❞ إنما الحياة بجوعها.
و شجرة الأنوثة بربيعها و خريفها.
و الزهور بتفتحها و ذبولها.
و الشمس بطلوعها و أفولها.
كلها رموز تتكلم بلسان الحال..
بأنها كلها قصاصات و عينات و عبوات صغيرة تشير الى عالم آخر فيه النماذج المثلى و الكمالات و الأصول لكل هذا الذي نرى أمامنا في صندوق الدنيا.. و كأنما يضع لنا الطاهي قطرة في ملعقة و يقول لنا ذوقوا.
و الحكيم هو الذي يذوق و يقول.. الله.. ما أحلى الطهو.. يذوق فقط و لا يفكر في أن يجلس ليأكل.. لأنه يعلم أن الدنيا مناسبة للتعرف.. و عينات للتذوق.. و عبور سريع في نفق أرضي من أنفاق المترو فيه صور و معروضات.. و كل حظ الراكب لفتة هنا و لفتة هناك.
- د. مصطفى محمود -- كتاب | أناشيد الإثم والبراءة. ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ إنما الحياة بجوعها.
و شجرة الأنوثة بربيعها و خريفها.
و الزهور بتفتحها و ذبولها.
و الشمس بطلوعها و أفولها.
كلها رموز تتكلم بلسان الحال.
بأنها كلها قصاصات و عينات و عبوات صغيرة تشير الى عالم آخر فيه النماذج المثلى و الكمالات و الأصول لكل هذا الذي نرى أمامنا في صندوق الدنيا. و كأنما يضع لنا الطاهي قطرة في ملعقة و يقول لنا ذوقوا.
و الحكيم هو الذي يذوق و يقول. الله. ما أحلى الطهو. يذوق فقط و لا يفكر في أن يجلس ليأكل. لأنه يعلم أن الدنيا مناسبة للتعرف. و عينات للتذوق. و عبور سريع في نفق أرضي من أنفاق المترو فيه صور و معروضات. و كل حظ الراكب لفتة هنا و لفتة هناك.
❞ السَّلامُ عليكَ يا صاحبي،
أقولُ لكَ: للهِ حكمة في كل إنسان يخلقه،
ومهما غابت هذه الحكمة عنك ثِقْ أنها موجودة فعلاً!
ولكن الله سبحانه إن لم يخبرنا عن الحكمة في خلق المخلوقات فلسببين رئيسيين:
الأول: أنه لا يُسأل عمَّا يفعل،
وهذه أول خطوات أدب العبد مع الرّب،
وبدونها لا يصِحُّ الإيمان،
أو لنقل أنه يصبحُ إيماناً أعرجَ!
الثاني: أن الله سبحانه أراد منا أن نُعمل عقولنا في حوادث التاريخ،
لنستشفَّ منها الدروس والعِبر!
أليس العصف الذهني، والتفكير الناقد،
وعدم تقديم الإجابات للمتعلمين إنما هو إفساح المجال لهم ليكتشفوها بأنفسهم من أُسس التربية الحديثة؟!
فلماذا نمدحها عند الناس، ونُشكك بها عند الله والعياذ بوجهه الكريم أن نُشككَ فيه!
فتقول لي: لستُ أشكك أبداً وإنما أحاول أن أفهم!
فأقولُ: يا صديقي إن محاولة الفهم هذه عبادة بحدِّ ذاتها،
ولكني أشعرُ أنكَ ترمي إلى شخصٍ بعينه!
فتجيبني قائلاً: لستُ أرمي إلى شخصٍ بعينه، ولكن بما أنكَ سألتَ، فأخبرني مثلاً عن الحكمة في خلق شخصٍ طاغية كفرعون!
يا صاحبي،
إنَّ فرعون أحد أهم النماذج التي تُضربُ على حكمة الله سبحانه في الخلق!
لولا فرعون وأمثاله لما فهمنا سُنّة الابتلاء!
ابتلاء القوي بالسلطة والجاه والسلطان،
وابتلاء الضعيف بالصبر والمجاهدة!
دون فرعون وأمثاله لن ندرك كيف أرخى الحبل للناس ليعبدوه أو يعصوه باختيارهم!
فلو جبرَ الله تعالى الناس على طاعته،
فأيُّ شيءٍ يبقى من امتحان الدنيا؟
كيف سيرسب الناس أو ينجحوا ما لم يكن لهم إرادة حُرَّة على أفعالهم؟
المُكره لا امتحان له،
والمُجبر عاجزٌ لا يُسأل!
مدُّ اللهِ الظالم بالقوة هو من باب إقامة الحُجة عليه،
وعدم تدخل الله لرفع الظلم عن المظلوم عند وقوع الظلم مباشرة،
ضروري لامتحان الصبر ومجاهدة الظلمة!
يا صاحبي،
لولا فرعون ما كان لنا أن نعرف
أنَّ الإنسان أعجز من أن يُغيِّر قدر الله!
فعندما رأى فرعون في منامه ناراً عظيمة تلاحقه في قصره،
وعبَّر له المفسرون ذلكَ بغلام يولد في بني إسرائيل يكون زوال ملكه على يديه،
فأصدر أمراً بذبح كل المواليد الذكور في بني إسرائيل،
بقيَ يذبحُ أعواماً طويلة،
ولكن عندما وُلد موسى عليه السلام رباه في قصره رغماً عنه،
هذا لنعرف أن قدر الله نافذٌ لا محالة!
يا صاحبي،
لولا فرعون ما كان لنا أن نعرف أن القلوب بيد الله يُعلِّقها أو يصرفها كيف يشاء!
تخيَّلْ تلك اللحظة التي رأت آسيا بنت مزاحم
الصندوق الخشبي يتهادى على مياه النيل،
فأمرتْ الحرس أن يأتوها به،
فلما فتحته ورأتْ موسى عليه السلام فيه ألقى الله تعالى محبّته في قلبها!
هذه المحبَّة هي التي حالت بين رقبة موسى عليه السلام وسكيّن الذبح!
ولنعرف أيضاً أن الجزاء من جنس العمل،
أم موسى التي حُرمتْ ابنها أول الأمر تنفيذاً لأمر الله،
جعل الله سبحانه لابنها أماً ثانية تخلفها فيه!
يا صاحبي،
لولا فرعون ما كان لنا أن نعرف أنه بإمكان أحدٍ أن يُفسد أحداً،
ولتذرعنا في ضلالنا وفسادنا بالبيئة والظروف،
ولكن جعل الله آسيا زوجة فرعون حُجَّةً على الناس كي لا يتعللوا بشريك العمر!
في قصر واحد كان الزوج يقول: أنا ربكم الأعلى،
والزوجة تسجد وتقول: سبحان ربي الأعلى!
أرأيتَ الآن حكمة الله البالغة؟!
يا صاحبي،
لولا فرعون ما كان لنا أن نعرف أن البيوت أسرار،
وأن الزوجين قد يعيشا تحت سقف واحد،
ويجمعهما سرير واحد،
ولكن المسافة بينهما تكون أبعد مما بين السماء والأرض!
تخيَّلْ معي هذه المفارقة،
أحد أشهر الكفار في التاريخ،
هو زوج إحدى أشهر المؤمنات في التاريخ!
يا صاحبي،
ليست المسافات هي التي تُقرب الناس أو تبعدهم،
وحدها القلوب هي التي تفعل!
يا صاحبي،
لولا فرعون ما كان لنا أن نعرف
أن الإخوة والأخوات يكونون أحياناً قطعاً من القلب،
وحين ألقت أم موسى رضيعها في النهر وجلستْ تدعو،
كانت أخته تركضُ خلف الصندوق تريدُ أن تعرف أين يلقيه اليم!
وحين رفضَ المراضعَ كلها ارتدتْ ثياب الناصحين،
تدلهم على أهل بيتٍ يكفلونه لهم،
كانت هي سبباً في أن عاد موسى عليه السلام إلى حضن أمه!
وعندما شرَّف الله تعالى موسى عليه السلام بالنبوة،
كان مما قاله موسى عليه السلام ﴿وأَخِي هَارُونُ هوَ أَفصَحُ منِّي لِسَانًا ﴾
إنه لم يتحرَّج من أن يذكر النقطة التي يتفوق بها أخوه عليه!
الدم لا يصير ماءً يا صاحبي!
يا صاحبي،
لولا فرعون ما كان لنا أن نعرف
أن العبيد هم الذين يصنعون جلاديهم،
﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوه﴾
لما رآهم قد أحنوا ظهورهم له امتطاهم،
فالطاغية لا يصبح طاغية من تلقاء نفسه،
وإنما جموع العبيد حوله هي التي تصنع طغيانه!
أرأيتَ كم كان مهماً أن يأتي فرعون لنفهم سُنة الله في الحياة!
والسلام لقلبكَ. ❝ ⏤أدهم شرقاوي
❞ السَّلامُ عليكَ يا صاحبي،
أقولُ لكَ: للهِ حكمة في كل إنسان يخلقه،
ومهما غابت هذه الحكمة عنك ثِقْ أنها موجودة فعلاً!
ولكن الله سبحانه إن لم يخبرنا عن الحكمة في خلق المخلوقات فلسببين رئيسيين:
الأول: أنه لا يُسأل عمَّا يفعل،
وهذه أول خطوات أدب العبد مع الرّب،
وبدونها لا يصِحُّ الإيمان،
أو لنقل أنه يصبحُ إيماناً أعرجَ!
الثاني: أن الله سبحانه أراد منا أن نُعمل عقولنا في حوادث التاريخ،
لنستشفَّ منها الدروس والعِبر!
أليس العصف الذهني، والتفكير الناقد،
وعدم تقديم الإجابات للمتعلمين إنما هو إفساح المجال لهم ليكتشفوها بأنفسهم من أُسس التربية الحديثة؟!
فلماذا نمدحها عند الناس، ونُشكك بها عند الله والعياذ بوجهه الكريم أن نُشككَ فيه!
فتقول لي: لستُ أشكك أبداً وإنما أحاول أن أفهم!
فأقولُ: يا صديقي إن محاولة الفهم هذه عبادة بحدِّ ذاتها،
ولكني أشعرُ أنكَ ترمي إلى شخصٍ بعينه!
فتجيبني قائلاً: لستُ أرمي إلى شخصٍ بعينه، ولكن بما أنكَ سألتَ، فأخبرني مثلاً عن الحكمة في خلق شخصٍ طاغية كفرعون!
يا صاحبي،
إنَّ فرعون أحد أهم النماذج التي تُضربُ على حكمة الله سبحانه في الخلق!
لولا فرعون وأمثاله لما فهمنا سُنّة الابتلاء!
ابتلاء القوي بالسلطة والجاه والسلطان،
وابتلاء الضعيف بالصبر والمجاهدة!
دون فرعون وأمثاله لن ندرك كيف أرخى الحبل للناس ليعبدوه أو يعصوه باختيارهم!
فلو جبرَ الله تعالى الناس على طاعته،
فأيُّ شيءٍ يبقى من امتحان الدنيا؟
كيف سيرسب الناس أو ينجحوا ما لم يكن لهم إرادة حُرَّة على أفعالهم؟
المُكره لا امتحان له،
والمُجبر عاجزٌ لا يُسأل!
مدُّ اللهِ الظالم بالقوة هو من باب إقامة الحُجة عليه،
وعدم تدخل الله لرفع الظلم عن المظلوم عند وقوع الظلم مباشرة،
ضروري لامتحان الصبر ومجاهدة الظلمة!
يا صاحبي،
لولا فرعون ما كان لنا أن نعرف
أنَّ الإنسان أعجز من أن يُغيِّر قدر الله!
فعندما رأى فرعون في منامه ناراً عظيمة تلاحقه في قصره،
وعبَّر له المفسرون ذلكَ بغلام يولد في بني إسرائيل يكون زوال ملكه على يديه،
فأصدر أمراً بذبح كل المواليد الذكور في بني إسرائيل،
بقيَ يذبحُ أعواماً طويلة،
ولكن عندما وُلد موسى عليه السلام رباه في قصره رغماً عنه،
هذا لنعرف أن قدر الله نافذٌ لا محالة!
يا صاحبي،
لولا فرعون ما كان لنا أن نعرف أن القلوب بيد الله يُعلِّقها أو يصرفها كيف يشاء!
تخيَّلْ تلك اللحظة التي رأت آسيا بنت مزاحم
الصندوق الخشبي يتهادى على مياه النيل،
فأمرتْ الحرس أن يأتوها به،
فلما فتحته ورأتْ موسى عليه السلام فيه ألقى الله تعالى محبّته في قلبها!
هذه المحبَّة هي التي حالت بين رقبة موسى عليه السلام وسكيّن الذبح!
ولنعرف أيضاً أن الجزاء من جنس العمل،
أم موسى التي حُرمتْ ابنها أول الأمر تنفيذاً لأمر الله،
جعل الله سبحانه لابنها أماً ثانية تخلفها فيه!
يا صاحبي،
لولا فرعون ما كان لنا أن نعرف أنه بإمكان أحدٍ أن يُفسد أحداً،
ولتذرعنا في ضلالنا وفسادنا بالبيئة والظروف،
ولكن جعل الله آسيا زوجة فرعون حُجَّةً على الناس كي لا يتعللوا بشريك العمر!
في قصر واحد كان الزوج يقول: أنا ربكم الأعلى،
والزوجة تسجد وتقول: سبحان ربي الأعلى!
أرأيتَ الآن حكمة الله البالغة؟!
يا صاحبي،
لولا فرعون ما كان لنا أن نعرف أن البيوت أسرار،
وأن الزوجين قد يعيشا تحت سقف واحد،
ويجمعهما سرير واحد،
ولكن المسافة بينهما تكون أبعد مما بين السماء والأرض!
تخيَّلْ معي هذه المفارقة،
أحد أشهر الكفار في التاريخ،
هو زوج إحدى أشهر المؤمنات في التاريخ!
يا صاحبي،
ليست المسافات هي التي تُقرب الناس أو تبعدهم،
وحدها القلوب هي التي تفعل!
يا صاحبي،
لولا فرعون ما كان لنا أن نعرف
أن الإخوة والأخوات يكونون أحياناً قطعاً من القلب،
وحين ألقت أم موسى رضيعها في النهر وجلستْ تدعو،
كانت أخته تركضُ خلف الصندوق تريدُ أن تعرف أين يلقيه اليم!
وحين رفضَ المراضعَ كلها ارتدتْ ثياب الناصحين،
تدلهم على أهل بيتٍ يكفلونه لهم،
كانت هي سبباً في أن عاد موسى عليه السلام إلى حضن أمه!
وعندما شرَّف الله تعالى موسى عليه السلام بالنبوة،
كان مما قاله موسى عليه السلام ﴿وأَخِي هَارُونُ هوَ أَفصَحُ منِّي لِسَانًا ﴾ إنه لم يتحرَّج من أن يذكر النقطة التي يتفوق بها أخوه عليه!
الدم لا يصير ماءً يا صاحبي!
يا صاحبي،
لولا فرعون ما كان لنا أن نعرف
أن العبيد هم الذين يصنعون جلاديهم،
﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوه﴾ لما رآهم قد أحنوا ظهورهم له امتطاهم،
فالطاغية لا يصبح طاغية من تلقاء نفسه،
وإنما جموع العبيد حوله هي التي تصنع طغيانه!
أرأيتَ كم كان مهماً أن يأتي فرعون لنفهم سُنة الله في الحياة!
والسلام لقلبكَ. ❝
❞ إن إنتاج النماذج الأولية من الأعمال هي طريقة يمكن أن يكون الفشل خلالها مثمرا. فهذه العملية تسمح باختبار المناهج الجديدة وتجربتها دون التعرض لمخاطر وآثار فشل كبير وغير مقيّد. فالوقوع في إخفاقات صغيرة بسرعة قد يؤدي إلى التطور الإيجابي من خلال ضمان وجود سلسلة من التحسينات الإضافية.. ❝ ⏤أندرو جرانت
❞ إن إنتاج النماذج الأولية من الأعمال هي طريقة يمكن أن يكون الفشل خلالها مثمرا. فهذه العملية تسمح باختبار المناهج الجديدة وتجربتها دون التعرض لمخاطر وآثار فشل كبير وغير مقيّد. فالوقوع في إخفاقات صغيرة بسرعة قد يؤدي إلى التطور الإيجابي من خلال ضمان وجود سلسلة من التحسينات الإضافية. ❝