تنوي أن تصوم الغد، فتستيقظ وقد فترت عزيمتك ووهنت إرادتك، تعزم علي الصلاة في المسجد، فتسمع المؤذن فكأن المسجد تباعد وشعرت بثقل الطريق.
ليس الأمر بكسل أو لا مبالاة، ولكن الأمر تثبيط للهم ونزع للإرادة، كأن الأمر من خارجك، وكأن إرادتك كيس امتلأ هواء ثم شكه دبوس فجأة.
لو كان الأمر قرارا مسبقا بألا تفعل لهان الأمر، أو كان كسلاً عارضاً أو مستمراً لفهمت ما يحدث، ولكن الأمر اشبه بجبر خارجي، وبقهر علوي!
نعم، إرادتنا قد تُسلب في لحظة، لتعلم أنه ليس لك من الأمر شئ، وأن السير إليه فضيلة قد يحال بينك وبينها وقتنا يريد، وليس باباً تدخل منه عليه وقتما تريد، فهو العزيز المتعال سبحانه.
وأخبرك بسر صغير وجدته من نفسي، وهي أن معظم السلوب هذه نتيجة إستهانة سابقة، فأمر الأدب معه خطير سبحانه.
إن بعض الفرص تُمنح وتأتيك بلا سبق تدبير منك، فإن لقيتها بإستهتار وقلة إكتراث أورثت ما وصفناه وأتبعها منع قد يطول امده.
بل أذهب إلي أبعد من هذا، فقد كنت قديماً ربما أعتذر عن موعد درس أو باب خير لمجئ صديق حبيب أحب مجلسه وأشتاق إليه، فحُرمت من إنتظام الدروس لعامين أو يزيد.
ليس الأمر علاقة ندية معه - سبحانه وتعالي - يقف لنا فيها علي الخطأ ويعاقب دوماً علي الذلة، بل هو - سبحانه - يعفو عن كثير ، ولكن الله - سبحانه - أيضاً يعاملنا بصفاته، وقد يتجلي علي العبد بصفة العزيز فتوصد أمامه أبواب العمل والمثول بين يديه، فلا محيص من الدخول عليه بالذلة والإنكسار ودوام الإفتقار، حتي يحترق جوفك خوفاً من الطرد، وحتي ينطق دمعك بطلب القرب، فإن قابلت عزته بذلتك، ربما أقال عثرتك وقبل توبتك.
فلو أنك أعطيت موعداً لصديق واتفقت معه علي تناول الغداء معه، ثم لما كان في طريقه إليك، جاءتك حسناء تدعوك لتناول الغداء معها بلا سابق موعد، فاتصلت لصديقك متعللا بحالة وفاة أو مرض شديد ، ثم خرجت معها في مطعم لتفاجأ بدخول صديقك نفس المطعم ويراك صحيحاً جالساً فرحاً مع هذه الحسناء، فيدرك علي الفور انك اختلقت الأعتذار من أجل هذه الجلسة الرخيصة، إن أدني ما سيفعله معك هو قطع علاقته معك وسقوطك من نظره، فلو لم يدل تصرفك هذا سوي علي الخسة ودناءة الأصل فلا خسة في الوجود.
لست أدعي أن الإله يعاملنا معاملة الصديق، ولكني قصدت بضرب المثال بيان سوء الأدب معه - سبحانه - إذا أعرضنا عنه ميلاً لدنيا أو آثرنا شيئاً خسيساً علي عمل شريف، فسوء الأدب هو المشترك بين المثالين، وعقوبة سوء الأدب الطرد.
فخذها مني نصيحة العمر: لا تُقدم علي رضا الله أمراً، ولا تؤثر علي لقائه لقاء، فإن كنت فعلت وعوقبت بالحرمان فادخل عليه من باب الذلة والإنكسار، لعل العزيز يجود بكرمه، ولا يقنط من رحمة الله إلا جاحد.”. ❝ ⏤علاء عبد الحميد
❞ “نقض العزائم
تنوي أن تصوم الغد، فتستيقظ وقد فترت عزيمتك ووهنت إرادتك، تعزم علي الصلاة في المسجد، فتسمع المؤذن فكأن المسجد تباعد وشعرت بثقل الطريق.
ليس الأمر بكسل أو لا مبالاة، ولكن الأمر تثبيط للهم ونزع للإرادة، كأن الأمر من خارجك، وكأن إرادتك كيس امتلأ هواء ثم شكه دبوس فجأة.
لو كان الأمر قرارا مسبقا بألا تفعل لهان الأمر، أو كان كسلاً عارضاً أو مستمراً لفهمت ما يحدث، ولكن الأمر اشبه بجبر خارجي، وبقهر علوي!
نعم، إرادتنا قد تُسلب في لحظة، لتعلم أنه ليس لك من الأمر شئ، وأن السير إليه فضيلة قد يحال بينك وبينها وقتنا يريد، وليس باباً تدخل منه عليه وقتما تريد، فهو العزيز المتعال سبحانه.
وأخبرك بسر صغير وجدته من نفسي، وهي أن معظم السلوب هذه نتيجة إستهانة سابقة، فأمر الأدب معه خطير سبحانه.
إن بعض الفرص تُمنح وتأتيك بلا سبق تدبير منك، فإن لقيتها بإستهتار وقلة إكتراث أورثت ما وصفناه وأتبعها منع قد يطول امده.
بل أذهب إلي أبعد من هذا، فقد كنت قديماً ربما أعتذر عن موعد درس أو باب خير لمجئ صديق حبيب أحب مجلسه وأشتاق إليه، فحُرمت من إنتظام الدروس لعامين أو يزيد.
ليس الأمر علاقة ندية معه - سبحانه وتعالي - يقف لنا فيها علي الخطأ ويعاقب دوماً علي الذلة، بل هو - سبحانه - يعفو عن كثير ، ولكن الله - سبحانه - أيضاً يعاملنا بصفاته، وقد يتجلي علي العبد بصفة العزيز فتوصد أمامه أبواب العمل والمثول بين يديه، فلا محيص من الدخول عليه بالذلة والإنكسار ودوام الإفتقار، حتي يحترق جوفك خوفاً من الطرد، وحتي ينطق دمعك بطلب القرب، فإن قابلت عزته بذلتك، ربما أقال عثرتك وقبل توبتك.
فلو أنك أعطيت موعداً لصديق واتفقت معه علي تناول الغداء معه، ثم لما كان في طريقه إليك، جاءتك حسناء تدعوك لتناول الغداء معها بلا سابق موعد، فاتصلت لصديقك متعللا بحالة وفاة أو مرض شديد ، ثم خرجت معها في مطعم لتفاجأ بدخول صديقك نفس المطعم ويراك صحيحاً جالساً فرحاً مع هذه الحسناء، فيدرك علي الفور انك اختلقت الأعتذار من أجل هذه الجلسة الرخيصة، إن أدني ما سيفعله معك هو قطع علاقته معك وسقوطك من نظره، فلو لم يدل تصرفك هذا سوي علي الخسة ودناءة الأصل فلا خسة في الوجود.
لست أدعي أن الإله يعاملنا معاملة الصديق، ولكني قصدت بضرب المثال بيان سوء الأدب معه - سبحانه - إذا أعرضنا عنه ميلاً لدنيا أو آثرنا شيئاً خسيساً علي عمل شريف، فسوء الأدب هو المشترك بين المثالين، وعقوبة سوء الأدب الطرد.
فخذها مني نصيحة العمر: لا تُقدم علي رضا الله أمراً، ولا تؤثر علي لقائه لقاء، فإن كنت فعلت وعوقبت بالحرمان فادخل عليه من باب الذلة والإنكسار، لعل العزيز يجود بكرمه، ولا يقنط من رحمة الله إلا جاحد.” . ❝
❞ “أما العِندُ فهو أن يشعر بكرامته قد انتقصت بالرفض، فتحمله العزة على البقاء ويمده العند برغبة تستمر إلى حين، فتظنه حبًا وقد خبا الحبُ في قلبه منذ زمن.”. ❝ ⏤علاء عبد الحميد
❞ “أما العِندُ فهو أن يشعر بكرامته قد انتقصت بالرفض، فتحمله العزة على البقاء ويمده العند برغبة تستمر إلى حين، فتظنه حبًا وقد خبا الحبُ في قلبه منذ زمن.” . ❝
❞ “فليس المطلوب دوماً أن أحاكم ذاتي فأحكم عليها بالسوء أو الخير، وبالهداية أو الرشد، بل أبحث في أوصافها وأتأمل فضائلها وعيوبها، فأقوي الحسن، وأُضعف القبيح.
أما البكاء علي الأطلال ومصمصة الشفاه، فهي حيلة العجزي ليقنعوا بترك العمل، فليس المقصود هو درك الغاية، بل المقصود هو السير إلي الغايات.
حسبنا أن نلقي الله ونحن نحاول أن نقوم من كبواتنا وننتصر علي شهواتنا، لا أن نلقاه مدبرين منهزمين.
فالتنبه ألم، ولكن طول الصياح لا يشفي مرض ولا يزيح علة، فكف عن ذهولك وحرك يدك، ولا تحاول استيعاب الكمال من أول حال، فطلب الكمال مانع، بل الكمال يطلب ليسار إليه، فتعتدل الوجهة وترتسم الغاية، ومن سار خطوة، سير به ألف.”. ❝ ⏤علاء عبد الحميد
❞ “فليس المطلوب دوماً أن أحاكم ذاتي فأحكم عليها بالسوء أو الخير، وبالهداية أو الرشد، بل أبحث في أوصافها وأتأمل فضائلها وعيوبها، فأقوي الحسن، وأُضعف القبيح.
أما البكاء علي الأطلال ومصمصة الشفاه، فهي حيلة العجزي ليقنعوا بترك العمل، فليس المقصود هو درك الغاية، بل المقصود هو السير إلي الغايات.
حسبنا أن نلقي الله ونحن نحاول أن نقوم من كبواتنا وننتصر علي شهواتنا، لا أن نلقاه مدبرين منهزمين.
فالتنبه ألم، ولكن طول الصياح لا يشفي مرض ولا يزيح علة، فكف عن ذهولك وحرك يدك، ولا تحاول استيعاب الكمال من أول حال، فطلب الكمال مانع، بل الكمال يطلب ليسار إليه، فتعتدل الوجهة وترتسم الغاية، ومن سار خطوة، سير به ألف.” . ❝
❞ “في رمضان تُفتح المصاحف وتُصف الأقدام، وينهض كل عاقل لفضيلة ويغتنم الفرصة. حينها تتكشف لنا أحوالنا وأمراضنا وقسوة قلوبنا.
الأمر أشبه برجل دام جلوسه حتي سمن وامتلأ بالشحم، ثم نهض ليركض في ملعب كبير، فسرعان ما يظهر له هول ما امتلأ به بدنه، وجثم علي قلبه.
وليس الأمر حكراً علي رمضان ولكنه يظهر في رمضان أكثر من غيره.
وليست قسوة القلب بالأمر الذي يحثل فجاة او يرد علي حين غرة، بل هو شئ يحصل شيئاً فشيئاً، كجفاف الطلاء وفساد الخبز.
فطول إهمال النفس، واسترسالها في الغفلة، يُراكم طبقات من الصدأ علي القلب، فإن جاءت لحظة فارقة - كمواسم الخير - لم تسعفك موعظة تسمعها أو كتاب تقرؤه في جلاء القلب مما علاه.
فقلبك لا يعطيك إلا بقدر ما تعطيه، فلا تهمله طوال العام ثم تطمع أن ينهض لك في لحظة أو شهر.
وشتان بين من ينتظر مواسم الخير ليصلح قلبه، وبين من يُصلح قلبه لينتظر مواسم الخير!
إن الفلاح المتقن يحرث الأرض ويبذرها ثم ينتظر المطر، أما من انتظر المطر ليُصلح له أرضه، فلن يُنبت فيها إلا الحشائش.”. ❝ ⏤علاء عبد الحميد
❞ “في رمضان تُفتح المصاحف وتُصف الأقدام، وينهض كل عاقل لفضيلة ويغتنم الفرصة. حينها تتكشف لنا أحوالنا وأمراضنا وقسوة قلوبنا.
الأمر أشبه برجل دام جلوسه حتي سمن وامتلأ بالشحم، ثم نهض ليركض في ملعب كبير، فسرعان ما يظهر له هول ما امتلأ به بدنه، وجثم علي قلبه.
وليس الأمر حكراً علي رمضان ولكنه يظهر في رمضان أكثر من غيره.
وليست قسوة القلب بالأمر الذي يحثل فجاة او يرد علي حين غرة، بل هو شئ يحصل شيئاً فشيئاً، كجفاف الطلاء وفساد الخبز.
فطول إهمال النفس، واسترسالها في الغفلة، يُراكم طبقات من الصدأ علي القلب، فإن جاءت لحظة فارقة - كمواسم الخير - لم تسعفك موعظة تسمعها أو كتاب تقرؤه في جلاء القلب مما علاه.
فقلبك لا يعطيك إلا بقدر ما تعطيه، فلا تهمله طوال العام ثم تطمع أن ينهض لك في لحظة أو شهر.
وشتان بين من ينتظر مواسم الخير ليصلح قلبه، وبين من يُصلح قلبه لينتظر مواسم الخير!
إن الفلاح المتقن يحرث الأرض ويبذرها ثم ينتظر المطر، أما من انتظر المطر ليُصلح له أرضه، فلن يُنبت فيها إلا الحشائش.” . ❝
❞ “حينها انتبهت لنفسي، فقد أحاطت بها الشواغل وانشغلت بالأصدقاء والأحباب، وغداً نرحل عنهم وحدنا وندخل في ظلمة قبورنا، فلا ينيرها لنا إلا أعمالنا وما انطوت عليه صدورنا.
إنها اللحظة التي تتكشف فيها قيمة ما لديك لك، فتعيد حساباتك وتعرف ثروتك الحقيقية وفقرك العظيم.
قد نأنس لصحبة إنسان أو قوة شباب أو مطالعة كتاب أو جمال منظر، ولكن هذه أمور كظل شجرة في صحراء يستريح عندها المسافر ولا ينبغي أن يديم البقاء.”. ❝ ⏤علاء عبد الحميد
❞ “حينها انتبهت لنفسي، فقد أحاطت بها الشواغل وانشغلت بالأصدقاء والأحباب، وغداً نرحل عنهم وحدنا وندخل في ظلمة قبورنا، فلا ينيرها لنا إلا أعمالنا وما انطوت عليه صدورنا.
إنها اللحظة التي تتكشف فيها قيمة ما لديك لك، فتعيد حساباتك وتعرف ثروتك الحقيقية وفقرك العظيم.
قد نأنس لصحبة إنسان أو قوة شباب أو مطالعة كتاب أو جمال منظر، ولكن هذه أمور كظل شجرة في صحراء يستريح عندها المسافر ولا ينبغي أن يديم البقاء.” . ❝