❞ قال الإمام فخر الدين الرازي رحمة الله تعالى عليه: إعلم أن الفصاحة خلوص الكلام من التعقيد، وأصلها من قولهم أفصح اللبن إذا أخذت عنه الرغوة. وأكثر البلغاء لا يكادون يفرقون بين البلاغة والفصاحة، بل يستعملونهما استعمال الشيئين المترادفين على معنى واحدة في تسوية الحكم بينهما. ويزعم بعضهم أن البلاغة في المعاني، والفصاحة في الألفاظ، ويستدل بقولهم معنى بليغ ولفظ فصيح.
وقال يحيى بن خالد: ما رأيت رجلا قط إلا هبته حتى يتكلم، فإن كان فصيحا عظم في صدري، وإن قصر سقط من عيني.
وقد اختلف الناس في الفصاحة، فمنهم من قال: إنها راجعة إلى الألفاظ دون المعاني، ومنهم من قال: إنها لا تخص الألفاظ وحدها. واحتج من خص الفصاحة بالألفاظ بأن قال: نرى الناس يقولون هذا لفظ فصيح، وهذه الألفاظ فصيحة، ولا نرى قائلا يقول: هذا معنى فصيح، فدل على أن الفصاحة من صفات الألفاظ دون المعاني.
وإن قلنا إنها تشمل اللفظ والمعنى لزم من ذلك تسمية المعنى بالفصيح، وذلك غير مألوف في كلام الناس، والذي أراه في ذلك أن الفصيح هو اللفظ الحسن المألوف في الاستعمال بشرط أن يكون معناه المفهوم منه صحيحا حسنا.
ومن المستحسن في الألفاظ تباعد مخارج الحروف، فإذا كانت بعيدة المخارج جاءت الحروف متمكنة في مواضعها غير قلقة ولا مكدودة، والمعيب من ذلك كقول القائل:
لو كنت كنت كتمت الحبّ كنت كما ... كنّا وكنت ولكن ذاك لم يكن
وكقول بعضهم أيضا:
ولا الضعف حتى يبلغ الضعف ضعفه ... ولا ضعف ضعف الضعف بل مثله ألف
وكقول الآخر:
وقبر حرب بمكان قفر ... وليس قرب قبر حرب قبر
قيل: إن هذا البيت لا يمكن إنشاده في الغالب عشر مرات متوالية إلا ويغلط المنشد فيه لأن القرب في المخارج يحدث ثقلا في النطق به.
وقيل: من عرف بفصاحة اللسان لحظته العيون بالوقار.
وبالفصاحة والبيان استولى يوسف الصديق عليه الصلاة والسلام على مصر وملك زمام الأمور وأطلعه ملكها على الخفي من أمره والمستور.
قال الشاعر:
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ... فلم يبق إلّا صورة اللّحم والدّم
وسمع النبي صلى الله عليه وسلم من عمه العباس كلاما فصيحا فقال: بارك الله لك يا عم في جمالك. أي فصاحتك.
وعرضت على المتوكل جارية شاعرة، فقال أبو العيناء «1» يستجيزها: أحمد الله كثيرا. فقالت: حيت أنشاك ضريرا. فقال: يا أمير المؤمنين قد أحسنت في إساءتها فاشترها.
وقال فيلسوف: كما أن الآنية تمتحن بأطيانها، فيعرف صحيحها من مكسورها، فكذلك الإنسان يعرف حاله من منطقه.
وقال المبرد: قلت للمجنون: أجزني هذا البيت:
أرى اليوم يوما قد تكاثف غيمه ... وإبراقه فاليوم لا شك ماطر
فقال:
وقد حجبت فيه السحائب شمسه ... كما حجبت ورد الخدود المحاجر
وقال عبد الملك لرجل: حدثني، فقال: يا أمير المؤمنين افتتح، فإن الحديث يفتح بعضه بعضا.
وقال الهيثم بن صالح لابنه: يا بني إذا أقللت من الكلام أكثرت من الصواب، قال: يا أبت فإن أنا أكثرت وأكثرت؟، يعني كلاما وصوابا، قال: يا بني، ما رأيت موعوظا أحق بأن يكون واعظا منك.
وقال الشعبي: كنت أحدث عبد الملك بن مروان وهو يأكل فيحبس اللقمة فأقول: أجزها أصلحك الله، فإن الحديث من وراء ذلك، فيقول: والله لحديثك أحب إليّ منها.
وقال ابن عيينة: الصمت منام العلم، والنطق يقظته، ولا منام إلا بتيقظ ولا يقظة إلا بمنام.
قال ابن المبارك:
وهذا اللسان بريد الفؤاد ... يدلّ الرجال على عقله
ومر رجل بأبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، ومعه ثوب، فقال له أبو بكر رضي الله عنه: أتبيعه؟ فقال: لا، رحمك الله، فقال أبو بكر: لو تستقيمون لقوّمت ألسنتكم، هلّا قلت: لا ورحمك الله. ❝ ⏤شهاب الدين محمد الأبشيهي
❞ قال الإمام فخر الدين الرازي رحمة الله تعالى عليه: إعلم أن الفصاحة خلوص الكلام من التعقيد، وأصلها من قولهم أفصح اللبن إذا أخذت عنه الرغوة. وأكثر البلغاء لا يكادون يفرقون بين البلاغة والفصاحة، بل يستعملونهما استعمال الشيئين المترادفين على معنى واحدة في تسوية الحكم بينهما. ويزعم بعضهم أن البلاغة في المعاني، والفصاحة في الألفاظ، ويستدل بقولهم معنى بليغ ولفظ فصيح.
وقال يحيى بن خالد: ما رأيت رجلا قط إلا هبته حتى يتكلم، فإن كان فصيحا عظم في صدري، وإن قصر سقط من عيني.
وقد اختلف الناس في الفصاحة، فمنهم من قال: إنها راجعة إلى الألفاظ دون المعاني، ومنهم من قال: إنها لا تخص الألفاظ وحدها. واحتج من خص الفصاحة بالألفاظ بأن قال: نرى الناس يقولون هذا لفظ فصيح، وهذه الألفاظ فصيحة، ولا نرى قائلا يقول: هذا معنى فصيح، فدل على أن الفصاحة من صفات الألفاظ دون المعاني.
وإن قلنا إنها تشمل اللفظ والمعنى لزم من ذلك تسمية المعنى بالفصيح، وذلك غير مألوف في كلام الناس، والذي أراه في ذلك أن الفصيح هو اللفظ الحسن المألوف في الاستعمال بشرط أن يكون معناه المفهوم منه صحيحا حسنا.
ومن المستحسن في الألفاظ تباعد مخارج الحروف، فإذا كانت بعيدة المخارج جاءت الحروف متمكنة في مواضعها غير قلقة ولا مكدودة، والمعيب من ذلك كقول القائل:
لو كنت كنت كتمت الحبّ كنت كما ... كنّا وكنت ولكن ذاك لم يكن
وكقول بعضهم أيضا:
ولا الضعف حتى يبلغ الضعف ضعفه ... ولا ضعف ضعف الضعف بل مثله ألف
وكقول الآخر:
وقبر حرب بمكان قفر ... وليس قرب قبر حرب قبر
قيل: إن هذا البيت لا يمكن إنشاده في الغالب عشر مرات متوالية إلا ويغلط المنشد فيه لأن القرب في المخارج يحدث ثقلا في النطق به.
وقيل: من عرف بفصاحة اللسان لحظته العيون بالوقار.
وبالفصاحة والبيان استولى يوسف الصديق عليه الصلاة والسلام على مصر وملك زمام الأمور وأطلعه ملكها على الخفي من أمره والمستور.
قال الشاعر:
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ... فلم يبق إلّا صورة اللّحم والدّم
وسمع النبي صلى الله عليه وسلم من عمه العباس كلاما فصيحا فقال: بارك الله لك يا عم في جمالك. أي فصاحتك.
وعرضت على المتوكل جارية شاعرة، فقال أبو العيناء «1» يستجيزها: أحمد الله كثيرا. فقالت: حيت أنشاك ضريرا. فقال: يا أمير المؤمنين قد أحسنت في إساءتها فاشترها.
وقال فيلسوف: كما أن الآنية تمتحن بأطيانها، فيعرف صحيحها من مكسورها، فكذلك الإنسان يعرف حاله من منطقه.
وقال المبرد: قلت للمجنون: أجزني هذا البيت:
أرى اليوم يوما قد تكاثف غيمه ... وإبراقه فاليوم لا شك ماطر
فقال:
وقد حجبت فيه السحائب شمسه ... كما حجبت ورد الخدود المحاجر
وقال عبد الملك لرجل: حدثني، فقال: يا أمير المؤمنين افتتح، فإن الحديث يفتح بعضه بعضا.
وقال الهيثم بن صالح لابنه: يا بني إذا أقللت من الكلام أكثرت من الصواب، قال: يا أبت فإن أنا أكثرت وأكثرت؟، يعني كلاما وصوابا، قال: يا بني، ما رأيت موعوظا أحق بأن يكون واعظا منك.
وقال الشعبي: كنت أحدث عبد الملك بن مروان وهو يأكل فيحبس اللقمة فأقول: أجزها أصلحك الله، فإن الحديث من وراء ذلك، فيقول: والله لحديثك أحب إليّ منها.
وقال ابن عيينة: الصمت منام العلم، والنطق يقظته، ولا منام إلا بتيقظ ولا يقظة إلا بمنام.
قال ابن المبارك:
وهذا اللسان بريد الفؤاد ... يدلّ الرجال على عقله
ومر رجل بأبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، ومعه ثوب، فقال له أبو بكر رضي الله عنه: أتبيعه؟ فقال: لا، رحمك الله، فقال أبو بكر: لو تستقيمون لقوّمت ألسنتكم، هلّا قلت: لا ورحمك الله . ❝
نستنتج أن الغلام كان سيء الرحم مع أهله، خائضًا في الطغيان والمنكرات؛ فجاءت الخشية من هنا على أبويه من شره، وقوله "خَيْرًا مِّنْهُ" يؤكد هذا. فهي حالة لا تكون لغلام صغير أو صبي حدث السن؛ وإنما تكون لشاب مُدرك لأفعاله عالم بها.
ومن هنا يصح أن نقول أن هذا الغلام كان شابا (كما حكاه الفخر الرازي)، وأن تعجب موسى واستنكاره ما رآه من القتل كان لعدم معرفته بحال الغلام ومآله، هذا الحال الذي أعلمه الله للخضر دون موسى.
فكان قتله لما هو عليه من حال حاضر في الأساس، وأما ما سيكون في المستقبل من الطغيان والكفر وأذية أبويه كان استئناسا على الأصل الموجود في شخصية الغلام من الشر، فقُتِل لفساده وطغيانه. ❝ ⏤محمد أحمد عبيد
نستنتج أن الغلام كان سيء الرحم مع أهله، خائضًا في الطغيان والمنكرات؛ فجاءت الخشية من هنا على أبويه من شره، وقوله "خَيْرًا مِّنْهُ" يؤكد هذا. فهي حالة لا تكون لغلام صغير أو صبي حدث السن؛ وإنما تكون لشاب مُدرك لأفعاله عالم بها.
ومن هنا يصح أن نقول أن هذا الغلام كان شابا (كما حكاه الفخر الرازي)، وأن تعجب موسى واستنكاره ما رآه من القتل كان لعدم معرفته بحال الغلام ومآله، هذا الحال الذي أعلمه الله للخضر دون موسى.
فكان قتله لما هو عليه من حال حاضر في الأساس، وأما ما سيكون في المستقبل من الطغيان والكفر وأذية أبويه كان استئناسا على الأصل الموجود في شخصية الغلام من الشر، فقُتِل لفساده وطغيانه . ❝
❞ قال فخر الدين الرازي: في تفسير قوله تعالى: ﴿لعلكم تتقون﴾: أنه سبحانه بين بهذا الكلام أن الصوم يورث التقوى لما فيه من انكسار الشهوة وانقماع الهوى، فإنه يردع عن الأشر والبطر والفواحش، ويهون لذات الدنيا ورياستها، وذلك؛ لأن الصوم يكسر شهوة البطن والفرج، وإنما يسعى الناس لهذين، كما قيل في المثل السائر: المرء يسعى لغاريه بطنه وفرجه، فمن أكثر الصوم هان عليه أمر هذين وخفت عليه مؤنتهما، فكان ذلك رادعا له عن ارتكاب المحارم والفواحش، ومهونا عليه أمر الرياسة في الدنيا، وذلك جامع لأسباب التقوى فيكون معنى الآية فرضت عليكم الصيام لتكونوا به من المتقين الذين أثنيت عليهم في كتابي، وأعلمت أن هذا الكتاب هدى لهم، ولما اختص الصوم بهذه الخاصية حسن منه تعالى أن يقول عند إيجابها: ﴿لعلكم تتقون﴾ منها بذلك على وجه وجوبه؛ لأن ما يمنع النفس عن المعاصي لا بد وأن يكون واجبا. ❝ ⏤سامي وديع عبد الفتاح القدومي
❞ قال فخر الدين الرازي: في تفسير قوله تعالى: ﴿لعلكم تتقون﴾: أنه سبحانه بين بهذا الكلام أن الصوم يورث التقوى لما فيه من انكسار الشهوة وانقماع الهوى، فإنه يردع عن الأشر والبطر والفواحش، ويهون لذات الدنيا ورياستها، وذلك؛ لأن الصوم يكسر شهوة البطن والفرج، وإنما يسعى الناس لهذين، كما قيل في المثل السائر: المرء يسعى لغاريه بطنه وفرجه، فمن أكثر الصوم هان عليه أمر هذين وخفت عليه مؤنتهما، فكان ذلك رادعا له عن ارتكاب المحارم والفواحش، ومهونا عليه أمر الرياسة في الدنيا، وذلك جامع لأسباب التقوى فيكون معنى الآية فرضت عليكم الصيام لتكونوا به من المتقين الذين أثنيت عليهم في كتابي، وأعلمت أن هذا الكتاب هدى لهم، ولما اختص الصوم بهذه الخاصية حسن منه تعالى أن يقول عند إيجابها: ﴿لعلكم تتقون﴾ منها بذلك على وجه وجوبه؛ لأن ما يمنع النفس عن المعاصي لا بد وأن يكون واجبا . ❝
❞ “قال رئيس الجمعية العلمية في فرنسا عقب نهاية الاختبارات: ((أيها التلامذة، بنو مدرسة ((أبو زعبل))، رأينا من تقدمكم ما يدل على زيادة فضلكم، وإجابتكم اليوم جعلت لنا أملًا في أنكم ستنتهجون منهج أجدادكم من كبار الأطباء، كابن سينا والرازي وأبي القاسم، وإنكم ستسيرون على أثرهم حتى يُقال نعم السلف. والشكر للمليك الأعظم محمد علي باشا الذي اختار لكم حضرة النبيل العلامة الأوحد صاحب المزايا الجليلة الذي أعاد إلى مصر بهجة الطب كما كانت في الأيام التي ازدهرت فيها مدرسة الإسكندرية الشهيرة، جناب المسيو ((كلوت بك))، الذي يرجع إليه ما نلتموه من نجاح)).”. ❝ ⏤عمر طاهر
❞ “قال رئيس الجمعية العلمية في فرنسا عقب نهاية الاختبارات: ((أيها التلامذة، بنو مدرسة ((أبو زعبل))، رأينا من تقدمكم ما يدل على زيادة فضلكم، وإجابتكم اليوم جعلت لنا أملًا في أنكم ستنتهجون منهج أجدادكم من كبار الأطباء، كابن سينا والرازي وأبي القاسم، وإنكم ستسيرون على أثرهم حتى يُقال نعم السلف. والشكر للمليك الأعظم محمد علي باشا الذي اختار لكم حضرة النبيل العلامة الأوحد صاحب المزايا الجليلة الذي أعاد إلى مصر بهجة الطب كما كانت في الأيام التي ازدهرت فيها مدرسة الإسكندرية الشهيرة، جناب المسيو ((كلوت بك))، الذي يرجع إليه ما نلتموه من نجاح)).” . ❝
❞ قال الرازي في «تفسيره» إن لقائل أن يقول إن في جملة الأرض ما يطلق عليه أنه في الأرض فيكون جامعا للوصفين، ولا شك أن المعادن داخلة في ذلك وكذلك عروق الأرض وما يجري مجرى البعض لها ولأن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي الحكم عما عداه؟ انتهى.
وقد ذكر صاحب «الكشاف» «1» ما هو أوضح من هذا فقال: إن قلت: هل لقول من زعم أن المعنى خلق لكم الأرض وما فيها وجه صحة؟ قلت: إن أراد بالأرض الجهات السفلية دون الغبراء- كما تذكر السماء ويراد الجهات العلوية- جاز ذلك فإن الغبراء وما فيها واقعة في الجهات السفلية. انتهى.
قال الشوكاني في «فتح القدير» «2» . وأما التراب فقد ورد في السنة تحريمه «3» ، وهو أيضا ضار فليس مما ينتفع به أكلا ولكنه ينتفع به في منافع أخرى وليس المراد منفعة خاصة كمنفعة الأكل بل كلما يصدق عليه أنه ينتفع به بوجه من الوجوه. ❝ ⏤صديق حسن خان
❞ قال الرازي في «تفسيره» إن لقائل أن يقول إن في جملة الأرض ما يطلق عليه أنه في الأرض فيكون جامعا للوصفين، ولا شك أن المعادن داخلة في ذلك وكذلك عروق الأرض وما يجري مجرى البعض لها ولأن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي الحكم عما عداه؟ انتهى.
وقد ذكر صاحب «الكشاف» «1» ما هو أوضح من هذا فقال: إن قلت: هل لقول من زعم أن المعنى خلق لكم الأرض وما فيها وجه صحة؟ قلت: إن أراد بالأرض الجهات السفلية دون الغبراء كما تذكر السماء ويراد الجهات العلوية جاز ذلك فإن الغبراء وما فيها واقعة في الجهات السفلية. انتهى.
قال الشوكاني في «فتح القدير» «2» . وأما التراب فقد ورد في السنة تحريمه «3» ، وهو أيضا ضار فليس مما ينتفع به أكلا ولكنه ينتفع به في منافع أخرى وليس المراد منفعة خاصة كمنفعة الأكل بل كلما يصدق عليه أنه ينتفع به بوجه من الوجوه . ❝