❞ لا تصدق نفسك ....إنها ماكرة
(و الله مخرج ما كنتم تكتمون ) (72– البقرة).
لقد قال أبوبكر أنه لا يطمئن إلى أنه صار إلى الجنة حتى و لو دخلت إحدى رجليه الجنة، مادامت الرجل الثانية لم تدخل بعد.. و ذلك خوفا من مكر الله.. خوفا من أن يكشف الله في اللحظة الأخيرة شرا مكتوما في نفسه يدخله به النار الأبدية.. شرا كان يكتمه أبوبكر في نفسه دون أن يدري به أو يدري عنه.
و تلك هي ذروة التقوى.....(خوف الله)
و التواضع و عدم الإطمئنان إلى براءة النفس و نقائها، و خلوها من الشوائب..و عدم الغرور بصالح الأعمال و خوف المكتوم الذي يمكن أن يفتضح فجأة بالامتحان.. لم يكن أبوبكر من أهل الدعاوي..لم يكن يدعي لنفسه منزلة أو صلاحا إنما كان من أهل الحقائق.
و أهل الحقائق في خوف دائما من أن تظهر فيهم حقيقة مكتومة لا يعلمون عنها شيئا تؤدي بهم إلى المهالك، فهم أمام نفوسهم في رجفة....و أمام الله في رجفة..و ذلك هو العلم الحق بالنفس و بالله
فالنفس هي(( السر الأعظم )).. و هي الغيب المطلسم..
هي غيب حتى عن صاحبها.. لا تنكشف له إلا من خلال المعاناة.. و هي في مكر دائم تظهر وجها من وجوهها،
و تخفي ألف وجه... ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ لا تصدق نفسك ..إنها ماكرة
(و الله مخرج ما كنتم تكتمون ) (72– البقرة).
لقد قال أبوبكر أنه لا يطمئن إلى أنه صار إلى الجنة حتى و لو دخلت إحدى رجليه الجنة، مادامت الرجل الثانية لم تدخل بعد. و ذلك خوفا من مكر الله. خوفا من أن يكشف الله في اللحظة الأخيرة شرا مكتوما في نفسه يدخله به النار الأبدية. شرا كان يكتمه أبوبكر في نفسه دون أن يدري به أو يدري عنه.
و تلك هي ذروة التقوى...(خوف الله)
و التواضع و عدم الإطمئنان إلى براءة النفس و نقائها، و خلوها من الشوائب.و عدم الغرور بصالح الأعمال و خوف المكتوم الذي يمكن أن يفتضح فجأة بالامتحان. لم يكن أبوبكر من أهل الدعاوي.لم يكن يدعي لنفسه منزلة أو صلاحا إنما كان من أهل الحقائق.
و أهل الحقائق في خوف دائما من أن تظهر فيهم حقيقة مكتومة لا يعلمون عنها شيئا تؤدي بهم إلى المهالك، فهم أمام نفوسهم في رجفة..و أمام الله في رجفة.و ذلك هو العلم الحق بالنفس و بالله
فالنفس هي(( السر الأعظم )). و هي الغيب المطلسم.
هي غيب حتى عن صاحبها. لا تنكشف له إلا من خلال المعاناة. و هي في مكر دائم تظهر وجها من وجوهها،
و تخفي ألف وجه. ❝
❞ ((المكر الإلهي)) للدكتور مصطفى محمود
بطل الحادث (( سليمة إبراهيم )) 801 جنايات الصف، اشتركت مع أخيها – 17 سنة – في قتل زوجها ضربا و خنقا، ثم هجمت عليه و أكلت أعضاءه و هو ميت.. هكذا تقول اعترافاتها المفصلة أمام وكيل النيابة و القاضي.. و هكذا شهدت الوقائع كما تشهد الجثة.
قرأت الحادث مع الألوف الذين قرأوه، و شعرت معهم بتلك القشعريرة الباردة، و الفضول إلى معرفة هذا الحادث الغريب في وحشيته.
هل يمكن أن يبلغ الغل بإمرأة إلى هذا المدى.
و ماذا يمكن أن تكون صورة هذا الوجه الذي يأكل الميتة.
طالعتني في سجن النساء بالقناطر إمرأة وسيمة، دقيقة الملامح، أسنانها جميلة كصفين من لؤلؤ.. على وجهها سكينة و طمأنينة.. تصلي و تصوم، و تنام نوما هادئا عميقا.. و كلامها كله عن رحمة الله و أمر الله و حكمة الله..
أيمكن أن يخالف الظاهر الباطن إلى هذا الحد؟
أيمكن أن تخدع الصور، و تكذب العين و اليد و اللسان؟
أيمكن أن تصبح الحياة كلها تمويها؟
و كيف يخلق الله للحقائق البشعة وجوها جميلة؟
و ما الدافع الذي أخرج من الباطن كل هذا الشر المخفي؟
و ما الذي هتك الحجاب و كشف النفس على ما هي عليه.
الزوج تزوج عليها..
هذا أمر عادي في البدو..
و هو يتكرر في تلك البيئة دون أن تأكل النساء أزواجهن.
الزوج طلق الزوجة ثم ردها..
كان يسيء معاملتها أمام الزوجة الجديدة.
أهي غضبة للنفس و للكرامة؟!
و لكن الزوجة اعترفت بأنها كانت على علاقات متعددة مع رجال متعددين أثناء الطلاق فهي لم تحفظ لنفسها كرامة..
كيف لا يبدو كل هذا الخراب النفسي على ذلك الوجه الجميل السمح الوديع، المطمئن الهادئ كأنه وجه قديس.
تذكرت رجلا جميلا رأيته ذات مرة.. كان جميلا فاتنا مفتول العضل، جذاب الصورة كأنه نجم سينما.. و كان مهذبا يتكلم بنبرة خفيضة.. و كان يجفل بنظراته في حياء.. ثم تبين لي فيما بعد أنه مجنون يعالج بالصدمات الكهربائية.
كان باطن الرجل خرابا مطلقا..
و كانت حقيقته الخواء.
و كان فارغا تماما و مجوفا من الداخل.. إلى هذا المدى يمكن أن تكذب الصور و تخدع الأشكال.
(( إن الله لا ينظر إلى صوركم و لا إلى أشكالكم و إنما ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم )).
في ليلة الجريمة عاد الزوج إلى زوجته بهدية من الحلوى ليصالحها (( لم يكن يدري برغم سنوات المعاشرة الطويلة أنه ينام كل ليلة مع ضبع )).. قتلته في لحظة غزل.. كيف واتتها الشجاعة؟
نفس السؤال يلح علي باستمرار.
كيف تتنكر الحقائق في غير ثيابها؟
و يلبس الباطل الحق..
و يلبس القبح الجمال..
و تلبس الجريمة الحب.
و كيف يخلق الخالق هذه العبوات الجميلة لهذه النفوس البشعة؟ كيف يضع السم في وردة و يضع العسل في عقرب، و يخفي المتفجرات في أقنعة من حرير؟
أهذا مصداق الآية:
(( و الله مخرج ما كنتم تكتمون )) (72– البقرة).
أهو المكر الإلهي الذي يستدرج به الله النفوس، و يمتحنها بعضها ببعض ليفضح خباياها و مكتوماتها، و ليخرج حقائقها و يكشف بشاعتها، فإذا بالمرأة الجميلة جلادا و إذا بالرجل الدميم ملاكا..
هي لا تشعر بندم أو تأنيب ضمير.. و يقينها أنها على الحق.
أيمكن ألا يعرف الواحد منا نفسه؟
لقد قال أبوبكر أنه لا يطمئن إلى أنه صار إلى الجنة حتى و لو دخلت إحدى رجليه الجنة، مادامت الرجل الثانية لم تدخل بعد.. و ذلك خوفا من مكر الله.. خوفا من أن يكشف الله في اللحظة الأخيرة شرا مكتوما في نفسه يدخله به النار الأبدية.. شرا كان يكتمه أبوبكر في نفسه دون أن يدري به أو يدري عنه.
و تلك هي ذروة التقوى..
خوف الله..
و التواضع و عدم الإطمئنان إلى براءة النفس و نقائها، و خلوها من الشوائب..
و عدم الغرور بصالح الأعمال..
و خوف المكتوم الذي يمكن أن يفتضح فجأة بالامتحان..
لم يكن أبوبكر من أهل الدعاوي..
لم يكن يدعي لنفسه منزلة أو صلاحا..
و إنما كان من أهل الحقائق..
و أهل الحقائق في خوف دائما من أن تظهر فيهم حقيقة مكتومة لا يعلمون عنها شيئا تؤدي بهم إلى المهالك، فهم أمام نفوسهم في رجفة..
و أمام الله في رجفة..
و ذلك هو العلم الحق بالنفس و بالله..
فالنفس هي(( السر الأعظم )).. و هي الغيب المطلسم..
هي غيب حتى عن صاحبها.. لا تنكشف له إلا من خلال المعاناة.. و هي في مكر دائم تظهر وجها من وجوهها، و تخفي ألف وجه..
~
من كتاب (القرآن كائن حي). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ ((المكر الإلهي)) للدكتور مصطفى محمود
بطل الحادث (( سليمة إبراهيم )) 801 جنايات الصف، اشتركت مع أخيها – 17 سنة – في قتل زوجها ضربا و خنقا، ثم هجمت عليه و أكلت أعضاءه و هو ميت. هكذا تقول اعترافاتها المفصلة أمام وكيل النيابة و القاضي. و هكذا شهدت الوقائع كما تشهد الجثة.
قرأت الحادث مع الألوف الذين قرأوه، و شعرت معهم بتلك القشعريرة الباردة، و الفضول إلى معرفة هذا الحادث الغريب في وحشيته.
هل يمكن أن يبلغ الغل بإمرأة إلى هذا المدى.
و ماذا يمكن أن تكون صورة هذا الوجه الذي يأكل الميتة.
طالعتني في سجن النساء بالقناطر إمرأة وسيمة، دقيقة الملامح، أسنانها جميلة كصفين من لؤلؤ. على وجهها سكينة و طمأنينة. تصلي و تصوم، و تنام نوما هادئا عميقا. و كلامها كله عن رحمة الله و أمر الله و حكمة الله.
أيمكن أن يخالف الظاهر الباطن إلى هذا الحد؟
أيمكن أن تخدع الصور، و تكذب العين و اليد و اللسان؟
أيمكن أن تصبح الحياة كلها تمويها؟
و كيف يخلق الله للحقائق البشعة وجوها جميلة؟
و ما الدافع الذي أخرج من الباطن كل هذا الشر المخفي؟
و ما الذي هتك الحجاب و كشف النفس على ما هي عليه.
الزوج تزوج عليها.
هذا أمر عادي في البدو.
و هو يتكرر في تلك البيئة دون أن تأكل النساء أزواجهن.
الزوج طلق الزوجة ثم ردها.
كان يسيء معاملتها أمام الزوجة الجديدة.
أهي غضبة للنفس و للكرامة؟!
و لكن الزوجة اعترفت بأنها كانت على علاقات متعددة مع رجال متعددين أثناء الطلاق فهي لم تحفظ لنفسها كرامة.
كيف لا يبدو كل هذا الخراب النفسي على ذلك الوجه الجميل السمح الوديع، المطمئن الهادئ كأنه وجه قديس.
تذكرت رجلا جميلا رأيته ذات مرة. كان جميلا فاتنا مفتول العضل، جذاب الصورة كأنه نجم سينما. و كان مهذبا يتكلم بنبرة خفيضة. و كان يجفل بنظراته في حياء. ثم تبين لي فيما بعد أنه مجنون يعالج بالصدمات الكهربائية.
كان باطن الرجل خرابا مطلقا.
و كانت حقيقته الخواء.
و كان فارغا تماما و مجوفا من الداخل. إلى هذا المدى يمكن أن تكذب الصور و تخدع الأشكال.
(( إن الله لا ينظر إلى صوركم و لا إلى أشكالكم و إنما ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم )).
في ليلة الجريمة عاد الزوج إلى زوجته بهدية من الحلوى ليصالحها (( لم يكن يدري برغم سنوات المعاشرة الطويلة أنه ينام كل ليلة مع ضبع )). قتلته في لحظة غزل. كيف واتتها الشجاعة؟
نفس السؤال يلح علي باستمرار.
كيف تتنكر الحقائق في غير ثيابها؟
و يلبس الباطل الحق.
و يلبس القبح الجمال.
و تلبس الجريمة الحب.
و كيف يخلق الخالق هذه العبوات الجميلة لهذه النفوس البشعة؟ كيف يضع السم في وردة و يضع العسل في عقرب، و يخفي المتفجرات في أقنعة من حرير؟
أهذا مصداق الآية:
(( و الله مخرج ما كنتم تكتمون )) (72– البقرة).
أهو المكر الإلهي الذي يستدرج به الله النفوس، و يمتحنها بعضها ببعض ليفضح خباياها و مكتوماتها، و ليخرج حقائقها و يكشف بشاعتها، فإذا بالمرأة الجميلة جلادا و إذا بالرجل الدميم ملاكا.
هي لا تشعر بندم أو تأنيب ضمير. و يقينها أنها على الحق.
أيمكن ألا يعرف الواحد منا نفسه؟
لقد قال أبوبكر أنه لا يطمئن إلى أنه صار إلى الجنة حتى و لو دخلت إحدى رجليه الجنة، مادامت الرجل الثانية لم تدخل بعد. و ذلك خوفا من مكر الله. خوفا من أن يكشف الله في اللحظة الأخيرة شرا مكتوما في نفسه يدخله به النار الأبدية. شرا كان يكتمه أبوبكر في نفسه دون أن يدري به أو يدري عنه.
و تلك هي ذروة التقوى.
خوف الله.
و التواضع و عدم الإطمئنان إلى براءة النفس و نقائها، و خلوها من الشوائب.
و عدم الغرور بصالح الأعمال.
و خوف المكتوم الذي يمكن أن يفتضح فجأة بالامتحان.
لم يكن أبوبكر من أهل الدعاوي.
لم يكن يدعي لنفسه منزلة أو صلاحا.
و إنما كان من أهل الحقائق.
و أهل الحقائق في خوف دائما من أن تظهر فيهم حقيقة مكتومة لا يعلمون عنها شيئا تؤدي بهم إلى المهالك، فهم أمام نفوسهم في رجفة.
و أمام الله في رجفة.
و ذلك هو العلم الحق بالنفس و بالله.
فالنفس هي(( السر الأعظم )). و هي الغيب المطلسم.
هي غيب حتى عن صاحبها. لا تنكشف له إلا من خلال المعاناة. و هي في مكر دائم تظهر وجها من وجوهها، و تخفي ألف وجه.
~
من كتاب (القرآن كائن حي). ❝