❞ امرأةٌ من نوعٍ آخر!
أنتِ أيضاً صحابيَّة،
تُحبين أن تُرافقي نبيَّكِ وحبيبكِ ﷺ في أسفاره،
تعرفين أن السَّفر معه مُتعة،
رؤية وجهه تُنسيكِ عناء الطريق،
وحُلو حديثه يُبدّد مشقّة الدَّرب!
وها أنتِ الآن معه في سفرٍ،
وقد نزلَ ﷺ في ضيافة أعرابيٍّ فأكرمه وأحسن ضيافته،
ولأنَّ نبيُّكِ وحبيبُكِ ﷺ لا ينس معروفاً أُسديَ إليه،
قال ﷺ للأعرابي: يا أعرابيُّ ائتنا!
بأبي هو وأمي يريدُ أن يردَّ معروف الأعرابي،
وبالفعل لم تطلْ المُدّة بالأعرابي حتى جاء،
فقال له النبيُّ ﷺ: يا أعرابي سلني حاجتكَ!
فقال: ناقة نركبها، وأعنزٌ يحلبها أهلي!
ولأنه نبيُّ ﷺ يُحِبُّ معالي الأمور
قال للأعرابي كالمُعاتب: أعجزتَ أن تكون مثل عجوز بني إسرائيل؟!
لا شكَّ أن الفضول يتملككِ الآن!
وتريدين أن تعرفي ما شأن عجوز بني إسرائيل؟
وهذا هو حال الصحابة أيضاً!
إنهم يسارعون بالسؤال: وما عجوز بني إسرائيل يا رسول الله؟
فأخبرهم أن يوسف عليه السلام كان قد أوصى قومه،
إذا خرجوا من مصر أن يحملوه معهم ليُدفن في فلسطين،
ومضت الأعوام، سنة وراء سنة، وقرن وراء قرن!
وأعلمَ موسى عليه السَّلام بني إسرائيل،
أنَّ وقت الخروج من مصر قد حان!
فأخبروه بوصية أخيه يوسف التي توارثوها جيلاً بعد جيل،
فسألهم عن قبر يوسف ليأخذ جثمانه وينفذ وصيته،
ولكن المفاجأة كانت أنه لا أحد يعرف مكان القبر!
إلا عجوزاً من بني إسرائيل عرفت هذا من أجدادها،
فطلب منها موسى عليه السلام أن تدله على مكان القبر،
فرفضتْ أن تخبره حتى يعطيها وعداً،
أن تكون رفيقته في الجنة!
فرفضَ موسى عليه السَّلام هذا الشرط،
لأنه لا يملك أن يُدخل الناس الجنة!
فأوحى الله تعالى إليه أن أعطِها ما طلبتْ!
فدلتهم على مستنقعٍ، وقالت:
جففوا الماء هذا، فإنَّ تحته قبر يوسف عليه السلام،
وهكذا كان!
يا صحابيّة،
إذا أسدى إليكِ أحدٌ معروفاً فلا تنسيه،
وابقي متحينة الفرصة لترديه،
هكذا كان دأبُ نبيُّكِ وحبيبُكِ ﷺ دوماً!
ضيافة عابرة من أعرابي لم يتركها واحدة عليه،
طلب من الأعرابي أن يأتيه ليكرمه،
احفظي للناس معروفهم وانتظري دورة الأيام،
فإذا حان دوركِ فكوني على الموعد!
وحتى إذا لم تُسعفكِ اللحظة أن تردي المعروف،
فكوني أرقى من أن تنكريه!
ناكر المعروف لا يحترمه أحد!
عندما رُجم النبيُّ ﷺ في الطائف،
وأراد العودة إلى مكة،
وجد أن زعماءها قرروا أن يمنعوه من دخولها،
فطلبَ من المطعم بن عديٍّ أن يجيره،
وكان المطعم بن عدي رجلاً شهماً رغم شركه وكفره،
فأجار النبيَّ ﷺ،
وأدخله إلى مكة تحت حمايته ورعايته،
وماتَ المطعم بن عديٍّ قبل أن يردَّ له النبيُّ ﷺ معروفه!
ولكنه بعد معركة بدر نظر في أسرى قريش،
وقال: لو أن المطعم بن عديٍّ كلمني في هؤلاء النتنى،
لأطلقتهم له!
انظري للوفاء يا صحابيَّة،
قوم جاؤوا لقتاله ولو اُتيحت لهم الفرصة لقتله لفعلوا،
ولكنه على استعداد أن يُطلق سراحهم!
لو طلب منه ذلك الرجل الذي أسدى إليه معروفاً!
يا صحابيّة،
الرَّبُ الذي كان يوحي إلى موسى عليه السَّلام،
كان قادراً أن يدله على مكان قبر يوسف عليه السَّلام،
ويوفر عليه عناء المفاوضات مع امرأة عجوز،
ولكن الرَّبَّ الرَّحيم الذي يُجازي على النوايا الحسنة،
علِمَ تعلّقَ هذه المرأة به وشوقها إلى الجنّة،
فلم يكشف لرسوله ما تعرفه هذه المرأة،
وإنما تركَ علمها مخفياً عن رسوله ليعطيها الجنّة!
ضعي الله في نيَّتكِ وقصدكِ،
اصدقي في طلب رضوانه وجنته،
وسيعطيكِ هذا على أيسر الطرق وأهون الأسباب!
الصدق مع الله فقط هو السر،
ولا أحد أكرم من الله يا صحابيَّة!
جاء أعرابيُّ لا يعرفه من الصحابة أحد،
فبايع النبيَّ ﷺ على الجهاد والهجرة،
وخرجَ معه في قتالٍ منَّ الله تعالى فيه بالنصر على المسلمين،
وقسم النبيُّ ﷺ الغنائم بين أصحابه،
وكان الأعرابي غائباً فتركَ له النبيُّ ﷺ نصيبه،
فلما جاء قيل له: ترك لكَ النبيُّ ﷺ هذا!
فأخذ الغنائم وذهبَ إلى النبي ﷺ وقال له:
ما هذا يا رسول الله؟
فقال له: قسمته لكَ!
فقال: يا رسول الله، ما على هذا بايعتُكَ!
ولكني بايعتُكَ على أن أُرمي بسهمٍ ها هنا
يخرج من ها هنا فأدخل الجنة وأشار إلى رقبته!
فقال له النبيُّ ﷺ: إن تصدق الله يصدقك!
ثم كانتْ غزوة أخرى خرج هذا الأعرابي فيها ،
فجيء به شهيداً والسَّهم مغروز في رقبته حيث أشار،
فقال النبيُّ ﷺ: أهو هو؟
فقالوا: نعم يا رسول الله!
فقال: صدقَ اللهَ، فصدقه اللهُ!
يا صحابيّة،
كوني طموحة واغتنمي الفُرص!
ولا تكوني كالأعرابي الذي سنحتْ له فرصة ذهبيّة،
بإمكانه أن يستغلها أحسن استغلال،
فطلبَ شيئاً زائلاً من دنيا زائلة!
صحيح أن اللهَ يُحِبُّ أن يُسأل،
وقد أوحى إلى موسى عليه السلام فقال:
يا موسى سلني علفَ دابتكَ، وملح عجينتك، وشِراك نعلك
ولكن الفكرة أن تُعلقي قلبكِ بالجنَّة!
كل ما حال بينكِ وبينها فاتركيه!
وكل ما أبعدكِ عنها فدعيه غير مأسوفٍ عليه!
ومن الله العوض!
يا صحابيّة،
اسألي عما لا تعرفينه،
لا عيب في هذا أبداً !
العيب أن يعتبر الإنسان نفسه علاَّمة زمانه،
فهذا موسى عليه السلام كليم الله،
يسأل عن مكان قبر يوسف عليه السلام لأنه لا يعرف مكانه،
لم يولد أحدٌ متعلماً!
ولكنا نجهل أشياء كثيرة،
فاعبدي الله على بينة،
اسألي عن أمور دينك لتعبدي الله عن علم!
اقرئي، وتثقفي، وازدادي علماً ومعرفة،
المعرفة قوة!. ❝ ⏤أدهم شرقاوي
❞ امرأةٌ من نوعٍ آخر!
أنتِ أيضاً صحابيَّة،
تُحبين أن تُرافقي نبيَّكِ وحبيبكِ ﷺ في أسفاره،
تعرفين أن السَّفر معه مُتعة،
رؤية وجهه تُنسيكِ عناء الطريق،
وحُلو حديثه يُبدّد مشقّة الدَّرب!
وها أنتِ الآن معه في سفرٍ،
وقد نزلَ ﷺ في ضيافة أعرابيٍّ فأكرمه وأحسن ضيافته،
ولأنَّ نبيُّكِ وحبيبُكِ ﷺ لا ينس معروفاً أُسديَ إليه،
قال ﷺ للأعرابي: يا أعرابيُّ ائتنا!
بأبي هو وأمي يريدُ أن يردَّ معروف الأعرابي،
وبالفعل لم تطلْ المُدّة بالأعرابي حتى جاء،
فقال له النبيُّ ﷺ: يا أعرابي سلني حاجتكَ!
فقال: ناقة نركبها، وأعنزٌ يحلبها أهلي!
ولأنه نبيُّ ﷺ يُحِبُّ معالي الأمور
قال للأعرابي كالمُعاتب: أعجزتَ أن تكون مثل عجوز بني إسرائيل؟!
لا شكَّ أن الفضول يتملككِ الآن!
وتريدين أن تعرفي ما شأن عجوز بني إسرائيل؟
وهذا هو حال الصحابة أيضاً!
إنهم يسارعون بالسؤال: وما عجوز بني إسرائيل يا رسول الله؟
فأخبرهم أن يوسف عليه السلام كان قد أوصى قومه،
إذا خرجوا من مصر أن يحملوه معهم ليُدفن في فلسطين،
ومضت الأعوام، سنة وراء سنة، وقرن وراء قرن!
وأعلمَ موسى عليه السَّلام بني إسرائيل،
أنَّ وقت الخروج من مصر قد حان!
فأخبروه بوصية أخيه يوسف التي توارثوها جيلاً بعد جيل،
فسألهم عن قبر يوسف ليأخذ جثمانه وينفذ وصيته،
ولكن المفاجأة كانت أنه لا أحد يعرف مكان القبر!
إلا عجوزاً من بني إسرائيل عرفت هذا من أجدادها،
فطلب منها موسى عليه السلام أن تدله على مكان القبر،
فرفضتْ أن تخبره حتى يعطيها وعداً،
أن تكون رفيقته في الجنة!
فرفضَ موسى عليه السَّلام هذا الشرط،
لأنه لا يملك أن يُدخل الناس الجنة!
فأوحى الله تعالى إليه أن أعطِها ما طلبتْ!
فدلتهم على مستنقعٍ، وقالت:
جففوا الماء هذا، فإنَّ تحته قبر يوسف عليه السلام،
وهكذا كان!
يا صحابيّة،
إذا أسدى إليكِ أحدٌ معروفاً فلا تنسيه،
وابقي متحينة الفرصة لترديه،
هكذا كان دأبُ نبيُّكِ وحبيبُكِ ﷺ دوماً!
ضيافة عابرة من أعرابي لم يتركها واحدة عليه،
طلب من الأعرابي أن يأتيه ليكرمه،
احفظي للناس معروفهم وانتظري دورة الأيام،
فإذا حان دوركِ فكوني على الموعد!
وحتى إذا لم تُسعفكِ اللحظة أن تردي المعروف،
فكوني أرقى من أن تنكريه!
ناكر المعروف لا يحترمه أحد!
عندما رُجم النبيُّ ﷺ في الطائف،
وأراد العودة إلى مكة،
وجد أن زعماءها قرروا أن يمنعوه من دخولها،
فطلبَ من المطعم بن عديٍّ أن يجيره،
وكان المطعم بن عدي رجلاً شهماً رغم شركه وكفره،
فأجار النبيَّ ﷺ،
وأدخله إلى مكة تحت حمايته ورعايته،
وماتَ المطعم بن عديٍّ قبل أن يردَّ له النبيُّ ﷺ معروفه!
ولكنه بعد معركة بدر نظر في أسرى قريش،
وقال: لو أن المطعم بن عديٍّ كلمني في هؤلاء النتنى،
لأطلقتهم له!
انظري للوفاء يا صحابيَّة،
قوم جاؤوا لقتاله ولو اُتيحت لهم الفرصة لقتله لفعلوا،
ولكنه على استعداد أن يُطلق سراحهم!
لو طلب منه ذلك الرجل الذي أسدى إليه معروفاً!
يا صحابيّة،
الرَّبُ الذي كان يوحي إلى موسى عليه السَّلام،
كان قادراً أن يدله على مكان قبر يوسف عليه السَّلام،
ويوفر عليه عناء المفاوضات مع امرأة عجوز،
ولكن الرَّبَّ الرَّحيم الذي يُجازي على النوايا الحسنة،
علِمَ تعلّقَ هذه المرأة به وشوقها إلى الجنّة،
فلم يكشف لرسوله ما تعرفه هذه المرأة،
وإنما تركَ علمها مخفياً عن رسوله ليعطيها الجنّة!
ضعي الله في نيَّتكِ وقصدكِ،
اصدقي في طلب رضوانه وجنته،
وسيعطيكِ هذا على أيسر الطرق وأهون الأسباب!
الصدق مع الله فقط هو السر،
ولا أحد أكرم من الله يا صحابيَّة!
جاء أعرابيُّ لا يعرفه من الصحابة أحد،
فبايع النبيَّ ﷺ على الجهاد والهجرة،
وخرجَ معه في قتالٍ منَّ الله تعالى فيه بالنصر على المسلمين،
وقسم النبيُّ ﷺ الغنائم بين أصحابه،
وكان الأعرابي غائباً فتركَ له النبيُّ ﷺ نصيبه،
فلما جاء قيل له: ترك لكَ النبيُّ ﷺ هذا!
فأخذ الغنائم وذهبَ إلى النبي ﷺ وقال له:
ما هذا يا رسول الله؟
فقال له: قسمته لكَ!
فقال: يا رسول الله، ما على هذا بايعتُكَ!
ولكني بايعتُكَ على أن أُرمي بسهمٍ ها هنا
يخرج من ها هنا فأدخل الجنة وأشار إلى رقبته!
فقال له النبيُّ ﷺ: إن تصدق الله يصدقك!
ثم كانتْ غزوة أخرى خرج هذا الأعرابي فيها ،
فجيء به شهيداً والسَّهم مغروز في رقبته حيث أشار،
فقال النبيُّ ﷺ: أهو هو؟
فقالوا: نعم يا رسول الله!
فقال: صدقَ اللهَ، فصدقه اللهُ!
يا صحابيّة،
كوني طموحة واغتنمي الفُرص!
ولا تكوني كالأعرابي الذي سنحتْ له فرصة ذهبيّة،
بإمكانه أن يستغلها أحسن استغلال،
فطلبَ شيئاً زائلاً من دنيا زائلة!
صحيح أن اللهَ يُحِبُّ أن يُسأل،
وقد أوحى إلى موسى عليه السلام فقال:
يا موسى سلني علفَ دابتكَ، وملح عجينتك، وشِراك نعلك
ولكن الفكرة أن تُعلقي قلبكِ بالجنَّة!
كل ما حال بينكِ وبينها فاتركيه!
وكل ما أبعدكِ عنها فدعيه غير مأسوفٍ عليه!
ومن الله العوض!
يا صحابيّة،
اسألي عما لا تعرفينه،
لا عيب في هذا أبداً !
العيب أن يعتبر الإنسان نفسه علاَّمة زمانه،
فهذا موسى عليه السلام كليم الله،
يسأل عن مكان قبر يوسف عليه السلام لأنه لا يعرف مكانه،
لم يولد أحدٌ متعلماً!
ولكنا نجهل أشياء كثيرة،
فاعبدي الله على بينة،
اسألي عن أمور دينك لتعبدي الله عن علم!
اقرئي، وتثقفي، وازدادي علماً ومعرفة،
المعرفة قوة!. ❝
❞ واقفٌ تحت الشبابيك العتيقة
من يدي يهرب دُوريُّ وأزهار حديقة
اسأليني : كم من العمر مضى حتى تلاقى
كلُّ هذا اللون والموت , تلاقى بدقيقه ؟
وأنا أجتازُ سرداباً من النسيان. ❝ ⏤محمود درويش
❞ واقفٌ تحت الشبابيك العتيقة
من يدي يهرب دُوريُّ وأزهار حديقة
اسأليني : كم من العمر مضى حتى تلاقى
كلُّ هذا اللون والموت , تلاقى بدقيقه ؟
وأنا أجتازُ سرداباً من النسيان. ❝
❞ وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ۚ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21)
قوله تعالى : وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
قوله تعالى : وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه قيل : الاشتراء هنا بمعنى الاستبدال ; إذ لم يكن ذلك عقدا ، مثل : أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى . وقيل : إنهم ظنوه في ظاهر الحال اشتراء ، فجرى هذا اللفظ على ظاهر الظن . قال الضحاك : هذا الذي اشتراه ملك مصر ، ولقبه العزيز . السهيلي : واسمه قطفير . وقال ابن إسحاق : إطفير بن رويحب اشتراه لامرأته راعيل ; ذكره الماوردي . وقيل : كان اسمها زليخاء . وكان الله ألقى محبة يوسف على قلب العزيز ، فأوصى به أهله ; ذكره القشيري . وقد ذكر القولين في اسمها الثعلبي وغيره . وقال ابن عباس : إنما اشتراه قطفير وزير ملك مصر ، وهو الريان بن الوليد . وقيل : الوليد بن الريان ، وهو رجل من العمالقة . وقيل : هو فرعون موسى ; لقول موسى : ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات وأنه عاش أربعمائة سنة . وقيل : فرعون موسى من أولاد فرعون يوسف ، على ما يأتي في [ غافر ] بيانه . وكان هذا العزيز الذي اشترى يوسف على خزائن الملك ; واشترى يوسف من مالك بن دعر بعشرين دينارا ، وزاده حلة ونعلين . وقيل : اشتراه من أهل الرفقة . وقيل : تزايدوا في ثمنه فبلغ أضعاف وزنه مسكا وعنبرا وحريرا وورقا وذهبا ولآلئ وجواهر لا يعلم قيمتها إلا الله ; فابتاعه قطفير من مالك بهذا الثمن ; قاله وهب بن منبه . وقال وهب أيضا وغيره : ولما اشترى مالك بن دعر يوسف من إخوته كتب بينهم وبينه كتابا : هذا ما اشترى مالك بن دعر من بني يعقوب ، وهم فلان وفلان مملوكا لهم بعشرين درهما ، وقد شرطوا له أنه آبق ، وأنه لا ينقلب به إلا مقيدا مسلسلا ، وأعطاهم على ذلك عهد الله . قال : فودعهم يوسف عند ذلك ، وجعل يقول : حفظكم الله وإن ضيعتموني ، نصركم الله وإن خذلتموني ، رحمكم الله وإن لم ترحموني ; قالوا : فألقت الأغنام ما في بطونها دما عبيطا لشدة هذا التوديع ، وحملوه على قتب بغير غطاء ولا وطاء ، مقيدا مكبلا مسلسلا ، فمر على مقبرة آل كنعان فرأى قبر أمه - وقد كان وكل به أسود يحرسه فغفل الأسود - فألقى يوسف نفسه على قبر أمه فجعل يتمرغ ويعتنق القبر ويضطرب ويقول : يا أماه ! ارفعي رأسك تري ولدك مكبلا مقيدا مسلسلا مغلولا ; فرقوا بيني وبين والدي ، فاسألي الله أن يجمع بيننا في مستقر رحمته إنه أرحم الراحمين ، فتفقده الأسود على البعير فلم يره ، فقفا أثره ، فإذا هو بياض على قبر ، فتأمله فإذا هو إياه ، فركضه برجله في التراب ومرغه وضربه ضربا وجيعا ; فقال له : لا تفعل ! والله ما هربت ولا أبقت وإنما مررت بقبر أمي فأحببت أن أودعها ، ولن أرجع إلى ما تكرهون ; فقال الأسود : والله إنك لعبد سوء ، تدعو أباك مرة وأمك أخرى ! فهلا كان هذا عند مواليك ; فرفع يديه إلى السماء وقال : اللهم إن كانت لي عندك خطيئة أخلقت بها وجهي فأسألك بحق آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب أن تغفر لي وترحمني ; فضجت الملائكة في السماء ، ونزل جبريل فقال له : يا يوسف غض صوتك فلقد أبكيت ملائكة السماء أفتريد أن أقلب الأرض فأجعل عاليها سافلها ؟ قال : تثبت يا جبريل ، فإن الله حليم لا يعجل ; فضرب الأرض بجناحه فأظلمت ، وارتفع الغبار ، وكسفت الشمس ، وبقيت القافلة لا يعرف بعضها بعضا ; فقال رئيس القافلة : من أحدث منكم حدثا ؟ - فإني أسافر منذ كيت وكيت ما أصابني قط مثل هذا - فقال الأسود : أنا لطمت ذلك الغلام العبراني فرفع يده إلى السماء وتكلم بكلام لا أعرفه ، ولا أشك أنه دعا علينا ; فقال له : ما أردت إلا هلاكنا ايتنا به ، فأتاه به ، فقال له : يا غلام لقد لطمك فجاءنا ما رأيت ; فإن كنت تقتص فاقتص ممن شئت ، وإن كنت تعفو فهو الظن بك ; قال : قد عفوت رجاء أن يعفو الله عني ; فانجلت الغبرة ، وظهرت الشمس ، وأضاء مشارق الأرض ومغاربها ، وجعل التاجر يزوره بالغداة والعشي ويكرمه ، حتى وصل إلى مصر فاغتسل في نيلها وأذهب الله عنه كآبة السفر ، ورد عليه جماله ، ودخل به البلد نهارا فسطع نوره على الجدران ، وأوقفوه للبيع فاشتراه قطفير وزير الملك ; قاله ابن عباس على ما تقدم .
وقيل : إن هذا الملك لم يمت حتى آمن واتبع يوسف على دينه ، ثم مات الملك ويوسف يومئذ على خزائن الأرض ; فملك بعده قابوس وكان كافرا ، فدعاه يوسف إلى الإسلام فأبى .
أكرمي مثواه أي منزله ومقامه بطيب المطعم واللباس الحسن ; وهو مأخوذ من ثوى بالمكان أي أقام به ; وقد تقدم في [ آل عمران ] وغيره .
عسى أن ينفعنا أي يكفينا بعض المهمات إذا بلغ .
أو نتخذه ولدا قال ابن عباس : كان حصورا لا يولد له ، وكذا قال ابن إسحاق : كان قطفير لا يأتي النساء ولا يولد له . فإن قيل : كيف قال أو نتخذه ولدا وهو ملكه ، والولدية مع العبدية تتناقض ؟ قيل له : يعتقه ثم يتخذه ولدا بالتبني ; وكان التبني في الأمم معلوما عندهم ، وكذلك كان في أول الإسلام ، على ما يأتي بيانه في [ الأحزاب ] إن شاء الله تعالى . وقال عبد الله بن مسعود : أحسن الناس فراسة ثلاثة ; العزيز حين تفرس في يوسف فقال : عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ، وبنت شعيب حين قالت لأبيها في موسى استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ، وأبو بكر حين استخلف عمر . قال ابن العربي : عجبا للمفسرين في اتفاقهم على جلب هذا الخبر ، والفراسة هي علم غريب على ما يأتي بيانه في سورة [ الحجر ] وليس كذلك فيما نقلوه ; لأن الصديق إنما ولى عمر بالتجربة في الأعمال ، والمواظبة على الصحبة وطولها ، والاطلاع على ما شاهد منه من العلم والمنة ، وليس ذلك من طريق الفراسة ; وأما بنت شعيب فكانت معها العلامة البينة على ما يأتي بيانه في [ القصص ] . وأما أمر العزيز فيمكن أن يجعل فراسة ; لأنه لم يكن معه علامة ظاهرة . والله أعلم .
قوله تعالى : وكذلك مكنا ليوسف في الأرض الكاف في موضع نصب ; أي وكما أنقذناه من إخوته ومن الجب فكذلك مكنا له ; أي عطفنا عليه قلب الملك الذي اشتراه حتى تمكن من الأمر والنهي في البلد الذي الملك مستول عليه .
ولنعلمه من تأويل الأحاديث أي فعلنا ذلك تصديقا لقول يعقوب : ويعلمك من تأويل الأحاديث . وقيل : المعنى مكناه لنوحي إليه بكلام منا ، ونعلمه تأويله . وتفسيره ، وتأويل الرؤيا ، وتم الكلام .
والله غالب على أمره الهاء راجعة إلى الله تعالى ; أي لا يغلب الله شيء ، بل هو الغالب على أمر نفسه فيما يريده أن يقول له : كن فيكون . وقيل : ترجع إلى يوسف ; أي الله غالب على أمر يوسف يدبره ويحوطه ولا يكله إلى غيره ، حتى لا يصل إليه كيد كائد .
ولكن أكثر الناس لا يعلمون أي لا يطلعون على غيبه . وقيل : المراد بالأكثر الجميع ; لأن أحدا لا يعلم الغيب . وقيل : هو مجرى على ظاهره ; إذ قد يطلع من يريد على بعض غيبه . وقيل : المعنى ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن الله غالب على أمره ، وهم المشركون ومن لا يؤمن بالقدر .
وقالت الحكماء في هذه الآية : والله غالب على أمره حيث أمره يعقوب ألا يقص رؤياه على إخوته فغلب أمر الله حتى قص ، ثم أراد إخوته قتله فغلب أمر الله حتى صار ملكا وسجدوا بين يديه ، ثم أراد الإخوة أن يخلو لهم وجه أبيهم فغلب أمر الله حتى ضاق عليهم قلب أبيهم ، وافتكره بعد سبعين سنة أو ثمانين سنة ، فقال : يا أسفا على يوسف ثم تدبروا أن يكونوا من بعده قوما صالحين ، أي تائبين فغلب أمر الله حتى نسوا الذنب وأصروا عليه حتى أقروا بين يدي يوسف في آخر الأمر بعد سبعين سنة ، وقالوا لأبيهم : إنا كنا خاطئين ثم أرادوا أن يخدعوا أباهم بالبكاء والقميص فغلب أمر الله فلم ينخدع ، وقال : بل سولت لكم أنفسكم أمرا ثم احتالوا في أن تزول محبته من قلب أبيهم فغلب أمر الله فازدادت المحبة والشوق في قلبه ، ثم دبرت امرأة العزيز أنها إن ابتدرته بالكلام غلبته ، فغلب أمر الله حتى قال العزيز : استغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين ، ثم دبر يوسف أن يتخلص من السجن بذكر الساقي فغلب أمر الله فنسي الساقي ، ولبث يوسف في السجن بضع سنين .. ❝ ⏤محمد رشيد رضا
❞ وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ۚ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21)
قوله تعالى : وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
قوله تعالى : وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه قيل : الاشتراء هنا بمعنى الاستبدال ; إذ لم يكن ذلك عقدا ، مثل : أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى . وقيل : إنهم ظنوه في ظاهر الحال اشتراء ، فجرى هذا اللفظ على ظاهر الظن . قال الضحاك : هذا الذي اشتراه ملك مصر ، ولقبه العزيز . السهيلي : واسمه قطفير . وقال ابن إسحاق : إطفير بن رويحب اشتراه لامرأته راعيل ; ذكره الماوردي . وقيل : كان اسمها زليخاء . وكان الله ألقى محبة يوسف على قلب العزيز ، فأوصى به أهله ; ذكره القشيري . وقد ذكر القولين في اسمها الثعلبي وغيره . وقال ابن عباس : إنما اشتراه قطفير وزير ملك مصر ، وهو الريان بن الوليد . وقيل : الوليد بن الريان ، وهو رجل من العمالقة . وقيل : هو فرعون موسى ; لقول موسى : ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات وأنه عاش أربعمائة سنة . وقيل : فرعون موسى من أولاد فرعون يوسف ، على ما يأتي في [ غافر ] بيانه . وكان هذا العزيز الذي اشترى يوسف على خزائن الملك ; واشترى يوسف من مالك بن دعر بعشرين دينارا ، وزاده حلة ونعلين . وقيل : اشتراه من أهل الرفقة . وقيل : تزايدوا في ثمنه فبلغ أضعاف وزنه مسكا وعنبرا وحريرا وورقا وذهبا ولآلئ وجواهر لا يعلم قيمتها إلا الله ; فابتاعه قطفير من مالك بهذا الثمن ; قاله وهب بن منبه . وقال وهب أيضا وغيره : ولما اشترى مالك بن دعر يوسف من إخوته كتب بينهم وبينه كتابا : هذا ما اشترى مالك بن دعر من بني يعقوب ، وهم فلان وفلان مملوكا لهم بعشرين درهما ، وقد شرطوا له أنه آبق ، وأنه لا ينقلب به إلا مقيدا مسلسلا ، وأعطاهم على ذلك عهد الله . قال : فودعهم يوسف عند ذلك ، وجعل يقول : حفظكم الله وإن ضيعتموني ، نصركم الله وإن خذلتموني ، رحمكم الله وإن لم ترحموني ; قالوا : فألقت الأغنام ما في بطونها دما عبيطا لشدة هذا التوديع ، وحملوه على قتب بغير غطاء ولا وطاء ، مقيدا مكبلا مسلسلا ، فمر على مقبرة آل كنعان فرأى قبر أمه - وقد كان وكل به أسود يحرسه فغفل الأسود - فألقى يوسف نفسه على قبر أمه فجعل يتمرغ ويعتنق القبر ويضطرب ويقول : يا أماه ! ارفعي رأسك تري ولدك مكبلا مقيدا مسلسلا مغلولا ; فرقوا بيني وبين والدي ، فاسألي الله أن يجمع بيننا في مستقر رحمته إنه أرحم الراحمين ، فتفقده الأسود على البعير فلم يره ، فقفا أثره ، فإذا هو بياض على قبر ، فتأمله فإذا هو إياه ، فركضه برجله في التراب ومرغه وضربه ضربا وجيعا ; فقال له : لا تفعل ! والله ما هربت ولا أبقت وإنما مررت بقبر أمي فأحببت أن أودعها ، ولن أرجع إلى ما تكرهون ; فقال الأسود : والله إنك لعبد سوء ، تدعو أباك مرة وأمك أخرى ! فهلا كان هذا عند مواليك ; فرفع يديه إلى السماء وقال : اللهم إن كانت لي عندك خطيئة أخلقت بها وجهي فأسألك بحق آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب أن تغفر لي وترحمني ; فضجت الملائكة في السماء ، ونزل جبريل فقال له : يا يوسف غض صوتك فلقد أبكيت ملائكة السماء أفتريد أن أقلب الأرض فأجعل عاليها سافلها ؟ قال : تثبت يا جبريل ، فإن الله حليم لا يعجل ; فضرب الأرض بجناحه فأظلمت ، وارتفع الغبار ، وكسفت الشمس ، وبقيت القافلة لا يعرف بعضها بعضا ; فقال رئيس القافلة : من أحدث منكم حدثا ؟ - فإني أسافر منذ كيت وكيت ما أصابني قط مثل هذا - فقال الأسود : أنا لطمت ذلك الغلام العبراني فرفع يده إلى السماء وتكلم بكلام لا أعرفه ، ولا أشك أنه دعا علينا ; فقال له : ما أردت إلا هلاكنا ايتنا به ، فأتاه به ، فقال له : يا غلام لقد لطمك فجاءنا ما رأيت ; فإن كنت تقتص فاقتص ممن شئت ، وإن كنت تعفو فهو الظن بك ; قال : قد عفوت رجاء أن يعفو الله عني ; فانجلت الغبرة ، وظهرت الشمس ، وأضاء مشارق الأرض ومغاربها ، وجعل التاجر يزوره بالغداة والعشي ويكرمه ، حتى وصل إلى مصر فاغتسل في نيلها وأذهب الله عنه كآبة السفر ، ورد عليه جماله ، ودخل به البلد نهارا فسطع نوره على الجدران ، وأوقفوه للبيع فاشتراه قطفير وزير الملك ; قاله ابن عباس على ما تقدم .
وقيل : إن هذا الملك لم يمت حتى آمن واتبع يوسف على دينه ، ثم مات الملك ويوسف يومئذ على خزائن الأرض ; فملك بعده قابوس وكان كافرا ، فدعاه يوسف إلى الإسلام فأبى .
أكرمي مثواه أي منزله ومقامه بطيب المطعم واللباس الحسن ; وهو مأخوذ من ثوى بالمكان أي أقام به ; وقد تقدم في [ آل عمران ] وغيره .
عسى أن ينفعنا أي يكفينا بعض المهمات إذا بلغ .
أو نتخذه ولدا قال ابن عباس : كان حصورا لا يولد له ، وكذا قال ابن إسحاق : كان قطفير لا يأتي النساء ولا يولد له . فإن قيل : كيف قال أو نتخذه ولدا وهو ملكه ، والولدية مع العبدية تتناقض ؟ قيل له : يعتقه ثم يتخذه ولدا بالتبني ; وكان التبني في الأمم معلوما عندهم ، وكذلك كان في أول الإسلام ، على ما يأتي بيانه في [ الأحزاب ] إن شاء الله تعالى . وقال عبد الله بن مسعود : أحسن الناس فراسة ثلاثة ; العزيز حين تفرس في يوسف فقال : عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ، وبنت شعيب حين قالت لأبيها في موسى استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ، وأبو بكر حين استخلف عمر . قال ابن العربي : عجبا للمفسرين في اتفاقهم على جلب هذا الخبر ، والفراسة هي علم غريب على ما يأتي بيانه في سورة [ الحجر ] وليس كذلك فيما نقلوه ; لأن الصديق إنما ولى عمر بالتجربة في الأعمال ، والمواظبة على الصحبة وطولها ، والاطلاع على ما شاهد منه من العلم والمنة ، وليس ذلك من طريق الفراسة ; وأما بنت شعيب فكانت معها العلامة البينة على ما يأتي بيانه في [ القصص ] . وأما أمر العزيز فيمكن أن يجعل فراسة ; لأنه لم يكن معه علامة ظاهرة . والله أعلم .
قوله تعالى : وكذلك مكنا ليوسف في الأرض الكاف في موضع نصب ; أي وكما أنقذناه من إخوته ومن الجب فكذلك مكنا له ; أي عطفنا عليه قلب الملك الذي اشتراه حتى تمكن من الأمر والنهي في البلد الذي الملك مستول عليه .
ولنعلمه من تأويل الأحاديث أي فعلنا ذلك تصديقا لقول يعقوب : ويعلمك من تأويل الأحاديث . وقيل : المعنى مكناه لنوحي إليه بكلام منا ، ونعلمه تأويله . وتفسيره ، وتأويل الرؤيا ، وتم الكلام .
والله غالب على أمره الهاء راجعة إلى الله تعالى ; أي لا يغلب الله شيء ، بل هو الغالب على أمر نفسه فيما يريده أن يقول له : كن فيكون . وقيل : ترجع إلى يوسف ; أي الله غالب على أمر يوسف يدبره ويحوطه ولا يكله إلى غيره ، حتى لا يصل إليه كيد كائد .
ولكن أكثر الناس لا يعلمون أي لا يطلعون على غيبه . وقيل : المراد بالأكثر الجميع ; لأن أحدا لا يعلم الغيب . وقيل : هو مجرى على ظاهره ; إذ قد يطلع من يريد على بعض غيبه . وقيل : المعنى ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن الله غالب على أمره ، وهم المشركون ومن لا يؤمن بالقدر .
وقالت الحكماء في هذه الآية : والله غالب على أمره حيث أمره يعقوب ألا يقص رؤياه على إخوته فغلب أمر الله حتى قص ، ثم أراد إخوته قتله فغلب أمر الله حتى صار ملكا وسجدوا بين يديه ، ثم أراد الإخوة أن يخلو لهم وجه أبيهم فغلب أمر الله حتى ضاق عليهم قلب أبيهم ، وافتكره بعد سبعين سنة أو ثمانين سنة ، فقال : يا أسفا على يوسف ثم تدبروا أن يكونوا من بعده قوما صالحين ، أي تائبين فغلب أمر الله حتى نسوا الذنب وأصروا عليه حتى أقروا بين يدي يوسف في آخر الأمر بعد سبعين سنة ، وقالوا لأبيهم : إنا كنا خاطئين ثم أرادوا أن يخدعوا أباهم بالبكاء والقميص فغلب أمر الله فلم ينخدع ، وقال : بل سولت لكم أنفسكم أمرا ثم احتالوا في أن تزول محبته من قلب أبيهم فغلب أمر الله فازدادت المحبة والشوق في قلبه ، ثم دبرت امرأة العزيز أنها إن ابتدرته بالكلام غلبته ، فغلب أمر الله حتى قال العزيز : استغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين ، ثم دبر يوسف أن يتخلص من السجن بذكر الساقي فغلب أمر الله فنسي الساقي ، ولبث يوسف في السجن بضع سنين. ❝
❞ *نوفيلا: 13ساعة*
...................
*بسم الله الرحمن الرحيم*
*الشخصيات:*
.........................
البطل: شادي
البطلة: ليلى
والدة ليلى: الحاجة سهير
والد شادى: الحاج محمود
صديق شادي: محمد
الدكتور النفسي: حسن
الدكتور المساعد: علي
.................
ذات يوم من الأيام، حجزت ليلى قطار الأقصر، وفي نفس الوقت، كان شادي يحجز تذكرة له على نفس القطار، وصعد شادي على متنه بالفعل وجلس على الكرسي، ثم ليلى جاءت لتبحث عن مكان تجلس به، فلم تجد سوى المقعد بجوار شادي، فاضطرت للجلوس بجانبه رغم عن خجلها، أما عنه فكان يضع سماعات الأذن يستمع للموسيقى، غير مباليًا بما حوله من الأساس، فكانت ليلى بين الدقيقة والأخرى تنظر له متأملة عينيه، وهو في وادٍ آخر لينتبه بعد فترة طويلة فيتنحنح قائلًا: إحم، أنتِ أول مرة تسافري؟!
نظرت له ليلى دون رد، فمن هو حتى يجرؤ على تحديثها هكذا؟!
شادي بإرتباك: إحم، إحم، أول مرة تروحي الأقصر
لم ترد ليلى أيضًا، فأحب أن يُضحِكها فقال شادي بغرور مصطنع: بصي بقى الطريق طويل 13ساعة، في الطريق، فأكيد هتزهقي وتملي، وبعدين تتحايلي عليا إنك تتكلمي معايا، وساعتها مش هرضى
ضحكت ليلى رغمًا عنها بخجل، فانتهز الفرصة وقال:أنا شادي، وأنتِ؟
ليلى: وأنا ليلى
شادي: أنا بشتغل صحفي، وعندي 26 سنة، وأنتِ؟
ليلى. أنا مهندسة كمبيوتر، وعندي 24سنة
وهكذا طال بينهما الحوار، حتى ملّا، وقررا النوم، استيقظ فجأة، أضحاها مازالت نائمة، فحان دوره ههذه المرة ليتأمل بها هو، فكان ينظر لشعرها الطويل تارة، ولجفنيها المنغلقين تارة أخرى، إلى أن وصلّا بالفعل لوجهتهما، فتصرف شادي بتهور يدفعه شعور أنه سعيد بجانبها، فمثّل النوم وفاتتهما المحطة!
__________
استيقظت ليلى، وجدت أن امحطة نزولها قد فاتتها، بل وجدت نفسها في أسوان !؟
نظرت لشادي وجدته مازال نائمًا، فحاولت إيقاظه: شادي، شادي، إصحى، المحطة فاتتنا، إحنا في أسوان، هنعمل ايه دلوقتي؟
شادي بحزن مصطنع: هنعمل ايه يعني!؟ هناخد قطر الأقصر من اسوان.
وبالفعل حجز شادي التذاكر لتفجأه ليلى ب: أنا جعانة!
شادي بتنهيدة مبتسمة: أنا عارف مطعم حلو هنا، تعالي نتعشى، على ما يجي معاد القطر، المفروض يوصل 7الصبح، وإحنا باليل دلوقتي.
وبالفعل أخذها للعشاء ولم تخلو جلستهما من الحديث عن نفسيهما بكثرة، كأنما ما صدقّ كل واحدًا أن تأتيه الفرصة ليتحدث عن نفسه، وبعد الطعام اقترح عليها شادي أن يركبا مركبًا بالنيل، وبالفعل قد كان، وكان وقتًا مليئًا بالرومانسية، حيث أن شادي لم تفارق عينه عينيها، ولم ينتهي الكلام بينهما ولا المزاح والضحك، حتى ظن كل واحدًا منهما كأنه يعرف الآخر منذ سنين، إلى أن فاتهم معاد القطار حقًا هذه المرة!
ركضّا بسرعة للمحطة، ليجدا أنه قد فاتهم حقًا ولن يلحقا به، فحجزوا القطار بموعد التاسعة والنصف.
ليلى: أنا هقعد هنا، واستنى القطر، مش هروح حتة تانية، عشان اتأخرت، وبابا هيتعصب عليّا.
شادي: حاضر.
وانتظرا ميعاد القطار، حتى أوصلها شادي وتظهر بعينيه الدموع.
شادي بحزن حقيقي: أقولك على حاجة، بس متزعليش مني
ليلى: قول
شادي: انا الى كنت قاصد أ أخر عليكي القطر.
ليلى: يعني أنت كنت صاحي؟!
شادي بإرتباك: آه
ليلى بإبتسامة: وعملت كدة ليه؟!
قال لها: مش عارف اسألي قلبي!
ابتسمت ليلى بخجل ولم ترد.
ليقول شادي بسعادة: أنا اتبسطت أوي
ليلى: وأنا كمان
انتظر شادي إلى أن ركبت القطار فقال لها مودعًا والدموع بعينيه: ليلى، مع السلامة
ليلى: مع السلامة يا شادي
تحرك القطار بينما يسأل شادي عن رقم هاتف ليلى، وبينما هي تمليه عليه، والقطار بدأ في التسارع لم يسمع شادي أيًا مما قالته حاول الجري ليسمع ولكن ما من فائدة، وبالأخير رحل القطار وشادي يبكي خلفه على ليلى، والمُسيطر على تفكيره أنه لن يستطيع رؤيتها مرة أخرى، ولم يعرف أن ليلى جالسة الآن بالقطار تبكي عليه كذلك.
_______________
الفصل الأول
انتظرونا في الفصل الثاني.
________________
الكاتب: أحمد رفعت
*مبادرة_لاتيأس_ستصل*. ❝ ⏤احمد رفعت محب
❞*نوفيلا: 13ساعة* ..........
*بسم الله الرحمن الرحيم* *الشخصيات:* .............
البطل: شادي
البطلة: ليلى
والدة ليلى: الحاجة سهير
والد شادى: الحاج محمود
صديق شادي: محمد
الدكتور النفسي: حسن
الدكتور المساعد: علي
.........
ذات يوم من الأيام، حجزت ليلى قطار الأقصر، وفي نفس الوقت، كان شادي يحجز تذكرة له على نفس القطار، وصعد شادي على متنه بالفعل وجلس على الكرسي، ثم ليلى جاءت لتبحث عن مكان تجلس به، فلم تجد سوى المقعد بجوار شادي، فاضطرت للجلوس بجانبه رغم عن خجلها، أما عنه فكان يضع سماعات الأذن يستمع للموسيقى، غير مباليًا بما حوله من الأساس، فكانت ليلى بين الدقيقة والأخرى تنظر له متأملة عينيه، وهو في وادٍ آخر لينتبه بعد فترة طويلة فيتنحنح قائلًا: إحم، أنتِ أول مرة تسافري؟!
نظرت له ليلى دون رد، فمن هو حتى يجرؤ على تحديثها هكذا؟!
شادي بإرتباك: إحم، إحم، أول مرة تروحي الأقصر
لم ترد ليلى أيضًا، فأحب أن يُضحِكها فقال شادي بغرور مصطنع: بصي بقى الطريق طويل 13ساعة، في الطريق، فأكيد هتزهقي وتملي، وبعدين تتحايلي عليا إنك تتكلمي معايا، وساعتها مش هرضى
ضحكت ليلى رغمًا عنها بخجل، فانتهز الفرصة وقال:أنا شادي، وأنتِ؟
ليلى: وأنا ليلى
شادي: أنا بشتغل صحفي، وعندي 26 سنة، وأنتِ؟
ليلى. أنا مهندسة كمبيوتر، وعندي 24سنة
وهكذا طال بينهما الحوار، حتى ملّا، وقررا النوم، استيقظ فجأة، أضحاها مازالت نائمة، فحان دوره ههذه المرة ليتأمل بها هو، فكان ينظر لشعرها الطويل تارة، ولجفنيها المنغلقين تارة أخرى، إلى أن وصلّا بالفعل لوجهتهما، فتصرف شادي بتهور يدفعه شعور أنه سعيد بجانبها، فمثّل النوم وفاتتهما المحطة!
_________
استيقظت ليلى، وجدت أن امحطة نزولها قد فاتتها، بل وجدت نفسها في أسوان !؟
شادي بحزن مصطنع: هنعمل ايه يعني!؟ هناخد قطر الأقصر من اسوان.
وبالفعل حجز شادي التذاكر لتفجأه ليلى ب: أنا جعانة!
شادي بتنهيدة مبتسمة: أنا عارف مطعم حلو هنا، تعالي نتعشى، على ما يجي معاد القطر، المفروض يوصل 7الصبح، وإحنا باليل دلوقتي.
وبالفعل أخذها للعشاء ولم تخلو جلستهما من الحديث عن نفسيهما بكثرة، كأنما ما صدقّ كل واحدًا أن تأتيه الفرصة ليتحدث عن نفسه، وبعد الطعام اقترح عليها شادي أن يركبا مركبًا بالنيل، وبالفعل قد كان، وكان وقتًا مليئًا بالرومانسية، حيث أن شادي لم تفارق عينه عينيها، ولم ينتهي الكلام بينهما ولا المزاح والضحك، حتى ظن كل واحدًا منهما كأنه يعرف الآخر منذ سنين، إلى أن فاتهم معاد القطار حقًا هذه المرة!
ركضّا بسرعة للمحطة، ليجدا أنه قد فاتهم حقًا ولن يلحقا به، فحجزوا القطار بموعد التاسعة والنصف.
وانتظرا ميعاد القطار، حتى أوصلها شادي وتظهر بعينيه الدموع.
شادي بحزن حقيقي: أقولك على حاجة، بس متزعليش مني
ليلى: قول
شادي: انا الى كنت قاصد أ أخر عليكي القطر.
ليلى: يعني أنت كنت صاحي؟!
شادي بإرتباك: آه
ليلى بإبتسامة: وعملت كدة ليه؟!
قال لها: مش عارف اسألي قلبي!
ابتسمت ليلى بخجل ولم ترد.
ليقول شادي بسعادة: أنا اتبسطت أوي
ليلى: وأنا كمان
انتظر شادي إلى أن ركبت القطار فقال لها مودعًا والدموع بعينيه: ليلى، مع السلامة
ليلى: مع السلامة يا شادي
تحرك القطار بينما يسأل شادي عن رقم هاتف ليلى، وبينما هي تمليه عليه، والقطار بدأ في التسارع لم يسمع شادي أيًا مما قالته حاول الجري ليسمع ولكن ما من فائدة، وبالأخير رحل القطار وشادي يبكي خلفه على ليلى، والمُسيطر على تفكيره أنه لن يستطيع رؤيتها مرة أخرى، ولم يعرف أن ليلى جالسة الآن بالقطار تبكي عليه كذلك.
______________
الفصل الأول
انتظرونا في الفصل الثاني.
_______________ الكاتب: أحمد رفعت
*مبادرة_لاتيأس_ستصل*. ❝