❞ نضال زهرة
قصة قصيرة
مشاركتي في كتاب أريج عْزة
دار ديوان العرب
٧ أكتوبر ٢٠٢٣
عمت الفرحة فلسطين وكل أنحاء الوطن العربي، إنه طوفان الأقصى، التكبيرات والتهليلات تملأ شوارع غزة، أما في هذا المنزل كانت الفرحة فرحتين؛ فاليوم زفاف نضال وزهرة بعد سنوات من الحب والكفاح.
جاهد العريس من أجل تأسيس شقة الزوجية، أربع سنوات مضت ما بين تعب وسفر وعمل دؤوب، وانتظار اليوم الذي يجمع قلوبا أرهقتها الأيام من الفقد والشقاء، خسر نضال الكثير من أفراد أسرته في غارات العدو على غزة، بل خسر شقته في أحد الأبراج التي قُصفت العام الماضي قبل الزفاف بشهر واحد؛ لكنه حمد الله كغيره وبدأ من جديد بتأسيس أخرى فهذا قدرهم.
لم يكن حال زهرة أفضل من نضال حبيبها ورفيق دربها، فقد عانت كثيرا، عاشت في جنوب غزة حيث تربت في منطقة دير البلح، كبرت على كلمة الجهاد والحرب، استشهد والدها وعمرها ثمان سنوات، ترك خمس بنات وصبيين لم يبلغ أي منهما الحلم، صغار كانوا وما بين اليُتم والفقر عانوا، سنوات عجافا مرت على والدتهم حتى كبروا، نمت الزهرة وبدأ عطرها يفوح، تقدم لها الشباب للزواج وكان ردها واحدا على الجميع إنها خلقت للنضال.
تطوعت بالهلال الأحمر ورفضت الارتباط إلا عندما يدق قلبها بحب أحدهم، عملت في كثير من المجالات: التدريس، مراكز محو الأمية والجمعيات الخيرية. حتى قابلت نضال في إحدى زيارتها للشمال وبدأت زهرة الحب تكبر بداخلهما كما بدأت حرب من نوع مختلف، رفض والد نضال زواجه من زهرة؛ فهو يرى أن ابنة عمه أحق به، جاهد نضال ودافع عن حبه حتى بارك الله زواجهما وبدأ تأسيس الشقة معا، وسط الحصار والحرب والخوف من قصف البرج وهدم حلمهما مرة أخرى، اختارا كل شيء في الشقة معا من فرش وأثاث وديكورات هنا وهناك! وضعا في الشرفة زوج من العصافير الملونة، وأطلقا عليهما اسما وعد ولقاء، تلك الأسماء التي اختارها معا لأطفالهم، في هذا الركن تشاجرا وهناك تصالحا، كل ركن في الشقة يحمل ذكريات وأحلام وردية وألم ومعاناة حيث كانت زهرة تحمل معه الحقائب وتصعد السلم للدور العاشر فالبرج ما زال تحت الإنشاء والمصعد لم يتم تركيبه بعد! مشقة كبيرة يمتزج فيها الألم والأمل والخوف والرجاء والحلم بغدٍ أجمل ومستقبل مشرق ينتظرهما معا! وأسرة سعيدة تقوم على المودة والرحمة والحب! وها هو يوم زفافهما اجتمع الأهل والأصحاب والجيران لحضور حفل الزفاف في قاعة كبيرة في حي الزيتون، تعالت الزغاريد ورقص الشباب الدبكة وسط سعادة الحضور، وبعد انتهاء الحفل انتظرتهم السيارات تجوب شوارع غزة بالأعلام والزغاريد فرحا بالنصر وتزف العروسين إلى عش الزوجية في برج الأحلام، حيث ترفرف السعادة بجناحي الحب والمودة، تعاهدا على الصدق والوفاء والرحمة.
في اليوم التالي للزفاف جاء الأخوة والأهل لزيارة العروسين للمباركة يحملون الهدايا والحلوى وكل ما لذ وطاب في طقوس متعارفة، تعالت الزغاريد فرحا، تجمع البنات يتبادلن الأحاديث عن الزفاف والزواج والأحلام كل منهن تحلم بيوم عرسها وقصرها الذي تصير فيه ملكة!
رن هاتف زهرة معلن اتصال والدتها التي لم تستطع الحضور بسبب مرضها.
ترد زهرة:
- أهلين أمي، كيفك؟ والله اشتقت لك كتير
ترد والدتها وهي تبكي:
-حببيتي، تشتاق لك الجنة يا قلب أمك، يومين وبكون عندك يا روح الروح..
انقطع الاتصال ولم تكتمل المكالمة، توالت أصوات القصف من حولهم وتعالت الصرخات.
على الجانب الآخر تصرخ والدة زهرة وهي تنادي بأسماء بناتها وأولادها فالكل هناك ولم يبقى معها سوى ابنتها الصغيرة.
سحبت الأم إسدالها لترتديه بسرعة وخرجت مع صغيرتها الشارع،الكل في حالة هلع من صوت التفجيرات ومشاهد القصف على الشاشات!
في السيارة يتعالى البكاء والنحيب، والكل حولها يواسونها بكلمات لا تغني ولا تسمن من جوع.
اقتربوا من أماكن القصف وتعالت صرخات الأم وبكاء الأهالي من حولهم، بيوت مهدمة وركام، غبار، دخان وانفجارات هنا وهناك! هلع وفزع كأنه يوم القيامة! مشاهد تقشعر لها الأبدان.
أب يحمل أشلاء صغاره، منهار، أم تبحث عن أطفالها بين الركام، شلالات دم لا تتوقف، القصف هنا وهناك فوق الرؤوس، وعربات الإسعاف تحمل المصابين والشهداء. التحف المكان بالدمار وفاحت رائحة الموت!
ووالدة زهرة مكلومة دامعة تبحث عن أبنائها، حتى رأت والدة نضال تبكي وتصرخ بجوار جثته وتردد:
بالهنا يا أم الهنا يا هنية
التوت عيني على الشلبية
التوت عيني على العريس بالأول
صاحب الوجه السموح المدور
قالتلو يا عريس يا ابن الكرامي
عيرني سيفك ليوم الكوان
سيفي محلوف عليه ما بعيرو
سيفي ماصل من بلاد اليماني
بالهنا يا ام الهنا يا هنية
شيعوا لولاد عمو يجولو
بالخيول المبرقعة يغنولوا
عددوا المهرة وشدوا عليها
تيجي نضال ويركب عليها
عددوا المهرة وهاتو الشبرية
زفولي نضال لباب العلية
عددوا المهرة وهاتوا البارودي
زفولي نضال لباب العمود
زفولي العريس للجنة
كان المصور قد حضر ومعه صور الزفاف لحظة قصف الحي؛ تبعثرت الصور بين الركام وتعالت معها صرخات وعويل والدة زهرة وهي تحتضن والدة نضال فلم تجد سوى بقايا فستان الزفاف بين الأنقاض.
#أريج_عْزة_صرخة_مائة_قاص_يرجون_الله_نصر_عْزة. ❝ ⏤صفاء فوزي
❞ نضال زهرة
قصة قصيرة
مشاركتي في كتاب أريج عْزة
دار ديوان العرب
٧ أكتوبر ٢٠٢٣
عمت الفرحة فلسطين وكل أنحاء الوطن العربي، إنه طوفان الأقصى، التكبيرات والتهليلات تملأ شوارع غزة، أما في هذا المنزل كانت الفرحة فرحتين؛ فاليوم زفاف نضال وزهرة بعد سنوات من الحب والكفاح.
جاهد العريس من أجل تأسيس شقة الزوجية، أربع سنوات مضت ما بين تعب وسفر وعمل دؤوب، وانتظار اليوم الذي يجمع قلوبا أرهقتها الأيام من الفقد والشقاء، خسر نضال الكثير من أفراد أسرته في غارات العدو على غزة، بل خسر شقته في أحد الأبراج التي قُصفت العام الماضي قبل الزفاف بشهر واحد؛ لكنه حمد الله كغيره وبدأ من جديد بتأسيس أخرى فهذا قدرهم.
لم يكن حال زهرة أفضل من نضال حبيبها ورفيق دربها، فقد عانت كثيرا، عاشت في جنوب غزة حيث تربت في منطقة دير البلح، كبرت على كلمة الجهاد والحرب، استشهد والدها وعمرها ثمان سنوات، ترك خمس بنات وصبيين لم يبلغ أي منهما الحلم، صغار كانوا وما بين اليُتم والفقر عانوا، سنوات عجافا مرت على والدتهم حتى كبروا، نمت الزهرة وبدأ عطرها يفوح، تقدم لها الشباب للزواج وكان ردها واحدا على الجميع إنها خلقت للنضال.
تطوعت بالهلال الأحمر ورفضت الارتباط إلا عندما يدق قلبها بحب أحدهم، عملت في كثير من المجالات: التدريس، مراكز محو الأمية والجمعيات الخيرية. حتى قابلت نضال في إحدى زيارتها للشمال وبدأت زهرة الحب تكبر بداخلهما كما بدأت حرب من نوع مختلف، رفض والد نضال زواجه من زهرة؛ فهو يرى أن ابنة عمه أحق به، جاهد نضال ودافع عن حبه حتى بارك الله زواجهما وبدأ تأسيس الشقة معا، وسط الحصار والحرب والخوف من قصف البرج وهدم حلمهما مرة أخرى، اختارا كل شيء في الشقة معا من فرش وأثاث وديكورات هنا وهناك! وضعا في الشرفة زوج من العصافير الملونة، وأطلقا عليهما اسما وعد ولقاء، تلك الأسماء التي اختارها معا لأطفالهم، في هذا الركن تشاجرا وهناك تصالحا، كل ركن في الشقة يحمل ذكريات وأحلام وردية وألم ومعاناة حيث كانت زهرة تحمل معه الحقائب وتصعد السلم للدور العاشر فالبرج ما زال تحت الإنشاء والمصعد لم يتم تركيبه بعد! مشقة كبيرة يمتزج فيها الألم والأمل والخوف والرجاء والحلم بغدٍ أجمل ومستقبل مشرق ينتظرهما معا! وأسرة سعيدة تقوم على المودة والرحمة والحب! وها هو يوم زفافهما اجتمع الأهل والأصحاب والجيران لحضور حفل الزفاف في قاعة كبيرة في حي الزيتون، تعالت الزغاريد ورقص الشباب الدبكة وسط سعادة الحضور، وبعد انتهاء الحفل انتظرتهم السيارات تجوب شوارع غزة بالأعلام والزغاريد فرحا بالنصر وتزف العروسين إلى عش الزوجية في برج الأحلام، حيث ترفرف السعادة بجناحي الحب والمودة، تعاهدا على الصدق والوفاء والرحمة.
في اليوم التالي للزفاف جاء الأخوة والأهل لزيارة العروسين للمباركة يحملون الهدايا والحلوى وكل ما لذ وطاب في طقوس متعارفة، تعالت الزغاريد فرحا، تجمع البنات يتبادلن الأحاديث عن الزفاف والزواج والأحلام كل منهن تحلم بيوم عرسها وقصرها الذي تصير فيه ملكة!
رن هاتف زهرة معلن اتصال والدتها التي لم تستطع الحضور بسبب مرضها.
ترد زهرة:
- أهلين أمي، كيفك؟ والله اشتقت لك كتير
ترد والدتها وهي تبكي:
- حببيتي، تشتاق لك الجنة يا قلب أمك، يومين وبكون عندك يا روح الروح.
انقطع الاتصال ولم تكتمل المكالمة، توالت أصوات القصف من حولهم وتعالت الصرخات.
على الجانب الآخر تصرخ والدة زهرة وهي تنادي بأسماء بناتها وأولادها فالكل هناك ولم يبقى معها سوى ابنتها الصغيرة.
سحبت الأم إسدالها لترتديه بسرعة وخرجت مع صغيرتها الشارع،الكل في حالة هلع من صوت التفجيرات ومشاهد القصف على الشاشات!
في السيارة يتعالى البكاء والنحيب، والكل حولها يواسونها بكلمات لا تغني ولا تسمن من جوع.
اقتربوا من أماكن القصف وتعالت صرخات الأم وبكاء الأهالي من حولهم، بيوت مهدمة وركام، غبار، دخان وانفجارات هنا وهناك! هلع وفزع كأنه يوم القيامة! مشاهد تقشعر لها الأبدان.
أب يحمل أشلاء صغاره، منهار، أم تبحث عن أطفالها بين الركام، شلالات دم لا تتوقف، القصف هنا وهناك فوق الرؤوس، وعربات الإسعاف تحمل المصابين والشهداء. التحف المكان بالدمار وفاحت رائحة الموت!
ووالدة زهرة مكلومة دامعة تبحث عن أبنائها، حتى رأت والدة نضال تبكي وتصرخ بجوار جثته وتردد:
بالهنا يا أم الهنا يا هنية
التوت عيني على الشلبية
التوت عيني على العريس بالأول
صاحب الوجه السموح المدور
قالتلو يا عريس يا ابن الكرامي
عيرني سيفك ليوم الكوان
سيفي محلوف عليه ما بعيرو
سيفي ماصل من بلاد اليماني
بالهنا يا ام الهنا يا هنية
شيعوا لولاد عمو يجولو
بالخيول المبرقعة يغنولوا
عددوا المهرة وشدوا عليها
تيجي نضال ويركب عليها
عددوا المهرة وهاتو الشبرية
زفولي نضال لباب العلية
عددوا المهرة وهاتوا البارودي
زفولي نضال لباب العمود
زفولي العريس للجنة
كان المصور قد حضر ومعه صور الزفاف لحظة قصف الحي؛ تبعثرت الصور بين الركام وتعالت معها صرخات وعويل والدة زهرة وهي تحتضن والدة نضال فلم تجد سوى بقايا فستان الزفاف بين الأنقاض.
❞ ((المكلفان أساسا بالتعذيب جلادان ضخمان هما توأم متشابه، أما رئيسهما فهو أبو هما عشماوي وكانه توأم ثالث لهما لولا كبر السن والسمنة الزائدة، الثلاثة كل منهم عاري الرأس يرتدي سروالا أسود ونصفه العلوي عارٍ ومليء بالشعر الغزير، الأب الشعر الأبيض في بداية الانتشار في شعر رأسه وصدره، أوثقا يدي الأخوين خلف ظهريهما، والصباح بدأ ينير المدينة، موكب الشنق يخترق الطرقات، الحرس السلطاني على الخيول يتقدم وخلفهم حماران او على ظهريهما المتهمان ورأسهما ناحية مؤخرة الحمارين إذلالًا! خلف الحمارين عدد من حرس السجن على الأقدام يسيرون يرهبون الناس بالسيوف والبُلط المشهرة وبالقسوة المنحوتة على سحناتهم وبأجسادهم المنفوخة بالشحم واللحم، الناس متجهون لجلب رزقهم بالعمل الشاق، وقفوا رجالا ونساء وأطفال على الجانبين يتابعون مسيرة الإعدام في حسرة، فهذا هو مصير من يثور على السلطان بوهان أو ينطق بحرف معترضا على دوام الذل والهوان.)). ❝ ⏤حجاج حسن محمد
❞ ((المكلفان أساسا بالتعذيب جلادان ضخمان هما توأم متشابه، أما رئيسهما فهو أبو هما عشماوي وكانه توأم ثالث لهما لولا كبر السن والسمنة الزائدة، الثلاثة كل منهم عاري الرأس يرتدي سروالا أسود ونصفه العلوي عارٍ ومليء بالشعر الغزير، الأب الشعر الأبيض في بداية الانتشار في شعر رأسه وصدره، أوثقا يدي الأخوين خلف ظهريهما، والصباح بدأ ينير المدينة، موكب الشنق يخترق الطرقات، الحرس السلطاني على الخيول يتقدم وخلفهم حماران او على ظهريهما المتهمان ورأسهما ناحية مؤخرة الحمارين إذلالًا! خلف الحمارين عدد من حرس السجن على الأقدام يسيرون يرهبون الناس بالسيوف والبُلط المشهرة وبالقسوة المنحوتة على سحناتهم وبأجسادهم المنفوخة بالشحم واللحم، الناس متجهون لجلب رزقهم بالعمل الشاق، وقفوا رجالا ونساء وأطفال على الجانبين يتابعون مسيرة الإعدام في حسرة، فهذا هو مصير من يثور على السلطان بوهان أو ينطق بحرف معترضا على دوام الذل والهوان.)). ❝
❞ “الجدران هنا تتنفس، ونقوشها تروي حكايات الزمن الجميل، وضوؤه يشع من ثقوب مشربياتها زمن كان لايزال فيه البشر بشر .. وكانت "إنسانية" فيه معني على الرغم من اصطكاك السيوف، وصهيل الخيول، وسفك الدماء .. على الأقل كان عدونا معروفاً، كاشفاً وجهه، لم تكن ملامحه تشبهنا، ولا يتكلم لغتنا، ولا يتشارك معنا اسم الجد الأكبر .. حتى مطامعه على حقارتها كانت أسمى من تلك المطامع التى يُراق لها الدم اليوم”. ❝ ⏤Mahmoud Hussin
❞ الجدران هنا تتنفس، ونقوشها تروي حكايات الزمن الجميل، وضوؤه يشع من ثقوب مشربياتها زمن كان لايزال فيه البشر بشر . وكانت ˝إنسانية˝ فيه معني على الرغم من اصطكاك السيوف، وصهيل الخيول، وسفك الدماء . على الأقل كان عدونا معروفاً، كاشفاً وجهه، لم تكن ملامحه تشبهنا، ولا يتكلم لغتنا، ولا يتشارك معنا اسم الجد الأكبر . حتى مطامعه على حقارتها كانت أسمى من تلك المطامع التى يُراق لها الدم اليوم”. ❝
❞ عندما عاد سيف إلى المزرعة برفقة دانية وجد هشام في انتظاره فاستأذن منها وذهب مع هشام ليرى ماذا يريد منه؛ بعد أن تأكد من عودتها لمسكنها.
وقف سيف مع هشام بالإسطبل بعد أن تأكد الأخير من خلو أحد به، ثم قال:
- لقد حذرني الأستاذ عز الدين من مغادرة دكتورة دانية المزرعة وعندما علم أنك ذهبت معها في جولة بالقرية؛ ثار للغاية وطلب رؤيتك فور عودتك ليحذرك من أن تفعل ذلك مرةً أخرى.
ـ لقد عرفت منك ماذا يريد مني؛ فلماذا أذهب إليه إذًا؟
ـ وهل ستنفذ مطلبه؟
ـ لقد عرفت ما يريده لكن ليس بالضرورة أن أنفذ كل ما يقوله؛ فأنا لديّ عقل لأفكر به وأعرف عندما أُخطئ.
ـ سيف.. نحن لا نريد أن نفتعل المشاكل مع عز الدين.
ـ لن يحدث شيء، وطالما لا نقترف الأخطاء لا تقلق.
ـ حسنًا وهل كل شيء يسير على ما يرام؟
ـ أعتقد ذلك.
ـ ماذا تعني؟
ـ لقد رآنا اليوم فهد وبنو عمومته.
ـ ماذا تقول.. وكيف لم تخبرني من بداية حديثنا؟!
ـ ولماذا القلق؟!
- إنه لا يعلم بوجودها هنا بالمزرعة عندنا وبأية صفة هي موجودة بالقرية؛ فقد أخبر الأستاذ عز الدين جميع أهل القرية بقدومها، ولكن فهد وبنو عمومته كانوا خارج القرية وقتها.
ـ ومنذ متى ونحن نعمل حسابًا لفهد هذا ذي الشخصية السطحية!
ـ نحن نهتم لوالده يا سيف؛ فهو كبير عائلة السيوفي وله ثقله في القرية.
ـ ونحن لم نُخطئ فقد أعلمنا الجميع بقدومها، وليس خطأنا أن فهد لم يعلم بالأمر لأنه كان خارج القرية؛ فلا تحمل همًا لذلك الأمر.
ـ سأحاول ألّا أقلق.
- ثم إنني لا أريد إثارة المتاعب أكثر منك.
ـ هذا واضح، ولكن يجب أن تعلم أنك من الممكن أن تكون السبب في أذية تلك الفتاة؛ فالناس لن تتقبل وجودها هنا بالقرية بتلك السهولة.
- لن يجرؤ أحد على الاقتراب منها؛ فهي في ضيافة الحاج محمد الرباح.
ـ بلى بالطبع.. هذا شيء مفروغ منه، ولكن هذا لا يمنع أن نأخذ حذرنا.
شرد سيف يفكر في حديث هشام، وما كان صمته سوى تأكيدٍ منه على أن هشام معه حق فيما قاله.
عندما عادت دانية لمنزلها الصغير جاءتها الخادمة بالطعام. كانت جائعة فأكلت بنهمٍ، ولكن تلك المرة شعرت أنّ للطعام مذاقًا جميلًا، لم يكن الطعام مختلفًا عما تأكله بالقاهرة، ولكنه شهي أكثر، أخذت تفكر أن كل شيء بتلك القرية جميل؛ من هوائها لطعامها حتى الخيول التي تُشرف على علاجها تبدو متأصلة ومختلفة، القرية كلها كانت مختلفة عن القاهرة كثيرًا؛ فكانت وكأنها تنتمي للطبيعة كليًا.. ❝ ⏤حنان حنفي أحمد
❞ عندما عاد سيف إلى المزرعة برفقة دانية وجد هشام في انتظاره فاستأذن منها وذهب مع هشام ليرى ماذا يريد منه؛ بعد أن تأكد من عودتها لمسكنها.
وقف سيف مع هشام بالإسطبل بعد أن تأكد الأخير من خلو أحد به، ثم قال:
- لقد حذرني الأستاذ عز الدين من مغادرة دكتورة دانية المزرعة وعندما علم أنك ذهبت معها في جولة بالقرية؛ ثار للغاية وطلب رؤيتك فور عودتك ليحذرك من أن تفعل ذلك مرةً أخرى.
ـ لقد عرفت منك ماذا يريد مني؛ فلماذا أذهب إليه إذًا؟
ـ وهل ستنفذ مطلبه؟
ـ لقد عرفت ما يريده لكن ليس بالضرورة أن أنفذ كل ما يقوله؛ فأنا لديّ عقل لأفكر به وأعرف عندما أُخطئ.
ـ سيف. نحن لا نريد أن نفتعل المشاكل مع عز الدين.
ـ لن يحدث شيء، وطالما لا نقترف الأخطاء لا تقلق.
ـ حسنًا وهل كل شيء يسير على ما يرام؟
ـ أعتقد ذلك.
ـ ماذا تعني؟
ـ لقد رآنا اليوم فهد وبنو عمومته.
ـ ماذا تقول. وكيف لم تخبرني من بداية حديثنا؟!
ـ ولماذا القلق؟!
- إنه لا يعلم بوجودها هنا بالمزرعة عندنا وبأية صفة هي موجودة بالقرية؛ فقد أخبر الأستاذ عز الدين جميع أهل القرية بقدومها، ولكن فهد وبنو عمومته كانوا خارج القرية وقتها.
ـ ومنذ متى ونحن نعمل حسابًا لفهد هذا ذي الشخصية السطحية!
ـ نحن نهتم لوالده يا سيف؛ فهو كبير عائلة السيوفي وله ثقله في القرية.
ـ ونحن لم نُخطئ فقد أعلمنا الجميع بقدومها، وليس خطأنا أن فهد لم يعلم بالأمر لأنه كان خارج القرية؛ فلا تحمل همًا لذلك الأمر.
ـ سأحاول ألّا أقلق.
- ثم إنني لا أريد إثارة المتاعب أكثر منك.
ـ هذا واضح، ولكن يجب أن تعلم أنك من الممكن أن تكون السبب في أذية تلك الفتاة؛ فالناس لن تتقبل وجودها هنا بالقرية بتلك السهولة.
- لن يجرؤ أحد على الاقتراب منها؛ فهي في ضيافة الحاج محمد الرباح.
ـ بلى بالطبع. هذا شيء مفروغ منه، ولكن هذا لا يمنع أن نأخذ حذرنا.
شرد سيف يفكر في حديث هشام، وما كان صمته سوى تأكيدٍ منه على أن هشام معه حق فيما قاله.
عندما عادت دانية لمنزلها الصغير جاءتها الخادمة بالطعام. كانت جائعة فأكلت بنهمٍ، ولكن تلك المرة شعرت أنّ للطعام مذاقًا جميلًا، لم يكن الطعام مختلفًا عما تأكله بالقاهرة، ولكنه شهي أكثر، أخذت تفكر أن كل شيء بتلك القرية جميل؛ من هوائها لطعامها حتى الخيول التي تُشرف على علاجها تبدو متأصلة ومختلفة، القرية كلها كانت مختلفة عن القاهرة كثيرًا؛ فكانت وكأنها تنتمي للطبيعة كليًا. ❝