❞ حوار مع صديقي الملحد قال صاحبي :- تقول إن القرآن لا يتناقض مع نفسه فما بالك بهذه الآية : ( فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر ) 39- الكهف و الآية الأخرى التي تنقضها : ( و ما تشاءون إلا أن يشاء الله ) 30- الإنسان ثم نجد القرآن يقول عن حساب المذنبين إنهم سوف يسألون : ( ستكتب شهادتهم و يسألون ) 19- الزخرف ( و إنه لذكر لك و لقومك و سوف تسألون ) 44- الزخرف و مرة أخرى يقول : ( و لا يسأل عن ذنوبهم المجرمون ) 78- القصص و أنهم سوف يعرفون بسيماهم : ( فيؤخذ بالنواصى و الأقدام ) 41- الرحمن ومرة يقول إنه لا أحد سوف يشد وثاق المجرم . ( ولا يوثق وثاقه أحد ) 26- الفجر بمعنى أن كل واحد سوف يتكفل بتعذيب نفسه . ( كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ) 14- الإسراء و مرة يقول : ( ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه ) 32- الحاقة قلت له : هذه ليست تناقضات .. و لنفكر فيها معاً ، فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر .. آية صريحة تشير إلى حرية العبد و اختياره .. و لكن هذه الحرية لم نأخذها من الله غصباً وغلاباً .. و إنما أعطاها إيانا بمشيئته .. فتأتي الآية الثانية لتشرح ذلك فتقول : ( و ما تشاءون إلا أن يشاء الله ) أي أن حرية العبد "ضمن" مشيئة الرب و ليست ضدها .. أي أن حرية العبد يمكن أن تناقض الرضا الإلهي فتختار المعصية و لكنها لا يمكن أن تناقض المشيئة .. فهي تظل دائماً ضمن المشيئة ، ولو خالفت الرضا .. و هي نقطة دقيقة .. و قلنا إن التسيير الإلهي هو عين التخيبر، لأن الله يختار للعبد من جنس نيته و قلبه.. و معنى ذلك أنه يريد للعبد نفس ما أراد العبد لنفسه بنيته و اختيار قلبه ... أي أن العبد مسير إلى ما اختار .. و معنى ذلك أنه لا إكراه و أنه لا ثنائية و لا تناقض .. و أن التسيير هو عين التخيير .. و هي مسألة من أدق المسائل في فهم لغز المخير و المسير .. و ما تسميه أنت تناقضاً هو في الحقيقة جلاء ذلك السر . أما الآيات الواردة عن الحساب فإن كل آية تعنى طائفة مختلفة ، فهناك من سوف يسأل و تطلب شهادته ، و هناك من ستكون ذنوبه من الكثرة بحيث تطفح على وجهه ، و هؤلاء هم الذين سوف يعرفون بسيماهم فيؤخذون بالنواصى و الأقدام ، و هناك المعاند المنكر الذي سوف تشهد عليه يداه ورجلاه : ( اليوم نختم على أفواههم و تكلمنا أيديهم و تشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ) 65- يس و هناك من سيكون حسيباً على نفسه يعذبها بالندم و يشد وثاقها بالحسرة .. و هو الذي لا يوثق وثاقه أحد .. و هناك أكابر المجرمين الجبارين الذين سوف يكذبون على الله ، و هم يواجهونه و يحلفون الكذب و هم في الموقف العظيم : ( يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم و يحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون ) 18- المجادلة و هؤلاء هم الذين سوف يسحبون على وجوههم و يوثقون في السلاسل .. و أبو حامد الغزالي يفسر هذه السلاسل بأنها سلاسل الأسباب . - وما رأيك في كلام القرآن عن العلم الإلهي ؟ : ( إن الله عنده علم الساعة و ينزل الغيث و يعلم ما في الأرحام و ما تدرى نفس ماذا تكسب غداً و ما تدرى نفس بأي أرض تموت ) 34- لقمان يقول القرآن إن الله اختص نفسه بهذا العلم لا يعلمه غيره : ( و عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ) 51- الأنعام فما بالك الآن بالطبيب الذي يستطيع أن يعلم ما بالأرحام ، ويستطيع أن يتنبأ إن كان ذكراً أم أنثى .. و ما بالك بالعلماء الذين أنزلوا المطر الصناعي بالأساليب الكيماوية . - لم يتكلم القرآن عن إنزال المطر وإنما عن إنزال الغيث ، و هو المطر الغزير الكثيف الذي ينزل بكميات تكفى لتغيير مصير أمة و إغاثتها و نقلها من حال الجدب إلى حال الخصب و الرخاء .. و المطر بهذه الكميات لا يمكن إنزاله بتجربة . أما علم الله لما في الأرحام فهو علم كلي محيط و ليس فقط علماً بجنس المولود هل هو ذكر أو أنثى ، و إنما علم بمن يكون ذلك المولود و ما شأنه و ماذا سيفعل في الدنيا ، و ما تاريخه من يوم يولد إلى يوم يموت : و هو أمر لا يستطيع أن يعلمه طبيب . - و ما حكاية كرسي الله الذي تقولون إنه وسع السموات والأرض .. و عرش الله الذي يحمله ثمانية . - إن عقلك يسع السموات والأرض و أنت البشر الذي لا تذكر .. فكيف لا يسعها كرسي الله .. و الأرض و الشمس و الكواكب و النجوم وا لمجرات محمولة بقوة الله في الفضاء .. فكيف تعجب لحمل عرش .. - و ما هو الكرسي و ما العرش ؟ - قل لي ما الإلكترون أقل لك ما الكرسي ؟ قل لي ما الكهرباء ؟ قل لي ما الجاذبية ؟ قل لي ما الزمان ؟ إنك لا تعرف ماهية أي شيء لتسألني ما الكرسي و ما العرش ؟ إن العالم مملوء بالأسرار و هذه بعض أسراره . - و النملة التي تكلمت في القرآن و حذرت بقية النمل من قدوم سليمان و جيشه : ( قالت نملة يأيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان و جنوده ) 18- النمل - لو قرأت القليل عن علم الحشرات الآن لما سألت هذا السؤال .. إن علم الحشرات حافل بدراسات مستفيضة عن لغة النمل و لغة النحل . و لغة النمل الآن حقيقة مؤكدة .. فما كان من الممكن أن تتوزع الوظائف في خلية من مئات الألوف و يتم التنظيم و تنقل الأوامر و التعليمات بين هذا الحشد الحاشد لولا أن هناك لغة للتفاهم ، و لا محل للعجب في أن نملة عرفت سليمان .. ألم يعرف الإنسان الله ؟ - و كيف يمحو الله ما يكتب في لوح قضائه : ( يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده أم الكتاب ) 38- الرعد أيخطيء ربكم كما نخطيء في الحساب فنمحو و نثبت .. أم يراجع نفسه كما نراجع أنفسنا ؟! - الله يمحو السيئة بأن يلهمك بالحسنة ويقول في كتابه : ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) 114- هود و يقول عن عباده الصالحين : ( و أوحينا إليهم فعل الخيرات و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة ) 73- الأنبياء و بذلك يمحو الله دون أن يمحو و هذا سر الآية 39 من سورة الرعد التي ذكرتها . - و ما رأيك في الآية ؟ ( و ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) 56- الذاريات هل كان الله في حاجة لعبادتنا ؟! - بل نحن المحتاجون لعبادته .. أتعبد المرأة الجميلة حباً بأمر تكليف ، أم أنك تلتذ بهذا الحب و تنتشي و تسعد لتذوقك لجمالها ؟ كذلك الله و هو الأجمل من كل جميل إذا عرفت جلاله و جماله و قدره عبدته ، و وجدت في عبادتك له غاية السعادة و النشوة . إن العبادة عندنا لا تكون إلا عن معرفة .. والله لا يعبد إلا بالعلم .. و معرفة الله هي ذروة المعارف كلها ، و نهاية رحلة طويلة من المعارف تبدأ منذ الميلاد و أول ما يعرف الطفل عند ميلاده هو ثدي أمه ، و تلك أول لذة ، ثم يتعرف على أمه وأبيه و عائلته و مجتمعه و بيئته ، ثم يبدأ في استغلال هذه البيئة لمنفعته ، فإذا هي ثدي آخر كبير يدر عليه الثراء و المغانم و الملذات ، فهو يخرج من الأرض الذهب و الماس ، و من البحر اللآليء ، و من الزرع الفواكه و الثمار ، و تلك هي اللذة الثانية في رحلة المعرفة . ثم ينتقل من معرفته لبيئته الأرضية ليخرج إلى السموات و يضع رجله على القمر ، و يطلق سفائنه إلى المريخ في ملاحة نحو المجهول ليستمتع بلذة أخرى أكبر هي لذة استطلاع الكون ، ثم يرجع ذلك الملاح ليسأل نفسه .. و من أنا الذي عرفت هذا كله .. ليبدأ رحلة معرفة جديدة إلى نفسه .. بهدف معرفة نفسه و التحكم في طاقاتها و إدارتها لصالحه و صالح الآخرين ، و تلك لذة أخرى .. ثم تكون ذروة المعارف بعد معرفة النفس هي معرفة الرب الذي خلق تلك النفس .. و بهذه المعرفة الأخيرة يبلغ الإنسان ذروة السعادات ، لأنه يلتقى بالكامل المتعال الأجمل من كل جميل .. تلك هي رحلة العابد على طريق العبادة .. و كلها ورود و مسرات .. و إذا كانت في الحياة مشقة ، فلأن قاطف الورود لابد أن تدمي يديه الأشواك .. و الطامع في ذرى اللانهاية لابد أن يكدح إليها .. و لكن وصول العابد إلى معرفة ربه و انكشاف الغطاء عن عينيه .. ما أروعه . يقول الصوفي لابس الخرقة : " نحن في لذة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف " تلك هي لذة العبادة الحقة .. و هي من نصيب العابد .. و لكن الله في غنى عنها و عن العالمين .. و نحن لا نعبده بأمر تكليف و لكنا نعبده لأننا عرفنا جماله و جلاله .. و نحن لا نجد في عبادته ذلاً بل تحرراً و كرامة .. تحرراً من كل عبوديات الدنيا .. تحرراً من الشهوات و الغرائز و الأطماع و المال .. و نحن نخاف الله فلا نعود نخاف أحداً بعده و لا نعود نعبأ بأحد .. خوف الله شجاعة .. و عبادته حرية .. و الذل له كرامة .. و معرفته يقين و تلك هي العبادة .. نحن الذين نجني أرباحها و مسراتها .. أما الله فهو الغني عن كل شيء .. إنما خلقنا الله ليعطينا لا ليأخذ منا .. خلقنا ليخلع علينا من كمالاته فهو السميع البصير ، و قد أعطانا سمعاً و بصراً و هو العليم الخبير ، و قد أعطانا العقل لنتزود من علمه ، و الحواس لنتزود من خبرته و هو يقول لعبده المقرب في الحديث القدسى : ( عبد أطعني أجعلك ربانيا تقول للشيء كن فيكون ) .. ألم يفعل هذا لعيسى عليه السلام .. فكان عيسى يحي الموتى بإذنه و يخلق من الطين طيراً بإذنه و يشفى الأعمى و الأبرص بإذنه . العبودية لله إذن هي عكس العبودية في مفهومنا .. فالعبودية في مفهومنا هي أن يأخذ السيد خير العبد ، أما العبودية لله فهي على العكس ، أن يعطى السيد عبده ما لا حدود له من النعم ، و يخلع عليه ما لا نهاية من الكمالات .. فحينما يقول الله : ( و ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) فمعناها الباطن ما خلقت الجن والإنس إلا لأعطيهم و أمنحهم حباً و خيراً ، و كرامة و عزة ، و أخلع عليهم ثوب التشريف و الخلافة . فالسيد الرب غني مستغن عن عبادتنا .. و نحن المحتاجون إلى هذه العبادة و الشرف ، و المواهب و الخيرات التي لا حد لها . فالله الكريم سمح لنا أن ندخل عليه في أي وقت بلا ميعاد ، و نبقى في حضرته ما شئنا و ندعوه ما وسعنا .. بمجرد أن نبسط سجادة الصلاة و نقول "الله أكبر" نصبح في حضرته نطلب منه ما نشاء . أين هو الملك الذي نستطيع أن ندخل عليه بلا ميعاد و نلبث في حضرته ما نشاء ؟! و في ذلك يقول مولانا العبد الصالح الشيخ محمد متولي الشعراوي في شعر جميل : حسب نفسي عزاً إنني عبد يحتفل بي بلا مواعيد رب هو في قدسه الأعز و لكن أنا ألقى متى وحين أحب و يقول : أرونى صنعة تعرض على صانعها خمس مرات في اليوم "يقصد الصلوات الخمس " و تتعرض للتلف ! و هذه بعض المعاني الباطنة في الآية التي أثارت شكوكك : ( و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون ) و لو تأملتها لما أثارت فيك إلا الذهول و الإعجاب . من كتاب / حوار مع صديقي الملحد للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ حوار مع صديقي الملحد قال صاحبي :-
تقول إن القرآن لا يتناقض مع نفسه فما بالك بهذه الآية : ( فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر ) 39- الكهف و الآية الأخرى التي تنقضها : ( و ما تشاءون إلا أن يشاء الله ) 30- الإنسان
ثم نجد القرآن يقول عن حساب المذنبين إنهم سوف يسألون : ( ستكتب شهادتهم و يسألون ) 19- الزخرف ( و إنه لذكر لك و لقومك و سوف تسألون ) 44- الزخرف و مرة أخرى يقول : ( و لا يسأل عن ذنوبهم المجرمون ) 78- القصص و أنهم سوف يعرفون بسيماهم : ( فيؤخذ بالنواصى و الأقدام ) 41- الرحمن
ومرة يقول إنه لا أحد سوف يشد وثاق المجرم . ( ولا يوثق وثاقه أحد ) 26- الفجر بمعنى أن كل واحد سوف يتكفل بتعذيب نفسه . ( كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ) 14- الإسراء و مرة يقول : ( ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه ) 32- الحاقة
قلت له :
هذه ليست تناقضات . و لنفكر فيها معاً ، فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر . آية صريحة تشير إلى حرية العبد و اختياره . و لكن هذه الحرية لم نأخذها من الله غصباً وغلاباً . و إنما أعطاها إيانا بمشيئته . فتأتي الآية الثانية لتشرح ذلك فتقول : ( و ما تشاءون إلا أن يشاء الله )
أي أن حرية العبد ˝ضمن˝ مشيئة الرب و ليست ضدها . أي أن حرية العبد يمكن أن تناقض الرضا الإلهي فتختار المعصية و لكنها لا يمكن أن تناقض المشيئة . فهي تظل دائماً ضمن المشيئة ، ولو خالفت الرضا . و هي نقطة دقيقة . و قلنا إن التسيير الإلهي هو عين التخيبر، لأن الله يختار للعبد من جنس نيته و قلبه. و معنى ذلك أنه يريد للعبد نفس ما أراد العبد لنفسه بنيته و اختيار قلبه .. أي أن العبد مسير إلى ما اختار . و معنى ذلك أنه لا إكراه و أنه لا ثنائية و لا تناقض . و أن التسيير هو عين التخيير . و هي مسألة من أدق المسائل في فهم لغز المخير و المسير . و ما تسميه أنت تناقضاً هو في الحقيقة جلاء ذلك السر . أما الآيات الواردة عن الحساب فإن كل آية تعنى طائفة مختلفة ، فهناك من سوف يسأل و تطلب شهادته ، و هناك من ستكون ذنوبه من الكثرة بحيث تطفح على وجهه ، و هؤلاء هم الذين سوف يعرفون بسيماهم فيؤخذون بالنواصى و الأقدام ، و هناك المعاند المنكر الذي سوف تشهد عليه يداه ورجلاه : ( اليوم نختم على أفواههم و تكلمنا أيديهم و تشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ) 65- يس و هناك من سيكون حسيباً على نفسه يعذبها بالندم و يشد وثاقها بالحسرة . و هو الذي لا يوثق وثاقه أحد . و هناك أكابر المجرمين الجبارين الذين سوف يكذبون على الله ، و هم يواجهونه و يحلفون الكذب و هم في الموقف العظيم : ( يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم و يحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون ) 18- المجادلة
و هؤلاء هم الذين سوف يسحبون على وجوههم و يوثقون في السلاسل . و أبو حامد الغزالي يفسر هذه السلاسل بأنها سلاسل الأسباب .
- وما رأيك في كلام القرآن عن العلم الإلهي ؟ :
( إن الله عنده علم الساعة و ينزل الغيث و يعلم ما في الأرحام و ما تدرى نفس ماذا تكسب غداً و ما تدرى نفس بأي أرض تموت ) 34- لقمان
يقول القرآن إن الله اختص نفسه بهذا العلم لا يعلمه غيره : ( و عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ) 51- الأنعام فما بالك الآن بالطبيب الذي يستطيع أن يعلم ما بالأرحام ، ويستطيع أن يتنبأ إن كان ذكراً أم أنثى . و ما بالك بالعلماء الذين أنزلوا المطر الصناعي بالأساليب الكيماوية .
- لم يتكلم القرآن عن إنزال المطر وإنما عن إنزال الغيث ، و هو المطر الغزير الكثيف الذي ينزل بكميات تكفى لتغيير مصير أمة و إغاثتها و نقلها من حال الجدب إلى حال الخصب و الرخاء . و المطر بهذه الكميات لا يمكن إنزاله بتجربة .
أما علم الله لما في الأرحام فهو علم كلي محيط و ليس فقط علماً بجنس المولود هل هو ذكر أو أنثى ، و إنما علم بمن يكون ذلك المولود و ما شأنه و ماذا سيفعل في الدنيا ، و ما تاريخه من يوم يولد إلى يوم يموت : و هو أمر لا يستطيع أن يعلمه طبيب .
- و ما حكاية كرسي الله الذي تقولون إنه وسع السموات والأرض . و عرش الله الذي يحمله ثمانية .
- إن عقلك يسع السموات والأرض و أنت البشر الذي لا تذكر . فكيف لا يسعها كرسي الله . و الأرض و الشمس و الكواكب و النجوم وا لمجرات محمولة بقوة الله في الفضاء . فكيف تعجب لحمل عرش .
- و ما هو الكرسي و ما العرش ؟
- قل لي ما الإلكترون أقل لك ما الكرسي ؟ قل لي ما الكهرباء ؟ قل لي ما الجاذبية ؟ قل لي ما الزمان ؟ إنك لا تعرف ماهية أي شيء لتسألني ما الكرسي و ما العرش ؟ إن العالم مملوء بالأسرار و هذه بعض أسراره .
- و النملة التي تكلمت في القرآن و حذرت بقية النمل من قدوم سليمان و جيشه :
( قالت نملة يأيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان و جنوده ) 18- النمل
- لو قرأت القليل عن علم الحشرات الآن لما سألت هذا السؤال . إن علم الحشرات حافل بدراسات مستفيضة عن لغة النمل و لغة النحل .
و لغة النمل الآن حقيقة مؤكدة . فما كان من الممكن أن تتوزع الوظائف في خلية من مئات الألوف و يتم التنظيم و تنقل الأوامر و التعليمات بين هذا الحشد الحاشد لولا أن هناك لغة للتفاهم ، و لا محل للعجب في أن نملة عرفت سليمان . ألم يعرف الإنسان الله ؟
- و كيف يمحو الله ما يكتب في لوح قضائه :
( يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده أم الكتاب ) 38- الرعد أيخطيء ربكم كما نخطيء في الحساب فنمحو و نثبت . أم يراجع نفسه كما نراجع أنفسنا ؟!
- الله يمحو السيئة بأن يلهمك بالحسنة ويقول في كتابه :
( إن الحسنات يذهبن السيئات ) 114- هود و يقول عن عباده الصالحين : ( و أوحينا إليهم فعل الخيرات و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة ) 73- الأنبياء و بذلك يمحو الله دون أن يمحو و هذا سر الآية 39 من سورة الرعد التي ذكرتها .
- و ما رأيك في الآية ؟
( و ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) 56- الذاريات هل كان الله في حاجة لعبادتنا ؟!
- بل نحن المحتاجون لعبادته . أتعبد المرأة الجميلة حباً بأمر تكليف ، أم أنك تلتذ بهذا الحب و تنتشي و تسعد لتذوقك لجمالها ؟
كذلك الله و هو الأجمل من كل جميل إذا عرفت جلاله و جماله و قدره عبدته ، و وجدت في عبادتك له غاية السعادة و النشوة . إن العبادة عندنا لا تكون إلا عن معرفة . والله لا يعبد إلا بالعلم . و معرفة الله هي ذروة المعارف كلها ، و نهاية رحلة طويلة من المعارف تبدأ منذ الميلاد و أول ما يعرف الطفل عند ميلاده هو ثدي أمه ، و تلك أول لذة ، ثم يتعرف على أمه وأبيه و عائلته و مجتمعه و بيئته ، ثم يبدأ في استغلال هذه البيئة لمنفعته ، فإذا هي ثدي آخر كبير يدر عليه الثراء و المغانم و الملذات ، فهو يخرج من الأرض الذهب و الماس ، و من البحر اللآليء ، و من الزرع الفواكه و الثمار ، و تلك هي اللذة الثانية في رحلة المعرفة .
ثم ينتقل من معرفته لبيئته الأرضية ليخرج إلى السموات و يضع رجله على القمر ، و يطلق سفائنه إلى المريخ في ملاحة نحو المجهول ليستمتع بلذة أخرى أكبر هي لذة استطلاع الكون ، ثم يرجع ذلك الملاح ليسأل نفسه . و من أنا الذي عرفت هذا كله . ليبدأ رحلة معرفة جديدة إلى نفسه . بهدف معرفة نفسه و التحكم في طاقاتها و إدارتها لصالحه و صالح الآخرين ، و تلك لذة أخرى . ثم تكون ذروة المعارف بعد معرفة النفس هي معرفة الرب الذي خلق تلك النفس . و بهذه المعرفة الأخيرة يبلغ الإنسان ذروة السعادات ، لأنه يلتقى بالكامل المتعال الأجمل من كل جميل . تلك هي رحلة العابد على طريق العبادة . و كلها ورود و مسرات .
و إذا كانت في الحياة مشقة ، فلأن قاطف الورود لابد أن تدمي يديه الأشواك . و الطامع في ذرى اللانهاية لابد أن يكدح إليها . و لكن وصول العابد إلى معرفة ربه و انكشاف الغطاء عن عينيه . ما أروعه .
يقول الصوفي لابس الخرقة : ˝ نحن في لذة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف ˝ تلك هي لذة العبادة الحقة . و هي من نصيب العابد . و لكن الله في غنى عنها و عن العالمين . و نحن لا نعبده بأمر تكليف و لكنا نعبده لأننا عرفنا جماله و جلاله . و نحن لا نجد في عبادته ذلاً بل تحرراً و كرامة . تحرراً من كل عبوديات الدنيا . تحرراً من الشهوات و الغرائز و الأطماع و المال . و نحن نخاف الله فلا نعود نخاف أحداً بعده و لا نعود نعبأ بأحد .
خوف الله شجاعة . و عبادته حرية . و الذل له كرامة . و معرفته يقين و تلك هي العبادة .
نحن الذين نجني أرباحها و مسراتها . أما الله فهو الغني عن كل شيء . إنما خلقنا الله ليعطينا لا ليأخذ منا . خلقنا ليخلع علينا من كمالاته فهو السميع البصير ، و قد أعطانا سمعاً و بصراً و هو العليم الخبير ، و قد أعطانا العقل لنتزود من علمه ، و الحواس لنتزود من خبرته و هو يقول لعبده المقرب في الحديث القدسى : ( عبد أطعني أجعلك ربانيا تقول للشيء كن فيكون ) .
ألم يفعل هذا لعيسى عليه السلام . فكان عيسى يحي الموتى بإذنه و يخلق من الطين طيراً بإذنه و يشفى الأعمى و الأبرص بإذنه .
العبودية لله إذن هي عكس العبودية في مفهومنا . فالعبودية في مفهومنا هي أن يأخذ السيد خير العبد ، أما العبودية لله فهي على العكس ، أن يعطى السيد عبده ما لا حدود له من النعم ، و يخلع عليه ما لا نهاية من الكمالات . فحينما يقول الله : ( و ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) فمعناها الباطن ما خلقت الجن والإنس إلا لأعطيهم و أمنحهم حباً و خيراً ، و كرامة و عزة ، و أخلع عليهم ثوب التشريف و الخلافة .
فالسيد الرب غني مستغن عن عبادتنا . و نحن المحتاجون إلى هذه العبادة و الشرف ، و المواهب و الخيرات التي لا حد لها .
فالله الكريم سمح لنا أن ندخل عليه في أي وقت بلا ميعاد ، و نبقى في حضرته ما شئنا و ندعوه ما وسعنا . بمجرد أن نبسط سجادة الصلاة و نقول ˝الله أكبر˝ نصبح في حضرته نطلب منه ما نشاء .
أين هو الملك الذي نستطيع أن ندخل عليه بلا ميعاد و نلبث في حضرته ما نشاء ؟!
و في ذلك يقول مولانا العبد الصالح الشيخ محمد متولي الشعراوي في شعر جميل : حسب نفسي عزاً إنني عبد يحتفل بي بلا مواعيد رب هو في قدسه الأعز و لكن أنا ألقى متى وحين أحب
و يقول : أرونى صنعة تعرض على صانعها خمس مرات في اليوم ˝يقصد الصلوات الخمس ˝ و تتعرض للتلف !
و هذه بعض المعاني الباطنة في الآية التي أثارت شكوكك : ( و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون ) و لو تأملتها لما أثارت فيك إلا الذهول و الإعجاب .
من كتاب / حوار مع صديقي الملحد للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝
❞ اقتباس من كتاب وصف الذات الالهية في الكتاب المقدس بقلم د محمد عمر تحريف آيات المعية سبب ضلال الازاهرة الأشعرية والماتريدية أيها الإخوة الكرام لابد أن يعلم أن عقيدة التعطيل لصفات الله تبارك وتعالي وأفعاله هي أصل من أصول الاعتقاد عند الأشعرية والماتريدية تلك التي أخذوها من الجعد ابن درهم أول من قال بالتعطيل لصفات الله تبارك وتعالي وأفعاله بين المسلمين وقد جاءت عقيدته موافقة لتعطيل النصاري للذات الالهية فمما أدخله هؤلاء القوم في عقائد الناس أن الله عز وجل ليس له ذات وأنه حل في كونه كالهواء أو كالروح التي تسري في الجسد وأصبح علي أثر هذه العقيدة الفاسدة تعطيل للذات الإلهية التي بين لنا ربنا تبارك وتعالي في سبع مواطن في كتاب الله أنه له ذات إلهية لا تشبه الذوات المخلوقة لله تبارك وتعالي وأنه لا تدركه الأبصار في الدنيا إذ أن بصر الإنسان في الدنيا محدود لكن الله عز وجل يتجلي علي أهل الإيمان في الآخرة قال تعالي لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103 وقال تعالي فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا ۖ يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ۚ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11) هذه هي الحقيقة التي يجحدها هؤلاء الأشعرية المعطلة جهلا منهم أنهم إن أثبتوا أن لله ذات كما يقول أهل السنة في عقيدتهم التي توارثوها عن النبي والصحابة الكرام إنما صاروا مجسمة للذات الإلهية وقد كذبوا والله فإن أهل السنة ما أثبتوا إلا ما أثبته الله عز وجل لنفسه دون أي تشبيه أو تعطيل أو تحريف أو تأويل فلما قال أهل السنة أن لله ذات لا تشبه الذوات فهي ليست شبيهة بالبشر إنما هي ذات إلهية علي العرش الذي فوق الكرسي الذي وسع السموات والأرض قال تعالي ( وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ وأما عن استوائه علي العرش فقد جاء في سبع مواضع في كتاب الله منها ما جاء في سورة السجدة قوله تعالي اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ ۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (4) نعم أيها الإخوة فإن الله تبارك وتعالي في عقيدة أهل السنة إنما هو علي عرشه مستو استواء يليق بذاته ليس كمثله شئ لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار هذا العرش الذي أثبته رب العزة تبارك وتعالي في موضعين في كتاب الله أولهم في سورة المؤمنون قال عنه رب العرش الكريم والثاني في سورة النمل قال عنه رب العرش العظيم بل قال عن نفسه سبحانه وتعالي أنه له وجه لا يشبه البشر قال تعالي( ويبقي وجه ربك ذو الجلال والإكرام) وله قبضة ليست كقبضة البشر قال تعالي (والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه) بل وله يدان تفيضان بالعطاء قال عنها بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء) نعم أيها الإخوة فهذا ما يدين به اهل الاسلام في الاعتقاد في الله عز وجل دون تشبيه بالبشر لكن هؤلاء الأشعرية المعطلة اتهموا أهل السنة أنهم مجسمة للذات الإلهية وأنهم شبهوا رب العزة تبارك وتعالي بالبشر فلما أرادوا أن يهربوا من التشبيه الذي زعموه كذبا وزورا فراحوا يعطلون كل صفات الله تبارك وتعالي حتي جعلوه كالهواء الذي يسري في الكون كله أو كالروح التي تسري في الجسد فلم يعد هناك تمايزا بين الخالق والمخلوق ولم يعد هناك ذات إلهية ولم يعد هناك عرش عظيم فوق الكرسي الذي وسع السموات والأرض بعد أن صار الله عز وجل هواء أو كالروح التي تسري في الأشياء هكذا اعتقد هؤلاء بفكر التعطيل الذي وضع أصوله الجعد بن درهم وتبناه هؤلاء القوم من الأشعرية والماتريدية فإن سألتهم أين الله طبقا للعقيدة الأشعرية التي يدينون بها صار الله عز وجل في كل مكان لأنه صار كالروح أو الهواء الذي يسري في الكون مخالفين بذلك كل النصوص الشرعية التي تدل علي أن الله عز وجل متمايز عن خلقه وأنه على علي عرشه علوا يليق بذاته ليس كمثله شئ مثل قول الله تعالي *أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16 *سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) *مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ۚ بل في صحيح مسلم لما سأل النبي الجارية أين الله قالت في السماء فقال لوليها اعتقها فإنها مؤمنة لكن المعطلة الأشعرية خالفوا كل هذه الأصول وجعلوا الله عز وجل هواء حل في كونه استنادا إلي آيتين تتعرض لمعية الله تبارك وتعالي أحدهما آية سورة الحديد والأخري آية سورة المجادلة قال تعالي (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۚ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۖ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4) الحديد (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7) المجادلة فمن يتدبر مطلع الآيتين يجد أنهما يشيران إلي معية العلم وليست معية الذات ففي آية الحديد يقول ربنا تبارك وتعالي يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وفي المجادلة ألم ترى أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض فنحن نؤمن أن الله علي عرشه مستوي لكنه يعلم كل ما يجري في كونه فتلك هي معية العلم ومعية السمع ومعية البصر ومعية القدرة وغيرها من صفات الله التي لا تشبه البشر تلك المعية التي فهمها أبو بكر الصديق وهو مع النبي في غار ثور في رحلة الهجرة إلي المدينة وهو يقول للنبي يا رسول الله لو نظر أحدهم تحت قدمية لرآنا والنبي يقول له يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما يا أبا بكر لا تحزن إن الله معنا فهل كان النبي يعني أن الله عز وجل نزل من عرشه وصار معهم في الغار أم أن النبي كان يعني معية النصرة والتأييد هذا الذي عبر عنه ربنا بقوله (إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ) لكنهم ضلوا في تأويل هذه الآيات ليخدموا بها قضيتهم في التعطيل حتي جعلوا ذات الله تسري بين البشر كالهواء أو الروح فهل يقول بهذا الكلام إنسان عاقل؟ وإن أردت دليلا: فها هو العلم الحديث أثبت انك قد تستمع لإنسان آخر وهو يكلمك من بلد آخر أو قارة أخري وتراه وتحدثه فهل معني ذلك أنه معك في نفس المكان بل قد يطلق صاروخ من بلد فيقتل ويدمر في بلد آخر فهل معني ذلك أن القاتل لابد أن يكون معك في نفس المكان وقديما كانوا يقولون مازلنا نسير في رحلتنا والقمر معنا وهم يعنون ضوء القمر فهل كان القمر ينزل إليهم علي الأرض أم أنه في السماء وضوءه فقط هو الذي يصل إليهم والأمثلة علي ذلك كثيرة لا تحصي خصوصا في زمن العلم الذي جعل العالم كله كقرية واحدة تتواصل من خلال جهاز الموبايل البسيط الذي بين يديك لكن هؤلاء أعياهم عقلهم أن يصدقوا أن الله عز وجل يسمع ويري ويرزق وينتقم ويعفو ويعطي ويمنع وهو علي عرشه مستو استواء يليق بجلاله فماذا بعد الحق إلا الضلال نعوذ بالله من عقول أعياها الكبر والجحود أن يصدقوا ما نزل من عند ربهم انتهي......................... ❝ ⏤Dr Mohammed omar Abdelaziz
❞ اقتباس من كتاب وصف الذات الالهية في الكتاب المقدس بقلم د محمد عمر
تحريف آيات المعية سبب ضلال الازاهرة الأشعرية والماتريدية أيها الإخوة الكرام لابد أن يعلم أن عقيدة التعطيل لصفات الله تبارك وتعالي وأفعاله هي أصل من أصول الاعتقاد عند الأشعرية والماتريدية تلك التي أخذوها من الجعد ابن درهم أول من قال بالتعطيل لصفات الله تبارك وتعالي وأفعاله بين المسلمين وقد جاءت عقيدته موافقة لتعطيل النصاري للذات الالهية
فمما أدخله هؤلاء القوم في عقائد الناس أن الله عز وجل ليس له ذات وأنه حل في كونه كالهواء أو كالروح التي تسري في الجسد وأصبح علي أثر هذه العقيدة الفاسدة تعطيل للذات الإلهية التي بين لنا ربنا تبارك وتعالي في سبع مواطن في كتاب الله أنه له ذات إلهية لا تشبه الذوات المخلوقة لله تبارك وتعالي وأنه لا تدركه الأبصار في الدنيا إذ أن بصر الإنسان في الدنيا محدود لكن الله عز وجل يتجلي علي أهل الإيمان في الآخرة قال تعالي لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103 وقال تعالي فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا ۖ يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ۚ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11) هذه هي الحقيقة التي يجحدها هؤلاء الأشعرية المعطلة جهلا منهم أنهم إن أثبتوا أن لله ذات كما يقول أهل السنة في عقيدتهم التي توارثوها عن النبي والصحابة الكرام إنما صاروا مجسمة للذات الإلهية وقد كذبوا والله فإن أهل السنة ما أثبتوا إلا ما أثبته الله عز وجل لنفسه دون أي تشبيه أو تعطيل أو تحريف أو تأويل فلما قال أهل السنة أن لله ذات لا تشبه الذوات فهي ليست شبيهة بالبشر إنما هي ذات إلهية علي العرش الذي فوق الكرسي الذي وسع السموات والأرض قال تعالي ( وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ وأما عن استوائه علي العرش فقد جاء في سبع مواضع في كتاب الله منها ما جاء في سورة السجدة قوله تعالي اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ ۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (4) نعم أيها الإخوة فإن الله تبارك وتعالي في عقيدة أهل السنة إنما هو علي عرشه مستو استواء يليق بذاته ليس كمثله شئ لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار هذا العرش الذي أثبته رب العزة تبارك وتعالي في موضعين في كتاب الله أولهم في سورة المؤمنون قال عنه رب العرش الكريم والثاني في سورة النمل قال عنه رب العرش العظيم بل قال عن نفسه سبحانه وتعالي أنه له وجه لا يشبه البشر قال تعالي( ويبقي وجه ربك ذو الجلال والإكرام) وله قبضة ليست كقبضة البشر قال تعالي (والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه) بل وله يدان تفيضان بالعطاء قال عنها بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء) نعم أيها الإخوة فهذا ما يدين به اهل الاسلام في الاعتقاد في الله عز وجل دون تشبيه بالبشر لكن هؤلاء الأشعرية المعطلة اتهموا أهل السنة أنهم مجسمة للذات الإلهية وأنهم شبهوا رب العزة تبارك وتعالي بالبشر فلما أرادوا أن يهربوا من التشبيه الذي زعموه كذبا وزورا فراحوا يعطلون كل صفات الله تبارك وتعالي حتي جعلوه كالهواء الذي يسري في الكون كله أو كالروح التي تسري في الجسد فلم يعد هناك تمايزا بين الخالق والمخلوق ولم يعد هناك ذات إلهية ولم يعد هناك عرش عظيم فوق الكرسي الذي وسع السموات والأرض بعد أن صار الله عز وجل هواء أو كالروح التي تسري في الأشياء هكذا اعتقد هؤلاء بفكر التعطيل الذي وضع أصوله الجعد بن درهم وتبناه هؤلاء القوم من الأشعرية والماتريدية فإن سألتهم أين الله طبقا للعقيدة الأشعرية التي يدينون بها صار الله عز وجل في كل مكان لأنه صار كالروح أو الهواء الذي يسري في الكون مخالفين بذلك كل النصوص الشرعية التي تدل علي أن الله عز وجل متمايز عن خلقه وأنه على علي عرشه علوا يليق بذاته ليس كمثله شئ مثل قول الله تعالي
بل في صحيح مسلم لما سأل النبي الجارية أين الله قالت في السماء فقال لوليها اعتقها فإنها مؤمنة لكن المعطلة الأشعرية خالفوا كل هذه الأصول وجعلوا الله عز وجل هواء حل في كونه استنادا إلي آيتين تتعرض لمعية الله تبارك وتعالي أحدهما آية سورة الحديد والأخري آية سورة المجادلة قال تعالي (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۚ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۖ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4) الحديد (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7) المجادلة فمن يتدبر مطلع الآيتين يجد أنهما يشيران إلي معية العلم وليست معية الذات ففي آية الحديد يقول ربنا تبارك وتعالي يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وفي المجادلة ألم ترى أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض فنحن نؤمن أن الله علي عرشه مستوي لكنه يعلم كل ما يجري في كونه فتلك هي معية العلم ومعية السمع ومعية البصر ومعية القدرة وغيرها من صفات الله التي لا تشبه البشر تلك المعية التي فهمها أبو بكر الصديق وهو مع النبي في غار ثور في رحلة الهجرة إلي المدينة وهو يقول للنبي يا رسول الله لو نظر أحدهم تحت قدمية لرآنا والنبي يقول له يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما يا أبا بكر لا تحزن إن الله معنا فهل كان النبي يعني أن الله عز وجل نزل من عرشه وصار معهم في الغار أم أن النبي كان يعني معية النصرة والتأييد هذا الذي عبر عنه ربنا بقوله (إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ) لكنهم ضلوا في تأويل هذه الآيات ليخدموا بها قضيتهم في التعطيل حتي جعلوا ذات الله تسري بين البشر كالهواء أو الروح فهل يقول بهذا الكلام إنسان عاقل؟ وإن أردت دليلا: فها هو العلم الحديث أثبت انك قد تستمع لإنسان آخر وهو يكلمك من بلد آخر أو قارة أخري وتراه وتحدثه فهل معني ذلك أنه معك في نفس المكان بل قد يطلق صاروخ من بلد فيقتل ويدمر في بلد آخر فهل معني ذلك أن القاتل لابد أن يكون معك في نفس المكان وقديما كانوا يقولون مازلنا نسير في رحلتنا والقمر معنا وهم يعنون ضوء القمر فهل كان القمر ينزل إليهم علي الأرض أم أنه في السماء وضوءه فقط هو الذي يصل إليهم والأمثلة علي ذلك كثيرة لا تحصي خصوصا في زمن العلم الذي جعل العالم كله كقرية واحدة تتواصل من خلال جهاز الموبايل البسيط الذي بين يديك لكن هؤلاء أعياهم عقلهم أن يصدقوا أن الله عز وجل يسمع ويري ويرزق وينتقم ويعفو ويعطي ويمنع وهو علي عرشه مستو استواء يليق بجلاله فماذا بعد الحق إلا الضلال نعوذ بالله من عقول أعياها الكبر والجحود أن يصدقوا ما نزل من عند ربهم