❞ إذا كنت في البحر وأردت أن تحدد وضعك، فأنت في حاجة إلى نسبة هذا الوضع إلى بعدين .. هما الطول والعرض ..
فأنت عند التقاء خط طول كذا بعرض كذا .
أما إذا كنت طائرًا في الهواء وأردت أن تحدد موضعك، فأنت في حاجة إلى ثلاثة أبعاد .. الطول والعرض والإرتفاع .. لتحدد النقطة التي أنت فيها بالضبط .
وهذه الأبعاد الثلاثة لا تصف لنا حركتك .. لأن وضعك يتغير من لحظة لأخرى على محور رابع غير منظور ولا ملموس .. هو الزمن .
فإذا أردت أن تعرف حركتك .. فإن الأبعاد الثلاثة لا تكفي، ولابد أن تضيف إليها بعدًا رابعًا .. هو الزمن .. فأنت على خط طول كذا وخط عرض كذا في ارتفاع كذا في الوقت كذا ..
ولأن كل شيء في الطبيعة في حالة حركة .. فالأبعاد الثلاثة هي حدود غير واقعية للأحداث الطبيعية .. والحقيقة ليست ثلاثية في أبعادها ولكنها رباعية .
إنها .. المكان والزمان معًا ( في متصل واحد ) .. ( Space – time continuum )
ولكن المكان والزمان يظهران دائمًا منفصلين في إحساسنا .. لأننا لا نرى الزمان ولا نمسكه كما نمسك بالأبعاد المكانية الأخرى .. ولا نعرف له معادلًا موضوعيًا خاصًا به كما المكان .. ومع هذا فاتصال الزمان بالمكان حقيقة ..
بدليل أننا إذا أردنا أن نتتبع الزمان فإننا نتتبعه في المكان .. فنترجم النقلات الزمانية بنقلات مكانية ..
فنقول " فُلان بيكبر " ونقصد في السِن، والحجم ..
ونقول " وقت الغروب " ونقصد انحدار الشمس في المكان بالنسبة للأرض ..
ونقول " اليوم .. والشهر .. والسنة .. " وهي إشارات للأوضاع المكانية التي تحتلها الأرض حول الشمس .
ونحن حينما ننظر في أعماق السماء بالتلسكوب .. لنشاهد نجومًا بعيدة جدًا بيننا وبينها ألوف السنين الضوئية، نحن في الحقيقة ننظر في الزمان لا في المكان وحده .. نحن ننظر في ماضي هذه النجوم .. وما نراه هو صورتها حينما غادرها الضوء ليصل إلينا بعد هذه الألوف من السنين .
ومع هذا فنحن لا نستطيع أن نتخيل شكلًا ذا أبعاد أربعة ..
إن هذه التركيبة الخيالية تُحدِث لنا دَوارًا ..
فكيف يمكن أن يضاف الزمان إلى الأبعاد الثلاثة ليصنع شكلًا ذا أبعاد أربعة .. وماذا تكون صفة هذا الشكل .. !
وأينشتين يقول أننا سجناء حواسّنا المحدودة .. ولهذا نعجز عن رؤية هذه الحقيقة وتصورها .
ولكن كل ما في الكون من أحداث يثبت أن هذه التركيبة ليست تركيبة فرضيّة رياضية .. وإنما هي حقيقة ..
فالزمان غير منفصل عن المكان، وإنما هما نسيج واحد ..
وهذا النسيج هو " المجال " الذي تدور فيه كل الحركات الكونية .. وعند كلمة " مجال " نتوقف قليلًا .. فهي كلمة لها عند أينشتين معنى جديد عميق ..
** ** **
كلمة " مجــال " .. هي الكلمة التي رد بها أينشتين على نظرية الجاذبية لنيوتن ..
نيوتن يقول إن الجاذبية قوة كامنة في الأجسام تجذب بعضها إلى بعض وتؤثر عن بُعد .
ولكن أينشتين يرفض نظرية التأثير عن بُعد .. وينكر أن الجاذبية قوة .. ويقول إن الأجسام لا تشد بعضها بعضًا .. ولكنها تخلق حولها " مجالًا " ..
كل جسم يحدِث اضطرابًا في الصفات القياسية للفضاء حوله .. كما تُحدِث السمكة اضطرابًا في الماء حولها .. ويخلق حوله مجالًا ( نتيجة التعديلات التي تحدث في الزمان والمكان حوله ) ..
وكما في المغناطيس يمكن تخطيط هذا المجال عن طريق رش برادة الحديد .. كذلك يمكننا عن طريق الحساب والمعادلات أن نحسب شكل وتركيب مجال جسم معين عن طريق كتلته ..
وقد استطاع أينشتين أن يقدم بالفعل هذه المعادلات المعروفة بمعادلات التركيب .. وأرفق بها مجموعة أخرى من المعادلات سماها معادلات الحركة .. لحساب حركة أي جسم يقع في ذلك المجال ..
وتفسير ما يحدث في نظر أينشتين حينما يجذب المغناطيس برادة الحديد .. أن برادة الحديد تتراص في صفوف في الفضاء وفقًا للمجال .. لأنها لا تستطيع أن تسلك سُبلًا أخرى في حركتها نتيجة التعديلات التي أحدثها وجود المغناطيس في الخواص القياسية للفضاء حوله ..
إن المغناطيس لا يجذب البرادة ..
والبرادة لا تنجذب إلى المغناطيس ..
ولكنها لا تجد طريقًا تسلكه سوى هذه السكك الفضائية الجديدة التي اسمها المجال المغنطيسي ..
تمامًا كما تَخلق السمكة نتيجة حركتها في الماء تيارًا تسير فيه ذرات الغبار العالقة بالماء .. ويبدو على هذه الذرات أنها تسير منجذبة إلى السمكة .. ولكنها في الواقع تتحرك وفقًا للدوامة المائية وللتيارات التي خلقتها السمكة بحركتها في الماء ..
إنها لا تتحرك بقوة السمكة .. بل هي تتحرك وفقًا لمجال .
وكان من الممكن أن تمر هذه النظرية على أنها نوع من التخريف والهذيان، لولا أن معادلات أينشتين قد استطاعت أن تتنبأ بظواهر طبيعية وفلكية .. كانت تُعتبَر إلى وقت قريب من الألغاز .
فقد ظلت حركة عطارد حول الشمس لغزًا حتى فسرتها هذه المعادلات ..
والظاهرة التي كانت تحير العلماء أن هذا الكوكب الصغير ينحرف عن مداره بمقدار معين كل عدد معين من السنين .. وأن المجال الذي يدور فيه ينتقل من مكانه بمضي الزمن ..
وقد تنبأت معادلات أينشتين بمقدار الإنحراف بالضبط .. وكان التفسير الذي قدمه أينشتين لهذه الظاهرة أن شدة اقتراب عطارد من الشمس بالإضافة إلى سرعة دورانه وعِظَم جاذبية الشمس .. هو الذي يؤدي إلى هذا الاضطراب في المجال والانحراف المشاهَد في مدار الكوكب ..
أما النبوءة الثانية فكانت أخطر من الأولى، وأكثر إثارة للأوساط العلمية ..
فقد كان معلومًا أن الضوء ينتشر في خطوط مستقيمة .. وهكذا تعلمنا في كتب الضوء الأولية التي درسناها في المدارس ..
ولكن أينشتين كان له رأي آخر ..
فمادام الضوء طاقة، والطاقة مادة .. فلابد أن يخضع الضوء لخواص المجال كما تخضع برادة الحديد فيسير في خطوط منحنية حينما يقترب من جسم مثل جسم الشمس .. ذي مجال جاذبية قوي ..
فلو رصدنا نجمًا يمر ضوؤه بجوار الشمس لوجدنا أن الشعاع القادم إلينا ينحرف إلى الداخل ناحية مجال الشمس ولرأينا الصورة بالتالي تنحرف إلى الخارج بزاوية معينة قدَّرها أينشتين 1.75 درجة ..
وكان رصد مثل هذا النجم يقتضي الانتظار حتى يأتي وقت الكسوف .. لتكون رؤيته إلى جوار الشمس ممكنة .
** ** **
ولقد أسرع العلماء يبنون مراصدهم في المناطق الإستوائية .. وعلى ذرى الجبال .. في انتظار اللحظة الحاسمة التي يمتحنون فيها هذه النظرية الخرافية ..
فماذا كانت النتيجة .. ؟
سجلت المراصد انحرافًا قدره 1.64 درجة .. أي قريبًا جدًا من نبوءة أينشتين ..
إذًا أينشتين على صواب .. والضوء مادة، والأشعة الضوئية لا تسير في خطوط مستقيمة .. وإنما تنحني وفقًا لخطوط المجال ..
هل هذا الرجل شيخ طريقة يَعلَم الغيب ويحسب حساب النجوم ويعرف مقدّراتها دون أن يراها .. ؟!
هل هو رجل مكشوف عنه الحِجاب .. ؟!
وما هذا السر الذي وضع يده عليه .. وبدأ يفض به مكنونات الوجود .. ؟!
ما حكاية " المجال " الذي يتكلم عنه .. وما معناه .. ؟
وما معنى النسيج الواحد من المكان والزمان ذي الأربعة أبعاد .. ؟
وكيف يَخلُق الجسم مجالًا حوله .. ؟
أينشتين يشرح هذا الغموض قائلًا .. إن أي جسم يوجد في مكان وزمان .. فإنه يُحدِث تغييرات في الخواص القياسية لهذا المكان والزمان .. فينحني الفضاء حول هذا الجسم كما تنحني خطوط القوى حول المغانطيس .. وهذه التغييرات هي المجال .
وكل ذرة مادية تقع في هذا المجال تعدّل سيرها وفقًا له .. كما تتراص برادة الحديد وفقًا لخطوط المجال حول المغناطيس ..
وعلى هذا الأساس تدور الأرض حول الشمس .. لا بسبب قوة جذب الشمس .. ولكن بسبب خصائص المجال الذي تخلقه الشمس حولها .
الأرض لا تجد مسلكًا تسير فيه سوى هذا المسلك الدائري .. وكل الكواكب محكومة في مسالكها بخطوط دائرية .. هي انحناءات المجال حول الأجسام الأكبر منها ..
الجاذبية ظاهرة أشبه بظاهرة القصور .. الأجسام قاصرة عن أن تتعدى مجالاتها المرسومة ..
ولا يُجدي أن نقول إن الفضاء واسع .. فلماذا تأخذ الأجسام هذه المسارات الدائرية وتعجز عن الخروج منها .. !
فالبحر واسع أيضًا .. ومع هذا حينما تتلقف دوامة حطام إحدى المراكب فإنها تظل تدور به في مجالاتها لا تفلته .. ويعجز بدوره عن الخروج من قبضتها مع أن البحر واسع لا حدود لآفاقه ..
ونحن نرى الطائرات في الجو تتجنب المطبات الهوائية .. والدوامات .. لأنها تفقد تحكمها إذا وقعت في أسرها ..
ولا شك أن جانبًا كبيرًا من غموض المسألة سببه أن عيوننا لا ترى هذه الأشياء التي اسمها خطوط المجال .. إنما نحن نتتبعها عن طريق قياس أثرها ثم نحسب حسبتها في ذهننا عن طريق المعادلات والرموز الرياضية .. ثم نبني لها شكلًا خياليًا في عقلنا ..
أما حكاية المكان والزمان اللذان يؤلفان نسيجًا واحدًا .. فهي مشكلة المشاكل في النسبية ..
فإننا بحكم حواسنا المحدودة لا نستطيع أن نرسم صورة أو شكلًا لهذا الشيء ذي الأبعاد الأربعة ..
..
مقال / البعد الرابع .
من كتاب / أينشتين والنسبية
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ إذا كنت في البحر وأردت أن تحدد وضعك، فأنت في حاجة إلى نسبة هذا الوضع إلى بعدين . هما الطول والعرض .
فأنت عند التقاء خط طول كذا بعرض كذا .
أما إذا كنت طائرًا في الهواء وأردت أن تحدد موضعك، فأنت في حاجة إلى ثلاثة أبعاد . الطول والعرض والإرتفاع . لتحدد النقطة التي أنت فيها بالضبط .
وهذه الأبعاد الثلاثة لا تصف لنا حركتك . لأن وضعك يتغير من لحظة لأخرى على محور رابع غير منظور ولا ملموس . هو الزمن .
فإذا أردت أن تعرف حركتك . فإن الأبعاد الثلاثة لا تكفي، ولابد أن تضيف إليها بعدًا رابعًا . هو الزمن . فأنت على خط طول كذا وخط عرض كذا في ارتفاع كذا في الوقت كذا .
ولأن كل شيء في الطبيعة في حالة حركة . فالأبعاد الثلاثة هي حدود غير واقعية للأحداث الطبيعية . والحقيقة ليست ثلاثية في أبعادها ولكنها رباعية .
إنها . المكان والزمان معًا ( في متصل واحد ) . ( Space – time continuum )
ولكن المكان والزمان يظهران دائمًا منفصلين في إحساسنا . لأننا لا نرى الزمان ولا نمسكه كما نمسك بالأبعاد المكانية الأخرى . ولا نعرف له معادلًا موضوعيًا خاصًا به كما المكان . ومع هذا فاتصال الزمان بالمكان حقيقة .
بدليل أننا إذا أردنا أن نتتبع الزمان فإننا نتتبعه في المكان . فنترجم النقلات الزمانية بنقلات مكانية .
فنقول " فُلان بيكبر " ونقصد في السِن، والحجم .
ونقول " وقت الغروب " ونقصد انحدار الشمس في المكان بالنسبة للأرض .
ونقول " اليوم . والشهر . والسنة . " وهي إشارات للأوضاع المكانية التي تحتلها الأرض حول الشمس .
ونحن حينما ننظر في أعماق السماء بالتلسكوب . لنشاهد نجومًا بعيدة جدًا بيننا وبينها ألوف السنين الضوئية، نحن في الحقيقة ننظر في الزمان لا في المكان وحده . نحن ننظر في ماضي هذه النجوم . وما نراه هو صورتها حينما غادرها الضوء ليصل إلينا بعد هذه الألوف من السنين .
ومع هذا فنحن لا نستطيع أن نتخيل شكلًا ذا أبعاد أربعة .
إن هذه التركيبة الخيالية تُحدِث لنا دَوارًا .
فكيف يمكن أن يضاف الزمان إلى الأبعاد الثلاثة ليصنع شكلًا ذا أبعاد أربعة . وماذا تكون صفة هذا الشكل . !
وأينشتين يقول أننا سجناء حواسّنا المحدودة . ولهذا نعجز عن رؤية هذه الحقيقة وتصورها .
ولكن كل ما في الكون من أحداث يثبت أن هذه التركيبة ليست تركيبة فرضيّة رياضية . وإنما هي حقيقة .
فالزمان غير منفصل عن المكان، وإنما هما نسيج واحد .
وهذا النسيج هو " المجال " الذي تدور فيه كل الحركات الكونية . وعند كلمة " مجال " نتوقف قليلًا . فهي كلمة لها عند أينشتين معنى جديد عميق .
******
كلمة " مجــال " . هي الكلمة التي رد بها أينشتين على نظرية الجاذبية لنيوتن .
نيوتن يقول إن الجاذبية قوة كامنة في الأجسام تجذب بعضها إلى بعض وتؤثر عن بُعد .
ولكن أينشتين يرفض نظرية التأثير عن بُعد . وينكر أن الجاذبية قوة . ويقول إن الأجسام لا تشد بعضها بعضًا . ولكنها تخلق حولها " مجالًا " .
كل جسم يحدِث اضطرابًا في الصفات القياسية للفضاء حوله . كما تُحدِث السمكة اضطرابًا في الماء حولها . ويخلق حوله مجالًا ( نتيجة التعديلات التي تحدث في الزمان والمكان حوله ) .
وكما في المغناطيس يمكن تخطيط هذا المجال عن طريق رش برادة الحديد . كذلك يمكننا عن طريق الحساب والمعادلات أن نحسب شكل وتركيب مجال جسم معين عن طريق كتلته .
وقد استطاع أينشتين أن يقدم بالفعل هذه المعادلات المعروفة بمعادلات التركيب . وأرفق بها مجموعة أخرى من المعادلات سماها معادلات الحركة . لحساب حركة أي جسم يقع في ذلك المجال .
وتفسير ما يحدث في نظر أينشتين حينما يجذب المغناطيس برادة الحديد . أن برادة الحديد تتراص في صفوف في الفضاء وفقًا للمجال . لأنها لا تستطيع أن تسلك سُبلًا أخرى في حركتها نتيجة التعديلات التي أحدثها وجود المغناطيس في الخواص القياسية للفضاء حوله .
إن المغناطيس لا يجذب البرادة .
والبرادة لا تنجذب إلى المغناطيس .
ولكنها لا تجد طريقًا تسلكه سوى هذه السكك الفضائية الجديدة التي اسمها المجال المغنطيسي .
تمامًا كما تَخلق السمكة نتيجة حركتها في الماء تيارًا تسير فيه ذرات الغبار العالقة بالماء . ويبدو على هذه الذرات أنها تسير منجذبة إلى السمكة . ولكنها في الواقع تتحرك وفقًا للدوامة المائية وللتيارات التي خلقتها السمكة بحركتها في الماء .
إنها لا تتحرك بقوة السمكة . بل هي تتحرك وفقًا لمجال .
وكان من الممكن أن تمر هذه النظرية على أنها نوع من التخريف والهذيان، لولا أن معادلات أينشتين قد استطاعت أن تتنبأ بظواهر طبيعية وفلكية . كانت تُعتبَر إلى وقت قريب من الألغاز .
فقد ظلت حركة عطارد حول الشمس لغزًا حتى فسرتها هذه المعادلات .
والظاهرة التي كانت تحير العلماء أن هذا الكوكب الصغير ينحرف عن مداره بمقدار معين كل عدد معين من السنين . وأن المجال الذي يدور فيه ينتقل من مكانه بمضي الزمن .
وقد تنبأت معادلات أينشتين بمقدار الإنحراف بالضبط . وكان التفسير الذي قدمه أينشتين لهذه الظاهرة أن شدة اقتراب عطارد من الشمس بالإضافة إلى سرعة دورانه وعِظَم جاذبية الشمس . هو الذي يؤدي إلى هذا الاضطراب في المجال والانحراف المشاهَد في مدار الكوكب .
أما النبوءة الثانية فكانت أخطر من الأولى، وأكثر إثارة للأوساط العلمية .
فقد كان معلومًا أن الضوء ينتشر في خطوط مستقيمة . وهكذا تعلمنا في كتب الضوء الأولية التي درسناها في المدارس .
ولكن أينشتين كان له رأي آخر .
فمادام الضوء طاقة، والطاقة مادة . فلابد أن يخضع الضوء لخواص المجال كما تخضع برادة الحديد فيسير في خطوط منحنية حينما يقترب من جسم مثل جسم الشمس . ذي مجال جاذبية قوي .
فلو رصدنا نجمًا يمر ضوؤه بجوار الشمس لوجدنا أن الشعاع القادم إلينا ينحرف إلى الداخل ناحية مجال الشمس ولرأينا الصورة بالتالي تنحرف إلى الخارج بزاوية معينة قدَّرها أينشتين 1.75 درجة .
وكان رصد مثل هذا النجم يقتضي الانتظار حتى يأتي وقت الكسوف . لتكون رؤيته إلى جوار الشمس ممكنة .
******
ولقد أسرع العلماء يبنون مراصدهم في المناطق الإستوائية . وعلى ذرى الجبال . في انتظار اللحظة الحاسمة التي يمتحنون فيها هذه النظرية الخرافية .
فماذا كانت النتيجة . ؟
سجلت المراصد انحرافًا قدره 1.64 درجة . أي قريبًا جدًا من نبوءة أينشتين .
إذًا أينشتين على صواب . والضوء مادة، والأشعة الضوئية لا تسير في خطوط مستقيمة . وإنما تنحني وفقًا لخطوط المجال .
هل هذا الرجل شيخ طريقة يَعلَم الغيب ويحسب حساب النجوم ويعرف مقدّراتها دون أن يراها . ؟!
هل هو رجل مكشوف عنه الحِجاب . ؟!
وما هذا السر الذي وضع يده عليه . وبدأ يفض به مكنونات الوجود . ؟!
ما حكاية " المجال " الذي يتكلم عنه . وما معناه . ؟
وما معنى النسيج الواحد من المكان والزمان ذي الأربعة أبعاد . ؟
وكيف يَخلُق الجسم مجالًا حوله . ؟
أينشتين يشرح هذا الغموض قائلًا . إن أي جسم يوجد في مكان وزمان . فإنه يُحدِث تغييرات في الخواص القياسية لهذا المكان والزمان . فينحني الفضاء حول هذا الجسم كما تنحني خطوط القوى حول المغانطيس . وهذه التغييرات هي المجال .
وكل ذرة مادية تقع في هذا المجال تعدّل سيرها وفقًا له . كما تتراص برادة الحديد وفقًا لخطوط المجال حول المغناطيس .
وعلى هذا الأساس تدور الأرض حول الشمس . لا بسبب قوة جذب الشمس . ولكن بسبب خصائص المجال الذي تخلقه الشمس حولها .
الأرض لا تجد مسلكًا تسير فيه سوى هذا المسلك الدائري . وكل الكواكب محكومة في مسالكها بخطوط دائرية . هي انحناءات المجال حول الأجسام الأكبر منها .
الجاذبية ظاهرة أشبه بظاهرة القصور . الأجسام قاصرة عن أن تتعدى مجالاتها المرسومة .
ولا يُجدي أن نقول إن الفضاء واسع . فلماذا تأخذ الأجسام هذه المسارات الدائرية وتعجز عن الخروج منها . !
فالبحر واسع أيضًا . ومع هذا حينما تتلقف دوامة حطام إحدى المراكب فإنها تظل تدور به في مجالاتها لا تفلته . ويعجز بدوره عن الخروج من قبضتها مع أن البحر واسع لا حدود لآفاقه .
ونحن نرى الطائرات في الجو تتجنب المطبات الهوائية . والدوامات . لأنها تفقد تحكمها إذا وقعت في أسرها .
ولا شك أن جانبًا كبيرًا من غموض المسألة سببه أن عيوننا لا ترى هذه الأشياء التي اسمها خطوط المجال . إنما نحن نتتبعها عن طريق قياس أثرها ثم نحسب حسبتها في ذهننا عن طريق المعادلات والرموز الرياضية . ثم نبني لها شكلًا خياليًا في عقلنا .
أما حكاية المكان والزمان اللذان يؤلفان نسيجًا واحدًا . فهي مشكلة المشاكل في النسبية .
فإننا بحكم حواسنا المحدودة لا نستطيع أن نرسم صورة أو شكلًا لهذا الشيء ذي الأبعاد الأربعة .
.
مقال / البعد الرابع .
من كتاب / أينشتين والنسبية
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝
❞ الاحتفال بذكري المعراج عند القبوريين ما أشبهه بعيد القيامة عند الكتابيين (يا سادة إنها السنن )
بقلم د محمد عمر
أيها الإخوة الأحباب أبدأ كلامي بحديث النبي صلي الله عليه وسلم بنبوءة تقليد أمته (أمة التوحيد) للكتابيين بفرقتيهم المغضوب عليهم والضالين حيث قال ( لتتَّبعنَّ سَننَ من كانَ قبلَكم حذو القُذَّةِ بالقُذَّةِ حتَّى لو دخلوا جحرَ ضبٍّ لدخلتُموه. قالوا: اليَهودُ والنَّصارى؟ قالَ: فمَن.
الراوي : [أبو سعيد الخدري] | المحدث : ابن تيمية | المصدر : مجموع الفتاوى | الصفحة أو الرقم : 10/106 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
هذه النبوءة التي تقتضي التقليد التام لهؤلاء الكتابيين فيما أحدثوه في شرائعهم بعد ذهاب أنبياءهم مخالفين وحي السماء لدرجة غاية في الدقة حتي قال حذو القذة بالقذة وفي رواية أخري شبرا بشبرا وذراعا بذراع حتي لو دخلو جحر طب لدخلتموه .
وها نحن نري تحقيق هذه النبوءات يوما بعد يوم
فيما أحدثه الكتابيون في شرائعهم من إقامة احتفالية كبري بل وجعلوه أحد العيدين وهو صعود معبودهم إلي السماء بعد أن قبض عليه وأهين وعذب وسال دمه ومزقت ثيابه وتجرع الخل ووضع علي رأسه إكليلا من الشوك فلما فاضت روحه قبروه لمدة يومين وفي اليوم الثالث قام من الموت وراح يتنقل في ربوع القدس أربعين يوما ثم شاهده الناس منطلقا إلي السماء علي موعد معهم بلقاء عند أبيه وهذه هي عقيدة القوم ونحن لا علاقة لنا بما يعتقدوه فلنا موقف عند ربنا تتجلي فيه الحقيقة للجميع يوم تبلي السرائر فما للإنسان من قوة ولا ناصر يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم
أما عن عقيدة الموحدين في هذا الصعود فقد جمعها ربنا تبارك وتعالي في آيه واحدة بعد أن أثبت طبيعة هذا النبي الكريم حيث قال (ذَٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58) إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُن مِّنَ الْمُمْتَرِينَ (60)
وأما عن الصعود فقد أخبر ربنا سبحانه وتعالي نبيه المسيح بأنه منجيه من هؤلاء ( إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۖ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55)
ولابد أن يعلم أن الوفاة هنا مقصودها النوم وليس الموت إذ أننا نؤمن أنه ما مات وما قتل وما أهين وما عذب لكن الله عز وجل رفعه إليه حيا وكيف يترك ربنا تبارك وتعالي نبيه ليهان بهذه الطريقة وقد بشر أمه يوم أن حملت به بأنه سوف يكون وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين قال تعالي (إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45)
ألا تعارض هذه الوجاهة في الدنيا والآخرة ما ادعاه هؤلاء القوم من سب وإهانة وتعذيب وقتل وتجريعة المر وإلباسه الشوك وتمزيق الثياب؟
بلي والله فنحن نؤمن بوجاهته هو وأمه الصديقة
هذه هي الحقيقة الجلية التي بينها ربنا تبارك وتعالي في قوله (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158)
نعم أيها السادة فنحن نصدق بخبر ربنا فيه فهو الوجيه ابن الصديقة الذي رفع حيا إلي السماء لما كاد له قومه وأرادوا قتله
فنجاه الله منهم ونحن نؤمن بالحدث لكنا لا نؤمن بالاحتفال بيوم الرفع ولا نعرف له يوما بعينه بل ونؤمن أنه سيعود إلي الأرض في آخر الزمان ولا نجد أي عبادة أو تكاليف خاصة بيوم رفعه إلي السماء إلا التصديق بمعجزة الصعود كما صدقنا بكل معجزاته التي أيده الله بها بل وبكل معجزات الرسل التي أجراها الله عز وجل لتأييد الرسل
ولما كان هؤلاء الكتابيون قد ابتدعو يوم عيد للاحتفال بذكري رفع المسيح وفق عقيدتهم التي ابتدعوها ما قالو عنه عيد الصعود إنما قالو عيد القيام من الموت والصعود إلي جوار أبيه في السماء والجلوس عن يمينه علي حد قولهم مما لا نؤمن به جملة وتفصيلا ونكلهم بمعتقدهم إلي خالقهم.
ولما كان هؤلاء القبوريين بفرقتيهم أشياع المجوس وأذناب محي الدين ابن عربي وحسين بن منصور الحلاج المدلسين رؤوس الحلول والاتحاد ووحدة الوجود المندسين بين صفوف الموحدين
هؤلاء الذين ضلو ضلال الكتابيين فقد أحدثوا بين صفوف الموحدين بدعة للاحتفال بيوم صعود نبينا الكريم في هذه الرحلة الثابتة عندنا في الكتاب والسنة ألا وهي رحلة الإسراء المثبتة في سورة الإسراء ورحلة المعراج المثبتة في سورة النجم فنحن نصدق بها تصديقنا بكتاب الله ونؤمن بها ايماننا بصعود المسيح حيا إلي السماء ونحن نصدق بإسراء النبي من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصى في جزء من الليل إيمانا بأن الله عز وجل سخر الريح لسليمان كما قال (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ۖ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ۖ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12)
فنحن نؤمن بكل معجزات الرسل لكننا لا نتعبد لله إلا بما شرع
فكما نؤمن برفع المسيح حيا إلي السماء فنحن نؤمن بمعراج نبينا صلي الله عليه وسلم إلي السماء حيث وصل إلي سدرة المنتهي هناك كلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان وكما نؤمن برحلة الإسراء كذلك نؤمن بريح سليمان التي كان غدوها شهر ورواحها شهر
وكما أننا لا نعلم شيئا عن يوم معراج المسيح كذاك لا نعلم يوما محددا لمعراج رسول الله الصادق الأمين
وكما نصدق ولا نحتفل ولا نخصص عبادة بعينها لمعراج المسيح كذلك الأمر بالنسبة لرسولنا الكريم.
هذه هي الحقيقة يا سادة والتي دلس عليكم القبوريون الضالون فأوهموكم بغيرها وخدعوكم بضدها وليس لهم أسوة فيما قالوه إلا اتباع السنن والهرولة خلف هؤلاء الكتابيين ألا تعسا لهم فيما قالوه
وصدق نبينا صلي الله عليه وسلم في فضح ضلالهم وكشف عورات أولئك المدلسين
انتهي...... ❝ ⏤Dr Mohammed omar Abdelaziz
❞ الاحتفال بذكري المعراج عند القبوريين ما أشبهه بعيد القيامة عند الكتابيين (يا سادة إنها السنن )
بقلم د محمد عمر
أيها الإخوة الأحباب أبدأ كلامي بحديث النبي صلي الله عليه وسلم بنبوءة تقليد أمته (أمة التوحيد) للكتابيين بفرقتيهم المغضوب عليهم والضالين حيث قال ( لتتَّبعنَّ سَننَ من كانَ قبلَكم حذو القُذَّةِ بالقُذَّةِ حتَّى لو دخلوا جحرَ ضبٍّ لدخلتُموه. قالوا: اليَهودُ والنَّصارى؟ قالَ: فمَن.
الراوي : [أبو سعيد الخدري] | المحدث : ابن تيمية | المصدر : مجموع الفتاوى | الصفحة أو الرقم : 10/106 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
هذه النبوءة التي تقتضي التقليد التام لهؤلاء الكتابيين فيما أحدثوه في شرائعهم بعد ذهاب أنبياءهم مخالفين وحي السماء لدرجة غاية في الدقة حتي قال حذو القذة بالقذة وفي رواية أخري شبرا بشبرا وذراعا بذراع حتي لو دخلو جحر طب لدخلتموه .
وها نحن نري تحقيق هذه النبوءات يوما بعد يوم
فيما أحدثه الكتابيون في شرائعهم من إقامة احتفالية كبري بل وجعلوه أحد العيدين وهو صعود معبودهم إلي السماء بعد أن قبض عليه وأهين وعذب وسال دمه ومزقت ثيابه وتجرع الخل ووضع علي رأسه إكليلا من الشوك فلما فاضت روحه قبروه لمدة يومين وفي اليوم الثالث قام من الموت وراح يتنقل في ربوع القدس أربعين يوما ثم شاهده الناس منطلقا إلي السماء علي موعد معهم بلقاء عند أبيه وهذه هي عقيدة القوم ونحن لا علاقة لنا بما يعتقدوه فلنا موقف عند ربنا تتجلي فيه الحقيقة للجميع يوم تبلي السرائر فما للإنسان من قوة ولا ناصر يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم
أما عن عقيدة الموحدين في هذا الصعود فقد جمعها ربنا تبارك وتعالي في آيه واحدة بعد أن أثبت طبيعة هذا النبي الكريم حيث قال (ذَٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58) إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُن مِّنَ الْمُمْتَرِينَ (60)
وأما عن الصعود فقد أخبر ربنا سبحانه وتعالي نبيه المسيح بأنه منجيه من هؤلاء ( إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۖ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55)
ولابد أن يعلم أن الوفاة هنا مقصودها النوم وليس الموت إذ أننا نؤمن أنه ما مات وما قتل وما أهين وما عذب لكن الله عز وجل رفعه إليه حيا وكيف يترك ربنا تبارك وتعالي نبيه ليهان بهذه الطريقة وقد بشر أمه يوم أن حملت به بأنه سوف يكون وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين قال تعالي (إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45)
ألا تعارض هذه الوجاهة في الدنيا والآخرة ما ادعاه هؤلاء القوم من سب وإهانة وتعذيب وقتل وتجريعة المر وإلباسه الشوك وتمزيق الثياب؟
بلي والله فنحن نؤمن بوجاهته هو وأمه الصديقة
هذه هي الحقيقة الجلية التي بينها ربنا تبارك وتعالي في قوله (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158)
نعم أيها السادة فنحن نصدق بخبر ربنا فيه فهو الوجيه ابن الصديقة الذي رفع حيا إلي السماء لما كاد له قومه وأرادوا قتله
فنجاه الله منهم ونحن نؤمن بالحدث لكنا لا نؤمن بالاحتفال بيوم الرفع ولا نعرف له يوما بعينه بل ونؤمن أنه سيعود إلي الأرض في آخر الزمان ولا نجد أي عبادة أو تكاليف خاصة بيوم رفعه إلي السماء إلا التصديق بمعجزة الصعود كما صدقنا بكل معجزاته التي أيده الله بها بل وبكل معجزات الرسل التي أجراها الله عز وجل لتأييد الرسل
ولما كان هؤلاء الكتابيون قد ابتدعو يوم عيد للاحتفال بذكري رفع المسيح وفق عقيدتهم التي ابتدعوها ما قالو عنه عيد الصعود إنما قالو عيد القيام من الموت والصعود إلي جوار أبيه في السماء والجلوس عن يمينه علي حد قولهم مما لا نؤمن به جملة وتفصيلا ونكلهم بمعتقدهم إلي خالقهم.
ولما كان هؤلاء القبوريين بفرقتيهم أشياع المجوس وأذناب محي الدين ابن عربي وحسين بن منصور الحلاج المدلسين رؤوس الحلول والاتحاد ووحدة الوجود المندسين بين صفوف الموحدين
هؤلاء الذين ضلو ضلال الكتابيين فقد أحدثوا بين صفوف الموحدين بدعة للاحتفال بيوم صعود نبينا الكريم في هذه الرحلة الثابتة عندنا في الكتاب والسنة ألا وهي رحلة الإسراء المثبتة في سورة الإسراء ورحلة المعراج المثبتة في سورة النجم فنحن نصدق بها تصديقنا بكتاب الله ونؤمن بها ايماننا بصعود المسيح حيا إلي السماء ونحن نصدق بإسراء النبي من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصى في جزء من الليل إيمانا بأن الله عز وجل سخر الريح لسليمان كما قال (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ۖ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ۖ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12)
فنحن نؤمن بكل معجزات الرسل لكننا لا نتعبد لله إلا بما شرع
فكما نؤمن برفع المسيح حيا إلي السماء فنحن نؤمن بمعراج نبينا صلي الله عليه وسلم إلي السماء حيث وصل إلي سدرة المنتهي هناك كلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان وكما نؤمن برحلة الإسراء كذلك نؤمن بريح سليمان التي كان غدوها شهر ورواحها شهر
وكما أننا لا نعلم شيئا عن يوم معراج المسيح كذاك لا نعلم يوما محددا لمعراج رسول الله الصادق الأمين
وكما نصدق ولا نحتفل ولا نخصص عبادة بعينها لمعراج المسيح كذلك الأمر بالنسبة لرسولنا الكريم.
هذه هي الحقيقة يا سادة والتي دلس عليكم القبوريون الضالون فأوهموكم بغيرها وخدعوكم بضدها وليس لهم أسوة فيما قالوه إلا اتباع السنن والهرولة خلف هؤلاء الكتابيين ألا تعسا لهم فيما قالوه
وصدق نبينا صلي الله عليه وسلم في فضح ضلالهم وكشف عورات أولئك المدلسين
انتهي. ❝
❞ أن الانجازات التاريخية العظيمة تقف خلفها شخصيات عظيمة غرزت في أتباعها الحلم والإيمان وإمكانية الانجاز.. لاحظ - مثلا - كيف شكلت نبوءات المصطفى بالفتوحات التالية لوفاته دافعا لأصحابه باتجاه تحقيقها . فالعرب كانوا - حتى موعد البعثة النبوية - قبائل متفرقة وأحلام مبعثرة ولم يتصوروا أبدا مقارعتهم لأقوى إمبراطوريتين في ذلك الزمان \"الروم\" و \"الفرس\". غير أن إيمانهم برسالتهم، وثقتهم بالتغلب عليهم، ارتفعت بفضل سلسلة من الأحاديث التنبؤية المدهشة مثل قوله لأصحابه: (إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها .. )، وقوله أيضاً: إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله).... وأيضا قوله: (إِنَّكُمْ سَتفتحُونَ مِصْرَ ، وَهِيَ أَرْضُ يُسَمَّى فِيهَا
الْقِيرَاطُ، فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا فَأَحْسِنُوا إِلى أَهْلِهَا ، فَإِنَّ هُمْ ذِمَةٍ وَرَحِمًا) ....
بل وذهب إلى أبعد من ذلك حين قال: لتفتحن القسطنطينية ولنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش) (وهذا الحديث بالذات استدعى محاولات كثيرة من الخلفاء الأمويين والعباسيين علهم ينالون شرف هذه النبوءة حتى تحققت على يد محمد الفاتح عام ٨٥٧هـ ) !!. ❝ ⏤فهد عامر الاحمدى
❞ أن الانجازات التاريخية العظيمة تقف خلفها شخصيات عظيمة غرزت في أتباعها الحلم والإيمان وإمكانية الانجاز. لاحظ - مثلا - كيف شكلت نبوءات المصطفى بالفتوحات التالية لوفاته دافعا لأصحابه باتجاه تحقيقها . فالعرب كانوا - حتى موعد البعثة النبوية - قبائل متفرقة وأحلام مبعثرة ولم يتصوروا أبدا مقارعتهم لأقوى إمبراطوريتين في ذلك الزمان ˝الروم˝ و ˝الفرس˝. غير أن إيمانهم برسالتهم، وثقتهم بالتغلب عليهم، ارتفعت بفضل سلسلة من الأحاديث التنبؤية المدهشة مثل قوله لأصحابه: (إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها . )، وقوله أيضاً: إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله).. وأيضا قوله: (إِنَّكُمْ سَتفتحُونَ مِصْرَ ، وَهِيَ أَرْضُ يُسَمَّى فِيهَا
الْقِيرَاطُ، فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا فَأَحْسِنُوا إِلى أَهْلِهَا ، فَإِنَّ هُمْ ذِمَةٍ وَرَحِمًا) ..
بل وذهب إلى أبعد من ذلك حين قال: لتفتحن القسطنطينية ولنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش) (وهذا الحديث بالذات استدعى محاولات كثيرة من الخلفاء الأمويين والعباسيين علهم ينالون شرف هذه النبوءة حتى تحققت على يد محمد الفاتح عام ٨٥٧هـ ) !!. ❝
❞ الحكمة في تكرار قصص الأنبياء في القرآن
وأما القصص : فهو ذكر أخبار الأنبياء المتقدمين وغيرهم؛ كقصة أصحاب الكهف، وذي القرنين، فإن قيل: ما الحكمة في تكرار قصص الأنبياء في القرآن؟ فالجواب من ثلاثة أوجه:
الأول: أنه ربما ذكر في سورة من أخبار الأنبياء ما لم يذكره في سورة أخرى، ففي كل واحدة منهما فائدة زائدة على الأخرى٠
الثاني: أنه ذكرت أخبار الأنبياء في مواضع على طريقة الإطناب، وفي مواضع على طريقة الإيجاز، لتظهر فصاحة القرآن في الطريقتين.
الثالث: أن أخار الأنبياء قصد بذكرها مقاصد فيتعدد ذكرها بتعدد تلك المقاصد، فمن المقاصد بها: إثبات نبوءة الأنبياء المتقدمين بذكر ما جرى على أيديهم من المعجرات، وذكر إهلاك من كذبهم بأنواع من الإهلاك، ومنها إثبات النبوءة لمحمد صلى الله عليه وسلم لإخباره بتلك الأخبار من غير تعلم من أحد.. ❝ ⏤محمد بن أحمد بن جزي الكلبي أبو القاسم
❞ الحكمة في تكرار قصص الأنبياء في القرآن
وأما القصص : فهو ذكر أخبار الأنبياء المتقدمين وغيرهم؛ كقصة أصحاب الكهف، وذي القرنين، فإن قيل: ما الحكمة في تكرار قصص الأنبياء في القرآن؟ فالجواب من ثلاثة أوجه:
الأول: أنه ربما ذكر في سورة من أخبار الأنبياء ما لم يذكره في سورة أخرى، ففي كل واحدة منهما فائدة زائدة على الأخرى٠
الثاني: أنه ذكرت أخبار الأنبياء في مواضع على طريقة الإطناب، وفي مواضع على طريقة الإيجاز، لتظهر فصاحة القرآن في الطريقتين.
الثالث: أن أخار الأنبياء قصد بذكرها مقاصد فيتعدد ذكرها بتعدد تلك المقاصد، فمن المقاصد بها: إثبات نبوءة الأنبياء المتقدمين بذكر ما جرى على أيديهم من المعجرات، وذكر إهلاك من كذبهم بأنواع من الإهلاك، ومنها إثبات النبوءة لمحمد صلى الله عليه وسلم لإخباره بتلك الأخبار من غير تعلم من أحد. ❝