❞ وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)
قوله تعالى : ومن شر النفاثات في العقد يعني الساحرات اللائي ينفثن في عقد الخيط حين يرقين عليها . شبه النفخ كما يعمل من يرقي . قال الشاعر :
أعوذ بربي من النافثات في عضه العاضه المعضه
وقال متمم بن نويرة :
نفثت في الخيط شبيه الرقى من خشية الجنة والحاسد
وقال عنترة :
فإن يبرأ فلم أنفث عليه وإن يفقد فحق له الفقود
السابعة : وروى النسائي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من عقد عقدة ثم نفث فيها ، فقد سحر ، ومن سحر فقد أشرك ، ومن تعلق شيئا وكل إليه . واختلف في النفث عند الرقى فمنعه قوم ، وأجازه آخرون . قال عكرمة : لا ينبغي للراقي أن ينفث ، ولا يمسح ولا يعقد . قال إبراهيم : كانوا يكرهون النفث في الرقى . وقال بعضهم : دخلت ، على الضحاك وهو وجع ، فقلت : ألا أعوذك يا أبا محمد ؟ قال : لا شيء من ذلك ولكن لا تنفث ؛ فعوذته بالمعوذتين . وقال ابن جريج قلت لعطاء : القرآن ينفخ به أو ينفث ؟ قال : لا شيء من ذلك ولكن تقرؤه هكذا . ثم قال بعد : انفث إن شئت . وسئل محمد بن سيرين عن الرقية ينفث فيها ، فقال : لا أعلم بها بأسا ، وإذا اختلفوا فالحاكم بينهم السنة . روت عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينفث في الرقية ؛ رواه الأئمة ، وقد ذكرناه أول السورة وفي ( سبحان ) . وعن محمد بن حاطب أن يده احترقت فأتت به أمه النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل ينفث عليها ويتكلم بكلام ؛ زعم أنه لم يحفظه . وقال محمد بن الأشعث : ذهب بي إلى عائشة - رضي الله عنها - وفي عيني سوء ، فرقتني ونفثت .
وأما ما روي عن عكرمة من قوله : لا ينبغي للراقي أن ينفث ، فكأنه ذهب فيه إلى أن الله تعالى جعل النفث في العقد مما يستعاذ به ، فلا يكون بنفسه عوذة . وليس هذا هكذا ؛ لأن النفث في العقد إذا كان مذموما لم يجب أن يكون النفث بلا عقد مذموما . ولأن النفث في العقد إنما أريد به السحر المضر بالأرواح ، وهذا النفث لاستصلاح الأبدان ، فلا يقاس ما ينفع بما يضر . وأما كراهة عكرمة المسح فخلاف السنة . قال علي - رضي الله عنه - : اشتكيت ، فدخل علي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أقول : اللهم إن كان أجلي قد حضر فأرحني ، وإن كان متأخرا فاشفني وعافني ، وإن كان بلاء فصبرني . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " كيف قلت " ؟ فقلت له : فمسحني بيده ، ثم قال : " اللهم اشفه " فما عاد ذلك الوجع بعد . وقرأ عبد الله بن عمرو وعبد الرحمن بن سابط وعيسى بن عمر ورويس عن يعقوب ( من شر النافثات ) في وزن ( فاعلات ) . ورويت عن عبد الله بن القاسم مولى أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما - . وروي أن نساء سحرن النبي - صلى الله عليه وسلم - في إحدى عشرة عقدة ، فأنزل الله المعوذتين إحدى عشرة آية . قال ابن زيد : كن من اليهود ؛ يعني السواحر المذكورات . وقيل : هن بنات لبيد بن الأعصم .. ❝ ⏤محمد بن عبد الوهاب
❞ وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)
قوله تعالى : ومن شر النفاثات في العقد يعني الساحرات اللائي ينفثن في عقد الخيط حين يرقين عليها . شبه النفخ كما يعمل من يرقي . قال الشاعر :
أعوذ بربي من النافثات في عضه العاضه المعضه
وقال متمم بن نويرة :
نفثت في الخيط شبيه الرقى من خشية الجنة والحاسد
وقال عنترة :
فإن يبرأ فلم أنفث عليه وإن يفقد فحق له الفقود
السابعة : وروى النسائي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من عقد عقدة ثم نفث فيها ، فقد سحر ، ومن سحر فقد أشرك ، ومن تعلق شيئا وكل إليه . واختلف في النفث عند الرقى فمنعه قوم ، وأجازه آخرون . قال عكرمة : لا ينبغي للراقي أن ينفث ، ولا يمسح ولا يعقد . قال إبراهيم : كانوا يكرهون النفث في الرقى . وقال بعضهم : دخلت ، على الضحاك وهو وجع ، فقلت : ألا أعوذك يا أبا محمد ؟ قال : لا شيء من ذلك ولكن لا تنفث ؛ فعوذته بالمعوذتين . وقال ابن جريج قلت لعطاء : القرآن ينفخ به أو ينفث ؟ قال : لا شيء من ذلك ولكن تقرؤه هكذا . ثم قال بعد : انفث إن شئت . وسئل محمد بن سيرين عن الرقية ينفث فيها ، فقال : لا أعلم بها بأسا ، وإذا اختلفوا فالحاكم بينهم السنة . روت عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينفث في الرقية ؛ رواه الأئمة ، وقد ذكرناه أول السورة وفي ( سبحان ) . وعن محمد بن حاطب أن يده احترقت فأتت به أمه النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل ينفث عليها ويتكلم بكلام ؛ زعم أنه لم يحفظه . وقال محمد بن الأشعث : ذهب بي إلى عائشة - رضي الله عنها - وفي عيني سوء ، فرقتني ونفثت .
وأما ما روي عن عكرمة من قوله : لا ينبغي للراقي أن ينفث ، فكأنه ذهب فيه إلى أن الله تعالى جعل النفث في العقد مما يستعاذ به ، فلا يكون بنفسه عوذة . وليس هذا هكذا ؛ لأن النفث في العقد إذا كان مذموما لم يجب أن يكون النفث بلا عقد مذموما . ولأن النفث في العقد إنما أريد به السحر المضر بالأرواح ، وهذا النفث لاستصلاح الأبدان ، فلا يقاس ما ينفع بما يضر . وأما كراهة عكرمة المسح فخلاف السنة . قال علي - رضي الله عنه - : اشتكيت ، فدخل علي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أقول : اللهم إن كان أجلي قد حضر فأرحني ، وإن كان متأخرا فاشفني وعافني ، وإن كان بلاء فصبرني . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ˝ كيف قلت ˝ ؟ فقلت له : فمسحني بيده ، ثم قال : ˝ اللهم اشفه ˝ فما عاد ذلك الوجع بعد . وقرأ عبد الله بن عمرو وعبد الرحمن بن سابط وعيسى بن عمر ورويس عن يعقوب ( من شر النافثات ) في وزن ( فاعلات ) . ورويت عن عبد الله بن القاسم مولى أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما - . وروي أن نساء سحرن النبي - صلى الله عليه وسلم - في إحدى عشرة عقدة ، فأنزل الله المعوذتين إحدى عشرة آية . قال ابن زيد : كن من اليهود ؛ يعني السواحر المذكورات . وقيل : هن بنات لبيد بن الأعصم. ❝
❞ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)
تفسير سورة الفلق
وهي خمس آيات
و هي مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر ، ومدنية في أحد قولي ابن عباس وقتادة وهذه السورة وسورة ( الناس ) و ( الإخلاص ) : تعوذ بهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين سحرته اليهود ؛ على ما يأتي . وقيل : إن المعوذتين كان يقال لهما المقشقشتان ؛ أي تبرئان من النفاق . وقد تقدم . وزعم ابن مسعود أنهما دعاء تعوذ به ، وليستا من القرآن ؛ خالف به الإجماع من الصحابة وأهل البيت . قال ابن قتيبة : لم يكتب عبد الله بن مسعود في مصحفه المعوذتين ؛ لأنه كان يسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعوذ الحسن والحسين - رضي الله عنهما - بهما ، فقدر أنهما بمنزلة : أعيذكما بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة . قال أبو بكر الأنباري : وهذا مردود على ابن قتيبة ؛ لأن المعوذتين من كلام رب العالمين ، المعجز لجميع المخلوقين ؛ و ( أعيذكما بكلمات الله التامة ) من قول البشر بين . وكلام الخالق الذي هو آية لمحمد - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين ، وحجة له باقية على جميع الكافرين ، لا يلتبس بكلام الآدميين ، على مثل عبد الله بن مسعود الفصيح اللسان ، العالم باللغة ، العارف بأجناس الكلام ، وأفانين القول . وقال بعض الناس : لم يكتب عبد الله المعوذتين لأنه أمن عليهما من النسيان ، فأسقطهما وهو يحفظهما ؛ كما أسقط فاتحة الكتاب من مصحفه ، وما يشك في حفظه وإتقانه لها . فرد هذا القول على قائله ، واحتج عليه بأنه قد كتب : إذا جاء نصر الله والفتح ، و إنا أعطيناك الكوثر ، و قل هو الله أحد وهن يجرين مجرى المعوذتين في أنهن غير طوال ، والحفظ إليهن أسرع ، ونسيانهن مأمون ، وكلهن يخالف فاتحة الكتاب ؛ إذ الصلاة لا تتم إلا بقراءتها . وسبيل كل ركعة أن تكون المقدمة فيها قبل ما يقرأ من بعدها ، فإسقاط فاتحة الكتاب من المصحف ، على معنى الثقة ببقاء حفظها ، والأمن من نسيانها ، صحيح ، وليس من السور ما يجري في هذا المعنى مجراها ، ولا يسلك به طريقها . وقد مضى هذا المعنى في سورة ( الفاتحة ) . والحمد لله .
بسم الله الرحمن الرحيم قل أعوذ برب الفلق
روى النسائي عن عقبة بن عامر ، قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو راكب ، فوضعت يدي على قدمه ، فقلت : أقرئني سورة ( هود ) أقرئني سورة يوسف . فقال لي : " لن تقرأ شيئا أبلغ عند الله من قل أعوذ برب الفلق " . وعنه قال : بينا أنا أسير مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الجحفة والأبواء ، إذ غشتنا ريح مظلمة شديدة ، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ بـ أعوذ برب الفلق ، و أعوذ برب الناس ، ويقول : " يا عقبة ، تعوذ بهما فما تعوذ متعوذ بمثلهما " . قال : وسمعته يقرأ بهما في الصلاة . وروى النسائي عن عبد الله قال : أصابنا طش وظلمة ، فانتظرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج . ثم ذكر كلاما معناه : فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي بنا ، فقال : قل . فقلت : ما أقول ؟ قال : " قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي ، وحين تصبح ثلاثا ، يكفيك كل شيء " .
وعن عقبة بن عامر الجهني قال : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " قل " . قلت : ما أقول ؟ قال : " قل : قل هو الله أحد . قل أعوذ برب الفلق . قل أعوذ برب الناس - فقرأهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم قال : لم يتعوذ الناس بمثلهن ، أو لا يتعوذ الناس بمثلهن " . وفي حديث ابن عباس ( قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ، هاتين السورتين ) . وفي صحيح البخاري ومسلم عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اشتكى قرأ على نفسه بالمعوذتين وينفث ، كلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه ، وأمسح عنه بيده ، رجاء بركتها . النفث : النفخ ليس معه ريق .
ثبت في الصحيحين من حديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سحره يهودي من يهود بني زريق ، يقال له لبيد بن الأعصم ، حتى يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء ولا يفعله ، فمكث كذلك ما شاء الله أن يمكث - في غير الصحيح : سنة - ثم قال : " يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه . أتاني ملكان ، فجلس أحدهما عند رأسي ، والآخر عند رجلي ، فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي : ما شأن الرجل ؟ قال : مطبوب . قال ومن طبه ؟ قال لبيد بن الأعصم . قال في ماذا ؟ قال في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر ، تحت راعوفة في بئر ذي أروان " فجاء البئر واستخرجه . انتهى الصحيح .
وقال ابن عباس : " أما شعرت يا عائشة أن الله تعالى أخبرني بدائي " . ثم بعث عليا والزبير وعمار بن ياسر ، فنزحوا ماء تلك البئر كأنه نقاعة الحناء ، ثم رفعوا الصخرة وهي الراعوفة - صخرة تترك أسفل البئر يقوم عليها المائح ، وأخرجوا الجف ، فإذا مشاطة رأس إنسان ، وأسنان من مشط ، وإذا وتر معقود فيه إحدى عشرة عقدة مغرزة بالإبر ، فأنزل الله تعالى هاتين السورتين ، وهما إحدى عشرة آية على عدد تلك العقد ، وأمر أن يتعوذ بهما ؛ فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ، ووجد النبي - صلى الله عليه وسلم - خفة ، حتى انحلت العقدة الأخيرة ، فكأنما أنشط من عقال ، وقال : ليس به بأس . وجعل جبريل يرقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول : " باسم الله أرقيك ، من كل شيء يؤذيك ، من شر حاسد وعين ، والله يشفيك " . فقالوا : يا رسول الله ، ألا نقتل الخبيث . فقال : " أما أنا فقد شفاني الله ، وأكره أن أثير على الناس شرا " . وذكر القشيري في تفسيره أنه ورد في الصحاح : أن غلاما من اليهود كان يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فدست إليه اليهود ، ولم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - . والمشاطة ( بضم الميم ) : ما يسقط من الشعر عند المشط . وأخذ عدة من أسنان مشطه ، فأعطاها اليهود ، فسحروه فيها ، وكان الذي تولى ذلك لبيد بن الأعصم اليهودي . وذكر نحو ما تقدم عن ابن عباس .
تقدم في ( البقرة ) القول في السحر وحقيقته ، وما ينشأ عنه من الآلام والمفاسد ، وحكم الساحر ؛ فلا معنى لإعادته .
قوله تعالى : الفلق اختلف فيه ؛ فقيل : سجن في جهنم ؛ قاله ابن عباس . وقال أبي بن كعب : بيت في جهنم إذا فتح صاح أهل النار من حره . وقال الحبلي أبو عبد الرحمن : هو اسم من أسماء جهنم . وقال الكلبي : واد في جهنم . وقال عبد الله بن عمر : شجرة في النار . سعيد بن جبير : جب في النار . النحاس : يقال لما اطمأن من الأرض فلق ؛ فعلى هذا يصح هذا القول . وقال جابر بن عبد الله والحسن وسعيد بن جبير أيضا ومجاهد وقتادة والقرظي وابن زيد : الفلق ، الصبح . وقاله ابن عباس . تقول العرب : هو أبين من فلق الصبح وفرق الصبح . وقال الشاعر :
يا ليلة لم أنمها بت مرتفقا أرعى النجوم إلى أن نور الفلق
وقيل : الفلق : الجبال والصخور تنفرد بالمياه ؛ أي تتشقق . وقيل : هو التفليق بين الجبال والصخور ؛ لأنها تتشقق من خوف الله - عز وجل - . قال زهير :
ما زلت أرمقهم حتى إذا هبطت أيدي الركاب بهم من راكس فلقا
الراكس : بطن الوادي . وكذلك هو في قول النابغة :
[ وعيد أبي قابوس في غير كنهه ] أتاني ودوني راكس فالضواجع
والراكس أيضا : الهادي ، وهو الثور وسط البيدر ، تدور عليه الثيران في الدياسة . وقيل : الرحم تنفلق بالحيوان . وقيل : إنه كل ما انفلق عن جميع ما خلق من الحيوان والصبح والحب والنوى ، وكل شيء من نبات وغيره ؛ قاله الحسن وغيره . قال الضحاك : الفلق الخلق كله ؛ قال :
وسوس يدعو مخلصا رب الفلق سرا وقد أون تأوين العقق
قلت : هذا القول يشهد له الاشتقاق ؛ فإن الفلق الشق . فلقت الشيء فلقا أي شققته . والتفليق مثله . يقال : فلقته فانفلق وتفلق . فكل ما انفلق عن شيء من حيوان وصبح وحب ونوى وماء فهو فلق ؛ قال الله تعالى : فالق الإصباح قال : فالق الحب والنوى . وقال ذو الرمة يصف الثور الوحشي :
حتى إذا ما انجلى عن وجهه فلق هاديه في أخريات الليل منتصب
يعني بالفلق هنا : الصبح بعينه . والفلق أيضا : المطمئن من الأرض بين الربوتين ، وجمعه : فلقان ؛ مثل خلق وخلقان ، وربما قال : كان ذلك بفالق كذا وكذا ؛ يريدون المكان المنحدر بين الربوتين ، والفلق أيضا مقطرة السجان . فأما الفلق ( بالكسر ) : فالداهية والأمر العجب ؛ تقول منه : أفلق الرجل وافتلق . وشاعر مفلق ، وقد جاء بالفلق أي بالداهية . والفلق أيضا : القضيب يشق باثنين ، فيعمل منه قوسان ، يقال لكل واحدة منهما فلق ، وقولهم : جاء بعلق فلق ؛ وهي الداهية ؛ لا يجرى [ مجرى عمر ] . يقال منه : أعلقت وأفلقت ؛ أي جئت بعلق فلق . ومر يفتلق في عدوه ؛ أي يأتي بالعجب من شدته .. ❝ ⏤محمد بن عبد الوهاب
❞ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)
تفسير سورة الفلق
وهي خمس آيات
و هي مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر ، ومدنية في أحد قولي ابن عباس وقتادة وهذه السورة وسورة ( الناس ) و ( الإخلاص ) : تعوذ بهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين سحرته اليهود ؛ على ما يأتي . وقيل : إن المعوذتين كان يقال لهما المقشقشتان ؛ أي تبرئان من النفاق . وقد تقدم . وزعم ابن مسعود أنهما دعاء تعوذ به ، وليستا من القرآن ؛ خالف به الإجماع من الصحابة وأهل البيت . قال ابن قتيبة : لم يكتب عبد الله بن مسعود في مصحفه المعوذتين ؛ لأنه كان يسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعوذ الحسن والحسين - رضي الله عنهما - بهما ، فقدر أنهما بمنزلة : أعيذكما بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة . قال أبو بكر الأنباري : وهذا مردود على ابن قتيبة ؛ لأن المعوذتين من كلام رب العالمين ، المعجز لجميع المخلوقين ؛ و ( أعيذكما بكلمات الله التامة ) من قول البشر بين . وكلام الخالق الذي هو آية لمحمد - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين ، وحجة له باقية على جميع الكافرين ، لا يلتبس بكلام الآدميين ، على مثل عبد الله بن مسعود الفصيح اللسان ، العالم باللغة ، العارف بأجناس الكلام ، وأفانين القول . وقال بعض الناس : لم يكتب عبد الله المعوذتين لأنه أمن عليهما من النسيان ، فأسقطهما وهو يحفظهما ؛ كما أسقط فاتحة الكتاب من مصحفه ، وما يشك في حفظه وإتقانه لها . فرد هذا القول على قائله ، واحتج عليه بأنه قد كتب : إذا جاء نصر الله والفتح ، و إنا أعطيناك الكوثر ، و قل هو الله أحد وهن يجرين مجرى المعوذتين في أنهن غير طوال ، والحفظ إليهن أسرع ، ونسيانهن مأمون ، وكلهن يخالف فاتحة الكتاب ؛ إذ الصلاة لا تتم إلا بقراءتها . وسبيل كل ركعة أن تكون المقدمة فيها قبل ما يقرأ من بعدها ، فإسقاط فاتحة الكتاب من المصحف ، على معنى الثقة ببقاء حفظها ، والأمن من نسيانها ، صحيح ، وليس من السور ما يجري في هذا المعنى مجراها ، ولا يسلك به طريقها . وقد مضى هذا المعنى في سورة ( الفاتحة ) . والحمد لله .
بسم الله الرحمن الرحيم قل أعوذ برب الفلق
روى النسائي عن عقبة بن عامر ، قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو راكب ، فوضعت يدي على قدمه ، فقلت : أقرئني سورة ( هود ) أقرئني سورة يوسف . فقال لي : ˝ لن تقرأ شيئا أبلغ عند الله من قل أعوذ برب الفلق ˝ . وعنه قال : بينا أنا أسير مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الجحفة والأبواء ، إذ غشتنا ريح مظلمة شديدة ، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ بـ أعوذ برب الفلق ، و أعوذ برب الناس ، ويقول : ˝ يا عقبة ، تعوذ بهما فما تعوذ متعوذ بمثلهما ˝ . قال : وسمعته يقرأ بهما في الصلاة . وروى النسائي عن عبد الله قال : أصابنا طش وظلمة ، فانتظرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج . ثم ذكر كلاما معناه : فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي بنا ، فقال : قل . فقلت : ما أقول ؟ قال : ˝ قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي ، وحين تصبح ثلاثا ، يكفيك كل شيء ˝ .
وعن عقبة بن عامر الجهني قال : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ˝ قل ˝ . قلت : ما أقول ؟ قال : ˝ قل : قل هو الله أحد . قل أعوذ برب الفلق . قل أعوذ برب الناس - فقرأهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم قال : لم يتعوذ الناس بمثلهن ، أو لا يتعوذ الناس بمثلهن ˝ . وفي حديث ابن عباس ( قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ، هاتين السورتين ) . وفي صحيح البخاري ومسلم عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اشتكى قرأ على نفسه بالمعوذتين وينفث ، كلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه ، وأمسح عنه بيده ، رجاء بركتها . النفث : النفخ ليس معه ريق .
ثبت في الصحيحين من حديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سحره يهودي من يهود بني زريق ، يقال له لبيد بن الأعصم ، حتى يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء ولا يفعله ، فمكث كذلك ما شاء الله أن يمكث - في غير الصحيح : سنة - ثم قال : ˝ يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه . أتاني ملكان ، فجلس أحدهما عند رأسي ، والآخر عند رجلي ، فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي : ما شأن الرجل ؟ قال : مطبوب . قال ومن طبه ؟ قال لبيد بن الأعصم . قال في ماذا ؟ قال في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر ، تحت راعوفة في بئر ذي أروان ˝ فجاء البئر واستخرجه . انتهى الصحيح .
وقال ابن عباس : ˝ أما شعرت يا عائشة أن الله تعالى أخبرني بدائي ˝ . ثم بعث عليا والزبير وعمار بن ياسر ، فنزحوا ماء تلك البئر كأنه نقاعة الحناء ، ثم رفعوا الصخرة وهي الراعوفة - صخرة تترك أسفل البئر يقوم عليها المائح ، وأخرجوا الجف ، فإذا مشاطة رأس إنسان ، وأسنان من مشط ، وإذا وتر معقود فيه إحدى عشرة عقدة مغرزة بالإبر ، فأنزل الله تعالى هاتين السورتين ، وهما إحدى عشرة آية على عدد تلك العقد ، وأمر أن يتعوذ بهما ؛ فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ، ووجد النبي - صلى الله عليه وسلم - خفة ، حتى انحلت العقدة الأخيرة ، فكأنما أنشط من عقال ، وقال : ليس به بأس . وجعل جبريل يرقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول : ˝ باسم الله أرقيك ، من كل شيء يؤذيك ، من شر حاسد وعين ، والله يشفيك ˝ . فقالوا : يا رسول الله ، ألا نقتل الخبيث . فقال : ˝ أما أنا فقد شفاني الله ، وأكره أن أثير على الناس شرا ˝ . وذكر القشيري في تفسيره أنه ورد في الصحاح : أن غلاما من اليهود كان يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فدست إليه اليهود ، ولم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - . والمشاطة ( بضم الميم ) : ما يسقط من الشعر عند المشط . وأخذ عدة من أسنان مشطه ، فأعطاها اليهود ، فسحروه فيها ، وكان الذي تولى ذلك لبيد بن الأعصم اليهودي . وذكر نحو ما تقدم عن ابن عباس .
تقدم في ( البقرة ) القول في السحر وحقيقته ، وما ينشأ عنه من الآلام والمفاسد ، وحكم الساحر ؛ فلا معنى لإعادته .
قوله تعالى : الفلق اختلف فيه ؛ فقيل : سجن في جهنم ؛ قاله ابن عباس . وقال أبي بن كعب : بيت في جهنم إذا فتح صاح أهل النار من حره . وقال الحبلي أبو عبد الرحمن : هو اسم من أسماء جهنم . وقال الكلبي : واد في جهنم . وقال عبد الله بن عمر : شجرة في النار . سعيد بن جبير : جب في النار . النحاس : يقال لما اطمأن من الأرض فلق ؛ فعلى هذا يصح هذا القول . وقال جابر بن عبد الله والحسن وسعيد بن جبير أيضا ومجاهد وقتادة والقرظي وابن زيد : الفلق ، الصبح . وقاله ابن عباس . تقول العرب : هو أبين من فلق الصبح وفرق الصبح . وقال الشاعر :
يا ليلة لم أنمها بت مرتفقا أرعى النجوم إلى أن نور الفلق
وقيل : الفلق : الجبال والصخور تنفرد بالمياه ؛ أي تتشقق . وقيل : هو التفليق بين الجبال والصخور ؛ لأنها تتشقق من خوف الله - عز وجل - . قال زهير :
ما زلت أرمقهم حتى إذا هبطت أيدي الركاب بهم من راكس فلقا
الراكس : بطن الوادي . وكذلك هو في قول النابغة :
[ وعيد أبي قابوس في غير كنهه ] أتاني ودوني راكس فالضواجع
والراكس أيضا : الهادي ، وهو الثور وسط البيدر ، تدور عليه الثيران في الدياسة . وقيل : الرحم تنفلق بالحيوان . وقيل : إنه كل ما انفلق عن جميع ما خلق من الحيوان والصبح والحب والنوى ، وكل شيء من نبات وغيره ؛ قاله الحسن وغيره . قال الضحاك : الفلق الخلق كله ؛ قال :
وسوس يدعو مخلصا رب الفلق سرا وقد أون تأوين العقق
قلت : هذا القول يشهد له الاشتقاق ؛ فإن الفلق الشق . فلقت الشيء فلقا أي شققته . والتفليق مثله . يقال : فلقته فانفلق وتفلق . فكل ما انفلق عن شيء من حيوان وصبح وحب ونوى وماء فهو فلق ؛ قال الله تعالى : فالق الإصباح قال : فالق الحب والنوى . وقال ذو الرمة يصف الثور الوحشي :
حتى إذا ما انجلى عن وجهه فلق هاديه في أخريات الليل منتصب
يعني بالفلق هنا : الصبح بعينه . والفلق أيضا : المطمئن من الأرض بين الربوتين ، وجمعه : فلقان ؛ مثل خلق وخلقان ، وربما قال : كان ذلك بفالق كذا وكذا ؛ يريدون المكان المنحدر بين الربوتين ، والفلق أيضا مقطرة السجان . فأما الفلق ( بالكسر ) : فالداهية والأمر العجب ؛ تقول منه : أفلق الرجل وافتلق . وشاعر مفلق ، وقد جاء بالفلق أي بالداهية . والفلق أيضا : القضيب يشق باثنين ، فيعمل منه قوسان ، يقال لكل واحدة منهما فلق ، وقولهم : جاء بعلق فلق ؛ وهي الداهية ؛ لا يجرى [ مجرى عمر ] . يقال منه : أعلقت وأفلقت ؛ أي جئت بعلق فلق . ومر يفتلق في عدوه ؛ أي يأتي بالعجب من شدته. ❝
❞ سورة الناس
مثل ( الفلق ) لأنها إحدى المعوذتين . وروى الترمذي عن عقبة بن عامر الجهني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لقد أنزل الله علي آيات لم ير مثلهن : قل أعوذ برب الناس إلى آخر السورة و قل أعوذ برب الفلق إلى آخر السورة " . وقال : هذا حديث حسن صحيح . ورواه مسلم .
بسم الله الرحمن الرحيم
قل أعوذ برب الناس
قوله تعالى : قل أعوذ برب الناس أي مالكهم ومصلح أمورهم . وإنما ذكر أنه رب الناس ، وإن كان ربا لجميع الخلق لأمرين : أحدهما : لأن الناس معظمون ؛ فأعلم بذكرهم أنه رب لهم وإن عظموا . الثاني : لأنه أمر بالاستعاذة من شرهم ، فأعلم بذكرهم أنه هو الذي يعيذ منهم .. ❝ ⏤محمد بن عبد الوهاب
❞ سورة الناس
مثل ( الفلق ) لأنها إحدى المعوذتين . وروى الترمذي عن عقبة بن عامر الجهني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ˝ لقد أنزل الله علي آيات لم ير مثلهن : قل أعوذ برب الناس إلى آخر السورة و قل أعوذ برب الفلق إلى آخر السورة ˝ . وقال : هذا حديث حسن صحيح . ورواه مسلم .
بسم الله الرحمن الرحيم
قل أعوذ برب الناس
قوله تعالى : قل أعوذ برب الناس أي مالكهم ومصلح أمورهم . وإنما ذكر أنه رب الناس ، وإن كان ربا لجميع الخلق لأمرين : أحدهما : لأن الناس معظمون ؛ فأعلم بذكرهم أنه رب لهم وإن عظموا . الثاني : لأنه أمر بالاستعاذة من شرهم ، فأعلم بذكرهم أنه هو الذي يعيذ منهم. ❝
❞ وكان ﷺ يقرأ في الفجر بنحو ستين آية إلى مائة آية ، وصلاها بسورة (ق) ، وصلاها بـ (الروم) وصلاها بـ (إذا الشمس كورت) وصلاها بـ (إذا زلزلت) في الركعتين كليهما ، وصلاها بـ (المعوذتين) وكان في السفر وصلاها ، فافتتح بـ (سورة المؤمنين) حتى إذا بلغ ذكر موسى وهارون في الركعة الأولى ، أخذته سَعلَة فركع ، وكان يصليها يوم الجمعة بـ (ألم تنزيل السجدة) وسورة (هل أتى على الإنسان) كاملتين ، ولم يفعل ما يفعله كثير من الناس اليوم من قراءة بعض هذه وبعض هذه في الركعتين ، وقراءة السجدة وحدها في الركعتين ، وهو خلاف السنة ، وأما ما يظنه كثير من الجهال أن صبح يوم الجمعة فضل بسجدة فجهل عظيم ، ولهذا كره بعض الأئمة قراءة سورة السجدة لأجل هذا الظن ، وإنما كان ﷺ يقرأ هاتين السورتين لما اشتملتا عليه من ذكر المبدا والمعاد ، وخلق آدم ودخول الجنة والنار وذلك مما كان ويكون في يوم الجمعة ، فكان يقرأ في فجرها ما كان ويكون في ذلك اليوم ، تذكيراً للأمة بحوادث هذا اليوم ، كما كان يقرأ في المجامع العظام كالأعياد والجمعة بسورة (ق) و (واقتربت) و (سبح) و (الغاشية) .. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وكان ﷺ يقرأ في الفجر بنحو ستين آية إلى مائة آية ، وصلاها بسورة (ق) ، وصلاها بـ (الروم) وصلاها بـ (إذا الشمس كورت) وصلاها بـ (إذا زلزلت) في الركعتين كليهما ، وصلاها بـ (المعوذتين) وكان في السفر وصلاها ، فافتتح بـ (سورة المؤمنين) حتى إذا بلغ ذكر موسى وهارون في الركعة الأولى ، أخذته سَعلَة فركع ، وكان يصليها يوم الجمعة بـ (ألم تنزيل السجدة) وسورة (هل أتى على الإنسان) كاملتين ، ولم يفعل ما يفعله كثير من الناس اليوم من قراءة بعض هذه وبعض هذه في الركعتين ، وقراءة السجدة وحدها في الركعتين ، وهو خلاف السنة ، وأما ما يظنه كثير من الجهال أن صبح يوم الجمعة فضل بسجدة فجهل عظيم ، ولهذا كره بعض الأئمة قراءة سورة السجدة لأجل هذا الظن ، وإنما كان ﷺ يقرأ هاتين السورتين لما اشتملتا عليه من ذكر المبدا والمعاد ، وخلق آدم ودخول الجنة والنار وذلك مما كان ويكون في يوم الجمعة ، فكان يقرأ في فجرها ما كان ويكون في ذلك اليوم ، تذكيراً للأمة بحوادث هذا اليوم ، كما كان يقرأ في المجامع العظام كالأعياد والجمعة بسورة (ق) و (واقتربت) و (سبح) و (الغاشية). ❝
❞ وأما صلاة الظهر ، فكان ﷺ يطيل قراءتها أحياناً ، حتى قال أبو سعيد : كانت صلاة الظهر تقام ، فيذهب الذاهب إلى البقيع ، فيقضي حاجته ، ثم يأتي أهله ، فيتوضأ ، ويدرك النبي ﷺ في الركعة الأولى مما يطيلها ، رواه مسلم ، وكان يقرأ فيها تارة بقدر (ألم تنزيل) وتارة بـ (سبح اسم ربك الأعلى) و (الليل إذا يغشى) وتارة بـ (السماء ذات البروج) و (السماء والطارق) ، وأما العصر ، فعلى النصف من قراءة صلاة الظهر إذا طالت ، وبقدرها إذا قصرت ، وأما المغرب ، فكان هديه فيها خلاف عمل الناس اليوم ، فإنه صلاها مرة بـ (الأعراف) فرقها في الركعتين ، ومرة بـ (الطور) ومرة بـ (المرسلات) ، قال أبو عمر بن عبد البر : روي عن النبي ﷺ أنه قرأ في المغرب بـ (المص) وأنه قرأ فيها بـ (الصافات) وأنه قرأ فيها بـ (حم الدخان) وأنه قرأ فيها بـ (سبح اسم ربك الأعلى) وأنه قرأ فيها بـ (التين والزيتون) وأنه قرأ فيها بـ (المعوذتين) وأنه قرأ فيها بـ (المرسلات) وأنه كان يقرأ فيها بقصار المفصل ، قال : وهي کلها آثار صحاح مشهورة ، انتهى ، وأما المداومة فيها على قراءة قصار المفصل دائماً ، فهو فعل مروان بن الحكم ، ولهذا أنكر عليه زيد بن ثابت ، وقال : مالك تقرأ في المغرب بقصار المفضل؟! وقد رأيت رسول اللہ ﷺ يقرأ في المغرب بطولي الطوليين ، قال : قلت : وما طولى الطوليين؟ قال : (الأعراف) وهذا حديث صحيح رواه أهل السنن ، وذكر النسائي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي قرأ في المغرب بسورة (الأعراف) فرقها في الركعتين ، فالمحافظة فيها على الآية القصيرة والسورة من قصار المفصل خلاف السُنة ، وهو من فعل مروان أبن الحكم .. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وأما صلاة الظهر ، فكان ﷺ يطيل قراءتها أحياناً ، حتى قال أبو سعيد : كانت صلاة الظهر تقام ، فيذهب الذاهب إلى البقيع ، فيقضي حاجته ، ثم يأتي أهله ، فيتوضأ ، ويدرك النبي ﷺ في الركعة الأولى مما يطيلها ، رواه مسلم ، وكان يقرأ فيها تارة بقدر (ألم تنزيل) وتارة بـ (سبح اسم ربك الأعلى) و (الليل إذا يغشى) وتارة بـ (السماء ذات البروج) و (السماء والطارق) ، وأما العصر ، فعلى النصف من قراءة صلاة الظهر إذا طالت ، وبقدرها إذا قصرت ، وأما المغرب ، فكان هديه فيها خلاف عمل الناس اليوم ، فإنه صلاها مرة بـ (الأعراف) فرقها في الركعتين ، ومرة بـ (الطور) ومرة بـ (المرسلات) ، قال أبو عمر بن عبد البر : روي عن النبي ﷺ أنه قرأ في المغرب بـ (المص) وأنه قرأ فيها بـ (الصافات) وأنه قرأ فيها بـ (حم الدخان) وأنه قرأ فيها بـ (سبح اسم ربك الأعلى) وأنه قرأ فيها بـ (التين والزيتون) وأنه قرأ فيها بـ (المعوذتين) وأنه قرأ فيها بـ (المرسلات) وأنه كان يقرأ فيها بقصار المفصل ، قال : وهي کلها آثار صحاح مشهورة ، انتهى ، وأما المداومة فيها على قراءة قصار المفصل دائماً ، فهو فعل مروان بن الحكم ، ولهذا أنكر عليه زيد بن ثابت ، وقال : مالك تقرأ في المغرب بقصار المفضل؟! وقد رأيت رسول اللہ ﷺ يقرأ في المغرب بطولي الطوليين ، قال : قلت : وما طولى الطوليين؟ قال : (الأعراف) وهذا حديث صحيح رواه أهل السنن ، وذكر النسائي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي قرأ في المغرب بسورة (الأعراف) فرقها في الركعتين ، فالمحافظة فيها على الآية القصيرة والسورة من قصار المفصل خلاف السُنة ، وهو من فعل مروان أبن الحكم. ❝