرعك انتقالك موضعك نقلت خانك الصاحب الرفيق هجرك الأخ الصديق أخذت فراشك غطائك عرر غطوك لين لحافك بتراب مدر فيا جامع المجتهد البنيان لك مال الأكفان بل للخراب الذهاب جسمك للتراب المآب فأين جمعته أنقذك الأهوال كلا تركته يحمدك قدمت بأوزارك يعذرك تفسير ابتغ آتاك اطلب أعطاك الجنة يصرف ينفعه الطين الماء التجبر البغي فكأنهم قالوا تنس أنك تترك جميع نصيبك الكفن نحو الشاعر نصيبك تجمع الدهر كله رداءان تلوى فيهما حنوط آخر القناعة تبغي بدلاً النعيم البدن انظر بأجمعها راح بغير القطن حاسب ذل عبيد أذلها استعبدها يقال دنته أدينه ذللته فيذل عبادة سبحانه يعده كذلك يحاسب فرط ويستعد لعاقبة بصالح التنصل سالف زلله طاعته أحواله فهذا الزاد ليوم المعاد ضد العاقل والعاجز المقصر الأمور فهو تقصيره طاعة اتباع شهوات متمن يغفر نهاه الحسن البصري [ قوماً آلهتهم الأماني خرجوا حسنة أحدهم الظن بربي لأحسن ] تلا ذلكم ظنكم ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم الخاسرين جبير الغرة بالله يتمادى بالمعصية المغفرة بقية الوليد كتب عمير الصوري إخوانه أما فإنك أصبحت تؤمل بطول عمرك تتمنى بسوء فعلك تضرب حديداً بارداً أول منازل مجاناً PDF اونلاين علم العقيدة وعلم مترادفان السنة وإنما سمي بعلم بناء الثمرة المرجوة وهي انعقاد انعقادا جازما يقبل الانفكاك ركن خاص بكتب التحويد الأسلامية

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
مختصر التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة للإمام القرطبي
كتاب

مختصر التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة للإمام القرطبي

ــ فتحي بن فتحي الجندي

صدر 1997م عن دار العاصمة للنشر والتوزيع
مختصر التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة للإمام القرطبي
كتاب

مختصر التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة للإمام القرطبي

ــ فتحي بن فتحي الجندي

صدر 1997م عن دار العاصمة للنشر والتوزيع
مميّز
حول
فتحي بن فتحي الجندي ✍️ المؤلف
المتجر أماكن الشراء
دار العاصمة للنشر والتوزيع 🏛 الناشر
مناقشات ومراجعات
QR Code
عن كتاب مختصر التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة للإمام القرطبي:
مختصر التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة للإمام القرطبي من التوحيد والعقيدة

عنوان الكتاب: مختصر التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة للإمام القرطبي
المؤلف: فتحي بن فتحي الجندي
الناشر: دار العاصمة

نبذة عن الكتاب :

كتاب في الوعظ والإرشاد جمع فيه ا آيات وأحاديث في ذكر الموت وأحوال الموتى وذكر الحشر والنشر والجنة والنار والفتن والأشراط، وقد رتب كتابه على الأبواب وجعل عقب كل باب فصلا أو فصولا يذكر فيها ما يحتاج إليه من بيان غريب أو فقه في حديث، أو إيضاح مشكل لتكمل فائدته ويعظم نفعه .

سأقوم بنقله كاملاً ان شاء الله

باب النهي عن تمني الموت و الدعاء به لضر نزل في المال و الجسد

روى مسلم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به ، فإن كان لا بد متمنياً فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي و توفني إذا كانت الوفاة خيراً لي أخرجه البخاري ، و عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا يتمنين أحدكم الموت و لا يدع به من قبل أن يأتيه ، إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله ، و إنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيراً .
و قال البخاري : لا يتمنين أحدكم الموت : إما محسناً فلعله أن يزداد خيراً ، و إما مسيئاً فلعله أن يستعتب .
البزار عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا تمنوا الموت فإن هول المطلع شديد ، و إن من السعادة أن يطول عمر العبد حتى يرزقه الله الإنابة .
فصل : قال العلماء : الموت ليس بعدم محض و لا فناء صرف و إنما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن و مفارقته و حيلولة بينهما ، و تبدل حال و انتقال من دار إلى دار ، و هو من أعظم المصائب ، و قد سماه الله تعالى مصيبة ، و في قوله فأصابتكم مصيبة الموت فالموت هو المصيبة العظمى و الرزية الكبرى .
قال علماؤنا : و أعظم منه الغفلة عنه ، و الإعراض عن ذكره ، و قلة التفكر فيه ، و ترك العمل له ، و إن فيه وحده لعبرة لمن اعتبر و فكرة لمن تفكر ، و في خبر يروى عن النبي صلى الله عليه و سلم : لو أن البهائم تعلم من الموت ما تعلمون ما أكلت منها سميناً .
و يروى أن إعرابياً كان يسير على جمل له فخر الجمل ميتاً ، فنزل الأعرابي عنه و جعل يطوف به و يتفكر فيه و يقول : مالك لا تقوم ؟ مالك لا تنبعث ، هذه أعضاؤك كاملة و جوارحك سالمة . ما شأنك ؟ ما الذي كان يحملك ؟ ما الذي كان يبعثك ؟ ما الذي صرعك ؟ ما الذي عن الحركة منعك ؟ ثم تركه و انصرف متفكراً في شأنه . متعجباً من أمره . و أنشدوا في بعض الشجعان مات حتف أنفه :
جائته من قبل المنون إشارةً فهوى صريعاً لليدين و للفم
و رمى بمحكم درعه و برمحه و امتد ملقىً كالفتيق الأعظم
لا يستجيب لصارخ إن يدعه أبداً و لا يرجى لخطب معظم
ذهبت بسالته و مر غرامه لما رأى حبل المنية يرتمي
يا ويحه من فارس ما باله ذهبت مروته و لما يكلم
هذي يداه و هذه أعضاؤه ما منه من عضو غداً بمثلم
هيهات ما حبل الردى محتاجة للمشرفي و لا اللسان اللهذم
هي ويحكم أمر الإله و حكمه و الله يقضي بالقضاء المحكم
يا حسرتا لو كان يقدر قدرها و مصيبة عظمت و لما تعظم
خبر علمنا كلنا بمكانه و كأننا في حالنا لم نعلم
و روى الترمذي الحكيم أبو عبد الله في نوادر الأصول . حدثنا قتيبة بن سعيد و الخطيب بن سالم . عن عبد العزيز الماجشون . عن محمد بن المنكدر قال : مات ابن لآدم عليه السلام فقال يا حواء قد مات ابنك . فقالت : و ما الموت ؟ قال : لا يأكل و لا يشرب . و لا يقوم و لا يقعد . فرنت . فقال آدم عليه السلام : عليك الرنة و على بناتك أنا و بني منها برآء . فصل : قوله : فلعله أن يستعتب . الاستعتاب طلب العتبى . و هو الرضى و ذلك لا يحصل إلا بالتوبة و الرجوع عن الذنوب . قال الجوهري :
استعتب : طلب أن يعتب تقول : استعتبته فأعتبني . أي استرضيته . فأرضاني . و في التنزيل في حق الكافرين و إن يستعتبوا فما هم من المعتبين
و روى عن سهل بن عبد الله التستري أنه قال : لا يتمنى أحدكم الموت إلا ثلاثة : رجل جاهد بما بعد الموت أو رجل يفر من أقدار الله تعالى عليه . أو مشتاق محب للقاء الله عز و جل .
و روي أن ملك الموت عليه السلام جاء إلى إبراهيم عليه السلام خليل الرحمن عز و جل ليقبض روحه . فقال إبراهيم : يا ملك الموت هل رأيت خليلاً يقبض روح خليله ؟ فعرج ملك الموت عليه السلام إلى ربه فقال قل له : هل رأيت خليلاً يكره لقاء خليله ؟ فرجع فقال اقبض روحي الساعة. و قال أبو الدرداء رضي الله عنه : ما من مؤمن إلا و الموت خير له فمن لم يصدقني فأن الله تعالى يقول : و ما عند الله خير للأبرار و قال تعالى و لا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم و قال حيان بن الأسود : الموت جسر يوصل الحبيب إلى الحبيب .

باب جواز تمني الموت و الدعاء به خوف ذهاب الدين

قال الله عز و جل مخبراً عن يوسف عليه السلام : توفني مسلماً و ألحقني بالصالحين و عن مريم عليها السلام في قولها : يا ليتني مت قبل هذا و كنت نسياً منسيا و عن مالك عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : لا تقوم الساعة حتى يمر حتى بقبر الرجل فيقول فيقول : يا ليتني مكانه .
فصل : قلت : لا تعارض بين هذه الترجمة و التي قبلها لما نبينه . أما يوسف عليه السلام . فقال قتادة : لم يتمن الموت أحد : نبي و لا غيره إلا يوسف عليه السلام حين تكاملت عليه النعم و جمع له الشمل : اشتاق إلى لقاء ربه عز وجل فقال : رب قد آتيتني من الملك و علمتني الآية . فاشتاق إلى لقاء ربه عز وجل ، و قيل إن يوسف عليه السلام لم يتمن الموت و إنما تمنى الموافاة على الإسلام . أي إذا جاء أجلي تو فني مسلماً . و هذا هو القول المختار في تأويل الآية عند أهل التأويل . و الله أعلم .
و أما مريم عليها السلام فإنما تمنت الموت لوجهين :
أحدهما : أنها خافت أن يظن بها السوء في دينها و تعير ، فيفتنها ذلك .
الثاني : لئلا يقع قوم بسببها في البهتان و الزور ، و النسبة إلى الزنا ، و ذلك مهلك لهم . و الله أعلم .
و قد قال الله تعالى عز و جل في حق من افترى على عائشة رضي الله عنها و الذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم و قال : و تحسبونه هيناً و هو عند الله عظيم و قد اختلف في مريم عليها السلام : هل هي صديقة لقوله تعالى : و أمه صديقة أو نبية لقوله تعالى : فأرسلنا إليها روحنا . و قوله : إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك الآية . و عليه فيكون الافتراء عليها عظيم أعظم و البهتان في حقها أشد . و فيه يكون الهلاك حقاً . فعلى هذا الحد الذي ذكرناه من التأويلين يكون تمني الموت في حقها جائز ، و الله أعلم .
و أما الحديث فإنما هو خبر : أن ذلك سيكون لشدة ما ينزل بالناس ، من فساد الحال في الدين ، و ضعفه و خوف ذهابه ، لا لضر ينزل بالمرء في جسمه أو غير ذلك ، من ذهاب ماله مما يحط به عنه خطاياه . و مما يوضح هذا المعنى و يبينه قوله عليه السلام : اللهم إني أسألك فعل الخيرات و ترك المنكرات و حب المساكين و إذا أردت ـ و يروى أدرت ـ في الناس فتنة فاقبضني إليك غير مفتون . رواه مالك و مثل هذا قول عمر رضي الله عنه : اللهم قد ضعفت قوتي و كبرت سني و انتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مضيع و لا مقصر فما جاوز ذلك الشهر حتى قبض رحمه الله . رواه مالك أيضاً .
و ذكر أبو عمر بن عبد البر في التمهيد و الاستذكار من حديث زاذان أبي عمر عن عليم الكندي قال : كنت جالساً مع أبي العباس الغفاري على سطح فرأى ناساً يتحملون من الطاعون فقال : يا طاعون خذني إليك يقولها ثلاثاً فقال عليم : لم تقول هذا ؟ ألم يقل رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا يتمنين أحدكم الموت فإنه عند ذلك انقطاع عمله و لا يرد فيسعتب فقال أبو عباس : أنا سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : بادروا بالموت ستا : إمرة السفهاء ، و كثرة الشرط ، و بيع الحكم ، و استخفافاً بالدم ، و قطيعة الرحم ، و نشئاً يتخذون القرآن مزامير ، يقدمون الرجل ليغنيهم بالقرآن و إن كان أقلهم فقهاً . و سيأتي لهذا مزيد بيان في الفتن ـ إن شاء الله تعالى .

باب ذكر الموت و الاستعداد له

النسائي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أكثروا ذكر هادم اللذات يعني الموت . أخرجه ابن ماجه و الترمذي أيضاً . و خرجه أبو نعيم الحافظ بإسناده من حديث مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أكثروا من ذكر هادم اللذات قلنا يا رسول الله : و ما هادم اللذات ؟ قال : الموت .
ابن ماجه عن ابن عمر قال : كنت جالساً مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فجاء رجل من الأنصاري فسلم على النبي صلى الله عليه و سلم فقال يا رسول الله : أي المؤمنين أفضل ؟ قال : أحسنهم خلقاً قال : فأي المسلمين أكيس ؟ قال : أكثرهم للموت ذكراً و أحسنهم لما بعدهم استعداداً أولئك الأكياس أخرجه مالك أيضاً . و سيأتي في الفتن ـ إن شاء الله تعالى .
الترمذي عن شداد بن أوس قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : الكيس من دان نفسه ، و عمل لما بعد الموت . و العاجز من أتبع نفسه هواها ، و تمنى على الله .
و روي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أكثروا ذكر الموت . فإنه يمحص الذنوب ، و يزهد في الدنيا و روي عنه عليه السلام أنه قال : كفى بالموت واعظاً و كفى بالموت مفرقاً . و قيل له يا رسول الله : هل يحشر مع الشهداء أحد ؟ قال : نعم ، من يذكر الموت في اليوم و الليلة عشرين مرة . و قال السدي في قوله تعالى : الذي خلق الموت و الحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً أي أكثركم للموت ذكراً ، و له أحسن استعداداً و منه أشد خوفاً و حذراً .
فصل : قال علماؤنا رحمة الله عليهم . قوله عليه السلام : أكثروا ذكر هادم اللذات الموت كلام مختصر و جيز قد جمع التذكرة و أبلغ في الموعظة فإن من ذكر الموت حقيقة ذكره نغص عليه لذته الحاضرة ، و منعه من تمنيها في المستقبل و زهده فيما كان منها يؤمل ، و لكن النفوس الراكدة ، و القلوب الغافلة تحتاج إلى تطويل الوعاظ ، و تزويق الألفاظ ، و إلا ففي قوله عليه الصلاة و السلام : أكثروا ذكر هادم اللذات مع قوله تعالى : كل نفس ذائقة الموت ما يكفي السامع له ، و يشغل الناظر فيه و كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كثيراً ما يتمثل بهذه الأبيات :
لا شيء مما ترى تبقى بشاشته يبقى الإله و يودي المال و الولد
لم تغن عن هرمز يوماً خزائنه و الخلد قد حاولت عاد فما خلدوا
و لا سليمان إذ تجري الرياح له و الإنس و الجن فيما بينها ترد
أين الملوك التي كانت لعزتها من كل أوب إليها وافد يفد ؟
حوض هنالك مورود بلا كذب لا بد من ورده يوماً كما وردوا
فصل : إذ ثبت ما ذكرناه . فاعلم أن ذكر الموت يورث استشعار الانزعاج عن هذه الدار الفانية ، و التوجه في كل لحظة إلى الدار الآخرة الباقية ، ثم إن الإنسان لا ينفك عن حالتي ضيق و سعة ، و نعمة و محنة ، فإن كان في حال ضيق و محنة . فذكر الموت يسهل عليه بعض ما هو فيه ، فإنه لا يدوم . و الموت أصعب منه ، أو في حال نعمة و سعة فذكر الموت يمنعه من الاغترار بها ، و السكون إليها ، لقطعه عنها . و لقد أحسن من قال :
اذكر الموت هادم اللذات و تجهز لمصرع سوف يأتي
و قال غيره :
و اذكر الموت تجد راحة في إذكار الموت تقصير الآمل
و أجمعت الأمة على أن الموت ليس له سن معلوم ، و لا زمن معلوم ، و لا مرض معلوم . و ذلك ليكون المرء على أهبة من ذلك ، مستعداً لذلك . و كان بعض الصالحين ينادي بليل على سور المدينة : الرحيل . الرحيل . فلما توفي فقد صوته أمير المدينة فسأل عنه . فقيل : إنه قد مات فقال :
ما زال يلهج بالرحيل و ذكره حتى أناخ ببابه الجمال
فأصابه متيقظاً متشمراً ذا أهبة لم تلهه الآمال
و كان يزيد الرقاشي يقول لنفسه : و يحك يا يزيد ، من ذا يترضى عنك ربك الموت ؟ ثم يقول : أيها الناس ألا تبكون و تنوحون على أنفسكم باقي حياتكم ؟ من الموت طالبه و القبر بيته . و التراب فراشه . و الدود أنيسه . و هو مع هذا ينتظر الفزع الأكبر يكون حاله ؟ ثم يبكي حتى يسقط مغشياً عليه .
و قال التيمي : شيئان قطعا عني لذة الدنيا : ذكر الموت . و ذكر الموقف بين يدي الله تعالى . و كان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يجمع العلماء فيتذاكرون الموت ، و القيامة ، و الآخرة ، فيبكون حتى كأن بين أيديهم جنازة .
و قال أبو نعيم : كان الثوري إذا ذكر الموت لا ينتفع به أياماً . فإن سئل عن شيء قال : لا أدري لا أدري . و قال أسباط : ذكر عند النبي صلى الله عليه و سلم رجل فأثنى عليه فقال عليه السلام : كيف ذكره للموت ؟ فلم يذكر ذلك عنه . فقال : ما هو كما تقولون .
و قال الدقاق : من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء : تعجيل التوبة و قناعة القلب ، و نشاط العبادة . و من نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء : تسويف التوبة ، و ترك الرضى بالكفاف ، و التكاسل في العبادة ، فتفكر يا مغرور في الموت و سكرته ، و صعوبة كأسه و مرارته ، فيما للموت من وعد ما أصدقه ، و من حاكم ما أعدله ، كفى بالموت مقرحاً للقلوب ، و مبكياً للعيون ،و مفرقاً للجماعات ، و هادماً للذات ، و قاطعاً للأمنيات ، فهل تفكرت يا ابن آدم في يوم مصرعك ، و انتقالك من موضعك ، و إذا نقلت من سعة إلى ضيق ، و خانك الصاحب و الرفيق ، و هجرك الأخ و الصديق ، و أخذت من فراشك و غطائك إلى عرر ، و غطوك من بعد لين لحافك بتراب و مدر ، فيا جامع المال ، و المجتهد في البنيان ليس لك و الله من مال إلا الأكفان ، بل هي و الله للخراب و الذهاب و جسمك للتراب و المآب . فأين الذي جمعته من المال ؟ فهل أنقذك من الأهوال ؟ كلا بل تركته إلى من لا يحمدك ، و قدمت بأوزارك على من لا يعذرك . و لقد أحسن من قال في تفسير قوله تعالى : و ابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة أي : اطلب فيما أعطاك الله من الدنيا ، الدار الآخرة و هي الجنة ، فإن حق المؤمن أن يصرف الدنيا فيما ينفعه في الآخرة ، لا في الطين و الماء و التجبر و البغي ، فكأنهم قالوا : لا تنس أنك تترك جميع مالك إلا نصيبك الذي هو الكفن ، و نحو هذا قول الشاعر :
نصيبك مما تجمع الدهر كله : رداءان تلوى فيهما ، و حنوط
و قال آخر :
هي القناعة لا تبغي بها بدلاً فيها النعيم و فيها راحة البدن
انظر لمن ملك الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير القطن و الكفن ؟
فصل : و قوله عليه الصلاة و السلام : الكيس من دان نفسه دان حاسب . و قيل : ذل . قال أبو عبيد : دان نفسه : أي أذلها و استعبدها . يقال : دنته أدينه ، إذ ذللته فيذل نفسه في عبادة الله سبحانه و تعالى ، عملاً يعده لما بعد الموت ، و لقاء الله تعالى ، و كذلك يحاسب نفسه على ما فرط من عمره ، ويستعد لعاقبة أمره ، بصالح عمله ، و التنصل من سالف زلله ، و ذكر الله تعالى و طاعته في جميع أحواله . فهذا هو الزاد ليوم المعاد . و العاجز ضد الكيس . و الكيس : العاقل ، والعاجز : المقصر في الأمور ، فهو مع تقصيره في طاعة ربه ، و اتباع شهوات نفسه متمن على الله أن يغفر له . و هذا هو الاغترار فإن الله تعالى أمره و نهاه ، و قال الحسن البصري : [ إن قوماً آلهتهم الأماني حتى خرجوا من الدنيا و ما لهم حسنة و يقول أحدهم : إني أحسن الظن بربي . و كذب لو أحسن الظن لأحسن العمل ] و تلا قوله تعالى : و ذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين . و قال سعيد بن جبير : [ الغرة بالله أن يتمادى الرجل بالمعصية ، و يتمنى على الله المغفرة ] . و قال بقية بن الوليد : كتب أبو عمير الصوري إلى بعض إخوانه :
أما بعد [ فإنك قد أصبحت تؤمل الدنيا بطول عمرك ، و تتمنى على الله الأماني بسوء فعلك . و إنما تضرب حديداً بارداً و السلام ] . و سيأتي لهذا مزيد بيان في باب ما جاء أن القبر أول منازل الآخرة . إن شاء الله تعالى .
الترتيب:

#5K

0 مشاهدة هذا اليوم

#11K

45 مشاهدة هذا الشهر

#5K

35K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 558.