❞ قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا ۜ ۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52)
قوله تعالى : \" قالوا يا ويلنا \" قال ابن الأنباري : \" يا ويلنا \" وقف حسن ، ثم تبتدئ \" من بعثنا \" وروي عن بعض القراء \" يا ويلنا من بعثنا \" بكسر من والثاء من البعث . روي ذلك عن علي - رضي الله عنه - ، فعلى هذا المذهب لا يحسن الوقف على قوله : \" يا ويلنا \" حتى يقول : \" من مرقدنا \" . وفي قراءة أبي بن كعب \" من هبنا \" بالوصل \" من مرقدنا \" فهذا دليل على صحة مذهب العامة . قال المهدوي : قرأ ابن أبي ليلى : \" قالوا يا ويلتنا \" بزيادة تاء وهو تأنيث الويل ، ومثله : يا ويلتى أألد وأنا عجوز وقرأ علي - رضي الله عنه - : \" يا ويلتا من بعثنا \" ف \" من \" متعلقة بالويل ، أو حال من \" ويلتا \" فتتعلق بمحذوف ; كأنه قال : يا ويلتا كائنا من بعثنا ; وكما يجوز أن يكون خبرا عنه كذلك يجوز أن يكون حالا منه . و \" من \" من قوله : \" من مرقدنا \" متعلقة بنفس البعث . ثم قيل : كيف قالوا هذا وهم من المعذبين في قبورهم ؟
فالجواب أن أبي بن كعب قال : ينامون نومة . وفي رواية فيقولون : يا ويلتا من أهبنا من مرقدنا . قال أبو بكر الأنباري : لا يحمل هذا الحديث على أن \" أهبنا \" من لفظ القرآن كما قاله من طعن في القرآن ، ولكنه تفسير \" بعثنا \" أو معبر عن بعض معانيه . قال أبو بكر : وكذا حفظته \" من هبنا \" بغير ألف في أهبنا مع تسكين نون \" من \" . والصواب فيه على طريق اللغة \" من اهبنا \" بفتح النون على أن فتحة همزة أهب ألقيت على نون \" من \" وأسقطت الهمزة ; كما قالت العرب : من اخبرك من اعلمك ؟ وهم يريدون من أخبرك . ويقال : أهببت النائم فهب النائم . أنشدنا أحمد بن يحيى النحوي :
وعاذلة هبت بليل تلومني ولم يعتمرني قبل ذاك عذول
وقال أبو صالح : إذا نفخ النفخة الأولى رفع العذاب عن أهل القبور وهجعوا هجعة إلى النفخة الثانية وبينهما أربعون سنة ، فذلك قولهم : من بعثنا من مرقدنا وقاله ابن عباس وقتادة . وقال أهل المعاني : إن الكفار إذا عاينوا جهنم وما فيها من أنواع العذاب صار ما عذبوا به في قبورهم إلى جنب عذابها كالنوم . قال مجاهد : فقال لهم المؤمنون : هذا ما وعد الرحمن . قال قتادة : فقال لهم من هدى الله : هذا ما وعد الرحمن . وقال الفراء : فقالت لهم الملائكة : هذا ما وعد الرحمن . النحاس : وهذه الأقوال متفقة ، لأن الملائكة من المؤمنين وممن هدى الله عز وجل . وعلى هذا يتأول قول الله - عز وجل - : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية وكذا الحديث : المؤمن عند الله خير من كل ما خلق . ويجوز أن تكون الملائكة وغيرهم من المؤمنين قالوا لهم : هذا ما وعد الرحمن . وقيل : إن الكفار لما قال بعضهم لبعض : من بعثنا من مرقدنا صدقوا الرسل لما عاينوا ما أخبروهم به ، ثم قالوا : هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون فكذبنا به ، أقروا حين لم ينفعهم الإقرار . وكان حفص يقف على من مرقدنا ثم يبتدئ فيقول : هذا . قال أبو بكر بن الأنباري : من بعثنا من مرقدنا وقف حسن ، ثم تبتدئ : \" هذا ما وعد الرحمن \" ويجوز أن تقف على \" مرقدنا هذا \" فتخفض هذا على الإتباع للمرقد ، وتبتدئ : \" ما وعد الرحمن \" على معنى : بعثكم ما وعد الرحمن ، أي : بعثكم وعد الرحمن . النحاس : التمام على \" من مرقدنا \" و \" هذا \" في موضع رفع بالابتداء وخبره \" ما وعد الرحمن \" . ويجوز أن يكون في موضع خفض على النعت ل \" مرقدنا \" فيكون التمام \" من مرقدنا هذا \" . \" ما وعد الرحمن \" في موضع رفع من ثلاث جهات . ذكر أبو إسحاق منها اثنتين قال : يكون بإضمار \" هذا \" ، والجهة الثانية : أن يكون بمعنى حق ما وعد الرحمن بعثكم ، والجهة الثالثة : أن يكون بمعنى : بعثكم ما وعد الرحمن .. ❝ ⏤محمد بن صالح العثيمين
❞ قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا ۜ ۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52)
قوله تعالى : ˝ قالوا يا ويلنا ˝ قال ابن الأنباري : ˝ يا ويلنا ˝ وقف حسن ، ثم تبتدئ ˝ من بعثنا ˝ وروي عن بعض القراء ˝ يا ويلنا من بعثنا ˝ بكسر من والثاء من البعث . روي ذلك عن علي - رضي الله عنه - ، فعلى هذا المذهب لا يحسن الوقف على قوله : ˝ يا ويلنا ˝ حتى يقول : ˝ من مرقدنا ˝ . وفي قراءة أبي بن كعب ˝ من هبنا ˝ بالوصل ˝ من مرقدنا ˝ فهذا دليل على صحة مذهب العامة . قال المهدوي : قرأ ابن أبي ليلى : ˝ قالوا يا ويلتنا ˝ بزيادة تاء وهو تأنيث الويل ، ومثله : يا ويلتى أألد وأنا عجوز وقرأ علي - رضي الله عنه - : ˝ يا ويلتا من بعثنا ˝ ف ˝ من ˝ متعلقة بالويل ، أو حال من ˝ ويلتا ˝ فتتعلق بمحذوف ; كأنه قال : يا ويلتا كائنا من بعثنا ; وكما يجوز أن يكون خبرا عنه كذلك يجوز أن يكون حالا منه . و ˝ من ˝ من قوله : ˝ من مرقدنا ˝ متعلقة بنفس البعث . ثم قيل : كيف قالوا هذا وهم من المعذبين في قبورهم ؟
فالجواب أن أبي بن كعب قال : ينامون نومة . وفي رواية فيقولون : يا ويلتا من أهبنا من مرقدنا . قال أبو بكر الأنباري : لا يحمل هذا الحديث على أن ˝ أهبنا ˝ من لفظ القرآن كما قاله من طعن في القرآن ، ولكنه تفسير ˝ بعثنا ˝ أو معبر عن بعض معانيه . قال أبو بكر : وكذا حفظته ˝ من هبنا ˝ بغير ألف في أهبنا مع تسكين نون ˝ من ˝ . والصواب فيه على طريق اللغة ˝ من اهبنا ˝ بفتح النون على أن فتحة همزة أهب ألقيت على نون ˝ من ˝ وأسقطت الهمزة ; كما قالت العرب : من اخبرك من اعلمك ؟ وهم يريدون من أخبرك . ويقال : أهببت النائم فهب النائم . أنشدنا أحمد بن يحيى النحوي :
وعاذلة هبت بليل تلومني ولم يعتمرني قبل ذاك عذول
وقال أبو صالح : إذا نفخ النفخة الأولى رفع العذاب عن أهل القبور وهجعوا هجعة إلى النفخة الثانية وبينهما أربعون سنة ، فذلك قولهم : من بعثنا من مرقدنا وقاله ابن عباس وقتادة . وقال أهل المعاني : إن الكفار إذا عاينوا جهنم وما فيها من أنواع العذاب صار ما عذبوا به في قبورهم إلى جنب عذابها كالنوم . قال مجاهد : فقال لهم المؤمنون : هذا ما وعد الرحمن . قال قتادة : فقال لهم من هدى الله : هذا ما وعد الرحمن . وقال الفراء : فقالت لهم الملائكة : هذا ما وعد الرحمن . النحاس : وهذه الأقوال متفقة ، لأن الملائكة من المؤمنين وممن هدى الله عز وجل . وعلى هذا يتأول قول الله - عز وجل - : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية وكذا الحديث : المؤمن عند الله خير من كل ما خلق . ويجوز أن تكون الملائكة وغيرهم من المؤمنين قالوا لهم : هذا ما وعد الرحمن . وقيل : إن الكفار لما قال بعضهم لبعض : من بعثنا من مرقدنا صدقوا الرسل لما عاينوا ما أخبروهم به ، ثم قالوا : هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون فكذبنا به ، أقروا حين لم ينفعهم الإقرار . وكان حفص يقف على من مرقدنا ثم يبتدئ فيقول : هذا . قال أبو بكر بن الأنباري : من بعثنا من مرقدنا وقف حسن ، ثم تبتدئ : ˝ هذا ما وعد الرحمن ˝ ويجوز أن تقف على ˝ مرقدنا هذا ˝ فتخفض هذا على الإتباع للمرقد ، وتبتدئ : ˝ ما وعد الرحمن ˝ على معنى : بعثكم ما وعد الرحمن ، أي : بعثكم وعد الرحمن . النحاس : التمام على ˝ من مرقدنا ˝ و ˝ هذا ˝ في موضع رفع بالابتداء وخبره ˝ ما وعد الرحمن ˝ . ويجوز أن يكون في موضع خفض على النعت ل ˝ مرقدنا ˝ فيكون التمام ˝ من مرقدنا هذا ˝ . ˝ ما وعد الرحمن ˝ في موضع رفع من ثلاث جهات . ذكر أبو إسحاق منها اثنتين قال : يكون بإضمار ˝ هذا ˝ ، والجهة الثانية : أن يكون بمعنى حق ما وعد الرحمن بعثكم ، والجهة الثالثة : أن يكون بمعنى : بعثكم ما وعد الرحمن. ❝
❞ الحدود التعذيرية
بقلم د محمد.عمر
أيها الإخوة الأحباب لابد أن تعلموا أن قانون العقوبات الذي وضعه رب العزة تبارك وتعالي ضمن التشريعات السماوية المحكمة ما ترك شيئا إلا ووضعه في نصابه وفق مراد الله الخالق
قال تعالي ( مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ). (الأنعام: 38
هذا القانون الذي يعنون بباب الحدود في كتب الشريعة الإسلامية إنما جاء رادعا للناس حتي ينعم المجتمع بأكمله بنعمة الأمن والأمان ضد الجرائم المجتمعية .
فجاءت عقوبة محددة لكل جريمة ترتكب داخل المجتمع الإسلامي.
فجاءت عقوبة القصاص للقتل العمد
وجاءت الدية يدفعها القاتل مع عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين والعفو من قبل أهل القتيل في حال القتل الخطأ
وجاء جلد مائة جلدة والحبس لمدة عام في حال الزاني الغير محصن
وجاء الرجم حتي الموت في حال الزاني المحصن
والجلد ثمانين جلدة في حال شرب الخمر وفي حال قذف المحصنات وجاء قطع اليد للسارق والسارقة كما جاء القتل للمرتد وكذلك الساحر يقتل حدا كما وضع حدا مغلظا في حال الحرابة والإفساد في الأرض
قال تعالي ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33
وجميع هذه الحدود لا تقام إلا بأمر القاضي نيابة عن أولياء الأمور فإن أقاموها فقد أقاموا حكم الله في الخلق وإن قصروا فيها أو عطلوها فمردهم إلي ربهم فهو أعلم بحالهم من الجهل بالأحكام أو العجز عن الإتيان بها وهو الذي يعذرهم أو يجازيهم علي قدر ما أقاموا أو فرطوا.
ولابد أن يعلم أن هذه الحدود ليست مطلقة إنما لابد أن تقام بقرائن واضحة فإن لم تثبت القرائن إنما تقرن هذه الحدود بالشبهات
فماذا عمن أتي جرم دون الحد هل تركت الشريعة الإسلامية مثل هذه الجرائم دون عقوبات ؟ كلا والله فإن شرع الله محكم قال تعالي ( وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ
مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50
علي سبيل المثال فإن حد الزنا لا يطبق إلا بوقع الزنا كاملا وبشهادة أربعة شهود عدول رأوا بأم أعينهم أو بالإقرار أو بالإتيان بأثر الزنا وهو الحمل
فماذا عمن أتي بما دون الزنا كمن عاكس امرأة أو ماذا عمن ضرب أو أصاب رجل إصابات دون القتل أو ماذا عمن نشر صور للتشهير بامرأة أو أتي أيا من المخالفات التي لا تصل إلي الحد ؟
في هذه الحالة وجب علي ولي الأمر أو القاضي الذي ينوب عنه أن يأتي أيا من الحدود التعذيرية وهي أحكام لكل جريمة لا تصل إلي الحد كأن يوضع عليه غرامة مالية أو يجلد ما دون الحد أو يحبس ما دون الحد أو يسحب ترخيص أو يوقع عليه جزاء علي قدر تقدير القاضي كما يوقع القاضي غرامة مالية لتجاوز السرعة أو السير في الطريق المعاكس أو يقوم بسحب الرخصة لفترة معينة أو يقوم بتوقيع جزاء علي موظف من جراء الإهمال في عمله أو تأخير ترقيته أو خصم من راتبه وهذا الأمر يترك لرؤية القاضي
لكن لابد من التأكيد علي أن الحدود التعذيرية لايجب أن تزيد عن الحد نفسه
فمثلا من عاكس فتاة أو قبلها فعلي القاضي أن يعاقبه بالحد التعذيري وهو ما دون حد الزنا فإن كان الزاني الغير محصن يجلد ١٠٠ ويسجن عام فعلي القاضي أن يجلده ما دون المائة وإن أراد حبسه فلا ينبغي أن يزيد عن مدة العام وهي الحد الشرعي في حال الزنا
كذلك في حال السب أو القذف أو اللمز أو ما يقال عنه التنمر يمكن في هذه الحالة تأديب المتنمر علي حد قولهم بأي عقوبة شريطة أن لا تتجاوز الحد الشرعي
هدانا الله وإياكم إلي الحق المبين. ❝ ⏤محمد عمر عبد العزيز محمد
❞ الحدود التعذيرية
بقلم د محمد.عمر
أيها الإخوة الأحباب لابد أن تعلموا أن قانون العقوبات الذي وضعه رب العزة تبارك وتعالي ضمن التشريعات السماوية المحكمة ما ترك شيئا إلا ووضعه في نصابه وفق مراد الله الخالق
قال تعالي ( مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ). (الأنعام: 38
هذا القانون الذي يعنون بباب الحدود في كتب الشريعة الإسلامية إنما جاء رادعا للناس حتي ينعم المجتمع بأكمله بنعمة الأمن والأمان ضد الجرائم المجتمعية .
فجاءت عقوبة محددة لكل جريمة ترتكب داخل المجتمع الإسلامي.
فجاءت عقوبة القصاص للقتل العمد
وجاءت الدية يدفعها القاتل مع عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين والعفو من قبل أهل القتيل في حال القتل الخطأ
وجاء جلد مائة جلدة والحبس لمدة عام في حال الزاني الغير محصن
وجاء الرجم حتي الموت في حال الزاني المحصن
والجلد ثمانين جلدة في حال شرب الخمر وفي حال قذف المحصنات وجاء قطع اليد للسارق والسارقة كما جاء القتل للمرتد وكذلك الساحر يقتل حدا كما وضع حدا مغلظا في حال الحرابة والإفساد في الأرض
قال تعالي ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33
وجميع هذه الحدود لا تقام إلا بأمر القاضي نيابة عن أولياء الأمور فإن أقاموها فقد أقاموا حكم الله في الخلق وإن قصروا فيها أو عطلوها فمردهم إلي ربهم فهو أعلم بحالهم من الجهل بالأحكام أو العجز عن الإتيان بها وهو الذي يعذرهم أو يجازيهم علي قدر ما أقاموا أو فرطوا.
ولابد أن يعلم أن هذه الحدود ليست مطلقة إنما لابد أن تقام بقرائن واضحة فإن لم تثبت القرائن إنما تقرن هذه الحدود بالشبهات
فماذا عمن أتي جرم دون الحد هل تركت الشريعة الإسلامية مثل هذه الجرائم دون عقوبات ؟ كلا والله فإن شرع الله محكم قال تعالي ( وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ
مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50
علي سبيل المثال فإن حد الزنا لا يطبق إلا بوقع الزنا كاملا وبشهادة أربعة شهود عدول رأوا بأم أعينهم أو بالإقرار أو بالإتيان بأثر الزنا وهو الحمل
فماذا عمن أتي بما دون الزنا كمن عاكس امرأة أو ماذا عمن ضرب أو أصاب رجل إصابات دون القتل أو ماذا عمن نشر صور للتشهير بامرأة أو أتي أيا من المخالفات التي لا تصل إلي الحد ؟
في هذه الحالة وجب علي ولي الأمر أو القاضي الذي ينوب عنه أن يأتي أيا من الحدود التعذيرية وهي أحكام لكل جريمة لا تصل إلي الحد كأن يوضع عليه غرامة مالية أو يجلد ما دون الحد أو يحبس ما دون الحد أو يسحب ترخيص أو يوقع عليه جزاء علي قدر تقدير القاضي كما يوقع القاضي غرامة مالية لتجاوز السرعة أو السير في الطريق المعاكس أو يقوم بسحب الرخصة لفترة معينة أو يقوم بتوقيع جزاء علي موظف من جراء الإهمال في عمله أو تأخير ترقيته أو خصم من راتبه وهذا الأمر يترك لرؤية القاضي
لكن لابد من التأكيد علي أن الحدود التعذيرية لايجب أن تزيد عن الحد نفسه
فمثلا من عاكس فتاة أو قبلها فعلي القاضي أن يعاقبه بالحد التعذيري وهو ما دون حد الزنا فإن كان الزاني الغير محصن يجلد ١٠٠ ويسجن عام فعلي القاضي أن يجلده ما دون المائة وإن أراد حبسه فلا ينبغي أن يزيد عن مدة العام وهي الحد الشرعي في حال الزنا
كذلك في حال السب أو القذف أو اللمز أو ما يقال عنه التنمر يمكن في هذه الحالة تأديب المتنمر علي حد قولهم بأي عقوبة شريطة أن لا تتجاوز الحد الشرعي
هدانا الله وإياكم إلي الحق المبين. ❝
❞ إنّ أخطرَ ما يشلُّ روحَ الإنسانِ وإرادَتهِ هو الإقرارُ بالعجزِ قبلَ بدءِ المسيرةِ، ولو أقرَّ به كثيرون قبلَ البدايةِ لَمَا أصبَحوا عُظماءَ، ولَمَا حفروا أسماءَهم في سِجِلِّ التَّاريخِ، ولَمَا أضافوا ما أضافوه إلىٰ الحياةِ..
لكن نسيَ الكثيرونَ أنَّنا مُتعبّدونَ في هذه الحياةِ الدُّنيا بالمحاولةِ والمجاهدةِ، وأنَّ عثراتِكَ في الطَّريقِ إلىٰ غايتِك هي مِن الطَّريقِ، وأنّ اللّٰهَ -تعالىٰ- يُحبُّ منكَ إصرارَ المُتعثِّرِ، وحرصَ المُخطِئ، ويُثيبُ العبدَ علىٰ ذلك..
وغايةُ اللّٰهِ من خلقهِ هي أن نبذُلَ جهدَنا في الاتجاهِ الصَّحيحِ، ثمَّ لا يُحاسبنا اللّٰهُ علىٰ المسافةِ التَّي نقطعُها، إنَّما يحاسبُنا علىٰ صِدقِ الطَّلبِ واتصالِ السَّيرِ.
ومن الأهميّةِ بمكانٍ أن تُركِّزَ علىٰ رحلتِكَ وما أوتيتَ من أدواتٍ، وتدع عنك المقارنَة برحلاتِ غيرك وأدواتِهم، فمن سعىٰ لتحصيلِ كلَّ شيءٍ والتَّفوُّقِ في كلِّ أمرٍ، سينتهي به الأمرُ غيرَ مُتمكِّنٍ مِن أي واحدٍ علىٰ الحقيقةِ، وواحدٌ مسدّدٌ في وجهتِه خيرٌ من ألفٍ مشتَّتين.. ❝ ⏤
❞ إنّ أخطرَ ما يشلُّ روحَ الإنسانِ وإرادَتهِ هو الإقرارُ بالعجزِ قبلَ بدءِ المسيرةِ، ولو أقرَّ به كثيرون قبلَ البدايةِ لَمَا أصبَحوا عُظماءَ، ولَمَا حفروا أسماءَهم في سِجِلِّ التَّاريخِ، ولَمَا أضافوا ما أضافوه إلىٰ الحياةِ.
لكن نسيَ الكثيرونَ أنَّنا مُتعبّدونَ في هذه الحياةِ الدُّنيا بالمحاولةِ والمجاهدةِ، وأنَّ عثراتِكَ في الطَّريقِ إلىٰ غايتِك هي مِن الطَّريقِ، وأنّ اللّٰهَ -تعالىٰ- يُحبُّ منكَ إصرارَ المُتعثِّرِ، وحرصَ المُخطِئ، ويُثيبُ العبدَ علىٰ ذلك.
وغايةُ اللّٰهِ من خلقهِ هي أن نبذُلَ جهدَنا في الاتجاهِ الصَّحيحِ، ثمَّ لا يُحاسبنا اللّٰهُ علىٰ المسافةِ التَّي نقطعُها، إنَّما يحاسبُنا علىٰ صِدقِ الطَّلبِ واتصالِ السَّيرِ.
ومن الأهميّةِ بمكانٍ أن تُركِّزَ علىٰ رحلتِكَ وما أوتيتَ من أدواتٍ، وتدع عنك المقارنَة برحلاتِ غيرك وأدواتِهم، فمن سعىٰ لتحصيلِ كلَّ شيءٍ والتَّفوُّقِ في كلِّ أمرٍ، سينتهي به الأمرُ غيرَ مُتمكِّنٍ مِن أي واحدٍ علىٰ الحقيقةِ، وواحدٌ مسدّدٌ في وجهتِه خيرٌ من ألفٍ مشتَّتين. ❝
❞ تتمة حادثة الإِفك ...
ولما جاء الوحي ببراءة عائشة رضي الله عنها ، أمرَ رسولُ الله ﷺ بمن صرّح بالإفك ، فَحُدُّوا ثمانين ثمانين ، ولم يُحد الخبيث عبد الله بن أبي ، مع أنه رأس أهل الإفك ، فقيل: لأن الحدود تخفيفٌ عن أهلها وكفارة والخبيثُ ليس أهلاً لذلك ، وقد وَعَدَهُ الله بالعذاب العظيم في الآخرة ، فيكفيه ذلك عن الحد ، وقيل : بل كان يستوشي الحديث ويجمعه ويحكيه ويُخرجه في قوالب من لا يُنسب إليه ، وقيل : الحد لا يثبتُ إِلَّا بالإقرار أو ببينة ، وهو لم يُقر بالقذف ، ولا شهد به عليه أحد ، فإنه إنما كان يذكره بین أصحابه ، ولم يشهدوا عليه ، ولم يذكره بين المؤمنين ، وقيل : حد القذف حقُّ الآدمي ، لا يُستوفى إلا بمطالبته ، وإن قيل : إنه حق الله ، فلا بُدَّ مِن مطالبة المقذوف ، وعائشة لم تُطالب به ابن أبي ، وقيل : بل ترك حده لمصلحة هي أعظم من إقامته ، كما ترك قتله مع ظهور نفاقه ، وتكلمه بما يوجب قتله مراراً ، وهي تأليف قومه وعدم تنفيرهم عن الإسلام ، فإنه كان مطاعاً فيهم ، رئيساً عليهم ، فلم تؤمن إثارة الفتنة فى حده ، ولعله تُرك لهذه الوجوه كُلِّهَا ، فجلدَ مِسْطَحَ بن أثاثة ، وحسان بن ثابت ، وحَمْنَةً بنتَ جَحْشٍ ، وهؤلاء من المؤمنين الصادقين تطهيراً لهم وتكفيراً وتُرك عبد الله بن أبي إذاً ، فليس هو من أهل ذاك. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ تتمة حادثة الإِفك ..
ولما جاء الوحي ببراءة عائشة رضي الله عنها ، أمرَ رسولُ الله ﷺ بمن صرّح بالإفك ، فَحُدُّوا ثمانين ثمانين ، ولم يُحد الخبيث عبد الله بن أبي ، مع أنه رأس أهل الإفك ، فقيل: لأن الحدود تخفيفٌ عن أهلها وكفارة والخبيثُ ليس أهلاً لذلك ، وقد وَعَدَهُ الله بالعذاب العظيم في الآخرة ، فيكفيه ذلك عن الحد ، وقيل : بل كان يستوشي الحديث ويجمعه ويحكيه ويُخرجه في قوالب من لا يُنسب إليه ، وقيل : الحد لا يثبتُ إِلَّا بالإقرار أو ببينة ، وهو لم يُقر بالقذف ، ولا شهد به عليه أحد ، فإنه إنما كان يذكره بین أصحابه ، ولم يشهدوا عليه ، ولم يذكره بين المؤمنين ، وقيل : حد القذف حقُّ الآدمي ، لا يُستوفى إلا بمطالبته ، وإن قيل : إنه حق الله ، فلا بُدَّ مِن مطالبة المقذوف ، وعائشة لم تُطالب به ابن أبي ، وقيل : بل ترك حده لمصلحة هي أعظم من إقامته ، كما ترك قتله مع ظهور نفاقه ، وتكلمه بما يوجب قتله مراراً ، وهي تأليف قومه وعدم تنفيرهم عن الإسلام ، فإنه كان مطاعاً فيهم ، رئيساً عليهم ، فلم تؤمن إثارة الفتنة فى حده ، ولعله تُرك لهذه الوجوه كُلِّهَا ، فجلدَ مِسْطَحَ بن أثاثة ، وحسان بن ثابت ، وحَمْنَةً بنتَ جَحْشٍ ، وهؤلاء من المؤمنين الصادقين تطهيراً لهم وتكفيراً وتُرك عبد الله بن أبي إذاً ، فليس هو من أهل ذاك. ❝