❞ مشاركتي في العدد الواحد وعشرين من مجلة الربيع العربي ؛
اهتمام عاشق :
في غُمرة الليل حيث الكل نِيام كان يتسلل إليّ ليسترق النظر إليّ خِلسة من أجل الاطمئنان عليّ بعد ما أصابني في غيابه طوال الفترة الماضية حيث داهمني المرض بغتةً واعتل بدني ولم أكن قادرة على الحِراك سوى لبعض الخُطى القليلة التي تمكِّنني من أداء أبسط المهام اليومية كالمأكل والمشرب ، حدث هذا منذ يومين وقد كنت في غاية الرهبة والخجل فما اعتدت أنْ يقترب مني أحد لهذا الحد رغم أنه كان زوجي فقد عَقَد قرانه عليّ قبل أنْ يعتريني هذا المُصاب ، كانت ليلةً دافئة فقد كانت أول مرة أشعر فيها بهذا القلق من قُبيل شخص آخر بعيد تماماً عن عائلتي ، حقاً أنه شعورٌ مختلف ومُغاير عمَّا اعتدت ، فحب أقربائك هو أمر بديهي معتاد أما حب شخص لم يعاشرك أو يَعِش معك أياماً من حياتك لهو أمرٌ غريب بعض الشيء ومميز أيضاً وهذا ما كنت أرغبه طيلة حياتي وقد تحقَّق بالفعل ، فكنت ما بين شعوري التعجب والسعادة حيث اندهشت من كم الخوف الذي كان يملأ عينيه في تلك الساعة المتأخرة من الليل ولهفته للاطمئنان على حالتي بمجرد وصوله البلدة وسعدت بهذا الشعور الذي غيَّر معنى حياتي تماماً ، الحب الذي استشعرته منه ، رجفة قلبه وخفقاته السريعة التي كانت تَرُج أرجاء المكان ، لمسته الحانية التي ربَّت بها على كتفي ، كلماته الدافئة التي أطربت قلبي حينما وقعت على مسامعي ، اقترابه الذي أطفأ لهيب قلبي وقلَّص خوفه كثيراً ، فما وددت شيئاً في حياتي أجمل وأرقى من هذا ، فقد كان نعمةً من الله لي جاءت في وقتها الذي لم أتخيله أو يخطر لي ببال ، فكان وَقْعُه عظيماً على قلبي وحياتي بأسرها ، كان طيباً حنوناً كريماً مرناً قادراً على فهمي واحتوائي في لحظات ضعفي ، تهدئة روعي ، تخفيف أحزاني ، مداواة آلامي ، تضميد جراحي ، الشعور بي في أي وقت كان ، لذا كان وجوده لازماً في هذا التوقيت من عمري حينما انفض من حولي الجميع إلا من بعض الأقرباء البعيدين تماماً عن دائرة اهتمامي ...
#خلود_أيمن #خواطر #KH. ❝ ⏤Kholoodayman1994 Saafan
❞ مشاركتي في العدد الواحد وعشرين من مجلة الربيع العربي ؛
اهتمام عاشق :
في غُمرة الليل حيث الكل نِيام كان يتسلل إليّ ليسترق النظر إليّ خِلسة من أجل الاطمئنان عليّ بعد ما أصابني في غيابه طوال الفترة الماضية حيث داهمني المرض بغتةً واعتل بدني ولم أكن قادرة على الحِراك سوى لبعض الخُطى القليلة التي تمكِّنني من أداء أبسط المهام اليومية كالمأكل والمشرب ، حدث هذا منذ يومين وقد كنت في غاية الرهبة والخجل فما اعتدت أنْ يقترب مني أحد لهذا الحد رغم أنه كان زوجي فقد عَقَد قرانه عليّ قبل أنْ يعتريني هذا المُصاب ، كانت ليلةً دافئة فقد كانت أول مرة أشعر فيها بهذا القلق من قُبيل شخص آخر بعيد تماماً عن عائلتي ، حقاً أنه شعورٌ مختلف ومُغاير عمَّا اعتدت ، فحب أقربائك هو أمر بديهي معتاد أما حب شخص لم يعاشرك أو يَعِش معك أياماً من حياتك لهو أمرٌ غريب بعض الشيء ومميز أيضاً وهذا ما كنت أرغبه طيلة حياتي وقد تحقَّق بالفعل ، فكنت ما بين شعوري التعجب والسعادة حيث اندهشت من كم الخوف الذي كان يملأ عينيه في تلك الساعة المتأخرة من الليل ولهفته للاطمئنان على حالتي بمجرد وصوله البلدة وسعدت بهذا الشعور الذي غيَّر معنى حياتي تماماً ، الحب الذي استشعرته منه ، رجفة قلبه وخفقاته السريعة التي كانت تَرُج أرجاء المكان ، لمسته الحانية التي ربَّت بها على كتفي ، كلماته الدافئة التي أطربت قلبي حينما وقعت على مسامعي ، اقترابه الذي أطفأ لهيب قلبي وقلَّص خوفه كثيراً ، فما وددت شيئاً في حياتي أجمل وأرقى من هذا ، فقد كان نعمةً من الله لي جاءت في وقتها الذي لم أتخيله أو يخطر لي ببال ، فكان وَقْعُه عظيماً على قلبي وحياتي بأسرها ، كان طيباً حنوناً كريماً مرناً قادراً على فهمي واحتوائي في لحظات ضعفي ، تهدئة روعي ، تخفيف أحزاني ، مداواة آلامي ، تضميد جراحي ، الشعور بي في أي وقت كان ، لذا كان وجوده لازماً في هذا التوقيت من عمري حينما انفض من حولي الجميع إلا من بعض الأقرباء البعيدين تماماً عن دائرة اهتمامي ..
❞ هل للحرية وجود؟
ابتداء احتجت بتعريف الحرية:
حقتبس هنا بعض التعريفات لها من عدة مصادر:
\"ورد في قاموس (Lettre) أنّ الحُريّة هي (وضعيّة الإنسان غير المَملوك)، أمّا قانونيًا فهي قُدرة الأفراد على مُمارسة الأنشطة التي يُريدونها دون إكراه، على أن يخضعوا للقوانين التي تُنظّم المُجتمع\"
\"تعدّدت معاريف مُصطلح الحريّة عند المذاهِب المختلفة، لكنّه ورَد في إعلان حقوق الإنسان الصّادر عام 1789م على أنّه: (حقّ الفرد في أن يفعل ما لا يَضُرّ الآخرين)\"
\"يَرجِع أصل مُصطلح الحريّة إلى الكلمة اللاتينيّة (Liber)، وتعني قُدرة الإنسان على التحرُّك والتصرُّف والقيام بِأيّ عملٍ بوجود أدنى حدٍّ من القيود، وقد ظهر هذا المصطلح لِلمرّة الأولى بِصُدور مرسوم من الحاكم ساردس الذي أقرّ بِمنح الحريّة الدينيّة لِلمسيحيّين، ثمّ ظهر المُصطلح مرّةً أُخرى في قسنطينة مع مرسوم ميلانو عام 313م، وذلك عندما وَرَدَ عن الكنيسة الكاثوليكيّة: (إنّ الإنسان خُلِق حُرّاً، لكنّه أساء استخدام الحرّية عندما أكل ثمرةً من ثمار شجرة معرفة الخير والشرّ)\"
-----
لكن تكمن المشكلة في تفسير المعنى، فيعني إذا قلنا أن الحرية هي أن لا يكون الانسان مملوكا، فسنحتاج لمعرفة ما معنى كون الانسان مملوكا! ثم نذهب لأصل ذلك، فإن كان الشخص المملوك، يخدم المالك مقابل المسكن والمأكل والمشرب، يعني خدمة بمقابل مادي أو ما يماثل ذلك فهو أشبه قليلا بعالم الأعمال.
وإن قلنا أنه حق الإنسان في أن يفعل ما لا يضر الآخرين، فما الذي يقيم هذا الضرر إن كان ضررا؟ فإذا سرت في الطريق وقال أحد أن هذا أضره، أأكون متعديا عليه؟
وإن قلنا بالتصرف في وجود حد أدنى من القيود، فما الذي نعتبره قيد وما الذي لا يكون؟ لا أستطيع كانسان إيقاف نفسي عن التنفس أو الأكل أو الشرب ثم تستقيم لي حياة، ولا استطيع الطيران دونما سلطان، ولا يمكنني الحركة دون تحريك مفاصل، ولا اتمكن من الفهم دون عقل، ولكن لا يتم اعتبار ذلك من القيود فهي معممة على الأفراد جميعا كما وأنه مبدأ المساواة في القيد لا يجعله قيدا، ولكن يشز البعض ويزداد قيده فلا يستطيع الحركة دونما عصا أو كرسي، ولا الرؤية بغير عدسة.
وإن قلنا بأن الحرية أمر معنوي، فلم إذا يتم اعتبار سجن البدن والتكبيل تقييدا للحرية؟
وهل حقا الانسان حر بشكل معنوي أصلا؟
هل مثلا يظن الفرد حقا أنه قادر في دول الصف الأول على اختيار رئيسه بشكل حر تماما بدون أي تدخلات تؤثر على قراره وتسوقه كما تساق الأنعام؟ بل وتؤثر في الخيارات المتاحة أمامه أصلا!
وهل أفكار الانسان متأصلة منه بشكل خالص، أم تشوبها الشوائب من كل حدب؟
---------
من الملاحظة أجد أن كلما زادت \"الحرية\" كلما زادت \"الأغلال\" فإذا شربت السجائر لأنك حر، فسيكبلك ذلك، بتقليل الدخل ثم استقطاع جزء من الوقت في شرائها وشربها، وكذلك إذا مرض الشخص منها، ثم تكبيل آخر بصعوبة الإقلاع، وكذلك كل ما طابت له النفس واشتهته وهو كثير وليس الحرام فقط،
وعلى النقيض تزداد \"الحرية\" بزيادة \"الأغلال\" فتطيب النفس إلى ما تطيب إليه لتأسر الانسان فيه، فيردها عنه، فيملكها ولا تملكه، فينعم بذلك بشيء من الحرية.
فلا أعلم كيف يظن البعض في دول كثيرة، أن فيما يفعلونه ويقولونه حرية متقلبون في نعمتها، وينعتون غيرهم بالافتقار إلى ذلك ساخرين، مشفقين، وما هم إلا أسرى في معركة النفس ولكن لا يشعرون.. ❝ ⏤علي حسن المنجو
❞ هل للحرية وجود؟
ابتداء احتجت بتعريف الحرية:
حقتبس هنا بعض التعريفات لها من عدة مصادر:
˝ورد في قاموس (Lettre) أنّ الحُريّة هي (وضعيّة الإنسان غير المَملوك)، أمّا قانونيًا فهي قُدرة الأفراد على مُمارسة الأنشطة التي يُريدونها دون إكراه، على أن يخضعوا للقوانين التي تُنظّم المُجتمع˝
˝تعدّدت معاريف مُصطلح الحريّة عند المذاهِب المختلفة، لكنّه ورَد في إعلان حقوق الإنسان الصّادر عام 1789م على أنّه: (حقّ الفرد في أن يفعل ما لا يَضُرّ الآخرين)˝
˝يَرجِع أصل مُصطلح الحريّة إلى الكلمة اللاتينيّة (Liber)، وتعني قُدرة الإنسان على التحرُّك والتصرُّف والقيام بِأيّ عملٍ بوجود أدنى حدٍّ من القيود، وقد ظهر هذا المصطلح لِلمرّة الأولى بِصُدور مرسوم من الحاكم ساردس الذي أقرّ بِمنح الحريّة الدينيّة لِلمسيحيّين، ثمّ ظهر المُصطلح مرّةً أُخرى في قسنطينة مع مرسوم ميلانو عام 313م، وذلك عندما وَرَدَ عن الكنيسة الكاثوليكيّة: (إنّ الإنسان خُلِق حُرّاً، لكنّه أساء استخدام الحرّية عندما أكل ثمرةً من ثمار شجرة معرفة الخير والشرّ)˝
-
لكن تكمن المشكلة في تفسير المعنى، فيعني إذا قلنا أن الحرية هي أن لا يكون الانسان مملوكا، فسنحتاج لمعرفة ما معنى كون الانسان مملوكا! ثم نذهب لأصل ذلك، فإن كان الشخص المملوك، يخدم المالك مقابل المسكن والمأكل والمشرب، يعني خدمة بمقابل مادي أو ما يماثل ذلك فهو أشبه قليلا بعالم الأعمال.
وإن قلنا أنه حق الإنسان في أن يفعل ما لا يضر الآخرين، فما الذي يقيم هذا الضرر إن كان ضررا؟ فإذا سرت في الطريق وقال أحد أن هذا أضره، أأكون متعديا عليه؟
وإن قلنا بالتصرف في وجود حد أدنى من القيود، فما الذي نعتبره قيد وما الذي لا يكون؟ لا أستطيع كانسان إيقاف نفسي عن التنفس أو الأكل أو الشرب ثم تستقيم لي حياة، ولا استطيع الطيران دونما سلطان، ولا يمكنني الحركة دون تحريك مفاصل، ولا اتمكن من الفهم دون عقل، ولكن لا يتم اعتبار ذلك من القيود فهي معممة على الأفراد جميعا كما وأنه مبدأ المساواة في القيد لا يجعله قيدا، ولكن يشز البعض ويزداد قيده فلا يستطيع الحركة دونما عصا أو كرسي، ولا الرؤية بغير عدسة.
وإن قلنا بأن الحرية أمر معنوي، فلم إذا يتم اعتبار سجن البدن والتكبيل تقييدا للحرية؟
وهل حقا الانسان حر بشكل معنوي أصلا؟
هل مثلا يظن الفرد حقا أنه قادر في دول الصف الأول على اختيار رئيسه بشكل حر تماما بدون أي تدخلات تؤثر على قراره وتسوقه كما تساق الأنعام؟ بل وتؤثر في الخيارات المتاحة أمامه أصلا!
وهل أفكار الانسان متأصلة منه بشكل خالص، أم تشوبها الشوائب من كل حدب؟
-
من الملاحظة أجد أن كلما زادت ˝الحرية˝ كلما زادت ˝الأغلال˝ فإذا شربت السجائر لأنك حر، فسيكبلك ذلك، بتقليل الدخل ثم استقطاع جزء من الوقت في شرائها وشربها، وكذلك إذا مرض الشخص منها، ثم تكبيل آخر بصعوبة الإقلاع، وكذلك كل ما طابت له النفس واشتهته وهو كثير وليس الحرام فقط،
وعلى النقيض تزداد ˝الحرية˝ بزيادة ˝الأغلال˝ فتطيب النفس إلى ما تطيب إليه لتأسر الانسان فيه، فيردها عنه، فيملكها ولا تملكه، فينعم بذلك بشيء من الحرية.
فلا أعلم كيف يظن البعض في دول كثيرة، أن فيما يفعلونه ويقولونه حرية متقلبون في نعمتها، وينعتون غيرهم بالافتقار إلى ذلك ساخرين، مشفقين، وما هم إلا أسرى في معركة النفس ولكن لا يشعرون. ❝
❞ إنَّ من تمام التوكل استعمال الأسباب التي نصبها الله لمُسبباتها قدراً وشرعاً ، فإن رسول الله ﷺ وأصحابه أكمل الخَلق توكُلاً ، وإنما كانوا يَلْقَوْنَ عدوهم ، وهم متحصنون بأنواع السلاح ، ودخل رسول الله ﷺ مكَّة ، والبَيْضَةُ على رأسه ، وقد أنزل الله عليه { وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } ، وكثير ممن لا تحقيق عنده ولا رسوخ في العلم يستشكل هذا ، ويتكايس في الجواب تارة بأن هذا فعله تعليماً للأمة ، وتارة بأن هذا كان قبل نزول الآية ، ووقعت في مصر مسألة سأل عنها بعضُ الأمراء ، وقد ذُكِرَ له حديث ذكره أبو القاسم بن عساكر في تاريخه الكبير أن رسول الله ﷺ كان بعد أن أهدت له اليهودية الشاةَ المسمومة لا يأكل طعاماً قدم له حتى يأكل منه من قدمه ، قالوا : وفي هذا أسوة للملوك في ذلك ، فقال قائل : كيف يُجمع بين هذا وبين قوله تعالى { وَالله يعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } ، فإذا كانَ الله سبحانه قد ضمن له العِصْمَة ، فهو يعلم أنه لا سبيل لبشر إليه ، وأجاب بعضهم بأن هذا يدل على ضعف الحديث ، وبعضُهم بأن هذا كان قبل نزول الآية ، فلما نزلت لم يكن ليفعل ذلك بعدها ، ولو تأمل هؤلاء أن ضمان الله له العصمة ، لا ينافي تعاطيه لأسبابها ، لأغناهم عن هذا التكلف ، فإن هذا الضمان له من ربه تبارك وتعالى لا يُناقِضُ احتراسه من الناس ولا ينافيه ، كما أن إخبار الله سبحانه له بأنه يُظهر دينه على الدين كُلّه ويُعليه لا يُناقض أمره بالقتال وإعداد العُدة والقوة ورباط الخيل والأخذ بالجد والحذر والاحتراس من عدوه ومحاربته بأنواع الحرب والتورية ، فكان ﷺ إذا أراد الغزوة ورى بغيرها ، وذلك لأن هذا إخبار من عن عاقبة حاله وماله بما يتعاطاه من الأسباب التي جعلها الله مُفضية إلى ذلك ، مقتضية له وهو ﷺ أعلم بربه وأتبع لأمره من أن يعطل الأسباب التي جعلها الله له بحكمته موجبة لما وعده به من النصر والظفر ، إظهار دينه ، وغلبته لعدوه ، وهذا كما أنه سبحانه ضمن له حياته حتى يبلغ رسالاته ، ويظهر دينه وهو يتعاطىء أسباب الحياة من المأكل والمشرب ، والملبس والمسكن ، وهذا موضع يغلط فيه كثير من الناس، حتى آل ذلك ببعضهم إلى أن ترك الدعاء ، وزعم أنه لا فائدة فيه ، لأن المسؤول إن كان قد قُدر ، ناله ولا بد ، وإن لم يُقدر ، لم ينله ، فأي فائدة في الاشتغال بالدعاء ؟ ثم تكايس في الجواب ، بأن قال : الدعاء عبادة ، فيقال لهذا الغالط : بقي عليك قسم آخر ـ وهو الحق ـ أنه قد قدر له مطلوبه إن تعاطاه حصل له المطلوب ، وإن عطل السبب ، فاته المطلوب ، والدعاء من أعظم الأسباب في حصول المطلوب ، وما مثل هذا الغالط إلا مثل من يقول : وإن كان الله قد قدَّر لي الشبع ، فأنا أشبع أكلتُ أو لم آكل ، إن لم يقدر لي الشبع ، لم أشبع أكلتُ أو لم آكل ، فما فائدة الأكل ؟ وأمثال هذه التّرَّهات الباطلة المُنافية لحكمة الله تعالى وشرعه ، وبالله التوفيق. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ إنَّ من تمام التوكل استعمال الأسباب التي نصبها الله لمُسبباتها قدراً وشرعاً ، فإن رسول الله ﷺ وأصحابه أكمل الخَلق توكُلاً ، وإنما كانوا يَلْقَوْنَ عدوهم ، وهم متحصنون بأنواع السلاح ، ودخل رسول الله ﷺ مكَّة ، والبَيْضَةُ على رأسه ، وقد أنزل الله عليه ﴿ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ﴾ ، وكثير ممن لا تحقيق عنده ولا رسوخ في العلم يستشكل هذا ، ويتكايس في الجواب تارة بأن هذا فعله تعليماً للأمة ، وتارة بأن هذا كان قبل نزول الآية ، ووقعت في مصر مسألة سأل عنها بعضُ الأمراء ، وقد ذُكِرَ له حديث ذكره أبو القاسم بن عساكر في تاريخه الكبير أن رسول الله ﷺ كان بعد أن أهدت له اليهودية الشاةَ المسمومة لا يأكل طعاماً قدم له حتى يأكل منه من قدمه ، قالوا : وفي هذا أسوة للملوك في ذلك ، فقال قائل : كيف يُجمع بين هذا وبين قوله تعالى ﴿ وَالله يعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ﴾ ، فإذا كانَ الله سبحانه قد ضمن له العِصْمَة ، فهو يعلم أنه لا سبيل لبشر إليه ، وأجاب بعضهم بأن هذا يدل على ضعف الحديث ، وبعضُهم بأن هذا كان قبل نزول الآية ، فلما نزلت لم يكن ليفعل ذلك بعدها ، ولو تأمل هؤلاء أن ضمان الله له العصمة ، لا ينافي تعاطيه لأسبابها ، لأغناهم عن هذا التكلف ، فإن هذا الضمان له من ربه تبارك وتعالى لا يُناقِضُ احتراسه من الناس ولا ينافيه ، كما أن إخبار الله سبحانه له بأنه يُظهر دينه على الدين كُلّه ويُعليه لا يُناقض أمره بالقتال وإعداد العُدة والقوة ورباط الخيل والأخذ بالجد والحذر والاحتراس من عدوه ومحاربته بأنواع الحرب والتورية ، فكان ﷺ إذا أراد الغزوة ورى بغيرها ، وذلك لأن هذا إخبار من عن عاقبة حاله وماله بما يتعاطاه من الأسباب التي جعلها الله مُفضية إلى ذلك ، مقتضية له وهو ﷺ أعلم بربه وأتبع لأمره من أن يعطل الأسباب التي جعلها الله له بحكمته موجبة لما وعده به من النصر والظفر ، إظهار دينه ، وغلبته لعدوه ، وهذا كما أنه سبحانه ضمن له حياته حتى يبلغ رسالاته ، ويظهر دينه وهو يتعاطىء أسباب الحياة من المأكل والمشرب ، والملبس والمسكن ، وهذا موضع يغلط فيه كثير من الناس، حتى آل ذلك ببعضهم إلى أن ترك الدعاء ، وزعم أنه لا فائدة فيه ، لأن المسؤول إن كان قد قُدر ، ناله ولا بد ، وإن لم يُقدر ، لم ينله ، فأي فائدة في الاشتغال بالدعاء ؟ ثم تكايس في الجواب ، بأن قال : الدعاء عبادة ، فيقال لهذا الغالط : بقي عليك قسم آخر ـ وهو الحق ـ أنه قد قدر له مطلوبه إن تعاطاه حصل له المطلوب ، وإن عطل السبب ، فاته المطلوب ، والدعاء من أعظم الأسباب في حصول المطلوب ، وما مثل هذا الغالط إلا مثل من يقول : وإن كان الله قد قدَّر لي الشبع ، فأنا أشبع أكلتُ أو لم آكل ، إن لم يقدر لي الشبع ، لم أشبع أكلتُ أو لم آكل ، فما فائدة الأكل ؟ وأمثال هذه التّرَّهات الباطلة المُنافية لحكمة الله تعالى وشرعه ، وبالله التوفيق. ❝
❞ وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123)
قوله تعالى : وإن إلياس لمن المرسلين قال المفسرون : إلياس نبي من بني إسرائيل . وروي عن ابن مسعود قال : إسرائيل هو يعقوب وإلياس هو إدريس . وقرأ : " وإن إدريس " وقاله عكرمة . وقال : هو في مصحف عبد الله : " وإن إدريس لمن المرسلين " وانفرد بهذا القول . وقال ابن عباس : هو عم اليسع . وقال ابن إسحاق وغيره : كان القيم بأمر بني إسرائيل بعد يوشع كالب بن يوقنا ثم حزقيل ، ثم لما قبض الله حزقيل النبي عظمت الأحداث في بني إسرائيل ، ونسوا عهد الله وعبدوا الأوثان من دونه ، فبعث الله إليهم إلياس نبيا وتبعه اليسع وآمن به ، فلما عتا عليه بنو إسرائيل دعا ربه أن يريحه منهم فقيل له : اخرج يوم كذا وكذا إلى موضع كذا وكذا ، فما استقبلك من شيء فاركبه ولا تهبه . فخرج ومعه اليسع فقال : يا إلياس ما تأمرني ؟ . فقذف إليه بكسائه من الجو الأعلى ، فكان ذلك علامة استخلافه إياه على بني إسرائيل ، وكان ذلك آخر العهد به . وقطع الله على إلياس لذة المطعم والمشرب ، وكساه الريش وألبسه النور ، فطار مع الملائكة ، فكان إنسيا ملكيا سماويا أرضيا . قال ابن قتيبة : وذلك أن الله تعالى قال لإلياس : " سلني أعطك " . قال : ترفعني إليك ، وتؤخر عني مذاقة الموت . فصار يطير مع الملائكة . وقال بعضهم : كان قد مرض وأحس الموت فبكى ، فأوحى الله إليه : لم تبكي ؟ حرصا على الدنيا ، أو جزعا من الموت ، أو خوفا من النار ؟ قال : لا ، ولا شيء من هذا وعزتك ، إنما جزعي كيف يحمدك الحامدون بعدي ولا أحمدك! ويذكرك الذاكرون بعدي ولا أذكرك! ويصوم الصائمون بعدي ولا أصوم! ويصلي المصلون ولا أصلي!! فقيل له : " يا إلياس وعزتي لأؤخرنك إلى وقت لا يذكرني فيه ذاكر " . يعني يوم القيامة . وقال عبد العزيز بن أبي رواد : إن إلياس والخضر عليهما السلام يصومان شهر رمضان في كل عام ببيت المقدس يوافيان الموسم في كل عام . وذكر ابن أبي الدنيا ، إنهما يقولان عند افتراقهما عن الموسم : ما شاء الله ما شاء الله ، لا يسوق الخير إلا الله ، ما شاء الله ما شاء الله ، لا يصرف السوء إلا الله ، ما شاء الله ما شاء الله ، ما يكون من نعمة فمن الله ، ما شاء الله ما شاء الله ، توكلت على الله ، حسبنا الله ونعم الوكيل . وقد مضى في [ الكهف ] . وذكر من طريق مكحول عن أنس قال : غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كنا بفج الناقة عند الحجر ، إذا نحن بصوت يقول : اللهم اجعلني من أمة محمد المرحومة ، المغفور لها ، المتوب عليها ، المستجاب لها ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا أنس ، انظر ما هذا الصوت . فدخلت الجبل ، فإذا أنا برجل أبيض اللحية والرأس ، عليه ثياب بيض ، طوله أكثر من ثلاثمائة ذراع ، فلما نظر إلي قال : أنت رسول النبي ؟ قلت : نعم ، قال : ارجع إليه فأقرئه مني السلام وقل له : هذا أخوك إلياس يريد لقاءك . فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا معه ، حتى إذا كنا قريبا منه ، تقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وتأخرت ، فتحدثا طويلا ، فنزل عليهما شيء من السماء شبه السفرة فدعواني فأكلت معهما ، فإذا فيها كمأة ورمان وكرفس ، فلما أكلت قمت فتنحيت ، وجاءت سحابة فاحتملته فإذا أنا أنظر إلى بياض ثيابه فيها تهوي به ، فقلت للنبي - صلى الله عليه وسلم - : بأبي أنت وأمي! هذا الطعام الذي أكلنا أمن السماء نزل عليه ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : سألته عنه فقال : يأتيني به جبريل في كل أربعين يوما أكلة ، وفي كل حول شربة من ماء زمزم ، وربما رأيته على الجب يملأ بالدلو فيشرب وربما سقاني .. ❝ ⏤محمد بن صالح العثيمين
❞ وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123)
قوله تعالى : وإن إلياس لمن المرسلين قال المفسرون : إلياس نبي من بني إسرائيل . وروي عن ابن مسعود قال : إسرائيل هو يعقوب وإلياس هو إدريس . وقرأ : ˝ وإن إدريس ˝ وقاله عكرمة . وقال : هو في مصحف عبد الله : ˝ وإن إدريس لمن المرسلين ˝ وانفرد بهذا القول . وقال ابن عباس : هو عم اليسع . وقال ابن إسحاق وغيره : كان القيم بأمر بني إسرائيل بعد يوشع كالب بن يوقنا ثم حزقيل ، ثم لما قبض الله حزقيل النبي عظمت الأحداث في بني إسرائيل ، ونسوا عهد الله وعبدوا الأوثان من دونه ، فبعث الله إليهم إلياس نبيا وتبعه اليسع وآمن به ، فلما عتا عليه بنو إسرائيل دعا ربه أن يريحه منهم فقيل له : اخرج يوم كذا وكذا إلى موضع كذا وكذا ، فما استقبلك من شيء فاركبه ولا تهبه . فخرج ومعه اليسع فقال : يا إلياس ما تأمرني ؟ . فقذف إليه بكسائه من الجو الأعلى ، فكان ذلك علامة استخلافه إياه على بني إسرائيل ، وكان ذلك آخر العهد به . وقطع الله على إلياس لذة المطعم والمشرب ، وكساه الريش وألبسه النور ، فطار مع الملائكة ، فكان إنسيا ملكيا سماويا أرضيا . قال ابن قتيبة : وذلك أن الله تعالى قال لإلياس : ˝ سلني أعطك ˝ . قال : ترفعني إليك ، وتؤخر عني مذاقة الموت . فصار يطير مع الملائكة . وقال بعضهم : كان قد مرض وأحس الموت فبكى ، فأوحى الله إليه : لم تبكي ؟ حرصا على الدنيا ، أو جزعا من الموت ، أو خوفا من النار ؟ قال : لا ، ولا شيء من هذا وعزتك ، إنما جزعي كيف يحمدك الحامدون بعدي ولا أحمدك! ويذكرك الذاكرون بعدي ولا أذكرك! ويصوم الصائمون بعدي ولا أصوم! ويصلي المصلون ولا أصلي!! فقيل له : ˝ يا إلياس وعزتي لأؤخرنك إلى وقت لا يذكرني فيه ذاكر ˝ . يعني يوم القيامة . وقال عبد العزيز بن أبي رواد : إن إلياس والخضر عليهما السلام يصومان شهر رمضان في كل عام ببيت المقدس يوافيان الموسم في كل عام . وذكر ابن أبي الدنيا ، إنهما يقولان عند افتراقهما عن الموسم : ما شاء الله ما شاء الله ، لا يسوق الخير إلا الله ، ما شاء الله ما شاء الله ، لا يصرف السوء إلا الله ، ما شاء الله ما شاء الله ، ما يكون من نعمة فمن الله ، ما شاء الله ما شاء الله ، توكلت على الله ، حسبنا الله ونعم الوكيل . وقد مضى في [ الكهف ] . وذكر من طريق مكحول عن أنس قال : غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كنا بفج الناقة عند الحجر ، إذا نحن بصوت يقول : اللهم اجعلني من أمة محمد المرحومة ، المغفور لها ، المتوب عليها ، المستجاب لها ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا أنس ، انظر ما هذا الصوت . فدخلت الجبل ، فإذا أنا برجل أبيض اللحية والرأس ، عليه ثياب بيض ، طوله أكثر من ثلاثمائة ذراع ، فلما نظر إلي قال : أنت رسول النبي ؟ قلت : نعم ، قال : ارجع إليه فأقرئه مني السلام وقل له : هذا أخوك إلياس يريد لقاءك . فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا معه ، حتى إذا كنا قريبا منه ، تقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وتأخرت ، فتحدثا طويلا ، فنزل عليهما شيء من السماء شبه السفرة فدعواني فأكلت معهما ، فإذا فيها كمأة ورمان وكرفس ، فلما أكلت قمت فتنحيت ، وجاءت سحابة فاحتملته فإذا أنا أنظر إلى بياض ثيابه فيها تهوي به ، فقلت للنبي - صلى الله عليه وسلم - : بأبي أنت وأمي! هذا الطعام الذي أكلنا أمن السماء نزل عليه ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : سألته عنه فقال : يأتيني به جبريل في كل أربعين يوما أكلة ، وفي كل حول شربة من ماء زمزم ، وربما رأيته على الجب يملأ بالدلو فيشرب وربما سقاني. ❝