❞ جِراح الحب :
رغم أن جراح الحب لا تندمل سريعاً إلا أن الأمر متوقف في النهاية على قدرة المرء على تجاوز تلك الفترة والعبور من تلك المحنة التي ما هي إلا منحة لحياة جديدة أكثر سعادةً ، فقرار التخطي إنما يَكمُن في يد الشخص ذاته ولن يتمكن أحد من مساعدته مهما قدَّم من محاولات فستبوء جميعها بالفشل بكل يقين إنْ لم يكن القرار داخلياً نابعاً من أعماق صاحب الشأن ، فدور الآخرين في تلك المرحلة هو إسداء النصائح فقط وعليه تَقبُّلها فقد تدعمه وتأخذ بيده للوصول لطريق النجاة قبل أنْ يجرفه سيل الضياع اللامحدود الأثر إنْ استسلم له بلا مقاومة أو تصدي ، فحياته مِلْكُه ولن ينفعه أحد أو ينقذه سوى عزيمته فحسب فهي الأساس الذي يُبنَى عليه الحياة بأسرها بلا شك ، فلا بد أنْ يعلم أن الحب ما هو إلا جزء من الحياة لا عليه أنْ يُوقِّف أمورها ويُعطِّلها بسببه وإلا صار أحمقاً غير مكترث بكل النعم التي تحيط به من كل صوب وحدب ، ناكراً لفضل الله عليه ، غير مُقِر بأن مشكلاته تنحصر في علاقة فاشلة لم تُكتَب له ليس أكثر ، فعادةً ما يكون تضخيم الأمور هو ما يودي بالمرء لتلك الحالة المذرية التي يصل إليها ويدَّعي بأنه لا يعرف السبب وراءها ولا المبرر الذي أصابه بها حتى يُصاب بالتيه والتشتت بلا قدرة على الخلاص منهما ومن ثَم تمتلئ حياته بمزيد من اللامبالاة وكأنه لم يَعُد يهتم لأمرها وكأنها لا تعنيه أو تخصه أو تشغل حساباته ، فلا بد أنْ يستفيق قبل فوات الأوان وضياع العمر سدى بلا أي داعٍ فلن يندم سواه ويظل يتحسر على حياته التي أهدرها في اللاشيء بفعل الركض وراء أوهامه التي صارت كسراب يطارده أينما وطأت قدماه فهي تشغل حيزاً كبيراً من تفكيره ربما عليه استغلاله في أمر أكثر إفادةً له حتى تسير حياته على نحو أفضل كما رغب دوماً ، فالإصلاح إنما ينبع من الإصرار والإرادة والصبر والتحدي لكل المعوقات التي قد تُرجِعه للخلف بعدما اجتاز عدة خطوات هائلة في سبيل لحظة ذكرى مرت بخاطره وعكَّرت صفوه وغيَّرت كل ما حققه بالفعل ، فلا بد من التمسك بالرأي واتخاذ موقف حازم في مثل تلك الأمور وإلا فلتت من أيدينا وفقدنا السيطرة عليها تماماً حتى قضت على حياتنا بلا رجعة .... ❝ ⏤Kholoodayman1994 Saafan
❞ جِراح الحب :
رغم أن جراح الحب لا تندمل سريعاً إلا أن الأمر متوقف في النهاية على قدرة المرء على تجاوز تلك الفترة والعبور من تلك المحنة التي ما هي إلا منحة لحياة جديدة أكثر سعادةً ، فقرار التخطي إنما يَكمُن في يد الشخص ذاته ولن يتمكن أحد من مساعدته مهما قدَّم من محاولات فستبوء جميعها بالفشل بكل يقين إنْ لم يكن القرار داخلياً نابعاً من أعماق صاحب الشأن ، فدور الآخرين في تلك المرحلة هو إسداء النصائح فقط وعليه تَقبُّلها فقد تدعمه وتأخذ بيده للوصول لطريق النجاة قبل أنْ يجرفه سيل الضياع اللامحدود الأثر إنْ استسلم له بلا مقاومة أو تصدي ، فحياته مِلْكُه ولن ينفعه أحد أو ينقذه سوى عزيمته فحسب فهي الأساس الذي يُبنَى عليه الحياة بأسرها بلا شك ، فلا بد أنْ يعلم أن الحب ما هو إلا جزء من الحياة لا عليه أنْ يُوقِّف أمورها ويُعطِّلها بسببه وإلا صار أحمقاً غير مكترث بكل النعم التي تحيط به من كل صوب وحدب ، ناكراً لفضل الله عليه ، غير مُقِر بأن مشكلاته تنحصر في علاقة فاشلة لم تُكتَب له ليس أكثر ، فعادةً ما يكون تضخيم الأمور هو ما يودي بالمرء لتلك الحالة المذرية التي يصل إليها ويدَّعي بأنه لا يعرف السبب وراءها ولا المبرر الذي أصابه بها حتى يُصاب بالتيه والتشتت بلا قدرة على الخلاص منهما ومن ثَم تمتلئ حياته بمزيد من اللامبالاة وكأنه لم يَعُد يهتم لأمرها وكأنها لا تعنيه أو تخصه أو تشغل حساباته ، فلا بد أنْ يستفيق قبل فوات الأوان وضياع العمر سدى بلا أي داعٍ فلن يندم سواه ويظل يتحسر على حياته التي أهدرها في اللاشيء بفعل الركض وراء أوهامه التي صارت كسراب يطارده أينما وطأت قدماه فهي تشغل حيزاً كبيراً من تفكيره ربما عليه استغلاله في أمر أكثر إفادةً له حتى تسير حياته على نحو أفضل كما رغب دوماً ، فالإصلاح إنما ينبع من الإصرار والإرادة والصبر والتحدي لكل المعوقات التي قد تُرجِعه للخلف بعدما اجتاز عدة خطوات هائلة في سبيل لحظة ذكرى مرت بخاطره وعكَّرت صفوه وغيَّرت كل ما حققه بالفعل ، فلا بد من التمسك بالرأي واتخاذ موقف حازم في مثل تلك الأمور وإلا فلتت من أيدينا وفقدنا السيطرة عليها تماماً حتى قضت على حياتنا بلا رجعة. ❝
❞ ومن تمام نعمة الأولاد صلاحهم واستقامتهم وحفظهم عن الفتن والمزالق، ثم إنجابهم لأحفاد وأسباط يؤنسون المجالس وتفرح بهم البيوت ويستمر ذكر العائلة وأجر المربي إلي سنوات طويلة.
ومن أكبر المعوقات نحو صلاح الأولاد التأخر في تزويجهم، والتعذر بأعذار واهية. ❝ ⏤عبد الملك القاسم
❞ ومن تمام نعمة الأولاد صلاحهم واستقامتهم وحفظهم عن الفتن والمزالق، ثم إنجابهم لأحفاد وأسباط يؤنسون المجالس وتفرح بهم البيوت ويستمر ذكر العائلة وأجر المربي إلي سنوات طويلة.
ومن أكبر المعوقات نحو صلاح الأولاد التأخر في تزويجهم، والتعذر بأعذار واهية. ❝
❞ خوضُ الحروب مع الأحلام •》
عندما كُنت في السنِ الخامسة من عمري، كانت أحلامي هي الذهاب إلى المدرسة ، والوقوف في صف الطابور والأستماع الى تلك الإذاعة المدرسة ، كان حلمي هو النهوض مبكراً وارتداء ذلك الزي المدرسي، وذلك الحجاب الأبيض المرسوم على طرفيهِ إسمي بالخط الكوفي ، وعندما ذهبتُ الى المدرسة بدأت أرى العالمُ من جهات مختلفة ، بدأت أرى أحلامي ترتسم بأحلام طفلة رأت أَن الحياة هي السلام، وإن المرءُ في هذه الحياة خالي من المعوقات ، لكنني عندما أصبحتُ في سن الحادي عشر من عمري رأيت منظورات مختلفة ، رأيتُ شتات في الأمور ، رأيتُ سبع سنابل عجاف ورأيت السراب والغيمُ معاً في يومٍ أشتد فيه أشعة الشمس الحارقة ؛ لكن رغم كُل تلك المعوقات التي وقفتْ أمامي، وكل تلك الحواجز التي وضعت في طريق حُلمي إلا إنني وصلت بكاملِ إصراري وصلت بكاملِ عزيمتي وثقتي، وصلت بكامل وقوفي وقوتي ، لم تحطمنِ كل تلك الحجار التي تعثرت بها ،بل بنيتُ بها سُلماً وصعدت الى القمة،لم يحجزنِ ذلك السور العملاق الشاهق، بل وصلتُ بكاملٍ إصراري.
واقول بكامل قوتي: لقد عانقت حلمي بين ضلوع قلبي 💪🏼☀️🩵.
الكاتبة : رفيدة الحداد .. ❝ ⏤الكاتبة رفيده الحداد
❞ خوضُ الحروب مع الأحلام •》
عندما كُنت في السنِ الخامسة من عمري، كانت أحلامي هي الذهاب إلى المدرسة ، والوقوف في صف الطابور والأستماع الى تلك الإذاعة المدرسة ، كان حلمي هو النهوض مبكراً وارتداء ذلك الزي المدرسي، وذلك الحجاب الأبيض المرسوم على طرفيهِ إسمي بالخط الكوفي ، وعندما ذهبتُ الى المدرسة بدأت أرى العالمُ من جهات مختلفة ، بدأت أرى أحلامي ترتسم بأحلام طفلة رأت أَن الحياة هي السلام، وإن المرءُ في هذه الحياة خالي من المعوقات ، لكنني عندما أصبحتُ في سن الحادي عشر من عمري رأيت منظورات مختلفة ، رأيتُ شتات في الأمور ، رأيتُ سبع سنابل عجاف ورأيت السراب والغيمُ معاً في يومٍ أشتد فيه أشعة الشمس الحارقة ؛ لكن رغم كُل تلك المعوقات التي وقفتْ أمامي، وكل تلك الحواجز التي وضعت في طريق حُلمي إلا إنني وصلت بكاملِ إصراري وصلت بكاملِ عزيمتي وثقتي، وصلت بكامل وقوفي وقوتي ، لم تحطمنِ كل تلك الحجار التي تعثرت بها ،بل بنيتُ بها سُلماً وصعدت الى القمة،لم يحجزنِ ذلك السور العملاق الشاهق، بل وصلتُ بكاملٍ إصراري.
واقول بكامل قوتي: لقد عانقت حلمي بين ضلوع قلبي 💪🏼☀️🩵.
❞ كما عودناكم عزيزي القارئ في \" جريدة أحرفنا المنيرة \" بشخصيات أبدعت في مجالها ♥️
س/ هل يمكنك أن تقدم لنا نبذة تعريفية عن نفسك؟
ج/ إسمي رهام الفقية ، عمري ٢٢ عاماً ، متزوجة وطالبة جامعية في تخصص \"التغذية العلاجية\" ، مُحِبة للكتابة والقراءة جداً ، وأجد بهما ما لا أجده في عالمنا الواقع وكأنهما شيء يأخذاني إلى عالم آخر .
س/ متى بدأت الكتابة؟
ج/ بدأت منذ فترة طويلة ، بدأت حينها في مذكرتي وكنت أجد في الكتابة وسيلة لإفراغ مشاعري والتعبير عنها ومن ثم شعرت بأن مهارتي تطورت وأردت أن أخرجها من نصوص كانت في مذكرتي فقط لم يراها أحد إلى نصوص يقرأها ويراها العالم .
س/ من الذي شجعك في أولى خطواتك في هذا المجال؟
ج/ في أولى خطواتي لم يشجعني أحد لأن لم يكن أحد يعلم بأنني أكتب وكما قلت سابقاً كانت كل كتاباتي في مذكرتي الخاصة ولم يراها أحد غيري ، ثم قبل فترة هناك عندما شاركت في أول مشاركة لي في كتاب \" تحت ظلال الأحرف \" هناك من كانوا فخورين بي وقاموا بتشجيعي ومنهم زوجي وأهلي وأصدقائي .
س/ هل لديك أعمال منشورة ورقيًا؟
ج/ نعم ، حالياً لأنني في البداية شاركت في كتاب واحد \" تحت ظلال الأحرف \" وما زلت مستمرة في أن أشارك في أعمال كثيرة
س/ برأيك، ما هي أهم صفات الكاتب المثالي؟
ج/ أن يستطيع الكاتب نقل مشاعره وحروفه إلى القارئ بوضوح وسلاسة وتكون كلماته مؤثرة بحيث أنها تجذب وتلامس روح القارئ وتترك فيه أثراً جميلاً بداخله بحيث أن القارئ يود لو يقرأ الكثير والكثير لهذا الكاتب .
س/ ما هي الصعوبات التي واجهتها في بداية مشوارك وكيف تخطيتها؟
ج/ أكبر الصعوبات كان الخوف ، كنت أخاف من أن لا أستطيع صياغة حروفي بطريقة صحيحة ومن أن أفشل في ترجمة مشاعري إلى نصوص مكتوبة كنت أخاف من أن لا تصل كلماتي إلى القارئ كيفما أردت ولكن بعدها أيقنت أنه لا يوجد نجاح بدون خوف ولا فشل حينها آمنت بنفسي وأصررت على أن أكتب وأكتب حتى أصل إلى ما أريده .
س/ ما الحكمة التي تتخذها مبدأ في حياتك العملية والعامة؟
ج/ إجتهد واستمر وحارب إلى أن تصل إلى ماتريد ، ولا تجعل الخوف حاجز بينك وبين حلمك أكسر حاجز الخوف وأعبر طريقك نعم ستقع كثيراً لكنك ستصل حتماً ، أيضاً حاول على أن لا تختلط بالسلبيين لأنهم سيؤثروا على حياتك العلمية والعملية لذلك إنتبه .
س/ من هم أكثر الشخصيات التي أثرت فيك في مجال الكتابة؟
ج/ هناك الكثير الذين أحب كتاباتهم من القدامى والعصريين ومنهم نزار قباني ، محمود درويش ، عبدالله البردوني، أدهم شرقاوي ، أحمد آل حمدان ، وهناك الكثير الذين مازلت أريد أن أقرأ لهم وأتعرف على الكثير من الكُتّاب ومنهم جبران خليل جبران أريد أن أقرأ له وبشدة ومن أهدافي لهذه السنة أن أقرأ لهذا الكاتب .
س/ هل يمكنك إخبارنا عن إنجازاتك داخل وخارج مجال الكتابة؟
ج/ إنجازاتي في مجال الكتابة هي أنني مازلت مشاركة في كتاب واحد وحالياً قيد المشاركة في كتاب آخر مازلت في بداية الطريق والقادم أكبر وأعظم بإذن الله . أما خارجها هي أنني مازلت مستمرة على الوصول إلى حلمي وهدفي رغم كل الصعوبات والمعوقات التي تلقيتها في حياتي ، أستطيع أن أوافق بين حياتي الزوجية ودراستي والكتابة أيضاً وأنا فخورة جداً بنفسي وبكل شي أنجزته حتى الآن .
س/ هل ترى الكتابة هواية أم موهبة؟
ج/ ممكن أن تكون هواية وممكن أن تكون موهبة فأنا أمتلكها ك موهبة فطرية نبعت من داخلي أحب أن أترجم مابداخلي إلى حروف وكلمات ، وك هواية أجد فيها السعادة والمتعة وشيء يخرجني من حزني وإكتئابي إلى عالم خيالي و تمنحني شعوراً مريح وجميل .
س/ من هو مثلك الأعلى ولماذا؟
ج/ لا يوجد شخص تحديداً ، من وجهة نظري ليس كل الأشخاص لديهم مثل أعلى في حياتهم ف ربما بعد مرور الزمن ستجد نفسك هي مثلك الأعلى لأنها كافحت وثابرت رغم كل شي ولم تستسلم حتى وصلت إلى المكان التي أردت أن تصل إليه وفي النهاية لا أحد يستطيع معرفة ما مررت به حتى وصلت إلى ما أنت عليه سوا أنت وربما القليلون جداً ممن حولك.
س/ هل لديك مواهب أخرى؟
ج/ نعم ، هناك الكثير من المواهب التي أمتلكها لله الحمد أحد مواهبي الرسم والخط لكنني توقفت من الرسم لفترة من الوقت أما الخط مازلت مستمرة.
س/ حدثنا عن أعمالك القادمة؟
ج/ حالياً قيد المشاركة في كتاب ورقي جديد وستكون هذه هي مشاركتي الثانية وستجدونه قريباً بإذن الله ، ومازلت مستمرة لعمل الكثير .
س/ ما هو حلمك الذي تسعى لتحقيقه؟
ج/ أن أصبح أخصائية تغذية ممتازة ، وأن أكون كاتبة مؤثرة و أصدر كتبي الخاصة بي .
س/ ماذا تنصح من يرغب في دخول مجال الكتابة؟
• ج/ إذا كنت تحب الكتابة ف إستمر ولا تتوقف لا تجعل شيء يجعلك تتراجع للوراء واصل ما أنت عليه وطور من مهاراتك وأقرأ الكثير والكثير من الكتب لأنها ستحسن من قدراتك وسوف تصل إلى ما تريد .
وفي الختام، نرجو أن نكون قد أسعدناكم ونتمنى لكم جزيل الشكر والاحترام.
جريدة أحرفنا المنيرة ترحب بكم
تأسيس: الكاتبة/ إسراء عيد أحمد. ❝ ⏤دار نشر أحرفنا المنيرة
❞ كما عودناكم عزيزي القارئ في ˝ جريدة أحرفنا المنيرة ˝ بشخصيات أبدعت في مجالها ♥️
س/ هل يمكنك أن تقدم لنا نبذة تعريفية عن نفسك؟
ج/ إسمي رهام الفقية ، عمري ٢٢ عاماً ، متزوجة وطالبة جامعية في تخصص ˝التغذية العلاجية˝ ، مُحِبة للكتابة والقراءة جداً ، وأجد بهما ما لا أجده في عالمنا الواقع وكأنهما شيء يأخذاني إلى عالم آخر .
س/ متى بدأت الكتابة؟
ج/ بدأت منذ فترة طويلة ، بدأت حينها في مذكرتي وكنت أجد في الكتابة وسيلة لإفراغ مشاعري والتعبير عنها ومن ثم شعرت بأن مهارتي تطورت وأردت أن أخرجها من نصوص كانت في مذكرتي فقط لم يراها أحد إلى نصوص يقرأها ويراها العالم .
س/ من الذي شجعك في أولى خطواتك في هذا المجال؟
ج/ في أولى خطواتي لم يشجعني أحد لأن لم يكن أحد يعلم بأنني أكتب وكما قلت سابقاً كانت كل كتاباتي في مذكرتي الخاصة ولم يراها أحد غيري ، ثم قبل فترة هناك عندما شاركت في أول مشاركة لي في كتاب ˝ تحت ظلال الأحرف ˝ هناك من كانوا فخورين بي وقاموا بتشجيعي ومنهم زوجي وأهلي وأصدقائي .
س/ هل لديك أعمال منشورة ورقيًا؟
ج/ نعم ، حالياً لأنني في البداية شاركت في كتاب واحد ˝ تحت ظلال الأحرف ˝ وما زلت مستمرة في أن أشارك في أعمال كثيرة
س/ برأيك، ما هي أهم صفات الكاتب المثالي؟
ج/ أن يستطيع الكاتب نقل مشاعره وحروفه إلى القارئ بوضوح وسلاسة وتكون كلماته مؤثرة بحيث أنها تجذب وتلامس روح القارئ وتترك فيه أثراً جميلاً بداخله بحيث أن القارئ يود لو يقرأ الكثير والكثير لهذا الكاتب .
س/ ما هي الصعوبات التي واجهتها في بداية مشوارك وكيف تخطيتها؟
ج/ أكبر الصعوبات كان الخوف ، كنت أخاف من أن لا أستطيع صياغة حروفي بطريقة صحيحة ومن أن أفشل في ترجمة مشاعري إلى نصوص مكتوبة كنت أخاف من أن لا تصل كلماتي إلى القارئ كيفما أردت ولكن بعدها أيقنت أنه لا يوجد نجاح بدون خوف ولا فشل حينها آمنت بنفسي وأصررت على أن أكتب وأكتب حتى أصل إلى ما أريده .
س/ ما الحكمة التي تتخذها مبدأ في حياتك العملية والعامة؟
ج/ إجتهد واستمر وحارب إلى أن تصل إلى ماتريد ، ولا تجعل الخوف حاجز بينك وبين حلمك أكسر حاجز الخوف وأعبر طريقك نعم ستقع كثيراً لكنك ستصل حتماً ، أيضاً حاول على أن لا تختلط بالسلبيين لأنهم سيؤثروا على حياتك العلمية والعملية لذلك إنتبه .
س/ من هم أكثر الشخصيات التي أثرت فيك في مجال الكتابة؟
ج/ هناك الكثير الذين أحب كتاباتهم من القدامى والعصريين ومنهم نزار قباني ، محمود درويش ، عبدالله البردوني، أدهم شرقاوي ، أحمد آل حمدان ، وهناك الكثير الذين مازلت أريد أن أقرأ لهم وأتعرف على الكثير من الكُتّاب ومنهم جبران خليل جبران أريد أن أقرأ له وبشدة ومن أهدافي لهذه السنة أن أقرأ لهذا الكاتب .
س/ هل يمكنك إخبارنا عن إنجازاتك داخل وخارج مجال الكتابة؟
ج/ إنجازاتي في مجال الكتابة هي أنني مازلت مشاركة في كتاب واحد وحالياً قيد المشاركة في كتاب آخر مازلت في بداية الطريق والقادم أكبر وأعظم بإذن الله . أما خارجها هي أنني مازلت مستمرة على الوصول إلى حلمي وهدفي رغم كل الصعوبات والمعوقات التي تلقيتها في حياتي ، أستطيع أن أوافق بين حياتي الزوجية ودراستي والكتابة أيضاً وأنا فخورة جداً بنفسي وبكل شي أنجزته حتى الآن .
س/ هل ترى الكتابة هواية أم موهبة؟
ج/ ممكن أن تكون هواية وممكن أن تكون موهبة فأنا أمتلكها ك موهبة فطرية نبعت من داخلي أحب أن أترجم مابداخلي إلى حروف وكلمات ، وك هواية أجد فيها السعادة والمتعة وشيء يخرجني من حزني وإكتئابي إلى عالم خيالي و تمنحني شعوراً مريح وجميل .
س/ من هو مثلك الأعلى ولماذا؟
ج/ لا يوجد شخص تحديداً ، من وجهة نظري ليس كل الأشخاص لديهم مثل أعلى في حياتهم ف ربما بعد مرور الزمن ستجد نفسك هي مثلك الأعلى لأنها كافحت وثابرت رغم كل شي ولم تستسلم حتى وصلت إلى المكان التي أردت أن تصل إليه وفي النهاية لا أحد يستطيع معرفة ما مررت به حتى وصلت إلى ما أنت عليه سوا أنت وربما القليلون جداً ممن حولك.
س/ هل لديك مواهب أخرى؟
ج/ نعم ، هناك الكثير من المواهب التي أمتلكها لله الحمد أحد مواهبي الرسم والخط لكنني توقفت من الرسم لفترة من الوقت أما الخط مازلت مستمرة.
س/ حدثنا عن أعمالك القادمة؟
ج/ حالياً قيد المشاركة في كتاب ورقي جديد وستكون هذه هي مشاركتي الثانية وستجدونه قريباً بإذن الله ، ومازلت مستمرة لعمل الكثير .
س/ ما هو حلمك الذي تسعى لتحقيقه؟
ج/ أن أصبح أخصائية تغذية ممتازة ، وأن أكون كاتبة مؤثرة و أصدر كتبي الخاصة بي .
س/ ماذا تنصح من يرغب في دخول مجال الكتابة؟
• ج/ إذا كنت تحب الكتابة ف إستمر ولا تتوقف لا تجعل شيء يجعلك تتراجع للوراء واصل ما أنت عليه وطور من مهاراتك وأقرأ الكثير والكثير من الكتب لأنها ستحسن من قدراتك وسوف تصل إلى ما تريد .
وفي الختام، نرجو أن نكون قد أسعدناكم ونتمنى لكم جزيل الشكر والاحترام.
جريدة أحرفنا المنيرة ترحب بكم
تأسيس: الكاتبة/ إسراء عيد أحمد. ❝
❞ الفصل الأول
غادرت غرفتها بإتجاه غرفة والدها الحبيب لتلقى عليه تحية الصباح قبل المغادرة .طرقت الباب برقة وفتحته بهدوء لتجده مستقرا ككل يوم بفراشه ينتظر رؤيتها قبل توجهها للجامعة .
ابتسامة بشوشة تكلل وجهه كالعادة لتندفع للداخل تتحدث بدلالها الزائد والذى هو جزء من شخصيتها : أسعد الله صباحك حبيبي
فتح ذراعيه لتلبى دعوته التى لا تتردد مطلقا فى طلبها فيحيطها بحنانه الذى لا ينتهى : أسعد الله اوقاتك صغيرتى المدللة .
تضحك لاصراره على مناداتها صغيرتى المدللة ، ولم لا يفعل !!
هى حقا صغيرته المدللة . من اسرف فى تدليلها منذ توفت والدتها وهى طفلة عمرها لم يتجاوز العامين بعد فلم تر معه سوى هذا الدلال الذى يظن الجميع أنه افسدها حتى هى شخصياً تظن أحيانا أنها لا يعتمد عليها مطلقا بل هى تعتمد عليه بشكل كامل فى كل شئونها.
ابتعدت للخلف بسرعة متخطية الأفكار التى ستوجهها للاحباط فى الصباح : صغيرتك المدللة ستتعرض للتقريع اللاذع من أستاذها إن تأخرت اكثر من ذلك .
كان لا يزال متمسكا بأصابعها ليتركها فورا : فلتذهبى إذا .. أكره أن يؤذى أحدهم صغيرتى ولو بكلمة وكونى بخير.. لا تقودى السيارة بسرعة مبالغ فيها وانتبهى للطريق .
اتجهت للباب لتتوقف فجأة وتلتفت له : عدنى انت أولاً أن تكون بخير .
اتسعت ابتسامته : اعدك صغيرتى . سأكون بخير .
اسرعت خطواتها للخارج حتى استمع لإغلاق الباب الخارجى فبدأ يتحرك مغادرا فراشه فقد غادرت صغيرته التى تحد من حركته بشكل كبير، يعلم أنها تقوم بذلك حبا وخوفا لتدهور حالته الصحية لكنه لا يريد أن يظل طريح الفراش، يعلم جيداً أنها لن تتدبر أمورها جيدا بدونه وكم يخشى أن يتركها وحيدة!!
*****
غادرت المصعد و أسرعت الخطى فهى بالكاد ستصل قبل بدء المحاضرة الأولى . احنت رأسها لتخرج من حقيبتها مفتاح سيارتها الصغيرة التى وفرها لها والدها خوفاً عليها من زحام المواصلات.
كم هى محظوظة لوالدها الحبيب !
اخرجت المفتاح لتجد نفسها ملتصقة بحائط بشرى لا تدرى كيف اصطدمت به وكيف وصل لسيارتها من الأساس.
نظرت بفزع لفستانها الزهرى والذى تلطخ بالفول الساخن الذى كان يحمله هذا الأحمق الذى اصطدم بها وقد زادت حرارتها هى عن حرارة هذا الفول فلم تشعر بسخونته من شدة الغضب .
لا تهتم بالسخونة بقدر اهتمامها بتلوث الفستان . رفعت عينيها بغضب لتواجه وجها قد احتقن لا تدرى لم ولا تهتم.
ولم تكن لتهتم فى هذه اللحظة سوى بما ألحقته بها حماقته.
ضغطت على اسنانها بغيظ : انظر لما فعلت ايها الأحمق !!
ارتد خطوات للخلف كمن مسه ماس كهربائي : عذرا آنسة . لم اكن منتبها بشكل كامل. اعتذر
تصرخ هى بغضب مكتوم : وماذا افعل بعذرك !! لقد أفسدت ثوبى
اغمضت عينيها لتتابع : وكذلك يومى .
حمحم بحرج : لقد اعتذرت منك .. لكنك لم تكونى منتبهة ايضا فالخطأ مشترك .
ظنت أن ما تقوم به صراخ عليه لكنه بدا له عكس ذلك تماماً: وتملك الجرأة أيضاً للتملص من فعلتك؟
ارتفع حاجبيه واتسع فمه دهشة لهذه اللهجة التى لم يظن أن احداهن تملكها بالفعل: اى فعلة؟؟ مجرد اصطدام ومجرد فستان يمكنك تغيره، ليست جريمة يا آنسة
إنها كذلك
أوقفته بحدة مضحكة ثم رفعت عينيها ترمقه بغضب مضاعف .. سرعان ما دارت على عقبيها تضرب الأرض بقدميها وهى تعود ادراجها للداخل تاركته خلفها ، إدراك أولى محاضراتها أمر مستحيل . بينما نفض هو عن ملابسه ما علق بها بلا اهتمام وهو يتمتم بحنق : مدللة حمقاء، كل هذا الصخب لمجرد تلوث فستان؟ ياألله لكنها لا تحتمل، مرهقة كليا خاصة فى حالة التخبط التى يعانيها.
اقتفت عينيه إثرها مرغمة وهو يتابع : مدللة بالفعل وفاتنة أيضا ..
ثم عاد أدراجه ليشترى الفطور مرة أخرى محاولا نزع نبرة صوتها عن أذنيه لكن يبدو أن عقله قد وقع أسيرا لهذه النبرة ولا أمل له فى نزعها حالياً، ربما عليه نزع صورتها عن عينيه أولاً لكن يبدو أن الأمل معدوم أيضاً فخلف جفنيه طبعت صورة لها تدفعه للجنون وهو يستعيد كل حركة صدرت عنها فتزلزل لها جزء من كيانه.
******
فتحت باب الشقة لتلتقط أنفها فورا رائحة القهوة . قطبت جبينها بغضب ، والدها ينتظر خروجها يوميا ليحتسى القهوة إذا ..
أغلقت الباب بهدوء واتجهت للمطبخ لتجده قد فرغ للتو من إعداد فنجانه ويبدو أنه يشعر بالانتصار كل يوم وهو يحتسى قهوته فى غيابها.
عقدت ساعديها بغضب : هل هذا وعدك لى ؟؟
انتفض والدها ينظر لها بفزع امتزج به خوفه الفطرى الزائد عليها: ياسمين !!! لماذا عدت ؟؟
اقتربت لتلتقط منه الفنجان : لا تجيب سؤالى بسؤال . لقد وعدتنى أن تكون بخير . كيف ستكون وانت تشرب القهوة التى منعها الطبيب ؟
ارتبك حسن وهو ينظر لفستانها الملطخ بالفول المدمس ويتحول صوته لنبرة راجية : صغيرتى فنجان واحد لن يضر كثيرا . أنا أحتاجه حقا .
أشار لملابسها بفضول مغيرا مجرى الحديث : كيف وصل الفول لفستانك هكذا ؟
لتغمض عينيها وكأنها تذكرت : اصطدم بى احمق ما اسفل البناية .
صمتت لحظة : لقد افسد يومى
قالتها بغضب طفولى ليربت أبيها فوق كتفها بحنان : بدلى ملابسك . لقد أحسن لى هذا الأحمق فسأحظى بفطور برفقة صغيرتى المدللة .
لم يتمكن من استعادة فنجانه الغالى بل سكبته بالحوض قبل أن تغادر . تلك الصغيرة العنيدة .
ابتسم بحنان بعد مغادرتها ، هو ليس غاضب منها ، بل هو يثق أنها تخشى فقده وما سكبته إلا حبا فيه .
اتجه فورا لإعداد الفطور حتى تنتهى صغيرته من تبديل ملابسها فمشاركتها الفطور أثناء الدراسة أمر نادر الحدوث وهو لن يضيع هذه الفرصة هباءا سيعد لها فطورا شهيا يغير مزاجها بعد هذا الحدث الصباحى السخيف .
*****
بدلت ملابسها لتمسك بفستانها تنظر له بحسرة ثم توجهت للمرحاض لتنظيفه ، أمامها ثلاث ساعات قبل المحاضرة التالية وهذا وقت كاف تماما .
اتجهت للخارج حيث اعد والدها الفطور وجلس بانتظارها .
جذبت المقعد وجلست بصمت ليتساءل : هل فوت أمرا هاما ؟
اشاحت بكفها تحاول أن تثبت له أن كل شيء بخير : مجرد محاضرة .
ابتسمت له بحنان تدعى الحماس : هيا ساساعدك بإعداد الغداء قبل المحاضرة التالية .
ليضحك هو وقد تمكنت من خداعه: تساعدينى !! هل انت جادة !!!
لتشاركه الضحك ، إنه محق تماما هى بالكاد تستعمل سكين الفاكهة دون إصابة أصابعها بجروح وبالكاد تأكل قطعة واحدة صالحة بعد إتلاف الثمرة
*****
فى شقة أخرى بنفس البناية ، يدخل وديد حاملا الافطار الذى اشتراه للمرة الثانية ليندفع نحوه صديقه جابر بلهفة : لم كل هذا التأخير وديد ؟ أنا اتضور جوعا .
لينظر له وديد بغيظ فهذا الشره لا يمكن لأى طعام وضع حد لجوعه: ومنذ متى لا تتضور جوعا جابر ؟؟
لكن جابر لم يهتم إطلاقاً لملاحظته بل تناول ما يحمله وديد ليسرع نحو المطبخ لإعداده بلا إبطاء .
عشر دقائق وكان الطعام جاهزا ليدعوه للمشاركة وبالطبع لم يتأخر وديد فإن فعل فلن يجد ما يتناوله فصديقه سيأتى على اخر لقمة أمامه.
لاحظ جابر شرود صديقه ليأكل بصمت هو يعلم أنه ينتظر تثبيته بالبنك الذى يعمل به وهذا الأمر يوتره بشده فهو يخشى أن يخسر العمل وهذا يعنى خطوات للوراء والبدء من جديد ومجرد الفكرة تصيب وديد بهاجس يؤرق نومه فيبدو أنه لم يعد لديه طاقة للمتابعة وحده.
*****
بعد ساعتين غادرت ياسمين مرة أخرى. وقفت بإنتظار المصعد الذى تأخر لبعض الوقت لكنها لم تتذمر فالوقت لازال باكرا وستصل قبل بدء المحاضرة بكل تأكيد. فتحت الباب لتستقله بصمت دون الاهتمام بمن يستقله بالفعل .
نظر لها جابر بإعجاب شديد ليحمحم معرفا عن نفسه : مرحبا . أنا جديد هنا .
لم يجد اى استجابة منها ليتابع : أقيم بالدور السابع برفقة صديقى هو صاحب الشقة وقبل بإستصافتى لفترة لا أدرى فى الواقع متى تنتهى، ربما تطول قليلا فلازلت أبحث عن مكان مناسب وليكن قريبا من عملى أيضا. المكان هنا ليس قريبا من عملى جدا لكنى اهوى رياضة المشى..
هى لا تجيب وهو لا يتوقف عن الثرثرة ، اخبرها أنه طبيب أنهى تكليفه ليأتى للعاصمة بحثا عن فرصة جيدة . وقد وجد فرصته بأحد المستشفيات الاستثمارية ويعمل على تنمية مهاراته حيث أنه يصبو لأكثر من هذا المشفى.
توقف المصعد لتحمد الله أنها ستتخلص من هذا الثرثار لكنه تبعها للخارج متابعا حديثه الذى لا ينتهى كما يبدو: ألن ترحبى بى !! أو اعرف اسمك على الأقل !! نحن جيران
توقفت بجوار سيارتها لتخرج المفاتيح بهدوء وهى تتحدث بنفس طريقتها محاولة ردعه : ياسمين أقيم مع أبى وأكره المتطفلين .
قالت جملتها بنفس لهجتها المتدللة ليبتلع ريقه بصعوبة وهو يحدق بها ؛ تكره المتطفلين وتحدثه بهذه الطريقة !!! كيف ستتحدث إن أحبته اذا !!!
شرد فى أفكاره التى تدور حول هذه الفاتنة بينما استغلت الفرصة للتخلص منه وهى تظن أنها ارغمته على الصمت بهذه الجملة الواهية ، استقلت سيارتها وانطلقت بالسيارة لتقطع تدفق أفكاره الحالمة ليكتشف أنها غادرت وأنه فوت فرصة للتعرف عليها بشكل أفضل أو الفوز ببعض المعلومات عنهما . زفر بضيق واتجه سيرا إلى المشفى الذى يعمل به. رغم بعد المسافة إلا أنه يتخذها طريقة للمحافظة على جسده من البدانة .
هو يعشق الطعام ولا يمكنه مقاومته ، ولن يسمح لهذا الطعام الذى يعشقه أن يقتله ايضا .
****
كان يوما جيدا ل وديد بكل المقاييس فقد أعلنه رئيسه بالعمل أن إجراءات تثبيته قد تمت بالفعل وأنه يخطو بثبات فى موقعه الجديد عليه فقط متابعة العمل بنفس الهمة والنظام دون إغفال التفاصيل.
ليكمل يومه بنشاط وحماس فقد استقرت أموره منذ اليوم ، عليه فقط الاجتهاد وسيكون لنفسه مستقبله الباهر الذى طالما حلم به وعاهد نفسه على إتمامه مهما كانت المعوقات التى يتعرض لها، بالفعل كاد يفقد حماسه لهذا الحلم نظرا لشدة قسوة الواقع لكن هذا الواقع الذى يحياه اليوم ليس أشد بؤسا من ماض حياه مسبقاً .
يعود وديد من عمله عادة في الرابعة عصرا لكنه تأخر اليوم فقد قرر أن يحتفل بهذه المناسبة بشراء الطعام الفاخر والحلوى أيضا قبل العودة للمنزل ليستغرق الأمر منه ساعة إضافية .
اتجه نحو البناية يحمل علبة الحلوى فوق كفه الأيمن وبذراعه الأيسر يحمل أكياس الطعام . سيعود جابر فى السادسة وسيسعد كثيرا بهذا الطعام وهذا ما أراده، إسعاد شخص يحبه، يعلم أن جابر يحبه رغم ما يغضبه من خصاله التى لا تتناسب مع كونه طبيباً هو يشفق على مرضاه أحياناً من ثرثرته وشراهته .
هو أيضا يسعد بمشاركة جابر له شقته . تلك الشقة التى اشتراها بكل ارثه الذى منحه له عمه اخيرا .
يشعر بالراحة فهو الأن يقف على أرض صلبة يمكنه من اليوم أن يبدأ حياة أخرى ينعم فيها ببعض السكينة التى حرم منها طويلا .
****
أحكمت إغلاق باب السيارة لتخطو مسرعة كالعادة نحو مدخل البناية ليوقفها صوته الحازم : احذرى .
توقفت خطواتها لتكتشف أنها كانت على وشك الاصطدام به للمرة الثانية .
ابتسم براحة : حمدا لله لم أفسد فستانك للمرة الثانية فى نفس اليوم .
توترت فهى المخطئة حقا وحاولت الاعتذار : عذرا إنه خطأى .
اتسعت ابتسامته عكس تجهمه الصباحى : هل انت مندفعة هكذا دائما ؟
وصلا للمصعد فبادرت بطلبه ولم تحاول المراوغة أو التجمل : اعتقد أنى كذلك .
قالتها بنفس الدلال بل وزادته بسمتها فتنة ليحمحم بحرج ويتبعها لداخل المصعد الذى توقف أمامهما للتو .
ضغطت زر الدور الرابع ليطلب منها برفق : السابع من فضلك .
لتتبعه ضغطة أخرى للدور السابع لم تمنحه مبتغاه دون تعمد منها أو حيطة فهى تستعمل كفها الأيسر فقط لقربه من أزرار المصعد
انت طالبة بالجامعة ؟؟
تساءل بهدوء لتجيب برقة : بلى كلية التجارة الانجليزية .
ابتسم بود : لنا نفس التخصص إذا .. أنا وديد محاسب ببنك ...
توقف المصعد أمام الدور الرابع لتهم بالمغادة وهى تقول : تشرفت بلقاءك سيد وديد واعتذر عن الصباح غير الودى وبالمناسبة واسم مميز بالفعل .
فتحت باب المصعد وتوقفت كأنها تذكرت شيئا للتو لتدور وتنظر له بأعين ضيقة: انت من تستضيف ذلك الطبيب الثرثار ؟؟
ضحك مرغما فليس وحده من يرى جابر ثرثار عكس ما يدعيه الأخير : إنه كذلك لا يكف عن الحديث إلا ليتناول الطعام وينكر كونه ثرثارا
لتضحك بنعومة ورقة : كان الله بعونك .
وغادرته ليغادر قلبه مرافقا لها . انغلق الباب ليتنهد وديد بأسف وأمام عينيه بسمتها وصوتها الرقيق ؛ اسم مميز بالفعل !!!
*****
دخلت من الباب بهدوء لتتقدم فورا نحو غرفة والدها فهذا موعد قيلولته ، فتحت الباب بهدوء لترى ملامحه مسترخية فتعيد إغلاقه وتتوجه لغرفتها .
بدلت ملابسها وجلست فوق الفراش لتتذكر حديث صديقتها ريم التى وبختها كالعادة هذا الصباح .
تعلم أن ريم تحبها كثيرا ، وهى ايضا تحبها كذلك .
طالما حاولت ريم تغيير طريقة ياسمين فى الحديث بلا فائدة ، الدلال جزء من شخصيتها كيف تغيره .
ربما لأنها درست بمدارس الفتيات ثم بجامعة البنات ولعدم اضطرارها للتحدث كثيرا مع الشباب ،هى تشعر بأريحية لنفسها كما هى.
كما أنها مدللة أبيها فإن تخلت عن هذا الدلال ستفقد لقبها المميز الذى أطلقه عليها والدها وهى فى الواقع تحبه كثيراً ليس لأنه يصفها بالدلال بل لأنه ينسبها بهذا الدلال فقط لأبيها الشخص الوحيد الذى ترى أنه يستحق أن تنسب إليه فى كل صفاتها وليس مجرد اسم يلى إسمها.
كما توبخها ريم ايضا مطالبة إياها بالاعتماد على نفسها .. ريم محقة والدها لم يعد بخير وهى تعتمد عليه بشكل كامل فى تحضير الطعام وتنظيف المنزل وغسل الملابس وكل شيء . قد يكون اسرف فى تدليلها لكنه لم يفسدها .. دللها حبا وستعتمد على نفسها حبا له لتمنحه الراحة التى يستحق فهو لن يشعر مطلقاً بالراحة وهو يعلم أنها لن تتمكن من تدبر أمرها وحدها .
هو يرفض مساعدتها من شدة حبه لها وخوفه عليها فترى أن كل ما عليها فعله أن تثبت له أنها على هذا القدر من المسئولية التى تؤهلها للتدرب على أعمال المنزل التى أصبحت تشق على والدها الحبيب .
تحسست خطواتها للخارج . هو نائم الأن يمكنها أن تحاول إعداد الطعام وتعد له مفاجأة تثق أنه سيسعد بها كثيراً، كان يفعل فى الماضى كلما كانت تنجز عملا بسيطا كترتيب غرفتها أو تنظيف الحوض لا يمكنها أن تنسى نظرة الفخر التى كان يخصها بها حتى كان ذلك اليوم الذى كسرت فيه كوبا وجرحت كفها جرحا عميقا احتاج للتقطيب عدة غرز فأمر أبيها بعدم مساعدتها له فى أعباء المنزل مهما كان السبب، ومرت الأعوام وزادها دلالا كلما تقدمت فى العمر لكنه مؤخرا أصيب بعدة امراض أثرت عليه بشكل كبير وهى لن تكون عبئا عليه، عليها أن تكون عكازه فى هذه المحنة هى ابنته الوحيدة وهذه مسئوليتها وحدها.
شعرت ياسمين بالكثير من الحماس مع هذه الأفكار التى سيطرت عليها لدقائق معدودة فنفضت عنها هذا الدلال واتجهت للمطبخ بنفس بحماس : حسنا والدى سأبهرك حقا . ستكون فخورا بى كما كنت فى الماضى.. ❝ ⏤قسمة الشبيني
❞ الفصل الأول
غادرت غرفتها بإتجاه غرفة والدها الحبيب لتلقى عليه تحية الصباح قبل المغادرة .طرقت الباب برقة وفتحته بهدوء لتجده مستقرا ككل يوم بفراشه ينتظر رؤيتها قبل توجهها للجامعة .
ابتسامة بشوشة تكلل وجهه كالعادة لتندفع للداخل تتحدث بدلالها الزائد والذى هو جزء من شخصيتها : أسعد الله صباحك حبيبي
فتح ذراعيه لتلبى دعوته التى لا تتردد مطلقا فى طلبها فيحيطها بحنانه الذى لا ينتهى : أسعد الله اوقاتك صغيرتى المدللة .
تضحك لاصراره على مناداتها صغيرتى المدللة ، ولم لا يفعل !!
هى حقا صغيرته المدللة . من اسرف فى تدليلها منذ توفت والدتها وهى طفلة عمرها لم يتجاوز العامين بعد فلم تر معه سوى هذا الدلال الذى يظن الجميع أنه افسدها حتى هى شخصياً تظن أحيانا أنها لا يعتمد عليها مطلقا بل هى تعتمد عليه بشكل كامل فى كل شئونها.
ابتعدت للخلف بسرعة متخطية الأفكار التى ستوجهها للاحباط فى الصباح : صغيرتك المدللة ستتعرض للتقريع اللاذع من أستاذها إن تأخرت اكثر من ذلك .
كان لا يزال متمسكا بأصابعها ليتركها فورا : فلتذهبى إذا . أكره أن يؤذى أحدهم صغيرتى ولو بكلمة وكونى بخير. لا تقودى السيارة بسرعة مبالغ فيها وانتبهى للطريق .
اتجهت للباب لتتوقف فجأة وتلتفت له : عدنى انت أولاً أن تكون بخير .
اتسعت ابتسامته : اعدك صغيرتى . سأكون بخير .
اسرعت خطواتها للخارج حتى استمع لإغلاق الباب الخارجى فبدأ يتحرك مغادرا فراشه فقد غادرت صغيرته التى تحد من حركته بشكل كبير، يعلم أنها تقوم بذلك حبا وخوفا لتدهور حالته الصحية لكنه لا يريد أن يظل طريح الفراش، يعلم جيداً أنها لن تتدبر أمورها جيدا بدونه وكم يخشى أن يتركها وحيدة!!
*****
غادرت المصعد و أسرعت الخطى فهى بالكاد ستصل قبل بدء المحاضرة الأولى . احنت رأسها لتخرج من حقيبتها مفتاح سيارتها الصغيرة التى وفرها لها والدها خوفاً عليها من زحام المواصلات.
كم هى محظوظة لوالدها الحبيب !
اخرجت المفتاح لتجد نفسها ملتصقة بحائط بشرى لا تدرى كيف اصطدمت به وكيف وصل لسيارتها من الأساس.
نظرت بفزع لفستانها الزهرى والذى تلطخ بالفول الساخن الذى كان يحمله هذا الأحمق الذى اصطدم بها وقد زادت حرارتها هى عن حرارة هذا الفول فلم تشعر بسخونته من شدة الغضب .
لا تهتم بالسخونة بقدر اهتمامها بتلوث الفستان . رفعت عينيها بغضب لتواجه وجها قد احتقن لا تدرى لم ولا تهتم.
ولم تكن لتهتم فى هذه اللحظة سوى بما ألحقته بها حماقته.
ضغطت على اسنانها بغيظ : انظر لما فعلت ايها الأحمق !!
ارتد خطوات للخلف كمن مسه ماس كهربائي : عذرا آنسة . لم اكن منتبها بشكل كامل. اعتذر
تصرخ هى بغضب مكتوم : وماذا افعل بعذرك !! لقد أفسدت ثوبى
اغمضت عينيها لتتابع : وكذلك يومى .
حمحم بحرج : لقد اعتذرت منك . لكنك لم تكونى منتبهة ايضا فالخطأ مشترك .
ظنت أن ما تقوم به صراخ عليه لكنه بدا له عكس ذلك تماماً: وتملك الجرأة أيضاً للتملص من فعلتك؟
ارتفع حاجبيه واتسع فمه دهشة لهذه اللهجة التى لم يظن أن احداهن تملكها بالفعل: اى فعلة؟؟ مجرد اصطدام ومجرد فستان يمكنك تغيره، ليست جريمة يا آنسة
إنها كذلك
أوقفته بحدة مضحكة ثم رفعت عينيها ترمقه بغضب مضاعف . سرعان ما دارت على عقبيها تضرب الأرض بقدميها وهى تعود ادراجها للداخل تاركته خلفها ، إدراك أولى محاضراتها أمر مستحيل . بينما نفض هو عن ملابسه ما علق بها بلا اهتمام وهو يتمتم بحنق : مدللة حمقاء، كل هذا الصخب لمجرد تلوث فستان؟ ياألله لكنها لا تحتمل، مرهقة كليا خاصة فى حالة التخبط التى يعانيها.
اقتفت عينيه إثرها مرغمة وهو يتابع : مدللة بالفعل وفاتنة أيضا .
ثم عاد أدراجه ليشترى الفطور مرة أخرى محاولا نزع نبرة صوتها عن أذنيه لكن يبدو أن عقله قد وقع أسيرا لهذه النبرة ولا أمل له فى نزعها حالياً، ربما عليه نزع صورتها عن عينيه أولاً لكن يبدو أن الأمل معدوم أيضاً فخلف جفنيه طبعت صورة لها تدفعه للجنون وهو يستعيد كل حركة صدرت عنها فتزلزل لها جزء من كيانه.
أغلقت الباب بهدوء واتجهت للمطبخ لتجده قد فرغ للتو من إعداد فنجانه ويبدو أنه يشعر بالانتصار كل يوم وهو يحتسى قهوته فى غيابها.
عقدت ساعديها بغضب : هل هذا وعدك لى ؟؟
انتفض والدها ينظر لها بفزع امتزج به خوفه الفطرى الزائد عليها: ياسمين !!! لماذا عدت ؟؟
اقتربت لتلتقط منه الفنجان : لا تجيب سؤالى بسؤال . لقد وعدتنى أن تكون بخير . كيف ستكون وانت تشرب القهوة التى منعها الطبيب ؟
ارتبك حسن وهو ينظر لفستانها الملطخ بالفول المدمس ويتحول صوته لنبرة راجية : صغيرتى فنجان واحد لن يضر كثيرا . أنا أحتاجه حقا .
أشار لملابسها بفضول مغيرا مجرى الحديث : كيف وصل الفول لفستانك هكذا ؟
لتغمض عينيها وكأنها تذكرت : اصطدم بى احمق ما اسفل البناية .
صمتت لحظة : لقد افسد يومى
قالتها بغضب طفولى ليربت أبيها فوق كتفها بحنان : بدلى ملابسك . لقد أحسن لى هذا الأحمق فسأحظى بفطور برفقة صغيرتى المدللة .
لم يتمكن من استعادة فنجانه الغالى بل سكبته بالحوض قبل أن تغادر . تلك الصغيرة العنيدة .
ابتسم بحنان بعد مغادرتها ، هو ليس غاضب منها ، بل هو يثق أنها تخشى فقده وما سكبته إلا حبا فيه .
اتجه فورا لإعداد الفطور حتى تنتهى صغيرته من تبديل ملابسها فمشاركتها الفطور أثناء الدراسة أمر نادر الحدوث وهو لن يضيع هذه الفرصة هباءا سيعد لها فطورا شهيا يغير مزاجها بعد هذا الحدث الصباحى السخيف .
*****
بدلت ملابسها لتمسك بفستانها تنظر له بحسرة ثم توجهت للمرحاض لتنظيفه ، أمامها ثلاث ساعات قبل المحاضرة التالية وهذا وقت كاف تماما .
اتجهت للخارج حيث اعد والدها الفطور وجلس بانتظارها .
جذبت المقعد وجلست بصمت ليتساءل : هل فوت أمرا هاما ؟
اشاحت بكفها تحاول أن تثبت له أن كل شيء بخير : مجرد محاضرة .
ابتسمت له بحنان تدعى الحماس : هيا ساساعدك بإعداد الغداء قبل المحاضرة التالية .
ليضحك هو وقد تمكنت من خداعه: تساعدينى !! هل انت جادة !!!
لتشاركه الضحك ، إنه محق تماما هى بالكاد تستعمل سكين الفاكهة دون إصابة أصابعها بجروح وبالكاد تأكل قطعة واحدة صالحة بعد إتلاف الثمرة
*****
فى شقة أخرى بنفس البناية ، يدخل وديد حاملا الافطار الذى اشتراه للمرة الثانية ليندفع نحوه صديقه جابر بلهفة : لم كل هذا التأخير وديد ؟ أنا اتضور جوعا .
لينظر له وديد بغيظ فهذا الشره لا يمكن لأى طعام وضع حد لجوعه: ومنذ متى لا تتضور جوعا جابر ؟؟
لكن جابر لم يهتم إطلاقاً لملاحظته بل تناول ما يحمله وديد ليسرع نحو المطبخ لإعداده بلا إبطاء .
عشر دقائق وكان الطعام جاهزا ليدعوه للمشاركة وبالطبع لم يتأخر وديد فإن فعل فلن يجد ما يتناوله فصديقه سيأتى على اخر لقمة أمامه.
لاحظ جابر شرود صديقه ليأكل بصمت هو يعلم أنه ينتظر تثبيته بالبنك الذى يعمل به وهذا الأمر يوتره بشده فهو يخشى أن يخسر العمل وهذا يعنى خطوات للوراء والبدء من جديد ومجرد الفكرة تصيب وديد بهاجس يؤرق نومه فيبدو أنه لم يعد لديه طاقة للمتابعة وحده.
*****
بعد ساعتين غادرت ياسمين مرة أخرى. وقفت بإنتظار المصعد الذى تأخر لبعض الوقت لكنها لم تتذمر فالوقت لازال باكرا وستصل قبل بدء المحاضرة بكل تأكيد. فتحت الباب لتستقله بصمت دون الاهتمام بمن يستقله بالفعل .
نظر لها جابر بإعجاب شديد ليحمحم معرفا عن نفسه : مرحبا . أنا جديد هنا .
لم يجد اى استجابة منها ليتابع : أقيم بالدور السابع برفقة صديقى هو صاحب الشقة وقبل بإستصافتى لفترة لا أدرى فى الواقع متى تنتهى، ربما تطول قليلا فلازلت أبحث عن مكان مناسب وليكن قريبا من عملى أيضا. المكان هنا ليس قريبا من عملى جدا لكنى اهوى رياضة المشى.
هى لا تجيب وهو لا يتوقف عن الثرثرة ، اخبرها أنه طبيب أنهى تكليفه ليأتى للعاصمة بحثا عن فرصة جيدة . وقد وجد فرصته بأحد المستشفيات الاستثمارية ويعمل على تنمية مهاراته حيث أنه يصبو لأكثر من هذا المشفى.
توقف المصعد لتحمد الله أنها ستتخلص من هذا الثرثار لكنه تبعها للخارج متابعا حديثه الذى لا ينتهى كما يبدو: ألن ترحبى بى !! أو اعرف اسمك على الأقل !! نحن جيران
توقفت بجوار سيارتها لتخرج المفاتيح بهدوء وهى تتحدث بنفس طريقتها محاولة ردعه : ياسمين أقيم مع أبى وأكره المتطفلين .
قالت جملتها بنفس لهجتها المتدللة ليبتلع ريقه بصعوبة وهو يحدق بها ؛ تكره المتطفلين وتحدثه بهذه الطريقة !!! كيف ستتحدث إن أحبته اذا !!!
شرد فى أفكاره التى تدور حول هذه الفاتنة بينما استغلت الفرصة للتخلص منه وهى تظن أنها ارغمته على الصمت بهذه الجملة الواهية ، استقلت سيارتها وانطلقت بالسيارة لتقطع تدفق أفكاره الحالمة ليكتشف أنها غادرت وأنه فوت فرصة للتعرف عليها بشكل أفضل أو الفوز ببعض المعلومات عنهما . زفر بضيق واتجه سيرا إلى المشفى الذى يعمل به. رغم بعد المسافة إلا أنه يتخذها طريقة للمحافظة على جسده من البدانة .
هو يعشق الطعام ولا يمكنه مقاومته ، ولن يسمح لهذا الطعام الذى يعشقه أن يقتله ايضا .
****
كان يوما جيدا ل وديد بكل المقاييس فقد أعلنه رئيسه بالعمل أن إجراءات تثبيته قد تمت بالفعل وأنه يخطو بثبات فى موقعه الجديد عليه فقط متابعة العمل بنفس الهمة والنظام دون إغفال التفاصيل.
ليكمل يومه بنشاط وحماس فقد استقرت أموره منذ اليوم ، عليه فقط الاجتهاد وسيكون لنفسه مستقبله الباهر الذى طالما حلم به وعاهد نفسه على إتمامه مهما كانت المعوقات التى يتعرض لها، بالفعل كاد يفقد حماسه لهذا الحلم نظرا لشدة قسوة الواقع لكن هذا الواقع الذى يحياه اليوم ليس أشد بؤسا من ماض حياه مسبقاً .
يعود وديد من عمله عادة في الرابعة عصرا لكنه تأخر اليوم فقد قرر أن يحتفل بهذه المناسبة بشراء الطعام الفاخر والحلوى أيضا قبل العودة للمنزل ليستغرق الأمر منه ساعة إضافية .
اتجه نحو البناية يحمل علبة الحلوى فوق كفه الأيمن وبذراعه الأيسر يحمل أكياس الطعام . سيعود جابر فى السادسة وسيسعد كثيرا بهذا الطعام وهذا ما أراده، إسعاد شخص يحبه، يعلم أن جابر يحبه رغم ما يغضبه من خصاله التى لا تتناسب مع كونه طبيباً هو يشفق على مرضاه أحياناً من ثرثرته وشراهته .
هو أيضا يسعد بمشاركة جابر له شقته . تلك الشقة التى اشتراها بكل ارثه الذى منحه له عمه اخيرا .
يشعر بالراحة فهو الأن يقف على أرض صلبة يمكنه من اليوم أن يبدأ حياة أخرى ينعم فيها ببعض السكينة التى حرم منها طويلا .
****
أحكمت إغلاق باب السيارة لتخطو مسرعة كالعادة نحو مدخل البناية ليوقفها صوته الحازم : احذرى .
توقفت خطواتها لتكتشف أنها كانت على وشك الاصطدام به للمرة الثانية .
ابتسم براحة : حمدا لله لم أفسد فستانك للمرة الثانية فى نفس اليوم .
توترت فهى المخطئة حقا وحاولت الاعتذار : عذرا إنه خطأى .
اتسعت ابتسامته عكس تجهمه الصباحى : هل انت مندفعة هكذا دائما ؟
وصلا للمصعد فبادرت بطلبه ولم تحاول المراوغة أو التجمل : اعتقد أنى كذلك .
قالتها بنفس الدلال بل وزادته بسمتها فتنة ليحمحم بحرج ويتبعها لداخل المصعد الذى توقف أمامهما للتو .
ضغطت زر الدور الرابع ليطلب منها برفق : السابع من فضلك .
لتتبعه ضغطة أخرى للدور السابع لم تمنحه مبتغاه دون تعمد منها أو حيطة فهى تستعمل كفها الأيسر فقط لقربه من أزرار المصعد
انت طالبة بالجامعة ؟؟
تساءل بهدوء لتجيب برقة : بلى كلية التجارة الانجليزية .
ابتسم بود : لنا نفس التخصص إذا . أنا وديد محاسب ببنك ..
توقف المصعد أمام الدور الرابع لتهم بالمغادة وهى تقول : تشرفت بلقاءك سيد وديد واعتذر عن الصباح غير الودى وبالمناسبة واسم مميز بالفعل .
فتحت باب المصعد وتوقفت كأنها تذكرت شيئا للتو لتدور وتنظر له بأعين ضيقة: انت من تستضيف ذلك الطبيب الثرثار ؟؟
ضحك مرغما فليس وحده من يرى جابر ثرثار عكس ما يدعيه الأخير : إنه كذلك لا يكف عن الحديث إلا ليتناول الطعام وينكر كونه ثرثارا
لتضحك بنعومة ورقة : كان الله بعونك .
وغادرته ليغادر قلبه مرافقا لها . انغلق الباب ليتنهد وديد بأسف وأمام عينيه بسمتها وصوتها الرقيق ؛ اسم مميز بالفعل !!!
*****
دخلت من الباب بهدوء لتتقدم فورا نحو غرفة والدها فهذا موعد قيلولته ، فتحت الباب بهدوء لترى ملامحه مسترخية فتعيد إغلاقه وتتوجه لغرفتها .
بدلت ملابسها وجلست فوق الفراش لتتذكر حديث صديقتها ريم التى وبختها كالعادة هذا الصباح .
تعلم أن ريم تحبها كثيرا ، وهى ايضا تحبها كذلك .
طالما حاولت ريم تغيير طريقة ياسمين فى الحديث بلا فائدة ، الدلال جزء من شخصيتها كيف تغيره .
ربما لأنها درست بمدارس الفتيات ثم بجامعة البنات ولعدم اضطرارها للتحدث كثيرا مع الشباب ،هى تشعر بأريحية لنفسها كما هى.
كما أنها مدللة أبيها فإن تخلت عن هذا الدلال ستفقد لقبها المميز الذى أطلقه عليها والدها وهى فى الواقع تحبه كثيراً ليس لأنه يصفها بالدلال بل لأنه ينسبها بهذا الدلال فقط لأبيها الشخص الوحيد الذى ترى أنه يستحق أن تنسب إليه فى كل صفاتها وليس مجرد اسم يلى إسمها.
كما توبخها ريم ايضا مطالبة إياها بالاعتماد على نفسها . ريم محقة والدها لم يعد بخير وهى تعتمد عليه بشكل كامل فى تحضير الطعام وتنظيف المنزل وغسل الملابس وكل شيء . قد يكون اسرف فى تدليلها لكنه لم يفسدها . دللها حبا وستعتمد على نفسها حبا له لتمنحه الراحة التى يستحق فهو لن يشعر مطلقاً بالراحة وهو يعلم أنها لن تتمكن من تدبر أمرها وحدها .
هو يرفض مساعدتها من شدة حبه لها وخوفه عليها فترى أن كل ما عليها فعله أن تثبت له أنها على هذا القدر من المسئولية التى تؤهلها للتدرب على أعمال المنزل التى أصبحت تشق على والدها الحبيب .
تحسست خطواتها للخارج . هو نائم الأن يمكنها أن تحاول إعداد الطعام وتعد له مفاجأة تثق أنه سيسعد بها كثيراً، كان يفعل فى الماضى كلما كانت تنجز عملا بسيطا كترتيب غرفتها أو تنظيف الحوض لا يمكنها أن تنسى نظرة الفخر التى كان يخصها بها حتى كان ذلك اليوم الذى كسرت فيه كوبا وجرحت كفها جرحا عميقا احتاج للتقطيب عدة غرز فأمر أبيها بعدم مساعدتها له فى أعباء المنزل مهما كان السبب، ومرت الأعوام وزادها دلالا كلما تقدمت فى العمر لكنه مؤخرا أصيب بعدة امراض أثرت عليه بشكل كبير وهى لن تكون عبئا عليه، عليها أن تكون عكازه فى هذه المحنة هى ابنته الوحيدة وهذه مسئوليتها وحدها.
شعرت ياسمين بالكثير من الحماس مع هذه الأفكار التى سيطرت عليها لدقائق معدودة فنفضت عنها هذا الدلال واتجهت للمطبخ بنفس بحماس : حسنا والدى سأبهرك حقا . ستكون فخورا بى كما كنت فى الماضى. ❝