📘 ❞ النبوات (ط. أضواء السلف) ❝ كتاب ــ أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني اصدار 2000

كتب التوحيد والعقيدة - 📖 كتاب ❞ النبوات (ط. أضواء السلف) ❝ ــ أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني 📖

█ _ أبو العباس أحمد بن عبد الحليم السلام تيمية الحراني 2000 حصريا كتاب ❞ النبوات (ط أضواء السلف) ❝ عن توزيع الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة 2024 السلف): طالما احتفى ابن رحمه الله بمقام النبوة وفضلها وضرورتها ودوّن معالم جليلة وقواعد فريدة بشأن وإقراراً واتباعاً لسبيل النبيين والمرسلين وتحدّثاً بهذه النعمة العظيمة: بعثة محمد صلى عليه وسلم ومجانبةً من ذمّهم ممن أنكر بعثته وجحد رسالته كما قوله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ} [النحل: 83][1]؛ لذا نورد طرفاً هذه المعالم[2] النحو التالي: إشراقات أبي بيان أن والرسالات آكد الضروريات قوله: «الرسالة ضرورية للعباد لا بد لهم منها وحاجتهم إليها فوق حاجتهم إلى كل شيء والرسالة روح العالم ونوره وحياته فأي صلاح للعالم إذا عدم الروح والحياة والنور؟ والدنيا مظلمة ملعونة إلا ما طلعت شمس الرسالة وكذلك العبد لم تشرق قلبه ويناله حياته وروحها؛ فهو ظلمة وهو الأموات قال {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا} [الأنعام: 122] فهذا وصف المؤمن كان ميتاً الجهل فأحياه بروح ونور الإيمان»[3] ويقرر المحمدية أعظم نعمة الإطلاق فيقول: «من استقرأ أحوال تبيَّن له ينعم أهل الأرض إنعامه بإرساله وأن الذين ردوا هم فيهم: {أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} [إبراهيم: 28]»[4] ويجزم موطن ثالث بأنه لولا الرسل لما عُبِد وحده ولا كانت شريعة فقال: «ينبغي للعاقل يعلم قيام دين إنما هو بواسطة المرسلين صلوات وسلامه عليهم أجمعين فلولا عُبد وليس مملكة قائمة بنبوة أو أثر نبوة وإن خير فمن آثار النبوات»[5] ولأجل سبق «صار ظهور الأنبياء مما تؤرَّخ به الحوادث العالم؛ لظهور أمرهم عند الخاصة والعامة فإن التاريخ يكون بالحادث المشهور الذي يشترك الناس فيه ليعرفوا كم مضى بعده وقبله»[6] ولما الضرورات وأعظم الحاجات دلائل ثبوتها تكاد تُحصى؛ فما إليه أحوج أدلته أيسر وأظهر وأكثر وقرر هذا المعلم مواطن متعددة «قد ذكرنا غير الموضع تعلم بطرق كثيرة وذكرنا طرقاً معرفة النبي الصادق والمتنبئ الكذاب طريق المعجزات إن كلما قويت الشيء يسّر أسبابه ييسّر أبدانهم أشد فلما النَفَس والهواء الماء مبذولاً لكل أحد وقت ولما أكثر القوت وجود ذلك الخالق آياته ودلائل ربوبيته وقدرته وعلمه ومشيئته وحكمته؛ غيرها صدق بعد ذلك؛ أقام سبحانه صدقهم وشواهد نبوتهم وحسن حال اتبعهم وسعادته ونجاته وبيان يحصل العلم النافع والعمل الصالح وقبح خالفهم»[7] وقال أيضاً: «إن المطلوب معرفته عقول فأدلة إثبات الصانع وتوحيده وأعلام وأدلتها؛ جداً وطرق معرفتها كثيرة»[8] وبهذا يظهر فساد مذهب المتكلمين حجّروا واسعاً وضيّقوا وسّعه فظنوا تثبت بالمعجزة وقد بسط بطلان مقولتهم «شرح العقيدة الأصفهانية» ومن أجود استدلالاته وأقواها: استدلاله بالصفات الإلهية فقد احتج بصفة الحكمة ثبوت «الكلام فرعٌ التي يوجب فعل تقتضيه ويمتنع تنفيه حكيم يضع موضعه المناسب فلا يجوز يسوّي بين جنس والكاذب»[9] : «قال {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} 124] أعلم بمن يجعله رسولاً وهو عالم بتعيين الرسول وأنه أحق غيره بالرسالة دلّ القرآن قالت خديجة رضي عنها فجأ الوحي النبيَّ وخاف ذلك: (كلا والله يخزيك أبداً إنك لتصِل الرحم وتصدُق الحديث وتحمل الكلّ وتُكسب المعدوم وتُقري الضيف وتعين نوائب الحق)[10] وكانت أم المؤمنين أعقل وأعلم الجهمية[11] حيث رأت جعله الأخلاق الشريفة المتضمنة لعدله وإحسانه؛ يخزيه حكمة الربّ تأبى ذلك»[12] تحدّث بركات ومنافعها ومصالحها وما تستلزمه الأقيسة الصحيحة والعقول السديدة والعلوم النافعة والأعمال الصالحة فقال «والله أرسل رسله بالعلم اتبع حصل سعادة الدنيا والآخرة بعث محمداً بالهدى ودين الحق تلقى عنه المسلمون أمته فكل علم نافع وعمل صالح أمة أخذوه نبيهم مع عاقل أكمل الأمم جميع الفضائل العلمية والعملية ومعلوم كمال الفرع المتعلم الأصل المعلِّم»[13] الإسلام أتباع نبينا وسلم: «فكل وجد المسلمين أحدّ وأسدّ عقلاً وأنهم ينالون المدة اليسيرة حقائق العلوم الأعمال أضعاف يناله غيرهم قرون وأجيال»[14] ثم إن الشخص اتباعاً للرسول أتم وأكمل فهماً يقول العباس: تدبر الحقائق أقرب التصديق بما جاءت الر سل وسمعاً وكل أبعد أنقص وسمعاً» إلى قال: «والمؤمن بالرسل يقول: خصّهم والعقل والمعرفة واليقين يشركهم العالمين قال وهب منبّه: لو وُزن عقل بعقل لرجح»[15] والأنبياء يحررون البشر رق الشرك والوثنيات ويبصّرونهم العمى «والأنبياء يُصححون سمع الإنسان وبصره وعقله والذين خالفوهم صمّ بكم عمي فهم يعقلون فالسحرة يزيدون عمى وصمماً وبكماً والأنبياء يرفعون عماهم وصممهم وبكمهم»[16] «فالأنبياء كملوا الفطرة وبصروا الخلق صفة (أن يفتح أعيناً عمياً وآذاناً صمّاً وقلوباً غُلفاً)[17] ومخالفوهم يُفسدون الحسّ أفسدوا الأدلة السمعية والحسّ بهما تعرف والطرق ثلاثة: والخبر فمخالفوا وهذا وهذا»[18] وأخيراً البشرية اليوم تكابد الشقاء والضنك وتعاني القلق والنكد بسبب إعراضهم عما جاء والنور والإيمان والروح وبحسب الإعراض الإيمان والاتباع تكون الحياة الطيبة والسعادة الأبدية فالحمد لله والسنة وهذا الكتاب يبحث طرق والمعجزة والكرامة والفرق بينها وبين خوارق العادات وفق معتقد السنة والجماعة وفيه ردّ المخالفين الباب؛ أشعرية ومعتزلة وفلاسفة ذكر مذاهبهم أدلتهم فصّل شيخ القول وأطال النفس: فَعَرَضَ أقوال الأشاعرة بالتفصيل وردّ عليها واهتمّ حين عَرْضِه لأقوال بأقوال الشخصية الثانية المذهب الأشعري ألا القاضي بكر الباقلاني انتقده كتابه البيان أقواله وناقشها ومحّصها وبيَّن مجانبتها للصواب وكرَّ بُنيت الأقوال قواعد فنسفها نسفاً ووضّح لازمها والنتيجة تفضي محذّراً بذلك ومن اعتقادها يقتصر مباحث والفروق المعجزة أيدي السحرة والكهان وأمثالهم بل هي عادة يردّ الخصوم ويُبيِّن المضائق والمزالق أودت بهم أقوالهم الباطلة ويوضّح المآزق أوقعتهم بها أصولهم الهابطة النازلة كتب التوحيد والعقيدة مجاناً PDF اونلاين ركن خاص بكتب مجانيه العقيده يحتوي علي العديد الكتب المتميزة المجال ويشمل القسم والعقيده والتَّوحِيد : هو لُغةً جعلُ الشيءِ واحدًا غيرَ متعدِّد وفي اصطلاح المُسلمين الاعتقاد بأنَّ واحدٌ ذاته وصفاته وأفعاله شريكَ مُلكه وتدبيره وأنّه وحدَه المستحقّ للعبادة تُصرَف لغيره ويُعتبر التَّوحيد محور الإسلاميّة الدِّين كلّه حيثُ ورد القرآن: «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ أَنَا فَاعْبُدُونِ» والتَّوحيد يشكِّل نصف الشهادتين ينطق أراد الدخول يُعتَبر الأساس يُبنى باقي المعتقدات التوحيد الكريم كثيرٌ جدًّا إنه تخلو سورة سور صفحة صفحاته ذِكر صفات وأسمائه فتجده مرة يُذكِّر مختلف موضوعاته؛ توحيد وعبادة وتشريع مقام أمره ونَهيه ووعْده ووعيده وقَصصه وأمثاله[7] جمع جملة الصفات الإخلاص وآية الكرسي وآخر الحشر ﴿ اللَّهُ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ مَا السَّمَوَاتِ وَمَا الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ خَلْفَهُمْ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ عِلْمِهِ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ وَالْأَرْضَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255]

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
النبوات (ط. أضواء السلف)
كتاب

النبوات (ط. أضواء السلف)

ــ أَحْمَدُ بْنُ تيميَّة

صدر 2000م عن توزيع الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة
النبوات (ط. أضواء السلف)
كتاب

النبوات (ط. أضواء السلف)

ــ أَحْمَدُ بْنُ تيميَّة

صدر 2000م عن توزيع الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة
عن كتاب النبوات (ط. أضواء السلف):
طالما احتفى أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله - بمقام النبوة، وفضلها، وضرورتها، ودوّن معالم جليلة وقواعد فريدة بشأن النبوات.

وإقراراً واتباعاً لسبيل النبيين والمرسلين، وتحدّثاً بهذه النعمة العظيمة: بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، ومجانبةً لسبيل من ذمّهم الله ممن أنكر بعثته وجحد رسالته، كما في قوله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ} [النحل: 83][1]؛ لذا نورد طرفاً من هذه المعالم[2] على النحو التالي:

  • من إشراقات أبي العباس في بيان أن النبوات والرسالات آكد الضروريات قوله: «الرسالة ضرورية للعباد، لا بد لهم منها، وحاجتهم إليها فوق حاجتهم إلى كل شيء، والرسالة روح العالم ونوره وحياته، فأي صلاح للعالم إذا عدم الروح والحياة والنور؟ والدنيا مظلمة ملعونة إلا ما طلعت عليه شمس الرسالة، وكذلك العبد ما لم تشرق في قلبه شمس الرسالة، ويناله من حياته وروحها؛ فهو في ظلمة، وهو من الأموات، قال الله تعالى: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا} [الأنعام: 122]، فهذا وصف المؤمن كان ميتاً في ظلمة الجهل فأحياه الله بروح الرسالة ونور الإيمان»[3].


  • ويقرر أن الرسالة المحمدية أعظم نعمة على الإطلاق، فيقول: «من استقرأ أحوال العالم، تبيَّن له أن الله لم ينعم على أهل الأرض نعمة أعظم من إنعامه بإرساله صلى الله عليه وسلم، وأن الذين ردوا رسالته هم ممن قال الله فيهم: {أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} [إبراهيم: 28]»[4].

    ويجزم - في موطن ثالث - بأنه لولا الرسل لما عُبِد الله وحده، ولا كانت شريعة في الأرض، فقال: «ينبغي للعاقل أن يعلم أن قيام دين الله في الأرض إنما هو بواسطة المرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فلولا الرسل لما عُبد الله وحده، ولا كانت له شريعة في الأرض.

    وليس في الأرض مملكة قائمة إلا بنبوة، أو أثر نبوة، وإن كل خير في الأرض فمن آثار النبوات»[5].

    ولأجل ما سبق «صار ظهور الأنبياء مما تؤرَّخ به الحوادث في العالم؛ لظهور أمرهم عند الخاصة والعامة، فإن التاريخ يكون بالحادث المشهور الذي يشترك الناس فيه ليعرفوا به كم مضى بعده وقبله»[6].

  • ولما كانت النبوات آكد الضرورات وأعظم الحاجات، فإن دلائل ثبوتها لا تكاد تُحصى؛ فما كان الناس إليه أحوج فإن أدلته أيسر وأظهر وأكثر.


  • وقرر أبو العباس هذا المعلم في مواطن متعددة، كما في قوله: «قد ذكرنا في غير هذا الموضع أن النبوة تعلم بطرق كثيرة، وذكرنا طرقاً متعددة في معرفة النبي الصادق والمتنبئ الكذاب، غير طريق المعجزات.

    إن الناس كلما قويت حاجتهم إلى معرفة الشيء، يسّر الله أسبابه، كما ييسّر ما كانت حاجتهم إليه في أبدانهم أشد.

    فلما كانت حاجتهم إلى النَفَس والهواء أعظم منها إلى الماء، كان مبذولاً لكل أحد في كل وقت.

    ولما كانت حاجتهم إلى الماء أكثر من حاجتهم إلى القوت، كان وجود الماء أكثر من ذلك.

    فلما كانت حاجتهم إلى معرفة الخالق أعظم، كانت آياته ودلائل ربوبيته، وقدرته وعلمه ومشيئته، وحكمته؛ أعظم من غيرها.

    ولما كانت حاجتهم إلى معرفة صدق الرسل بعد ذلك، أعظم من حاجتهم إلى غير ذلك؛ أقام الله سبحانه من دلائل صدقهم، وشواهد نبوتهم، وحسن حال من اتبعهم، وسعادته، ونجاته، وبيان ما يحصل له من العلم النافع والعمل الصالح، وقبح حال من خالفهم»[7].

    وقال أيضاً: «إن المطلوب كلما كان الناس إلى معرفته أحوج يسّر الله على عقول الناس معرفة أدلته، فأدلة إثبات الصانع وتوحيده، وأعلام النبوة وأدلتها؛ كثيرة جداً، وطرق الناس في معرفتها كثيرة»[8].

    وبهذا يظهر فساد مذهب المتكلمين الذين حجّروا واسعاً، وضيّقوا ما وسّعه الله من دلائل، فظنوا أن النبوة لا تثبت إلا بالمعجزة، وقد بسط أبو العباس بطلان مقولتهم في «شرح العقيدة الأصفهانية».

    ومن أجود استدلالاته وأقواها: استدلاله بالصفات الإلهية على إثبات النبوة، فقد احتج بصفة الحكمة الإلهية على ثبوت النبوة، فقال: «الكلام في النبوة فرعٌ على إثبات الحكمة التي يوجب فعل ما تقتضيه الحكمة، ويمتنع فعل ما تنفيه، وهو سبحانه حكيم، يضع كل شيء في موضعه المناسب له، فلا يجوز أن يسوّي بين جنس الصادق والكاذب»[9].

    وقال - رحمه الله -: «قال تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124]، فهو أعلم بمن يجعله رسولاً ممن لم يجعله رسولاً.

    وهو عالم بتعيين الرسول، وأنه أحق من غيره بالرسالة، كما دلّ القرآن على ذلك، وقد قالت خديجة - رضي الله عنها - لما فجأ الوحي النبيَّ صلى الله عليه وسلم وخاف من ذلك: (كلا والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصِل الرحم، وتصدُق الحديث، وتحمل الكلّ، وتُكسب المعدوم، وتُقري الضيف، وتعين على نوائب الحق)[10].

    وكانت أم المؤمنين خديجة - رضي الله عنها - أعقل وأعلم من الجهمية[11]، حيث رأت أن من جعله الله على هذه الأخلاق الشريفة، المتضمنة لعدله وإحسانه؛ لا يخزيه الله، فإن حكمة الربّ تأبى ذلك»[12].

  • تحدّث أبو العباس عن بركات النبوات ومنافعها ومصالحها، وما تستلزمه من الأقيسة الصحيحة، والعقول السديدة، والعلوم النافعة، والأعمال الصالحة، فقال - رحمه الله -: «والله سبحانه أرسل رسله بالعلم النافع، والعمل الصالح، فمن اتبع الرسل، حصل له سعادة الدنيا والآخرة.


  • ولما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق، تلقى ذلك عنه المسلمون من أمته.

    فكل علم نافع وعمل صالح، عليه أمة محمد صلى الله عليه وسلم، أخذوه عن نبيهم، مع ما يظهر لكل عاقل أن أمته أكمل الأمم في جميع الفضائل العلمية والعملية.

    ومعلوم أن كل كمال في الفرع المتعلم فهو من الأصل المعلِّم»[13].

    وقال عن أهل الإسلام أتباع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: «فكل من استقرأ أحوال العالم وجد المسلمين أحدّ وأسدّ عقلاً، وأنهم ينالون في المدة اليسيرة من حقائق العلوم و الأعمال أضعاف ما يناله غيرهم في قرون وأجيال»[14].

    ثم إن الشخص كلما كان أعظم اتباعاً للرسول، كان أتم عقلاً وأكمل فهماً.

    يقول أبو العباس: «من تدبر الحقائق وجد كل من كان أقرب إلى التصديق بما جاءت به الر سل والعمل به، كان أكمل عقلاً وسمعاً، وكل من كان أبعد عن التصديق بما جاءت به الرسل والعمل به، كان أنقص عقلاً وسمعاً».

    إلى أن قال: «والمؤمن بالرسل يقول: إن الله خصّهم من العلم والعقل والمعرفة واليقين بما لم يشركهم فيه أحد من العالمين.

    قال وهب بن منبّه: لو وُزن عقل محمد صلى الله عليه وسلم بعقل أهل الأرض لرجح»[15].

    والأنبياء يحررون البشر من رق الشرك والوثنيات، ويبصّرونهم من العمى، كما قال أبو العباس: «والأنبياء يُصححون سمع الإنسان، وبصره، وعقله، والذين خالفوهم صمّ بكم عمي فهم لا يعقلون.

    فالسحرة يزيدون الناس عمى، وصمماً، وبكماً، والأنبياء يرفعون عماهم وصممهم وبكمهم»[16].

    وقال أيضاً: «فالأنبياء كملوا الفطرة، وبصروا الخلق، كما في صفة محمد صلى الله عليه وسلم: (أن الله يفتح به أعيناً عمياً، وآذاناً صمّاً، وقلوباً غُلفاً)[17].

    ومخالفوهم يُفسدون الحسّ والعقل، كما أفسدوا الأدلة السمعية.

    والحسّ والعقل بهما تعرف الأدلة، والطرق ثلاثة: الحسّ والعقل والخبر، فمخالفوا الأنبياء أفسدوا هذا، وهذا، وهذا»[18].

    وأخيراً، فإن البشرية اليوم تكابد الشقاء والضنك، وتعاني القلق والنكد، بسبب إعراضهم عما جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من العلم والنور، والإيمان والروح، وبحسب الإعراض عما جاء به الرسول يكون الشقاء والنكد، وبحسب الإيمان به والاتباع تكون الحياة الطيبة والسعادة الأبدية، فالحمد لله على الإسلام والسنة.

    وهذا الكتاب يبحث في طرق إثبات النبوة، والمعجزة، والكرامة، والفرق بينها وبين خوارق العادات، وفق معتقد أهل السنة والجماعة. وفيه ردّ على المخالفين في هذا الباب؛ من أشعرية، ومعتزلة، وفلاسفة، مع ذكر مذاهبهم، وبيان أدلتهم.

    وقد فصّل شيخ الإسلام رحمه الله فيه القول، وأطال النفس: فَعَرَضَ أقوال الأشاعرة بالتفصيل، وردّ عليها. واهتمّ حين عَرْضِه لأقوال الأشاعرة، بأقوال الشخصية الثانية في المذهب الأشعري، ألا وهو القاضي أبو بكر الباقلاني، حيث انتقده في كتابه البيان ، وردّ على أقواله، وناقشها، ومحّصها، وبيَّن مجانبتها للصواب، وكرَّ على ما بُنيت عليه هذه الأقوال من قواعد فنسفها نسفاً، ووضّح لازمها، والنتيجة التي تفضي إليها، محذّراً بذلك منها ومن اعتقادها.

    و لم يقتصر على مباحث ، والفروق بين المعجزة والكرامة، وبين ما يظهر على أيدي السحرة والكهان وأمثالهم من خوارق. بل كما هي عادة شيخ الإسلام رحمه الله ، كان يردّ على الخصوم، ويُبيِّن المضائق والمزالق التي أودت بهم إليها أقوالهم الباطلة، ويوضّح المآزق التي أوقعتهم بها أصولهم الهابطة النازلة.
    الترتيب:

    #29

    0 مشاهدة هذا اليوم

    #27K

    1 مشاهدة هذا الشهر

    #33K

    8K إجمالي المشاهدات
    عدد الصفحات: 1198.
    المتجر أماكن الشراء
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني ✍️ المؤلف
    مناقشات ومراجعات
    توزيع الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة 🏛 الناشر
    QR Code
    أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية