❞ اليوم ذكرى ميلاد الراحل د. مصطفى محمود رحمه الله..
إلهــي .. إنـك تـرى نفســي و لا يراهـــا ســواك
تراها كالبيت الكبير الذي تصدعت منه الجدران و تهاوت السقوف و انكفأت الموائد . بيتاً مهجوراً يتعاوى فيه الذئاب و يلهو فيه القردة و تغرد العصافير . ساعةً تتلألأ فيه الأنوار و تموج فيه أشعة القمر
. و ساعةً أخرى مظلماً مطموساً محطم المصابيح تسرح فيه العناكب . مرةً تحنو عليه يد الربيع فتتفتح الزهور على نوافذه و تصدح البلابل و تغزل الديدان الحرير و تفرز النحلات الطنانة العسل
و مرةً أخرى يأتي عليه الزلزال فلا يكاد يخلف جداراً قائماً لولا ذلك الحبل الممدود الذي ينزل بالنجدة من سماوات رحمتك
حبل لا إله إلا أنت سبحانك
.. أنت الفاعل سبحانك و أنت مجري الأقدار و الأحكام .. و أنت الذي امتحنت و قويت و أضعفت و سترت و كشفت .. و ما أنا إلا السلب و العدم .. و كل توفيق لي كان منك و كل هداية لي كانت بفضلك و كل نور كان من نورك .. ما أنا إلا العين و المحل و كل ما جرى علي من استحقاقي و كل ما أظهرت فيّ كان بعدلك و رحمتك .. ما كان لي من الأمر شيء
. و هل لنا من الأمر شيء !؟ مولاي .. يقولون إن أكبر الخطايا هي خطايا العارفين .. و لكني أسألك يارب أين العارف أو الجاهل الذي استطاع أن يسلم من الفتنة دون رحمة منك .. و أنت الذي سويت نفوسنا و خلقتها و وصفتها بأنها
لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربى )
و أين من له الحول و القوة بدونك .. و هذا جبريل يقول لنبيك لا حول من معصية إلا بعصمة الله و لا قوة على طاعة الله إلا بتمكين الله
و هل استعصم الذين استعصموا إلا بعصمتك و هل تاب الذين تابوا إلا بتوبتك .. و هل استغفروا إلا بمغفرتك . إلهي .. لقد تنفست أول ما تنفست بك و نطقت بك و سمعت بك و أبصرت بك و مشيت بك و اهتديت بك .. و ضللت عندما خرجت عن أمرك
سألتك يارب بعبوديتي أن ترفع عني غضبك .. فها أنا ذا و قد خلعت عن نفسي كل الدعاوي و تبرأت من كل حوْل و طوْل و لبست الذل في رحاب قدرتك . إنك لن تضيعني و أنا عبدك . لن تضيع عبداً ذل لربوبيتك و خشع لجلالك . و كيف يضيع عبد عند مولىً رحيم فكيف إذا كان هذا المولى هو أرحم الراحمين
. ربّ اجذبني إليك بحبلك الممدود لأخرج من ظلمتي إلى نورك و من عدميتي إلى وجودك و من هواني إلى عزتك .. فأنت العزيز حقاً الذي لن تضرك ذنوبي و لن تنفعك حسناتي . إن كل ذنوبنا يارب لن تنقص من ملكك . و كل حسناتنا لن تزيد من سلطانك . فأنت أنت المتعال على كل ما خلقت المستغني عن كل ما صنعت
و أنت القائل : هؤلاء في الجنة و لا أبالي و هؤلاء في النار و لا أبالي
و أنت القائل على لسان نبيك
: ( ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم ) فها أنا أدعوك فلا أكف عن الدعاء .. فأنا المحتاج.. أنا المشكلة .. و أنا المسألة . أنا العدم و أنت الوجود فلا تضيعني
عاوني يارب على أن اتخطى نفسي إلى نفسي .. أتخطى نفسي الأمارة الطامعة في حيازة الدنيا إلى نفسي الطامعة فيك في جوارك و رحمتك و نورك و وجهك
لقد جربت حيازة كل شيء فما ازددت إلا فقراً و كلما طاوعت رغائبي ازدادت جوعاً و إلحاحاً و تنوعاً . حينما طاوعت شهوتي إلى المال ازددت بالغنى طمعاً و حرصاً و حينما طاوعت شهوتي إلى النساء ازددت بالإشباع عطشاً و تطلعاً إلى التلوين و التغيير .. و كأنما أشرب من ماء مالح فأزداد على الشرب ظمأً على ظمأ
و ما حسبته حرية كان عبودية و خضوعاً للحيوان المختفي تحت جلدي ثم هبوطاً إلى درك الآلية المادية و إلى سجن الضرورات و ظلمة الحشوة الطينية و غلظتها . كنت أسقط و أنا أحسب أني أحلق و أرفرف
و خدعني شيطاني حينما غلف هذه الرغبات بالشعر و زوقها بالخيال الكاذب و زينها بالعطور و زفها في أبهة الكلمات و بخور العواطف ، و لكن صحوة الندم كانت توقظني المرة بعد المرة على اللاشيء و الخواء
. إلهي .. لم تعد الدنيا و لا نفسي الطامعة في الدنيا و لا العلوم التي تسخر لي هذه الدنيا و لا الكلمات التي احتال بها على هذه الدنيا .. مرادي و لا بضاعتي .
و إنما أنت وحدك مرادي و مقصودي و مطلوبي فعاوني بك عليك و خلصني بك من سواك و أخرجني بنورك من عبوديتي لغيرك فكل طلب لغيرك خسار . أنت أنت وحدك .. و ما أرتضي مشوار هذه الدنيا إلا لدلالة هذا المشوار عليك و ما يبهرني الجمال إلا لصدوره عنك و ما أقصد الخير و لا العدل و الحرية و لا الحق إلا لأنها تجليات و أحكام أسمائك الحسنى يامن تسميت بأنك الحق . و لكن تلك هجرة لا أقدر عليها بدونك و نظرة لا أقوى عليها بغير معونتك .. فعاوني و اشدد أزري .. فحسبي النية و المبادرة فذلك جهد الفقير .. فليس أفقر مني .. و هل بعد العدم فقر .. و قد جئت إلى الدنيا معدماً و أخرج منها معدماً و أجوزها معدماً .. زادي منك و قوتي منك و رؤيتي منك و نوري منك
و اليوم جاءت الهجرة الكبرى التي أعبر فيها بحار الدنيا دون أن أبتل و أخوض نارها دون أن أحترق .. فكيف السبيل إلى ذلك دون يدك مضمومة إلى يدي . و هل يدي إلا من صنع يدك ؟ .. و هل يدي إلا من يدك ؟! و هل هناك إلا يد واحدة ؟
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
سبحانك لا أرى لي يداً . سبحانك لا أرى سواك . لا إله إلا الله . لا إله إلا الله حقاً و صدقاً . و ذاتك هي واحدة الحسن . الحسن كله منها . و الحب كله لها . و يدك هي واحدة المشيئة . الفعل كله منها و القوة كلها بها و إن تعددت الأيدي في الظاهر و ظن الظانون تعدد المشيئات .. و إن تعدد المحبون و تعددت المحبوبات .. ما يركع الكل إلا على بابك و ما يلثم الكل إلا أعتابك .. مؤمنون و كفرة .. و إن ظن الكافر أنه يلثم ديناراً أو يقبل خداً فإنما هي أيادي رحمتك أو أيادي لعنتك هي ما يلثم و يقبل دون أن يدري
و إنما هي أسماء و أفعال و أوصاف . و المسمى واحد . و الفاعل واحد . و الموصوف واحد
لا إله إلا هو . لا إله إلا الله . الحمد له في الأول و الآخر
رفعت الأقلام و طويت الصحف و انتهت الكلمات
..
-- د. مصطفى محمود || أناشيد الإثم والبراءة --. ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ اليوم ذكرى ميلاد الراحل د. مصطفى محمود رحمه الله.
إلهــي . إنـك تـرى نفســي و لا يراهـــا ســواك
تراها كالبيت الكبير الذي تصدعت منه الجدران و تهاوت السقوف و انكفأت الموائد . بيتاً مهجوراً يتعاوى فيه الذئاب و يلهو فيه القردة و تغرد العصافير . ساعةً تتلألأ فيه الأنوار و تموج فيه أشعة القمر
. و ساعةً أخرى مظلماً مطموساً محطم المصابيح تسرح فيه العناكب . مرةً تحنو عليه يد الربيع فتتفتح الزهور على نوافذه و تصدح البلابل و تغزل الديدان الحرير و تفرز النحلات الطنانة العسل
و مرةً أخرى يأتي عليه الزلزال فلا يكاد يخلف جداراً قائماً لولا ذلك الحبل الممدود الذي ينزل بالنجدة من سماوات رحمتك
حبل لا إله إلا أنت سبحانك
. أنت الفاعل سبحانك و أنت مجري الأقدار و الأحكام . و أنت الذي امتحنت و قويت و أضعفت و سترت و كشفت . و ما أنا إلا السلب و العدم . و كل توفيق لي كان منك و كل هداية لي كانت بفضلك و كل نور كان من نورك . ما أنا إلا العين و المحل و كل ما جرى علي من استحقاقي و كل ما أظهرت فيّ كان بعدلك و رحمتك . ما كان لي من الأمر شيء
. و هل لنا من الأمر شيء !؟ مولاي . يقولون إن أكبر الخطايا هي خطايا العارفين . و لكني أسألك يارب أين العارف أو الجاهل الذي استطاع أن يسلم من الفتنة دون رحمة منك . و أنت الذي سويت نفوسنا و خلقتها و وصفتها بأنها
لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربى )
و أين من له الحول و القوة بدونك . و هذا جبريل يقول لنبيك لا حول من معصية إلا بعصمة الله و لا قوة على طاعة الله إلا بتمكين الله
و هل استعصم الذين استعصموا إلا بعصمتك و هل تاب الذين تابوا إلا بتوبتك . و هل استغفروا إلا بمغفرتك . إلهي . لقد تنفست أول ما تنفست بك و نطقت بك و سمعت بك و أبصرت بك و مشيت بك و اهتديت بك . و ضللت عندما خرجت عن أمرك
سألتك يارب بعبوديتي أن ترفع عني غضبك . فها أنا ذا و قد خلعت عن نفسي كل الدعاوي و تبرأت من كل حوْل و طوْل و لبست الذل في رحاب قدرتك . إنك لن تضيعني و أنا عبدك . لن تضيع عبداً ذل لربوبيتك و خشع لجلالك . و كيف يضيع عبد عند مولىً رحيم فكيف إذا كان هذا المولى هو أرحم الراحمين
. ربّ اجذبني إليك بحبلك الممدود لأخرج من ظلمتي إلى نورك و من عدميتي إلى وجودك و من هواني إلى عزتك . فأنت العزيز حقاً الذي لن تضرك ذنوبي و لن تنفعك حسناتي . إن كل ذنوبنا يارب لن تنقص من ملكك . و كل حسناتنا لن تزيد من سلطانك . فأنت أنت المتعال على كل ما خلقت المستغني عن كل ما صنعت
و أنت القائل : هؤلاء في الجنة و لا أبالي و هؤلاء في النار و لا أبالي
و أنت القائل على لسان نبيك
: ( ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم ) فها أنا أدعوك فلا أكف عن الدعاء . فأنا المحتاج. أنا المشكلة . و أنا المسألة . أنا العدم و أنت الوجود فلا تضيعني
عاوني يارب على أن اتخطى نفسي إلى نفسي . أتخطى نفسي الأمارة الطامعة في حيازة الدنيا إلى نفسي الطامعة فيك في جوارك و رحمتك و نورك و وجهك
لقد جربت حيازة كل شيء فما ازددت إلا فقراً و كلما طاوعت رغائبي ازدادت جوعاً و إلحاحاً و تنوعاً . حينما طاوعت شهوتي إلى المال ازددت بالغنى طمعاً و حرصاً و حينما طاوعت شهوتي إلى النساء ازددت بالإشباع عطشاً و تطلعاً إلى التلوين و التغيير . و كأنما أشرب من ماء مالح فأزداد على الشرب ظمأً على ظمأ
و ما حسبته حرية كان عبودية و خضوعاً للحيوان المختفي تحت جلدي ثم هبوطاً إلى درك الآلية المادية و إلى سجن الضرورات و ظلمة الحشوة الطينية و غلظتها . كنت أسقط و أنا أحسب أني أحلق و أرفرف
و خدعني شيطاني حينما غلف هذه الرغبات بالشعر و زوقها بالخيال الكاذب و زينها بالعطور و زفها في أبهة الكلمات و بخور العواطف ، و لكن صحوة الندم كانت توقظني المرة بعد المرة على اللاشيء و الخواء
. إلهي . لم تعد الدنيا و لا نفسي الطامعة في الدنيا و لا العلوم التي تسخر لي هذه الدنيا و لا الكلمات التي احتال بها على هذه الدنيا . مرادي و لا بضاعتي .
و إنما أنت وحدك مرادي و مقصودي و مطلوبي فعاوني بك عليك و خلصني بك من سواك و أخرجني بنورك من عبوديتي لغيرك فكل طلب لغيرك خسار . أنت أنت وحدك . و ما أرتضي مشوار هذه الدنيا إلا لدلالة هذا المشوار عليك و ما يبهرني الجمال إلا لصدوره عنك و ما أقصد الخير و لا العدل و الحرية و لا الحق إلا لأنها تجليات و أحكام أسمائك الحسنى يامن تسميت بأنك الحق . و لكن تلك هجرة لا أقدر عليها بدونك و نظرة لا أقوى عليها بغير معونتك . فعاوني و اشدد أزري . فحسبي النية و المبادرة فذلك جهد الفقير . فليس أفقر مني . و هل بعد العدم فقر . و قد جئت إلى الدنيا معدماً و أخرج منها معدماً و أجوزها معدماً . زادي منك و قوتي منك و رؤيتي منك و نوري منك
و اليوم جاءت الهجرة الكبرى التي أعبر فيها بحار الدنيا دون أن أبتل و أخوض نارها دون أن أحترق . فكيف السبيل إلى ذلك دون يدك مضمومة إلى يدي . و هل يدي إلا من صنع يدك ؟ . و هل يدي إلا من يدك ؟! و هل هناك إلا يد واحدة ؟
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
سبحانك لا أرى لي يداً . سبحانك لا أرى سواك . لا إله إلا الله . لا إله إلا الله حقاً و صدقاً . و ذاتك هي واحدة الحسن . الحسن كله منها . و الحب كله لها . و يدك هي واحدة المشيئة . الفعل كله منها و القوة كلها بها و إن تعددت الأيدي في الظاهر و ظن الظانون تعدد المشيئات . و إن تعدد المحبون و تعددت المحبوبات . ما يركع الكل إلا على بابك و ما يلثم الكل إلا أعتابك . مؤمنون و كفرة . و إن ظن الكافر أنه يلثم ديناراً أو يقبل خداً فإنما هي أيادي رحمتك أو أيادي لعنتك هي ما يلثم و يقبل دون أن يدري
و إنما هي أسماء و أفعال و أوصاف . و المسمى واحد . و الفاعل واحد . و الموصوف واحد
لا إله إلا هو . لا إله إلا الله . الحمد له في الأول و الآخر
❞ \"يقول هيغل: التاريخ يعلّمنا ان الإنسان لم يتعلم شيئا من التاريخ.
ونحن لم نتعلم من حربنا المريرة كيف نحارب ومن نحارب ومع من نحارب!!\"
-غادة السمان-
لقد اخضر بأعماقنا جرح اسمه وطن...طوال سبع سنوات لن نقدر على تضميده ....
مع كل شروق سنبقى نذكر الليل، سنبقى نحاول الهرب من العتمة واللحاق بالغد املا منا ان نلملم ما تبقى بحوزتنا ونواصل طريقنا به، لكن مع كل شروق سيبقى يترآى لنا الامس، وسنبقى نذكر كم اصبحت ارواحنا قاحلة باردة مفرغة ...
ع كل شتاء سنتذكر صقيع الموت وبشاعة الدم ومع كل صيف سنتذكر مدى قتامة الصمت الذي يخيم علينا كل صائفة لسبع سنوات...مع كل رمضان سنتذكر موائد الافطار على الشمع في الظلام الحالك وارتفاع أصوات الآذان مرفقة بدوّي القذائف ...سنتذكر تراتيل صلاة التراويح المختلطة بأصوات صراخ النساء وبكاء الاطفال في السهرات الرمضانية ...سنتذكر أصوات سيارات الاسعاف المتزامنة مع السحور وقت الفجر لحظة شروق يوم جديد من الحسابات المتتالية التي لم تكن تنتهي الا وينتهي جزء معها بدواخلنا دون أن نشعر كم أصبحنا مفرغين من كل ما لدينا...مثقلين بكل ما لم يكن فينا قبل الحرب من ألم وقهر وعذاب وذل وجوع وتشرد على حوافّ قارات العالم! كم تبدلت الايام وتغيرت الحياة فينا! اصبحنا نرى في المرآة عيوننا وهي تحمل وطنا بداخلها ارهقه الحزن واثقله الفجائع؟ وطننا كره رائحة الدم وشبح الموت وصوت القذائف وبقايا الصواريخ والشظايا التي مازالت تحملها اجسامنا لتشهد على مرارة ما مررنا به وعظمة ما تحملناه وشدة ما صبرنا عليه، ما حصل معنا لم يحصل مع اي شعبٍ آخر على وجه هذا الكوكب! مازلنا لا نصدق ذلك! مازلنا نحاول استيعاب كل شيء رأيناه بأم اعيننا ولم نكن نقدر على فعل أي شيء لايقافه وانهائه! الموت والرعب والخوف والفقر والعوز والحاجة والبرد والجوع والقلة والخصاصة، كل هذه الأشياء جربناها على هذه البقعة من الأرض طيبة هذه الفترة من الزمن! العتمة والظلام والعطش والصقيع والحر...كل هذه الأشياء واجهتنا وجها لوجهٍ مجردين من كل اسلحة المقاومة سوى الصبر...صبر ايوب الذي فاق صبرنا صبره! حتى اصبحنا نمزح قائلين : للعيش على هذه البقعة من الأرض، يلزمك صبر ايوب أو مال قارون لتتمكن من مواصلة الحياة! جربنا جميع انواع الموت دون استثناء ...الموت بردا...الموت جوعا...الموت عطشا...الموت قهرا وحسرة على خسارة بيوتنا واغراضنا وممتلكاتنا...الموت حرا...الموت على ابواب الدول المجاورة ونحن نطلب اللجوء هربا من الموت لموتٍ آخر... الموت بجميع أنواع الأسلحة التي أصبحنا نميزها جيدا ونتقن معرفة اسمائها وانواعها ... طالما ان بقايا شظايا الصواريخ والقذائف سكنت اجسامنا وأصبحت قطعا تلازمنا نعيش بها كأعضائنا .... أذكر ابيات ذلك الشاعر ابن جابر الاندلسي الذي يقول فيها : لا تعاد الناس في اوطانهم...قلما يرعى غريب الوطن واذا ما عشت عيشا بينهم..خالق الناس بخلقٍ حسنٍ نحن نكاد ان نكون الشعب الوحيد بعد الشعب الفلسطيني بين شعوب العالم الذي جاء الجميع من كافة اصقاع العالم ليعاديه في وطنه...ليخرجوننا من بيوتنا...ليهجّروننا من احيائنا وقُرانا... ويدمروا كل شيء كان لنا وبنيناه بسواعدنا وايدينا...طرقاتنا.. محلاتنا...جسورنا ....بناياتنا...بيوتنا...مدننا... الاماكن العمومية...المرافق العمومية...الخدمات المحلية..البنى التحتية...المصارف...البنوك...البريد... المغازات العمومية...المحلات الخاصة التي ليس لأصحابها موارد رزق أخرى يعيشون بها...مازلنا نحاول استيعاب كل ما حصل لنا وما حدث معنا...يصعب تصديق كل هذا...كل هذه الاحداث المتسارعة التي عصفت بنا فجأة وأخذت في طريقها كل ما نملك...جميع ممتلكاتنا وذكرياتنا واشيائنا الصغيرة التي انهكتنا الحياة في تحصيلها وجمعها... فقدناها في لحظات معدودة ويصعب استرجاعها... عصفت بأرواحنا لتتركنا عارين امام وقع الصدمة وتحت أثر الدهشة...اصبحت ملامحنا جامدة لا يمكنها التعبير عن شيء ... وجوه واجمة تمشي في الشوارع شاردة الذهن... الكل فقد كل شيء. والكل يحاول العرب بما تبقى له...لعلّه ينفذ من هذا الجحيم...من هذه الخسارات اليومية التي نصحو كل يوم لنشاهدها في صمتٍ وعجزٍ دون القدرة على فعل أي شيء لايقاف هذا النزيف...هذا الهدر السائب من الوقت الذي يعصف بأعمارنا التي توقفت عقارب الساعة فيها سنواتٍ الى الوراء ... فلا أحد هنا اصبح بإمكانه ان يحلم بتحقيق اي شيء...فنحن نعيش على هذه البقعة من الأرض فقط لنخسر كل ما بحوزتنا بصفة يومية وبشكلٍ سريع...لا نكاد نقدر على استيعابه ...سرعة الأحداث تعصف بقدرتنا على الفهم والاستيعاب...بين الموت والهجرة والهرب من البؤس! مجرد ارواحٍ مفجوعة منهكة منهارة تمشي على الأرض واجمة لا تدرك طريقها ولا تعرف مصيرها الى أين ...لقد عبث الموت بما على هذه البقعة من الأرض... لقد سكننا وتملكنا واضحى يعيش معنا معظم تفاصيل حياتنا ويطاردنا أينما حللنا حتى ولو كنا على أسرّتنا نحاول الهرب من كل ما حولنا ورؤوسنا على وسائدنا ...لا يرحمنا الموت ويلاحقنا حتى ولو اختبئنا تحت اغطيتنا وتحت أسرّتنا....وجودك في البيت لا يعني أمر قد أمّنت على نفسك من لحاق الصواريخ والقذائف بجسمك الصغير الضعيف...كم من واحدٍ منا رحل ضحية قذيفة اخترقت شباك غرفته لتقضي عليه وهو على السرير لو عبرت نافذة مطبخه حين كان بصدد تحضيره للقهوة! هذه الأرض تقاوم منذ زمن بعيد لتبقى على مبادئها وليحيا شعبها كما يرغب هو لا كما ترغب الدول العظمى والغرف المظلمة في الضفة الغربية من هذا الكوكب التي تخطط مصير الشعوب وتمحو مستقبلهم بمجرد\" جرة قلم\" وبضعة خطوط يرسمونها بأقلامهم نتسبب في موت ملايين البشر هنا في الشرق المنهك من التعب ...في الشرق الذي ارادوه أرضا للموت والحرب والدمار والخسارات والرعب والالم والدموع والصراخ والعويل... الشرق الذي ما يزال يقاوم ليحظى ببعض اللحظات الجميلة من الحياة!... الشرق الذي كتب على شعوبه الموت والالم والضياع والهجرة والتشرد والبكاء على ابواب الدول العظمى طالبين اللجوء رغبةً في حياة أفضل! الشرق الذي كتب عليه ان يعاني الأمرّين منذ عقود وعقود من الزمن...الشرق الذي كتب عليه ان يكتوي بنيران الحروب بجميع انواعها... الحروب الداخلية والخارجية... الحروب الدينية والطائفية والمعتقدية والعقائدية والعِرقية والايديولوجية... أتذكّرُ قول الكاتب الفلسطيني حسن سامي يوسف: ماذا زرعنا يا الله كي نحصد كل هذا الخراب؟
لم نبخل على العرب بشهدائنا ودمائنا في كل الحروب العربية ومنذ الثورة العربية الكبرى في العام1916 ....منذ زمن الدولة العثمانية التي أعدمت خيرة شبابنا في ساحة المرجة يوم 6 ايار اليوم الذي اصبح في ما بعد عيدا للشهداء في سوريا يوم إغتيل اكبر عدد من شباب سوريا على يد العثمانيين حين بلد جمال باشا والي بلاد الشام لدى الباب العالي حملة لعبور قناة السويس واحتلال مصر في حرب \"السفر برلك\" مخترقا صحراء سيناء واجهته القوات البريطانية هناك بمدافعها ورشاشاتها ففشل هجومه فشلا ذريعا فقام بإطلاق حملات اعتقال للزعماء والوطنيين والمفكرين العرب متهما اياهم بالخيانة والتسبب في افشال هجومه وعمل على التنكيل بالعرب وتعذيبهم حتى الموت وكان أغلبهم من المناضلين اللذين سعوا طويلا الى القضاء على الاحتلال العثماني وبناء الدولة العربية الواحدة المستقلة التي كانت حلمت للعرب انذاك.
صمّ جمال باشا اذنيه عن كل المناشدات والتدخلات من الدول المجاورة وخصوصا من الأمير فيصل والشريف حسين بن علي التي تدعو لإطلاق سراحهم وعزم على التخلص منهم جميعا على دفعتين يومي 21 اب 1915 و6 ايار 1916 في ساحة البرج في بيروت وساحة المرجة في دمشق قبل ان يُقتل على يد ارمني في مدينة تبليسي في العام 1921 قبل سنة من سقوط الدولة العثمانية... كانت مجزرة رحل فيها أفضل رجال سوريا شنقا حتى الموت في الشارع على مرأى من الجميع ابرزهم \"شفيق بك العظم\" الشاعر والاديب والكاتب والسياسي الذي يتقن 3 لغات والشيخ عبد الحميد الزهراوي زعيم النهضة السياسية في سورية....المفكر والصحفي ابن مدينة حمص الذي ساهم في تأسيس حزب الحرية والاعتدال وحزب الائتلاف إبان الحرب العالمية الاولى.... رجل العلم والدين والسياسة والأمير عمر الجزائري حفيد عبد القادر الجزائري والسيد رشدي الشمعة رجل القانون والادب مؤلف الروايات المسرحية التي قامت بآدائها فرقة مدرسة \"مكتب عنبر\" في عام1908 في حديقة الصوفانية قرب باب توما في المدينة العتيقة والذي ساهم في تأسيس المنتدى الادبي السوري عام 1909 والحزب المعتدل الحر عام 1908 والحمعية اللامركزية عام 1912 والشهيد عيد الذهاب الانكليزي الذي لقب بالبارود الانكليزي لشدّته وقوته وحماسته والذي كان من أهم رجالات السياسة وقتها والشهيد سليم الجزائري احد ابرز المفكرين النوابغ ومن مؤسسي جمعية العهد وغيرهم من الشهداء السوريين واللبنانيين اللذين رحلوا بسبب محكمة ديوان عالية المحكمة العسكرية العثمانية التي اختصت في قتل المعارضين العرب والتنكيل بهم ايام الثورة العربية الكبرى!
لم نبخل على العرب بدمائنا وشهدائنا في حرب قيام الكيان الصهيوني حين خسرت الدولة العثمانية مقاطعة فلسطين وكافة اراضيها العربية وسلمتها لفرنسا وبريطانيا بمقتضى معاهدة سيفر عام1920 ومعاهدة لوزان عام 1923 وسلّمت هذه الاخيرة أرض فلسطين لليهود عام 1948 اتجه الجيش العربي مكونا من الاردنيين والمصريين والعراقيين واللبنانيين وغيرهم الى فلسطين سعيا الى تحريرها وكان السوريون في المقدمة ...كانوا يرغبون في القتال ضد الجيش الاسرائيلي البالماخ والارجون والهاچاناه والشيرتن.
خسرنا الالاف من شبابنا بقيادة العقيد عبد الوهاب الحكيم وعاد العرب الى بلدانهم بعد نهاية الحرب بنصفٍ مهزوم ونصفٍ شهيد وهاجر الفلسطينيون بيوتهم ففتحنا لهم بيوتنا ليقيموا معنا فيها.
ثم كانت نكسة ال67 فخسرنا الجولان التي اعتبرتها الأمم المتحدة في تلك السنة أرضا سورية محتلة حين صدر البيان عن جيش العدو يوم 10 حزيران 1967 معلنا بالكلمة:
الهضبة السورية في ايادينا.
واقيمت أول مستوطنة اسرائيلية عليها في 14 تموز 1967 ومنذ ذلك الوقت ونحن نقاوم ... ونحن نموت...ونحن نصمد...ونحن نرسم تاريخنا بالدم.. ❝ ⏤إيمان رياني
❞ ˝يقول هيغل: التاريخ يعلّمنا ان الإنسان لم يتعلم شيئا من التاريخ.
ونحن لم نتعلم من حربنا المريرة كيف نحارب ومن نحارب ومع من نحارب!!˝
- غادة السمان-
لقد اخضر بأعماقنا جرح اسمه وطن..طوال سبع سنوات لن نقدر على تضميده ..
مع كل شروق سنبقى نذكر الليل، سنبقى نحاول الهرب من العتمة واللحاق بالغد املا منا ان نلملم ما تبقى بحوزتنا ونواصل طريقنا به، لكن مع كل شروق سيبقى يترآى لنا الامس، وسنبقى نذكر كم اصبحت ارواحنا قاحلة باردة مفرغة ..
ع كل شتاء سنتذكر صقيع الموت وبشاعة الدم ومع كل صيف سنتذكر مدى قتامة الصمت الذي يخيم علينا كل صائفة لسبع سنوات..مع كل رمضان سنتذكر موائد الافطار على الشمع في الظلام الحالك وارتفاع أصوات الآذان مرفقة بدوّي القذائف ..سنتذكر تراتيل صلاة التراويح المختلطة بأصوات صراخ النساء وبكاء الاطفال في السهرات الرمضانية ..سنتذكر أصوات سيارات الاسعاف المتزامنة مع السحور وقت الفجر لحظة شروق يوم جديد من الحسابات المتتالية التي لم تكن تنتهي الا وينتهي جزء معها بدواخلنا دون أن نشعر كم أصبحنا مفرغين من كل ما لدينا..مثقلين بكل ما لم يكن فينا قبل الحرب من ألم وقهر وعذاب وذل وجوع وتشرد على حوافّ قارات العالم! كم تبدلت الايام وتغيرت الحياة فينا! اصبحنا نرى في المرآة عيوننا وهي تحمل وطنا بداخلها ارهقه الحزن واثقله الفجائع؟ وطننا كره رائحة الدم وشبح الموت وصوت القذائف وبقايا الصواريخ والشظايا التي مازالت تحملها اجسامنا لتشهد على مرارة ما مررنا به وعظمة ما تحملناه وشدة ما صبرنا عليه، ما حصل معنا لم يحصل مع اي شعبٍ آخر على وجه هذا الكوكب! مازلنا لا نصدق ذلك! مازلنا نحاول استيعاب كل شيء رأيناه بأم اعيننا ولم نكن نقدر على فعل أي شيء لايقافه وانهائه! الموت والرعب والخوف والفقر والعوز والحاجة والبرد والجوع والقلة والخصاصة، كل هذه الأشياء جربناها على هذه البقعة من الأرض طيبة هذه الفترة من الزمن! العتمة والظلام والعطش والصقيع والحر..كل هذه الأشياء واجهتنا وجها لوجهٍ مجردين من كل اسلحة المقاومة سوى الصبر..صبر ايوب الذي فاق صبرنا صبره! حتى اصبحنا نمزح قائلين : للعيش على هذه البقعة من الأرض، يلزمك صبر ايوب أو مال قارون لتتمكن من مواصلة الحياة! جربنا جميع انواع الموت دون استثناء ..الموت بردا..الموت جوعا..الموت عطشا..الموت قهرا وحسرة على خسارة بيوتنا واغراضنا وممتلكاتنا..الموت حرا..الموت على ابواب الدول المجاورة ونحن نطلب اللجوء هربا من الموت لموتٍ آخر.. الموت بجميع أنواع الأسلحة التي أصبحنا نميزها جيدا ونتقن معرفة اسمائها وانواعها .. طالما ان بقايا شظايا الصواريخ والقذائف سكنت اجسامنا وأصبحت قطعا تلازمنا نعيش بها كأعضائنا .. أذكر ابيات ذلك الشاعر ابن جابر الاندلسي الذي يقول فيها : لا تعاد الناس في اوطانهم..قلما يرعى غريب الوطن واذا ما عشت عيشا بينهم.خالق الناس بخلقٍ حسنٍ نحن نكاد ان نكون الشعب الوحيد بعد الشعب الفلسطيني بين شعوب العالم الذي جاء الجميع من كافة اصقاع العالم ليعاديه في وطنه..ليخرجوننا من بيوتنا..ليهجّروننا من احيائنا وقُرانا.. ويدمروا كل شيء كان لنا وبنيناه بسواعدنا وايدينا..طرقاتنا. محلاتنا..جسورنا ..بناياتنا..بيوتنا..مدننا.. الاماكن العمومية..المرافق العمومية..الخدمات المحلية.البنى التحتية..المصارف..البنوك..البريد.. المغازات العمومية..المحلات الخاصة التي ليس لأصحابها موارد رزق أخرى يعيشون بها..مازلنا نحاول استيعاب كل ما حصل لنا وما حدث معنا..يصعب تصديق كل هذا..كل هذه الاحداث المتسارعة التي عصفت بنا فجأة وأخذت في طريقها كل ما نملك..جميع ممتلكاتنا وذكرياتنا واشيائنا الصغيرة التي انهكتنا الحياة في تحصيلها وجمعها.. فقدناها في لحظات معدودة ويصعب استرجاعها.. عصفت بأرواحنا لتتركنا عارين امام وقع الصدمة وتحت أثر الدهشة..اصبحت ملامحنا جامدة لا يمكنها التعبير عن شيء .. وجوه واجمة تمشي في الشوارع شاردة الذهن.. الكل فقد كل شيء. والكل يحاول العرب بما تبقى له..لعلّه ينفذ من هذا الجحيم..من هذه الخسارات اليومية التي نصحو كل يوم لنشاهدها في صمتٍ وعجزٍ دون القدرة على فعل أي شيء لايقاف هذا النزيف..هذا الهدر السائب من الوقت الذي يعصف بأعمارنا التي توقفت عقارب الساعة فيها سنواتٍ الى الوراء .. فلا أحد هنا اصبح بإمكانه ان يحلم بتحقيق اي شيء..فنحن نعيش على هذه البقعة من الأرض فقط لنخسر كل ما بحوزتنا بصفة يومية وبشكلٍ سريع..لا نكاد نقدر على استيعابه ..سرعة الأحداث تعصف بقدرتنا على الفهم والاستيعاب..بين الموت والهجرة والهرب من البؤس! مجرد ارواحٍ مفجوعة منهكة منهارة تمشي على الأرض واجمة لا تدرك طريقها ولا تعرف مصيرها الى أين ..لقد عبث الموت بما على هذه البقعة من الأرض.. لقد سكننا وتملكنا واضحى يعيش معنا معظم تفاصيل حياتنا ويطاردنا أينما حللنا حتى ولو كنا على أسرّتنا نحاول الهرب من كل ما حولنا ورؤوسنا على وسائدنا ..لا يرحمنا الموت ويلاحقنا حتى ولو اختبئنا تحت اغطيتنا وتحت أسرّتنا..وجودك في البيت لا يعني أمر قد أمّنت على نفسك من لحاق الصواريخ والقذائف بجسمك الصغير الضعيف..كم من واحدٍ منا رحل ضحية قذيفة اخترقت شباك غرفته لتقضي عليه وهو على السرير لو عبرت نافذة مطبخه حين كان بصدد تحضيره للقهوة! هذه الأرض تقاوم منذ زمن بعيد لتبقى على مبادئها وليحيا شعبها كما يرغب هو لا كما ترغب الدول العظمى والغرف المظلمة في الضفة الغربية من هذا الكوكب التي تخطط مصير الشعوب وتمحو مستقبلهم بمجرد˝ جرة قلم˝ وبضعة خطوط يرسمونها بأقلامهم نتسبب في موت ملايين البشر هنا في الشرق المنهك من التعب ..في الشرق الذي ارادوه أرضا للموت والحرب والدمار والخسارات والرعب والالم والدموع والصراخ والعويل.. الشرق الذي ما يزال يقاوم ليحظى ببعض اللحظات الجميلة من الحياة!.. الشرق الذي كتب على شعوبه الموت والالم والضياع والهجرة والتشرد والبكاء على ابواب الدول العظمى طالبين اللجوء رغبةً في حياة أفضل! الشرق الذي كتب عليه ان يعاني الأمرّين منذ عقود وعقود من الزمن..الشرق الذي كتب عليه ان يكتوي بنيران الحروب بجميع انواعها.. الحروب الداخلية والخارجية.. الحروب الدينية والطائفية والمعتقدية والعقائدية والعِرقية والايديولوجية.. أتذكّرُ قول الكاتب الفلسطيني حسن سامي يوسف: ماذا زرعنا يا الله كي نحصد كل هذا الخراب؟
لم نبخل على العرب بشهدائنا ودمائنا في كل الحروب العربية ومنذ الثورة العربية الكبرى في العام1916 ..منذ زمن الدولة العثمانية التي أعدمت خيرة شبابنا في ساحة المرجة يوم 6 ايار اليوم الذي اصبح في ما بعد عيدا للشهداء في سوريا يوم إغتيل اكبر عدد من شباب سوريا على يد العثمانيين حين بلد جمال باشا والي بلاد الشام لدى الباب العالي حملة لعبور قناة السويس واحتلال مصر في حرب ˝السفر برلك˝ مخترقا صحراء سيناء واجهته القوات البريطانية هناك بمدافعها ورشاشاتها ففشل هجومه فشلا ذريعا فقام بإطلاق حملات اعتقال للزعماء والوطنيين والمفكرين العرب متهما اياهم بالخيانة والتسبب في افشال هجومه وعمل على التنكيل بالعرب وتعذيبهم حتى الموت وكان أغلبهم من المناضلين اللذين سعوا طويلا الى القضاء على الاحتلال العثماني وبناء الدولة العربية الواحدة المستقلة التي كانت حلمت للعرب انذاك.
صمّ جمال باشا اذنيه عن كل المناشدات والتدخلات من الدول المجاورة وخصوصا من الأمير فيصل والشريف حسين بن علي التي تدعو لإطلاق سراحهم وعزم على التخلص منهم جميعا على دفعتين يومي 21 اب 1915 و6 ايار 1916 في ساحة البرج في بيروت وساحة المرجة في دمشق قبل ان يُقتل على يد ارمني في مدينة تبليسي في العام 1921 قبل سنة من سقوط الدولة العثمانية.. كانت مجزرة رحل فيها أفضل رجال سوريا شنقا حتى الموت في الشارع على مرأى من الجميع ابرزهم ˝شفيق بك العظم˝ الشاعر والاديب والكاتب والسياسي الذي يتقن 3 لغات والشيخ عبد الحميد الزهراوي زعيم النهضة السياسية في سورية..المفكر والصحفي ابن مدينة حمص الذي ساهم في تأسيس حزب الحرية والاعتدال وحزب الائتلاف إبان الحرب العالمية الاولى.. رجل العلم والدين والسياسة والأمير عمر الجزائري حفيد عبد القادر الجزائري والسيد رشدي الشمعة رجل القانون والادب مؤلف الروايات المسرحية التي قامت بآدائها فرقة مدرسة ˝مكتب عنبر˝ في عام1908 في حديقة الصوفانية قرب باب توما في المدينة العتيقة والذي ساهم في تأسيس المنتدى الادبي السوري عام 1909 والحزب المعتدل الحر عام 1908 والحمعية اللامركزية عام 1912 والشهيد عيد الذهاب الانكليزي الذي لقب بالبارود الانكليزي لشدّته وقوته وحماسته والذي كان من أهم رجالات السياسة وقتها والشهيد سليم الجزائري احد ابرز المفكرين النوابغ ومن مؤسسي جمعية العهد وغيرهم من الشهداء السوريين واللبنانيين اللذين رحلوا بسبب محكمة ديوان عالية المحكمة العسكرية العثمانية التي اختصت في قتل المعارضين العرب والتنكيل بهم ايام الثورة العربية الكبرى!
لم نبخل على العرب بدمائنا وشهدائنا في حرب قيام الكيان الصهيوني حين خسرت الدولة العثمانية مقاطعة فلسطين وكافة اراضيها العربية وسلمتها لفرنسا وبريطانيا بمقتضى معاهدة سيفر عام1920 ومعاهدة لوزان عام 1923 وسلّمت هذه الاخيرة أرض فلسطين لليهود عام 1948 اتجه الجيش العربي مكونا من الاردنيين والمصريين والعراقيين واللبنانيين وغيرهم الى فلسطين سعيا الى تحريرها وكان السوريون في المقدمة ..كانوا يرغبون في القتال ضد الجيش الاسرائيلي البالماخ والارجون والهاچاناه والشيرتن.
خسرنا الالاف من شبابنا بقيادة العقيد عبد الوهاب الحكيم وعاد العرب الى بلدانهم بعد نهاية الحرب بنصفٍ مهزوم ونصفٍ شهيد وهاجر الفلسطينيون بيوتهم ففتحنا لهم بيوتنا ليقيموا معنا فيها.
ثم كانت نكسة ال67 فخسرنا الجولان التي اعتبرتها الأمم المتحدة في تلك السنة أرضا سورية محتلة حين صدر البيان عن جيش العدو يوم 10 حزيران 1967 معلنا بالكلمة:
الهضبة السورية في ايادينا.
واقيمت أول مستوطنة اسرائيلية عليها في 14 تموز 1967 ومنذ ذلك الوقت ونحن نقاوم .. ونحن نموت..ونحن نصمد..ونحن نرسم تاريخنا بالدم. ❝
❞ عزاؤك أننا جميعا مثلك إلى حد ما..أبطال قصه مفلسه فاشله..نهايتها الموت..رغم كل احلامنا وأمالنا..كلنا نذبل على فروعنا..ونموت عطشانين والماء حولنا..والشمس فوق رؤوسنا. ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ عزاؤك أننا جميعا مثلك إلى حد ما.أبطال قصه مفلسه فاشله.نهايتها الموت.رغم كل احلامنا وأمالنا.كلنا نذبل على فروعنا.ونموت عطشانين والماء حولنا.والشمس فوق رؤوسنا. ❝