❞ الزوجة الرائعة هي التي تخيط جورب زوجها فور أن ينقطع. الزوجة الرائعة هي التي تلقي بجورب زوجها خارج البيت فور أن ينقطع.
تكون الأولى رائعة عندما يراها الزوج مهتمة وحنونًا.
وتكون الثانية رائعة عندما يراها الزوج معتزة به لدرجة أنها لا تقبل عليه أن يرتدي جوربًا تم إصلاحه.
مع رجال آخرين يمكن اتهام الزوجة الأولى بأنها لا تحسن الغسل فأضرت بالجورب، ويمكن اتهام الثانية بأنها خرقاء مبددة.
الرضا بين الزوجين ليس مبنيًا على أفعال الطرف الآخر فقط كما يظن الكثيرون، بل يُبنى بالأساس على استقبالنا لأفعال الشريك، وقدرة نفوسنا على الشكر.. ❝ ⏤محمود توفيق
❞ الزوجة الرائعة هي التي تخيط جورب زوجها فور أن ينقطع. الزوجة الرائعة هي التي تلقي بجورب زوجها خارج البيت فور أن ينقطع.
تكون الأولى رائعة عندما يراها الزوج مهتمة وحنونًا.
وتكون الثانية رائعة عندما يراها الزوج معتزة به لدرجة أنها لا تقبل عليه أن يرتدي جوربًا تم إصلاحه.
مع رجال آخرين يمكن اتهام الزوجة الأولى بأنها لا تحسن الغسل فأضرت بالجورب، ويمكن اتهام الثانية بأنها خرقاء مبددة.
الرضا بين الزوجين ليس مبنيًا على أفعال الطرف الآخر فقط كما يظن الكثيرون، بل يُبنى بالأساس على استقبالنا لأفعال الشريك، وقدرة نفوسنا على الشكر. ❝
❞ (ميمونة بنت الحارث)
هي زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت آخر امرأة تزوجها رسول الله.
نسب ميمونة بنت الحارث
هي ميمونة بنت الحارث بن حَزْن الهلالية، أمها: هند بنت عوف بن زهير
وهند بنت عوفٍ هي أيضا أم زينب بنت خزيمة الهلالية زوج النبي محمد. وقد كان يقال: أكرمُ أصهار عجوزٍ في الأرض هندُ بنت عوف.
زواج ميمونة بنت الحارث من رسول الله
لما تأيَّمت ميمونة بنت الحارث -رضي الله عنها- عرضها العباس رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم في الجُحْفَة، فتزوَّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبنى بها بسَرِف على عشرة أميال من مكة، وكانت آخر امرأة تزوَّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك سنة سبع للهجرة (629م) في عمرة القضاء. وهي خالة خالد بن الوليد وعبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- وقد أصدقها العباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعمائة درهم، وكانت قَبْلَه عند أبي رُهْم بن عبد العزى؛ ويقال: إنها التي وَهَبَتْ نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم؛ وذلك أن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم انتهت إليها وهي على بعيرها، فقالت: البعير وما عليه لله ولرسوله. فأنزل الله تبارك وتعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [االأحزاب]
وكانت -رضي الله عنها- قريبة من رسول الله، فكانت تغتسل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في إناء واحد.
الحكمة من زواج النبي من ميمونة بنت الحارث
لقد حقَّق النبي صلى الله عليه وسلم بزواجه من السيدة ميمونة -رضي الله عنها- مصلحة عُلْيَا، وهي أنه صلى الله عليه وسلم بهذه المصاهرة لبني هلال كَسَبَ تأييدهم، وتألَّف قلوبهم، وشجعهم على الدخول في الإسلام، وهذا ما حدث بالفعل، فقد وجد النبي صلى الله عليه وسلم منهم العطف الكامل والتأييد المطلق، وأصبحوا يدخلون في الإسلام تباعًا، ويعتنقونه طواعيةً واختيارًا.
ميمونة بنت الحارث في بيت النبي
وبانضمام السيدة ميمونة -رضي الله عنها- إلى ركب آل البيت، وإلى أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لها -كما لأُمَّهات المؤمنين رضي الله عنهن- دور كبير في نقل حياة رسول الله إلى الأُمَّة، كما قال الله تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} [الأحزاب].
قال البغوي: قوله: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ} يعني: القرآن، {وَالْحِكْمَةِ}
و قال قتادة: يعني السُّنَّة.
وقال مقاتل: أحكام القرآن ومواعظه.
ومن ثَمَّ كانت أُمَّهات المؤمنين تنقل الأحكام الشرعية بدقَّة بالغة، فنجد الأحاديث التي يُذكر فيها الغسل والوضوء وما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم في نومه واستيقاظه ودخوله وخروجه، وما كان أحد لينقل هذه الأمور كلها بهذه الدقَّة إلاَّ أُمَّهات المؤمنين رضي الله عنهن؛ وذلك نظرًا لصحبتهن الدائمة للرسول صلى الله عليه وسلم.
مكانة ميمونة بنت الحارث
كان للسيِّدة ميمونة بنت الحارث -رضي الله عنها- مكانتها بين أُمَّهات المؤمنين؛ فهي أخت أُمِّ الفضل زوجة العباس، وخالة خالد بن الوليد، كما أنها خالة ابن عباس.
ورُوي لها سبعة أحاديث في \"الصحيحين\"، وانفرد لها البخاري بحديث، ومسلم بخمسة، وجميع ما روت ثلاثة عشر حديثًا.
وقد وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم وأخواتها بالمؤمنات؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: \"الأَخَوَاتُ مُؤْمِنَاتٌ: مَيْمُونَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ، وَأُمُّ الْفَضْلِ بنتُ الْحَارِثِ، وسَلْمَى امْرَأَةُ حَمْزَةَ، وَأَسْمَاءُ بنتُ عُمَيْسٍ هِيَ أُخْتُهُنَّ لأُمِّهِنَّ\".
وفاتها
وبعد انتقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى ظلت السيدة ميمونة تعيش لحظات الحنين للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، حتى أنها أوصت بدفنها في نفس المكان الذي بنى بها فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وتوفيت بعد عودتها من الحج بسرف، في الموضع الذي زفت فيه إلى النبي محمد، ويقع على طريق المدينة المنورة - مكة المكرمة قبل الوصول إلى مسجد التنعيم بعشرة كيلومترات، ودفنت حيث أوصت في موضع قبتها هناك سنة 51 هـ وصلى عليها ابن أختها عبد الله بن العباس.
تقول عنها عائشة: \" ذهبت والله ميمونة.. أما إنها كانت من أتقانا الله وأوصلنا للرحم \".
فهؤلاء أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللاتي دخل بهن ، وتوفيت منهن اثنتان في حياة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وهما : خديجة ، وزينب بنت خزيمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما ، وتوفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن التسع البواقي من غير خلاف بين أهل العلم .
#أمهات_المؤمنين
#صفاءفوزي. ❝ ⏤مجموعة من المؤلفين
❞ (ميمونة بنت الحارث)
هي زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت آخر امرأة تزوجها رسول الله.
نسب ميمونة بنت الحارث
هي ميمونة بنت الحارث بن حَزْن الهلالية، أمها: هند بنت عوف بن زهير
وهند بنت عوفٍ هي أيضا أم زينب بنت خزيمة الهلالية زوج النبي محمد. وقد كان يقال: أكرمُ أصهار عجوزٍ في الأرض هندُ بنت عوف.
زواج ميمونة بنت الحارث من رسول الله
لما تأيَّمت ميمونة بنت الحارث -رضي الله عنها- عرضها العباس رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم في الجُحْفَة، فتزوَّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبنى بها بسَرِف على عشرة أميال من مكة، وكانت آخر امرأة تزوَّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك سنة سبع للهجرة (629م) في عمرة القضاء. وهي خالة خالد بن الوليد وعبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- وقد أصدقها العباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعمائة درهم، وكانت قَبْلَه عند أبي رُهْم بن عبد العزى؛ ويقال: إنها التي وَهَبَتْ نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم؛ وذلك أن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم انتهت إليها وهي على بعيرها، فقالت: البعير وما عليه لله ولرسوله. فأنزل الله تبارك وتعالى: ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [االأحزاب]
وكانت -رضي الله عنها- قريبة من رسول الله، فكانت تغتسل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في إناء واحد.
الحكمة من زواج النبي من ميمونة بنت الحارث
لقد حقَّق النبي صلى الله عليه وسلم بزواجه من السيدة ميمونة -رضي الله عنها- مصلحة عُلْيَا، وهي أنه صلى الله عليه وسلم بهذه المصاهرة لبني هلال كَسَبَ تأييدهم، وتألَّف قلوبهم، وشجعهم على الدخول في الإسلام، وهذا ما حدث بالفعل، فقد وجد النبي صلى الله عليه وسلم منهم العطف الكامل والتأييد المطلق، وأصبحوا يدخلون في الإسلام تباعًا، ويعتنقونه طواعيةً واختيارًا.
ميمونة بنت الحارث في بيت النبي
وبانضمام السيدة ميمونة -رضي الله عنها- إلى ركب آل البيت، وإلى أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لها -كما لأُمَّهات المؤمنين رضي الله عنهن- دور كبير في نقل حياة رسول الله إلى الأُمَّة، كما قال الله تعالى: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا﴾ [الأحزاب].
قال البغوي: قوله: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ﴾ يعني: القرآن، ﴿وَالْحِكْمَةِ﴾ و قال قتادة: يعني السُّنَّة.
وقال مقاتل: أحكام القرآن ومواعظه.
ومن ثَمَّ كانت أُمَّهات المؤمنين تنقل الأحكام الشرعية بدقَّة بالغة، فنجد الأحاديث التي يُذكر فيها الغسل والوضوء وما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم في نومه واستيقاظه ودخوله وخروجه، وما كان أحد لينقل هذه الأمور كلها بهذه الدقَّة إلاَّ أُمَّهات المؤمنين رضي الله عنهن؛ وذلك نظرًا لصحبتهن الدائمة للرسول صلى الله عليه وسلم.
مكانة ميمونة بنت الحارث
كان للسيِّدة ميمونة بنت الحارث -رضي الله عنها- مكانتها بين أُمَّهات المؤمنين؛ فهي أخت أُمِّ الفضل زوجة العباس، وخالة خالد بن الوليد، كما أنها خالة ابن عباس.
ورُوي لها سبعة أحاديث في ˝الصحيحين˝، وانفرد لها البخاري بحديث، ومسلم بخمسة، وجميع ما روت ثلاثة عشر حديثًا.
وقد وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم وأخواتها بالمؤمنات؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ˝الأَخَوَاتُ مُؤْمِنَاتٌ: مَيْمُونَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ، وَأُمُّ الْفَضْلِ بنتُ الْحَارِثِ، وسَلْمَى امْرَأَةُ حَمْزَةَ، وَأَسْمَاءُ بنتُ عُمَيْسٍ هِيَ أُخْتُهُنَّ لأُمِّهِنَّ˝.
وفاتها
وبعد انتقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى ظلت السيدة ميمونة تعيش لحظات الحنين للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، حتى أنها أوصت بدفنها في نفس المكان الذي بنى بها فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وتوفيت بعد عودتها من الحج بسرف، في الموضع الذي زفت فيه إلى النبي محمد، ويقع على طريق المدينة المنورة - مكة المكرمة قبل الوصول إلى مسجد التنعيم بعشرة كيلومترات، ودفنت حيث أوصت في موضع قبتها هناك سنة 51 هـ وصلى عليها ابن أختها عبد الله بن العباس.
تقول عنها عائشة: ˝ ذهبت والله ميمونة. أما إنها كانت من أتقانا الله وأوصلنا للرحم ˝.
فهؤلاء أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللاتي دخل بهن ، وتوفيت منهن اثنتان في حياة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وهما : خديجة ، وزينب بنت خزيمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما ، وتوفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن التسع البواقي من غير خلاف بين أهل العلم .
❞ هديه ﷺ في الجنائز :
كان هديه ﷺ في الجنائز أكمل الهدي ، مخالفاً لهدي سائر الأمم ، مشتملاً على الإحسان إلى الميت ومعاملته بما ينفعه في قبره ويوم معاده ، وعلى الإحسان إلى أهله وأقاربه ، وكان من هديه في الجنائز إقامة العبودية للرب تبارك وتعالى على أكمل الأحوال ، والإحسان إلى الميت وتجهيزه إلى الله على أحسن أحواله وأفضلها ، ووقوفه ووقوف أصحابه صفوفاً يحمدون الله ويستغفرون له ، ويسألون له المغفرة والرحمة والتجاوز عنه ، ثم المشي بين يديه إلى أن يودعوه حفرته ، ثم يقوم هو وأصحابه بين يديه على قبره سائلين له التثبيت أحوج ما كان إليه ، ثم يتعاهده بالزيارة له في قبره ، والسلام عليه والدعاء له كما يتعاهد الحي صاحبه في دار الدنيا ، فأول ذلك تعاهده في مرضه ، وتذكيره الآخرة ، وأمره بالوصية ، والتوبة ، وأمر من حضره بتلقينه شهادة أن لا إله إلا الله لتكون آخر كلامه ، ثم النهي عن عادة الأمم التي لا تؤمِنُ بالبعث والنشور ، مِن لطم الخُدُود ، وشق الثياب ، وحلق الرؤوس ، ورفع الصوت بالندب ، والنياحة وتوابع ذلك ، وسَنَّ ﷺ الخشوع للميت ، والبكاء الذي لا صوت معه ، وحُزْنَ القلب ، وكان يفعل ذلك ويقول ( تَدْمَعُ العَيْنُ وَيَحْزَنُ القَلْبُ وَلَا نَقُولُ إلا ما يُرضِي الرَّبِّ ) ، وسَنَّ لأمته الحمد والاسترجاع والرضى عن الله ، ولم يكن ذلك منافياً لدمع العين وحزن القلب ، ولذلك كان ﷺ أرضى الخلقِ عن الله في قضائه ، وأعظمهم ، وبكى مع ذلك يوم موت ابنه إبراهيم رأفة منه ، ورحمة للولد ، ورقة عليه ، والقلب ممتلىء بالرضى عن الله عز وجل وشكره ، واللسانُ مشتغل بذكره وحمده ، وكان من هديه ﷺ الاسراع بتجهيز الميت إلى الله ، وتطهيره ، وتنظيفه ، وتطييبه ، وتكفينه في الثياب البيض ، ثم يُؤتى به إليه ، فيُصلي عليه بعد أن كان يُدعى إلى الميت عند احتضاره فيُقيم عنده حتى يقضي ، ثم يحضر تجهيزه ، ثم يُصلِّي عليه ، ويشيعه إلى قبره ، ثم رأى الصحابة أن ذلك يشق عليه ، فكانوا إذا قضى الميت ، دعوه فحضر ، تجهيزه وغسله وتكفينه ، ثم رأوا أن ذلك يشق عليه ، فكانوا هم يُجهزون ، ميتهم ، ويحملونه إليه ﷺ على سريره ، فيُصلي عليه خارج المسجد ، ولم يكن من هديه الراتب الصلاة عليه في المسجد ، وإنما كان يُصلي على الجنازة خارج المسجد ، وربما كان يصلي أحياناً على الميت في المسجد ، كما صلى على سهيل بن بيضاء وأخيه في المسجد ، ولكن لم يكن ذلك سنته وعادته ، وكان من هديه ﷺ تسجيةُ الميت إذا مات وتغميض عينيه ، وتغطية وجهه و بدنه ، وكان رُبما يُقبل الميت كما قبَّل عثمان بن مظعون وبكى ، وكذلك الصديق أكب عليه ، فقبله بعد موته ، وكان ﷺ يأمر بغسل الميت ثلاثاً أو خمساً ، أو أكثر بحسب ما يراه الغاسل ، ويأمر بالكافور في الغسلة الأخيرة ، وكان لا يُغسل الشُّهَداءَ قَتْلَى المعركة ، وذكر الإمام أحمد أنه نهى عن تغسيلهم ، وكان ينزع عنهم الجلود والحديد ويَدفنُهم في ثيابهم ، ولم يُصل عليهم ، وكان إذا مات المُحرِمُ ، أمر أن يُغسل بماء وسدر ، ويكفن في ثوبيه وهما ثوبا إحرامه ، إزاره ورداؤه وينهى عن تطييبه وتغطية رأسه ، وكان يأمر من ولي الميت أن يُحسن كفنه ، ويُكفنه في البياض ، وينهى عن المغالاة في الكفن ، وكان إذا قصَّرَ الكفن عن سَتر جميع البدن غطّى رأسه ، وجعل على رجليه من العشب.. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ هديه ﷺ في الجنائز :
كان هديه ﷺ في الجنائز أكمل الهدي ، مخالفاً لهدي سائر الأمم ، مشتملاً على الإحسان إلى الميت ومعاملته بما ينفعه في قبره ويوم معاده ، وعلى الإحسان إلى أهله وأقاربه ، وكان من هديه في الجنائز إقامة العبودية للرب تبارك وتعالى على أكمل الأحوال ، والإحسان إلى الميت وتجهيزه إلى الله على أحسن أحواله وأفضلها ، ووقوفه ووقوف أصحابه صفوفاً يحمدون الله ويستغفرون له ، ويسألون له المغفرة والرحمة والتجاوز عنه ، ثم المشي بين يديه إلى أن يودعوه حفرته ، ثم يقوم هو وأصحابه بين يديه على قبره سائلين له التثبيت أحوج ما كان إليه ، ثم يتعاهده بالزيارة له في قبره ، والسلام عليه والدعاء له كما يتعاهد الحي صاحبه في دار الدنيا ، فأول ذلك تعاهده في مرضه ، وتذكيره الآخرة ، وأمره بالوصية ، والتوبة ، وأمر من حضره بتلقينه شهادة أن لا إله إلا الله لتكون آخر كلامه ، ثم النهي عن عادة الأمم التي لا تؤمِنُ بالبعث والنشور ، مِن لطم الخُدُود ، وشق الثياب ، وحلق الرؤوس ، ورفع الصوت بالندب ، والنياحة وتوابع ذلك ، وسَنَّ ﷺ الخشوع للميت ، والبكاء الذي لا صوت معه ، وحُزْنَ القلب ، وكان يفعل ذلك ويقول ( تَدْمَعُ العَيْنُ وَيَحْزَنُ القَلْبُ وَلَا نَقُولُ إلا ما يُرضِي الرَّبِّ ) ، وسَنَّ لأمته الحمد والاسترجاع والرضى عن الله ، ولم يكن ذلك منافياً لدمع العين وحزن القلب ، ولذلك كان ﷺ أرضى الخلقِ عن الله في قضائه ، وأعظمهم ، وبكى مع ذلك يوم موت ابنه إبراهيم رأفة منه ، ورحمة للولد ، ورقة عليه ، والقلب ممتلىء بالرضى عن الله عز وجل وشكره ، واللسانُ مشتغل بذكره وحمده ، وكان من هديه ﷺ الاسراع بتجهيز الميت إلى الله ، وتطهيره ، وتنظيفه ، وتطييبه ، وتكفينه في الثياب البيض ، ثم يُؤتى به إليه ، فيُصلي عليه بعد أن كان يُدعى إلى الميت عند احتضاره فيُقيم عنده حتى يقضي ، ثم يحضر تجهيزه ، ثم يُصلِّي عليه ، ويشيعه إلى قبره ، ثم رأى الصحابة أن ذلك يشق عليه ، فكانوا إذا قضى الميت ، دعوه فحضر ، تجهيزه وغسله وتكفينه ، ثم رأوا أن ذلك يشق عليه ، فكانوا هم يُجهزون ، ميتهم ، ويحملونه إليه ﷺ على سريره ، فيُصلي عليه خارج المسجد ، ولم يكن من هديه الراتب الصلاة عليه في المسجد ، وإنما كان يُصلي على الجنازة خارج المسجد ، وربما كان يصلي أحياناً على الميت في المسجد ، كما صلى على سهيل بن بيضاء وأخيه في المسجد ، ولكن لم يكن ذلك سنته وعادته ، وكان من هديه ﷺ تسجيةُ الميت إذا مات وتغميض عينيه ، وتغطية وجهه و بدنه ، وكان رُبما يُقبل الميت كما قبَّل عثمان بن مظعون وبكى ، وكذلك الصديق أكب عليه ، فقبله بعد موته ، وكان ﷺ يأمر بغسل الميت ثلاثاً أو خمساً ، أو أكثر بحسب ما يراه الغاسل ، ويأمر بالكافور في الغسلة الأخيرة ، وكان لا يُغسل الشُّهَداءَ قَتْلَى المعركة ، وذكر الإمام أحمد أنه نهى عن تغسيلهم ، وكان ينزع عنهم الجلود والحديد ويَدفنُهم في ثيابهم ، ولم يُصل عليهم ، وكان إذا مات المُحرِمُ ، أمر أن يُغسل بماء وسدر ، ويكفن في ثوبيه وهما ثوبا إحرامه ، إزاره ورداؤه وينهى عن تطييبه وتغطية رأسه ، وكان يأمر من ولي الميت أن يُحسن كفنه ، ويُكفنه في البياض ، وينهى عن المغالاة في الكفن ، وكان إذا قصَّرَ الكفن عن سَتر جميع البدن غطّى رأسه ، وجعل على رجليه من العشب. ❝
❞ نشرَت جريدة الصنداي تايمز، هذا النهار، خبر تسرب شعاع غامض من مدينة أدرنَّة التركية على الحدود اليونانية، وتكهّن مواطن يوناني الْتقتهُ مراسلة الصحيفة، بأنهم على الحدّ الفاصل لليونان، شاهدوا ليومين متتاليين، أشِعّة أرجوانية اللون، غامضة تومض لدقائق ثم تنْساب على مدَى الأفق وكأنها طيفٌ خيالي، تبعتها رياح مُغْبّرة، وما زادَ الأمر تعقيدًا، إصابة كلّ من صادف تواجدهُ تلك الساعة بالمنطقة، بحكّة جلْدية شرِسة، وتوَسّعت المراسلة الصحفية في الخبر، بالتحقيق مع سكان المنطقتين من كلا الجانبين، ما أفضى بالنهاية، لتوْقيفها من قبل السلطات التركية ومصادرة الكاميرا ولكنها تمكّنت من تسريب صور التحقيق...
لم يلفت ذلك الخبر نظر العالم الذي كان مشغولاً بأخبار الأمير هاري وميغان، وحتى خبر الصنداي حول الشعاع الأرجواني نُشر بصفحةٍ داخلية، وغطى عليه بذات اليوم، خبر اغتيال قاسم سليماني...وحدهُ القرمزي، الذي قرأ الجريدة في المساء، متأخرًا عن عادة قراءتها في الصباح، بينما كان يحتسي قهوته السوداء في رصيف مقهى ميدان الكاتدرائيّة...
قربّ السفارة البحرينية في لندن نهار اليوم التالي، كان ثمّة بضعة عشرات من متظاهرين احتشدوا تحت رذاذ المطر، حملوا يافطات ورقية هزيلة مسَحَت قطرات المطر حِبرها، مطالبين بديمقراطية، بينمّا كان واحدٌ منهم يحمل صورة القتيل قاسم سليماني...كانت فجْوَة غير مُنصفة تلك اللحظة التي ضاع فيها خبر الصنداي، وعلى الضفة الأخرى من الشارع، تدخل البوليس لتفريق مجموعة مُتعرّية، حملت شعاراتٍ بيئية، كان الطقس ضبابيًا وحركة السير مرتبكة...
\"لا أستطيع دخول السفارة هذا اليوم، سوف الْفتُ الأنظار، وأخشى لو سلَمت الجواز لتجديده، تتم مصادرته، ما رأيكِ أوليفيا؟ هل استمر؟\"
وقف ناصر رجب، مرتديًا بدلة سوداء فضفاضة، متخفيًا بجهٍةٍ من الشارع، بجانب ثلاثة أجانب رجل وامرأتين يحاولون جرّ أحد الكلاب، قاوم رغبتهم في السير...كان يتحدّث في الهاتف ويحاول جاهدًا استراق النظر نحو ما يجري قربّ السفارة...
كانت أوليفيا روي على الطرفِ الآخر، من الهاتف تقبع بركنٍ من مطعم صغير، يطلّ على ساحل بُحَيرة، تحتجز بطرفِها عدّة قواربّ صغيرة، بعضها شراعي، وثمّة زبائن آخرين يحلِّقون على موائد الرصيف، وكان هنالك نباح كلب يأتي من مسافة...كانت تتحدّث بالهاتف وسرعان ما أنْهَت المكالمة لدي دخول بسام داوود الأسود...كان يحمل معه حقيبة رجل أعمال ويرتدي قميصًا أبيض ومعطفًا كحلي، مع سروال أسود، أبقى نظارته السوداء رغم الطقس الغائم...جلس مقابلاً لها، وعلت وجههُ ابتسامة صفراء...
\"أوليفيا\"
قال ذلك وهو يشير لنادل صغير السِنّ، أمْهَق البشرة، ضيق العينين، أقتربّ منه حالمّا لمح إشارته...
\"متى وصَلت َلوغانو؟\"
سألته المرأة السويسرية، وهي تُشير للنادل أن ينتظر لحظة...
\"الآن\"
أجابها وعادَ للنادل، طلب نبيذًا أحمر، التفتَ للمرأة يسألها بحِيرةٍ بدت على وجهه.
\"ماذا تأكلين؟\"
\"بيتزا\"
أجابتهُ.
عادَ للنادل وقال وهو يحُكّ ذقنه مفكرًا...
\"لا شيء، فقط نبيذ احمر\"
\"كنت على الهاتف منذ لحظة مع ناصر رجب، يواجه مشكلة انتهاء صلاحية جواز سفره، لهذا تأخر بالمجيء إلى ميلانو\"
بدت عليه العصبية، زفَر بحدّة وقال بنبرةٍ يائِسة...
\"هذا الأحمق لا يعرف كيف يتدَبر أمره بتاتًا، كيف تمكّن من الإثراء؟!
تنهّد ثانية واستدرك وهو ينظر لسيدة مُسِنّة دخلت المطعم وهي تواجه صعوبة في إغلاق مظلة المطر...
\"كيف تثقين به؟ ألا تخشين أن يورّطكِ؟\"
قطع تركيزه اصطدام إحدى النادلات بأحد الزبائن قادم من جهة الحمام كما يبدو، تصاعدَت رائحة شواء من الداخل، نظر الأسود إلى حقيبته بجانبه قربّ عمود الطاولة ثم التفت وراءه، وعاد ينظر للمرأة، كانت تحدّق بكوب القهوة أمامها...
\"أُفضل أن تسوي القضية معهم خارج المحكمة، مُجرّد ذهابكَ للمحاكمة سيشوِّش عليك، أنت تحت الأنظار منذ قضية الورق. اشْتر بعض المساهمين، وأضْمَن أنك ستكْسب أضعافًا لأنّني سأكون حرّة في عقد صفقات خارجية، دون إثارة الرأي العام في بلدك...\"
ارْجَع ظهره للوراء، قهقه بازدراءٍ وقال بنبرةِ مقت...
\"هؤلاء جشعون، لن يرضوا بالقليل، مع أنهم مفلسون ولا أصدق تعنتهم وعدم بيعهم للأسهم\"
وفجأة خرجت مُنفلِتة إحدى النادلات وهي تهرول، ولَحِق بها أحد الزبائن...انتصب بعض الرواد قربّ سياج المكان وراحوا يحدقون من النافذة بفضول ...
\"ماذا يجري في الخارج؟\"
سأل بسام الأسود باهتمام...
\"لوغانو أهدأ مكان على الأرض، لا تهتم\"
في الخارج كان يدور جدَل بين بعض الأفراد، وهناك على بعد مسافة أمتار بمحاذاة البحر طفق تجمعٌ يرْصدُ الأفق، كانت سيارات متنوِّعة تعبُر الشارع البحري من الجهتين، وثمّة أشخاصٌ يحاولون العبور، نحو الحشد الذي كان يتَطلَّع نحو لا شيء! الوقت قبل الغروب، والسماء غائِمة، ونسمات هواء باردة تُحرك أوراق الأشجار التي تساقط بعضها، صفراء على الأرض.
\"مجرّد وميضٍ خريفي من ذلك الذي يسْبقُ فترة تباين الفصول، الناس في المدينة الناعِسة، تهتم بتفاصيل رتيبة لعدمِ وجود ما يثير هنا، أي شيءٍ تافه ولو انتحار نحلة يحرك الناس!\"
قالت أوليفيا ذلك بنغمةٍ لا مبالية لدى انتهاء لقائهما... وقبل أن ينفصلا عند واجهة رصيف المطعم، سأل الأسود أحد المارَّة، وفي نظرتهِ فضول تجاه بقايا التجمع عند مرفأ البحر، مقابل شارع رئيسي، لم تتوقف عليه حركة السيارات، بكلّا الاتجاهين...
\"يقال وميض شمسي حاد قصَف بعض من كانوا يتنزهون على الساحل\"
أجاب رجل متوسط العمر تبدو عليه ملامح جنوب آسيا...ثم مضى في سبيله.
\"غريب\"
قال الأسود بعدمِ مبالاة
\" ما وجهُ الغرابة؟\"
سألَت أوليفيا روي وهي تهم بالانصراف وقد تدَلّت حقيبة بيضاء بكتفِها، فيما حمل الأسود حقيبة رجل الأعمال بيده اليسرى.
\"ألم تسمعِ منذ أيام خبر الصنداي تايمز؟\"!!
مطّت شفتيها، بمُجرّد مغادرتهِ، سارَت بتمَهُّلٍ نحو رصيف الشارع، توقفَت عند نافورة مياه، أشعلَت سيجارة، وتلفَّتَت حوْلها، لمحَت زوجين عجوزين، يقبِّلان بعضهما، بينما شابين مراهقين، يتشاجران برتابةٍ مُمِلّة، مقابلهما...بدت حائرة حتى نطَّ فجأة بجانبِها طفلٌ بسنِّ الخامسة أفلَتَ من يدِ والده الخمسيني العمر، الذي انْشغل بتَملُّقِ فتاة تصْغرهُ سنّا ونسي طفلهُ...تعلَّق بأوليفيا وخاطبَها ببراءةٍ ورأسه لفوْق يحدّق بها...
\"تشبهين جدتي\"
مطاردة هزيلة
بداية موْسِم خريفي، زخَرت فيه سماء مدينة ميلانو، بطقْسٍ رمادي اللون، ملأّت أرصفتها وريقاتٌ صفراء، بكثافةٍ، وفاحَت طرقاتها بنكهةِ الأشجار والأزهار، امْتزَجت بروائح عطر المارَّة من سكانها، صادف أحمد القرمزي، مرّة أخرى، غازي فلاح في ساحة ميركاتي تبعه خلال تجوّلهُ بشارع فيا دانتي، حتى حديقة بريرا! كان قد جَمدَ بالبدءِ في مكانه لومضةٍ خاطفة...شعر بأنهُ إن تأخر عن متابعتهِ سوف يتيه الرجل منهُ بزحْمة الشارع بذلك المساء الذي سبق غروب الشمس التي كانت في الأصلِ شحيحة منذ بداية النهار...
خرج القرمزي مرتديًا قميصًا أزرق قطنيًا سميكًا اعتقد أنه سيكْفيه بتلك الأمسية، حتى اصطدم ببرودة الطقس الغائم جزئيًا، كما شعر بضيقِ سرواله الجينز، ممّا زاده ضيقًا، ظنًا منه أنه ثَخُن، حتى تبيّن له أنّهُ بعد الغسْل يختلف ويضيق عن ارتدائه للمرّة الأولى، ما أزاح عنه شعور الاكتئاب المُباغت وصرف نظره عن العودّة للشَقّة، وفيما كان يمضي بالسيّر نحو مقهاه المسائي، في جوْلة قرّر خلالها الاكتفاء بالبطالة والبدء في العمل...فاجأه العقيد غازي فلاح يتمَشّى وقد ارتدي زيًا رياضيًا وبيده قارورة مياه صغيرة...بدا حيويًا نقيض المرّة السابقة التي صادفهُ فيها، ما أوْحَى إليه أن الرجل، لم يتلاشَ ضمير الجلاد منهُ...
كلمّا لمحهُ استيقظَت في رأسهِ صور ومشاهد وحوارات، جميعها مشحونةٌ بإهاناتٍ وإذلال أذاقهُ إياه لسنواتٍ...هل يريد الانتقام منه؟ أم مواجهته فقط والاكتفاء بتذكّيره...
\"لن أُسامحهُ بالطبع، وإلا محوْتُ ذاتي حين أتتني فرصة استعادتها\"
سار خلفه بخطواتٍ مُتلافي الاقتراب منه، كان قلبه يخفق كما في كلّ مرّة يراه، بل ولمُجرّد تذكّره، لا يعْرفُ الهدف من ملاحقتهِ، وإن كان يدفعه فضولٌ قوي، لمعْرفّة أينّ وصلَ الرجل في حياتهِ...كيف يعيش؟ ماذا يفعل؟ هل تغيّر؟ ما الذي يفعله في إيطاليا؟ هل هي صُدفة أن يتواجدا على أرضٍ واحدة بعد سنوات الجمْر؟ أو هو قدَرٌ أن يلقاه لتصفية حسابه معه...؟ لا يمكن للحياة أن تتناهَى بهما عند نقطة المُنْعطَف هذه إلا وقد رسَمَت هدفًا إلهيًا وربّمّا إنسانيًا من ذلك...هكذا فكَّر حين بلغ معه طرف الحديقة حيث توقَف الرجل، وتلفّت حوْلهُ ثم سار نحو البوابة، وهناك توقف...
أدرك القرمزي أنه لم يقْصدَ الحديقة النباتية التي كانت تفتح لفتراتٍ محدّدةٍ، من شهر سبتمبر حتى أكتوبر، برسومٍ أو مجانًا بحسَب الظّروف... سبق له واستمتع مرّات عدّة بأجوائِها التي تعجُ بأشجارٍ وأزهار خيالية وبأشكالٍ غيْر مسبوقة، وثمّة قصر وتماثيل...ترك تفكّيره في الحديقة وشدّدَ انتباههُ إلى صاحبه الذي كان بالانتظار...
خلال دقائق، وصلت سيارة فولكس واجن صفراء، توَقَّفت عند رصيف الطريق، توجّه غازي فلاح نحوها...فتح الباب ووَلَجَ...لم يتحرك السائق بدا ثمّة حديث بينه وبين سائقها، بعد فترة خرج الاثنان، انتصبا بجانب السيارة وراحا يدخنان بصمتٍ...
برز سائق السيارة، شابٌ ثلاثيني، ذو وجه صغير مستطيل عظْميّ، وأنْف مدبّب يشبه حبّة الّلوْز، بشرته جافَة، لونها نبيذي فاتح، متوسّط القامَة، نحيف لدرجة الضمور ...تساءل في داخله عن هوية الشاب، وعلاقته بكهلٍ جلاد؟ كانت أفكاره تعود به إلى سجن دياره، فترة الجَمْر، ثم سرعان ما يتَسلّل شريطُ الأحداث ويفْسد عليه خياره بانتقاء ميلانو ملجأ راحة واسترخاء وعمل، ليلاحقه كابوسٌ فرَّ منه في الأصل ليتبعه إلى هنا، تذكّر ليلاف سعيد، وما روَتهُ له في إحدى فضْفضَتها الشجيّة، عن وجود جودت باور ضابط الجيش التركي... الذي يعيش سرًا، تحت اسم مستعار، أنيس أبيك X وهو مُعذِبُها مع آلاف الأكراد خلال غزْو عفرين...
\"ترى تحت أي اسم مستعار، ينام غازي فلاح، هنا في ميلانو؟\"!!
تساءل وهو يُحدّق فيه وقد بدا بصحةٍ وحيوية، ولو تقوّس ظهره قليلاً، وتدلت كتفاه وظهر بسحنةِ النهاية، لكن ما فتِئ َتنبثق من عينيه، جمْرة التعذيب المجنون الذي سقاهُ إياه...
شعر، أنه أفْسَد مساءهُ بهذه المطاردة التي أحسَّ بها هزيلَة، ولن توْصلهُ إلى نتيجة، طالما ظلّ يكتفي بمطاردته كلمّا صادفه...
\"لابد من خطّة لمواجهتهِ\"
إلى متى سيظلّ يكتفي بتسْمِيم حياته حتى وهو هنا، هاربّا من كوابيس دياره، ليجد نفسه، في دوامة الماضي المُعْتم؟
مرّت خمس دقائق ولعلّها أكثر، دون حوار بين الاثنين، لكنه لمح في نهايتها، قيام السائق الشاب بتسليم ورقة صغيرة للجلاد، مقابل أوراق لم يتبيّن ماهيتها، إن كانت أوراقًا مالية، أو شيئًا آخر...عندما غادر السائق المكان، التفَّ فلاح منكفئًا من ذات الطريق...زَفَر القرمزي وتبعه...!
***. ❝ ⏤احمد جمعه
❞ نشرَت جريدة الصنداي تايمز، هذا النهار، خبر تسرب شعاع غامض من مدينة أدرنَّة التركية على الحدود اليونانية، وتكهّن مواطن يوناني الْتقتهُ مراسلة الصحيفة، بأنهم على الحدّ الفاصل لليونان، شاهدوا ليومين متتاليين، أشِعّة أرجوانية اللون، غامضة تومض لدقائق ثم تنْساب على مدَى الأفق وكأنها طيفٌ خيالي، تبعتها رياح مُغْبّرة، وما زادَ الأمر تعقيدًا، إصابة كلّ من صادف تواجدهُ تلك الساعة بالمنطقة، بحكّة جلْدية شرِسة، وتوَسّعت المراسلة الصحفية في الخبر، بالتحقيق مع سكان المنطقتين من كلا الجانبين، ما أفضى بالنهاية، لتوْقيفها من قبل السلطات التركية ومصادرة الكاميرا ولكنها تمكّنت من تسريب صور التحقيق..
لم يلفت ذلك الخبر نظر العالم الذي كان مشغولاً بأخبار الأمير هاري وميغان، وحتى خبر الصنداي حول الشعاع الأرجواني نُشر بصفحةٍ داخلية، وغطى عليه بذات اليوم، خبر اغتيال قاسم سليماني..وحدهُ القرمزي، الذي قرأ الجريدة في المساء، متأخرًا عن عادة قراءتها في الصباح، بينما كان يحتسي قهوته السوداء في رصيف مقهى ميدان الكاتدرائيّة..
قربّ السفارة البحرينية في لندن نهار اليوم التالي، كان ثمّة بضعة عشرات من متظاهرين احتشدوا تحت رذاذ المطر، حملوا يافطات ورقية هزيلة مسَحَت قطرات المطر حِبرها، مطالبين بديمقراطية، بينمّا كان واحدٌ منهم يحمل صورة القتيل قاسم سليماني..كانت فجْوَة غير مُنصفة تلك اللحظة التي ضاع فيها خبر الصنداي، وعلى الضفة الأخرى من الشارع، تدخل البوليس لتفريق مجموعة مُتعرّية، حملت شعاراتٍ بيئية، كان الطقس ضبابيًا وحركة السير مرتبكة..
˝لا أستطيع دخول السفارة هذا اليوم، سوف الْفتُ الأنظار، وأخشى لو سلَمت الجواز لتجديده، تتم مصادرته، ما رأيكِ أوليفيا؟ هل استمر؟˝
وقف ناصر رجب، مرتديًا بدلة سوداء فضفاضة، متخفيًا بجهٍةٍ من الشارع، بجانب ثلاثة أجانب رجل وامرأتين يحاولون جرّ أحد الكلاب، قاوم رغبتهم في السير..كان يتحدّث في الهاتف ويحاول جاهدًا استراق النظر نحو ما يجري قربّ السفارة..
كانت أوليفيا روي على الطرفِ الآخر، من الهاتف تقبع بركنٍ من مطعم صغير، يطلّ على ساحل بُحَيرة، تحتجز بطرفِها عدّة قواربّ صغيرة، بعضها شراعي، وثمّة زبائن آخرين يحلِّقون على موائد الرصيف، وكان هنالك نباح كلب يأتي من مسافة..كانت تتحدّث بالهاتف وسرعان ما أنْهَت المكالمة لدي دخول بسام داوود الأسود..كان يحمل معه حقيبة رجل أعمال ويرتدي قميصًا أبيض ومعطفًا كحلي، مع سروال أسود، أبقى نظارته السوداء رغم الطقس الغائم..جلس مقابلاً لها، وعلت وجههُ ابتسامة صفراء..
˝أوليفيا˝
قال ذلك وهو يشير لنادل صغير السِنّ، أمْهَق البشرة، ضيق العينين، أقتربّ منه حالمّا لمح إشارته..
˝متى وصَلت َلوغانو؟˝
سألته المرأة السويسرية، وهي تُشير للنادل أن ينتظر لحظة..
˝الآن˝
أجابها وعادَ للنادل، طلب نبيذًا أحمر، التفتَ للمرأة يسألها بحِيرةٍ بدت على وجهه.
˝ماذا تأكلين؟˝
˝بيتزا˝
أجابتهُ.
عادَ للنادل وقال وهو يحُكّ ذقنه مفكرًا..
˝لا شيء، فقط نبيذ احمر˝
˝كنت على الهاتف منذ لحظة مع ناصر رجب، يواجه مشكلة انتهاء صلاحية جواز سفره، لهذا تأخر بالمجيء إلى ميلانو˝
بدت عليه العصبية، زفَر بحدّة وقال بنبرةٍ يائِسة..
˝هذا الأحمق لا يعرف كيف يتدَبر أمره بتاتًا، كيف تمكّن من الإثراء؟!
تنهّد ثانية واستدرك وهو ينظر لسيدة مُسِنّة دخلت المطعم وهي تواجه صعوبة في إغلاق مظلة المطر..
˝كيف تثقين به؟ ألا تخشين أن يورّطكِ؟˝
قطع تركيزه اصطدام إحدى النادلات بأحد الزبائن قادم من جهة الحمام كما يبدو، تصاعدَت رائحة شواء من الداخل، نظر الأسود إلى حقيبته بجانبه قربّ عمود الطاولة ثم التفت وراءه، وعاد ينظر للمرأة، كانت تحدّق بكوب القهوة أمامها..
˝أُفضل أن تسوي القضية معهم خارج المحكمة، مُجرّد ذهابكَ للمحاكمة سيشوِّش عليك، أنت تحت الأنظار منذ قضية الورق. اشْتر بعض المساهمين، وأضْمَن أنك ستكْسب أضعافًا لأنّني سأكون حرّة في عقد صفقات خارجية، دون إثارة الرأي العام في بلدك..˝
ارْجَع ظهره للوراء، قهقه بازدراءٍ وقال بنبرةِ مقت..
˝هؤلاء جشعون، لن يرضوا بالقليل، مع أنهم مفلسون ولا أصدق تعنتهم وعدم بيعهم للأسهم˝
وفجأة خرجت مُنفلِتة إحدى النادلات وهي تهرول، ولَحِق بها أحد الزبائن..انتصب بعض الرواد قربّ سياج المكان وراحوا يحدقون من النافذة بفضول ..
˝ماذا يجري في الخارج؟˝
سأل بسام الأسود باهتمام..
˝لوغانو أهدأ مكان على الأرض، لا تهتم˝
في الخارج كان يدور جدَل بين بعض الأفراد، وهناك على بعد مسافة أمتار بمحاذاة البحر طفق تجمعٌ يرْصدُ الأفق، كانت سيارات متنوِّعة تعبُر الشارع البحري من الجهتين، وثمّة أشخاصٌ يحاولون العبور، نحو الحشد الذي كان يتَطلَّع نحو لا شيء! الوقت قبل الغروب، والسماء غائِمة، ونسمات هواء باردة تُحرك أوراق الأشجار التي تساقط بعضها، صفراء على الأرض.
˝مجرّد وميضٍ خريفي من ذلك الذي يسْبقُ فترة تباين الفصول، الناس في المدينة الناعِسة، تهتم بتفاصيل رتيبة لعدمِ وجود ما يثير هنا، أي شيءٍ تافه ولو انتحار نحلة يحرك الناس!˝
قالت أوليفيا ذلك بنغمةٍ لا مبالية لدى انتهاء لقائهما.. وقبل أن ينفصلا عند واجهة رصيف المطعم، سأل الأسود أحد المارَّة، وفي نظرتهِ فضول تجاه بقايا التجمع عند مرفأ البحر، مقابل شارع رئيسي، لم تتوقف عليه حركة السيارات، بكلّا الاتجاهين..
˝يقال وميض شمسي حاد قصَف بعض من كانوا يتنزهون على الساحل˝
أجاب رجل متوسط العمر تبدو عليه ملامح جنوب آسيا..ثم مضى في سبيله.
˝غريب˝
قال الأسود بعدمِ مبالاة
˝ ما وجهُ الغرابة؟˝
سألَت أوليفيا روي وهي تهم بالانصراف وقد تدَلّت حقيبة بيضاء بكتفِها، فيما حمل الأسود حقيبة رجل الأعمال بيده اليسرى.
˝ألم تسمعِ منذ أيام خبر الصنداي تايمز؟˝!!
مطّت شفتيها، بمُجرّد مغادرتهِ، سارَت بتمَهُّلٍ نحو رصيف الشارع، توقفَت عند نافورة مياه، أشعلَت سيجارة، وتلفَّتَت حوْلها، لمحَت زوجين عجوزين، يقبِّلان بعضهما، بينما شابين مراهقين، يتشاجران برتابةٍ مُمِلّة، مقابلهما..بدت حائرة حتى نطَّ فجأة بجانبِها طفلٌ بسنِّ الخامسة أفلَتَ من يدِ والده الخمسيني العمر، الذي انْشغل بتَملُّقِ فتاة تصْغرهُ سنّا ونسي طفلهُ..تعلَّق بأوليفيا وخاطبَها ببراءةٍ ورأسه لفوْق يحدّق بها..
˝تشبهين جدتي˝
مطاردة هزيلة
بداية موْسِم خريفي، زخَرت فيه سماء مدينة ميلانو، بطقْسٍ رمادي اللون، ملأّت أرصفتها وريقاتٌ صفراء، بكثافةٍ، وفاحَت طرقاتها بنكهةِ الأشجار والأزهار، امْتزَجت بروائح عطر المارَّة من سكانها، صادف أحمد القرمزي، مرّة أخرى، غازي فلاح في ساحة ميركاتي تبعه خلال تجوّلهُ بشارع فيا دانتي، حتى حديقة بريرا! كان قد جَمدَ بالبدءِ في مكانه لومضةٍ خاطفة..شعر بأنهُ إن تأخر عن متابعتهِ سوف يتيه الرجل منهُ بزحْمة الشارع بذلك المساء الذي سبق غروب الشمس التي كانت في الأصلِ شحيحة منذ بداية النهار..
خرج القرمزي مرتديًا قميصًا أزرق قطنيًا سميكًا اعتقد أنه سيكْفيه بتلك الأمسية، حتى اصطدم ببرودة الطقس الغائم جزئيًا، كما شعر بضيقِ سرواله الجينز، ممّا زاده ضيقًا، ظنًا منه أنه ثَخُن، حتى تبيّن له أنّهُ بعد الغسْل يختلف ويضيق عن ارتدائه للمرّة الأولى، ما أزاح عنه شعور الاكتئاب المُباغت وصرف نظره عن العودّة للشَقّة، وفيما كان يمضي بالسيّر نحو مقهاه المسائي، في جوْلة قرّر خلالها الاكتفاء بالبطالة والبدء في العمل..فاجأه العقيد غازي فلاح يتمَشّى وقد ارتدي زيًا رياضيًا وبيده قارورة مياه صغيرة..بدا حيويًا نقيض المرّة السابقة التي صادفهُ فيها، ما أوْحَى إليه أن الرجل، لم يتلاشَ ضمير الجلاد منهُ..
كلمّا لمحهُ استيقظَت في رأسهِ صور ومشاهد وحوارات، جميعها مشحونةٌ بإهاناتٍ وإذلال أذاقهُ إياه لسنواتٍ..هل يريد الانتقام منه؟ أم مواجهته فقط والاكتفاء بتذكّيره..
˝لن أُسامحهُ بالطبع، وإلا محوْتُ ذاتي حين أتتني فرصة استعادتها˝
سار خلفه بخطواتٍ مُتلافي الاقتراب منه، كان قلبه يخفق كما في كلّ مرّة يراه، بل ولمُجرّد تذكّره، لا يعْرفُ الهدف من ملاحقتهِ، وإن كان يدفعه فضولٌ قوي، لمعْرفّة أينّ وصلَ الرجل في حياتهِ..كيف يعيش؟ ماذا يفعل؟ هل تغيّر؟ ما الذي يفعله في إيطاليا؟ هل هي صُدفة أن يتواجدا على أرضٍ واحدة بعد سنوات الجمْر؟ أو هو قدَرٌ أن يلقاه لتصفية حسابه معه..؟ لا يمكن للحياة أن تتناهَى بهما عند نقطة المُنْعطَف هذه إلا وقد رسَمَت هدفًا إلهيًا وربّمّا إنسانيًا من ذلك..هكذا فكَّر حين بلغ معه طرف الحديقة حيث توقَف الرجل، وتلفّت حوْلهُ ثم سار نحو البوابة، وهناك توقف..
أدرك القرمزي أنه لم يقْصدَ الحديقة النباتية التي كانت تفتح لفتراتٍ محدّدةٍ، من شهر سبتمبر حتى أكتوبر، برسومٍ أو مجانًا بحسَب الظّروف.. سبق له واستمتع مرّات عدّة بأجوائِها التي تعجُ بأشجارٍ وأزهار خيالية وبأشكالٍ غيْر مسبوقة، وثمّة قصر وتماثيل..ترك تفكّيره في الحديقة وشدّدَ انتباههُ إلى صاحبه الذي كان بالانتظار..
خلال دقائق، وصلت سيارة فولكس واجن صفراء، توَقَّفت عند رصيف الطريق، توجّه غازي فلاح نحوها..فتح الباب ووَلَجَ..لم يتحرك السائق بدا ثمّة حديث بينه وبين سائقها، بعد فترة خرج الاثنان، انتصبا بجانب السيارة وراحا يدخنان بصمتٍ..
برز سائق السيارة، شابٌ ثلاثيني، ذو وجه صغير مستطيل عظْميّ، وأنْف مدبّب يشبه حبّة الّلوْز، بشرته جافَة، لونها نبيذي فاتح، متوسّط القامَة، نحيف لدرجة الضمور ..تساءل في داخله عن هوية الشاب، وعلاقته بكهلٍ جلاد؟ كانت أفكاره تعود به إلى سجن دياره، فترة الجَمْر، ثم سرعان ما يتَسلّل شريطُ الأحداث ويفْسد عليه خياره بانتقاء ميلانو ملجأ راحة واسترخاء وعمل، ليلاحقه كابوسٌ فرَّ منه في الأصل ليتبعه إلى هنا، تذكّر ليلاف سعيد، وما روَتهُ له في إحدى فضْفضَتها الشجيّة، عن وجود جودت باور ضابط الجيش التركي.. الذي يعيش سرًا، تحت اسم مستعار، أنيس أبيك X وهو مُعذِبُها مع آلاف الأكراد خلال غزْو عفرين..
˝ترى تحت أي اسم مستعار، ينام غازي فلاح، هنا في ميلانو؟˝!!
تساءل وهو يُحدّق فيه وقد بدا بصحةٍ وحيوية، ولو تقوّس ظهره قليلاً، وتدلت كتفاه وظهر بسحنةِ النهاية، لكن ما فتِئ َتنبثق من عينيه، جمْرة التعذيب المجنون الذي سقاهُ إياه..
شعر، أنه أفْسَد مساءهُ بهذه المطاردة التي أحسَّ بها هزيلَة، ولن توْصلهُ إلى نتيجة، طالما ظلّ يكتفي بمطاردته كلمّا صادفه..
˝لابد من خطّة لمواجهتهِ˝
إلى متى سيظلّ يكتفي بتسْمِيم حياته حتى وهو هنا، هاربّا من كوابيس دياره، ليجد نفسه، في دوامة الماضي المُعْتم؟
مرّت خمس دقائق ولعلّها أكثر، دون حوار بين الاثنين، لكنه لمح في نهايتها، قيام السائق الشاب بتسليم ورقة صغيرة للجلاد، مقابل أوراق لم يتبيّن ماهيتها، إن كانت أوراقًا مالية، أو شيئًا آخر..عندما غادر السائق المكان، التفَّ فلاح منكفئًا من ذات الطريق..زَفَر القرمزي وتبعه..!