❞ وفي الإشارة إلى بعض الحِكَم التي تضمنتها هذه الهدنة \' الحُديبية \' ، وهي أكبر وأجَلُ مِن أن يُحيط بها إلَّا الله الذي أحكم أسبابها ، فوقعت الغاية على الوجه الذي اقتضته حكمته وحمده🔹️فمنها : أنها كانت مُقَدِّمةً بين يدي الفتح الأعظم الذي أعِزَّ الله به رسوله ﷺ وجنده، ودخل الناس به في دين الله أفواجاً ، فكانت هذه الهدنة باباً له ومفتاحاً ومؤذناً بين يديه ، وهذه عادة الله سبحانه في الأمور العظام التي يقضيها قدراً وشرعاً ، أن يُوطى لها بين يديها مقدمات وتوطنات تُؤذِنُ بها وتدل عليها شاء من ما🔹️ومنها : أن هذه الهدنة كانت من أعظم الفتوح ، فإن الناسَ أمِنَ بعضُهم بعضاً واختلط المسلمون بالكفار وبادؤوهم بالدعوة وأسمعوهم القُرآن وناظرُوهم على الإسلام جَهرةً آمنين وظهر من كان مختفياً بالإسلام ، ودخل فيه في مدة الهدنة من شاء الله أن يدخل ، ولهذا سماه الله فتحاً مبيناً🔹️وحقيقة الأمر : أن الفتح - في اللغة ـ فتح المغلق ، والصلح الذي حصل مع المشركين بالحديبية كان مسدوداً مغلقاً حتى فتحه الله ، وكان من أسباب فتحه صد رسول الله ﷺ وأصحابه عن البيت ، وكان في الصورة الظاهرة ضيماً وهَضماً للمسلمين ، وفي الباطن عزّا وفتحاً ونصراً ، وكان رسول الله ﷺ ينظر إلى ما وراءه من الفتح العظيم والعزّ والنصر من وراء ستر رقيق ، وكان يُعطي المشركين كل ما سألوه من الشروط التي لم يحتملها أكثر أصحابه ورؤوسهم ، وهو لا يعلم ما في ضمن هذا المكروه من محبوب { وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ } ، وَرُبَّمَا كَانَ مَكْرُوهُ النُّفُوسِ إِلَى مَحْبُوبِهَا سَبَبَاً مَا مِثْلُه سَبَبُ ، فكان يَدْخُلُ ﷺ على تلك الشروط دخول واثق بنصر الله له وتأييده وأن العاقبة له ، وأن تلك الشروط واحتمالها هو عين النصرة ، وهو من أكبر الجند الذي أقامه المشترطون ، ونصبوه لحربهم ، وهم لا يشعرون ، فذلوا من حيث طلبوا العز ، وقُهِرُوا من حيث أظهروا القدرة والفخر والغلبة ، وعز رسولُ الله ﷺ وعساكر الإسلام من حيث انكسروا لله ، واحتملوا الضيم له وفيه فدار الدور وانعكس الأمر وانقلب العز بالباطل ذُلَّا بحق ، وإنقلبت الكسرة لله عزاً بالله ، وظهرت حكمة الله وآياته ، وتصديق وعده ونصرة رسوله ﷺ على أتم الوجوه وأكملها التي لا اقتراح للعقول وراءها. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وفي الإشارة إلى بعض الحِكَم التي تضمنتها هذه الهدنة ˝ الحُديبية ˝ ، وهي أكبر وأجَلُ مِن أن يُحيط بها إلَّا الله الذي أحكم أسبابها ، فوقعت الغاية على الوجه الذي اقتضته حكمته وحمده🔹️فمنها : أنها كانت مُقَدِّمةً بين يدي الفتح الأعظم الذي أعِزَّ الله به رسوله ﷺ وجنده، ودخل الناس به في دين الله أفواجاً ، فكانت هذه الهدنة باباً له ومفتاحاً ومؤذناً بين يديه ، وهذه عادة الله سبحانه في الأمور العظام التي يقضيها قدراً وشرعاً ، أن يُوطى لها بين يديها مقدمات وتوطنات تُؤذِنُ بها وتدل عليها شاء من ما🔹️ومنها : أن هذه الهدنة كانت من أعظم الفتوح ، فإن الناسَ أمِنَ بعضُهم بعضاً واختلط المسلمون بالكفار وبادؤوهم بالدعوة وأسمعوهم القُرآن وناظرُوهم على الإسلام جَهرةً آمنين وظهر من كان مختفياً بالإسلام ، ودخل فيه في مدة الهدنة من شاء الله أن يدخل ، ولهذا سماه الله فتحاً مبيناً🔹️وحقيقة الأمر : أن الفتح - في اللغة ـ فتح المغلق ، والصلح الذي حصل مع المشركين بالحديبية كان مسدوداً مغلقاً حتى فتحه الله ، وكان من أسباب فتحه صد رسول الله ﷺ وأصحابه عن البيت ، وكان في الصورة الظاهرة ضيماً وهَضماً للمسلمين ، وفي الباطن عزّا وفتحاً ونصراً ، وكان رسول الله ﷺ ينظر إلى ما وراءه من الفتح العظيم والعزّ والنصر من وراء ستر رقيق ، وكان يُعطي المشركين كل ما سألوه من الشروط التي لم يحتملها أكثر أصحابه ورؤوسهم ، وهو لا يعلم ما في ضمن هذا المكروه من محبوب ﴿ وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ ، وَرُبَّمَا كَانَ مَكْرُوهُ النُّفُوسِ إِلَى مَحْبُوبِهَا سَبَبَاً مَا مِثْلُه سَبَبُ ، فكان يَدْخُلُ ﷺ على تلك الشروط دخول واثق بنصر الله له وتأييده وأن العاقبة له ، وأن تلك الشروط واحتمالها هو عين النصرة ، وهو من أكبر الجند الذي أقامه المشترطون ، ونصبوه لحربهم ، وهم لا يشعرون ، فذلوا من حيث طلبوا العز ، وقُهِرُوا من حيث أظهروا القدرة والفخر والغلبة ، وعز رسولُ الله ﷺ وعساكر الإسلام من حيث انكسروا لله ، واحتملوا الضيم له وفيه فدار الدور وانعكس الأمر وانقلب العز بالباطل ذُلَّا بحق ، وإنقلبت الكسرة لله عزاً بالله ، وظهرت حكمة الله وآياته ، وتصديق وعده ونصرة رسوله ﷺ على أتم الوجوه وأكملها التي لا اقتراح للعقول وراءها. ❝