❞ الصمد هو أن تصمد إليه الخلائق، أي تلجأ إليه، وهو أجلّ معاني هذا الأسم، هو المقصود في الرغائب، المستغاث به عند المصائب، والمفزوع إليه وقت النوائب.. ❝ ⏤على بن جابر الفيفى
❞ الصمد هو أن تصمد إليه الخلائق، أي تلجأ إليه، وهو أجلّ معاني هذا الأسم، هو المقصود في الرغائب، المستغاث به عند المصائب، والمفزوع إليه وقت النوائب. ❝
❞ *\"عذاب الهدوء\"*
بُعَيْد شروق الشمس الذي يستحوذ على سطح الأرض بأكمله، يتطاير الهواء من حولي مُعلنًا ألمًا جديدًا، وكأن كل شيءٍ يتحالف على شتات روحي وتألمها، في ليلةٍ من ليالي الصيف التي يسودها القيظ المُهلك، وبالرغم من ذلك فالرياح تكاد تقتلع الجدران، حين بزوغ الشمس بلونها الذي يتراوح ما بين الأصفر والبرتقالي وسط السماء المُلبدة التي تمتزج ألوانها مع لون البحر الصافي، أمواجٌ تضطرب مع بعضها، وكأنها تتصارع على الوصولِ، قلبٌ يجهش ويبكي خنقةً وكأن هناك من يمزقه في وسط الهدوء، أسيرُ جسدًا بلا روحِ، مزيجٌ بين الهدوءِ الذي يستحوذ على المكانِ والانقلاب الذي يعتريني، صراعٌ دام طويلًا بين عقلي وقلبي وكأن الهدوء صار مُعذبي، أغمض عيناي لأحصل على قسطٍ من الراحة؛ كي أستكمل طريقي خالية من القهرِ، بعيدةٌ عن تلك الذكريات التي تنهش في روحي وتمزقها إلى قطعٍ لا تُرى بالعين المجردة، أتذكر تلك الحادثة التي تركت أثرًا بداخلي، أخطو خطوة تلو الأخرى شاردةَ الذهن، منفصلةٌ عن العالم بأكمله، حتى توقفت وسط البحر بين الأمواج والصخور الرمادية العالية، أشعر بالحطام ولكنني لم أستسلم لقدمي المترددةِ في السير، حتى كادت تحدفني أرضًا، نظرت إلى تلك الصخور لأذهب بفكري إلى أيام الماضي، حينما كُنت ألجأ إليها وأحدثها عن تلك النوائب التي تحدث معي، أرى الانشقاق فيها وكأنها تواسيني عندما أرى خيالها في المياه التي تتجانس ألوانها مع أشعة الشمس، فتعطيها رونقًا جذابًا، لأرتقي بنظري مرةً أخرة إلى السماء التي تُعلن عن عاصفةٍ حتمًا ستدمر كل شيءٍ حولي، أنظر هنا وهناك لأجد ما أحتمي به من عقلي، حتى وصل بي الأمر إلى التحامل على قدمي؛ لأسير من جديدٍ نحو مستقبلٍ مجهول، وأحظى بالهدوء النفسي وأتناسى ما يرهقني؛ لأعيش في سلامٍ تام غير مُباليةٍ لأحد.
لـ/ إنجي محمد \"بنت الأزهر\". ❝ ⏤گ/انجى محمد \"أنجين\"
❞*˝عذاب الهدوء˝*
بُعَيْد شروق الشمس الذي يستحوذ على سطح الأرض بأكمله، يتطاير الهواء من حولي مُعلنًا ألمًا جديدًا، وكأن كل شيءٍ يتحالف على شتات روحي وتألمها، في ليلةٍ من ليالي الصيف التي يسودها القيظ المُهلك، وبالرغم من ذلك فالرياح تكاد تقتلع الجدران، حين بزوغ الشمس بلونها الذي يتراوح ما بين الأصفر والبرتقالي وسط السماء المُلبدة التي تمتزج ألوانها مع لون البحر الصافي، أمواجٌ تضطرب مع بعضها، وكأنها تتصارع على الوصولِ، قلبٌ يجهش ويبكي خنقةً وكأن هناك من يمزقه في وسط الهدوء، أسيرُ جسدًا بلا روحِ، مزيجٌ بين الهدوءِ الذي يستحوذ على المكانِ والانقلاب الذي يعتريني، صراعٌ دام طويلًا بين عقلي وقلبي وكأن الهدوء صار مُعذبي، أغمض عيناي لأحصل على قسطٍ من الراحة؛ كي أستكمل طريقي خالية من القهرِ، بعيدةٌ عن تلك الذكريات التي تنهش في روحي وتمزقها إلى قطعٍ لا تُرى بالعين المجردة، أتذكر تلك الحادثة التي تركت أثرًا بداخلي، أخطو خطوة تلو الأخرى شاردةَ الذهن، منفصلةٌ عن العالم بأكمله، حتى توقفت وسط البحر بين الأمواج والصخور الرمادية العالية، أشعر بالحطام ولكنني لم أستسلم لقدمي المترددةِ في السير، حتى كادت تحدفني أرضًا، نظرت إلى تلك الصخور لأذهب بفكري إلى أيام الماضي، حينما كُنت ألجأ إليها وأحدثها عن تلك النوائب التي تحدث معي، أرى الانشقاق فيها وكأنها تواسيني عندما أرى خيالها في المياه التي تتجانس ألوانها مع أشعة الشمس، فتعطيها رونقًا جذابًا، لأرتقي بنظري مرةً أخرة إلى السماء التي تُعلن عن عاصفةٍ حتمًا ستدمر كل شيءٍ حولي، أنظر هنا وهناك لأجد ما أحتمي به من عقلي، حتى وصل بي الأمر إلى التحامل على قدمي؛ لأسير من جديدٍ نحو مستقبلٍ مجهول، وأحظى بالهدوء النفسي وأتناسى ما يرهقني؛ لأعيش في سلامٍ تام غير مُباليةٍ لأحد.
❞ وكان من هديه ﷺ إذا علم من الرجل أنه من أهل الزكاة أعطاه ، وإن سأله أحد من أهل الزكاة ولم يعرف حاله ، أعطاه بعد أن يخبره أنه لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب ، وكان يأخذها من أهلها ويضعها في حقها ، وكان من هديه ﷺ تفريق الزكاة على المستحقين الذين في بلد المال ، وما فضل عنهم منها حُملت إليه ، ففرقها هو ، ولذلك كان يبعث سعاته إلى البوادي ، ولم يكن يبعثهم إلى القُرى ، بل أمر معاذ بن جبل أن يأخذ الصدقة من أغنياء أهل اليمن ، ويُعطيها فقراءهم ، ولم يأمره بحملها إليه ، ولم يكن من هديه ﷺ أن يبعث سعاته إلَّا إلى أهل الأموال الظاهرة من المواشي والزروع والثمار ، وكان يبعث الخارِصَ فيخرص على أرباب النخيل تمر نخيلهم ، وينظر كم يجيء منه وَسْقاً ، فَيَحْسِبُ عليهم من الزكاة بقدره ، وكان يأمر الخَارِصَ أن يدع لهم الثلث أو الربع ، فلا يخرصه عليهم لما يعروُ النخيل من النوائب ، وكان هذا الخرصُ لكي تُحصى الزكاة قبل أن تؤكل الثمارُ وتُصْرَمَ ، وليتصرف فيها أربابها بما شاؤوا ، ويضمنوا قدر الزكاة ، ولذلك كان يبعث الخارِصَ إلى من ساقاه من أهل خيبر وزارعه فيخرص عليهم الثمار والزروع ، ويُضمِّنُهم شطرها ، وكان يبعث إليهم عبد الله بن رواحة ، فأرادوا أن يَرشُوه ، فقال عبد الله : تُطعموني السُّحتَ ؟! والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إليَّ ، ولأنتُم أبغض إليَّ من عِدَّتِكم من القردة والخنازير ، ولا يحملني بغضي لكم وحُبي إياه ، أن لا أعدل عليكم ، فقالوا : بهذا قامت السماوات والأرض ، ولم يكن من هديه ﷺ أخذ الزكاة من الخيل ، والرقيق ، ولا البغال ولا الحمير ، ولا الخضراوات ولا المباطخ والمقاتي والفواكه التي لا تكال ولا تدَّخر ، إلَّا العنب والرُّطب فإنه كان يأخذ الزكاة منه جملة ولم يفرق بين ما يبس منه وما لم ييبس ، واُختلف عنه في العسل ، وكان ﷺ إذا جاءه الرجل بالزكاة دعا له فتارة يقول ( اللَّهُمَّ بَارِك فيه وفي إبله ) ، وتارة يقول ( اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ ) ، ولم يكن من هديه ﷺ أخذ كرائم الأموال في الزكاة ، بل وسط المال ، ولهذا نهى معاذا عن ذلك ، وكان ﷺ ينهى المتصدق أن يشتري صدقته ، وكان يبيح للغني أن يأكل من الصدقة إذا أهداها إليه الفقير ، وأكل ﷺ من لحم تُصدِّقَ به على بريرة وقال ( هوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ ولنا مِنْها هَدِية ) ، وكان ﷺ أحياناً يستدين لمصالح المسلمين على الصدقة ، كما جهز جيشاً فَنَفِدَتِ الإبل ، فأمر عبد الله بن عمرو أن يأخذ من قلائص الصدقة ، وكان ﷺ يَسِمُ إبل الصَّدَقَةِ بيده ، وكان ﷺ يَسِمُها في آذانها . وكان ﷺ إذا عراه أمر ، استسلف الصدقة من أربابها ، كما استسلف من العباس رضي الله عنه صدقة عامين. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وكان من هديه ﷺ إذا علم من الرجل أنه من أهل الزكاة أعطاه ، وإن سأله أحد من أهل الزكاة ولم يعرف حاله ، أعطاه بعد أن يخبره أنه لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب ، وكان يأخذها من أهلها ويضعها في حقها ، وكان من هديه ﷺ تفريق الزكاة على المستحقين الذين في بلد المال ، وما فضل عنهم منها حُملت إليه ، ففرقها هو ، ولذلك كان يبعث سعاته إلى البوادي ، ولم يكن يبعثهم إلى القُرى ، بل أمر معاذ بن جبل أن يأخذ الصدقة من أغنياء أهل اليمن ، ويُعطيها فقراءهم ، ولم يأمره بحملها إليه ، ولم يكن من هديه ﷺ أن يبعث سعاته إلَّا إلى أهل الأموال الظاهرة من المواشي والزروع والثمار ، وكان يبعث الخارِصَ فيخرص على أرباب النخيل تمر نخيلهم ، وينظر كم يجيء منه وَسْقاً ، فَيَحْسِبُ عليهم من الزكاة بقدره ، وكان يأمر الخَارِصَ أن يدع لهم الثلث أو الربع ، فلا يخرصه عليهم لما يعروُ النخيل من النوائب ، وكان هذا الخرصُ لكي تُحصى الزكاة قبل أن تؤكل الثمارُ وتُصْرَمَ ، وليتصرف فيها أربابها بما شاؤوا ، ويضمنوا قدر الزكاة ، ولذلك كان يبعث الخارِصَ إلى من ساقاه من أهل خيبر وزارعه فيخرص عليهم الثمار والزروع ، ويُضمِّنُهم شطرها ، وكان يبعث إليهم عبد الله بن رواحة ، فأرادوا أن يَرشُوه ، فقال عبد الله : تُطعموني السُّحتَ ؟! والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إليَّ ، ولأنتُم أبغض إليَّ من عِدَّتِكم من القردة والخنازير ، ولا يحملني بغضي لكم وحُبي إياه ، أن لا أعدل عليكم ، فقالوا : بهذا قامت السماوات والأرض ، ولم يكن من هديه ﷺ أخذ الزكاة من الخيل ، والرقيق ، ولا البغال ولا الحمير ، ولا الخضراوات ولا المباطخ والمقاتي والفواكه التي لا تكال ولا تدَّخر ، إلَّا العنب والرُّطب فإنه كان يأخذ الزكاة منه جملة ولم يفرق بين ما يبس منه وما لم ييبس ، واُختلف عنه في العسل ، وكان ﷺ إذا جاءه الرجل بالزكاة دعا له فتارة يقول ( اللَّهُمَّ بَارِك فيه وفي إبله ) ، وتارة يقول ( اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ ) ، ولم يكن من هديه ﷺ أخذ كرائم الأموال في الزكاة ، بل وسط المال ، ولهذا نهى معاذا عن ذلك ، وكان ﷺ ينهى المتصدق أن يشتري صدقته ، وكان يبيح للغني أن يأكل من الصدقة إذا أهداها إليه الفقير ، وأكل ﷺ من لحم تُصدِّقَ به على بريرة وقال ( هوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ ولنا مِنْها هَدِية ) ، وكان ﷺ أحياناً يستدين لمصالح المسلمين على الصدقة ، كما جهز جيشاً فَنَفِدَتِ الإبل ، فأمر عبد الله بن عمرو أن يأخذ من قلائص الصدقة ، وكان ﷺ يَسِمُ إبل الصَّدَقَةِ بيده ، وكان ﷺ يَسِمُها في آذانها . وكان ﷺ إذا عراه أمر ، استسلف الصدقة من أربابها ، كما استسلف من العباس رضي الله عنه صدقة عامين. ❝
❞ أنتِ أيضاً صحابيَّة!
تخيّلي معي هذا المشهد، وعيشيه بقلبكِ وروحكِ؛
جالسةٌ أنتِ مع النبيِّ ﷺ
تُكحلين عينيكِ برؤية وجهه ﷺ
تفتحين قلبكِ على مصراعيه لتسمعي حديثه ﷺ
فالحبيبُ ﷺ يُسمعُ بالقلب لا بالأذن!
وتمرُّ جنازة فيثني الصحابة عليها خيراً،
لربما تسمعينهم يقولون:
كان هذا الميت صديقاً وفياً، وزوجاً مُحبّاً،
وابناً باراً، وجاراً كريماً،
كان يتصدَّقُ على المساكين،
ويسدُّ دَيْن المدينين،
كان يجبرُ الخواطرُ، ويربتُ على الأكتاف،
كثيراً ما مسح دمعة حزين،
ومدَّ يد المساعدة لمتعثر،
كان صديقاً للمصحف،
ومشَّاءً إلى المساجد!
فقال النبيُّ ﷺ: وجبتْ!
ومضى وقت قصير ومرَّتْ جنازة أخرى،
فأثنى الصحابة عليها شرّاً!
لربما تسمعينهم يقولون:
كان هذا الميت صديقاً غادراً، وزوجاً قاسياً،
وابناً عاقاً، وجاراً لا يُؤتمن،
لم يتصدّقْ يوماً على مسكين،
كان يكسرُ الخواطر بأفعاله،
ويجرح الكرامات بأقواله،
كان هاجر للقرآن، ولا تعرف قدماه طريق المسجد!
فقال النبيُّ ﷺ: وجبتْ!
فسأله الصحابة: ما وجبتْ يا رسول الله؟
فقال: من أثنيتم عليه خيراً وجبتْ له الجنة،
ومن أثنيتم عليه شرّاً وجبتْ له النار،
أنتم شهداء الله في الأرض!
أما الآنَ وقد سمعتِ كل هذا،
وعرفتِ أنكِ ستُحملين يوماً على الأكتاف إلى قبركِ،
وأن الناس الذين تتعاملين معهم اليوم،
هم شُهداء الله في الأرض،
فأصلحي شُهودكِ!
كوني ابنةً بارَّةً،
حتى إذا متِّ قال أبواكِ:
اللهمَّ ارحمْ بنتاً جبرتْ خواطرنا
وأحسنتْ معاملتنا
كانت تغضُّ صوتها، وتنتقي كلامها
وتُسابق جميع أخواتها في رضانا!
كوني زوجةً مُحبَّة،
حتى إذا متِّ قال زوجكِ:
اللهم ارحمْ زوجةً أحبتني كروحها،
صانتْ عِرضي، وأنارتْ بيتي،
عطفتْ على أولادي، واحترمتْ أهلي،
اللهم إنها كانتْ صابرة في الضَّراء،
شاكرة في السَّراء،
فاجعلْ قبرها روضةً من رياض الجنّة!
كوني أُماً رؤوماً،
حتى إذا متِّ قال أولادكِ:
اللهم ارحمْ أُماً حنوناً، وقلباً عطوفاً،
أفنتْ عمرها في سبيلنا، وقدمتنا على نفسها،
أمرتنا بالصلاة، ولاحقتنا على الصيام، وحفَّظتنا القرآن،
اللهمَّ إنها لم تُميِّزْ بيننا،
ولم توغر صدورنا على بعضٍ،
وتركتنا بعدها إخوة متحابين،
فاللهمَّ أكرِمْ نُزلها، وأنِرْ قبرها!
كوني أُختاً طيِّبة،
حتى إذا متِّ قال إخوتكِ:
اللهمَّ إنها كانتْ شقيقة الروح وقطعة القلب،
وصلتْنا حين قطعناها،
وأعطتنا حين منعناها،
ما سمعنا منها إلا خيراً، وما رأينا منها إلا خيراً
فاللهمَّ اجعلْ قبرها روضةً من رياض الجنَّة!
كوني كنَّةً حنوناً،
حتى إذا متِّ قالتْ حماتكِ:
اللهمَّ إنها كانتْ لي ابنةً أكثر من بناتي،
جبرتْ خاطري، وراعتْ مشاعري،
وأعانتْ ابني على برِّي،
اللهم كُنْ بها رحيماً كما كانتْ بي رحيمة!
كوني حماةً طيِّبة،
حتى إذا متِّ قالتْ كنتُكِ:
اللهمَّ إنها كانت لي أُماً مع أمي،
ساندتني حين ضعفتُ،
وواستني حين حزنتُ،
وأمرتْ ابنها بحُسن معاملتي،
ولم تُفضِّل أولاد غيري على أولادي،
اللهمَّ عاملها اليوم بما يليقُ بكرمكَ!
كوني جارةً مُحبَّة،
حتى إذا متِّ قالتْ جارتكِ:
اللهمَّ إنها كانت لي أُختاً
كانتْ في المصائب كتفاً
وفي النوائب عكازاً
ما كشفتْ لنا سراً،
ولا هتكتْ لنا عِرضاً،
كانتْ تزورُ مريضنا، وتُعزي في ميّتنا،
تُهدينا الطعام، وتُلقي علينا السَّلام،
فاللهم كُن لها جاراً وجواراً!
كوني صديقةً مأمونة،
حتى إذا متِّ قالتْ صديقتكِ:
اللهمَّ إنها كانتْ من نِعمكَ عليَّ،
كانتْ تُذكرني بكَ، وتحثني على طاعتكَ،
أهدتني مصحفاً هو رفيقي،
وسُبحةً هي دوماً في يدي،
لم تُفشِ لي سرِّاً،
كنتُ إذا اعوججتُ باللطفِ قوَّمتني،
وإن حزنتُ واستني في حزني،
وإن فرحتُ شاركتني في فرحي،
اللهمَّ إنها فتحتْ لي قلبها وبيتها،
فابنِ لها بيتاً في الجنة!. ❝ ⏤أدهم شرقاوي
❞ أنتِ أيضاً صحابيَّة!
تخيّلي معي هذا المشهد، وعيشيه بقلبكِ وروحكِ؛
جالسةٌ أنتِ مع النبيِّ ﷺ
تُكحلين عينيكِ برؤية وجهه ﷺ
تفتحين قلبكِ على مصراعيه لتسمعي حديثه ﷺ
فالحبيبُ ﷺ يُسمعُ بالقلب لا بالأذن!
وتمرُّ جنازة فيثني الصحابة عليها خيراً،
لربما تسمعينهم يقولون:
كان هذا الميت صديقاً وفياً، وزوجاً مُحبّاً،
وابناً باراً، وجاراً كريماً،
كان يتصدَّقُ على المساكين،
ويسدُّ دَيْن المدينين،
كان يجبرُ الخواطرُ، ويربتُ على الأكتاف،
كثيراً ما مسح دمعة حزين،
ومدَّ يد المساعدة لمتعثر،
كان صديقاً للمصحف،
ومشَّاءً إلى المساجد!
فقال النبيُّ ﷺ: وجبتْ!
ومضى وقت قصير ومرَّتْ جنازة أخرى،
فأثنى الصحابة عليها شرّاً!
لربما تسمعينهم يقولون:
كان هذا الميت صديقاً غادراً، وزوجاً قاسياً،
وابناً عاقاً، وجاراً لا يُؤتمن،
لم يتصدّقْ يوماً على مسكين،
كان يكسرُ الخواطر بأفعاله،
ويجرح الكرامات بأقواله،
كان هاجر للقرآن، ولا تعرف قدماه طريق المسجد!
فقال النبيُّ ﷺ: وجبتْ!
فسأله الصحابة: ما وجبتْ يا رسول الله؟
فقال: من أثنيتم عليه خيراً وجبتْ له الجنة،
ومن أثنيتم عليه شرّاً وجبتْ له النار،
أنتم شهداء الله في الأرض!
أما الآنَ وقد سمعتِ كل هذا،
وعرفتِ أنكِ ستُحملين يوماً على الأكتاف إلى قبركِ،
وأن الناس الذين تتعاملين معهم اليوم،
هم شُهداء الله في الأرض،
فأصلحي شُهودكِ!
كوني ابنةً بارَّةً،
حتى إذا متِّ قال أبواكِ:
اللهمَّ ارحمْ بنتاً جبرتْ خواطرنا
وأحسنتْ معاملتنا
كانت تغضُّ صوتها، وتنتقي كلامها
وتُسابق جميع أخواتها في رضانا!
كوني زوجةً مُحبَّة،
حتى إذا متِّ قال زوجكِ:
اللهم ارحمْ زوجةً أحبتني كروحها،
صانتْ عِرضي، وأنارتْ بيتي،
عطفتْ على أولادي، واحترمتْ أهلي،
اللهم إنها كانتْ صابرة في الضَّراء،
شاكرة في السَّراء،
فاجعلْ قبرها روضةً من رياض الجنّة!
كوني أُماً رؤوماً،
حتى إذا متِّ قال أولادكِ:
اللهم ارحمْ أُماً حنوناً، وقلباً عطوفاً،
أفنتْ عمرها في سبيلنا، وقدمتنا على نفسها،
أمرتنا بالصلاة، ولاحقتنا على الصيام، وحفَّظتنا القرآن،
اللهمَّ إنها لم تُميِّزْ بيننا،
ولم توغر صدورنا على بعضٍ،
وتركتنا بعدها إخوة متحابين،
فاللهمَّ أكرِمْ نُزلها، وأنِرْ قبرها!
كوني أُختاً طيِّبة،
حتى إذا متِّ قال إخوتكِ:
اللهمَّ إنها كانتْ شقيقة الروح وقطعة القلب،
وصلتْنا حين قطعناها،
وأعطتنا حين منعناها،
ما سمعنا منها إلا خيراً، وما رأينا منها إلا خيراً
فاللهمَّ اجعلْ قبرها روضةً من رياض الجنَّة!
كوني كنَّةً حنوناً،
حتى إذا متِّ قالتْ حماتكِ:
اللهمَّ إنها كانتْ لي ابنةً أكثر من بناتي،
جبرتْ خاطري، وراعتْ مشاعري،
وأعانتْ ابني على برِّي،
اللهم كُنْ بها رحيماً كما كانتْ بي رحيمة!
كوني حماةً طيِّبة،
حتى إذا متِّ قالتْ كنتُكِ:
اللهمَّ إنها كانت لي أُماً مع أمي،
ساندتني حين ضعفتُ،
وواستني حين حزنتُ،
وأمرتْ ابنها بحُسن معاملتي،
ولم تُفضِّل أولاد غيري على أولادي،
اللهمَّ عاملها اليوم بما يليقُ بكرمكَ!
كوني جارةً مُحبَّة،
حتى إذا متِّ قالتْ جارتكِ:
اللهمَّ إنها كانت لي أُختاً
كانتْ في المصائب كتفاً
وفي النوائب عكازاً
ما كشفتْ لنا سراً،
ولا هتكتْ لنا عِرضاً،
كانتْ تزورُ مريضنا، وتُعزي في ميّتنا،
تُهدينا الطعام، وتُلقي علينا السَّلام،
فاللهم كُن لها جاراً وجواراً!
كوني صديقةً مأمونة،
حتى إذا متِّ قالتْ صديقتكِ:
اللهمَّ إنها كانتْ من نِعمكَ عليَّ،
كانتْ تُذكرني بكَ، وتحثني على طاعتكَ،
أهدتني مصحفاً هو رفيقي،
وسُبحةً هي دوماً في يدي،
لم تُفشِ لي سرِّاً،
كنتُ إذا اعوججتُ باللطفِ قوَّمتني،
وإن حزنتُ واستني في حزني،
وإن فرحتُ شاركتني في فرحي،
اللهمَّ إنها فتحتْ لي قلبها وبيتها،
فابنِ لها بيتاً في الجنة!. ❝